الفكر القانونى فى القرآن الكريم
أولاً – الحقوق المدنية ووسائل اثباتها / والحقوق المدنية مصطلح أهل القانون ، ولدى
الفقهاء المسلمين يُطلقون مصطلح [ المعاملات ] ، وأن كانت هذه اللفظة مصطلحاً عاماً يشمل
.. تعامل الأفراد ، وتعامل الدول مع بعضها .
وفي التقسيمات القانونية .. يتكلمون عن : عن مصادر الالتزام ، وانقضاء الالتزام ، وتوثيق
الحقوق ، ووسائل الوصول إليها .
على أنَّهم يتكلمون عن [ نظرية العقد ] باعتبار التعاقد أهم مصدر من مصادر الالتزام .
فمما ورد قي القرآن الكريم في هذا ..
1. جواز العقود ... ووجوب الوفاء : والعقد هو المصدر الأول من مصادر الالتزام لدى القانونيين ، وهو مأخوذٌ به من أوسع الأبواب في القرآن الكريم .
فمما ورد في القرآن الكريم في شأن الوفاء بالعقود ..
· قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ .... }[1] .
· وما ذكرناه من آيات الوفاء بالعهود والمواثيق ، وهي لا شكَّ من العقود[2] .
2. ومن وسائل حفظ الحقوق الميسِّرة للإثبات .. التـوثيق بالكتابة ، والرهن الحيازي ، والشهادة :
· يقول تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ وَلاَ تَسْأَمُوْاْ أَن تَكْتُبُوْهُ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللّهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُواْ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ 282 وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ 283 }[3] .
3. الرهن الحيازي ، وكذلك التأميني استنباطاً : ما ورد في الآية السابقة من البقرة ... ولعل تفصيل ذلك ليس هذا موضعه .
4. نظام الكتاب العدول ، ونظام الشهر العقاري : وهما نظامان للتوثيق ، والأول متَّبعٌ في : العراق ، والأردن ، وسوريا .. ودول أخرى . والثاني متَّبعٌ في : مصر .
ودليل كون الأول مأخوذ من القرآن الكريم بلفظه وفكرته .. هو ما ورد في الآية 282 السابقة من البقرة . وهذا الدليل لا يتعارض مع النظام الثاني إلاّ
في الإسم فقط دون الحقيقة .
7. الكفالة : وهي ضم ذمةٍ إلى ذمةٍ لأجل الوفاء .. وهي ضم ذمة الكفيل إلى ذمة المكفول في المطالبة عند الاستحقاق ، وهذه وسيلة من وسائل ضمان تنفيذ الالتزامات .
فمما ورد في القرآن الكريم في ذلك ..
· يقول تعالى : { قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ 64 وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُواْ يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَـذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ 65 قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ اللّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ }[4]
· قوله تعالى :{ .. وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ }[5] .
وأنا به زعيم .. أي : كفيل . وهذا من شرع مَن قبلنا ذُكر في قرآننا ، ولم يرد ما ينسخه
بل يؤيده تطبيق الكفالة من غير نكير من لدن الصدر الأول إلى يومنا هذا .. وذلك إجماعٌ
على الجواز ، فضلاً عن أدلةٍ أخرى من السنة النبوية المطهَّرة .
6. الإلتزام بالإرادة المنفردة : ومعلومٌ أنَّ مصادر الإلتزام عند القانونيين خمسةٌ : العقد ، والإرادة
المنفردة ، والمسؤولية التقصيرية [ العمل الضار ] ، والإثراء بدون سبب ، والقانون[6] .
فالعقد قد مرَّ بيانه كمصدرٍ للإلتزام[7] .
أما الالتزام بالإرادة المنفردة .. فهو : أن يتعهـد إنسان لآخرين بأداء عملٍ أو مالٍ من غير
مقابل مادي ، بل غالباً ما يكون المقابل معنوياً .
فمما ورد في القرآن الكريم في اعتبار هذا النوع من الإلتزام ..
· قوله تعالى : { .. وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ }[8] .
· وقوله تعالى :{ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ }[9] .. فالنَذْر هو : التزام بالإرادة المنفردة لمصلحة الفقير .
8. الفعل الضار – كمصدر من مصادر الإلتزام - : ويشـترطون وجود فعل ، وينجم عنه ضررٌ ، وعلاقة سببية بينهما .. فذلك يوجبون فيه [ التعويض ] ، وهو ما يسمى عند الفقهاء المسلمين [ الضمان ] .
فمما ورد في القرآن الكريم ..
· قوله تعالى : { ... وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }[10] .
9. الإثراء بلا سبب – كمصدر من مصادر الإلتزام - : فإذا ما أثرى إنسانٌ ، على حساب افتقار ذمة آخر ، وكانت هناك علاقة بين الأمرين .. فينشأ بهذا التزام بذمة للمثري على حساب غيره برده إلى من افتقرت ذمته لهذا السبب .
فمما ورد في القرآن الكريم ..
