الحكم بعدم دستورية نص المادة الثانية من
القانون رقم 105 لسنة 1985 بشأن الحد الأعلى للأجور ، وما فى حكمها ، فى
الحكومة ، ووحدات الحكم المحلى ، والهيئات و المؤسسات العامة ، والشركات ،
والجمعيات ، وسقوط قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 615 لسنة 1986
قضية رقم 202 لسنة 28 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
نص الحكم
</br></br>
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد ، السادس من ديسمبر سنة 2009م، الموافق التاسع عشر من ذى الحجة سنة 1430 ه .
برئاسة السيد المستشار / فاروق أحمد سلطان رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : السيد عبدالمنعم حشيش ومحمد
خيرى طه وسعيد مرعى عمرو والدكتور عادل عمر شريف وتهانى محمد الجبالى ورجب
عبدالحكيم سليم نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور / حمدان حسن فهمى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 202 لسنة 28 قضائية " دستورية " .
السيد / عبد الحميد أحمد عبد الحميد
1 السيد وزير العدل
2 السيد الدكتور رئيس مجلس الوزراء
3 السيد محافظ القليوبية
4 السيد رئيس شعبة الفحص بالجهاز المركزى للمحاسبات فرع القليوبية
بتاريخ الحادى عشر من ديسمبر 2006 ، أودع المدعى صحيفة هذه
الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طالباً الحكم بعدم دستورية القانون رقم 105 لسنة
1985 بشأن الحد الأعلى للأجور ، وما فى حكمها فى الحكومة ووحدات الحكم
المحلى ، والهيئات ، والمؤسسات العامة ، والشركات ، والجمعيات ، وكذا قرار
رئيس مجلس الوزراء رقم 615 لسنة 1986 فى شأن الحد الأعلى للأجور، وما فى
حكمها ................... .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها ، طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى ، واحتياطياً برفضها .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونُظرت الدعوى ، على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع على ما يتبين من صحيفة الدعوى، وسائر
الأوراق تتحصل فى أن المدعى يعمل سكرتيراً عاماً مساعداً لمحافظة القليوبية
، وقد أسند إليه الإشراف على بعض المشروعات الخاصة بصندوق خدمات المحافظة ،
مقابل مكافآت معينة ، وإذ وردت مناقضة من الجهاز المركزى للمحاسبات ،
مفادها أنه تقاضى ما يزيد على الحد الأقصى للمبالغ المقرر صرفها ، طبقاً
لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 615 لسنة 1986 فى شأن الحد الأعلى للأجور ،
وما فى حكمها فى الحكومة ووحدات الحكم المحلى ، والهيئات ، والمؤسسات
العامة ، والشركات ، والجمعيات . فقد أصدر محافظ القليوبية قراراً بوقف صرف
أية مبالغ له ، وتجنيبها بالحسابات الدائنة بديوان المحافظة ، فأقام
المدعى ، أمام محكمة القضاء الإدارى " دائرة القليوبية " ، الدعوى رقم 1593
لسنة 5 قضائية ، بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار المشار إليه .
وأثناء نظرها ، دفع بعدم دستورية كل من القانون رقم 105 لسنة 1985 ، وقرار
رئيس مجلس الوزراء رقم 615 لسنة 1986 المشار إليهما . وإذ قدرت محكمة
الموضوع جدية هذا الدفع ، وصرحت للمدعى برفع الدعوى الدستورية ، فقد أقام
الدعوى الماثلة .
