من طرف رمضان الغندور الثلاثاء أبريل 19, 2011 10:35 pm
ويتكون هذا التقرير فضلاً عن المقدمة و الإجراءات من ستة أجزاء على النحو التالي :
أولاً : تحقيق وتقصى حقائق إطلاق النار و الدهس بالسيارات و ما نتج من وفيات و إصابات.
ثانيا ً: تحقيق وتقصى حقائق أعمال البلطجة ( واقعة الجمل ) .
ثالثا : الاعتقالات غير القانونية.
رابعا : تحقيق وتقصى حقائق الانفلات الأمني وما ترتب عليه من أعمال حرق و نهب .
خامسا: الإعلام وقطع الاتصالات
سادسا: توصيات اللجنة .
إطــــلاق النـــار والدهس بالسيارات
1/1 تبين للجنة أن رجال الشرطة –أطلقوا أعيرة مطاطية و خرطوش وذخيرة حية
،في مواجهة المتظاهرين أو بالقنص من أسطح المباني المطلة على ميدان التحرير
، خاصة من مبنى وزارة الداخلية و من فوق فندق النيل هيلتون و من فوق مبنى
الجامعة الأمريكية ، وقد دل على ذلك أقوال من سئلوا في اللجنة و من مطالعة
التقارير الطبية التي أفادت أن الوفاة جاءت غالبا من أعيرة نارية وطلقات
خرطوش ، في الرأس و الرقبة و الصدر علما أن إطلاق الأعيرة النارية لا يكون
إلا بموجب إذن صادر من لجنة برئاسة وزير الداخلية وكبار ضباط وزارة
الداخلية، يسلسل- بالتدرج الرئاسي إلى رجال الشرطة الذين يقومون بتنفيذه.
وقد بدأ إطلاق الأعيرة النارية يوم 25/1/2011 في مدينة السويس ثم تواصل
إطلاق الأعيرة النارية و الخرطوش فى سائر محافظات القطر سيما في القاهرة و
الجيزة و الإسكندرية و الإسماعيلية و الدقهلية و القليوبية والغربية و
الشرقية الفيوم و بني سويف و أسيوط و أسوان و شمال سيناء .
1/ 2 كما تبين للجنة – كذلك- أن سيارات مصفحة للشرطة كانت تصدم المتظاهرين
عمدا، فتقتل و تصيب أعداداً منهم ، فقد شوهدت في وسائل الإعلام المرئية و
سجلت على شبكة التواصل الاجتماعي إحدى هذه السيارات تنحرف نحو احد
المتظاهرين و تطرحه أرضا و أخرى تسير للخلف لتصدم متظاهرا أخر ،و ترديه
قتيلا.
كما شوهدت أيضا سيارة حراسة مصفحة بيضاء عليها لوحة أرقام دبلوماسية، متجهة
من شارع القصر العيني نحو ميدان التحرير ،تسير بسرعة فائقة وسط حشود
المتظاهرين ، فصدمت من صادفته منهم و قتلت و أصابت العديد. وقد عثرت اللجنة
على سيارتين من هذه السيارات وجدت إحداها خلف نقطة شرطة فم الخليج و
الأخرى عند نقطة شرطة ساحل الغلال حيث جرى تفكيكهما . و قد تمكنت اللجنة
من رفع بصمة الشاسيه ، و بالاستعلام من المرور ومن الجمارك لم يستدل على
مالكهما ، غير أن ضابط نوبتجى نقطة شرطة فم الخليج أفاد أن مندوب السفارة
الأمريكية حضر إلى النقطة و ذكر له أن هذه السيارة إحدى السيارات التي
أبلغت السفارة المشار إليها عن سرقتها ، و جارى تحقيق الواقعة بمعرفة
النيابة العامة - التى طلبت ندب قاض للتحقيق فيها .
