روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    المرأة التي شرّفت اسم الإسلام

    جليله محمود
    جليله محمود
    .....
    .....


    عدد المساهمات : 1008
    نقاط : 2940
    السٌّمعَة : 7
    تاريخ التسجيل : 11/10/2010

    المرأة التي شرّفت اسم الإسلام Empty المرأة التي شرّفت اسم الإسلام

    مُساهمة من طرف جليله محمود الأحد ديسمبر 26, 2010 11:39 am

    المرأة التي شرّفت اسم الإسلام Bigpic_1293351200


    بقلم ـ محمــد الخولــي
    هذه قصة بطولة .. لم نتردد في أن نحاول سرد جوانبها في هذه السطور .. أولا
    لأنها بطولة نسائية بالدرجة الأولى فضلا عن كونها بعيدة عن زيف الإدعاء
    وضجيج الدعاية .. وثانيا لأنها بعيدة عن بطولات السينما أو الألعاب
    الرياضية ناهيك ببطولات الماكياج أو عروض الأزياء .. وثالثا لأنها بطولة
    تتحدى الظروف القاسية .. الخطيرة لا بل والرهيبة في بعض الأحيان، ورابعا
    لأنها بطولة امرأة تسلحت بقوة الإرادة ونبل الهدف واستقامة المقصد والعمل
    في صمت جليل ونبيل .. وخامسا وسادسا وأخيرا فهي بطولة الإنسان العادي ..
    بمعنى أنها يمكن أن تحدث مع مطلع كل صباح وتحدث في مواقع شتى من عالمنا..
    نساء ونجوم
    لا نتحدث عن "زرقاء اليمامة" – الفتاة التي خلّدت ذكرها أساطير العرب
    الأولين .. وهبها الله، كما لعلك تدري – بصرا حادا وبصيرة مستنيرة نافذة ..
    وكم حذرت قومها – كما تقول الحكايات – من أن الغزاة قادمون ولكنهم لم
    يستبينوا النصح إلا ضحى الغد، كما قال الشاعر القديم .. يعني بعد أن وقع
    الفأس في الرأس كما يقول أهل زماننا الطيبون.
    لا نتحدث عن "جان دارك"، فتاة العصور الوسطى الفرنساوية الشجاعة التي قادت
    جيوش بلادها من أجل تحرير وطنها الفرنسي من احتلال الإنجليز (خد بالك إن
    كان الإنجليز يحتلون وطن جيرانهم الفرنسيس في سالف الأيام). لا نتحدث أيضا
    عن "فلورنس نيتنجيل" (1820-1910) السيدة الإنجليزية التي شهدت وقائع وفظائع
    الحرب في شبه جزيرة القرم الروسية الواقعة في مناطق القوقاز التي تضم بحر
    قزوين والبحر الأسود .. ثم تجلت إسهامات "فلورنس نيتنجيل" عبر التاريخ
    الحديث فكانت رائدة المهنة الإنسانية النبيلة التي ما زالت تحمل اسم
    "التمريض".
    بطلة حكايتنا هذه المرة سيدة شجاعة من قارة أفريقيا تنتمي إلى بلد تتجمع
    فيه خيوط مضيئة مستمدة من أصول العروبة ونور الإسلام بقدر ما تتجمع فيه
    خيوط مأساة ما برحت محدقة بأرضه وأبنائه ومستقبلة من جراء صراعات قبلية
    وعشائرية وفئوية وعقائدية حوّلته إلى ساحة لسفك الدماء.
    نحن نتحدث عن الصومال
    عن الصومال وسيرته
    هذا البلد الذي تحتضنه – كما تعرف – منطقة القرن الأفريقي في شرق القارة
    السمراء المطل على المحيط الهندي وكأنه يواجه من الناحية الأخرى ما بين
    اليمن إلى ظفار .. التخوم الجنوبية من شبه الجزيرة العربية. وصل المصريون
    منذ زمن الخديوي إسماعيل – في ستينات وسبعينات القرن 19 إلى مناطق الصومال
    .. عاش الصومال متأثرا بينابيع الثقافة العروبية ومستضيئا بعقيدة الإسلام
    ومكافحا عبر أجيال ضد موجات الاستعمار الفرنسي والإيطالي والبريطاني
    الطامعة في إمكاناته وموارده فضلا عن موقعه الاستراتيجي الحاكم المطل على
    المحيط.