وحيث إنه عن دفع هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى ،
بمقولة أن محكمة الموضوع صرحت بإقامة الدعوى الدستورية ، دون أن يثير
المدعى ، أمامها ، دفعاً بعدم دستورية النصوص المطعون فيها ، فهو مردود بما
جرى عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا ، بأن ولايتها فى مجال الفصل فى
المسائل الدستورية ، التى تطرح عليها ، مناطها اتصالها بها ، وفقاً للأوضاع
المنصوص عليها فى المادة (29) من قانونها ، وذلك إما بإحالة هذه المسائل
إليها من محكمة الموضوع ، لتقول كلمتها فيها ، وإما من خلال دفع بعدم
دستورية نص قانونى ، يبديه خصم ، أثناء نظر نزاع موضوعى ، وتقدر المحكمة
جديته ، لترخص ، بعدئذ ، لهذا الخصم وخلال أجل لا يجاوز ثلاثة أشهر برفع
دعواه الدستورية ، فى شأن المسائل التى تناولها هذا الدفع . وهذه الأوضاع
الإجرائية سواء ما تعلق منها بطريقة رفع الدعوى الدستورية ، أو بميعاد
رفعها تُعد من النظام العام ، باعتبارها من الأشكال الجوهرية ، التى تغيا
بها المشرع مصلحة عامة ، حتى ينتظم التداعى فى المسائل الدستورية
بالإجراءات التى رسمها ، وفى الموعد الذى حدده . وإذ الثابت أن المدعى
أثناء نظر الدعوى الموضوعية ، قدم بجلسة 18/5/2006 مذكرة ، ضمنها دفعاً
بعدم دستورية القانون رقم 105 لسنة 1985 وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 615
لسنة 1986 ، فقدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع ، وقررت بجلسة 19/10/2006
إعادة الدعوى للمرافعة ، وتأجيلها إلى جلسة 18/1/2007 ، مع منح المدعى مهلة
ثلاثة أشهر لرفع دعواه الدستورية ، فأقام دعواه الماثلة ، ومن ثم فإن هذه
الدعوى قد أقيمت بالطريق القانونى ، طبقاً لنص البند ( ب ) من المادة (29)
من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ، مما
يتعين معه الالتفات عن هذا الدفع .
وحيث إن القانون رقم 105 لسنة 1985 المطعون فيه قد تضمن ثلاث مواد ، جرت نصوصها على النحو الآتى :
المادة الأولى :
يلغى العمل بالقانون رقم 113 لسنة 1961 بعدم جواز زيادة ما
يتقاضاه رئيس أو عضو مجلس الإدارة ، أو العضو المنتدب ، أو أى شخص ، يعمل
فى هيئة أو مؤسسة عامة ، أو شركة ، أو جمعية ، عن خمسة آلاف جنيه سنوياً ،
ويتجاوز عن استرداد ما تم صرفه بالمخالفة لأحكام القانون الملغى .
المادة الثانية :
يضع مجلس الوزراء الحد الأعلى لمجموع ما يتقاضاه العاملون
فى الحكومة ، أو وحدات الحكم المحلى ، أو الهيئات ، أو المؤسسات العامة ،
أو الشركات ، أو الجمعيات ، فى صورة مرتبات ، أو بدلات ، أو مكافآت ، أو
حوافز ، أو بأى صورة أخرى .
المادة الثالثة :
ينشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية ، ويُعمل به من اليوم التالى لتاريخ نشره .
وإعمالاً لنص المادة الثانية المشار إليها ، صدر قرار رئيس
مجلس الوزراء رقم 615 لسنة 1986 ، معدلاً بقراره 234 لسنة 2000 ، متضمناً
النصوص الآتية :
المادة الأولى :
لا يجوز أن يزيد على أربعة وخمسين ألف جنيه سنوياً ، مجموع
ما يتقاضاه أى شخص ، يعمل فى الحكومة أو وحدات الإدارة المحلية ، أو
الهيئات ، أو المؤسسات العامة ، أو بنوك القطاع العام ، أو هيئات القطاع
العام وشركاته ، بصفته عاملاً ، أو مستشاراً ، أو بأى صفة أخرى ، سواء صرفت
إليه المبالغ بصفة مرتبات ، أو مكافآت ، أو بدلات ، أو حوافز ، أو بأى
صورة أخرى .
ويزاد هذا المبلغ سنوياً ، بمقدار الزيادة ، التى تقررها الدولة ، بمقتضى قوانين العلاوات الخاصة .
وتستثنى من ذلك المبالغ ، التى تصرف مقابل نفقات فعلية ،
مؤداة فى صورة بدل سفر ، أو مصاريف انتقال ، أو إقامة ، متى كان صرفها فى
حدود القواعد والنظم المعمول بها فى هذه الجهات .
