كثيرا من الجدل حول طبيعية عمل هذا الجهاز والادوار المنوط به القيام بها
وضرورة وجود ضمانات تضمن عدم خروج هذا الجهاز عن اطار الدور المنوط به في
حماية الامن الداخلي للوطن واشتباكات هذا الدور مع اجهزة الدولة المختلفة ،
والضمانات الواجب توافرها حتى نضمن عدم خروج هذا الجهاز عن دوره المحدد له
كجهاز يحمي امن الوطن ، والا يتحول الي جهاز يتدخل في حياة المواطنين
يتحول الي نفس الدور القديم لجهاز مباحث امن الدولة الذي تم حله في 15
مارس 2011، ومن ثم اعيدت هيكلة جهاز الامن الوطني في مايو 2011 ليمارس
مهامه كجهاز يحمي امن الوطن والمواطن وليس كجهاز يقوم على حماية امن النظام
السياسي ضد معارضيه.
ومن منطلق ذلك عقد منتدى رفاعة
الطهطاوى بمؤسسة عالم واحد للتنمية ورشة عمل حول "إعادو هيكلة جهاز الأمن
الوطنى ( أمن الدولة سابقا ) على أسس تضمن حماية حقوق الإنسان ، وقد تحدث
فى الورشة اللواء / سامح سيف اليزل الخبير الأمنى والإستراتيجى ، العميد /
هانى عبداللطيف مساعد مدير الإدارة العامة للإعلام والعلاقات بوزارة
الداخلية وأ/ نجاد البرعى الناشط الحقوقى ورئيس المجموعة المتحدة للمحاماة
وأ / محمد زارع رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائى.
العميد هاني عبد اللطيف ، مساعد
الادارة العامة للاعلام بوزارة الداخلية ، اكد ان ملامح المرحلة الحالية
بعد 25 يناير لم تتضح بعد بل نتمي أن يكون المتغير الذي تمر به مصر يتناسب
مع التضحيات التي قدمتها مصر وشبابها خلال ثورة 25 يناير . واشار ان وزارة
الداخلية بعد 25 يناير انطلقت سياستها لتعلن ان الشرطة في خدمة الشعب ،
واصبحت استراتيجية الوزارة وهدفها هو امن المواطن والشارع وليس امن النظام
وهو العمل الرئيسي الان لوزارة الداخلية.
وقال ان وزارة الداخلية لم تشهد اعادة
هيكلة لقطاع الامن الوطني فقط (امن الدولة سابقا) بل ان الوزارة بكل
اداراتها تشهد هيكلة وفي كافة القطاعات – مثلا- قطاع الامن المركزي اصبح
دوره يتمثل في مواجهة البؤر الاجرامية والامن العام ومواجهة العناصر
الخارجة عن القانون بعد ان كان هدفه السابق هو التصدي للمظاهرات
والاعتصامات ، ولكن الان القطاع تغيرت مهمته. كذلك تم هيكلة قطاع الحراسات
الخاصة ، وانتهى شئ من الحياة اسمه "مواكب المسئوليين والوزراء حتى ان وزير
الداخلية نفسه رفض هذا الاجراء وقال وزير الداخلية الذي يحتاج الي حراسة
خاصة لا يصلح ان يكون وزير.
واكد عبد اللطيف ان امن الشارع اصبح هو
هدف الوزارة حاليا والدليل استشهاد احد الضباط بالبحر الشهر الماضي اثناء
مطاردته لبعض الخارجين على القانون.
واشار ان هناك مؤامرة خارجية على مصر
اشتعلت بعد ثورة يناير وهي التي نشرت الفوضى في الشارع المصري وهي التي
سيطرت وهاجمت السجون والدليل ان عناصر من حركة حماس وحزب الله تم تهربيهم
وبعد ساعات كانوا يحتفلون بالنصر في فلسطين ولبنان. وقال ان قطاع الامن
الوطني هو واحد من قطاعات الوزارة ويشهد الامن اعادة هيكلة وتنظيم ، حتى
الان لم يعمل لانه يشتمل على عدة اجراءات هيكيلية منها قيام الوزارة بوضع
قانون يضع ضوابط واختصاصات لرجال الشرطة في جهاز الامن الوطني، مؤكدا ان
50% من الضباط العاملين في جهاز امن الدولة السابق تم استبعادهم وتم فتح
الباب لاختيار ضباط جدد للجهاز وفق الكفاءة وحسن السلوك والتعامل مع
المواطنين.
