تقرير لجنة تقصي الحقائق، حول أحداث ماسبيرو، والتي انبثقت عن المجلس
القومي لحقوق الإنسان، لبحث أسباب التصعيد بين المتظاهرين السلميين وقوات
الأمن من الشرطة العسكرية أمام مبنى الإذاعة والتليفزيون، والذي تم الإعلان
عن أبرز توصياته في مؤتمر صحفي عقد، اليوم الأربعاء..
وفيما يلي نص التقرير بالكامل..
مقدمة
تعد أحداث ماسبيرو يوم الأحد الموافق التاسع من أكتوبر 2011،
والتي فقدت فيها مصر 28 شهيدا منهم 26 من المواطنين المسيحيين و 1 من
العسكريين، و1 من المواطنين المسلمين ، بالإضافة لأكثر من 321 مصاب من
المدنيين والعسكريين، وفقا لبيانات وزارة الصحة والسكان، تعد نقطة تحول
فارقة هددت أحد أهم مقومات المجتمع المصري وأسباب تفرده. وكان للمخزون
الحضاري للشعب المصري والذي رفضت جموعه محاولات التحريض والاستعداء ضد
المواطنين المسيحيين، دورا حاسما في حماية الوطن ووحدة شعبه من كارثة قومية
محققة. فقد شهد هذا اليوم عددا من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان تشكل
جرائم ارتكبت في حق المتظاهرين السلميين، شملت جرائم قتل عمد، وقتل عشوائي،
والاعتداءات البدنية وما تخلف عنها من إصابات جسيمة أسفر بعضها عن إعاقة
تامة أو جزئية وإصابات أخرى متفرقة.
كما وقعت جرائم إتلاف لمركبات ومهمات عسكرية وممتلكات عامة وخاصة.
ويوجز هذا التقرير نتائج لجنة تقصي الحقائق التي شكلها المجلس القومي لحقوق
الإنسان من بين أعضائه، بموجب قرار صدر فى جلسته الطارئة بتاريخ 10 أكتوبر
2011، برئاسة الأستاذة "منى ذو الفقار" وعضوية السيدات والسادة د."أسامة
الغزالي حرب"، ود. "اسكندر غطاس" ،و"إنعام محمد على" ، و "جورج اسحق" ،
و"حافظ أبو سعدة"، ود."درية شرف الدين"، ود. "سمير مرقس"، "عمرو الشوبكى"،
ود. "عمرو حمزاوى"، ود."فؤاد رياض، و"محسن عوض"، "و"ناصر أمين"، و"يوسف
القعيد"، أعضاء المجلس.
وساعد فى إعداد التقرير عدد من الباحثين المتخصصين من مكتب الشكاوى بالمجلس
يضم السيدات والسادة جمال بركات، نبيل شلبى، إسلام شقوير، أحمد عبدالله،
كريم شلبى، خالد معروف، أسامة نشأت، أحمد جميل، أسماء شهاب، نشوى بهاء، ومن
أمانة المجلس الزملاء أمجد فتحى، مى نجيب، رشا علوى، أسماء الشهاوى، هانى
الحسينى، أسماء فوزى، معتز فادى، محمد ماهر، رامى علام، عمرو يسرى، خالد
معتصم، رامى ميخائيل .
واستندت اللجنة في مصادرها على الآتي :
1- الشهادات الميدانية التى تم تجميعها من مواقع الأحداث،
حيث قام عدد من الباحثين بالمجلس بتغطية مواقع الأحداث من بداية المسيرة
حتى منطقة ماسبيرو .
2- تقارير بعض المنظمات المصرية غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان.
3- المصادر الإعلامية المرئية والمكتوبة والمسموعة .
4- جلسات استماع لعدد كبير من الشهود من الأفراد والمصابين
وأهالي الضحايا والمجموعات التي شاركت في المظاهرات، وكذا الإدارات
المتخصصة في المستشفيات التي استقبلت جثامين القتلى والمصابين، وان رفض
بعضهم التعاون مع اللجنة.
5- خاطبت اللجنة وزارات الإعلام، والداخلية، والصحة والسكان،
والدفاع لإفادتنا بما لديهم من بيانات ومعلومات حول الأحداث. وتلقينا
ردودا من وزارات الإعلام والصحة والسكان والداخلية.
وينقسم التقرير إلى ستة أقسام رئيسية :
القسم الأول: موجز لتطورات الأحداث
القسم الثاني: دور التليفزيون المصري الرسمي
القسم الثالث: البيانات المتاحة من وزارة الصحة عن الضحايا والمصابين
القسم الرابع: الخلفية الممهدة لأحداث ماسبيرو
القسم الخامس: المرجعية القانونية والانتهاكات التى ارتكبت خلال الأحداث
القسم السادس : الخلاصة والتوصيات بشأن مساءلة الجهات والأفراد المسئولين
عن الانتهاكات والجرائم التي ارتكبت خلال هذه الأحداث المؤسفة من خلال ما
تجمع لدي لجنة تقصى الحقائق من دلائل، بالإضافة إلى التشريعات والسياسات
المطلوب إصدارها وتطبيقها على المدى القصير والمتوسط للتصدي للأسباب
الحقيقية لأحداث الأزمة الطائفية ومعالجة جذورها.
ويتناول الملحق (1) تفاصيل المعايير الدولية والوطنية التي استندت اليها اللجنة كمرجعية قانونية للتقرير
أولا – موجز تطور الأحداث:
1- بداية المظاهرة ومسارها:
* § خرجت المظاهرة بأعداد متزايدة، تتجاوز خمسين
ألف متظاهر، من شارع شبرا ما بين الساعة الرابعة والرابعة والنصف متجهة إلى
ماسبيرو، وقطعت المسافة البالغة حوالي 5, 6 كيلومتر فى ساعتين تقريبا.
وكانت المظاهرة سلمية بإجماع الشهود. و ضمت، إلى جانب المواطنات والمواطنين
والأطفال المسيحيين، العديد من المواطنات والمواطنين المسلمين. ولم يحمل
المتظاهرون سوى الصلبان الخشبية أو البلاستيكية والأعلام المصرية واللافتات
التى تندد بهدم الكنائس وتطالب بقانون موحد لبناء دور العبادة، مؤكدين أن
المسيحيين مصريون وليسوا كافرين. كانت الهتافات تؤكد ذات المطالب (شعارنا
واحد غيره مفيش إحنا نموت كنايسنا تعيش - يا طنطاوى ليه مش سامع الكنيسة زى
الجامع – أى ملة وأى دين مصر لكل المصريين – من أسوان لاسكندرية الأقباط
دايما ضحية – مصريين مسيحيين مصر بلدنا ليوم الدين). كما كانت تندد بالحكم
العسكرى وتطالب بسقوطه وتندد أيضا بالعنف الذى تمارسه الشرطة العسكرية،
بالإضافة لهتافات ذات طابع سياسى تطالب بالدولة المدنية وترد على بعض
التيارات السلفية المتطرفة (قالوا علينا الكفار احنا المصريين الأحرار -
مصر دولة مدنية مش إمارة إسلامية – ياللا يا مصرى انزل من دارك لسه فيه
مليون مبارك )، والهتافات التى تتوجه إلى الله تعالى بالدعاء (يارب –
كيرياليسون أي يارب ارحم باللغة القبطية القديمة)، كما كان عدد قليل من
المتظاهرين يضع شارات كتب عليها (شهيد تحت الطلب).
* § والجدير بالذكر أن الدعوة إلى المظاهرة
والإعلان عنها وإخطار الجهات المختصة، كان قد تم من قيادات ائتلافات واتحاد
شباب ماسبيرو وغيرهم من التجمعات قبل قيامها بثلاثة أيام على الأقل، وذلك
اثر أحداث مساء الثلاثاء الموافق 4 أكتوبر 2011 في ماسبيرو، حيث استخدمت
قوات الشرطة العسكرية والأمن المركزي القوة المفرطة لفض المظاهرة ومحاولة
الاعتصام بجوار ماسبيرو من 700 إلى 800 متظاهر سلمى، وذلك بالضرب ثم
باستخدام المركبات المدرعة ، وفقا للشهادات الموثقة المقدمة للجنة. ويشمل
ذلك على وجه الخصوص حالة الشاب رائف الذي تعرض لضرب مبرح وسحل من جنود
الشرطة العسكرية، والذي تم بث مشاهد الاعتداء عليه على الفضائيات
والانترنت. وكان ذلك من الأسباب الدافعة لمظاهرة الأحد 9 أكتوبر 2011.
* وتعرضت المظاهرة عند نفق شبرا للقذف بالحجارة والزجاج من أعلى نفق
شبرا من قبل بعض المدنيين المجهولين القادمين من منطقة السبتية مرددين هتاف
(إسلامية إسلامية)، بالإضافة لإطلاق الأعيرة النارية من مصدر مجهول على
المتظاهرين. واستطاعت المظاهرة استئناف مسيرتها بعد أن نجح الشباب المشارك
فى المظاهرة ( لجنة النظام بالمظاهرة ) من الصعود الى أعلى النفق ومطاردة
هؤلاء الأشخاص المعتدين، وقد اصيب بعض المشاركين فى المظاهرة نتيجة
إلقاء الطوب والحجارة عليهم، وفقاً لبعض الشهادات المؤكدة على صحة ذلك .