المادة الثانية :
على الجهات المنصوص عليها فى المادة السابقة ، أن تقوم
بإبلاغ الجهة التابع لها العامل ، بجميع المبالغ ، التى يتقاضاها منها ، فى
أية صورة كانت ، وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صرفها .
المادة الثالثة :
يحسب الحد الأعلى ، على أساس ما يستحقه العامل فى سنة ميلادية كاملة . وتجرى المحاسبة فى نهاية شهر ديسمبر من كل سنة .
ويؤول إلى الخزانة العامة ، المبلغ ، الذى يزيد على الحد الأعلى .
المادة الرابعة :
على وزير المالية إصدار القرارات والتعليمات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القرار .
المادة الخامسة :
ينشر هذا القرار فى الجريدة الرسمية ، ويُعمل به من السنة الميلادية الحالية .
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة وهى شرط لقبول الدعوى
الدستورية مناطها على ما جرى به قضاء هذه المحكمة ارتباطها بالمصلحة
القائمة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الحكم الصادر فى المسألة
الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات المرتبطة بها ، والمطروحة على محكمة
الموضوع . متى كان ذلك ، وكان النزاع الموضوعى يدور حول أحقية المدعى فى
صرف المبالغ المستحقة له كمكافآت ، مقابل إشرافه على بعض المشروعات الخاصة
بصندوق خدمات محافظة القليوبية ، التى يعمل سكرتيراً عاماً مساعداً لها ،
والتى تجاوزت الحد الأعلى للأجور المنصوص عليه فى قرار رئيس مجلس الوزراء
رقم 615 لسنة 1986 ، وكان القانون رقم 105 لسنة 1985 قد خول ، بمادته
الثانية ، مجلس الوزراء وضع الحد الأعلى لمجموع ما يتقاضاه العاملون فى
الحكومة ، أو وحدات الحكم المحلى ، أو الهيئات ، أو المؤسسات العامة ، أو
الشركات ، أو الجمعيات ، فى صورة مرتبات ، أو بدلات ، أو مكافآت ، أو حوافز
، أو بأى صورة أخرى ، فإن مصلحة المدعى الشخصية المباشرة فى اختصام تلك
المادة ، وكذلك طعنه بعدم دستورية كامل نصوص قرار رئيس مجلس الوزراء السالف
ذكرها ، تكون متوافرة ، وبذلك يتحدد نطاق هذه الدعوى .
وحيث إن المدعى ينعى على النصوص المطعون فيها مخالفتها
لأحكام المواد (13 ، 23 ، 32 ، 34 ، 122 ) من الدستور لإهدارها حقى العمل
والملكية ، وذلك بحرمان العامل من أجره ، الذى يستحقه نتيجة عمله ، وتسلب
السلطة التشريعية من اختصاصها الأصيل بتفويضها مجلس الوزراء فى وضع الحد
الأعلى للأجور .
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الدستور عهد بنص
المادة (122) إلى المشرع بتعيين القواعد ، التى تتقرر بموجبها ، على خزانة
الدولة ، المرتبات ، والمعاشات ، والتعويضات ، والإعانات ، والمكافآت ،
وتنظيم حالات الاستثناء منها ، والجهات التى تتولى تطبيقها ، لتهيئة الظروف
الأفضل ، التى تفى باحتياجات من تقررت لمصلحتهم ، وتكفل مقوماتها الأساسية
، التى يتحررون بها من العوز ، وينهضون معها بمسئولية حماية أسرهم ،
والارتقاء بمعيشتها . ومقتضى هذا أن الدستور لم يعقد للسلطة التنفيذية
اختصاصاً ما ، بوضع القواعد المشار إليها فيما تقدم ، وأن هذه القواعد
يتعين أن تتولاها السلطة التشريعية ، بما تصدره من قوانين . متى كان ذلك ،
وكان المقرر أنه إذا ما أسند الدستور تنظيم حق من الحقوق إلى السلطة
التشريعية ، فلا يجوز لها أن تتسلب من اختصاصها ، وتُحيل الأمر ، برمته ،
إلى السلطة التنفيذية ، دون أن تقيدها ، فى ذلك ، بضوابط عامة ، وأسس
رئيسية ، تلتزم بالعمل فى إطارها ، فإذا ما خرج المشرع على ذلك ، وناط
بالسلطة التنفيذية تنظيم حق من أساسه ، كان متخلياً عن اختصاصه الأصيل ،
المقرر بالمادة 86 من الدستور .
