* الأقباط:
- الديمقراطية عند الإخوان منقوصة وتصريحاتهم متضاربة
- يسعون للسيطرة على البرلمان القادم وفرض أجندتهم
- إذا وصلوا للحكم فسوف يتشددون مع السياحة والاقتصاد
* الإخوان:
- الحوار أقصر الطرق لاستيعاب كل الآراء
- رأي الإخوان في الولاية العامة غير ملزم لغيرهم
- دعونا إلى التصويت بنعم واحترمنا مَن قال لا في التعديلات
"الإخوان
والأقباط " ملف طالما استغله النظام السابق لترسيخ وجوده، والحصول على رضاء
الغرب بالضغط على الأولى والانفتاح مع الثانية، إلا أن سياسة النظام
السابق فشلت في إقناع الشعب المصري بأن محاربة الإخوان يمثل صالحًا للشأن
العام، وبعد ثورة 25 يناير ونتيجةً للدور الكبير الذي لعبه الإخوان
المسلمون في دعم وحماية ونجاح هذه الثورة، فقد حرصت العديد من الأقلام
الصحفية والألسنة الإعلامية على تصوير الإخوان، وكأنهم بعبع سوف يبتلع كلَّ
مَن يقف في طريقه، أو أنهم مارد سوف يقضي على كلِّ مَن يخالفه في الرأي،
وكانت الفئة الأكثر خوفًا- طبقًا لعددٍ من وسائل الإعلام- هم المسيحيين
الذين طرح (إخوان أون لاين) عليهم العديد من الأسئلة عن سبب تخوفهم من
الإخوان، وقمنا بنقل هذه التخوفات إلى مكتب الإرشاد الذي قام بالرد على ما
أثاره المسيحيون، وننقل في هذا الموضوع المخاوف والرد عليها:
استغلال الثورة
بداية يوضح المستشار نجيب جبرائيل، رئيس منظمة الاتحاد المصري
لحقوق الإنسان، أن هناك تخوفًا من أن يركب الإخوان المسلمين موجة الثورة،
ويفرضوا شروطهم ويستقطبوا كثيرًا من شباب الثورة، موضحًا أن الإخوان بدءوا
في السيطرة والتضاعف، وهذا ما أبرزه استفتاء التعديلات الدستورية، وإذا
اعتلى الإخوان مراكز كبيرة في البلد سيكون هناك مخاوف على السياحة
والاقتصاد المصري.
ويرى أن الإخوان يدعون إلى الحوار مع الأقباط من خلال أسس لا
يؤمنون بها؛ لأنهم يعتبرونهم من أهل الذمة وعليهم دفع الجزية، ويفضلون أن
يحكم مصر مسلم ماليزي خير من قبطي مصري، متهمًا الإخوان بمحاولة إقصاء
الأزهر بمنارته واعتداله ودوره.
ويطالب الجماعة بإعلان موقفها من بعض المسائل التي وصفها
بالجوهرية قبل بدء الحوار، ومنها إعلان موقف الإخوان من تولي القبطي
والمرأة رئاسة الجمهورية، أو أن يتولى القبطي رئاسة حزب الحرية والعدالة
الذي يعتزم الإخوان تأسيسه، وأن تتنازل الجماعة عن الاعتقاد بأن الأقباط
أهل ذمة، على حد تعبيره.
ويشير إلى أن المجلس العسكري يحاول أن يعدل الميزان وقام
بزيارات متتالية للبابا شنودة، وفضيلة الأمام الأكبر شيخ الأزهر، كمحاولة
لطمأنة الأزهر والكنيسة، ولكن كل هذه المبادرات لا تطبق على أرض الواقع.
غياب الديمقراطية الداخلية
وتتهم ماجدة
عدلي، مديرة مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، جماعة الإخوان بأنها
جماعة انتهازية، ودائمًا يلعبون بلعبة الديمقراطية، وأنهم مع إنشاء الدولة
على أساس ديمقراطي، إلا أن الواقع الحالي يعطي معلومات تنفي صحة حديثهم،
موضحةً أن ما يدور في الحوارات الداخلية للجماعة- سواء مع شباب الإخوان،
وما يتردد مؤخرًا عن موقف الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح من الجماعة- فإن
الإخوان لا يوجد بداخلهم ديمقراطية، فكيف يعمِّمونها على المجتمع؟!
وترى أن الجماعة تختزل العلاقة بين الله والناس عبر طاعة
الجماعة، وهذا الأسلوب تم استخدامه في الاستفتاء، وترددت هذه الفكرة داخل
العديد من اللجان الانتخابية، بأن التصويت بنعم جزء من طاعة الله عزَّ
وجلَّ وطاعة ولي الأمر، وقيلت أيضًا في المساجد يوم الجمعة قبل الاستفتاء
بيوم واحد، وهناك أشخاص ممن قالوا "لا للتعديلات" تعرَّضوا للسب.
