الختان....قراءة قانونية
*خالد منتصر
[ أسرع قاتل لقوانيننا هو مبدأ "الفصال" أو الحلول الوسط أو الرغبة فى
إرضاء جميع الأطراف، وأول ضحية لهذا المبدأ هو القوانين التى لها علاقة
بالعادات والتقاليد والأعراف الإجتماعية ومن ضمنها القوانين المتعلقة
بختان البنات، فنحن دائماً عندما نتحدث عن سن قانون للختان نقول فى حواشيه
أنه مسموح للأطباء فقط بأن يجروا عملية الختان، وكأننا نتحدث عن حق
الأطباء فى الفيزيته وليس عن حق البنات فى جسد لاينتهك الختان ممنوع
بواسطة الدايات وحلاقين الصحة والأطباء أيضاً، إننا نتحدث عن مبدأ وعندما
نتحدث عن المبادئ لابد ألانساوم أو نستثنى أو نفاصل أو ننافق.
[ أعترف بأننا لانستطيع منع الختان بمجرد نصوص قانونية، فهذه العادة
البربرية لابد أن تستأصل بمزيد من التثقيف والتنوير والوعى وليس بمزيد من
القوانين والأحكام والتوصيات، ولكننا لانستطيع أن نغفل أن القوانين مهمة
لضبط المسألة، وأن يد القانون تصبح غليظة عندما يريد لها المجتمع أن تكون
غليظة، وتصبح متخاذلة عندما يريد لها المجتمع العكس، وسنحاول إستعراض
المسيرة القانونية الدولية والمصرية ضد ختان البنات حتى نفهم مدى التقدم
فى النضال ضد هذه العادة البغيضة.
[ كان أول نقاش عالمى لهذه القضية فى عصبة الأمم عام 1931 فى مؤتمرها
بجنيف عندما ناقش وضع الأطفال الأفارقة، وتطرق الموضوع إلى ختان الإناث فى
إحدى القبائل الكينية، ولكن المؤتمر رفض الخروج بتوصيات الدول الأوروبية
التى حاولت تجريم هذا الفعل، وبعدها فى 1958 رفضت منظمة الصحة العالمية
تنفيذ الدراسة التى طلبتها الأمم المتحدة لوضع حد لممارسات الختان بدعوى
أنها لاتملك صلاحية دراسة مثل تلك الأمور الثقافية!، وظلت طلبات النساء
الأفريقيات للمنظمة الدولية بتبنى منع الختان خاصة بعد مؤتمر الأمم
المتحدة فى أديس بابا حول مشاركة النساء فى الحياة العامة، حتى تحقق الحلم
وأدين الختان فى 1964 فى مؤتمر توجو، ثم صدر أول رد فعل من منظمة الصحة
العالمية حول الآثار الصحية الضارة للختان فى 30 سبتمبر 1976 والذى أدان
الختان الفرعونى فقط، ثم أتت نقطة التحول فى 1979 حين عقدت المنظمة
مؤتمراً فى الخرطوم لمناقشة الظاهرة بشكل أكثر حسماً ومنهجية، ومنذ ذلك
اليوم ولاتكاد تمر سنة إلا وتصدر المنظمة إدانة وتجريم فى صورة تقارير أو
دراسات أو مناشدات، وكان أهمها الدراسة التى أصدرتها منظمة الصحة العالمية
1998 وكتبتها د.ناهد طوبيا وسوزان عزت والتى سنعود إليها كثيراً فى هذا
الشق من الدراسة حول الرؤية القانونية للختان، ويمكن إختصار موقف الأمم
المتحدة من الختان فى النقاط التالية:
*إدانة ختان الإناث بجميع أنواعه وإعتباره مخالفاً للحق فى سلامة الجسد
والصحة الجسدية والنفسية، وصورة من صور التمييز والعنف ضد النساء.
* رفض إجراء هذه العملية فى الأوساط الطبية.
* المطالبة بوضع قوانين لمنع ختان الإناث ومعاقبة من يمارسه حتى الأطباء.
[ وإذا كان الختان مجرماً طبقاً للقوانين السابقة، فهو مجرم أيضاً طبقاً
لحقوق الإنسان فهو تعدى سافر على الجسم وإهدار للحق فى سلامة الحياة
والجسد وهما من أهم حقوق الإنسان، فالوثيقة العالمية لحقوق الإنسان تقول
فى المادة 3: لكل فرد الحق فى الحياة والحرية وفى الأمان على شخصه، وفى
إتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل المادة 24: الإعتراف بحق الطفل فى
التمتع بأعلى مستوى صحى، وتتخذ الدول الأطراف جميع التدابير الفعالة بغية
إلغاء الممارسات التقليدية التى تضر بصحة الأطفال، وفى الفقرة الخامسة من
القانون الدولى للأخلاق الطبية " يجب حماية كل طفل من علاج أو كشف طبى غير
ضرورى "، ومن الحق فى حماية الجسد إلى الحق فى عدم التعذيب، والختان لاشك
نوع من التعذيب، والحق فى العرض الذى نقسم نحن الأطباء فى البند الثالث
ونقول بإزائه " أن أحفظ للناس كرامتهم، وأستر عورتهم "، والختان هو منتهى
إهدار الكرامة وفضح العورة وإنتهاكها.