2- أعداد الوفيات و الإصابات
أرسل رئيس قطاع الطب العلاجي بوزارة الصحة بيانا بأعداد الوفيات و الإصابات
المؤرخ 20/2/2011 ثابت به أن عدد الوفيات 384 حالة و عدد الإصابات 6467
حالة ، بينما قدم احد مسئولي وزارة الصحة ما يفيد أن عدد حالات الوفيات 846
حالة حتى 16/2/2011 وفقا لما ورد من إحصائيات من المحافظات المختلفة و
الموقع عليها من رئيس القطاع المذكور بما يعنى أن العدد المقدم من رئيس
قطاع الطب العلاجي غير صحيح رغم وجود البيان الحقيقي أمامه ، وأما عدد
حالات الإصابات فهو صحيح وفق الثابت في ذات البيان و قد اطلعت اللجنة على
صور الكشوف التى قدمها الشاهد و الصادرة من مديريات الصحة فى المحافظات ،
ومن ثم ترى اللجنة أن الرقم الصحيح لحالات القتل حتى 16/2/2011 هو 846 حالة
على الأقل .
• وردت مذكرة وزير الداخلية بشأن شهداء هيئة الشرطة ثابت بها استشهاد عدد
26 ضابط ومجند شرطة خلال الفترة من 25/1/2011 وحتى 9/2/2011 .
• و قد أوضح كتاب مصلحة السجون المؤرخ 3/4/2011 أن عدد الوفيات من المساجين
189 سجينا و عدد الإصابات 263سجينا و عدد الوفيات بالقوات 4
حالات و الإصابات 30 حالة.
3-استخلاص اللجنة
و يثار في شأن استعمال الشرطة القوة فى مواجهة المتظاهرين ثلاثة أسئلة :
الأول: هل كان استعمال الشرطة للقوة لازما فى مواجهه المتظاهرين؟
والثاني :هل استعملت الشرطة القوة المفرطة فى تفريق المتظاهرين؟
والثالث : هل صدر أمر من سلطة عليا باستعمال الأسلحة النارية لتفريق المتظاهرين ؟
و نتناول – فيما يلي – الإجابة على هذه الأسئلة:-
اولا: هل كان استعمال الشرطة للقوة لازما فى مواجهه المتظاهرين ؟
يتعين بادىء الأمر أن نقرر أن حق التجمع السلمي يعتبر من الحريات الأساسية
المعترف بها عالميا ، حيث نصت المادة الخامسة من قرار الجمعية العامة للأمم
المتحدة رقم 53/144 بتاريخ 9 ديسمبر سنة 1988 الخاص بحماية
الحريات الأساسية المعترف بها عالميا على مايلى :-
" لغرض تعزيز و حماية حقوق الإنسان و الحريات الأساسية يكون لكل شخص الحق ،
بمفرده أو الاشتراك مع غيره على الصعيدين الوطني و الدولي في :
أ- الالتقاء أو التجمع سلميا
ب- تشكيل منظمات غير حكومية أو رابطات أو جماعات أو الانضمام إليها و الاشتراك فيها
جـ- الاتصال بالمنظمات غير الحكومية أو بالمنظمات الحكومية الدولية
و قد أرست المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية حق
التجمع السلمي و ضماناته و التزام الدول بالاعتراف به و بمراعاته ، حيث نصت
على أن " يكون الحق فى التجمع السلمي معترفا به ، ولا يجوز أن يوضع من
القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تفرض طبقا للقانون ، و تشكل
تدابير ضرورية ، فى مجتمع ديمقراطي لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة
أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق
الآخرين و حرياتهم " و كانت المادة 54 من دستور سنة 1971 تؤكد
ذلك إذ نصت على أن الاجتماعات العامة و المواكب و التجمعات مباحة فى حدود
القانون و هو ذات ما نص علية الإعلان الدستوري الصادر- حاليا- من المجلس
الأعلى للقوات المسلحة . و يوفر حق التجمع السلمي الحق في التعبير و الحق
فى مواجهه الإفراط فى استعمال القوة المسلحة لإجهاض التجمع السلمي ، على
نحو يضمن التزام الإطار الشرعي المقرر لممارسة هذا الحق ، و يكفل فى الآن
ذاته عدم استعمال القوه فى مواجهته بما يهدد حياة المتظاهرين و سلامتهم .