    عاودت مصر الاهتمام بأقدار الصومال منذ عقد الخمسينات من القرن الماضي،
    حين حملت قاهرة – عبد الناصر لواء الدعوة إلى التحرر والاستقلال في طول
    أفريقيا وعرضها. وبلغ من مشاركة وتضحيات مصر وقتها في سبيل قضية تحرير
    الصومال أن كانت في طليعة الدول المكلفة بإعداد الصومال للاستقلال، بل فقدت
    مصر واحدا من أبرز أبنائها هو الدبلوماسي الشهيد "كمال الدين صلاح" الذي
    اغتالته يد التآمر الاستعماري الأثيم على أرض الصومال.
    أرض القراصنة والبارونات
    ثم تشاء الأقدار أن يعيش الصومال المستقل فترة من الاستقرار النسبي عضوا
    بجامعة الدول العربية إلى أن اجتاحته أنواء الصراع الدموي وأعاصير العنف
    المنظم مع انهيار منظومة الدولة ليصبح نهبا لحكم العصابات والمنظمات
    وبارونات الحرب وقراصنة المحيط الهندي الذين يتسامع العالم بأخبارهم
    وغاراتهم في كل يوم.
    هكذا ارتبط الصومال حتى الآن في الذهن الجمعي العالمي بأخبار العنف والقتل
    والتطرف .. الذي يدّعي الانتساب إلى الإسلام.. وهو ما أدى بداهة إلى تشويه
    صورة الإسلام.
    أستاذة الطب والقانون
    لكن ثمة صورة أكثر إيجابية وأكرم شرفا واستنارة للإسلام أو فلنقل هي
    الترجمة الحقيقية للإسلام الذي يمثل في التحليل الأخير تكريما للإنسان.
    الصورة تحمل اسمها
    ** الدكتورة حواء عبدي
    طبيبة صومالية مسلمة وحاصلة أيضا على الدكتوراه في القانون. تحدثت عنها
    مؤخرا مراجع وكتابات أمريكية في لمسة إنصاف موضوعي حين تناولت سيرة
    الدكتورة حواء .. فكان أن تشرت منها مجلة جلامر (Glamour) الأمريكية صورتها
    على غلافها وأضفت عليها اللقب الشهير:
    ** سيدة العام
    وبلغ من إعجاب هذه المراجع الأمريكية بالمثقفة الصومالية الجسورة الحد الذي جعل المجلة تكتب في حيثيات هذا الاختيار قائلة:
    - إننا ترى في السيدة الصومالية المسلمة ندا (أو نظيرا) متكافئا في مجال
    العمل الإنساني مع "الأم تريزا"، الراهبة الشهيرة التي كرست حياتها في خدمة
    جموع الفقراء والمستضعفين.
    وفيما كانت الأم تريزا تعالج الفقراء في بيئة مسالمة بالهند، فقد كرست
    الأم "حوا عبدي" نفسها لخدمة الفقراء في الصومال حيث العنف والقتل والدم
    والخطر المحدق من كل زاوية.
    وعندما زارت الدكتورة "حواء عبدي" أمريكا مع أيام الشتاء الحالي، نشرت
    أكبر جرائدها – نيويورك تايمز مقالة ضافية لواحد من أهم محلليها هو الكاتب
    "نيكولاس كريستوفر" الذي قال: أنها تمثل الجانب الآخر (المضيء والإيجابي)
    من الإسلام بخلاف جوانب العنف والتطرف التي تحاول الانتساب إلى الإسلام.
    (التايمز – عدد 16/12/2010). وكان أهم ما أكدت عليه المقالة تلك الصلابة
    الاستثنائية التي واجهت بها الدكتورة "عبدي" تهجمات وتهديدات ميليشيا
    التطرف التي ترفع شعارات الإسلام في الصومال الجريح.
    مستوصف الغرفة الواحدة
    الدكتورة حواء تبلغ من العمر 63 عاما .. بدأت نضالها مبكرا في خدمة المرضى
    من فقراء وطنها. أنشأت في عام 1983 مستوصفا بسيطا لعلاجهم من غرفة واحدة
    كما يقول المقال. وبدلا من أن تدعمها حكومة الصومال بالحكومة ذاتها تتداعى
    والنظام كله ينهار ويبدأ حكم العصابات المسلحة.. ويجد الفقراء المستضعفون
    أنفسهم أسرى للجوع والمرض والتشرد بحثا عن ملاذ من مكان إلى مكان.