[ من الأمم المتحدة ومنظمة الصحة والهيئات غير الحكومية إلى مصر حيث ينطبق
المثل السائد " اللى إيده فى الميه مش زى اللى إيده فى النار "، فنحن فى
مصر أيدينا وأرواحنا فى أتون النار التى تحرق كيان البنات ولذلك كان لابد
أن نلجأ للقوانين كى نطفئ لهيبها المستعر.
صدر أول نص قانونى حول ختان الإناث سنة 1959 تحت مسمى القرار الوزارى رقم
74، وقد وضعته لجنة من الأطباء ورجال الدين من بينهم المفتى حسن مأمون
والشيخ حسنين مخلوف، وقد جاء فى المادة الثانية أن تلك اللجنة قررت مايلى:
• أن يحرم بتاتاً على غير الأطباء القيام بعملية الختان وأن يكون الختان جزئياً لاكلياً لمن أراد.
• منع عملية الختان بوحدات وزارة الصحة لأسباب صحية وإجتماعية ونفسية.
• غير مصرح للدايات المرخصات القيام بأى عمليات جراحية ومنها ختان الإناث.
• الختان بالطريقة التى يجرى بها الآن (1959) له ضرر صحى ونفسى على الإناث
سواء قبل الزواج أو بعده، ونظراً لأن الفقهاء إستناداً إلى بعض الأحاديث
الصحيحة قد إختلفوا فى أن خفاض الإناث واجب أو سنة ومنهم من ذهب إلى أنه
مكرمة إلا أنهم قد إتفقوا جميعاً على أن شعائر الإسلام والشريعة تنهى عن
الإستئصال الكلى.
وعندى تعليق شخصى بسيط على ماسبق وهو أن اللجنة برغم إستنارتها إلا أنها
كانت تعانى من الجبن ونفاق المجتمع ومسك العصا من المنتصف ومحاولة حل
المعضلة بأسلوب عقيم وهو " نشيل حتة بس علشان مانزعلش حد "!!، ولم يناقشوا
الأمر على أنه إنتهاك حتى ولو ملليمتر واحد، فالمسألة ليست مسألة مقاييس
ولكنها مسألة مبادئ لايمكن المقايضة عليها وأى مواربة لنافذة المساومة
سيفتح الطريق والمنافذ لإجتياح هواء الأفكار المتخلفة التى لاتلبث أن
تتحول إلى رياح عاتية.
[ كان يوم 7 سبتمبر 1994 يوماً فاصلاً فى تاريخ مناقشة الختان، فقد عرضت
السى إن إن فيلماً يصور ختان طفلة تدعى نجلاء على يد حلاق صحة فى مدينة
القاهرة، وكانت الظروف حينذاك قابلة للإشتعال فقد كان مؤتمر السكان
العالمى مجتمعاً، ووزير الصحة كان قد أدلى بتصريح من عينة كله تمام
والأمور مستتبة وأن الختان نادر فى مصر، وجاء هذا الفيلم ليفضح الجميع
ويؤكد على أن هذه الهمجية مازال لها أنصار ومؤيدون، ولأن الفضيحة عالمية
كان لابد أن تنعقد اللجان وتنبثق كعادتنا فى مواجهة الأمور بعد إستفحالها،
وضمت اللجنة 22 عضواً منهم الوزير على عبد الفتاح والشيخ سيد طنطاوى مفتى
الجمهورية حينذاك، وصدر البيان بعدها بشهر ويومين فى 9 أكتوبر وكان أول
بند فيه ينص على أن ختان الإناث عادة قديمة ومتوارثة ولايوجد نص فى القرآن
الكريم أو الحديث بشأنها، وأن حديث ختان الإناث روى من أوجه كثيرة كلها
ضعيفة ومعلولة ومخدوشة لايصح الإحتجاج بها، وأن هذه المسألة مردها إلى
الأطباء، ولكن تعليمات وزير الصحة كان فيها نوع من التراخى والإعتراف
المستتر والكسوف من الإدانة الكاملة والتجريم الحاسم، ففى التعليمات التى
أرسلها الوزير فى 19 أكتوبر 1994 تظهر ميوعة التعامل مع الختان فى عبارات
مثل "منع إجراء عمليات الختان فى غير الأماكن المجهزة لذلك" وكأنه توجد
أماكن مكيفة مجهزة للختان وأخرى غير مجهزة، كيف ونحن نتكلم عن منع الختان
نقول فى نفس الوقت وبعد سطر واحد أن هناك أماكن مجهزة لذلك، إنه تناقض
لفظى يعبر عن التناقض العقلى الذى يعشش فى أذهان حتى القيادات التى تتصدى
لهذه المسألة من أطباء وشخصيات عامة، وفى عبارة أخرى تقول التعليمات "يقوم
كل مستشفى تعليمى أو مركزى بتحديد يومين أسبوعياً لإجراء عملية ختان
الذكور ويوم آخر لإستقبال الأسر الراغبة فى ختان الإناث وأوصت التعليمات
بالتحاور مع الأسرة ولكن إذا أصرت فلامناص من الختان!!، وكأن من يأتى إلى
المستشفى ويقول أنا عايز أنتحر أو أبتر ساقى نشكل له لجنة إستماع وإقناع
وإن لم يوافق فأمرنا لله نسمع كلامه وننفذ ونقول آمين!، إن هذا التراجع
واللاحسم فى مواجهة مثل تلك المشاكل هى التى تسمح لكل من هب ودب بزرع
التوجس فى عقل ووجدان المجتمع بأن هؤلاء الموظفين يقفون أمام الشرع وبهزة
بسيطة من الممكن أن يتنازلوا عن تصلب رأيهم فى مسألة الختان.