* § وعند كوبرى 26 يوليو أثناء عبور المظاهرة أسفل
الكوبري، تعرض المتظاهرون إلى القذف بالطوب والحجارة والزجاجات الفارغة من
مجاميع من المدنيين المجهولين فى منطقة بولاق ابو العلا، وتم إطلاق أعيرة
نارية عليهم دون أن تحدث إصابات للمشاركين في المظاهرة. واستأنفت المظاهرة
خط سيرها ، ثم توقفت أمام مبنى الأهرام منددة بالإعلام الفاسد فى إشارة
إلى أن مؤسسة الأهرام أحد رموز فساد منظومة الإعلام. وجرت بعض المناوشات
بين أمن المبنى وبعض المتظاهرين، ولكن تم احتواء الموقف من قبل بعض
المتظاهرين واستمروا فى مسيرتهم إلى منطقة ماسبيرو، وكانت الهتافات تعلو
مؤكدة سلمية المظاهرة عند تعرضها للاعتداءات (سلمية سلمية – احنا مسيرة
سلمية احنا مش بلطجية).
* § ولكن في حوالي الساعة السادسة والربع، بعد وصول
مقدمة المظاهرة السلمية إلى كورنيش النيل من ناحية فندق رمسيس هيلتون في
طريقها لتلتقي بالوقفة الاحتجاجية السلمية الموجودة أصلا منذ الساعة
الخامسة بمنطقة ماسبيرو، تحركت قوات الشرطة العسكرية لتوقف تقدم المظاهرة،
وألقى بعض الأفراد الحجارة وزجاجات المياه البلاستيكية على قوات الشرطة
العسكرية المتقدمة صوبها، وقامت قوات الشرطة العسكرية بتفريق المتظاهرين
باستخدام الدروع و الضرب بالعصي الخشبية. كما أطلقت الرصاص الفشنك لتفريق
المتظاهرين، مما أثار الرعب لديهم، فتسبب ذلك فى تراجعهم للوراء بعيدا عن
مبنى الإذاعة والتليفزيون (ماسبيرو) بسرعة للهروب من هجمة قوات الشرطة
العسكرية. ومع الازدحام والأعداد الكبيرة واستمرار اعتداء قوات الشرطة
العسكرية، تساقط الكثيرون من المتظاهرين بعضهم فوق بعض وأصيبوا بإصابات
مختلفة. وحاول بعض المتظاهرين اثر ذلك ملاحقة بعض أفراد الشرطة العسكرية
فى أماكن تمركزهم مستخدمين العصي والحجارة .
2- إطلاق النار على المتظاهرين والشرطة العسكرية من مدنيين مجهولين:
* وفى نفس وقت إطلاق الشرطة العسكرية لطلقات الصوت (الفشنك) فى الهواء
لتفريق المتظاهرين، تم إطلاق أعيرة نارية حية على المتظاهرين من مصادر لم
يمكن تحديدها بدقة، وسقط عدد 7 من القتلى والعديد من المصابين من
المتظاهرين ، وكذلك سقط أحد القتلى وعدد من المصابين من أفراد القوات
المسلحة (الشرطة العسكرية). وأفاد العديد في شهاداتهم أن الذخيرة الحية كان
مصدرها الشرطة العسكرية، باستخدام البنادق الآلية ضد المتظاهرين ، وقد
نفت القوات المسلحة إطلاق النيران على المواطنين، ويؤيد ذلك العديد من
الشهادات التي أكدت استخدام الشرطة العسكرية لطلقات الفشنك ولم تستخدم
الذخيرة الحية.
* وأكد عدد من الشهود أن بداية إطلاق النار كانت من خلال عدد من
المدنيين المجهولين اندسوا على المتظاهرين واختلطوا بالمظاهرة بدراجات
بخارية (موتوسيكلات) فى الاتجاه المعاكس لماسبيرو، وقاموا بإطلاق النار على
المتظاهرين وعلى قوات الشرطة العسكرية. ويؤيد ذلك شهادة أخرى أكدت رؤية
قناص مسلح على مطلع كوبري أكتوبر المواجه للمبنى المجاور لفندق رمسيس
هيلتون يطلق الرصاص على المتظاهرين والشرطة العسكرية وحوله مجموعة تساعده،
والعديد من الشهادات التي أكدت تعرض المظاهرة لإطلاق الرصاص الحي مرتين
أتناء مسيرتها من شبرا إلى ماسبيرو، عند نفق شبرا وكوبري 26 يوليو.
* وقد أكد العديد من الشهود في شهاداتهم وقوع المصابين والقتلى نتيجة
إطلاق الأعيرة النارية الحية، ولكنهم لم يتمكنوا من تحديد القائم بإطلاقها.
ووفقا لروايات البعض، كان من أول ضحايا إطلاق النار الشهيد مينا دانيال
أحد شباب ثورة 25 يناير والبالغ من العمر 19 عاما، كما أشارت شهادة أخرى
إلى أن أول القتلى نتيجة إطلاق الأعيرة النارية الحية كان احد أفراد الشرطة
العسكرية، وهو ما يؤيد أن المدنيين المجهولين أطلقوا النار على المتظاهرين
والشرطة العسكرية.
* ومن الشهادات الأخرى المتعلقة بإطلاق النار قيام أحد المدنيين
بالاستيلاء على بندقية آلية بها طلقات فشنك وهروبه، إلا أنه وفقا لبيان
وزارة الداخلية فان أحد الضباط تمكن من استردادها والتحفظ عليها، بالإضافة
لبندقية آلية أخرى وخزان طلقات فشنك تم تسليمها لقسم بولاق، وهو ما يؤكد
استخدام الشرطة العسكرية لطلقات الفشنك. وفى شهادة أخرى أكد صاحبها على
إصابته برصاص مطاطي من قبل قوات الأمن المركزي فى محاولة لتفريق المتظاهرين
المتواجدين أسفل كوبري أكتوبر، ولكن تظل تلك الشهادات فردية لم تؤيدها
شهادات أخرى.
* وفى ظل عدم توفر المعلومات وعدم إعلان تقارير الطب الشرعي التفصيلية
حتى تاريخ كتابة هذا التقرير، وعدم إمكان التوصل إلى أدلة حاسمة على مصدر
إطلاق الرصاص الحي، تقع مسؤولية تحديد هوية المدنيين المجهولين ومحرضيهم من
مرتكبي هذه الانتهاكات التى تشكل جرائم قتل عمد على عاتق جهات التحقيق
المختصة، خاصة وأن لديها حالتين من المصابين من المتظاهرين بطلق ناري غير
نافذ وتم حصولهم على الطلقات بما قد يمكنهم من تحديد مصدرها.
3- دهس المتظاهرين:
* على الجانب المواجه لمبنى ماسبيرو وبمحاذاة النيل فى اتجاه
التحرير، كانت هناك أربع عربات جيب وخلفها ثلاث مركبات مدرعة فهد ومركبتين
مدرعتين من حاملات الجنود يقفون جميعا ملاصقين للرصيف فى نفس الاتجاه .
* § بدأت المركبات المدرعة فى التحرك بعد دقائق
قليلة من بداية استخدام الشرطة العسكرية للقوة لتفريق المتظاهرين ومنعهم من
التقدم للمنطقة المحيطة بمبنى ماسبيرو، وهو نفس المنهج المستخدم لفض
تظاهرة مساء الثلاثاء 4 أكتوبر. فتحركت ثلاث مركبات مدرعة، الواحدة تلو
الأخرى، بشكل متلاحق وسريع فى شارع كورنيش النيل فى اتجاه كوبري أكتوبر، ثم
تبع ذلك تحرك مركبتين مدرعتين فى نفس الاتجاه لكوبري أكتوبر. وكانت حركة
المدرعتين الأولى والثانية بين المتظاهرين بالغة السرعة ودائرية، فغيرت
خط سيرها من الاتجاه صوب كوبري أكتوبر إلى الاتجاه المعاكس صوب ماسبيرو.
ونتيجة للسرعة الشديدة التى كانت تسير بها المدرعتان الأولى والثانية،
قامتا بدهس عدد من المتظاهرين، ليسقط 12 من القتلى، بالإضافة إلى حوالي
خمسة من الجرحى بإصابات بالغة، وفقا للبيانات المتوفرة حتى تاريخ التقرير،
وكل ذلك ثابت بموجب شهادات موثقة وتسجيلات حية لوقائع الدهس.
* وقد حصلت لجنة تقصى الحقائق على شهادة حية من احد المصابين الذي فقد
أخيه نتيجة الدهس من إحدى المركبات المدرعة. وقد أنقذت العناية الإلهية
الشاهد من الموت، إلا أن نفس المركبة المدرعة دهست قدمه اليمنى كما ألحقت
به إصابات بالغة. وروى فى شهادته انه بعد إصابته فى تلك الأحداث تم
إلقاءه فى مدخل إحدى العمارات المجاورة لمبنى ماسبيرو فوق ما يقرب من أربع
إلى خمس جثامين، حيث اعتقد من قام بنقله انه قد فارق للحياة.
وقد ورد للجنة العديد من الشهادات التى تؤكد أن هذه الجثامين لعدد من ضحايا
الدهس وإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين. وكان قد تم نقلهم إلى مدخل
العمارة التى يقع بها مقر قناة 25يناير.
* وكان المتظاهرون قد قاموا بنقل الجثامين التي تم دهسها إلى مداخل
البنايات المقابلة للكورنيش فى ظل حالة من الذهول الشديد اثر بشاعة المشهد،
في حين تأخرت سيارات الإسعاف فى إخلاء الجثامين والمصابين نتيجة الدهس من
مكان الأحداث، حسب ما ورد فى أقوال الشهود، بينما أفادت وزارة الصحة فى
بيانها أنها دفعت بست سيارات إسعاف لتأمين المظاهرة، ثم أضافت 18 إلى أن
وصل عدد سيارات الإسعاف إلى 30، ورغم ذلك لم يكن عدد السيارات كافيا بالنظر
للأعداد الغفيرة للمتظاهرين والمصابين.