وحيث إن نص المادة الثانية من القانون رقم 105 لسنة 1985 ،
فيما فوض مجلس الوزراء فى وضع الحد الأعلى لمجموع ما يتقاضاه العاملون فى
الحكومة ، أو وحدات الحكم المحلى ، أو الهيئات ، أو المؤسسات العامة ، أو
الشركات ، أو الجمعيات ، فى صورة مرتبات ، أو بدلات ، أو مكافآت ، أو حوافز
، أو بأى صورة أخرى ، دون وضع الضوابط العامة أو الأسس الرئيسية ، التى
تنظم موضوع الحد الأعلى لما يتقاضاه هؤلاء العاملون من مرتبات وما فى حكمها
مما سلف ذكره ، على الرغم من أنها تمثل عبئاً مالياً على خزانة الدولة ،
فإن مسلكه ، فى هذا الشأن يكون مخالفاً لنصى المادتين (86 ، 122) من
الدستور .
وحيث إن قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 615 لسنة 1986 المشار
إليه ، قد وضع الحد الأعلى للأجور ، وما فى حكمها لمن حددته المادة الأولى
منه ، ونظم أحكامه وكان يستند فى ذلك إلى السلطة المخولة له بالمادة
الثانية من القانون رقم 105 لسنة 1985 سالف الذكر ؛ فإن القضاء بعدم
دستوريتها يترتب عليه ، لزوماً ، سقوط ذلك القرار .
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة الثانية من
القانون رقم 105 لسنة 1985 بشأن الحد الأعلى للأجور ، وما فى حكمها ، فى
الحكومة ، ووحدات الحكم المحلى ، والهيئات و المؤسسات العامة ، والشركات ،
والجمعيات ، وسقوط قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 615 لسنة 1986 ، وألزمت
الحكومة بالمصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة
القانون رقم 105 لسنة 1985 بشأن الحد الأعلى للأجور ، وما فى حكمها ، فى
الحكومة ، ووحدات الحكم المحلى ، والهيئات و المؤسسات العامة ، والشركات ،
والجمعيات ، وسقوط قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 615 لسنة 1986
قضية رقم 202 لسنة 28 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
نص الحكم
</br></br>
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد ، السادس من ديسمبر سنة 2009م، الموافق التاسع عشر من ذى الحجة سنة 1430 ه .
برئاسة السيد المستشار / فاروق أحمد سلطان رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : السيد عبدالمنعم حشيش ومحمد
خيرى طه وسعيد مرعى عمرو والدكتور عادل عمر شريف وتهانى محمد الجبالى ورجب
عبدالحكيم سليم نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور / حمدان حسن فهمى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 202 لسنة 28 قضائية " دستورية " .
المقامة من
السيد / عبد الحميد أحمد عبد الحميد
ضد
1 السيد وزير العدل
2 السيد الدكتور رئيس مجلس الوزراء
3 السيد محافظ القليوبية
4 السيد رئيس شعبة الفحص بالجهاز المركزى للمحاسبات فرع القليوبية
الإجراءات
بتاريخ الحادى عشر من ديسمبر 2006 ، أودع المدعى صحيفة هذه
الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طالباً الحكم بعدم دستورية القانون رقم 105 لسنة
1985 بشأن الحد الأعلى للأجور ، وما فى حكمها فى الحكومة ووحدات الحكم
المحلى ، والهيئات ، والمؤسسات العامة ، والشركات ، والجمعيات ، وكذا قرار
رئيس مجلس الوزراء رقم 615 لسنة 1986 فى شأن الحد الأعلى للأجور، وما فى
حكمها ................... .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها ، طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى ، واحتياطياً برفضها .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونُظرت الدعوى ، على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع على ما يتبين من صحيفة الدعوى، وسائر
الأوراق تتحصل فى أن المدعى يعمل سكرتيراً عاماً مساعداً لمحافظة القليوبية
، وقد أسند إليه الإشراف على بعض المشروعات الخاصة بصندوق خدمات المحافظة ،
مقابل مكافآت معينة ، وإذ وردت مناقضة من الجهاز المركزى للمحاسبات ،
مفادها أنه تقاضى ما يزيد على الحد الأقصى للمبالغ المقرر صرفها ، طبقاً
لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 615 لسنة 1986 فى شأن الحد الأعلى للأجور ،
وما فى حكمها فى الحكومة ووحدات الحكم المحلى ، والهيئات ، والمؤسسات
العامة ، والشركات ، والجمعيات . فقد أصدر محافظ القليوبية قراراً بوقف صرف
أية مبالغ له ، وتجنيبها بالحسابات الدائنة بديوان المحافظة ، فأقام
المدعى ، أمام محكمة القضاء الإدارى " دائرة القليوبية " ، الدعوى رقم 1593
لسنة 5 قضائية ، بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار المشار إليه .