[ ولم تكن نقابة الأطباء أفضل من الوزارة فى هذه المسألة، فقد أصدرت
بياناً فى 25 أكتوبر 1994 يبيح ختان الإناث ولكن بشروط، وقاتل الله كلمة
لكن هذه التى تشبه كلمة لو فى أنها تفتح عمل الشيطان، فكلمة الإباحة فى حد
ذاتها جريمة وموقف رجعى مهما ألصقنا بها من "اللاكنات "!، وكانت الشروط هى
أن العملية بعد البلوغ وتكون جزئية لاكلية، وبموافقة البنت وولى الأمر وأن
تراعى الأصول المهنية والفقهية!! (ملاحظة لوراعينا الأصول المهنية لن تنفذ
العملية من أصله)، والمدهش ماطالبت به النقابة من عدم تجريم الختان
بقانون، وإجراء المزيد من بحوث الختان، ولاحظوا أن هذا البيان كتبه أطباء
يعرفون جيداً أن الختان قتل بحثاً وأضراره ظاهرة للأعمى!، وفى لهجة خطابية
منبرية يقول بيان النقابة " إن الأمة المصرية تنتمى إلى الحضارة العربية
والإسلامية والبعد الإنسانى، وهى ذات قيم ومبادئ ومثل وهوية خاصة مستقلة
يجب أن تفخر بها وتدافع عنها وتبشر بها بين أمم العالم!!، والسؤال هل
الختان أصبح من قيمنا ومبادئنا وهويتنا، وهل الحضارة تحتاج إلى التمسك
بهذه القشور، والتمسح فى العار والإنتهاك والبربرية التى تحدث تحت إسم
الإنتماء الثقافى والدينى.
[ والمدهش أنه بعد كل هذه الضجة والبيانات والتوصيات ظل ختان البنات يجرى
بنفس الحماس وفى نفس المستشفيات مستفيداً بالطبع من كلمة "لكن "، وقد أوضح
بيان المنظمات غير الحكومية الصادر فى مارس 1995 ذلك وفضح بعض الممارسات
ومنها أن مدير إحدى المستشفيات بالغربية كان يحتكر إجراء العملية لنفسه،
وأن الخناقات كانت بين الأطباء المستفيدين من تخصصات الأطفال والجراحة
والنساء!، وبعد تغيير وزير الصحة فى 1996 فوجئ بفضيحة أعنف وإن لم تكن على
الهواء مباشرة فقد ماتت طفلتان أحدهما على يد طبيب، وهنا ظهر أن الأطباء
غير معصومين من الخطأ، وأن المصيبة فى الممارسة نفسها وليست فى من
يمارسها، ولذلك أصدر د.إسماعيل سلام قراره بتاريخ 8/7/1996 بأنه " يحظر
إجراء عمليات الختان للإناث سواء بالمستشفيات أو العيادات العامة أو
الخاصة، ولايسمح بإجرائها إلا فى الحالات المرضية فقط والتى يقرها رئيس
قسم أمراض النساء والولادة وبناء على إقتراح الطبيب المعالج "، وبرغم
الإستثناء فى هذا القرار إلا أنه كان خطوة إلى الأمام، ولكن قوى التزمت
ومن ضمنها طبيب رفعت قضية على الوزير بأن ذلك ليس من حقه وضد الشريعة،
وحكمت لهم المحكمة، ثم فى الإستئناف خسر المتزمتون الجولة الأولى ولكنهم
لم يهدأوا حتى هذه اللحظة فالقضايا مازالت المحاكم تتداولها وكأن هؤلاء
المتزمتين قد جعلوا من هذه الجلدة قضية حياتهم لن تمر إلا على جثثهم!،
وهنا تحضرنى ملاحظة لها دلالة، فالبرلمان المصرى عند مناقشة قانون الطفل
1996 رأى أن المادة 240 من قانون العقوبات تنطبق على عملية تشويه أعضاء
الإناث وتكفى لتحريمها، ولاأعرف لماذا هذا الخوف على النص على تجريم
الختان فى قانون منفصل واضح وصريح وحاسم؟، هل هو مغازلة المشاعر والعواطف
على حساب حقوق الإنسان البديهية؟!، لاأعرف والإجابة ليست عندى بالتأكيد.
