من طرف 
مخاوف وهواجس صاحبت ثورة يناير وسط تحذيرات من نتائج الفوضى ، وما يمكن
أن تحدثه من خسائر وانقسام وانهيار يهيأ المنطقة لانجاز سيناريو الشرق
الأوسط الجديد.لكن هل هناك من يتربص بتداعيات الثورة لتنفيذ الفكرة
أم أنه مجرد تحدى خطير ينبغى أن يواجهه حماة الثورات بالمنطقة ؟.. هذا
تساؤل شائك برزمع ترحيب قادة أمريكا وأوربا بالثورات العربية!.الكاتب الصحفى الكبير فهمى هويدى يرى أن الثورة لها بواعث وطنية
ولاترتبط بأدلة يقينية بمشروع يستهدف توجيه المنطقة وفق المصالح الأمريكية.فالفقر والقهر والبطالة ..أسباب فجرت ثورة تونس بعد حرق الشاب "بوعزيزى" نفسه ثم انتقلت شرارتها لمصروغيرها من دول المنطقة بعيدا عن المخططات الأجنبية.ويستدرك
"هويدى " ، قائلاً :" رغم التحول نحو الديمقراطية إلا أن النتائج قد تكون
مغايرة للمصالح والتوجهات المستهدفة وتتصدى للمطامع الغربية كتولى حكومات
اسلامية مقاليد السلطة ولكن الفوضى اذا استمرت قد تشكل أحد التحديات التى
ربما يحاول ان يستفيد منها مروجوالمشروع ،ومن هنا نؤكد على كفاءة ادارة
المرحلة الانتقالية نحو الاستقرار والارادة السياسية العربية الواعية.ويقول
اللواء دكتورابراهيم شكيب الخبير الاستراتيجى والمحلل العسكري : "أنا ضد
عبارة "الفوضى الخلاقة" ، فهى غير مفهومة وتنطوى على تناقض ،وحينما سئل
"بوش الابن "صاحب الفكرة : هل سيضم ايران وافغانستان للشرق ؟ لم يرد،
فالتوسع بالمنطقة يعنى الحرية والثروات ،ومنذ هذه الفترة قفزت بذهنى ومضة
إلهية عن التغيير بالوطن العربى حتى اندلعت الثورات المتلاحقة .والآن تعم الفوضى "غير الخلاقة" شعوباً ليست مؤهلة للديمقراطية بعد أنظمة حكم ديكتاتورية لمدد طويلة".وأكمل اللواء "شكيب " :" الثورات عبر التاريخ تأكل رجالها وتصبح مهددة
من طرفين :ذيول النظام السابق المتضررة والفئات ذات التطلعات المتربصة ،ومن
هنا إن لم تتوافر الارادة واستثمار مكاسب الثورة وانهاء الفوضى ،قد تكون
مقدمة للمشروع عن طريق تفتيت الدول العربية من الداخل واعادة تقسيمها خاصة
ان دراسات لمراكز استراتيجية عديدة بالعالم أكدت أن وحدة الدول العربية فى
اللغة والدين والأمانى القومية خطر على الامبراطورية الامريكية .لكننى
متفائل لأن مصر سبق وتجاوزت نكسة 1967 وأمامها الآن فرصة للريادة -تنازعها
فيها ايران وتركيا واسرائيل بالمنطقة- لامتلاكها عوامل نهضة كامنة ،وحماة الثورة قادرون على التصدى لمن يحاول انجاح المشروع على أكتافهم ."وأشار
الخبير الاستراتيجى الى وجود إحساس حقيقي بأن معادلة القطب الأوحد في
العالم، الذي تشكله الولايات المتحدة منذ انهيار الاتحاد السوفيتي في
بدايات تسعينيات القرن الماضي، بدأت الاهتزاز تحت ضغط الدول الصاعدة كالصين
والبرازيل وروسيا الجديدة والاتحاد الأوروبي .وهذا ربما يدفع
أمريكا إلى اعلان دعم الانتفاضات الشعبية بصورة مباشرة أو غير مباشرة، تحت
شعار «الفوضى الخلاقة» الذي رفعته كوندوليزا رايس فى محاولة تجميلها كعادة
أمريكا في التدمير ومنح العمليات أسماء جميلة مثل الوردة البيضاء للقضاء
