محكمة النقض
الدائرة الجنائية
مذكرة بأسباب الطعن بالنقض
مقدمه من / ومحله المختار مكتب الأستاذ / حمدي أحمد محمد خليفة المحامي بالنقض الكائن عمارة برج الجيزة القبلي - بالجيزة
(طاعن)
ضــد
النيابة العامة سلطة اتهام
وذلك طعنا علي الحكم
الصادر من محكمة جنايات الجيزة في القضية رقم لسنة جنايات العمرانية والمقيدة برقم لسنة كلي جنوب الجيزة والصادر بجلسة / / والقاضي في منطوقه
حكمت المحكمة حضوريا
بمعاقبة الطاعن بالسجن المؤبد وبتغريمه مبلغ مائه ألف جنيه لما أسند إليه .. مع مصادرة المضبوطات وبإلزامه المصاريف الجنائية .
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المتهم - الطاعن – لأنه في يوم 10/1/2010 بدائرة قسم العمرانية
أحرز بقصد الاتجار جوهرا مخدرا الهيروين في غير الأحوال المصرح بها قانونا
وعليه .. طالبت النيابة العامة .. معاقبته بالمواد 1 ، 2 ، 7/1 ، 34/1 بند أ ، 2 بند 6 ، 42/1 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1997 ، 122 لسنة 1989 والبند رقم 2 من القسم الأول من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة 1997 .
وإيذاء ذلك .. قدم الطاعن للمحاكمة وبجلسة 17/5/2010 .
صدر الحكم
بمعاقبته بالسجن المؤبد وتغريمه مائه ألف جنيه ومصادرة المضبوطات .
ولما كان
هذا الحكم قد أخل بحقوق الدفاع وقصر في أسبابه .. وأفسد في استدلاله .. مما حدا نحو الطعن عليه من الطاعن بالتقرير بذلك من محبسه بتاريخ / /2010 وقيد طعنه برقم لسنة قضائية مستندا في ذلك كله للأسباب التالية
أسباب الطعن
السبب الأول : فساد عاب الاستدلال والإسناد والقصور في البيان لاستناد محكمة الموضوع علي أقوال شاهد الإثبات والأخذ بها علي نحو يخالف الأصل المتبع في المحاكمات الجنائية
بداية ...
لعلها
سابقة أولي فريدة وخطيرة في تاريخ القضاء الجنائي قاطبة ألا وهي أن تنحصر أدلة الثبوت والاتهام وتتمخض في شهادة شاهد إثبات وحيد دون غيره ثم يأتي هذا الشاهد أمام المحكمة وهي الجهة الوحيدة التي يعول أمامها بمفهوم الشهادة بمعناها القانوني ليقرر بأنه لا يتذكر عن واقعة القبض شيئا ولا عن ملابساتها ولا ظروفها ولا عن كيفية ضبط المخدر ولا عن الزمان والمكان الذي وقع القبض والتفتيش والضبط فيه بما ينهار معه قوام القضية وسندها وعامودها الفقري بإهدار كافة مقوماتها ويتعين والحال كذلك طبقا لقاعدة أصولية بديهية أن الشك يفسر لصالح المتهم نجد الحكم علي النقيض يفسره بأشد درجات التعسف في إجراءات المحاكمة ضد المتهم ، بل أن ما قرره شاهد الإثبات أمام المحكمة لا يندرج تحت مقام الشك في إسناد الاتهام فحسب بل هو يقيم ينصب علي إعدام هذا الدليل وطرحه جانبا فإذا كانت القضية تدور وجودا وعدما حول شهادة هذا الشاهد فماذا يكون قد تبقي منها أمام القضاء بعد سقوطها ، وإذا كانت الأدلة في المواد الجنائية متساندة يعاضد بعضها بعضا فأين أثر ذلك السقوط المدوي للدليل الوحيد فيها أن صح التعبير وصح وصفه مجازا بالدليل وقد جاءت قائمة الثبوت خلوا من ثمة دليل أخر يواكبه .