وأثناء نظرها ، دفع بعدم دستورية كل من القانون رقم 105 لسنة 1985 ، وقرار
رئيس مجلس الوزراء رقم 615 لسنة 1986 المشار إليهما . وإذ قدرت محكمة
الموضوع جدية هذا الدفع ، وصرحت للمدعى برفع الدعوى الدستورية ، فقد أقام
الدعوى الماثلة .
وحيث إنه عن دفع هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى ،
بمقولة أن محكمة الموضوع صرحت بإقامة الدعوى الدستورية ، دون أن يثير
المدعى ، أمامها ، دفعاً بعدم دستورية النصوص المطعون فيها ، فهو مردود بما
جرى عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا ، بأن ولايتها فى مجال الفصل فى
المسائل الدستورية ، التى تطرح عليها ، مناطها اتصالها بها ، وفقاً للأوضاع
المنصوص عليها فى المادة (29) من قانونها ، وذلك إما بإحالة هذه المسائل
إليها من محكمة الموضوع ، لتقول كلمتها فيها ، وإما من خلال دفع بعدم
دستورية نص قانونى ، يبديه خصم ، أثناء نظر نزاع موضوعى ، وتقدر المحكمة
جديته ، لترخص ، بعدئذ ، لهذا الخصم وخلال أجل لا يجاوز ثلاثة أشهر برفع
دعواه الدستورية ، فى شأن المسائل التى تناولها هذا الدفع . وهذه الأوضاع
الإجرائية سواء ما تعلق منها بطريقة رفع الدعوى الدستورية ، أو بميعاد
رفعها تُعد من النظام العام ، باعتبارها من الأشكال الجوهرية ، التى تغيا
بها المشرع مصلحة عامة ، حتى ينتظم التداعى فى المسائل الدستورية
بالإجراءات التى رسمها ، وفى الموعد الذى حدده . وإذ الثابت أن المدعى
أثناء نظر الدعوى الموضوعية ، قدم بجلسة 18/5/2006 مذكرة ، ضمنها دفعاً
بعدم دستورية القانون رقم 105 لسنة 1985 وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 615
لسنة 1986 ، فقدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع ، وقررت بجلسة 19/10/2006
إعادة الدعوى للمرافعة ، وتأجيلها إلى جلسة 18/1/2007 ، مع منح المدعى مهلة
ثلاثة أشهر لرفع دعواه الدستورية ، فأقام دعواه الماثلة ، ومن ثم فإن هذه
الدعوى قد أقيمت بالطريق القانونى ، طبقاً لنص البند ( ب ) من المادة (29)
من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ، مما
يتعين معه الالتفات عن هذا الدفع .
وحيث إن القانون رقم 105 لسنة 1985 المطعون فيه قد تضمن ثلاث مواد ، جرت نصوصها على النحو الآتى :
المادة الأولى :
يلغى العمل بالقانون رقم 113 لسنة 1961 بعدم جواز زيادة ما
يتقاضاه رئيس أو عضو مجلس الإدارة ، أو العضو المنتدب ، أو أى شخص ، يعمل
فى هيئة أو مؤسسة عامة ، أو شركة ، أو جمعية ، عن خمسة آلاف جنيه سنوياً ،
ويتجاوز عن استرداد ما تم صرفه بالمخالفة لأحكام القانون الملغى .
