لايخفى عليكم ان الأثر الرجعى للأحكام الصادرة بعدم الدستورية الدستورية للنصوص القانونية يعتبر تقريراً لزوالها نافياً لوجودها منذ ميلادها لكون القضاء الدستورى قضاءاً كاشفاً وليس قضاءاً منشئا ، وقد تناولت المذكرة الإيضاحية لقانون المحكمة الدستورية هذا الشأن، حيث أوردت أن القانون تناول أثر الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة فنص على عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى للحكم، وهو نص ورد فى بعض القوانين المقارنة واستقر الفقه والقضاء على أن مؤداه هو عدم تطبق النص ليس فى المستقبل فحسب وإنما بالنسبة إلى الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعدم دستورية النص، على أن يستثنى من هذا الأثر الرجعى الحقوق والمراكز التى قد تكون قد استقرت عند صدوره بحكم حاز قوة الأمر المقضى أو بانقضاء مدة التقادم، أما إذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائى، فإن جميع الأحكام التى صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص تعتبر: كأن لم تكن، حتى ولو كانت أحكاماً باتة.
وقد عبرت المحكمة الدستورية فى أحكام لها عن ذلك بأن أوردت بأحكامها ما يلى:
" وحيث أن ما نصت عليه المادة 49 من قانون هذه المحكمة من أن النصوص القانونية المحكوم بعدم دستوريتها، لا يجوز تطبيقها اعتباراً من نشر الأحكام الصادرة بشأنها فى الجريدة الرسمية، لا يعنى أن لهذه الأحكام أثر مباشر لا تتعداه، وأنها بذلك لا ترتد إلى الأوضاع والعلائق السابقة عليها، ذلك ان كل ما قصد إليه هذا القانون بنص المادة 49 المشار إليها، لا يعدو تجريد النصوص القانونية التى قضى بعدم دستوريتها من قوة نفاذها التى صاحبتها عند إقراراها أو إصدارها، لتفقد بالتالى خاصية الإلزام التى تتسم بها القواعد القانونية جميعها، فلا يقوم من بعد ثمة مجال لتطبيقها ".
ويؤيد ذلك أن الآثار التى ترتبها الأحكام الصادرة فى المسائل الدستورية، لا يمكن فصلها عن الأوضاع والعلائق السابقة عليها بعد أن مسهـا النص المطعون فيه مؤثراً فى بنيانها، ومن ثم كان تصويبها من خلال الدعوى الدستورية لازماً لرد الأضرار التى لحقتها أو التى تتهددها، ويقتضى ذلك بالضرورة أن يكون قضاء المحكمة الدستورية العليا بإبطال النص المطعون فيه، منسحباً إليها، ليعيدها إلى الحالة التى كانت عليها قبل سريان النص الباطل فى شـأنها ".
" يلاحظ أن المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا جعل للأحكام الدستورية الصادرة بابطال نصوص عقابية أثراً رجعياً كاملاً بالنسبة لأحكام الإدانة الصادرة استناداً به وتعتبر كافة الأحكام فى هذا الشأن كأن لم تكن ولو كان الحكم باتاً، أما إذا كان النص المقضى ببطلانه غير جنائى، فإن الأثر الرجعى يظل جارياً وينسحب على الأوضاع والعلائق التى اتصل بها مؤثراً فيها، حتى ما كان منها سابقاً على نشره بالجريدة الرسمية، مالم تكن الحقوق والمراكز القانونية التى ترتبط بها قد استقر أمرها بناء على حكم قضائى تتوافر فيه شرطان أن يكون باتا وذلك باستنفاذه لطرق الطعن جميعها وثانيهما أن يكـون صادراً قبل قضاء المحكمة الدستورية العليا، ومحمولاً على النصوص القانونية عينهـا التى قضى ببطلانها ".
[ أسـباب الحكم الصـادر فى القضيـة رقم 22 لسـنة 18 دستوريـة قضائيـة، جلسـة 30/11/1996، والمنشور بالجريدة الرسمية العدد رقم (49) فى 12/12/1996 ].