وقد نصت المادة 102 من القانون رقم 109 لسنة 1971 في شأن هيئة الشرطة على
ان "لرجل الشرطة استعمال القوة بالقدر اللازم لأداء واجبة إذا كانت هي
الوسيلة الوحيدة لأداء هذا الواجب وواضح من العرض السابق أن المظاهرات كانت
سلمية في أنحاء متفرقة من القطر و كان المتظاهرون يبدون ذلك في هتافاتهم ،
خاصة بميدان التحرير في أيام 25 حتى يوم 28 يناير ، إلا أن الشرطة بادرتهم
بإطلاق خراطيم المياه ، ولما لم تفلح في تفرقهم أطلقت عليهم وابلا من
الأعيرة المطاطية و الخرطوشة و الذخيرة الحية ،فأصابت وقتلت الكثيرين ،
بدءاً من محافظة السويس في 25 يناير ثم في سائر المحافظات.
ثانيا :-إفراط الشرطة فى استعمال القوة:
تحتوى المنظومة التشريعية و اللائحية على عدة نصوص تتناول قواعد و أحكام
حالات استعمال الشرطة القوة في تفريق المظاهرات و فض الشغب ، خاصة قواعد
استعمال الأسلحة النارية فقد وردت فى القانون 109 لسنة 1971 في شأن هيئة
الشرطة قرار وزير الداخلية رقم 139 لسنة 1955 بتقرير الأحكام الخاصة
بالاجتماعات العامة و المظاهرات فى الطرق و قرار وزير الداخلية رقم 156
لسنة 1964 فى شأن تنظيم استعمال الأسلحة النارية و ترسم المادة 102 من
القانون رقم 109 لسنة 1971 استعمال القوة بمعرفة رجال الشرطة وتنص على أن "
لرجل الشرطة استعمال القوة بالقدر اللازم لإجراء واجبه إذا كانت هي
الوسيلة الوحيدة لأداء هذا الواجب " . وتذكر الفقرة ثالثا حالة " فض
التجمهر أو التظاهر الذي يحدث من خمسة أشخاص على الأقل إذا عرض الأمن العام
للخطر وذلك بعد إنذار المتجمهرين بالتفرق ويصدر أمر استعمال السلاح في هذه
الحالة من رئيس تجب طاعته . "
• وعلية فأن المادة المشار أليها تشترط أن يكون إطلاق النار هو الوسيلة
الوحيدة لتحقيق الإغراض السالفة ويبدأ رجل الشرطة بالإنذار بأنه سيطلق
النار ثم يلجأ بعد ذلك إلى إطلاق النار . ويحدد وزير الداخلية بقرار منه
الإجراءات التي تتبع في جميع الحالات وكيفية توجيه الإنذار وإطلاق النار .
• وقد صدر قرار وزير الداخلية رقم 286 لسنة 1972 بسريان قرار وزير الداخلية
رقم156 لسنة 1964 في شأن تنظيم استعمال الأسلحة النارية الذي يوجب أن يكون
استعمال الأسلحة النارية بالقدر اللازم لتفريق المتجمهرين وان يكون هو
الوسيلة الوحيدة ، لذلك وبعد استنفاد جميع الوسائل الأخرى كالنصح واستخدام
العصي أو الغازات المسيلة للدموع وانه ينبغى عند إطلاق النار في الفضاء
مراعاة الحيطة التامة حتى لا يصاب احد الأبرياء ويجب أن يكون التصويب عند
إطلاق النار على الساقين .
• وغنى عن القول أن وقائع إطلاق النار وما نجم عنها من وفيات وإصابات خلال
أحداث ثورة 25 يناير قد خلت من الالتزام بالضوابط المقررة قانونا على
النحو المستفاد من العرض المتقدم لتلك الإحداث .
• و قد دل على أن الشرطة استعملت القوة المفرطة فى مواجهه المتظاهرين . مايلى:-
1- كثرة الوفيات و الإصابات ، إذ بلغ عدد القتلى حوالي 840 قتيلا و تعدت
الإصابات عدة آلاف من المتظاهرين ، وذلك جراء إطلاق الأعيرة النارية و
القنابل المسيلة للدموع التي كانت تستعملها الشرطة.