    رغم هذا كله، بل بسبب هذا كله .. استنفرت الأيام الصعبة كل عوامل الصلابة
    في شخصية الطبيبة – الحقوقية الصومالية. فإذ بالمستوصف الغلبان يتحول مع
    الأيام إلى مستشفى يضم 400 سرير، وإذ بالمستشفى يتحول بدوره من موقع للعلاج
    إلى مقصد ومأوى يلوذ به آلاف المحرومين الهاربين نجاة بأرواحهم من مناطق
    الصراع. ومن ثم أضافت إليه جهود الدكتورة حواء مخيّما إنسانيا شاسعا يقع
    على مسافة 1200 فدان من الأراضي الصالحة للزراعة بحيث يضم، كما تسجل
    التايمز الأمريكية، نحوا من 90 ألف لاجئ وفقير وشريد من أبناء الصومال
    الذين أدت جهود السيدة الصومالية إلى تزويدهم بمياه الشرب والطعام ولو عند
    الحد الأدنى، خاصة وأن وكالات الغوث الدولية يصعب عليها الوصول إلى مثل هذه
    المواقع بسبب خطورة الطرق .. وهو ما دفع الدكتورة حواء إلى تنظيم دورات
    تدريب لأبناء القبائل البدوية على المشاركة في توصيل المؤن الغوثية
    والإمدادات الدولية عبر مسالك شبه آمنة في البوادي والشعاب.
    أكثر من هذا ...
    تحولت جهودها أيضا من مجال العلاج والغذاء إلى المجال الأشد أهمية وخطورة وهو:
    ** التعليم
    في عامي 2007 و 2009، زارت الصحفية الأمريكية "إليزا كرسوالد" مقر
    الدكتورة حواء بالصومال وكان أن راعها قدرة سيدة مثقفة غير مسلحة اللهم إلا
    بقناعتها وإيمانها بالوطن بوطنها وديانتها وشعورها الإنساني – على خلْق ما
    يسميه الأستاذ "نيكولاس كريستوف" بأنه "واحة يخيم عليها الأمن ويدفعها
    التفاني في العمل وسط بيئة تنهشها الفوضى ويفتك بها الجوع ويسيطر عليها
    أمراء الحرب وبارونات العنف والصراع".
    قالت الصحفية الأمريكية
    هكذا بدأ التعاون بين الدكتورة "حواء والصحفية "كرسوالد" من أجل إنشاء
    مدرسة لتعليم نحو 800 فرد معظمهم من الفتيات الصوماليات، وعدها عادت
    الكاتبة الأمريكية لتصدر مؤخرا كتابها بعنوان:
    ** رسائل عند الخط الفاصل بين المسيحية والإسلام.
    ولعل أهم ما يسجل لصالحها في هذا السياق هو أن الدكتورة الصومالية واجهت
    قادة ميليشيات الصراع الدموي في الصومال عندما انتقدوا جهودا تقوم بها
    امرأة على صعيد العمل العام فكان أن حدقت فيهم قائلة:
    - قد أكون امرأة .. ولكنني طبيبة .. وإلا: فماذا قدمتموه أنتم لصالح المجتمع؟
    والحاصل أن هاجمت العناصر المسلحة مرافق العلاج والتعليم والإيواء.. ولكن
    صمدت السيدة الشجاعة بوجه الهجوم وبعدها قامت قيامة أبناء الصومال المقيمين
    في كل أنحاء العالم .. وقفوا إلى جانبها واستنفروا تأييد المنظمات الدولية
    والمدنية لصالحها إلى أن عادت إلى مؤسستها شريطة أن تتلقى – كما حدث
    بالفعل – اعتذارا مكتوبا من جانب المهاجمين
    الدكتورة حواء لها ابنة طبيبة مقيمة في مدينة أطلانطا بالولايات المتحدة
    .. طالما توسلت إليها عبر الهاتف أن تكتفي بما حدث وتجنّب نفسها خطر
    الاستمرار .. ودائما تأتي إجابة الأم الشجاعة من الصومال تقول:
    - لا .. والأفضل أن أموت بكرامة.
    يسرد نيكولاس كريستوف هذا كله في مقاله الذي أحلنا إليه .. وقبيل ختام
    المقال .. يبدي الكاتب الأمريكي الكبير رأيه في عبارة مكثفة يقول فيها:
    هذه بطلة من الصومال.. ويا لها من امرأة ويا لها من مسلمة أيضا

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 11:26 pm