وعندما اشتد االغط والخلاف حول الاثر الرجعى للقضاء الدستورى تدخل المشرع بتعديل المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية واعطى للمحكمة الحق فى وقف تنفيذ الاثر الرجعى بإصدار القانون 168 لسنة 1998 والذى تضمن تعديل الفقرة الثالثة من المادة 49 مردداً المبدأ السابق بشأن عدم تطبيق النص الغير الدستورى من تاريخ اليوم التالي لنشر الحكم ما لم تحدد المحكمة الدستورية تاريخ أخر لنفاذ الحكم، واستثنى المشرع من قاعدة الرجعية الأحكام المتعلقة بعدم دستورية النصوص الخاصة بالضرائب وقصر سريان أثرها على صاحب الدعوى، مما ينفى عن الحكم الدستورى فى هذه الحالة صفة العينية مما مفاده أن الحكم الصادر لا يستفيد منه سوى من كان طرفاً فيه، ولكن ذلك بطبيعة الحال لا يحول دون أن تقام الدعاوى القضائية من غير أطراف الحكم استناداً لما انتهي إليه الحكم الدستورى، وقد جاء القانون مشيراً إلى موافقة الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للهيئات القضائية على إصداره التزاماً بحكم المادة 173 من الدستور والمادة 8 من قانون المحكمة الدستورية العليا. وقد دأت المحكمة فى استخدام تلك الرخصة وكان ابرز احكامها فى ذلك الحكم الصادر فى الدعوى رقم 70 لسنة 18 ق وفيه استعملت المحكمة رخصتها واوقفت الاثر الرجعى لحكمها بعدم دستورية نص المادة 29 من القانون 94 لسنة 77 بشأن الزام المالك بتحرير عقد ايجار لصاحب الحق فى الامتداد القانونى بعد ان استشرفت خطر إعمال الأثر الرجعي المقرر للأحكام الصادرة بعدم دستورية القوانين في خصوص هذا الحكم وأعملت الرخصة التي خولتها لها الفقرة الثالثة من المادة 49 من قانونها وقضت بسريانه بأثر فوري على الوقائع التالية لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية الحاصل في 14/11/2002 وقد اوردت فى اسباب حكمها:
حيث إن مقتضى حكم المادة (49) من قانون المحكمة
الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، هو عدم تطبيق النص المقضى
بعدم دستوريته على الوقائع اللاحقة لليوم التالى لتاريخ نشر الحكم الصادر بذلك،
وكذلك على الوقائع السابقة على هذا النشر إلا ما استقر من حقوق ومراكز صدرت بشأنها
أحكام حازت قوة الأمر المقضى ، أو إذا حدد الحكم الصادر بعدم الدستورية تاريخاً آخر
لسريانه، لما كان ذلك وكان إعمال الأثر الرجعى للحكم بعدم دستورية الفقرة الثالثة
من المادة (29) من القانون 49 لسنة 1977 وعلى ما انتهت إليه المحكمة فى هذه الأسباب،
مؤداه إحداث خلخلة اجتماعية واقتصادية مفاجئة ، تصيب فئات عريضة من
القاطنين بوحدات سكنية تساندوا فى إقامتهم بها إلى حكم هذا النص قبل القضاء بعدم دستوريته،
وهى خلخلة تنال من الأسرة فى أهم مقومات وجودها المادى، وهو المأوى الذى يجمعها
وتستظل به، بما تترتب عليه آثار اجتماعية تهز مبدأ التضامن الاجتماعى الذى يقوم
عليه المجتمع وفقاً لما نصت عليه المادة السابعة من الدستور، إذ كان ذلك فإن المحكمة
ترى إعمال الرخصة المخولة لها بنص الفقرة الثالثة من المادة (49) من قانونها،
وتحدد لسريان هذا الحكم تاريخاً آخر هو اليوم التالى لنشره، بما مؤداه أن جميع العقود
التى أبرمت قبل هذا التاريخ إعمالاً لحكم الفقرة الثالثة من المادة (29) من القانون
رقم 49 لسنة 1977، وتنزل منزلتها الوقائع التى ترتب عليها قيام التزام على المؤجر
بتحرير عقود إيجار ، فتعد عقوداً قائمة حكماً - حيث كان يجب تحريرها-، وتظل قائمة
ومنتجة لكافة آثارها القانونية وفقاً لنص الفقرة الثالثة من المادة (29)
المشار إليها.