على الموصل مثلاً، بخاصة أنه ثبت بعد تجربة العراق وأفغانستان أن التغيير
بجنازير الدبابات ليس مضمونا، بالإضافة إلى أنه مكلف من النواحي البشرية
والاقتصادية.د. عمرو صالح أستاذ الاقتصاد السياسى بجامعة عين شمس يوضح أن الوضع
الاقتصادي كان أحد أهم محركات الثورة في مصر، بالإضافة إلى عوامل سياسية
،على رأسها الحرية والديمقراطية وحفظ كرامة المواطن، ولقد استطاعت الثورة
المصرية أن تكسر حواجز الخوف والتهميش بعيداً عن أى وصاية دولية .ويبين د." صالح " أن مشروع الشرق الأوسط الكبير
هو عملية فك وتركيب لكيان هذه المنطقة .. تطال البنى الثقافية والاجتماعية
والاقتصادية والسياسية ، وتهدف إلى إعادة تشكيل العقل العربي وفق معيار
أمريكي من خلال تطوير فلسفة التعليم ، وتمكين المرأة ، وتغريب الشباب على
منظومة القيم الجديدة .ويرى أستاذ الاقتصاد السياسى أن محاولة ركوب
الثورة لصالح مخططيه احتمال قائم على ائتلاف الثورة والقوى الوطنية احباطه
،وأن الإرادة السياسية الصادقة والإدارة الواعية إذا توفرت لدى العرب يمكن
تجاوز ومواجهة التحديات التي تعصف بالمنطقة العربية .وقد أكدت
الادارة الأمريكية فى عهد "بوش الابن " 2003أنها ستعمل على تحويل الشرق
الأوسط إلى منطقة ترتبط معها باتفاقات للتجارة الحرة خلال 10أعوام.سؤال واجهت به محمد جمال بكالوريوس تجارة ومدير مشروعات تسويق من ممثلى
اللجنة التنسيقية العامة لثوار شباب 25 يناير وينتمى لائتلاف مصر الحرة ضمن
6ائتلافات داخل اللجنة المشكلة من تيارات وأحزاب وحركات وطنية مختلفة مثل 6
أبريل و9 مارس وغيرها من مختلف محافظات الجمهورية .بداية ً ، أكد
محمد أن وجود ائتلاف للثورة لايعنى أنها مقتصرة على ممثليها ولكنها ملك كل
أفراد الشعب لأنهم ساهموا فيها ولو بالتأييد المعنوى والمادى أو بحماية
منازلهم أو بالتصدى لأعدائها أو حتى بقلوبهم وحبهم لوطنهم .وقال ممثل الائتلاف :" من أجل انجاح الثورة وحمايتها من "الفوضى الخلاقة" التى قد تهيأ المناخ للمغرضين والانتهازيين داخليامن منظمي الثوره المضاده والطامعين من أصحاب مشروع الشرق الأوسط الكبير وغيره من مخططات خارجية
،فقد نظمنا مسيرة مليونية الجمعة 11 مارس/آذار ضد الفتنة الطائفية ورفعنا
شعار"ايد واحدة ورباط مقدس واحد بيننا" كمصريين تهمنا مصلحة مصر .بل
قدمنا نموذجا وقدوة فى عدم اهدار الوقت وتعطيل العمل حيث حرصنا على
الاكتفاء بصلاة الجمعة وانهاء المسيرة قبل صلاة العصر فى رسالة لمن ينظمون
الاحتجاجات الفئوية بمؤسسات الدولة بأن التظاهر ليس مهنة وأنه حان وقت
البناء والانجاز" .وأضاف "جمال":" الائتلاف يصدر بيانات دورية عبر
الانترنت للتواصل مع المسئولين والقوى السياسية والتعبير عن مطالبنا ،
واخرها بيان أعلنا فيه رفض لقاء هيلارى كلينتون أثناء زيارتها لمصر لأننا
ندافع عن ثورة وطنية بعيدة عن الوصاية الدولية .ونرحب ببث أفكارنا
وتوعية الناس عبر مساحة اعلامية بتلفزيون بلدنا الرسمى بعد استقلاله ليمثل
منبرا جماهيريا الى جانب "الفيسبوك "لتوصيل صوتنا ورعاية ثمار ثورتنا" .
تحقيق /د. هند بدارى