[ من أهم الدراسات المصرية التى تناولت ختان البنات من زاوية المسئولية
الجنائية والمدنية دراسة المستشار صلاح محمود عويس والذى كان يشغل منصب
نائب رئيس محكمة النقض، والذى يقول " إن الجهاز التناسلى للأنثى فى شكله
الطبيعى لايعتبر مرضاً، ولايعتبر سبباً مباشراً لإصابتها بمرض معين،
ولايعد سبباً مباشراً لإحساسها بالآم مبرحة أو بسيطة، ومؤدى ذلك أن المساس
بهذا الجهاز الفطرى لايعتبر علاجاً لمرض، أو كشفاً عن داء، أو تخفيفاً
لألم، أو إزالة لألم قائم، فإن هذا الفعل يعتبر خارجاً عن نطاق دائرة
التطبيب التى يقوم عليها حق الطبيب فى علاج المرضى، ويعتبر الطبيب لذلك
مرتكباً جريمة جرح عمدية يعاقب عليها بالمادة 241 أو المادة 242 من قانون
العقوبات، وتتحقق بذلك المسئولية الجنائية والمدنية للطبيب الذى أعتبر
فاعلاً أصلياً لأنه هو الذى إرتكب الفعل المادى للجريمة وتتحقق كذلك
مسئولية الولى أو الوصى بإعتباره شريكاً للطبيب "، ويؤكد د.محمد فياض على
نفس المعنى قائلاً " إن للطب أخلاقاً أبرزها عدم إجراء عملية طبية إلا إذا
كانت لها فائدة صحية وخالية من الضرر الجسمانى، وبالمنطق نفسه فإذا ثبت أن
أية عملية ليست لها فائدة طبية أو تؤدى إلى مخاطر، فإن من الأخلاقيات عدم
إجرائها بل وهذا ماأصر عليه تجريم الطبيب الذى يجريها، ورأيى أن الطبيب
الذى يوافق على إجراء عملية ختان الإناث يتساوى مع الذى يوافق على عمليات
الإجهاض المفتعل، وأن تجريم الثانى يستوجب تجريم الأول ".
ويرد مؤيدو الختان على هؤلاء بأن الختان لايستحق عقوبة قانونية لأنه من
باب التأديب الذى يمارسه ولى الأمر على البنت، ويرفض المستشار صلاح عويس
هذا المنطق بقوله " إن ولاية الولى تتحدد فى أموال له، فهو يتصرف فيها
طبقاً لضوابط معينة، أما بالنسبة لنفس الصغير أو الصغيرة فإن ولايته هى
حقه فى التأديب والتعليم، وحق التأديب طبقاً للشريعة الإسلامية ينحصر فى
توجيهه إلى السلوك القويم والعادات الحسنة، والترغيب بالضرب غير المبرح
للعادات السيئة، فهل من المنطق والعقل يعتبر حرمان الصغيرة من جزء من عضو
فطرى خلقه الله بجسدها من باب التأديب والتهذيب!!...." ودعم المستشار
تساؤله بكيف نطلق عليه تأديباً وأكثر النساء اللاتى يمتهن الدعارة مختنات،
وأيضاً يرفض المستشار إطلاق صفة التجميل على ختان البنات فيقول " عمليات
التجميل التى أصبحت ضمن الجراحات الطبية يقصد بها إصلاح العضو أو تقويمه
أو إزالة زائد فيه، أو بمعنى آخر محاولة إعطاء عضو من أعضاء الجسم أو جزء
منه الشكل الطبيعى الفطرى، وهذه هى الغاية من عملية التجميل، فهل يتفق ذلك
مع عملية الختان، وهى فى كل صورها تعتبر تغييراً للشكل الطبيعى للعضو
التناسلى للأنثى حسب فطرته التى خلقه الله عليها، بالطبع لا، ومن ثم
فلاتكون هذه العملية بمثابة تجميل بل هى فى حقيقتها إنتهاك لجسد الأنثى "،
وقد كتب المحامى الشهير أحمد شنن فى جريدة الأخبار مقالاً أشار فيه إلى
دور وحق النيابة العامة فى تقديم مرتكب هذا الفعل للمحاكمة وإعتبار جريمة
الختان جريمة تلبس والتى تتيح لمأمورى الضبط القضائى القبض على الفاعلين
والشركاء وتقديمهم للنيابة العامة.
[ إن القانون وحده لايستطيع بجرة قلم أن يلغى عادة إجتماعية راسخة ومتجذرة
كالختان، إنه يحتاج إلى جانبه الإستنارة فى التفكير، والحسم فى التنفيذ،
والإقتناع بأن هذه العادة الوحشية لاعلاقة لها بالشرف ولابالعفة، والتأكد
من أن المرأة ليست عدواً ولكنها شريكة حياة ورفيقة درب.
