عاش ابن سودون فى القرن التاسع الهجرى بمصر المملوكية.. وكان إماماً بأحد المساجد.. لكنه مال إلى الهزل والتحامق.. وألف كتاباً بعنوان "نزهة النفوس ومضحك العبوس" بالعامية المصرية الدارجة.. ولابن سودون أسلوب خاص فى الفكاهة فهو يبدأ بدايات فى غاية الجدية لشد الانتباه ثم تجد نفسك فى غمار حكاية مضحكة أو نكتة أو يحكى لك أشياء عادية وهو يوهمك أنه يتحدث عن غرائب الدنيا فتنفجر ضاحكاً..!!
من شعره الفكاهى: ( أوسيم قرية بمصر)
عجب عجب هذا عجب .... بقرة تمشى ولها ذنبُ
ولها فى بزيزها لبن .... يبدو للناس إذا حلبوا
من أعجب ما فى مصر يُرى ... الكرم يرى فيه العنبُ
والنخيل يرى فيه بلح .... أيضاً ويرى فيه رطب
أوسيم بها البرسيم كذا ..... فى الجيزة قد زرع القصب
والمركب مع ما قد وسقت .... فى البحر بحبل تسحب
والناقة لا منقار لها .... والوزة ليس لها قتب
لابد لهذا من سبب .... حزر فزر، ما السبب
ويستهويه حديث الغرائب والعجائب والطرائف فيقول:
إذا ما الفتى فى الناس بالعقل قد سما .... تيقن أن الأرض من فوقها السما
وأن السما من تحتها الأرض لم تزل .... وبينهما أشياء إن ظهرت ترى
وكم عجب عندى بمصر وغيرها فمصر .... بها نيل على الطين قد جرى
وفى نيلها من نام بالليل بله .... وليست تبل الشمس من نام فى الضحى
بها الفجر قبل الشمس يظهر دائماً .... بها الظهر قبل العصر قل بلا مرا
وفى الشام أقوام إذا ما رأيتهم .... ترى ظهر كل منهم وهو من ورا
بها البدر حال الغيم يخض ضياؤه .... بها الشمس حال الصحو يبدو بها صفيا
وتسخن فيها النار فى الصيف دائماً .... ويبرد فيها الماء فى زمن الشتا
ومن قد رأى فى الهند شيئاً بعينه .... فذاك له فى الهند بالعين قد رأى
وفيها رجال هم خلاف نساؤهم لأنهم تبدو بأوجههم لحى
ومن قد مشى وسط النار بطرقها .... تراه بها وسط النار وقد مشى
وعشاق إقليم الصعيد به رأوا ... ثماراً كأثمار العراق لها نوى
به باسقات النخل وهى حوامل .... بأثمارها قالوا: يحركها الهوى
ولا علمتنى ذاك أمى ولا أبى .... ولا امرأة قد زوجانى ولا حما
يصف عروسه فى ليلة زفافه وصفاً عجيباً:
فى وجهها نمش فى أذنها طرش ... فى عينها عمش للجفن قد سترا
فى بطنها بعج فى رجلها عرج .... فى كفها فلج ما ضر لو كسرا
فى ظهرها حدب فى قلبها كدر .... فى عمرها نوب كم قد رأت عبرا
يا حسن قامتها العوجا إذا خطرت .... يوماً وقد سبسبت فى جيدها شعرا
تظل تهتف بى حسنا حظيت بها .... أواه لو حاسها موت لها قبرا
ويحكى ابن سودون عن نفسه حكاية غريبة فعلاً:
كنت وأنا صغير بليداً لا أصيب فى مقال ولا أفهم ما يقال.. فلما نزل بى المشيب زوجتنى أمى بامرأة كانت أبعد منى ذهناً إلا أنها أكبر منى سناً وما مضت مدة طويلة حتى ولدت.. والتمست منى طعاماً حاراً.. فتناولت الصحفة مكشوفة.. ورجعت إلى المنزل آخذ المكبة.. والمكبة هى غطاء الصحفة.. فنسيت الصحفة.. فلما كنت فى السوق تذكرت ذلك فرجعت وأخذت الصحفة ونسيت المكبة.. وصرت كلما أخذت واحدة نسيت الأخرى.. ولم أزل كذلك حتى غربت الشمس فقلت: لا أشترى لها فى هذه الليلة شيئاً وأدعها تموت جوعاً.. ثم رجعت إليها وهى تئن وإذا ولدها يستغيث جوعاً.. فتفكرت كيف أربيه.. وتحيرت فى ذلك.. ثم خطر ببالى أن الحمامة إذا أفرخت وماتت ذهب زوجها والتقط الحب.. ثم يأتى ويقذفه فى فم ابنه وتكون حياته بذلك.. فقلت: لا والله لا أكون أعجز من الحمام، ولا أدع ولدى يذوق كأس الحِمام (الموت).. ثم مضيت وأتيته بجوز ولوز فجعلته فى فمى.. ونفخته فى فمه فرادى وأزواجاً.. أفواجاً أفواجاً حتى امتلأ جوفه وصار فمه لا يسع شيئاً وصار الجوز واللوز يتناثران من أِشداقه حتى امتلأ فسررت بذلك وقلت: لعله قد استراح.. ثم نظرت إليه وإذا به هو قد مات.. فحسدته على ذلك وقلت: يا بنى إنه قد انحط سعد أمك وسعدك قد ارتفع.. لأنها ماتت جوعاً وأنت مت من الشبع!.. وتركتهما ميتين ومضيت آتيهما بالكفن والحنوط .. ولما رجعت لم أعرف طريق المنزل.. وها أنا فى طلبه إلى يومنا هذا…!!!
قال علي بن سودون:
البحرُ بحرٌ والنخيلُ نخيل = والفيلُ فيلٌ والزرافُ طويلُ
والأرضُ أرضٌ والسماءُ خلافها = والطير بَين الساحتين يجولُ
وإذا تعاصفت الرياح بروضة = فالأرض تثبت والغصون تميلُ
وقال يمدح الطعام:
يا صحن القشطة الحقني وخذ عسلاً = ولا تدع قلب سخن الخبز مكسورًا
فالخبز يا قوم معشوق وطلعته = كأنه البدر إذ يحكيه تدويرًا
من شعره الفكاهى: ( أوسيم قرية بمصر)
عجب عجب هذا عجب .... بقرة تمشى ولها ذنبُ
ولها فى بزيزها لبن .... يبدو للناس إذا حلبوا
من أعجب ما فى مصر يُرى ... الكرم يرى فيه العنبُ
والنخيل يرى فيه بلح .... أيضاً ويرى فيه رطب
أوسيم بها البرسيم كذا ..... فى الجيزة قد زرع القصب
والمركب مع ما قد وسقت .... فى البحر بحبل تسحب
والناقة لا منقار لها .... والوزة ليس لها قتب
لابد لهذا من سبب .... حزر فزر، ما السبب
ويستهويه حديث الغرائب والعجائب والطرائف فيقول:
إذا ما الفتى فى الناس بالعقل قد سما .... تيقن أن الأرض من فوقها السما
وأن السما من تحتها الأرض لم تزل .... وبينهما أشياء إن ظهرت ترى
وكم عجب عندى بمصر وغيرها فمصر .... بها نيل على الطين قد جرى
وفى نيلها من نام بالليل بله .... وليست تبل الشمس من نام فى الضحى
بها الفجر قبل الشمس يظهر دائماً .... بها الظهر قبل العصر قل بلا مرا
وفى الشام أقوام إذا ما رأيتهم .... ترى ظهر كل منهم وهو من ورا
بها البدر حال الغيم يخض ضياؤه .... بها الشمس حال الصحو يبدو بها صفيا
وتسخن فيها النار فى الصيف دائماً .... ويبرد فيها الماء فى زمن الشتا
