جمعة مفتى الجمهورية، أكد فيه أن حماية الديمقراطية فى مصر تستوجب المشاركة
فى بناء الدولة الجديدة، مطالبا الجماعات المختلفة إدراك أن ليس لجماعة أو
تيار بعينه الحق فى احتكار التحدث باسم الإسلام، مشددا على أنه ينبغى على
الجميع احترام التنوع والتعددية التى أصبحت من خصائص مصر فى عهدها الجديد
الذى يكفل حرية الرأى للجميع بما فيها التيارات والأحزاب والجماعات
الإسلامية التى أكن لها الاحترام مع حقى الكامل فى الاختلاف فى مناهجها
وبرامجها.
ونوه المفتى فى مقالته إلى ضرورة مشاركة الجماعات الإسلامية التى رضخت
لفترة من الزمن تحت وطأة الحكومات الاستبدادية لابد من إشراكها وعدم
إقصاءها من الحياة السياسية والعمل السياسى بالرغم من تخوف البعض من ذلك
وأنه للمصريين جميعا حق المشاركة فى بناء الدولة الجديدة شريطة احترام حرية
التعبير والمساواة المطلقة أمام القانون.
وأكد جمعة أن الشعب المصرى هو وحده من سيحسم الجدل الدائر حول خلط الدين
بالسياسة الحزبية وليس علماء الدين خاصة بعد أن ناضل المصريون من أجل
الإطاحة بالنظام المستبد وأن الشعب المصرى لن يرضى أبد باستبداد جديد يرتدى
عباءة الدين مؤكدا أن الدين سيكون له دور فعال فى ديمقراطية مصر نظرا
لطبيعة الشعب المصرى، وسيكون له دور يؤكد ويعزز مبادئ العدالة والحرية
والتسامح والتعايش ولن يكون أبدا وسيلة من وسائل القمع والإقصاء.
واضاف أن مصر بلد متدين حتى النخاع ومن المحتم أن يلعب الدين دورا فى الشأن
العام المصري، مشيرا إلى أنه لا ينبغى أن لا يكون ذلك مصدر قلق أو تخوف
بالنسبة للمصريين أو حتى للعالم الخارجى وذلك لارتباط تراث مصر الدينى
تاريخيا بالمنظور الإسلامى المبنى على التسامح واحترام التعددية الدينية،
وأنه إذا كان الدين يستحيل فصله تماما عن السياسية بمعناها الواسع وهو
رعاية شئون الأمة فعلينا نحن المصريين أن نضمن عدم استغلاله لتحقيق مأرب
سياسى وعدم الزج به فى السياسية الحزبية.
وأوضح المفتى أن الاستفتاء فى التعديلات الدستورية قد ألقى الضوء على قضية
سوف يواجهها المصريون وهم فى طريقهم إلى الديمقراطية وهى دور الدين فى
الحياة السياسية القادمة خاصة بعد ما شهدته عملية الاستفتاء من حشد
باستخدام الدين فى حث المواطنين للتصويت على التعديلات سواء بنعم أم لا،
وإحداث حالة من الجدل حول موقف الدين فى مستقبل مصر القادم.
وأشار إلى أن جانبا من الحراك تركز على المادة الثانية من الدستور التى تنص
على أن الإسلام هو دين الدولة الرسمى وأن مبادئ الشريعة الإسلامية هى
المصدر الرئيسى للتشريع وقد هرعت بعض الجماعات الإسلامية للموافقة على
التعديلات خوفا من أن يتخلص الدستور الجديد من هذه المادة كما سمعنا عن
أصوات مسيحية دعت أتباعها بالتصويت بـ"لا" .
وأكد أن النص على إسلامية الدولة لا يزيد عن كونه قضية هوية ولا يقلل أبدا
من طبيعة الدولة المدنية، ولا تناقض بين هذه المادة والمواد الأخرى التى
تكفل حقوق المواطنة وأن المواطنين سواء أمام القانون بغض النظر عن دينهم أو
جنسهم أو عقيدتهم، فحقوق الأقباط فى مصر مصونة ويجب أن تظل كذلك ولهم الحق
فى المشاركة السياسية على كافة مستوياتها ، ولن يكتب نجاح لأى دستور جديد
إذا غض الطرف عن هذه الحقيقة.
وأوضح أن المادة الثانية ليست مجالا للجدل كما يشاع بل هى موجودة فى كافة
الدساتير المصرية السابقة وأن المادة الثانية التى تنص على هوية الدولة مثل
دساتير وقوانين العديد من الدول التى تتضمن إشارات للدين فى الوقت الذى
تعزز فيه من مدنية الدولة، كما إنجلترا والدنمارك والنرويج التى لها كنائس
رسمية ولكنها فى الوقت ذاته تتبنى حكما مدنيا مؤكدا أن الاعتراف القانونى
بالتراث الدينى لأمة ما لا شأن له بالطابع المدنى للعملية السياسية.