4 – ردود أ فعال بعض المتظاهرين والمدنيين المجهولين:
إثر الاعتداءات التي تعرض لها المتظاهرون بالدهس من المركبات المدرعة و إطلاق النار والضرب بالعصى، تمثلت ردود الأفعال في الآتي:
* رشق بعض المتظاهرين بعض أفراد الشرطة العسكرية بالحجارة و استخدموا
العصى ضدهم. وذكرت بعض الشهادات أن بعض المتظاهرين كانوا يحملون أسلحة
بيضاء (السيوف والمطاوى والسكاكين ) تم استخدامها ضد أفراد الشرطة
العسكرية. وفى شهادات أخرى، أكد بعض الشهود أن المجموعات التي تستخدم
السيوف والأسلحة البيضاء كانت من المدنيين المجهولين والبلطجية المأجورين
من المناطق المجاورة لماسبيرو.
* قام بعض المتظاهرين بالقفز على إحدى المركبات المدرعة، كما قام آخرون
بإضرام النار فى المركبة المدرعة التى علقت نتيجة اصطدامها بحائط خرسانى،
وقد حاول سائقها الهروب منها إلا أن المتظاهرين امسكوا به وتم ضربه بعنف،
فتدخل احد القساوسة لحمايته وتم إنقاذه حتى تم تسليمه إلى الشرطة العسكرية
.
* قام أحد المدنيين باستقلال ناقلة للجنود و حاول قيادتها ثم قفز خارجا
منها، مما أدى لاصطدامها بعربتين جيب من مركبات الشرطة العسكرية والتي
كادت أن تدهس بعض المتظاهرين .
* تم إشعال النيران في أحد الأتوبيسات التابعة للشرطة العسكرية وأيضاً
بعض السيارات الخاصة بموقع الحدث من قبل بعض المدنيين، وذلك وفقا لبعض
الشهادات.
* قام أحد المدنيين بالصعود إلى أحدى ناقلات الجنود التي شاركت في الدهس وقذف الجندي الموجود بها بحجر ضخم.
5- الاعتداء على المتظاهرين ودور الإعلام والشائعات:
* وبعد الإعلان في التليفزيون المصري أن الأقباط يعتدون على الجيش،
ظهر عدد من المواطنين المدنيين يحملون العصيان الخشبية والحديدية والأسلحة
البيضاء (مطاوى - سكاكين - سيوف) وانضموا لقوات الشرطة العسكرية فى منطقة
جراج ماسبيرو وفى المناطق المحيطة بفندق رمسيس هيلتون ، وقاموا بضرب
المتظاهرين وسبهم باستخدام عبارات مضمونها (الجيش والشعب ايد واحدة ضد
النصارى) . ووفقا لروايات الشهود فان هؤلاء الأشخاص كانوا من المدنيين
المجهولين والبلطجية القادمين من المناطق المجاورة لماسبيرو.
* كما تم ترويج شائعة مفادها أن المتظاهرين المسيحيين يقومون بقتل
أفراد الجيش، مما دفع مجموعات من المدنيين المجهولين من المناطق المجاورة
لماسبيرو، للخروج إلى موقع الأحداث والاعتداء بالضرب المبرح والأسلحة
البيضاء (السيوف والمطاوى والسكاكين )على المتظاهرين من المواطنين
المسيحيين. ومن الشائعات الخطيرة أيضاً التى تم ترويجها قيام المواطنين
المسيحيين بحرق المصاحف وتمزيقها، مما ترتب عليه نزول عدد من المدنيين
المجهولين والبلطجية إلى منطقة ماسبيرو والاعتداء بالأسلحة البيضاء على أى
متظاهر لمجرد أنه مسيحى.
* كما تم الاعتداء على المتظاهرين أيضاً فى المنطقة بين كوبري أكتوبر
وعبد المنعم رياض، حيث تم رشقهم بالحجارة من مدنيين مجهولين، وذلك على مرآي
من قوات الشرطة العسكرية والأمن المركزى، وذلك وفقاً لرواية الشهود.
* ووقع اعتداء آخر أمام المستشفى القبطى فقام عدد من المدنيين
المجهولين والبلطجية بالتجمهر حول المستشفى وقاموا بقذف الحجارة وإطلاق
الأعيرة النارية تجاه أهالي المصابين الموجودين أمام المستشفى. ولم تقع
إصابات نظرا لإسراع اهالى المصابين بالدخول الى مبنى المستشفى طلبا
للحماية. وكانت تلك المجموعات تردد عبارات (النصارى فين المسلمين اهم
والشعب والجيش ايد واحدة ) وبعد ذلك قاموا بإشعال النيران فى احد
الأتوبيسات وسيارة ملاكى مملوكة لأحد المواطنين.
* ومن الشهادات الموثقة والملفتة للنظر رواية أحد الشهود حول تعرضه
للاعتداء من بعض البلطجية، حيث شاهد عدد من البلطجية يقومون بالاعتداء على
متظاهرين حاملين لافته (قانون دور العبادة الموحد) وبتدخله لمناقشة الأمر
والاستفسار عن سبب الغضب العارم تجاه اللافتة، سألوه عن ديانته فأخبرهم أنه
مسيحي، فقاموا بالاعتداء عليه وضربه ضربا مبرحا وقال له أحدهم (مش إنتوا
الى جايين تقتلوا الجيش إحنا الى هنقتلكم) وقام بطعنه فى الرقبة مستخدما
(مطواة) وألقاه على الأرض، وبعد ذلك تم وضعه فى سيارة قمامة من قبل أمين
شرطة لحمايته من البلطجية و تم نقله إلى مستشفى معهد ناصر حيث تم إنقاذه .
6 - نهاية الأحداث وتفريق المظاهرة :
* فى ما بين الساعة الثامنة و الثامنة والنصف مساء تفرق المتظاهرون
متجهين الى منطقة فندق رمسيس هيلتون والى ميدان عبد المنعم رياض وميدان
التحرير. وحدثت مواجهات بين المتظاهرين من جانب و بين الشرطة العسكرية
وقوات الأمن المركزى من جانب أخر، حيث أطلقت قوات الأمن المركزى القنابل
المسيلة للدموع من أعلى كوبرى أكتوبر، وقامت بإلقاء الطوب والحجارة على
المتظاهرين، وذلك بمشاركة بعض المدنيين المجهولين الذين خرجوا لمساندة
الجيش، بعد إعلان بعض وسائل الإعلام أن الأقباط يهاجمون الجيش ويعتدون
عليه. كما قامت قوات الشرطة العسكرية وقوات الأمن المركزي بمطاردة
المتظاهرين وضربهم أسفل الكوبري، وقد تبادل كل من المدنيين المجهولين
الذين خرجوا لمساندة الجيش والمتظاهرين التراشق بالحجارة، وذلك فى المنطقة
المحيطة بميدان عبد المنعم رياض حيث احتل المتظاهرون الجانب المؤدى إلى
ميدان التحرير، واحتل الجانب المساند للجيش الجانب المؤدى إلى فندق رمسيس
هيلتون . ونتيجة دعوة احد المدنيين المجهولين من المتدخلين لمساندة الجيش
الى نبذ الخلافات والاتجاه الى ماسبيرو مرة أخرى، اتحد المتظاهرون من
المجموعتين اللتين كانتا تتبادلان إلقاء الحجارة على بعضهم البعض فى مشهد
مثير للدهشة مرددين عبارات (مسلم مسيحى ايد واحدة) .
* وتوجه المتظاهرون المتواجدون في ميدان التحرير وميدان عبد المنعم
رياض و رمسيس هيلتون فى مسيرة مشتركة إلى ماسبيرو، إلا أنهم فوجئوا بعد
دخولهم إلى شارع كورنيش النيل بهجوم قوات الشرطة العسكرية على المسيرة
بمشاركة المدنيين المجهولين المساندين للجيش اللذين انضموا إليهم خلال
المسيرة مرددين عبارات (الجيش والشعب ايد واحدة - النصارى فين المسلمين اهم
)، فيما يبدو أنها خدعة استخدمت لدفع المتظاهرين للتخلي عن أماكنهم،
وإخلاء ميدان عبد المنعم رياض وميدان التحرير والتوجه إلى أماكن وجود
الشرطة العسكرية فى منطقة ماسبيرو.
* وفى ذات الوقت انتشرت قوات الشرطة العسكرية فى ميدان التحرير
والمناطق المحيطة به، مما أدى إلى تفرق المتظاهرين فى اتجاه شارع رمسيس
لعدم قدرتهم على العودة إلى الميدان مرة أخرى، ومن ثم تم فرض حظر التجوال
اعتبارا من الساعة الثانية صباحا الى الساعة السابعة صباحا .
ثانيا – دور التليفزيون المصري
1. وقعت أحداث ماسبيرو أمام مبنى التليفزيون وكان التليفزيون المصرى
الرسمى هو المصدر الأساسي والأول للمعلومات لكافة المشاهدين ، وعنه نقلت
شاشات أخرى عربية و أجنبية ومصرية خاصة، وهو ما يضاعف من مسئوليته فى عرض
الحقائق كاملة بحياد تام وموضوعية وفقا للمعايير المهنية.