*خالد منتصر
[ أسرع قاتل لقوانيننا هو مبدأ "الفصال" أو الحلول الوسط أو الرغبة فى
إرضاء جميع الأطراف، وأول ضحية لهذا المبدأ هو القوانين التى لها علاقة
بالعادات والتقاليد والأعراف الإجتماعية ومن ضمنها القوانين المتعلقة
بختان البنات، فنحن دائماً عندما نتحدث عن سن قانون للختان نقول فى حواشيه
أنه مسموح للأطباء فقط بأن يجروا عملية الختان، وكأننا نتحدث عن حق
الأطباء فى الفيزيته وليس عن حق البنات فى جسد لاينتهك الختان ممنوع
بواسطة الدايات وحلاقين الصحة والأطباء أيضاً، إننا نتحدث عن مبدأ وعندما
نتحدث عن المبادئ لابد ألانساوم أو نستثنى أو نفاصل أو ننافق.
[ أعترف بأننا لانستطيع منع الختان بمجرد نصوص قانونية، فهذه العادة
البربرية لابد أن تستأصل بمزيد من التثقيف والتنوير والوعى وليس بمزيد من
القوانين والأحكام والتوصيات، ولكننا لانستطيع أن نغفل أن القوانين مهمة
لضبط المسألة، وأن يد القانون تصبح غليظة عندما يريد لها المجتمع أن تكون
غليظة، وتصبح متخاذلة عندما يريد لها المجتمع العكس، وسنحاول إستعراض
المسيرة القانونية الدولية والمصرية ضد ختان البنات حتى نفهم مدى التقدم
فى النضال ضد هذه العادة البغيضة.
[ كان أول نقاش عالمى لهذه القضية فى عصبة الأمم عام 1931 فى مؤتمرها
بجنيف عندما ناقش وضع الأطفال الأفارقة، وتطرق الموضوع إلى ختان الإناث فى
إحدى القبائل الكينية، ولكن المؤتمر رفض الخروج بتوصيات الدول الأوروبية
التى حاولت تجريم هذا الفعل، وبعدها فى 1958 رفضت منظمة الصحة العالمية
تنفيذ الدراسة التى طلبتها الأمم المتحدة لوضع حد لممارسات الختان بدعوى
أنها لاتملك صلاحية دراسة مثل تلك الأمور الثقافية!، وظلت طلبات النساء
الأفريقيات للمنظمة الدولية بتبنى منع الختان خاصة بعد مؤتمر الأمم
المتحدة فى أديس بابا حول مشاركة النساء فى الحياة العامة، حتى تحقق الحلم
وأدين الختان فى 1964 فى مؤتمر توجو، ثم صدر أول رد فعل من منظمة الصحة
العالمية حول الآثار الصحية الضارة للختان فى 30 سبتمبر 1976 والذى أدان
الختان الفرعونى فقط، ثم أتت نقطة التحول فى 1979 حين عقدت المنظمة
مؤتمراً فى الخرطوم لمناقشة الظاهرة بشكل أكثر حسماً ومنهجية، ومنذ ذلك
اليوم ولاتكاد تمر سنة إلا وتصدر المنظمة إدانة وتجريم فى صورة تقارير أو
دراسات أو مناشدات، وكان أهمها الدراسة التى أصدرتها منظمة الصحة العالمية
1998 وكتبتها د.ناهد طوبيا وسوزان عزت والتى سنعود إليها كثيراً فى هذا
الشق من الدراسة حول الرؤية القانونية للختان، ويمكن إختصار موقف الأمم
المتحدة من الختان فى النقاط التالية:
*إدانة ختان الإناث بجميع أنواعه وإعتباره مخالفاً للحق فى سلامة الجسد
والصحة الجسدية والنفسية، وصورة من صور التمييز والعنف ضد النساء.
* رفض إجراء هذه العملية فى الأوساط الطبية.
* المطالبة بوضع قوانين لمنع ختان الإناث ومعاقبة من يمارسه حتى الأطباء.
[ وإذا كان الختان مجرماً طبقاً للقوانين السابقة، فهو مجرم أيضاً طبقاً
لحقوق الإنسان فهو تعدى سافر على الجسم وإهدار للحق فى سلامة الحياة
والجسد وهما من أهم حقوق الإنسان، فالوثيقة العالمية لحقوق الإنسان تقول
فى المادة 3: لكل فرد الحق فى الحياة والحرية وفى الأمان على شخصه، وفى
إتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل المادة 24: الإعتراف بحق الطفل فى
التمتع بأعلى مستوى صحى، وتتخذ الدول الأطراف جميع التدابير الفعالة بغية
إلغاء الممارسات التقليدية التى تضر بصحة الأطفال، وفى الفقرة الخامسة من
القانون الدولى للأخلاق الطبية " يجب حماية كل طفل من علاج أو كشف طبى غير
ضرورى "، ومن الحق فى حماية الجسد إلى الحق فى عدم التعذيب، والختان لاشك
نوع من التعذيب، والحق فى العرض الذى نقسم نحن الأطباء فى البند الثالث
ونقول بإزائه " أن أحفظ للناس كرامتهم، وأستر عورتهم "، والختان هو منتهى
إهدار الكرامة وفضح العورة وإنتهاكها.