2- أن أكثر الإصابات القاتلة جاءت في الرأس و الصدر بما يدل أن بعضها تم
بالتصويب و بالقنص ، فأن لم تقتل الضحايا فقد شوهت الوجه و أتلفت العيون ،
فقد كشفت الزيارات و أقوال الشهود و الأطباء- خاصة في مستشفى قصر
العيني- أن المستشفيات قد استقبلت عددا هائلا من إصابات العيون خاصة فى
يومي 28 يناير ،2 فبراير 2011 بلغ المئات و أن حالات كثيرة فقدت بصرها.
3- أصابت الطلقات النارية و الخرطوش التي أطلقتها الشرطة أشخاصا كانوا
يتابعون الأحداث من شرفات و نوافذ منازلهم المواجهة لأقسام الشرطة . و
غالبا كان ذلك بسبب إطلاق النار عشوائيا أو لمنعهم من تصوير ما يحدث من
اعتداءات على الأشخاص.
4- طالت الأعيرة النارية أطفالا و أشخاصا تواجدوا مصادفة فى مكان الأحداث.
5- سحقت سيارات الشرطة المصفحة عمدا بعض المتظاهرين.
ثالثا :- صدور أمر باستعمال الأسلحة النارية من شخص تجب طاعته:--
نصت المادة 102 من القانون رقم 109 لسنة 1971 فى شأن هيئة الشرطة أن أمر
استعمال الشرطة السلاح لفض التظاهر يجب أن يصدر من رئيس تجب طاعته متى تعرض
الأمن العام للخطر وذلك بعد إنذار المتجمهرين بالتفرق.
و اللجنة – من جانبها- ترى أن أمرا صدر من وزير الداخلية و قيادات وزارة
الداخلية إلى رجال الشرطة باستعمال السلاح الناري في تفريق المتظاهرين و قد
أسلسه هذا الأمر- بالتدرج الرئاسي- إلى رجال الشرطة المسلحين ، في موقع
الأحداث. و قد دل على ذلك ما يلى:-
1-أن إطلاق الأعيرة النارية من الشرطة على المتظاهرين عم معظم محافظات
القطر بما ينبئ عن أن أمرا صدر لهم من سلطة مركزية بوزارة الداخلية تجب
طاعتها و هو الأمر الذي لا يتسنى إلا لوزير الداخلية الذي يملك السلطة
المركزية فى الشرطة.
2- أن صرف الأسلحة النارية و الذخيرة الحية لرجال الشرطة فى كافة المحافظات
لاستعمالها فى فض المظاهرات لا يكون إلا بأمر من السلطة العليا في وزارة
الداخلية.
3- ورد تقرير وزارة الداخلية المؤرخ 27/2/2011 أن اصدر التعليمات إلى قوات
الشرطة بالتعامل مع إحداث الشغب تتم بالتنسيق بين قيادة الأمن المركزي و
مديري الأمن في المحافظات و مدير الأمن العام و مدير مباحث امن الدولة.
4- ورد كتاب السيد اللواء مساعد أول وزير الداخلية ، مدير الإدارة العامة
للمكتب الفني بتاريخ 27/ 2/2011 متضمنا أن التعليمات الدائمة
تحظر استخدام الأسلحة النارية و الخرطوش أو حتى اصطحاب السلاح الشخصي وانه
توجد لجنة الإدارة الأزمة لكل مديرية امن منوط بها إصدار أمر تعامل القوات
بالقوة لفض المظاهرات 0000
5-قرر وكيل جهاز مباحث امن الدولة الأسبق أن استعمال الأسلحة النارية لا
يكون إلا بناء على أمر صادر من وزير الداخلية و أن عليه إخطار القيادة
السياسية. و انه إذا استمرت الشرطة في استعمال الأسلحة النارية لأكثر من
يوم فلا بد أن تكون القيادة السياسية على علم بذلك.