ومن قد رأى فى الهند شيئاً بعينه .... فذاك له فى الهند بالعين قد رأى
وفيها رجال هم خلاف نساؤهم لأنهم تبدو بأوجههم لحى
ومن قد مشى وسط النار بطرقها .... تراه بها وسط النار وقد مشى
وعشاق إقليم الصعيد به رأوا ... ثماراً كأثمار العراق لها نوى
به باسقات النخل وهى حوامل .... بأثمارها قالوا: يحركها الهوى
ولا علمتنى ذاك أمى ولا أبى .... ولا امرأة قد زوجانى ولا حما
يصف عروسه فى ليلة زفافه وصفاً عجيباً:
فى وجهها نمش فى أذنها طرش ... فى عينها عمش للجفن قد سترا
فى بطنها بعج فى رجلها عرج .... فى كفها فلج ما ضر لو كسرا
فى ظهرها حدب فى قلبها كدر .... فى عمرها نوب كم قد رأت عبرا
يا حسن قامتها العوجا إذا خطرت .... يوماً وقد سبسبت فى جيدها شعرا
تظل تهتف بى حسنا حظيت بها .... أواه لو حاسها موت لها قبرا
ويحكى ابن سودون عن نفسه حكاية غريبة فعلاً:
كنت وأنا صغير بليداً لا أصيب فى مقال ولا أفهم ما يقال.. فلما نزل بى المشيب زوجتنى أمى بامرأة كانت أبعد منى ذهناً إلا أنها أكبر منى سناً وما مضت مدة طويلة حتى ولدت.. والتمست منى طعاماً حاراً.. فتناولت الصحفة مكشوفة.. ورجعت إلى المنزل آخذ المكبة.. والمكبة هى غطاء الصحفة.. فنسيت الصحفة.. فلما كنت فى السوق تذكرت ذلك فرجعت وأخذت الصحفة ونسيت المكبة.. وصرت كلما أخذت واحدة نسيت الأخرى.. ولم أزل كذلك حتى غربت الشمس فقلت: لا أشترى لها فى هذه الليلة شيئاً وأدعها تموت جوعاً.. ثم رجعت إليها وهى تئن وإذا ولدها يستغيث جوعاً.. فتفكرت كيف أربيه.. وتحيرت فى ذلك.. ثم خطر ببالى أن الحمامة إذا أفرخت وماتت ذهب زوجها والتقط الحب.. ثم يأتى ويقذفه فى فم ابنه وتكون حياته بذلك.. فقلت: لا والله لا أكون أعجز من الحمام، ولا أدع ولدى يذوق كأس الحِمام (الموت).. ثم مضيت وأتيته بجوز ولوز فجعلته فى فمى.. ونفخته فى فمه فرادى وأزواجاً.. أفواجاً أفواجاً حتى امتلأ جوفه وصار فمه لا يسع شيئاً وصار الجوز واللوز يتناثران من أِشداقه حتى امتلأ فسررت بذلك وقلت: لعله قد استراح.. ثم نظرت إليه وإذا به هو قد مات.. فحسدته على ذلك وقلت: يا بنى إنه قد انحط سعد أمك وسعدك قد ارتفع.. لأنها ماتت جوعاً وأنت مت من الشبع!.. وتركتهما ميتين ومضيت آتيهما بالكفن والحنوط .. ولما رجعت لم أعرف طريق المنزل.. وها أنا فى طلبه إلى يومنا هذا…!!!
قال علي بن سودون:
البحرُ بحرٌ والنخيلُ نخيل = والفيلُ فيلٌ والزرافُ طويلُ
والأرضُ أرضٌ والسماءُ خلافها = والطير بَين الساحتين يجولُ
وإذا تعاصفت الرياح بروضة = فالأرض تثبت والغصون تميلُ
وقال يمدح الطعام:
يا صحن القشطة الحقني وخذ عسلاً = ولا تدع قلب سخن الخبز مكسورًا
فالخبز يا قوم معشوق وطلعته = كأنه البدر إذ يحكيه تدويرًا