حيث أن الثابت والمتبع في المحاكمات الجنائية كأصل عام لا يمكن الخروج عليه هو أن الدليل الجنائي ليصح أن يكون عكيزة القاضي وسبيله في تكوين عقيدته واطمئنان وجدانه إليه يتعين أن يكون قاطعا في دلالته ولا يخالطه الشك والتخمين في مدي صحته وقيامه بأوراق الاتهام المطروحة علي بساط البحث لما في هذا الدليل من مساس بحريات المواطنين تلك الحرية التي صانها الدستور وحرم التعرض لها إلا بدليل تتوافر له مقومات الصحة حتى يكون القضاء الصادر اعتكازا عليه يدعوا الجميع نحو الاطمئنان إلي عكيزته والي عدالة إصداره دون أن تشوبه ثمة شائبة يثور معها الشك في الأذهان نحو اختلال العدالة إذا ما أدين شخص بموجبه دون أن يتوافر معه مقومات الصحة علي نحو واضح جلي أمام الكافة وأن استناد المحكمة عليه لها أسبابها المقنعة في الإسناد وليس مجرد عبارات عامة لها معني مستتر في نفس المحكمة علي نحو لا يقتنع به مطالع قضائها ويكون استدلالها به واستنادها عليه ما هو إلا فساد عاب ذلك القضاء وأبطله وأسبابها حيال أخذها بهذا الدليل عابها القصور في البيان .
وهو ذاته
ما اتبعته محكمة الموضوع في أخذها بأقوال شاهد الإثبات الواردة بتحقيقات النيابة العامة لإدانة الطاعن عن الجرم موضوع الاتهام علي سند من كون هذه الشهادة هي الدليل الوحيد في الدعوى .. إذا ما صح قيامه ومسلك محكمة الموضوع نحوه .. صحة إدانة الطاعن .. أما إذا بطل سنده ثار حوله الشك والريبة في صحته انهار الاتهام برمته .
هذا
لكون الشهادة هي واقعة ذات أهمية قانونية في دلالتها وتستمد أهميتها فيما تدل عليه بوقوع الجريمة ونسبتها إلي فاعلها.. حيث أن الشهادة تكمن فيما تؤدي له الحقيقة وفقا لتصويرها في عباراتها والتي يتعين حتى تنتج أثرها أن يكون الوصول إليها والتواصل معها تم باستنتاج سائغ يتلائم مع الأصل المتبع في المحاكمات الجنائية حتى يصح قيام الشهادة كدليل يتساير مع القضاء بإدانة المتهم .
( د/ محمود نجيب حسني – الإثبات الجنائي ص 442 )
وحيث كان ذلك
فالشهادة التي نحن بصددها كدليل في الاتهام الموجه للطاعن تعد واقعتها الأولي والفريدة من نوعها بأن تكون هي الدليل الوحيد بالأوراق .. فإذا ما صحت صح الاتهام وإذا ما اختل دلالتها بثمة شك يثور حيالها .. انهار الاتهام برمته .. وهذا عملا بما هو متبع فيما إذا كان الدليل خالطه الشك والريبة في قيامه بإسناد الاتهام لا يصح الاعتكاز عليه وتلك هي القاعدة العامة في المحاكمات الجنائية .
إلا أن مسلك محكمة الموضوع
من أقوال ضابط الواقعة والأخذ بما أدلي به منها في تحقيقات النيابة العامة .. دون الأخذ في الاعتبار ما أورده في أقواله بالتحقيق الذي أجرته محكمة الموضوع حال نظر الاتهام .. يعد إهدارا لدليل جنائي قوامه براءة الطاعن مما نسب إليه من اتهام ودلالته هي عدم صحة ما سبق أن قرر به ذات الشاهد من أقوال أوردها بتحقيقات النيابة العامة وهذا لكون الشهادة المدلي بها أمام محكمة الموضوع هي أصل الدليل المتعين تمحيصه وأقساطه حقه لما فيه من تحقيق تجريه في مواجهة المتهم ومدافعه بلوغا إلي غاية الأمر فيه ولا يجوز للمحكمة الإمساك عن تحقيقه حتى ولو لم يطالب به المتهم أو مدافعه .
حيث استقرت احكام محكمه النقض على ان
اذا كان الدفاع قد قصد به تكذيب شاهد الاثبات ومن شانه لوصح ان يتغير به وجه الراي فى الدعوي كان لزاما على المحكمه ان تمحصه وتقسطه حقه بتحقيق تجريه بلوغا الى غايه الامر فيه اوترد عليه بما يدحضه اذ هي رات طرحه اما وقد امسكت عن تحقيقه وكان ما اوردته ردا عليه بقاله الاطمئنان الى اقوال الشاهد غير سائغ لما ينطوي من مصادره الدفاع قبل
ان ينحسم امره فان حكمها يكون معيبا .