وتوضح أن هناك هامشًا من الحركة تتمتع به الجماعة الآن بعد توقف
المطاردات من قِبَل النظام السابق، مشيرة إلى أن دعوة المرشد إلى مقابلة
الأقباط أو فتح الحوار مع الأقباط يبدو ديمقراطيًّا، ومحاولة لتقبل الآخر
لخلق جوٍّ من الديمقراطية، مؤكدة أنه لا بدَّ أن يقول الإخوان صراحة هل هم
يريدون ديمقراطية حقيقية؟ أم ديمقراطية الجماعة ومجلس شورى الجماعة فقط؟!
وتتوقع أن تقوم جماعة الإخوان بإنشاء هيئة تشريعية مرجعيتها
الأساسية إسلامية، وتعمل على إقصاء الأقباط والمرأة، عن طريق مشاركتهم
بنسبة 35% في البرلمان، ومحاولتهم ضم بعض المستقلين ليحصلوا في النهاية على
أغلبية المجلس، وعلى أساس هذه الهيئة سيتم تكوين الدستور وسن القوانين
والتشريعات، وكل هذا بموافقة البرلمان الذي سوف يسيطر عليه الإخوان،
وبالتالي ستكون هناك وحدة ذات علاقة عقائدية هي التي تتحكم في الوطن.
وتؤكد أنه لا بدَّ أن يفهم الإخوان أن هناك فرقًا بين كون مصر دولة إسلامية وأن الشريعة الإسلامية المصدر الأساسي للتشريع.
تكافؤ الفرص
ويرى يوسف سيدهم رئيس تحرير (وطني)
أن هناك مخاوف من جماعة الإخوان المسلمين، تتمثل في خشية الأقباط من ترجيح
كفة على كفة أخرى من ناحية تكافؤ الفرص؛ لأن جماعة الإخوان تعدُّ الجماعة
الأكثر استعدادًا والأكثر تنظيمًا.
ويتابع أن هناك مساحة من عدم الثقة بين الأقباط وجماعة الإخوان؛
نتيجة التناقض في التصريحات، فتارة يخرج علينا بعض قيادات الإخوان
بتصريحات معسولة لتهدئة الوضع ومحاولة لمواكبة الأحداث، وعدم إثارة الرأي
العام عليهم، وتارة أخرى يصرح البعض بتصريحات متشددة حول موقف الإخوان من
الأقباط، مشيرًا إلى أنه لا يعتقد أن تلقى جماعة الإخوان قبولاً لدى
الأقباط بسبب هذه الأزمة، حتى لو نزل الإخوان إلى الشارع المصري وقاموا
بأعمال وطنية وخدمية بحتة.
ويؤكد أن كل هذه المخاوف لا تخفي أن الإخوان موجودون في المسرح
السياسي، ومن حقِّهم المشاركة في هذا المسرح، ولا يستطيع أحد أن يقول إنهم
يحاولون سرقة الثورة أو إنهم وراء أي أحداث عنف، فكل أحداث العنف التي تمت
خلال الـ25 عامًا الماضية كانت من صناعة النظام السابق، ولا يوجد للإخوان
أي دخل فيها.
الإسلام السياسي المعتدل
في المقابل يؤكد ممدوح رمزي، رئيس المنظمة المصرية لمناهضة
التمييز، أن المفهوم السياسي لدى جماعة الإخوان أخف وطأة من غيرهم، فجماعة
الإخوان أكثر الجماعات الإسلامية اعتدالاً، ومن حقهم أن يباشروا حقوقهم
السياسية دون نشاطهم الدعوى، موضحًا أن جماعة الإخوان أعلنت أن حزب الحرية
والعدالة قائم على أهداف سياسية وليس له مرجعية دينية، ونحن معهم وسنشارك
في هذا الحزب.
ويشير إلى أنه ليس لديهم أي مخاوف أو هواجس كما يقول البعض من
الإخوان، ولكن هناك تحفظات كثيرة على ما يصدر من قِبَل السلفيين، فهذا أمر
غير مقبول وغير لائق بالدولة المدنية، فهؤلاء يعملون بغير القانون،
والإخوان استنكروا هذا الأمر.
ويؤكد أن المسيحيين غير قلقين من الجماعة ما دامت تعمل بشكل
مدني صرف يحفظ للدولة هيبتها، ويحافظ على القانون المدني، ولكن إذا أخذ
الإخوان الأمور كما يفعل السلفيون فسوف تكون هناك أزمة بين الأقباط
والجماعة، وأعتقد أن الإخوان يقدرون هذه النقطة جيدًا، ولا يحاولون أن
يتحرشوا بالمسيحيين.