وعليه
فانه وإعمالا للفقرة الثالثة من المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا بعد تعديلها بالقرار بقانون 168 لسنة 1998 والتى أجازت للمحكمة الدستورية أن تحدد تاريخ أخر لنفاذ الحكم وأناط القانون بالمحكمة إعماله حسبما أوردت والمذكرة الايضاحية للقانون، فى ضوء الظروف الخاصة التى تتصل ببعض الدعاوى الدستورية التى تنظرها بمراعاة العناصر المحيطة بها وقدر الخطورة التى قد تلازمها وعلينا ان ننتظر الاسباب التى توردها لحكمها لكشف كل هذه الملابسات وازالة الغموض وإن غدا لناظره قريب
وقد عبرت المحكمة الدستورية فى أحكام لها عن ذلك بأن أوردت بأحكامها ما يلى:
" وحيث أن ما نصت عليه المادة 49 من قانون هذه المحكمة من أن النصوص القانونية المحكوم بعدم دستوريتها، لا يجوز تطبيقها اعتباراً من نشر الأحكام الصادرة بشأنها فى الجريدة الرسمية، لا يعنى أن لهذه الأحكام أثر مباشر لا تتعداه، وأنها بذلك لا ترتد إلى الأوضاع والعلائق السابقة عليها، ذلك ان كل ما قصد إليه هذا القانون بنص المادة 49 المشار إليها، لا يعدو تجريد النصوص القانونية التى قضى بعدم دستوريتها من قوة نفاذها التى صاحبتها عند إقراراها أو إصدارها، لتفقد بالتالى خاصية الإلزام التى تتسم بها القواعد القانونية جميعها، فلا يقوم من بعد ثمة مجال لتطبيقها ".
ويؤيد ذلك أن الآثار التى ترتبها الأحكام الصادرة فى المسائل الدستورية، لا يمكن فصلها عن الأوضاع والعلائق السابقة عليها بعد أن مسهـا النص المطعون فيه مؤثراً فى بنيانها، ومن ثم كان تصويبها من خلال الدعوى الدستورية لازماً لرد الأضرار التى لحقتها أو التى تتهددها، ويقتضى ذلك بالضرورة أن يكون قضاء المحكمة الدستورية العليا بإبطال النص المطعون فيه، منسحباً إليها، ليعيدها إلى الحالة التى كانت عليها قبل سريان النص الباطل فى شـأنها ".
" يلاحظ أن المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا جعل للأحكام الدستورية الصادرة بابطال نصوص عقابية أثراً رجعياً كاملاً بالنسبة لأحكام الإدانة الصادرة استناداً به وتعتبر كافة الأحكام فى هذا الشأن كأن لم تكن ولو كان الحكم باتاً، أما إذا كان النص المقضى ببطلانه غير جنائى، فإن الأثر الرجعى يظل جارياً وينسحب على الأوضاع والعلائق التى اتصل بها مؤثراً فيها، حتى ما كان منها سابقاً على نشره بالجريدة الرسمية، مالم تكن الحقوق والمراكز القانونية التى ترتبط بها قد استقر أمرها بناء على حكم قضائى تتوافر فيه شرطان أن يكون باتا وذلك باستنفاذه لطرق الطعن جميعها وثانيهما أن يكـون صادراً قبل قضاء المحكمة الدستورية العليا، ومحمولاً على النصوص القانونية عينهـا التى قضى ببطلانها ".
[ أسـباب الحكم الصـادر فى القضيـة رقم 22 لسـنة 18 دستوريـة قضائيـة، جلسـة 30/11/1996، والمنشور بالجريدة الرسمية العدد رقم (49) فى 12/12/1996 ].