( نقض 10/5/1990 س 41 - 124 - 714 )
وكذا
بانه لما كان الدفاع الذى ابداه الطاعن يتجه الى نفي الفعل المكون للجريمه والى استحاله
حصول الواقعه لما رواها شهود الاثبات فانه يكون دفاعا جوهريا لتعلقه بتحقيق الدليل فى الدعوي لاظهار وجه الحق فيها مما كان يقتضى من المحكمه وهي تواجهه ان تتخذ من الوسائل لتحقيقه وتمحيصه بلوغا لغايه الامر فيه .
( نقض 11 سبتمبر سنه 88 طعن 2156 لسنه 58 ق )
وقضى ايضا
لايشترط فى طلب التحقيق الذى تلتزم به المحكمه ويتعين عليها اجابته ان يكون مصاغا فى عبارات والفاظ معينه يل يكفى ان يكون مفهوما دلاله وضمنا مادام هذا الفهم واضحا دون لبس اوغموض كما هو الحال فى منازعه الطاعن ودفاعه السالف الذكر هذا الى ماهو مقرر بان تحقيق الادله فى المواد الجنائية هو واجب المحكمه فى المقام الاول ولايجوز بحال ان يكون رهن بمشيئه الطاعن اوالمدافع عنه .
( نقض 9/10/1986 س 38 - 138 - 1728 طعن رقم 2825 لسنه 56 ق )
وكذا
لايقدح فى واجب المحكمه فى القيام بالتحقيق الواجب عليها ان يكون الدفاع قد طلبه وقالت ان الدفاع الذى قصد منه تكذيب اقوال الشاهد لايجوز الاعراض عنه بقاله الاطمئنان الى ماشهد به الشاهد المذكور لما يمثله هذا الرد من مصادره الدفاع قبل ان ينحسم امر تحقيق تجريه المحكمه ولايقدح فى هذا ان يكون الدفاع امسك عن طلب اجراء هذا التحقيق مادام ان دفاعه ينطوي على المطالبه باجراءه .
( نقض 30/12/81 س 32 - 219 - 1220 )
وليس ذلك فحسب
بل أن محكمة النقض وتقديرا منها لأهمية الشهادة كدليل في الأوراق فقد أوجبت علي المحكمة الجنائية سماعها وتقدير ما يتلي عليها من أقوال وجعل من ذلك الإجراء أصلا من الأصول المتعين إتباعها في المحاكمات الجنائية وجعلها تبني أساسا علي التحقيق الذي تجريه محكمة الموضوع حتى تتحسس الصدق والكذب في هذه الأقوال وتعمد الشاهد التهرب من الإدلاء بها حتى لا ينكشف أمره وتفتضح سريرته ويتأكد اختلاقه للأقوال التي أدلي بها في تحقيقات النيابة العامة .
حيث أستقر قضاء النقض علي أنه
الاصل فى المحاكمات الجنائيه انها انما تبني على التحقيقات التى تجريها المحكمه فى الجلسه وتسمع من خلالها الشهود مادام سماعهم ممكنا وذلك فى مواجهه الخصوم وعليها ان تعاون الدفاع فى اداء ماموريته وان تامر بالبحث عن الشاهد واحضاره ولو بالقوه لاداء الشهاده مادام قد لجأ اليها فى ذلك ونسب الى الشاهد تعمد تهربه اوتهريبه حتى يدلى بشهادته فى مجلس القضاء مادامت المحكمه قد بنت احقيه الدفاع فى تمسكه بوجوب مناقشته .
( نقض 12/12/1985 س 36 رقم 204 طعن 1916 لسنه 50 ق )
وقضى ايضا تاكيدا لارساء ذلك المبدا الهام
ان على المحكمه ان تعاون الدفاع فى اداء ماموريته وان تامر بالبحث عن الشاهد واحضاره ولو بالقوه لاداء الشهاده مادام الدفاع قد لجأ اليها
( نقض 28/3/38 مجموعه القواعد القانونيه مجموعه عمر ج 2 - 186-176)
وكذا
الاصل فى الاحكام الجنائية ان تبني على التحقيق الشفوي الذى تجريه المحكمه بالجلسه وتسمع فيه مواجهه الطاعن شهادات الشهود مادام سماعهم ممكنا .