التسامح
ويقول أسامة سليمان، المتحدث الرسمي باسم الكنيسة الأسقفية، إنه
لا يوجد مخاوف لدى الأقباط من جماعة الإخوان؛ لأن الجماعة ومرشدها يؤمنون
بالدولة المدنية ويؤكدونها.
ويؤكد أن جماعة الإخوان فصيل سياسي له احترام وله دور في الحياة
السياسية، وإبعاده في عهد النظام السابق سبَّب مشاكل عديدة، متوقِّعًا أن
تشهد الفترة المقبلة مزيدًا من التسامح بين الإخوان والأقباط، بعد الاتصال
الذي جرى بين المرشد العام والبابا شنودة.
العدالة والمساواة
ويقول القمص صليب متي ساويرس، عضو المجلس الملي العام كاهن
كنيسة الجيوشي: إن الإخوان إذا استخدموا الإسلام الوسطي الجميل، وعرفوا
حقيقة دينهم القائم على العدالة والمساواة، ورعوا حقوق المواطنة، فلا يوجد
أية مشكلة ما دام كل مسلم يعرف دينه ويطبقه.
ويشير إلى أنه لا يوجد مخاوف من دخول الإخوان البرلمان، فهذه
ليست المشاركة الوحيدة للإخوان، فسبق للإخوان أن دخلوا البرلمان وحصلوا على
88 مقعدًا، ولم يصدر منهم أي تجاوزات أو محاولة لإقصاء أحد.
الإخوان يردون
وضعنا هذه التخوفات على طاولة مكتب الإرشاد الذي قدَّم ردودًا
عملية وليس مجرد كلام مرسل؛ حيث يؤكد د. عبد الرحمن البر، عضو مكتب
الإرشاد، أن كلَّ هذه المخاوف لدى الإخوة الأقباط يتم حلُّها عن طريق
الحوار المتبادل بين الطرفين، لتوضيح مواقف جماعة الإخوان المسلمين والرد
على أي تخوفات، موضحًا أن الإخوان لا يوجد عندهم خطوط حمراء أو خضراء،
معبِّرًا عن تفاؤله من كون هذه المخاوف ليس لها علاقة بالدين.
ويضيف أن الرد عن طريق الصحف ووسائل الإعلام ليس حوارًا، فنحن
لدينا كلام وتساؤلات لا بدَّ أن نسأل فيها، وهم يطرحون مخاوفهم ونرد عليهم،
مبينًا أن الذي يرغب في عمل حوار لا يضع شروطًا للحوار، ولا يرغب في أن
نميل إلى رأيه قبل الحوار، إذن ما قيمة الحوار من البداية.
وفيما يتعلق بأنه لا توجد ديمقراطية داخل جماعة الإخوان تمثلت
في عدم الاستماع لشباب الإخوان، أكد أن هذا الكلام غير صحيح، فهناك
ديمقراطية في الداخل ونتحاور مع كلِّ الناس، ونقبل الحوار من جميع الأطراف
ونحترم الطرف الآخر.
وحول موضوع التصويت بنعم في الاستفتاء وأنه جزء من طاعة الله،
يشير إلى أن الإخوان لم يقولوا لأحد بأن الخروج للاستفتاء واجب شرعي،
ولكنهم قالوا إن الخروج واجب وطني، وكنَّا نرجح نعم، كما أعلنا احترام كلِّ
من قال لا، مستنكرًا إلصاق رأي أحد بالإخوان.
ويشدد على أن كلام الإخوان فيما يتعلق بموضوع الجزية واضح منذ
البداية، ونحن قلنا إن الجزية كانت مرحلة تاريخية وانتهت وليس لها وجود في
العصر الحديث، موضحًا أن من حقِّ كلِّ واحد سواء رجل قبطي أو امرأة أن يرشح
نفسه، ولكن للإخوان رأي غير ملزم لأحد فيما يتعلق بالولاية العامة، فمن
يرد أن يأخذ به فهذا حقه، ومن يرفضه فهذا أيضًا حقه.