· قوله تعالى : { ... وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }[11].
· وقوله تعالى : { وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً }[12] .
9. القانون – كمصدر من مصادر الإلتزام - : وهو ما يوجبه القانون مباشرة من غير ما ذكرنا من
أسباب ، وهذا كثير .
فمما ورد في القرآن الكريم – وهو كثير جداً - ..
· قوله تعالى : { وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَـإِنَّ اللّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ }[13] .
· ومنها آيات دفع الزكاة ، ونفقة الأقارب والزوجة .. الخ ، كما في قوله تعالى :
{ لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ }[14] .
10.الاعفاء من الالتزام عند الضرورة : فحالة الضرورة من أسباب : تخفيف الالتزام ، أو
الاعفاء منه في الفكر القانوني .
فمما ورد في القرآن الكريم ...
· قوله تعالى : {... إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ ... }[15] .
وهذا قد ورد في سياق قصة أبناء يعقوب مع أبيهم ، ورأينا – في الفقرة السابقة - أنَّه طلب توثيق التزامهم ، ومن ثم آتوه موثقهم ، لكنه جعل : [ الإحاطة بهم ] .. وهي عدم القدرة على التنفيذ سبباً مبرراً للإعفاء مما التزموا به أمامه .
11. الوكالة : وهي إنابة الشخص لعيره ليقوم مقامه بتصرفٍ من التصرفات .
فمما ورد في القرآن الكريم في هذا ..
· قوله تعالى : {.... فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا }[16] .
فأصحاب الكهف قد خوَّلوا واحداً منهم ليقوم بالذهاب بنقودهم الفضيَّة [ الوَرِق ] إلى السوق ، ويأتيهم بطعامٍ نيابةً عنهم جميعاً ... وهل هذا هو غير الوكالة ؟ ! .
ويرد هنا من الكلام عن [ شرع من قبلنا إذا ذُكر في قرآننا ] مما ألمعنا إليه آنفاً .
12.المهايأة : وهي قسمة المنافع ، مع بقاء العين على الشيوع .
فمما ورد في القرآن الكريم في هذا ..
· قوله تعالى : { قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ }[17] .
13.الشركة : ومنها شركة الأعيان .
فمما ورد في القرآن الكريم في هذا ..
· قوله تعالى : { أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا }[18] .
· وقوله تعالى : { قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ...... }[19].
14.الإجارة : وهي بيع المنافع .
فمما ورد في القرآن الكريم في هذا ..
· قوله تعالى : { فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا }[20] .
أولاً – الحقوق المدنية ووسائل اثباتها / والحقوق المدنية مصطلح أهل القانون ، ولدى
الفقهاء المسلمين يُطلقون مصطلح [ المعاملات ] ، وأن كانت هذه اللفظة مصطلحاً عاماً يشمل
.. تعامل الأفراد ، وتعامل الدول مع بعضها .
وفي التقسيمات القانونية .. يتكلمون عن : عن مصادر الالتزام ، وانقضاء الالتزام ، وتوثيق
الحقوق ، ووسائل الوصول إليها .
على أنَّهم يتكلمون عن [ نظرية العقد ] باعتبار التعاقد أهم مصدر من مصادر الالتزام .
فمما ورد قي القرآن الكريم في هذا ..
1. جواز العقود ... ووجوب الوفاء : والعقد هو المصدر الأول من مصادر الالتزام لدى القانونيين ، وهو مأخوذٌ به من أوسع الأبواب في القرآن الكريم .
فمما ورد في القرآن الكريم في شأن الوفاء بالعقود ..
· قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ .... }[1] .
· وما ذكرناه من آيات الوفاء بالعهود والمواثيق ، وهي لا شكَّ من العقود[2] .
2. ومن وسائل حفظ الحقوق الميسِّرة للإثبات .. التـوثيق بالكتابة ، والرهن الحيازي ، والشهادة :
· يقول تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ وَلاَ تَسْأَمُوْاْ أَن تَكْتُبُوْهُ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللّهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُواْ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ 282 وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ 283 }[3] .
3. الرهن الحيازي ، وكذلك التأميني استنباطاً : ما ورد في الآية السابقة من البقرة ... ولعل تفصيل ذلك ليس هذا موضعه .
4. نظام الكتاب العدول ، ونظام الشهر العقاري : وهما نظامان للتوثيق ، والأول متَّبعٌ في : العراق ، والأردن ، وسوريا .. ودول أخرى . والثاني متَّبعٌ في : مصر .
ودليل كون الأول مأخوذ من القرآن الكريم بلفظه وفكرته .. هو ما ورد في الآية 282 السابقة من البقرة . وهذا الدليل لا يتعارض مع النظام الثاني إلاّ
في الإسم فقط دون الحقيقة .
7. الكفالة : وهي ضم ذمةٍ إلى ذمةٍ لأجل الوفاء .. وهي ضم ذمة الكفيل إلى ذمة المكفول في المطالبة عند الاستحقاق ، وهذه وسيلة من وسائل ضمان تنفيذ الالتزامات .