1. وللأسف الشديد كانت تغطية التليفزيون المصرى لأحداث ماسبيرو خلال
الفترة الزمنية ما بين الساعة السادسة مساءً و نشرة أخبار الساعة التاسعة،
وهى أكثر الأوقات حسماً وأهمية وخطورة فيما يتعلق بهذه الأحداث، كانت مضللة
ومحرضة ضد المتظاهرين من المواطنين المسيحيين، حيث عرضت أنباء تتهم
المتظاهرين، محددة هويتهم بالأقباط، بإطلاق الرصاص على قوات الجيش و الشرطة
ووقوع ثلاثة من القتلى وعدد من المصابين من بينهم. وأغفلت عمداً حوادث
القتل والدهس والاعتداء على المتظاهرين، ولم تشر إلى وجود مصابين و شهداء
بين المواطنين المسيحيين، مما أدى لاستعداء المشاهدين على المواطنين
المسيحيين، ونزول البعض منهم بغرض مساندة الجيش ، حيث تم الاعتداء على
المواطنين المسيحيين لمجرد أنهم مسيحيين، كما ورد فى القسم الأول من
التقرير. لقد ظهر أداء التليفزيون الرسمى فقيرا مهنياً و تقنياً، يفتقد
المصداقية، وكاد بأخطائه أن يوقع البلاد في أزمة طائفية حقيقية، لولا لطف
الله والمخزون الحضاري للشعب المصري الذي رفضت جموعه محاولات التحريض
والاستعداء ضد المواطنين المسيحيين، فحمت الوطن ووحدة شعبه من كارثة قومية
محققة.
1. ونوجز فيما يلى عرضا لواقع أداء التليفزيون المصرى الرسمى للأحداث
خلال الفترة الزمنية ما بين الساعة السادسة مساءً و نشرة أخبار الساعة
التاسعة:
* عندما بدأت الأحداث فى التصاعد و أثناءها لم يتغير شريط الأخبار ليدل
على حدث جلل و خطير يتعرض له الوطن. وظل على حاله يحمل أخباراً عالمية و
عربية و محلية، وكأن شيئاً لا يحدث على بعد أمتار فقط من مبنى التليفزيون،
مما مثل مظهراً مهنياً مختلاً وغائباً عن الإدراك الواعي للأمور. ثم ظهرت
كلمة ( عاجل ) و جاء التحديد الأول لهوية المتظاهرين تحت عنوان ( أقباط
يرشقون الجنود بالحجارة و مولوتوف من أعلى كوبرى أكتوبر ويحرقون السيارات )
، ثم توالت الأخبار عن ( ثلاثة شهداء وعشرين مصاباً كلهم من جنود قوات
الجيش ) كنتاج أول للمعركة الدائرة .
* والملاحظ أن كلمة "أقباط" وحدها ظلت تتردد فى شريط الأخبار الثانى
تحت عنوان (عاجل) حتى نشرة أنباء التاسعة، دون أية إشارة إلى وجود شهداء
ومصابين بين الأقباط، رغم ظهور مشاهد دهس المركبات العسكرية لهم. ثم احتوى
شريط الأخبار مرات عديدة على أنباء إطلاق المتظاهرين الأقباط المحتشدين
أمام مبنى التليفزيون النار على قوات الجيش و الشرطة .
* وردت فى نفس الفترة عدة أخبار متلاحقة قرأتها مذيعة الفترة عن
مظاهرات للأقباط فى مناطق أخرى من مصر كالإسكندرية و توجههم إلى قيادة
المنطقة المركزية الشمالية، ومن أسوان أمام المحافظة ، ومن قنا أمام
المطرانية، مما أظهر الأمر وكأن ثورة قبطية بدأت تجتاح البلاد على غير
الحقيقة.
* وجاء تقديم السيدة / رشا مجدى مذيعة الفترة الإخبارية للأحداث
متوافقاً مع ما ورد أمامها فى شريط الأخبار تحت عنوان (عاجل )، أى ما يتعلق
بهجوم الأقباط على أفراد القوات المسلحة و إيقاع قتلى و مصابين بينهم ،
وجاء تعليقها عليه بكلمات حماسية غاضبة و عنيفة تتضمن تعليقات شخصية لاتتفق
مع واجب الاتزان و الحياد فى أداء المذيع ، فقد ذكرت على سبيل المثال أن
الشهداء و المصابين من جنود الجيش سقطوا ليس بأيدى الإسرائيليين أو العدو
ولكن بأيدى فئة من أبناء الوطن ، وأن هذا الجيش الذى يُضرب الآن هو الذى
حمى الثورة ، وأن هذا الجيش هو الذى يُطلق الرصاص عليه اليوم ، وصرخت
كثيراً : لمصلحة من يحدث هذا فى مصر؟ ولماذا يُنقض على الوطن كله ، ودعت
الكنيسة لتهدئة المتظاهرين. وهذه أمور كلها لاتتفق مع الأداء الواعى للمذيع
المدرك للمصلحة العامة و المدرك لحدود وظيفته ولتأثير أداءه على جموع
المشاهدين .
* والجدير بالذكر أن العبارة الشهيرة التى انتشرت بين الناس على أساس
ورودها على لسان السيدة رشا مجدى و الخاصة "بدعوتها للمواطنين الشرفاء
لإنقاذ أفراد القوات المسلحة من عدوان الأقباط والحضور إلى منطقة ماسبيرو
للمساعدة، لم ترد فى التسجيل الوارد إلينا من وزارة الإعلام، ولم ترد على
ال YOUTUBE، مما يعنى أنها لم تدل بها صراحة، الا أن كلماتها النارية فى
سياق الأخبار المضللة المذاعة، كانت تستعدى المواطنين ضد الأقباط وتدعو
المشاهدين ضمنا للمبادرة بالنزول بغرض مساندة أفراد الجيش.
* ارتكب رئيس تحرير هذه الفترة الإخبارية خطأً جسيما، بل هو الخطأ
الأول و الأساسى الذى ترتبت عليه أخطاء متتالية، إذ أن رئيس التحرير هو
المسئول عن الأمر بكتابة الأخبار العاجلة وكذلك الشريط الإخبارى المتحرك
على الشاشة و الذى احتوى على الأخبار التى رددتها السيدة المذيعة، حيث أن
هذا الشريــط الإخباري كــان يمثــل لها المصدر الوحيد لمعرفة ما يجرى
بالخارج. وكان على رئيس التحرير تقدير مدى خطورة توجيه أصابع الاتهام
مسبقاً إلى الأقباط عن طريق التليفزيون، وليس عن طريق جهات التحقيق، خاصة
إذا كان الأمر يتعلـق بإمكانيـة حـدوث مواجهـة طائفية دينية خطيرة العواقب
فى أنحاء البلاد. وكان عليه أيضاً التثبت من وقوع قتلى و إصابات فى جانب
الأقباط بواسطة المراسلين للتليفزيون الموجودين خارج المبنى - و كانوا قله -
لتضمينها فى الشريط الإخبارى، وهو ما يتفق مع التزامه بعرض الحقيقة كاملة
بدون اجتزاء أو انحياز، ويلزم لمصداقية الجهاز الذى يمثله .
* كما كان على رئيس قطاع الأخبار أن يتابع مجريات هذا الحدث الخطير
بنفسه أثناء حدوثه و إصدار توجيهاته و تعليماته لتصحيح مسار إذاعته أولاً
بأول، بدلاً من التمادى فى أخطاء متلاحقة حدثت و تكررت على مدى زمنى طويل
دون أن يتدخل لإيقافها و تغييرها .
* جاءت التغطية الإخبارية لقناة النيل للأخبار متوافقة مع تغطية قطاع
الأخبار لنفس الحدث و إن تميز مذيعو الفترة ببعض الهدوء. وكانت التغطية فى
نفس الاتجاه وبنفس نوعية الأخبار و المضمون والصياغة، ولكن بدون تعليق
شخصى للمذيعين، مما يشير إلى أن المصدر الخبرى كان واحداً لقنوات
التليفزيون الرسمية. ولم يتحدد ان كان المصدر وكالة أنباء الشرق الأوسط أو
رئيس قطاع الأخبار أو مراسلى التليفزيون خارج المبنى أو مصدر آخر غير معلوم
أو معلن حتى الآن .
* وتعد من أخطر الفقرات الإخبارية التى وردت فى التليفزيون المصرى فيما
يتعلق بهذه التغطية، ما عرض من خلال عيادة الرعاية الطبية التابعة لإتحاد
الإذاعة والتليفزيون و الموجودة فى مبناه فى ماسبيرو، ومن لجأ إليها من
مصابين وجرحى من أفراد الشرطة العسكرية و الأمن المركزى، مما أوغر صدر
المشاهدين تجاه المعتدين، اللذين اعتبروهم أقباطا، خاصة و أنه لم يكن قد
أشير بعد إلى أى أنباء عن قتلى أو جرحى من جانب المواطنين المسيحيين أو
عرض أى تقارير عن دهس وقتل المتظاهرين.
* بالإضافة لما سبق، أصبحت بعض القنوات الفضائية الدينية المتطرفة
والمنتشرة على قمر النايل سات للأسف ملجأًّ للكثير من المصريين فيما يتعلق
بأمورهم الدينية. وقد كان أداء تلك القنوات مُحرضاً تحريضاً صريحاً على
نسف التعايش بين المواطنين المسلمين و المسيحيين فى مصر، أثناء و عقب
أحداث ماسبيرو، وهو ما يهدد بتقويض أحد أهم مقومات الدولة المصرية
الحديثة، نتيجة لحالة الاستعداء و التحريض التى تمارسها هذه الفضائيات تجاه
المواطنين المسيحيين فى مصر، مما يبرز أهمية التصدي لهذه الممارسات بحسم
وسرعة سواء فيما يتعلق بالقنوات الإسلامية أو المسيحية المتطرفة والتى
تستعدى أصحاب الأديان كل منهم على الآخر .
القومي لحقوق الإنسان، لبحث أسباب التصعيد بين المتظاهرين السلميين وقوات
الأمن من الشرطة العسكرية أمام مبنى الإذاعة والتليفزيون، والذي تم الإعلان
عن أبرز توصياته في مؤتمر صحفي عقد، اليوم الأربعاء..
وفيما يلي نص التقرير بالكامل..
مقدمة
تعد أحداث ماسبيرو يوم الأحد الموافق التاسع من أكتوبر 2011،
والتي فقدت فيها مصر 28 شهيدا منهم 26 من المواطنين المسيحيين و 1 من
العسكريين، و1 من المواطنين المسلمين ، بالإضافة لأكثر من 321 مصاب من
المدنيين والعسكريين، وفقا لبيانات وزارة الصحة والسكان، تعد نقطة تحول
فارقة هددت أحد أهم مقومات المجتمع المصري وأسباب تفرده. وكان للمخزون
الحضاري للشعب المصري والذي رفضت جموعه محاولات التحريض والاستعداء ضد
المواطنين المسيحيين، دورا حاسما في حماية الوطن ووحدة شعبه من كارثة قومية
محققة. فقد شهد هذا اليوم عددا من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان تشكل
جرائم ارتكبت في حق المتظاهرين السلميين، شملت جرائم قتل عمد، وقتل عشوائي،
والاعتداءات البدنية وما تخلف عنها من إصابات جسيمة أسفر بعضها عن إعاقة
تامة أو جزئية وإصابات أخرى متفرقة.
كما وقعت جرائم إتلاف لمركبات ومهمات عسكرية وممتلكات عامة وخاصة.
ويوجز هذا التقرير نتائج لجنة تقصي الحقائق التي شكلها المجلس القومي لحقوق
الإنسان من بين أعضائه، بموجب قرار صدر فى جلسته الطارئة بتاريخ 10 أكتوبر
2011، برئاسة الأستاذة "منى ذو الفقار" وعضوية السيدات والسادة د."أسامة
الغزالي حرب"، ود. "اسكندر غطاس" ،و"إنعام محمد على" ، و "جورج اسحق" ،
و"حافظ أبو سعدة"، ود."درية شرف الدين"، ود. "سمير مرقس"، "عمرو الشوبكى"،
ود. "عمرو حمزاوى"، ود."فؤاد رياض، و"محسن عوض"، "و"ناصر أمين"، و"يوسف
القعيد"، أعضاء المجلس.
وساعد فى إعداد التقرير عدد من الباحثين المتخصصين من مكتب الشكاوى بالمجلس
يضم السيدات والسادة جمال بركات، نبيل شلبى، إسلام شقوير، أحمد عبدالله،
كريم شلبى، خالد معروف، أسامة نشأت، أحمد جميل، أسماء شهاب، نشوى بهاء، ومن
أمانة المجلس الزملاء أمجد فتحى، مى نجيب، رشا علوى، أسماء الشهاوى، هانى
الحسينى، أسماء فوزى، معتز فادى، محمد ماهر، رامى علام، عمرو يسرى، خالد
معتصم، رامى ميخائيل .
واستندت اللجنة في مصادرها على الآتي :
1- الشهادات الميدانية التى تم تجميعها من مواقع الأحداث،
حيث قام عدد من الباحثين بالمجلس بتغطية مواقع الأحداث من بداية المسيرة
حتى منطقة ماسبيرو .
2- تقارير بعض المنظمات المصرية غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان.
3- المصادر الإعلامية المرئية والمكتوبة والمسموعة .
4- جلسات استماع لعدد كبير من الشهود من الأفراد والمصابين
وأهالي الضحايا والمجموعات التي شاركت في المظاهرات، وكذا الإدارات
المتخصصة في المستشفيات التي استقبلت جثامين القتلى والمصابين، وان رفض
بعضهم التعاون مع اللجنة.
5- خاطبت اللجنة وزارات الإعلام، والداخلية، والصحة والسكان،
والدفاع لإفادتنا بما لديهم من بيانات ومعلومات حول الأحداث. وتلقينا
ردودا من وزارات الإعلام والصحة والسكان والداخلية.
وينقسم التقرير إلى ستة أقسام رئيسية :
القسم الأول: موجز لتطورات الأحداث
القسم الثاني: دور التليفزيون المصري الرسمي
القسم الثالث: البيانات المتاحة من وزارة الصحة عن الضحايا والمصابين
القسم الرابع: الخلفية الممهدة لأحداث ماسبيرو
القسم الخامس: المرجعية القانونية والانتهاكات التى ارتكبت خلال الأحداث
القسم السادس : الخلاصة والتوصيات بشأن مساءلة الجهات والأفراد المسئولين
عن الانتهاكات والجرائم التي ارتكبت خلال هذه الأحداث المؤسفة من خلال ما
تجمع لدي لجنة تقصى الحقائق من دلائل، بالإضافة إلى التشريعات والسياسات
المطلوب إصدارها وتطبيقها على المدى القصير والمتوسط للتصدي للأسباب
الحقيقية لأحداث الأزمة الطائفية ومعالجة جذورها.
ويتناول الملحق (1) تفاصيل المعايير الدولية والوطنية التي استندت اليها اللجنة كمرجعية قانونية للتقرير
أولا – موجز تطور الأحداث:
1- بداية المظاهرة ومسارها:
* § خرجت المظاهرة بأعداد متزايدة، تتجاوز خمسين
ألف متظاهر، من شارع شبرا ما بين الساعة الرابعة والرابعة والنصف متجهة إلى
ماسبيرو، وقطعت المسافة البالغة حوالي 5, 6 كيلومتر فى ساعتين تقريبا.
وكانت المظاهرة سلمية بإجماع الشهود. و ضمت، إلى جانب المواطنات والمواطنين
والأطفال المسيحيين، العديد من المواطنات والمواطنين المسلمين. ولم يحمل
المتظاهرون سوى الصلبان الخشبية أو البلاستيكية والأعلام المصرية واللافتات
التى تندد بهدم الكنائس وتطالب بقانون موحد لبناء دور العبادة، مؤكدين أن
المسيحيين مصريون وليسوا كافرين. كانت الهتافات تؤكد ذات المطالب (شعارنا
واحد غيره مفيش إحنا نموت كنايسنا تعيش - يا طنطاوى ليه مش سامع الكنيسة زى
الجامع – أى ملة وأى دين مصر لكل المصريين – من أسوان لاسكندرية الأقباط
دايما ضحية – مصريين مسيحيين مصر بلدنا ليوم الدين). كما كانت تندد بالحكم
العسكرى وتطالب بسقوطه وتندد أيضا بالعنف الذى تمارسه الشرطة العسكرية،
بالإضافة لهتافات ذات طابع سياسى تطالب بالدولة المدنية وترد على بعض
التيارات السلفية المتطرفة (قالوا علينا الكفار احنا المصريين الأحرار -
مصر دولة مدنية مش إمارة إسلامية – ياللا يا مصرى انزل من دارك لسه فيه
مليون مبارك )، والهتافات التى تتوجه إلى الله تعالى بالدعاء (يارب –
كيرياليسون أي يارب ارحم باللغة القبطية القديمة)، كما كان عدد قليل من
المتظاهرين يضع شارات كتب عليها (شهيد تحت الطلب).
* § والجدير بالذكر أن الدعوة إلى المظاهرة
والإعلان عنها وإخطار الجهات المختصة، كان قد تم من قيادات ائتلافات واتحاد
شباب ماسبيرو وغيرهم من التجمعات قبل قيامها بثلاثة أيام على الأقل، وذلك
اثر أحداث مساء الثلاثاء الموافق 4 أكتوبر 2011 في ماسبيرو، حيث استخدمت
قوات الشرطة العسكرية والأمن المركزي القوة المفرطة لفض المظاهرة ومحاولة
الاعتصام بجوار ماسبيرو من 700 إلى 800 متظاهر سلمى، وذلك بالضرب ثم
باستخدام المركبات المدرعة ، وفقا للشهادات الموثقة المقدمة للجنة. ويشمل
ذلك على وجه الخصوص حالة الشاب رائف الذي تعرض لضرب مبرح وسحل من جنود
الشرطة العسكرية، والذي تم بث مشاهد الاعتداء عليه على الفضائيات
والانترنت. وكان ذلك من الأسباب الدافعة لمظاهرة الأحد 9 أكتوبر 2011.
* وتعرضت المظاهرة عند نفق شبرا للقذف بالحجارة والزجاج من أعلى نفق
شبرا من قبل بعض المدنيين المجهولين القادمين من منطقة السبتية مرددين هتاف
(إسلامية إسلامية)، بالإضافة لإطلاق الأعيرة النارية من مصدر مجهول على
المتظاهرين. واستطاعت المظاهرة استئناف مسيرتها بعد أن نجح الشباب المشارك
فى المظاهرة ( لجنة النظام بالمظاهرة ) من الصعود الى أعلى النفق ومطاردة
هؤلاء الأشخاص المعتدين، وقد اصيب بعض المشاركين فى المظاهرة نتيجة
إلقاء الطوب والحجارة عليهم، وفقاً لبعض الشهادات المؤكدة على صحة ذلك .
* § وعند كوبرى 26 يوليو أثناء عبور المظاهرة أسفل
الكوبري، تعرض المتظاهرون إلى القذف بالطوب والحجارة والزجاجات الفارغة من
مجاميع من المدنيين المجهولين فى منطقة بولاق ابو العلا، وتم إطلاق أعيرة
نارية عليهم دون أن تحدث إصابات للمشاركين في المظاهرة. واستأنفت المظاهرة
خط سيرها ، ثم توقفت أمام مبنى الأهرام منددة بالإعلام الفاسد فى إشارة
إلى أن مؤسسة الأهرام أحد رموز فساد منظومة الإعلام. وجرت بعض المناوشات
بين أمن المبنى وبعض المتظاهرين، ولكن تم احتواء الموقف من قبل بعض
المتظاهرين واستمروا فى مسيرتهم إلى منطقة ماسبيرو، وكانت الهتافات تعلو
مؤكدة سلمية المظاهرة عند تعرضها للاعتداءات (سلمية سلمية – احنا مسيرة
سلمية احنا مش بلطجية).
* § ولكن في حوالي الساعة السادسة والربع، بعد وصول
مقدمة المظاهرة السلمية إلى كورنيش النيل من ناحية فندق رمسيس هيلتون في
طريقها لتلتقي بالوقفة الاحتجاجية السلمية الموجودة أصلا منذ الساعة
الخامسة بمنطقة ماسبيرو، تحركت قوات الشرطة العسكرية لتوقف تقدم المظاهرة،
وألقى بعض الأفراد الحجارة وزجاجات المياه البلاستيكية على قوات الشرطة
العسكرية المتقدمة صوبها، وقامت قوات الشرطة العسكرية بتفريق المتظاهرين
باستخدام الدروع و الضرب بالعصي الخشبية. كما أطلقت الرصاص الفشنك لتفريق
المتظاهرين، مما أثار الرعب لديهم، فتسبب ذلك فى تراجعهم للوراء بعيدا عن
مبنى الإذاعة والتليفزيون (ماسبيرو) بسرعة للهروب من هجمة قوات الشرطة
العسكرية. ومع الازدحام والأعداد الكبيرة واستمرار اعتداء قوات الشرطة
العسكرية، تساقط الكثيرون من المتظاهرين بعضهم فوق بعض وأصيبوا بإصابات
مختلفة. وحاول بعض المتظاهرين اثر ذلك ملاحقة بعض أفراد الشرطة العسكرية
فى أماكن تمركزهم مستخدمين العصي والحجارة .
2- إطلاق النار على المتظاهرين والشرطة العسكرية من مدنيين مجهولين:
* وفى نفس وقت إطلاق الشرطة العسكرية لطلقات الصوت (الفشنك) فى الهواء
لتفريق المتظاهرين، تم إطلاق أعيرة نارية حية على المتظاهرين من مصادر لم
يمكن تحديدها بدقة، وسقط عدد 7 من القتلى والعديد من المصابين من
المتظاهرين ، وكذلك سقط أحد القتلى وعدد من المصابين من أفراد القوات
المسلحة (الشرطة العسكرية). وأفاد العديد في شهاداتهم أن الذخيرة الحية كان
مصدرها الشرطة العسكرية، باستخدام البنادق الآلية ضد المتظاهرين ، وقد
نفت القوات المسلحة إطلاق النيران على المواطنين، ويؤيد ذلك العديد من
الشهادات التي أكدت استخدام الشرطة العسكرية لطلقات الفشنك ولم تستخدم
الذخيرة الحية.
* وأكد عدد من الشهود أن بداية إطلاق النار كانت من خلال عدد من
المدنيين المجهولين اندسوا على المتظاهرين واختلطوا بالمظاهرة بدراجات
بخارية (موتوسيكلات) فى الاتجاه المعاكس لماسبيرو، وقاموا بإطلاق النار على
المتظاهرين وعلى قوات الشرطة العسكرية. ويؤيد ذلك شهادة أخرى أكدت رؤية
قناص مسلح على مطلع كوبري أكتوبر المواجه للمبنى المجاور لفندق رمسيس
هيلتون يطلق الرصاص على المتظاهرين والشرطة العسكرية وحوله مجموعة تساعده،
والعديد من الشهادات التي أكدت تعرض المظاهرة لإطلاق الرصاص الحي مرتين
أتناء مسيرتها من شبرا إلى ماسبيرو، عند نفق شبرا وكوبري 26 يوليو.
* وقد أكد العديد من الشهود في شهاداتهم وقوع المصابين والقتلى نتيجة
إطلاق الأعيرة النارية الحية، ولكنهم لم يتمكنوا من تحديد القائم بإطلاقها.
ووفقا لروايات البعض، كان من أول ضحايا إطلاق النار الشهيد مينا دانيال
أحد شباب ثورة 25 يناير والبالغ من العمر 19 عاما، كما أشارت شهادة أخرى
إلى أن أول القتلى نتيجة إطلاق الأعيرة النارية الحية كان احد أفراد الشرطة
العسكرية، وهو ما يؤيد أن المدنيين المجهولين أطلقوا النار على المتظاهرين
والشرطة العسكرية.
* ومن الشهادات الأخرى المتعلقة بإطلاق النار قيام أحد المدنيين
بالاستيلاء على بندقية آلية بها طلقات فشنك وهروبه، إلا أنه وفقا لبيان
وزارة الداخلية فان أحد الضباط تمكن من استردادها والتحفظ عليها، بالإضافة
لبندقية آلية أخرى وخزان طلقات فشنك تم تسليمها لقسم بولاق، وهو ما يؤكد
استخدام الشرطة العسكرية لطلقات الفشنك. وفى شهادة أخرى أكد صاحبها على
إصابته برصاص مطاطي من قبل قوات الأمن المركزي فى محاولة لتفريق المتظاهرين
المتواجدين أسفل كوبري أكتوبر، ولكن تظل تلك الشهادات فردية لم تؤيدها
شهادات أخرى.
* وفى ظل عدم توفر المعلومات وعدم إعلان تقارير الطب الشرعي التفصيلية
حتى تاريخ كتابة هذا التقرير، وعدم إمكان التوصل إلى أدلة حاسمة على مصدر
إطلاق الرصاص الحي، تقع مسؤولية تحديد هوية المدنيين المجهولين ومحرضيهم من
مرتكبي هذه الانتهاكات التى تشكل جرائم قتل عمد على عاتق جهات التحقيق
المختصة، خاصة وأن لديها حالتين من المصابين من المتظاهرين بطلق ناري غير
نافذ وتم حصولهم على الطلقات بما قد يمكنهم من تحديد مصدرها.
3- دهس المتظاهرين:
* على الجانب المواجه لمبنى ماسبيرو وبمحاذاة النيل فى اتجاه
التحرير، كانت هناك أربع عربات جيب وخلفها ثلاث مركبات مدرعة فهد ومركبتين
مدرعتين من حاملات الجنود يقفون جميعا ملاصقين للرصيف فى نفس الاتجاه .
* § بدأت المركبات المدرعة فى التحرك بعد دقائق
قليلة من بداية استخدام الشرطة العسكرية للقوة لتفريق المتظاهرين ومنعهم من
التقدم للمنطقة المحيطة بمبنى ماسبيرو، وهو نفس المنهج المستخدم لفض
تظاهرة مساء الثلاثاء 4 أكتوبر. فتحركت ثلاث مركبات مدرعة، الواحدة تلو
الأخرى، بشكل متلاحق وسريع فى شارع كورنيش النيل فى اتجاه كوبري أكتوبر، ثم
تبع ذلك تحرك مركبتين مدرعتين فى نفس الاتجاه لكوبري أكتوبر. وكانت حركة
المدرعتين الأولى والثانية بين المتظاهرين بالغة السرعة ودائرية، فغيرت
خط سيرها من الاتجاه صوب كوبري أكتوبر إلى الاتجاه المعاكس صوب ماسبيرو.
ونتيجة للسرعة الشديدة التى كانت تسير بها المدرعتان الأولى والثانية،
قامتا بدهس عدد من المتظاهرين، ليسقط 12 من القتلى، بالإضافة إلى حوالي
خمسة من الجرحى بإصابات بالغة، وفقا للبيانات المتوفرة حتى تاريخ التقرير،
وكل ذلك ثابت بموجب شهادات موثقة وتسجيلات حية لوقائع الدهس.
* وقد حصلت لجنة تقصى الحقائق على شهادة حية من احد المصابين الذي فقد
أخيه نتيجة الدهس من إحدى المركبات المدرعة. وقد أنقذت العناية الإلهية
الشاهد من الموت، إلا أن نفس المركبة المدرعة دهست قدمه اليمنى كما ألحقت
به إصابات بالغة. وروى فى شهادته انه بعد إصابته فى تلك الأحداث تم
إلقاءه فى مدخل إحدى العمارات المجاورة لمبنى ماسبيرو فوق ما يقرب من أربع
إلى خمس جثامين، حيث اعتقد من قام بنقله انه قد فارق للحياة.
وقد ورد للجنة العديد من الشهادات التى تؤكد أن هذه الجثامين لعدد من ضحايا
الدهس وإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين. وكان قد تم نقلهم إلى مدخل
العمارة التى يقع بها مقر قناة 25يناير.
* وكان المتظاهرون قد قاموا بنقل الجثامين التي تم دهسها إلى مداخل
البنايات المقابلة للكورنيش فى ظل حالة من الذهول الشديد اثر بشاعة المشهد،
في حين تأخرت سيارات الإسعاف فى إخلاء الجثامين والمصابين نتيجة الدهس من
مكان الأحداث، حسب ما ورد فى أقوال الشهود، بينما أفادت وزارة الصحة فى
بيانها أنها دفعت بست سيارات إسعاف لتأمين المظاهرة، ثم أضافت 18 إلى أن
وصل عدد سيارات الإسعاف إلى 30، ورغم ذلك لم يكن عدد السيارات كافيا بالنظر
للأعداد الغفيرة للمتظاهرين والمصابين.
4 – ردود أ فعال بعض المتظاهرين والمدنيين المجهولين:
إثر الاعتداءات التي تعرض لها المتظاهرون بالدهس من المركبات المدرعة و إطلاق النار والضرب بالعصى، تمثلت ردود الأفعال في الآتي:
* رشق بعض المتظاهرين بعض أفراد الشرطة العسكرية بالحجارة و استخدموا
العصى ضدهم. وذكرت بعض الشهادات أن بعض المتظاهرين كانوا يحملون أسلحة
بيضاء (السيوف والمطاوى والسكاكين ) تم استخدامها ضد أفراد الشرطة
العسكرية. وفى شهادات أخرى، أكد بعض الشهود أن المجموعات التي تستخدم
السيوف والأسلحة البيضاء كانت من المدنيين المجهولين والبلطجية المأجورين
من المناطق المجاورة لماسبيرو.
* قام بعض المتظاهرين بالقفز على إحدى المركبات المدرعة، كما قام آخرون
بإضرام النار فى المركبة المدرعة التى علقت نتيجة اصطدامها بحائط خرسانى،
وقد حاول سائقها الهروب منها إلا أن المتظاهرين امسكوا به وتم ضربه بعنف،
فتدخل احد القساوسة لحمايته وتم إنقاذه حتى تم تسليمه إلى الشرطة العسكرية
.
* قام أحد المدنيين باستقلال ناقلة للجنود و حاول قيادتها ثم قفز خارجا
منها، مما أدى لاصطدامها بعربتين جيب من مركبات الشرطة العسكرية والتي
كادت أن تدهس بعض المتظاهرين .
* تم إشعال النيران في أحد الأتوبيسات التابعة للشرطة العسكرية وأيضاً
بعض السيارات الخاصة بموقع الحدث من قبل بعض المدنيين، وذلك وفقا لبعض
الشهادات.
* قام أحد المدنيين بالصعود إلى أحدى ناقلات الجنود التي شاركت في الدهس وقذف الجندي الموجود بها بحجر ضخم.
5- الاعتداء على المتظاهرين ودور الإعلام والشائعات:
* وبعد الإعلان في التليفزيون المصري أن الأقباط يعتدون على الجيش،
ظهر عدد من المواطنين المدنيين يحملون العصيان الخشبية والحديدية والأسلحة
البيضاء (مطاوى - سكاكين - سيوف) وانضموا لقوات الشرطة العسكرية فى منطقة
جراج ماسبيرو وفى المناطق المحيطة بفندق رمسيس هيلتون ، وقاموا بضرب
المتظاهرين وسبهم باستخدام عبارات مضمونها (الجيش والشعب ايد واحدة ضد
النصارى) . ووفقا لروايات الشهود فان هؤلاء الأشخاص كانوا من المدنيين
المجهولين والبلطجية القادمين من المناطق المجاورة لماسبيرو.
* كما تم ترويج شائعة مفادها أن المتظاهرين المسيحيين يقومون بقتل
أفراد الجيش، مما دفع مجموعات من المدنيين المجهولين من المناطق المجاورة
لماسبيرو، للخروج إلى موقع الأحداث والاعتداء بالضرب المبرح والأسلحة
البيضاء (السيوف والمطاوى والسكاكين )على المتظاهرين من المواطنين
المسيحيين. ومن الشائعات الخطيرة أيضاً التى تم ترويجها قيام المواطنين
المسيحيين بحرق المصاحف وتمزيقها، مما ترتب عليه نزول عدد من المدنيين
المجهولين والبلطجية إلى منطقة ماسبيرو والاعتداء بالأسلحة البيضاء على أى
متظاهر لمجرد أنه مسيحى.
* كما تم الاعتداء على المتظاهرين أيضاً فى المنطقة بين كوبري أكتوبر
وعبد المنعم رياض، حيث تم رشقهم بالحجارة من مدنيين مجهولين، وذلك على مرآي
من قوات الشرطة العسكرية والأمن المركزى، وذلك وفقاً لرواية الشهود.
* ووقع اعتداء آخر أمام المستشفى القبطى فقام عدد من المدنيين
المجهولين والبلطجية بالتجمهر حول المستشفى وقاموا بقذف الحجارة وإطلاق
الأعيرة النارية تجاه أهالي المصابين الموجودين أمام المستشفى. ولم تقع
إصابات نظرا لإسراع اهالى المصابين بالدخول الى مبنى المستشفى طلبا
للحماية. وكانت تلك المجموعات تردد عبارات (النصارى فين المسلمين اهم
والشعب والجيش ايد واحدة ) وبعد ذلك قاموا بإشعال النيران فى احد
الأتوبيسات وسيارة ملاكى مملوكة لأحد المواطنين.
* ومن الشهادات الموثقة والملفتة للنظر رواية أحد الشهود حول تعرضه
للاعتداء من بعض البلطجية، حيث شاهد عدد من البلطجية يقومون بالاعتداء على
متظاهرين حاملين لافته (قانون دور العبادة الموحد) وبتدخله لمناقشة الأمر
والاستفسار عن سبب الغضب العارم تجاه اللافتة، سألوه عن ديانته فأخبرهم أنه
مسيحي، فقاموا بالاعتداء عليه وضربه ضربا مبرحا وقال له أحدهم (مش إنتوا
الى جايين تقتلوا الجيش إحنا الى هنقتلكم) وقام بطعنه فى الرقبة مستخدما
(مطواة) وألقاه على الأرض، وبعد ذلك تم وضعه فى سيارة قمامة من قبل أمين
شرطة لحمايته من البلطجية و تم نقله إلى مستشفى معهد ناصر حيث تم إنقاذه .
6 - نهاية الأحداث وتفريق المظاهرة :
* فى ما بين الساعة الثامنة و الثامنة والنصف مساء تفرق المتظاهرون
متجهين الى منطقة فندق رمسيس هيلتون والى ميدان عبد المنعم رياض وميدان
التحرير. وحدثت مواجهات بين المتظاهرين من جانب و بين الشرطة العسكرية
وقوات الأمن المركزى من جانب أخر، حيث أطلقت قوات الأمن المركزى القنابل
المسيلة للدموع من أعلى كوبرى أكتوبر، وقامت بإلقاء الطوب والحجارة على
المتظاهرين، وذلك بمشاركة بعض المدنيين المجهولين الذين خرجوا لمساندة
الجيش، بعد إعلان بعض وسائل الإعلام أن الأقباط يهاجمون الجيش ويعتدون
عليه. كما قامت قوات الشرطة العسكرية وقوات الأمن المركزي بمطاردة
المتظاهرين وضربهم أسفل الكوبري، وقد تبادل كل من المدنيين المجهولين
الذين خرجوا لمساندة الجيش والمتظاهرين التراشق بالحجارة، وذلك فى المنطقة
المحيطة بميدان عبد المنعم رياض حيث احتل المتظاهرون الجانب المؤدى إلى
ميدان التحرير، واحتل الجانب المساند للجيش الجانب المؤدى إلى فندق رمسيس
هيلتون . ونتيجة دعوة احد المدنيين المجهولين من المتدخلين لمساندة الجيش
الى نبذ الخلافات والاتجاه الى ماسبيرو مرة أخرى، اتحد المتظاهرون من
المجموعتين اللتين كانتا تتبادلان إلقاء الحجارة على بعضهم البعض فى مشهد
مثير للدهشة مرددين عبارات (مسلم مسيحى ايد واحدة) .
* وتوجه المتظاهرون المتواجدون في ميدان التحرير وميدان عبد المنعم
رياض و رمسيس هيلتون فى مسيرة مشتركة إلى ماسبيرو، إلا أنهم فوجئوا بعد
دخولهم إلى شارع كورنيش النيل بهجوم قوات الشرطة العسكرية على المسيرة
بمشاركة المدنيين المجهولين المساندين للجيش اللذين انضموا إليهم خلال
المسيرة مرددين عبارات (الجيش والشعب ايد واحدة - النصارى فين المسلمين اهم
)، فيما يبدو أنها خدعة استخدمت لدفع المتظاهرين للتخلي عن أماكنهم،
وإخلاء ميدان عبد المنعم رياض وميدان التحرير والتوجه إلى أماكن وجود
الشرطة العسكرية فى منطقة ماسبيرو.
* وفى ذات الوقت انتشرت قوات الشرطة العسكرية فى ميدان التحرير
والمناطق المحيطة به، مما أدى إلى تفرق المتظاهرين فى اتجاه شارع رمسيس
لعدم قدرتهم على العودة إلى الميدان مرة أخرى، ومن ثم تم فرض حظر التجوال
اعتبارا من الساعة الثانية صباحا الى الساعة السابعة صباحا .
ثانيا – دور التليفزيون المصري
1. وقعت أحداث ماسبيرو أمام مبنى التليفزيون وكان التليفزيون المصرى
الرسمى هو المصدر الأساسي والأول للمعلومات لكافة المشاهدين ، وعنه نقلت
شاشات أخرى عربية و أجنبية ومصرية خاصة، وهو ما يضاعف من مسئوليته فى عرض
الحقائق كاملة بحياد تام وموضوعية وفقا للمعايير المهنية.
1. وللأسف الشديد كانت تغطية التليفزيون المصرى لأحداث ماسبيرو خلال
الفترة الزمنية ما بين الساعة السادسة مساءً و نشرة أخبار الساعة التاسعة،
وهى أكثر الأوقات حسماً وأهمية وخطورة فيما يتعلق بهذه الأحداث، كانت مضللة
ومحرضة ضد المتظاهرين من المواطنين المسيحيين، حيث عرضت أنباء تتهم
المتظاهرين، محددة هويتهم بالأقباط، بإطلاق الرصاص على قوات الجيش و الشرطة
ووقوع ثلاثة من القتلى وعدد من المصابين من بينهم. وأغفلت عمداً حوادث
القتل والدهس والاعتداء على المتظاهرين، ولم تشر إلى وجود مصابين و شهداء
بين المواطنين المسيحيين، مما أدى لاستعداء المشاهدين على المواطنين
المسيحيين، ونزول البعض منهم بغرض مساندة الجيش ، حيث تم الاعتداء على
المواطنين المسيحيين لمجرد أنهم مسيحيين، كما ورد فى القسم الأول من
التقرير. لقد ظهر أداء التليفزيون الرسمى فقيرا مهنياً و تقنياً، يفتقد
المصداقية، وكاد بأخطائه أن يوقع البلاد في أزمة طائفية حقيقية، لولا لطف
الله والمخزون الحضاري للشعب المصري الذي رفضت جموعه محاولات التحريض
والاستعداء ضد المواطنين المسيحيين، فحمت الوطن ووحدة شعبه من كارثة قومية
محققة.
1. ونوجز فيما يلى عرضا لواقع أداء التليفزيون المصرى الرسمى للأحداث
خلال الفترة الزمنية ما بين الساعة السادسة مساءً و نشرة أخبار الساعة
التاسعة:
* عندما بدأت الأحداث فى التصاعد و أثناءها لم يتغير شريط الأخبار ليدل
على حدث جلل و خطير يتعرض له الوطن. وظل على حاله يحمل أخباراً عالمية و
عربية و محلية، وكأن شيئاً لا يحدث على بعد أمتار فقط من مبنى التليفزيون،
مما مثل مظهراً مهنياً مختلاً وغائباً عن الإدراك الواعي للأمور. ثم ظهرت
كلمة ( عاجل ) و جاء التحديد الأول لهوية المتظاهرين تحت عنوان ( أقباط
يرشقون الجنود بالحجارة و مولوتوف من أعلى كوبرى أكتوبر ويحرقون السيارات )
، ثم توالت الأخبار عن ( ثلاثة شهداء وعشرين مصاباً كلهم من جنود قوات
الجيش ) كنتاج أول للمعركة الدائرة .
* والملاحظ أن كلمة "أقباط" وحدها ظلت تتردد فى شريط الأخبار الثانى
تحت عنوان (عاجل) حتى نشرة أنباء التاسعة، دون أية إشارة إلى وجود شهداء
ومصابين بين الأقباط، رغم ظهور مشاهد دهس المركبات العسكرية لهم. ثم احتوى
شريط الأخبار مرات عديدة على أنباء إطلاق المتظاهرين الأقباط المحتشدين
أمام مبنى التليفزيون النار على قوات الجيش و الشرطة .
* وردت فى نفس الفترة عدة أخبار متلاحقة قرأتها مذيعة الفترة عن
مظاهرات للأقباط فى مناطق أخرى من مصر كالإسكندرية و توجههم إلى قيادة
المنطقة المركزية الشمالية، ومن أسوان أمام المحافظة ، ومن قنا أمام
المطرانية، مما أظهر الأمر وكأن ثورة قبطية بدأت تجتاح البلاد على غير
الحقيقة.
* وجاء تقديم السيدة / رشا مجدى مذيعة الفترة الإخبارية للأحداث
متوافقاً مع ما ورد أمامها فى شريط الأخبار تحت عنوان (عاجل )، أى ما يتعلق
بهجوم الأقباط على أفراد القوات المسلحة و إيقاع قتلى و مصابين بينهم ،
وجاء تعليقها عليه بكلمات حماسية غاضبة و عنيفة تتضمن تعليقات شخصية لاتتفق
مع واجب الاتزان و الحياد فى أداء المذيع ، فقد ذكرت على سبيل المثال أن
الشهداء و المصابين من جنود الجيش سقطوا ليس بأيدى الإسرائيليين أو العدو
ولكن بأيدى فئة من أبناء الوطن ، وأن هذا الجيش الذى يُضرب الآن هو الذى
حمى الثورة ، وأن هذا الجيش هو الذى يُطلق الرصاص عليه اليوم ، وصرخت
كثيراً : لمصلحة من يحدث هذا فى مصر؟ ولماذا يُنقض على الوطن كله ، ودعت
الكنيسة لتهدئة المتظاهرين. وهذه أمور كلها لاتتفق مع الأداء الواعى للمذيع
المدرك للمصلحة العامة و المدرك لحدود وظيفته ولتأثير أداءه على جموع
المشاهدين .
* والجدير بالذكر أن العبارة الشهيرة التى انتشرت بين الناس على أساس
ورودها على لسان السيدة رشا مجدى و الخاصة "بدعوتها للمواطنين الشرفاء
لإنقاذ أفراد القوات المسلحة من عدوان الأقباط والحضور إلى منطقة ماسبيرو
للمساعدة، لم ترد فى التسجيل الوارد إلينا من وزارة الإعلام، ولم ترد على
ال YOUTUBE، مما يعنى أنها لم تدل بها صراحة، الا أن كلماتها النارية فى
سياق الأخبار المضللة المذاعة، كانت تستعدى المواطنين ضد الأقباط وتدعو
المشاهدين ضمنا للمبادرة بالنزول بغرض مساندة أفراد الجيش.
* ارتكب رئيس تحرير هذه الفترة الإخبارية خطأً جسيما، بل هو الخطأ
الأول و الأساسى الذى ترتبت عليه أخطاء متتالية، إذ أن رئيس التحرير هو
المسئول عن الأمر بكتابة الأخبار العاجلة وكذلك الشريط الإخبارى المتحرك
على الشاشة و الذى احتوى على الأخبار التى رددتها السيدة المذيعة، حيث أن
هذا الشريــط الإخباري كــان يمثــل لها المصدر الوحيد لمعرفة ما يجرى
بالخارج. وكان على رئيس التحرير تقدير مدى خطورة توجيه أصابع الاتهام
مسبقاً إلى الأقباط عن طريق التليفزيون، وليس عن طريق جهات التحقيق، خاصة
إذا كان الأمر يتعلـق بإمكانيـة حـدوث مواجهـة طائفية دينية خطيرة العواقب
فى أنحاء البلاد. وكان عليه أيضاً التثبت من وقوع قتلى و إصابات فى جانب
الأقباط بواسطة المراسلين للتليفزيون الموجودين خارج المبنى - و كانوا قله -
لتضمينها فى الشريط الإخبارى، وهو ما يتفق مع التزامه بعرض الحقيقة كاملة
بدون اجتزاء أو انحياز، ويلزم لمصداقية الجهاز الذى يمثله .
* كما كان على رئيس قطاع الأخبار أن يتابع مجريات هذا الحدث الخطير
بنفسه أثناء حدوثه و إصدار توجيهاته و تعليماته لتصحيح مسار إذاعته أولاً
بأول، بدلاً من التمادى فى أخطاء متلاحقة حدثت و تكررت على مدى زمنى طويل
دون أن يتدخل لإيقافها و تغييرها .
* جاءت التغطية الإخبارية لقناة النيل للأخبار متوافقة مع تغطية قطاع
الأخبار لنفس الحدث و إن تميز مذيعو الفترة ببعض الهدوء. وكانت التغطية فى
نفس الاتجاه وبنفس نوعية الأخبار و المضمون والصياغة، ولكن بدون تعليق
شخصى للمذيعين، مما يشير إلى أن المصدر الخبرى كان واحداً لقنوات
التليفزيون الرسمية. ولم يتحدد ان كان المصدر وكالة أنباء الشرق الأوسط أو
رئيس قطاع الأخبار أو مراسلى التليفزيون خارج المبنى أو مصدر آخر غير معلوم
أو معلن حتى الآن .
* وتعد من أخطر الفقرات الإخبارية التى وردت فى التليفزيون المصرى فيما
يتعلق بهذه التغطية، ما عرض من خلال عيادة الرعاية الطبية التابعة لإتحاد
الإذاعة والتليفزيون و الموجودة فى مبناه فى ماسبيرو، ومن لجأ إليها من
مصابين وجرحى من أفراد الشرطة العسكرية و الأمن المركزى، مما أوغر صدر
المشاهدين تجاه المعتدين، اللذين اعتبروهم أقباطا، خاصة و أنه لم يكن قد
أشير بعد إلى أى أنباء عن قتلى أو جرحى من جانب المواطنين المسيحيين أو
عرض أى تقارير عن دهس وقتل المتظاهرين.
* بالإضافة لما سبق، أصبحت بعض القنوات الفضائية الدينية المتطرفة
والمنتشرة على قمر النايل سات للأسف ملجأًّ للكثير من المصريين فيما يتعلق
بأمورهم الدينية. وقد كان أداء تلك القنوات مُحرضاً تحريضاً صريحاً على
نسف التعايش بين المواطنين المسلمين و المسيحيين فى مصر، أثناء و عقب
أحداث ماسبيرو، وهو ما يهدد بتقويض أحد أهم مقومات الدولة المصرية
الحديثة، نتيجة لحالة الاستعداء و التحريض التى تمارسها هذه الفضائيات تجاه
المواطنين المسيحيين فى مصر، مما يبرز أهمية التصدي لهذه الممارسات بحسم
وسرعة سواء فيما يتعلق بالقنوات الإسلامية أو المسيحية المتطرفة والتى
تستعدى أصحاب الأديان كل منهم على الآخر .