ويشير إلى أن التخوفات التي يرددها البعض بأن الإخوان سوف
يحصلون على الأغلبية في البرلمان بانضمام المستقلين إليهم، فإنه تخوف يوجه
للمستقلين وليس الإخوان وإذا كان الإخوان يقدمون مطالب وطنية وانضم إليهم
المستقلون فهل هذا معناه استسلام؟ أم أنه تقارب من أجل مصلحة الوطن؟
التجربة تطمئن
ويؤكد المهندس
سعد الحسيني، عضو مكتب الإرشاد، أن ما يثيره البعض بأن الإخوان لا يؤمنون
بالديمقراطية عليه أن يرجع إلى التجربة الديمقراطية عند الإخوان، وخاصة في
السنوات الماضية، والدليل الأبرز على ذلك هو رفض الأستاذ محمد مهدي عاكف
المرشد العام السابق للجماعة، الاستمرار في منصبه، على الرغم من أن اللائحة
كانت تتيح له ذلك؛ ولذلك كان أول مَن أدخل لقب سابق في توصيفه في كلِّ
الأمة العربية، وأصرَّ على إجراء الانتخابات بشكل كامل في كلِّ الدرجات
الإدارية لدى الجماعة، في الوقت الذي كان يقف النظام الحاكم بالمرصاد
للجماعة.
وفيما يتعلق بما حدث من بعض شباب الإخوان والحوار الذين دعوا
إليه، وأعلن مكتب الإرشاد عدم مسئوليته عنه، وكذلك كل ما يقال عن الدكتور
عبد المنعم أبو الفتوح فإنهم قدموا آراء تستحق الاحترام ولكن لكل هيئة
مؤسساتها التي تحدد خطواتها وطرق معالجتها للأمور، واحترام هذه المؤسسات هو
قمة الديمقراطية، فمكتب الإرشاد جهة تنفيذية للجماعة ومجلس الشورى العام
هو الجهة الرقابية للجماعة، واحترام المكتب مجلس الشورى يؤكد أننا لا
نستأثر بالجماعة بعيدًا عن المجلس المنتخب الذي من صلاحياته حسم القضايا
الخلافية داخل الصف الإخواني، موضحًا أن الكنيسة نفسها لها مؤسساتها التي
تلتزم بآرائها إذا حدث بداخلها خلاف.
وفيما يتعلق بما طرحه المستشار نجيب جبرائيل بأن الإخوان إذا
وصلوا إلى الحكم سوف تتأثر السياحة والاقتصاد سلبًا بوجودهم، أكد الحسيني
أن توقُّع الغيب ليس من السياسة في شيء، فالإخوان لم يصلوا إلى الحكم حتى
يقيم أحد تجربتهم ويؤكد أو ينفي احترامهم الديمقراطية، هذا بالإضافة إلى أن
الإخوان قدموا اطروحات عديدة خلال وجودهم في البرلمان طوال أكثر من 15
عامًا متصلة؛ لتنمية وتنشيط السياحة ودعم الاقتصاد الوطني، وأنهم انطلقوا
من خلال قناعتهم بأهمية السياحة كأحد موارد الدخل القومي، هذا بالإضافة إلى
أنها فرصة لكي يطلع الغير على تجربة مصر، موضحًا أن الدولة في الإسلام
مدنية ولها مرجعيتها الإسلامية التي تؤكد الحرية والعدالة واحترام حقوق
الغير، كما أن السياحة فرصة ليتعرف الغير على سماحة الإسلام وكيف أنه حافظ
على حقوق المواطنة، وكيف أن الإسلام يدعم التفوق والنهضة، كما يحافظ على
النظافة والابتكار بما لا يخالف تعاليم وقيم الإسلام الذي يشجع الناس على
تبادل الآراء والأفكار.
وأضاف الحسيني أن السائح عندما يدخل بلادنا فإنه يدخل بتأشيرة
وهذه التأشيرة هي بمثابة عقد الأمان له على ماله ونفسه وعرضه ودينه، بل إن
الإسلام سمح لغير المسلم بما لا يجوز للمسلمين أنفسهم في بلادهم.
وأكد الحسيني أن تطبيق الشريعة الإسلامية هو أفضل حماية لحقوق
المسيحيين، لأن الشريعة الإسلامية جعلت احترام المسيحيين وغير المسلمين
طاعةً للمولى عزَّ وجلَّ، ومَن يخالف ذلك فإنه يكون آثمًا ومخالفًا لشرع
الله، كما أن الإسلام هو أول مَن أرسى لدولة المواطنة عندما أعلن النبي صلى
الله عليه وسلم عندما دخل المدينة "المسلمون واليهود أمة واحدة"، بل إن
الكنيسة نفسها عندما اختلفت مع حكم المحكمة الإدارية العليا الخاص بالزواج
الثاني أرادت الاحتكام إلى الشريعة الإسلامية التي منحت غير المسلمين أن
يحتكموا إلى شرائعهم في أحوالهم الشخصية.
وأكد الحسيني أن هذه الأمور محسومة، والتاريخ يؤكد أن المسيحيين
وغيرهم نالوا كلَّ الحب والتقدير في ظلِّ الدول الإسلامية، انطلاقًا من
القاعدة الفقهية "لهم ما لنا وعليهم ما علينا" وهي قمة المواطنة.
تحقيق: الزهراء عامر