6- قرر أحد مساعدي وزير الداخلية الأسبق أن استعمال الشرطة للقوة لا يكون
إلا لفض الشغب و التجمهر و أن ذلك يتم على خطوات تدريجية ترفع أولا
بأول من قواد التشكيلات إلى رؤسائهم حتى تصل إلى مساعد الوزير للأمن
المركزي الذي كان اللواء احمد رمزي أثناء إحداث ثورة 25 يناير- الذي علية
أن ينقل هذه التقارير إلى الأقدم من مساعدي وزير الداخلية- و كان فى
القاهرة آنذاك اللواء إسماعيل الشاعر- ليقوم بعرضها على وزير الداخلية الذي
يملك- وحده- إصدار أوامر باستخدام الرصاص الحي و كان على وزير الداخلية
إصدار الأوامر إلى مساعديه بتسليم المواقع الشرطية إلى الجيش طالما تقرر
نزوله و إجراء التنسيق اللازم معه ، وهو ما لم يحدث.
7-أرسلت اللجنة كتابا إلى وزارة الداخلية لموافاتها بدفتر أحوال مخازن
الأسلحة الموجودة بقطاعات قوات الأمن المركزي خلال الفترة من 25/1/2011 حتى
31/1/2011 للوقوف على كمية الذخيرة المستخدمة في الأحداث ، و كذلك اطلاع
اللجنة على محتوى جهاز تسجيل الإشارات الموجودة بالوزارة و بغرفة عمليات
الإدارة العامة لرئاسة قوات الأمن المركزي خلال ذات الفترة ، غير أن اللجنة
لم تتلق راد حتى تحرير هذا التقرير.
4- تصرفات النيابة العامة
• أرسلت اللجنة إلى النيابة العامة أولا بأول مذكرات متضمنة الوقائع التي
تشكل جرائم جنائية للتحقيق فيها وذلك بتواريخ 23/2/2011، 26/2/2011
،5/3/2011 ،7/3/2011 17/3/2011 ،14/4/2011 .
• قدمت النيابة العامة وزير الداخلية الأسبق وكبار مساعديه و عدد من ضباط
الشرطة إلى المحاكمة الجنائية في محافظات القاهرة و الجيزة و6 أكتوبر و
السويس و الإسكندرية و البحيرة و الغربية و القليوبية و الدقهلية و الشرقية
و دمياط و بني سويف باتهامات : القتل العمد للمتظاهرين مع سبق الإصرار و
اقتران هذه القتل بجنايات أخرى و الشروع في القتل و
الاشتراك في هذه الجرائم فضلا عن جريمة التسبب بأخطائهم في إلحاق ضرر جسيم
بأموال و مصالح الجهة التي يعملون بها و أموال و مصالح
الغير المعهود بها إلى تلك الجهة بأن أهملوا في جمع المعلومات عن حجم
المظاهرات و حقيقتها كثورة شعبية لا يتم التعامل معها امنيا و
التصدي لها بالحشد و القوة و العنف لتفريقها ، فأدى ذلك إلى إنهاك القوات و
هبوط الروح المعنوية لديها وانسحابها من مواقعها و حدوث فراغ أمنى ، فشاعت
الفوضى و تعرضت حياة الناس و صحتهم و أمنهم للخطر ، مما الحق أضرارا
بالممتلكات العامة و الخاصة ، و ترتب عليه حدوث أضرار بمركز البلاد
الاقتصادي.