فمما ورد في القرآن الكريم في ذلك ..
· يقول تعالى : { قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ 64 وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُواْ يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَـذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ 65 قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ اللّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ }[4]
· قوله تعالى :{ .. وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ }[5] .
وأنا به زعيم .. أي : كفيل . وهذا من شرع مَن قبلنا ذُكر في قرآننا ، ولم يرد ما ينسخه
بل يؤيده تطبيق الكفالة من غير نكير من لدن الصدر الأول إلى يومنا هذا .. وذلك إجماعٌ
على الجواز ، فضلاً عن أدلةٍ أخرى من السنة النبوية المطهَّرة .
6. الإلتزام بالإرادة المنفردة : ومعلومٌ أنَّ مصادر الإلتزام عند القانونيين خمسةٌ : العقد ، والإرادة
المنفردة ، والمسؤولية التقصيرية [ العمل الضار ] ، والإثراء بدون سبب ، والقانون[6] .
فالعقد قد مرَّ بيانه كمصدرٍ للإلتزام[7] .
أما الالتزام بالإرادة المنفردة .. فهو : أن يتعهـد إنسان لآخرين بأداء عملٍ أو مالٍ من غير
مقابل مادي ، بل غالباً ما يكون المقابل معنوياً .
فمما ورد في القرآن الكريم في اعتبار هذا النوع من الإلتزام ..
· قوله تعالى : { .. وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ }[8] .
· وقوله تعالى :{ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ }[9] .. فالنَذْر هو : التزام بالإرادة المنفردة لمصلحة الفقير .
8. الفعل الضار – كمصدر من مصادر الإلتزام - : ويشـترطون وجود فعل ، وينجم عنه ضررٌ ، وعلاقة سببية بينهما .. فذلك يوجبون فيه [ التعويض ] ، وهو ما يسمى عند الفقهاء المسلمين [ الضمان ] .
فمما ورد في القرآن الكريم ..
· قوله تعالى : { ... وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }[10] .
9. الإثراء بلا سبب – كمصدر من مصادر الإلتزام - : فإذا ما أثرى إنسانٌ ، على حساب افتقار ذمة آخر ، وكانت هناك علاقة بين الأمرين .. فينشأ بهذا التزام بذمة للمثري على حساب غيره برده إلى من افتقرت ذمته لهذا السبب .
فمما ورد في القرآن الكريم ..
· قوله تعالى : { ... وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }[11].
· وقوله تعالى : { وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً }[12] .
9. القانون – كمصدر من مصادر الإلتزام - : وهو ما يوجبه القانون مباشرة من غير ما ذكرنا من
أسباب ، وهذا كثير .
فمما ورد في القرآن الكريم – وهو كثير جداً - ..
· قوله تعالى : { وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَـإِنَّ اللّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ }[13] .
· ومنها آيات دفع الزكاة ، ونفقة الأقارب والزوجة .. الخ ، كما في قوله تعالى :
{ لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ }[14] .
10.الاعفاء من الالتزام عند الضرورة : فحالة الضرورة من أسباب : تخفيف الالتزام ، أو
الاعفاء منه في الفكر القانوني .
فمما ورد في القرآن الكريم ...
· قوله تعالى : {... إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ ... }[15] .
وهذا قد ورد في سياق قصة أبناء يعقوب مع أبيهم ، ورأينا – في الفقرة السابقة - أنَّه طلب توثيق التزامهم ، ومن ثم آتوه موثقهم ، لكنه جعل : [ الإحاطة بهم ] .. وهي عدم القدرة على التنفيذ سبباً مبرراً للإعفاء مما التزموا به أمامه .
11. الوكالة : وهي إنابة الشخص لعيره ليقوم مقامه بتصرفٍ من التصرفات .
فمما ورد في القرآن الكريم في هذا ..
· قوله تعالى : {.... فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا }[16] .
فأصحاب الكهف قد خوَّلوا واحداً منهم ليقوم بالذهاب بنقودهم الفضيَّة [ الوَرِق ] إلى السوق ، ويأتيهم بطعامٍ نيابةً عنهم جميعاً ... وهل هذا هو غير الوكالة ؟ ! .
ويرد هنا من الكلام عن [ شرع من قبلنا إذا ذُكر في قرآننا ] مما ألمعنا إليه آنفاً .
12.المهايأة : وهي قسمة المنافع ، مع بقاء العين على الشيوع .
فمما ورد في القرآن الكريم في هذا ..
· قوله تعالى : { قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ }[17] .
13.الشركة : ومنها شركة الأعيان .
فمما ورد في القرآن الكريم في هذا ..
· قوله تعالى : { أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا }[18] .
· وقوله تعالى : { قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ...... }[19].
14.الإجارة : وهي بيع المنافع .
فمما ورد في القرآن الكريم في هذا ..
· قوله تعالى : { فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا }[20] .