المادة الثانية :
يضع مجلس الوزراء الحد الأعلى لمجموع ما يتقاضاه العاملون
فى الحكومة ، أو وحدات الحكم المحلى ، أو الهيئات ، أو المؤسسات العامة ،
أو الشركات ، أو الجمعيات ، فى صورة مرتبات ، أو بدلات ، أو مكافآت ، أو
حوافز ، أو بأى صورة أخرى .
المادة الثالثة :
ينشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية ، ويُعمل به من اليوم التالى لتاريخ نشره .
وإعمالاً لنص المادة الثانية المشار إليها ، صدر قرار رئيس
مجلس الوزراء رقم 615 لسنة 1986 ، معدلاً بقراره 234 لسنة 2000 ، متضمناً
النصوص الآتية :
المادة الأولى :
لا يجوز أن يزيد على أربعة وخمسين ألف جنيه سنوياً ، مجموع
ما يتقاضاه أى شخص ، يعمل فى الحكومة أو وحدات الإدارة المحلية ، أو
الهيئات ، أو المؤسسات العامة ، أو بنوك القطاع العام ، أو هيئات القطاع
العام وشركاته ، بصفته عاملاً ، أو مستشاراً ، أو بأى صفة أخرى ، سواء صرفت
إليه المبالغ بصفة مرتبات ، أو مكافآت ، أو بدلات ، أو حوافز ، أو بأى
صورة أخرى .
ويزاد هذا المبلغ سنوياً ، بمقدار الزيادة ، التى تقررها الدولة ، بمقتضى قوانين العلاوات الخاصة .
وتستثنى من ذلك المبالغ ، التى تصرف مقابل نفقات فعلية ،
مؤداة فى صورة بدل سفر ، أو مصاريف انتقال ، أو إقامة ، متى كان صرفها فى
حدود القواعد والنظم المعمول بها فى هذه الجهات .
المادة الثانية :
على الجهات المنصوص عليها فى المادة السابقة ، أن تقوم
بإبلاغ الجهة التابع لها العامل ، بجميع المبالغ ، التى يتقاضاها منها ، فى
أية صورة كانت ، وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صرفها .
المادة الثالثة :
يحسب الحد الأعلى ، على أساس ما يستحقه العامل فى سنة ميلادية كاملة . وتجرى المحاسبة فى نهاية شهر ديسمبر من كل سنة .
ويؤول إلى الخزانة العامة ، المبلغ ، الذى يزيد على الحد الأعلى .
المادة الرابعة :
على وزير المالية إصدار القرارات والتعليمات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القرار .
المادة الخامسة :
ينشر هذا القرار فى الجريدة الرسمية ، ويُعمل به من السنة الميلادية الحالية .
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة وهى شرط لقبول الدعوى
الدستورية مناطها على ما جرى به قضاء هذه المحكمة ارتباطها بالمصلحة
القائمة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الحكم الصادر فى المسألة
الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات المرتبطة بها ، والمطروحة على محكمة
الموضوع . متى كان ذلك ، وكان النزاع الموضوعى يدور حول أحقية المدعى فى
صرف المبالغ المستحقة له كمكافآت ، مقابل إشرافه على بعض المشروعات الخاصة
بصندوق خدمات محافظة القليوبية ، التى يعمل سكرتيراً عاماً مساعداً لها ،
والتى تجاوزت الحد الأعلى للأجور المنصوص عليه فى قرار رئيس مجلس الوزراء
رقم 615 لسنة 1986 ، وكان القانون رقم 105 لسنة 1985 قد خول ، بمادته
الثانية ، مجلس الوزراء وضع الحد الأعلى لمجموع ما يتقاضاه العاملون فى
الحكومة ، أو وحدات الحكم المحلى ، أو الهيئات ، أو المؤسسات العامة ، أو
الشركات ، أو الجمعيات ، فى صورة مرتبات ، أو بدلات ، أو مكافآت ، أو حوافز
، أو بأى صورة أخرى ، فإن مصلحة المدعى الشخصية المباشرة فى اختصام تلك
المادة ، وكذلك طعنه بعدم دستورية كامل نصوص قرار رئيس مجلس الوزراء السالف
ذكرها ، تكون متوافرة ، وبذلك يتحدد نطاق هذه الدعوى .