البلطجة ( واقعة الجمل )
• في صباح يوم الأربعاء الموافق 2/2/2011 وحتى فجر الخميس 3/2/2011 وقعت
أحداث دامية في معظم محافظات مصر خاصةً في ميدان التحرير ، الذي أصبح رمزاً
لثورة 25 يناير ، ومكاناً لتجمع الثوار من كافة أنحاء القطر ، وقد أطلق
على ذلك اليوم " الأربعاء الدامي " و نرصد في هذا الجزء ما حدث في ميدان
التحرير . فمنذ الصباح تجمعت أعداد من مؤيدي النظام في ميدان مصطفى محمود
بشارع الجامعة العربية ، و ذلك بناءً على توجيهات من بعض قادة الحزب الوطني
حسبما جاء في مداخلة لقيادة من قيادته في أحد البرامج في قناة تلفزيونية ،
كما تجمع آخرون من مؤيدي الرئيس السابق ، توافدوا من بعض أحياء القاهرة و
تمركزوا في الشوارع المؤدية إلى ميدان التحرير يسدونها بهدف منع
المتظاهرين المناهضين للنظام من الوصول إلى الميدان ومحاصرة المتظاهرين
داخله ، بينما أندس بعض مؤيدي النظام من الشرطة السرية بين المتظاهرين داخل
الميدان ، واعتلت طائفة أسطح المنازل المطلة على الميدان و في منتصف اليوم
بدأت أعداد غفيرة منهم في اقتحام الميدان خاصةً من ناحية ميدان عبد المنعم
رياض و كوبري 6 أكتوبر ومن مدخل ميدان التحرر من شارع طلعت حرب ، وألقوا
الحجارة وقطع الرخام وزجاجات حارقة ( المولوتوف ) على المتظاهرين وفي ذات
الوقت أطلقت الشرطة الأعيرة النارية و المطاطية و الخرطوش و القنابل
المسيلة للدموع على المتظاهرين وقام بعض القناصة بإطلاق الأعيرة النارية من
أعلى الأبنية المطلة على الميدان وبعدها هجم على الميدان مجموعة من الرجال
يركبون الجياد و الجمال ومعهم العصي وقطع الحديد والتي حضرت معظمها من
منطقة نزلة السمان و اجتمعت في ميدان مصطفى محمود واتجهت إلى ميدان التحرير
واخترقوا الحواجز الحديدية التي وضعها الجيش لتأمين المتظاهرين و انهالوا
ضرباً في جموع المتظاهرين ، فأحدثوا بهم إصابات أدت بعضها إلى الوفاة و ظل
هجوم المؤيدين للنظام بإلقاء الأجسام الصلبة وقطع الحجارة والرخام على
المتظاهرين . ولم يجد المتظاهرون سوى الدفاع عن أنفسهم بتكسير أرصفة
الميدان وتبادل قذف الحجارة مع المعتدين ، وظل الوضع على هذا النحو حتى
الصباح الباكر من يوم 3/2/2011 .
• وقد تمكن المتظاهرون من التحفظ على بعض راكبي الجمال ومن المندسين بينهم
من مؤيدي النظام السابق – الذين كانوا يعتدون على المتظاهرين – وتبين من
الإطلاع على هوياتهم الشخصية أنهم من رجال الشرطة بالزى المدني ومن
المنتمين للحزب الوطني ، وتم تسليمهم للقوات المسلحة لاتخاذ الإجراءات
القانونية حيالهم . وقد خاطبت اللجنة القوات المسلحة للاستعلام عن هوياتهم
وعن الإجراءات التي اتخذت قبلهم ، ولم تستقبل اللجنة رداً .
• ولما كانت اللجنة قد حققت في الأجزاء السابقة لوقائع اعتداء الشرطة على
المتظاهرين بالأسلحة النارية والمطاطية و الخرطوشة والقنابل المسيلة للدموع
وبالقنابل ، وبالدهس بالسيارات ، فقد رئي أن يقتصر البحث في هذا الجزء على
أعمال البلطجة بما فيها من استعمال الخيول والحجارة في إرهاب المتظاهرين و
الاعتداء عليهم .
• وقد سمعت اللجنة عدداً من الشهود يكفي للقول بأن بعضاً من رموز الحزب
الوطني وأعضاء مجلسي الشعب والشورى المنتمين للحزب وبعض رجال الشرطة –
خاصةً من المباحث الجنائية – وبعض رجال الإدارة المحلية قد دبروا للمظاهرات
المؤيدة للرئيس السابق في 2/2/2011 والتي انطلقت من أحياء القاهرة
والجيزة صوب ميدان التحرير ، وهي مزودة بالعصي والحجارة والمواد المشتعلة
والأسلحة البيضاء ، وأن عدداً من أعضاء الحزب الوطني ورجال الشرطة بالزى
المدني قد شارك مع البلطجية المأجورين وراكبي الجياد والجمال في الاعتداء
على المتظاهرين في ميدان التحرير ، على النحو المبين سلفاً .
تابع الباقيه