أن تسقط فريسة فهذا غباء أما أن تذهب بنفسك للصياد وترمى
بنفسك فى شباكه فهذه حماقة وليس بالضرورة أن نضع أيدينا فى النار لنعلم
أو نتعلم أن النار تحرق ... فالذين لا يتعلمون ممن احترقوا أن النار
محرقة لا يمكن أن يتعلمون شئياً وليس بالضرورة أن نتناول السم لنقتنع بأنه
قاتل ... وقد قيل إن الأنسان يتميز عن غيره بالتعلم من الأخطاء فقطعة
الجبنة التى تصطاد فأراً تلو الأخر لا يمكن أن تصطاد أنسان مرتين - وأن
كان أنسان هذه الأيام أكثر غباءاً من الفئران - ...أقول هذا بمناسبة
الجاسوس الذى سقط مؤخراً فهو فى ذات السلسلة من الحمقى ممن سقطوا بإغراء
المال وأسقط غيره بالنساء والخمر إنه الهوى المتبع وإعجاب المرء بنفسه
وهما ثنائى حذرنا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم بوصفه من المهلكات
وحذرنا منه القرآن الكريم فى أكثر من آية وقد قيل إن عز النفوس في مخالفة
هواها قال تعالى : { وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة
هي المأوى } .
وقد سمي الهوى هوى ; لأنه يهوي بصاحبه إلى النار ، وفي ذم
الهوى قال تعالى : { أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا } .
والجاسوسية هى من اقبح نماذج اتباع الهوى وهى مرتبة عليا من مراتب الخيانة
هذه الآفة التى أبتلينا بها فى زمن سيادة الجهل و تراجع القيم ففى الماضى
كنا نسمع حكايات عن اللص الذى رفض سرقة شخص لأنه أكل معه صدفه أو القاتل
الذى أمتنع عن قتل رجل قبض ثمن قتله لأنه أكل معه أما هذه الأيام فأن تعاطى
الخيانة كالهواء الذى نتنفسه أو الماء الذى نشربه ...نشاهدها - أى
الخيانة - فى البيت الواحد والأسرة الواحدة وبالتالى فلا عجب من أن يسقط
جاسوس بل جواسيس وكلهم فى النهاية عيال " وسخة "
الكاتب : شعبان خليفة
رئيس تحرير جريده النهار