( نقض 11/11/82 س 3 ق - 179 - 170 )
( نقض 30/1/78 س 29 - 21 - 120 )
( نقض 26/3/73 س 24 - 86 - 412 )
كما قضي
الاصل فى المحاكمات الجنائية انها انما تبني على التحقيقات التى تجريها المحكمه فى الجلسه العلنيه وتسمع من خلالها الشهود مادام سماعهم ممكنا وذلك فى مواجهه الخصوم وعليها ان تعاون الدفاع فى اداء ماموريته وان تامر بالبحث عن الشاهد واحضاره ولو بالقوه لاداء الشهاده مادام قد لجأ اليها فى ذلك ونسب الى الشاهد تعمد تهربه اوتهريبه حتى لايدلى بشهادته فى مجلس القضاء 00 ومادامت المحكمه قد بنت احقيه الدفاع فى تمسكه بوجوب مناقشته .
( نقض 12/5/1985 س 36 رقم 204 طعن رقم 1916 لسنه 50 ق )
إلا أنه ورغما عن ذلك
فقد ضربت محكمة الموضوع بكل الاعتبارات عرض الحائط وخالفت الأصل المتبع في الأحكام الجنائية ومن كونها تبني علي التحقيق الشفوي في جلستها وما يسفر عنه هذا التحقيق .
وتمثل ذلك .. صراحة
في القالة التي اعتصم بها ضابط الواقعة إجابة منه علي كافة ما توجه له من أسئلة أطرحتها عليه محكمة الموضوع تارة ودفاع الطاعن تارة أخري وهذا بعدم تذكره شيئا عن واقعة الاتهام أو ثمة حدث من أحداثها .. خاصة ما حملته تلك الواقعة من تصور أخر أقرب إلي الصحة قرر به الطاعن وأكده شاهدي النفي اللذان أدليا بأقوالهما أمام محكمة الموضوع .
وذلك
لإقرار الشاهد الأول أمام محكمة الموضوع بالأتي :
عدم تذكره ثمة معلومات عن واقعة الاتهام .
عدم تذكره متي وأين تقابل مع مصدره السري الذي أرشده عن الطاعن .
عدم تذكره إذا ما كان قام بالإلقاء القبض علي الطاعن ظهرا كيفما قرر بالتحقيقات أم فجرا كيفما قرر الطاعن بالتحقيقات .
عدم تذكره إذا ما قام بالإلقاء القبض علي الطاعن بمفرده أم بصحبته قوة مرافقة .
عدم تذكره مكان القبض إذا ما كان شارع العريش كيفما قرر بالتحقيقات أم بجوار كازينوا الليل بشارع الهرم كيفما قرر الطاعن .
عدم تذكره إذا ما كانت المادة المخدرة ضبطت بجوزة الطاعن أم في السيارة قيادته .
مما يؤكد
عدم صدق أقواله المدلي بها في تحقيقات النيابة العامة ومن كونها انطوت علي صورة خالفت حقيقة الاتهام .
وهو ما كان يتعين
علي محكمة الموضوع الأخذ به عملا بالأصل المتبع في المحاكمات ومن كون الشهادة تستمد قوتها كدليل جنائي من الإدلاء بها أمام محكمة الموضوع .. إلا أنها أطرحت ذلك .. وخلا حكمها الطعين من إيراد ما قرر به الشاهد أمام الهيئة التي أصدرته .. وأخذت دونما مبرر بأقوال ضابط الواقعة المدلي بها في تحقيقات النيابة العامة .. وكأن شيئا لم يكن وكأنه أقر بذات الأقوال أمام الهيئة . وهو الأمر الكافي لدخول الشك حيال هذه الشهادة علي نحو تنهار معه دلالتها فينهار الاتهام برمته لكون هذه الشهادة هي الدليل الوحيد بأوراق الاتهام فيتعين قيامه علي نحو صحيح قاطع في دلالته لا تشوبه ثمة شائبة .
وليس ذلك فحسب