أودعت دائرة شئون الأحزاب بالمحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار مجدي
العجاتي، نائب رئيس مجلس الدولة، الحيثيات الكاملة لحكمها الصادر أمس السبت
بحل "الحزب الوطني الديمقراطي" وتصفية أمواله وجميع ممتلكاته لصالح الدولة
.
واستعرضت المحكمة وعددت الوسائل والأساليب التي أفسد من خلالها الحزب
الوطني الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والواقع المصري ككل من
خلال انفراد رئيس الجمهورية السابق حسني مبارك (الذي هو رئيس الحزب)
بممارسة شئون الحكم بعيدا عن إرادة المواطنين.
وقالت المحكمة إن الواقع القانوني والفعلي يشير إلى أن السلطة التشريعية
بمجلسيها (الشعب والشورى) كانت واقعة تحت الأغلبية المصطنعة للحزب المذكور
عن طريق الانتخابات التي شابتها مخالفات جسيمة على مدار السنوات الماضية،
وآخرها الانتخابات التي أجريت بالعام الماضي 2010.
وأكدت أن التقارير الحقوقية والقانونية وغيرها بشأن الانتخابات البرلمانية
الأخيرة، وما صدر عن المجلس القومي لحقوق الإنسان في ديسمبر الماضي ذكرت
جميعها بجلاء ووضوح شديدين أن هذه الانتخابات دمغت بمخالفات جسيمة تخرجها
عن أي مفهوم صحيح للعملية الانتخابية.
وأضافت المحكمة أن من بين تلك المخالفات الجسيمة التي شهدتها الانتخابات،
منع الناخبين من غير أعضاء الحزب الوطني بالقوة من الإدلاء بأصواتهم، وغلق
بعض اللجان, ومنع الوكلاء والمندوبين من دخول اللجان الانتخابية، والتواجد
غير القانوني لبعض الأفراد داخل اللجان الانتخابية، فضلا عن صدور 1300 حكما
نهائيا واجب النفاذ من محاكم القضاء الإداري بشأن الانتخابات، لم ينفذ
منها سوى 15 حكما فقط، الأمر الذي يعصف بمبدأ سيادة القانون وحجية الأحكام
القضائية.
وأكدت المحكمة الإدارية العليا في حيثيات حكمها أن الحزب الوطني نشأ في كنف
السلطة الحاكمة , وظل ملتحفا بسطوتها, مستغلا أموالها , بحيث اختلطت أموال
الدولة مع أموال الحزب. ولفتت المحكمة إلى أنه على سبيل المثال من ذلك ,
تمويل نشاط الحزب والدعاية له ولمؤتمراته من أموال الدولة , وكذلك استيلاء
الحزب على مقار له من أملاك الدولة في مختلف أنحاء الجمهورية.. ومن ثم فإن
المحكمة - وقد راعت كل ذلك - تقضي بأيلولة أموال الحزب إلى الدولة, باعتبار
أنها ابتداء وانتهاء أموال الشعب.
وأوضحت المحكمة انها قضت بأن تكون أيلولة أموال الحزب الوطني إلى خزانة
الدولة العامة في ضوء ما قرره حكم المادة ( 17 ) من قانون الأحزاب السياسية
التي لم تقيد المحكمة في تحديد أيلولة أموال "الحزب المنقضي" إلى جهة
معينة, وإنما يكون الأمر مرهونا بما تراه المحكمة باعتبارها المؤتمنة على
شئون الأحزاب.
وذكرت المحكمة أن إسقاط النظام الحاكم والحزب الذي أفسده, بتخلي رئيس
الدولة الذي هو في ذات الوقت رئيس الحزب الوطني الحاكم عن السلطة في أعقاب
ثورة 25 يناير المجيدة, يترتب عليه بالضرورة وبحكم اللزوم والجزم سقوط
أدواته التي كان يمارس من خلالها سلطاته, وأهمها ذلك الحزب الحاكم, الذي
ثبت بيقين إفساده للحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. وأصبح واجبا
على المحكمة الكشف عن ذلك السقوط.
وأشادت المحكمة بموقف المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي منحه الشعب شرعية
إدارة شئون البلاد بصفة مؤقتة حتى يكتمل بناء المؤسسات الدستورية, من
امتناعه عن إعلان حل الحزب الوطني, حتى لا يتهم بأنه اغتصب سلطة هذه
المحكمة المنوط بها دون غيرها بالكشف عن حل الحزب وتصفيته وتحديد الجهة
التي تؤول إليها أمواله, وذلك احتراما من المجلس العسكري للسلطة القضائية
ولمبدأ الفصل بين السلطات.