[ من الأمم المتحدة ومنظمة الصحة والهيئات غير الحكومية إلى مصر حيث ينطبق
المثل السائد " اللى إيده فى الميه مش زى اللى إيده فى النار "، فنحن فى
مصر أيدينا وأرواحنا فى أتون النار التى تحرق كيان البنات ولذلك كان لابد
أن نلجأ للقوانين كى نطفئ لهيبها المستعر.
صدر أول نص قانونى حول ختان الإناث سنة 1959 تحت مسمى القرار الوزارى رقم
74، وقد وضعته لجنة من الأطباء ورجال الدين من بينهم المفتى حسن مأمون
والشيخ حسنين مخلوف، وقد جاء فى المادة الثانية أن تلك اللجنة قررت مايلى:
• أن يحرم بتاتاً على غير الأطباء القيام بعملية الختان وأن يكون الختان جزئياً لاكلياً لمن أراد.
• منع عملية الختان بوحدات وزارة الصحة لأسباب صحية وإجتماعية ونفسية.
• غير مصرح للدايات المرخصات القيام بأى عمليات جراحية ومنها ختان الإناث.
• الختان بالطريقة التى يجرى بها الآن (1959) له ضرر صحى ونفسى على الإناث
سواء قبل الزواج أو بعده، ونظراً لأن الفقهاء إستناداً إلى بعض الأحاديث
الصحيحة قد إختلفوا فى أن خفاض الإناث واجب أو سنة ومنهم من ذهب إلى أنه
مكرمة إلا أنهم قد إتفقوا جميعاً على أن شعائر الإسلام والشريعة تنهى عن
الإستئصال الكلى.
وعندى تعليق شخصى بسيط على ماسبق وهو أن اللجنة برغم إستنارتها إلا أنها
كانت تعانى من الجبن ونفاق المجتمع ومسك العصا من المنتصف ومحاولة حل
المعضلة بأسلوب عقيم وهو " نشيل حتة بس علشان مانزعلش حد "!!، ولم يناقشوا
الأمر على أنه إنتهاك حتى ولو ملليمتر واحد، فالمسألة ليست مسألة مقاييس
ولكنها مسألة مبادئ لايمكن المقايضة عليها وأى مواربة لنافذة المساومة
سيفتح الطريق والمنافذ لإجتياح هواء الأفكار المتخلفة التى لاتلبث أن
تتحول إلى رياح عاتية.
[ كان يوم 7 سبتمبر 1994 يوماً فاصلاً فى تاريخ مناقشة الختان، فقد عرضت
السى إن إن فيلماً يصور ختان طفلة تدعى نجلاء على يد حلاق صحة فى مدينة
القاهرة، وكانت الظروف حينذاك قابلة للإشتعال فقد كان مؤتمر السكان
العالمى مجتمعاً، ووزير الصحة كان قد أدلى بتصريح من عينة كله تمام
والأمور مستتبة وأن الختان نادر فى مصر، وجاء هذا الفيلم ليفضح الجميع
ويؤكد على أن هذه الهمجية مازال لها أنصار ومؤيدون، ولأن الفضيحة عالمية
كان لابد أن تنعقد اللجان وتنبثق كعادتنا فى مواجهة الأمور بعد إستفحالها،
وضمت اللجنة 22 عضواً منهم الوزير على عبد الفتاح والشيخ سيد طنطاوى مفتى
الجمهورية حينذاك، وصدر البيان بعدها بشهر ويومين فى 9 أكتوبر وكان أول
بند فيه ينص على أن ختان الإناث عادة قديمة ومتوارثة ولايوجد نص فى القرآن
الكريم أو الحديث بشأنها، وأن حديث ختان الإناث روى من أوجه كثيرة كلها
ضعيفة ومعلولة ومخدوشة لايصح الإحتجاج بها، وأن هذه المسألة مردها إلى
الأطباء، ولكن تعليمات وزير الصحة كان فيها نوع من التراخى والإعتراف
المستتر والكسوف من الإدانة الكاملة والتجريم الحاسم، ففى التعليمات التى
أرسلها الوزير فى 19 أكتوبر 1994 تظهر ميوعة التعامل مع الختان فى عبارات
مثل "منع إجراء عمليات الختان فى غير الأماكن المجهزة لذلك" وكأنه توجد
أماكن مكيفة مجهزة للختان وأخرى غير مجهزة، كيف ونحن نتكلم عن منع الختان
نقول فى نفس الوقت وبعد سطر واحد أن هناك أماكن مجهزة لذلك، إنه تناقض
لفظى يعبر عن التناقض العقلى الذى يعشش فى أذهان حتى القيادات التى تتصدى
لهذه المسألة من أطباء وشخصيات عامة، وفى عبارة أخرى تقول التعليمات "يقوم
كل مستشفى تعليمى أو مركزى بتحديد يومين أسبوعياً لإجراء عملية ختان
الذكور ويوم آخر لإستقبال الأسر الراغبة فى ختان الإناث وأوصت التعليمات
بالتحاور مع الأسرة ولكن إذا أصرت فلامناص من الختان!!، وكأن من يأتى إلى
المستشفى ويقول أنا عايز أنتحر أو أبتر ساقى نشكل له لجنة إستماع وإقناع
وإن لم يوافق فأمرنا لله نسمع كلامه وننفذ ونقول آمين!، إن هذا التراجع
واللاحسم فى مواجهة مثل تلك المشاكل هى التى تسمح لكل من هب ودب بزرع
التوجس فى عقل ووجدان المجتمع بأن هؤلاء الموظفين يقفون أمام الشرع وبهزة
بسيطة من الممكن أن يتنازلوا عن تصلب رأيهم فى مسألة الختان.
[ ولم تكن نقابة الأطباء أفضل من الوزارة فى هذه المسألة، فقد أصدرت
بياناً فى 25 أكتوبر 1994 يبيح ختان الإناث ولكن بشروط، وقاتل الله كلمة
لكن هذه التى تشبه كلمة لو فى أنها تفتح عمل الشيطان، فكلمة الإباحة فى حد
ذاتها جريمة وموقف رجعى مهما ألصقنا بها من "اللاكنات "!، وكانت الشروط هى
أن العملية بعد البلوغ وتكون جزئية لاكلية، وبموافقة البنت وولى الأمر وأن
تراعى الأصول المهنية والفقهية!! (ملاحظة لوراعينا الأصول المهنية لن تنفذ
العملية من أصله)، والمدهش ماطالبت به النقابة من عدم تجريم الختان
بقانون، وإجراء المزيد من بحوث الختان، ولاحظوا أن هذا البيان كتبه أطباء
يعرفون جيداً أن الختان قتل بحثاً وأضراره ظاهرة للأعمى!، وفى لهجة خطابية
منبرية يقول بيان النقابة " إن الأمة المصرية تنتمى إلى الحضارة العربية
والإسلامية والبعد الإنسانى، وهى ذات قيم ومبادئ ومثل وهوية خاصة مستقلة
يجب أن تفخر بها وتدافع عنها وتبشر بها بين أمم العالم!!، والسؤال هل
الختان أصبح من قيمنا ومبادئنا وهويتنا، وهل الحضارة تحتاج إلى التمسك
بهذه القشور، والتمسح فى العار والإنتهاك والبربرية التى تحدث تحت إسم
الإنتماء الثقافى والدينى.
[ والمدهش أنه بعد كل هذه الضجة والبيانات والتوصيات ظل ختان البنات يجرى
بنفس الحماس وفى نفس المستشفيات مستفيداً بالطبع من كلمة "لكن "، وقد أوضح
بيان المنظمات غير الحكومية الصادر فى مارس 1995 ذلك وفضح بعض الممارسات
ومنها أن مدير إحدى المستشفيات بالغربية كان يحتكر إجراء العملية لنفسه،
وأن الخناقات كانت بين الأطباء المستفيدين من تخصصات الأطفال والجراحة
والنساء!، وبعد تغيير وزير الصحة فى 1996 فوجئ بفضيحة أعنف وإن لم تكن على
الهواء مباشرة فقد ماتت طفلتان أحدهما على يد طبيب، وهنا ظهر أن الأطباء
غير معصومين من الخطأ، وأن المصيبة فى الممارسة نفسها وليست فى من
يمارسها، ولذلك أصدر د.إسماعيل سلام قراره بتاريخ 8/7/1996 بأنه " يحظر
إجراء عمليات الختان للإناث سواء بالمستشفيات أو العيادات العامة أو
الخاصة، ولايسمح بإجرائها إلا فى الحالات المرضية فقط والتى يقرها رئيس
قسم أمراض النساء والولادة وبناء على إقتراح الطبيب المعالج "، وبرغم
الإستثناء فى هذا القرار إلا أنه كان خطوة إلى الأمام، ولكن قوى التزمت
ومن ضمنها طبيب رفعت قضية على الوزير بأن ذلك ليس من حقه وضد الشريعة،
وحكمت لهم المحكمة، ثم فى الإستئناف خسر المتزمتون الجولة الأولى ولكنهم
لم يهدأوا حتى هذه اللحظة فالقضايا مازالت المحاكم تتداولها وكأن هؤلاء
المتزمتين قد جعلوا من هذه الجلدة قضية حياتهم لن تمر إلا على جثثهم!،
وهنا تحضرنى ملاحظة لها دلالة، فالبرلمان المصرى عند مناقشة قانون الطفل
1996 رأى أن المادة 240 من قانون العقوبات تنطبق على عملية تشويه أعضاء
الإناث وتكفى لتحريمها، ولاأعرف لماذا هذا الخوف على النص على تجريم
الختان فى قانون منفصل واضح وصريح وحاسم؟، هل هو مغازلة المشاعر والعواطف
على حساب حقوق الإنسان البديهية؟!، لاأعرف والإجابة ليست عندى بالتأكيد.