وحيث إن المدعى ينعى على النصوص المطعون فيها مخالفتها
لأحكام المواد (13 ، 23 ، 32 ، 34 ، 122 ) من الدستور لإهدارها حقى العمل
والملكية ، وذلك بحرمان العامل من أجره ، الذى يستحقه نتيجة عمله ، وتسلب
السلطة التشريعية من اختصاصها الأصيل بتفويضها مجلس الوزراء فى وضع الحد
الأعلى للأجور .
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الدستور عهد بنص
المادة (122) إلى المشرع بتعيين القواعد ، التى تتقرر بموجبها ، على خزانة
الدولة ، المرتبات ، والمعاشات ، والتعويضات ، والإعانات ، والمكافآت ،
وتنظيم حالات الاستثناء منها ، والجهات التى تتولى تطبيقها ، لتهيئة الظروف
الأفضل ، التى تفى باحتياجات من تقررت لمصلحتهم ، وتكفل مقوماتها الأساسية
، التى يتحررون بها من العوز ، وينهضون معها بمسئولية حماية أسرهم ،
والارتقاء بمعيشتها . ومقتضى هذا أن الدستور لم يعقد للسلطة التنفيذية
اختصاصاً ما ، بوضع القواعد المشار إليها فيما تقدم ، وأن هذه القواعد
يتعين أن تتولاها السلطة التشريعية ، بما تصدره من قوانين . متى كان ذلك ،
وكان المقرر أنه إذا ما أسند الدستور تنظيم حق من الحقوق إلى السلطة
التشريعية ، فلا يجوز لها أن تتسلب من اختصاصها ، وتُحيل الأمر ، برمته ،
إلى السلطة التنفيذية ، دون أن تقيدها ، فى ذلك ، بضوابط عامة ، وأسس
رئيسية ، تلتزم بالعمل فى إطارها ، فإذا ما خرج المشرع على ذلك ، وناط
بالسلطة التنفيذية تنظيم حق من أساسه ، كان متخلياً عن اختصاصه الأصيل ،
المقرر بالمادة 86 من الدستور .
وحيث إن نص المادة الثانية من القانون رقم 105 لسنة 1985 ،
فيما فوض مجلس الوزراء فى وضع الحد الأعلى لمجموع ما يتقاضاه العاملون فى
الحكومة ، أو وحدات الحكم المحلى ، أو الهيئات ، أو المؤسسات العامة ، أو
الشركات ، أو الجمعيات ، فى صورة مرتبات ، أو بدلات ، أو مكافآت ، أو حوافز
، أو بأى صورة أخرى ، دون وضع الضوابط العامة أو الأسس الرئيسية ، التى
تنظم موضوع الحد الأعلى لما يتقاضاه هؤلاء العاملون من مرتبات وما فى حكمها
مما سلف ذكره ، على الرغم من أنها تمثل عبئاً مالياً على خزانة الدولة ،
فإن مسلكه ، فى هذا الشأن يكون مخالفاً لنصى المادتين (86 ، 122) من
الدستور .
وحيث إن قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 615 لسنة 1986 المشار
إليه ، قد وضع الحد الأعلى للأجور ، وما فى حكمها لمن حددته المادة الأولى
منه ، ونظم أحكامه وكان يستند فى ذلك إلى السلطة المخولة له بالمادة
الثانية من القانون رقم 105 لسنة 1985 سالف الذكر ؛ فإن القضاء بعدم
دستوريتها يترتب عليه ، لزوماً ، سقوط ذلك القرار .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة الثانية من
القانون رقم 105 لسنة 1985 بشأن الحد الأعلى للأجور ، وما فى حكمها ، فى
الحكومة ، ووحدات الحكم المحلى ، والهيئات و المؤسسات العامة ، والشركات ،
والجمعيات ، وسقوط قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 615 لسنة 1986 ، وألزمت
الحكومة بالمصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة