شددت السلطات المصرية إجراءاتها الأمنية على الكنائس في مختلف المحافظات مع
اقتراب احتفال المسيحيين الأرثوذكس بأعياد القيامة المجيدة، أحد أهم
الأعياد المسيحية، يوم «الأحد» المقبل.
وانتشر رجال الشرطة المدججون بالسلاح بجوار الكنائس ومنعوا السيارات من
الوقوف بجوار أسوار الكنائس، ونصبوا بوابات إلكترونية للكشف عن الأسلحة عند
المداخل، فيما تولى رجال الكشافة المسيحية تأمين الكنائس من الداخل.
وتخشى السلطات المصرية من تعرض الكنائس لاعتداءات أو أعمال تخريبية كما حدث
عشية عيد الميلاد في يناير (كانون الثاني) من العام الماضي في نجع حمادي
بقنا في صعيد مصر، وفي كنيسة القديسين بالإسكندرية عشية أول أيام العام
الميلادي الحالي.
وشهدت الأيام الماضية توترات طائفية بين المسلمين والمسيحيين في عدة مناطق،
كان أبرزها الأحداث التي وقعت بقرية «أبو قرقاص البلد» بالمنيا في صعيد
مصر، على خلفية مشاجرة بسبب قيام محام مسيحي ببناء مطب صناعي أمام منزله،
فتشاجر معه جاره المسلم ليستعين كل طرف بأقاربه وأنصاره ويكتسب الحادث بعدا
طائفيا.
ورغم عودة الهدوء إلى قرية «أبو قرقاص البلد» نتيجة اللقاءات التي عقدها
اللواء ممدوح مقلد مدير أمن المنيا والحاكم العسكري (ممثل الجيش) مع
المسلمين والمسيحيين من أهالي القرية، فإن أجهزة الأمن بالمنيا قررت تمديد
فترة حظر التجول بالقرية لتبدأ في الثامنة مساء وتنتهي في السادسة من صباح
اليوم التالي.
وانتدبت النيابة لجانا فنية لمعاينة وحصر التلفيات الناجمة عن أحدث العنف
الطائفية، حيث تبين أن هناك عشر منشآت تم حرقها وأربعة منازل وستة مخازن
مختلفة الاستخدامات.
ورغم استماع النيابة العامة لبعض شهود العيان بوقائع الأحداث الدامية،
وإصدارها أمرا بندب الطب الشرعي، واستدعاء شهود آخرين، إلا أن القيادة
العسكرية أصدرت أمرها بإحالة ملف التحقيقات للنيابة العسكرية لتبدأ النيابة
العسكرية تحقيقاتها مع المتهمين بعد انحسار أعدادهم في الأحداث لـ 18
متهما تم القبض عليهم، بينهم 9 مسيحيين.
واتخذت السلطات الأمنية تدابير وإجراءات تحسبا لتجدد أعمال العنف أو تنظيم
مظاهرات أو وقفات احتجاجية عقب صلاة الجمعة (اليوم)، خاصة مع احتفال
المسيحيين بأسبوع الآلام الذي يسبق الاحتفال بعيد القيامة المجيد يوم الأحد
المقبل.
ونفى الأنبا أرسانيوس أسقف المنيا وأبو قرقاص ما تردد عن مغادرة المسيحيين
للقرية خشية تعرضهم لاعتداءات من المسلمين، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هذا
غير صحيح ولم يحدث، وإن كانت حدثت بعض الاعتداءات على منازل ومتاجر
المسيحيين في القرية».
ودعا الأنبا أرسانيوس إلى مساعدة الشرطة للعودة إلى مراكزها واستعادة
سيطرتها وهيبتها لتستطيع فرض الأمن في أسرع وقت، مشيرا إلى أن الاعتداءات
على ممتلكات المسيحيين تمت السيطرة عليها بعد وقت طويل، مؤكدا أن البابا
شنودة الثالث بابا المسيحيين الأرثوذكس يتابع تطورات الموقف أولا بأول.
ومن جهته، أكد الشيخ خلف هريدي إمام مسجد عثمان بن عفان بمدينة الفكرية
المتاخمة لقرية «أبو قرقاص» أنه وبمساعدة مجموعة من شباب المدينة شكلوا
مجموعات لحماية الأماكن وممتلكات الإخوة الأقباط، وقال لـ«الشرق الأوسط»
إنهم بالفعل استطاعوا منع مجموعة من المتشددين حاولوا تحويل قهوة المحامي
علاء رضا رشدي التي كانت سببا في النزاع إلى مسجد ولكنهم استطاعوا حمايتها.
وتابع: «هناك مجموعات من البلطجية لا ينتمون إلى المسلمين أو المسيحيين
ولكنهم يحاولون استغلال توتر الأجواء لتحقيق أغراضهم من سرقة ونهب».
وقال «تم الاتفاق بين كل خطباء المساجد بالمدينة على أن تكون خطبة الجمعة
داعية لدرء الفتنة وإنقاذ البلد من الأخطار، خاصة بعد ما تردد عن نية البعض
تنظيم تظاهرات حاشدة عقب الصلاة».
وكان أربعة مسلمين قد لقوا مصرعهم في إطلاق نار عليهم عقب أحداث عنف طائفية
بين المسلمين والمسيحيين بسبب قيام مواطن مسيحي ببناء مطب صناعي أمام
منزله، الأمر الذي تسبب في مشاجرة بينه وبين جاره المسلم تحولت إلى أحداث
طائفية.