لمكافحة المخدرات تحولت إلى منظمة استخبارية دولية يصل مدى أنشطتها إلى مدى
أبعد بكثير من حدود الاتجار بالمخدرات.
وورد نقلا عن تسريبات لموقع «ويكيليكس» أن عمليات إدارة مكافحة المخدرات
توسعت بشكل كبير إلى درجة اضطرت فيها هذه المنظمة إلى صد سياسيين خارجيين
حاولوا الاستعانة بها لمحاربة خصومهم السياسيين.
وقد ذكرت برقية مؤرخة في أغسطس (آب) 2009 أن الرئيس البنمي ريكاردو
مارتينيلي أرسل رسالة عاجلة عبر الجهاز المتعدد الوسائط «بلاك بيري» إلى
السفيرة الأميركية طالبا منها محاربة إدارة مكافحة المخدرات لخصومه
السياسيين، بحسب صحيفة «نيويورك تايمز» مساء أمس. واعترفت بنما في بيان
بأنها طلبت مساعدة الولايات المتحدة لكنها أدانت «التفسير السيئ للسلطات
الأميركية» لأن الأمر كان يتعلق بـ«مكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات وجنوح
القاصرين». وقال مارتينيلي في رسالة نصية إلى السفيرة الأميركية بربارا
ستيفنسن على هاتفها الجوال في 2009: «أحتاج إلى مساعدة في عمليات التنصت
على الاتصالات»، حسب المذكرة التي نشرها «ويكيليكس» وصحيفتا «البايس»
الإسبانية و«لابرينسا» البنمية.
وبعد ذلك نقل الرئيس البنمي رسالة بأسماء الأشخاص الذين يريد التجسس عليهم.
وقالت ستيفنسن حسب «ويكيليكس»: «إنه لا يميز بين الأهداف الأمنية المشروعة
وأعدائه السياسيين». وأضافت ستيفنسن التي تعمل اليوم بلندن في المذكرة
المؤرخة في 22 أغسطس 2009 أن «ميله إلى المضايقة والابتزاز دفع به إلى عالم
التجارة لكن هذا لا يناسب رجل دولة». وتشير ستيفنسن بذلك إلى رئاسة
مارتينيلي لأكبر سلسلة للمتاجر الكبيرة في البلاد.
ونقلت المذكرة عن الحكومة البنمية أن عمليات التنصت هدفها حماية الرئيس من
أفراد مهددين بحملات الحكومة لمكافحة الفساد ومحاولات زعزعة الاستقرار التي
تقوم بها «الحكومات اليسارية في المنطقة». وكتبت السفيرة الأميركية أن
«مارتينيلي خاض حملته الانتخابية على أساس أنه موال لأميركا ويرى اليوم
أننا مدينون له، لأنه يؤمن توازنا مع (الرئيس الفنزويلي) هوغو شافيز في
المنطقة».
وأضافت: «علينا مواجهة تحدي إقناعه بأن الثمانينات ولت في أميركا الوسطى».
كما أفادت برقية دبلوماسية مؤرخة في مايو (أيار) 2008 ومرسلة من غينيا، غرب
أفريقيا، بأن أحد أكبر تجار المخدرات في البلاد كان عثمان كونتي ابن
الرئيس الغيني آنذاك لانسانا كونتي. وأشار دبلوماسيون في برقية مؤرخة في
مارس (آذار) 2008 ومرسلة من غينيا أيضا إلى الاستبدال بكميات كبيرة من
المخدرات الدقيق قبل مصادرتها من جانب الشرطة التي اكتشفت أمرها. وتم توقيف
الضابط في الجيش لانسانا كونتي في فبراير (شباط) 2009 بعد شهرين على تسلم
مجلس عسكري بقيادة الكابتن موسى داديس كامارا السلطة عقب وفاة والده بعد 24
عاما قضاها رئيسا لهذا البلد الأفريقي.
وتم إطلاق سراحه بكفالة في يوليو (تموز) الماضي بعد قضائه 16 شهرا في السجن بتهمة الاتجار بالمخدرات.
كما تحدثت برقية أرسلتها السفارة الأميركية بمكسيكو في أكتوبر (تشرين
الأول) 2009 عن توجيه قادة عسكريين هناك نداءات خاصة يطالبون فيها بتعاون
أوثق مع الإدارة الأميركية لمكافحة المخدرات، بسبب عدم ثقتهم بقوات الشرطة
المحلية.
وفي سيراليون، أفادت معلومات مستقاة من برقية دبلوماسية مؤرخة في مارس 2009
ومفادها بأن المدعي العام طلب رشاوى بقيمة 2.5 مليون دولار من وكلاء
الدفاع في قضية كبرى تورط فيها تجار مخدرات.. إلا أن رئيس البلاد ارنست
كوروما تدخل لإحباط هذه الصفقة. ونقلت برقيات مرسلة من بورما عن مخبري
الوكالة الأميركية لمكافحة المخدرات إشارتهم إلى استخدام قادة المجلس
العسكري الحاكم لأموال ناتجة عن الاتجار بالمخدرات، وإلى الأنشطة السياسية
لمعارضي المجلس الحاكم، بحسب الصحيفة. وأضافت «نيويورك تايمز» أن المسؤولين
الحكوميين الأميركيين رفضوا مناقشة ما قالوا إنها معلومات ما كان يجب
الكشف عنها يوما