وعندما اشتد االغط والخلاف حول الاثر الرجعى للقضاء الدستورى تدخل المشرع بتعديل المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية واعطى للمحكمة الحق فى وقف تنفيذ الاثر الرجعى بإصدار القانون 168 لسنة 1998 والذى تضمن تعديل الفقرة الثالثة من المادة 49 مردداً المبدأ السابق بشأن عدم تطبيق النص الغير الدستورى من تاريخ اليوم التالي لنشر الحكم ما لم تحدد المحكمة الدستورية تاريخ أخر لنفاذ الحكم، واستثنى المشرع من قاعدة الرجعية الأحكام المتعلقة بعدم دستورية النصوص الخاصة بالضرائب وقصر سريان أثرها على صاحب الدعوى، مما ينفى عن الحكم الدستورى فى هذه الحالة صفة العينية مما مفاده أن الحكم الصادر لا يستفيد منه سوى من كان طرفاً فيه، ولكن ذلك بطبيعة الحال لا يحول دون أن تقام الدعاوى القضائية من غير أطراف الحكم استناداً لما انتهي إليه الحكم الدستورى، وقد جاء القانون مشيراً إلى موافقة الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للهيئات القضائية على إصداره التزاماً بحكم المادة 173 من الدستور والمادة 8 من قانون المحكمة الدستورية العليا. وقد دأت المحكمة فى استخدام تلك الرخصة وكان ابرز احكامها فى ذلك الحكم الصادر فى الدعوى رقم 70 لسنة 18 ق وفيه استعملت المحكمة رخصتها واوقفت الاثر الرجعى لحكمها بعدم دستورية نص المادة 29 من القانون 94 لسنة 77 بشأن الزام المالك بتحرير عقد ايجار لصاحب الحق فى الامتداد القانونى بعد ان استشرفت خطر إعمال الأثر الرجعي المقرر للأحكام الصادرة بعدم دستورية القوانين في خصوص هذا الحكم وأعملت الرخصة التي خولتها لها الفقرة الثالثة من المادة 49 من قانونها وقضت بسريانه بأثر فوري على الوقائع التالية لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية الحاصل في 14/11/2002 وقد اوردت فى اسباب حكمها:
حيث إن مقتضى حكم المادة (49) من قانون المحكمة
الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، هو عدم تطبيق النص المقضى
بعدم دستوريته على الوقائع اللاحقة لليوم التالى لتاريخ نشر الحكم الصادر بذلك،
وكذلك على الوقائع السابقة على هذا النشر إلا ما استقر من حقوق ومراكز صدرت بشأنها
أحكام حازت قوة الأمر المقضى ، أو إذا حدد الحكم الصادر بعدم الدستورية تاريخاً آخر
لسريانه، لما كان ذلك وكان إعمال الأثر الرجعى للحكم بعدم دستورية الفقرة الثالثة
من المادة (29) من القانون 49 لسنة 1977 وعلى ما انتهت إليه المحكمة فى هذه الأسباب،
مؤداه إحداث خلخلة اجتماعية واقتصادية مفاجئة ، تصيب فئات عريضة من
القاطنين بوحدات سكنية تساندوا فى إقامتهم بها إلى حكم هذا النص قبل القضاء بعدم دستوريته،
وهى خلخلة تنال من الأسرة فى أهم مقومات وجودها المادى، وهو المأوى الذى يجمعها
وتستظل به، بما تترتب عليه آثار اجتماعية تهز مبدأ التضامن الاجتماعى الذى يقوم
عليه المجتمع وفقاً لما نصت عليه المادة السابعة من الدستور، إذ كان ذلك فإن المحكمة
ترى إعمال الرخصة المخولة لها بنص الفقرة الثالثة من المادة (49) من قانونها،
وتحدد لسريان هذا الحكم تاريخاً آخر هو اليوم التالى لنشره، بما مؤداه أن جميع العقود
التى أبرمت قبل هذا التاريخ إعمالاً لحكم الفقرة الثالثة من المادة (29) من القانون
رقم 49 لسنة 1977، وتنزل منزلتها الوقائع التى ترتب عليها قيام التزام على المؤجر
بتحرير عقود إيجار ، فتعد عقوداً قائمة حكماً - حيث كان يجب تحريرها-، وتظل قائمة
ومنتجة لكافة آثارها القانونية وفقاً لنص الفقرة الثالثة من المادة (29)
المشار إليها.
وعليه
فانه وإعمالا للفقرة الثالثة من المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا بعد تعديلها بالقرار بقانون 168 لسنة 1998 والتى أجازت للمحكمة الدستورية أن تحدد تاريخ أخر لنفاذ الحكم وأناط القانون بالمحكمة إعماله حسبما أوردت والمذكرة الايضاحية للقانون، فى ضوء الظروف الخاصة التى تتصل ببعض الدعاوى الدستورية التى تنظرها بمراعاة العناصر المحيطة بها وقدر الخطورة التى قد تلازمها وعلينا ان ننتظر الاسباب التى توردها لحكمها لكشف كل هذه الملابسات وازالة الغموض وإن غدا لناظره قريب