في سياق متصل اكد اللواء سامح سيف
اليزل –الخبير الامني- ان ما يشغل بال الجميع الان هو الامن والاستقرار
ومحاربة الاجرام والبلطجية ، واذا كنا نتحدث عن جهاز امن الدولة فلابد ان
نعرف انه ليس كل العالمين بالجهاز فاسدين ولكن لا ننكر ايضا ان هناك
تجاوزات ، لكن الغالبية لا يمكن الحكم عليها حكم الاقلية ، وقال لا يمكن ان
تتسق العملية الامنية في المجتمع المصري دون جهاز الشرطة ، فالجيش وجوده
مؤقت والوجود الدائم لجهاز الشرطة ، ولابد ان نؤكد على وجود شرخ في الثقة
بين جهاز الشرطة والشارع .
واقترح سيف اليزل قيام عدد من
الاعلاميين والفنانين ولاعبي الكرة والصحفيين والنشطاء والكتاب بعمل حملة
توعية للمواطن المصري لتتقبل جهاز الشرطة مرة اخرى واعادة الثقة فيما بين
الشارع والمواطن والجهاز ، مؤكداً ان الدولة لا يمكن ان تعمل بدون تأمين ،
والغاء جهاز امن الدولة او الامن الوطني يؤكد حرمان مصر من ربع قوتها .
واشار الى ان جهاز الامن الاوطني حاليا
اصبح دوره يتمثل في التجسس والارهاب ، اما الطلبة والعمال والمظاهرات
والتدخل في الترتيبات والتنقل وخلافه انتهى . واذا اردنا ان تكون هناك
ضمانات لمراقبة عمل هذا الجهاز فهي تتمثل في الاشراف القضائي لانه لا احد
يستطيع ان يخطئ الخطأ القديم لان عندها مصيره سيكون "الترنج الابيض" .
محمد زارع رئيس المنظمة المصرية لاصلاح
الجنائي يرى ان عمر جهاز امن الدولة منذ انشاءه عام 1913 هو 98 عاما كان هو
زراع الحكومة طول الوقت ، بل كان هذا الجهاز هو الذي يحكم خاصة بعد عام
2000وسطوع نجم التوريث الذي ظهر في سماء مصر وبعدها اصبح الجهاز هو القوة
رقم واحد في الحكم. وكانت مهمته خلال هذه الفترة تتمثل في السيطرة على كل
مقدرات البلاد وتسليمها للوريث، بل كان هذا الجهاز هو عامل تزوير انتخابات
90-95-2000-2005 -2010بل ان التعذيب الذي كان يمارسه الضباط داخل الجهاز
يؤكد ان هذا الجهاز غير خاضع لاجهزة الدولة والدليل ان هناك 61 شخص اختفوا
داخل مقار الاحتجاز لذها الجهاز ، وللاسف كل التجاوزات حدثت دون رقابة او
رادع ، لان رأس الدولة كان هو الفاسد رقم واحد بل ان بعد 25 يناير قام هذا
الجهاز بحرق مصر وملفاتها والقضاء على التاريخ ، بل انه كان يشرف على
الفراغ الامني وخروج 60 الف مسجل خطر تربوا على ايدي هذا الجهاز الي الشارع
، وكانوا هؤلاء البلطجية هم من يديرون العملية السياسية في مصر .
وأضاف زارع ان هناك نوع من الضبابية
تحدث للشعب المصري خاصة في احساسه بعدم الامان، وعدم وجود تفسير لهذا
الفراغ ، وعدم وجود تفسير في عودة ثلاثة الاف شخص (قوائم وصول او ممنوعين
من دخول مصر لاسباب امنية) ، والامن يفتح الباب لهؤلاء دون قيد .
جاد البرعي الناشط الحقوقي ومدير
الندوة ، طالب وزارة الداخلية السماح لمنظمات المجتمع المدني والمنظمات
الحقوقية الاشتراك بجلسات الاستماع في مشروعات القوانين التي تعدها الوزارة
والخاصة باعادة هيكلة جهاز الشرطة، مؤكدا ان المغالاة في سرد قصص باهانات
تعرض لها ضباط الشرطة علناً يضرب الجهاز وغير مفيد، الحفاظ على كرامة الشخص
مسألة اساسية مشيراً ان المواطن المصري لن يصبر على الانفلات الامني
كثيرا.
واتفق مع نجاد في الرأي ماجد سرور
المدير التنفيذي لمؤسسة عالم واحد ورعاية المجتمع المدني ، مؤكداً ضرورة
تشكيل لجنة من الحقوقين لابداء رأيها في حماية حقوق الانسان و فعاليات
اعادة الهيكلة التي تجريها الوزارة كشكل من اشكال الضمانات.