[ من أهم الدراسات المصرية التى تناولت ختان البنات من زاوية المسئولية
الجنائية والمدنية دراسة المستشار صلاح محمود عويس والذى كان يشغل منصب
نائب رئيس محكمة النقض، والذى يقول " إن الجهاز التناسلى للأنثى فى شكله
الطبيعى لايعتبر مرضاً، ولايعتبر سبباً مباشراً لإصابتها بمرض معين،
ولايعد سبباً مباشراً لإحساسها بالآم مبرحة أو بسيطة، ومؤدى ذلك أن المساس
بهذا الجهاز الفطرى لايعتبر علاجاً لمرض، أو كشفاً عن داء، أو تخفيفاً
لألم، أو إزالة لألم قائم، فإن هذا الفعل يعتبر خارجاً عن نطاق دائرة
التطبيب التى يقوم عليها حق الطبيب فى علاج المرضى، ويعتبر الطبيب لذلك
مرتكباً جريمة جرح عمدية يعاقب عليها بالمادة 241 أو المادة 242 من قانون
العقوبات، وتتحقق بذلك المسئولية الجنائية والمدنية للطبيب الذى أعتبر
فاعلاً أصلياً لأنه هو الذى إرتكب الفعل المادى للجريمة وتتحقق كذلك
مسئولية الولى أو الوصى بإعتباره شريكاً للطبيب "، ويؤكد د.محمد فياض على
نفس المعنى قائلاً " إن للطب أخلاقاً أبرزها عدم إجراء عملية طبية إلا إذا
كانت لها فائدة صحية وخالية من الضرر الجسمانى، وبالمنطق نفسه فإذا ثبت أن
أية عملية ليست لها فائدة طبية أو تؤدى إلى مخاطر، فإن من الأخلاقيات عدم
إجرائها بل وهذا ماأصر عليه تجريم الطبيب الذى يجريها، ورأيى أن الطبيب
الذى يوافق على إجراء عملية ختان الإناث يتساوى مع الذى يوافق على عمليات
الإجهاض المفتعل، وأن تجريم الثانى يستوجب تجريم الأول ".
ويرد مؤيدو الختان على هؤلاء بأن الختان لايستحق عقوبة قانونية لأنه من
باب التأديب الذى يمارسه ولى الأمر على البنت، ويرفض المستشار صلاح عويس
هذا المنطق بقوله " إن ولاية الولى تتحدد فى أموال له، فهو يتصرف فيها
طبقاً لضوابط معينة، أما بالنسبة لنفس الصغير أو الصغيرة فإن ولايته هى
حقه فى التأديب والتعليم، وحق التأديب طبقاً للشريعة الإسلامية ينحصر فى
توجيهه إلى السلوك القويم والعادات الحسنة، والترغيب بالضرب غير المبرح
للعادات السيئة، فهل من المنطق والعقل يعتبر حرمان الصغيرة من جزء من عضو
فطرى خلقه الله بجسدها من باب التأديب والتهذيب!!...." ودعم المستشار
تساؤله بكيف نطلق عليه تأديباً وأكثر النساء اللاتى يمتهن الدعارة مختنات،
وأيضاً يرفض المستشار إطلاق صفة التجميل على ختان البنات فيقول " عمليات
التجميل التى أصبحت ضمن الجراحات الطبية يقصد بها إصلاح العضو أو تقويمه
أو إزالة زائد فيه، أو بمعنى آخر محاولة إعطاء عضو من أعضاء الجسم أو جزء
منه الشكل الطبيعى الفطرى، وهذه هى الغاية من عملية التجميل، فهل يتفق ذلك
مع عملية الختان، وهى فى كل صورها تعتبر تغييراً للشكل الطبيعى للعضو
التناسلى للأنثى حسب فطرته التى خلقه الله عليها، بالطبع لا، ومن ثم
فلاتكون هذه العملية بمثابة تجميل بل هى فى حقيقتها إنتهاك لجسد الأنثى "،
وقد كتب المحامى الشهير أحمد شنن فى جريدة الأخبار مقالاً أشار فيه إلى
دور وحق النيابة العامة فى تقديم مرتكب هذا الفعل للمحاكمة وإعتبار جريمة
الختان جريمة تلبس والتى تتيح لمأمورى الضبط القضائى القبض على الفاعلين
والشركاء وتقديمهم للنيابة العامة.
[ إن القانون وحده لايستطيع بجرة قلم أن يلغى عادة إجتماعية راسخة ومتجذرة
كالختان، إنه يحتاج إلى جانبه الإستنارة فى التفكير، والحسم فى التنفيذ،
والإقتناع بأن هذه العادة الوحشية لاعلاقة لها بالشرف ولابالعفة، والتأكد
من أن المرأة ليست عدواً ولكنها شريكة حياة ورفيقة درب.