الدعوة للزحف إلى فلسطين بالخيانة للأمة وسلب اختصاص الجيش، معتبرين أن تلك
الدعوة تأتى لصالح جماعات تريد أن تتسيد باللعب على عواطف الجماهير.
وأكد الدكتور جميل أحمد علام، عميد الدراسات الإسلامية بالإسكندرية، أن 150
عالماً من الشريعة والقانون يرون أن دعاوى الزحف والنفير إلى فلسطين، هى
لمصالح فردية وجماعات على حساب مستقبل الإسلام والأمة، وأن هذا التصرف من
شباب متحمس وجماهير عاطفية غير معدة عسكريا ولا قتاليا ولا مجهزة جهاديا،
مؤكدا أن تلك الدعاوى تخالف معايير الشريعة الإسلامية وأحكامها، مما ينم عن
جهل بالشريعة أو عدوان عليها وخيانة للأمة.
وأكد علام أن علماء الدعوة الإسلامية وعلماء الشريعة والقانون ومحاضرى
المراكز الإسلامية فى العالم يدينون هذه الدعوة، ويحذرون من مغبتها
ومخاطرها، موضحا أنه من المقرر فى أحكام الشرعية عند علماء أئمة أهل السنة
أنه ليس من حق آحاد الناس الدعوة إلى النفير أو الجهاد أو القتال، وأن حكم
الأمر بالقتال تطبيقا لقول الله تعالى "انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا
بأموالكم وأنفسكم فى سبيل الله ذلكم خير لكم ..."، وقوله تعالى "وأعدوا لهم
ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من
دونهم لا تعلمونهم"، مشيرا إلى أن علماء أهل السنة أجمعوا على أنه لا يجوز
لآحاد الناس أن يدعوا الناس إلى الجهاد، وإن كان الجهاد فرضا إلى يوم
القيامة وإنما الحاكم القائد الأعلى للدولة هو المختص بالدعوة إلى الجهاد
وإبرام الصلح مع أعداء الأمة والكف عن القتال.
وأضاف أنه من المقرر شرعا عند علماء أهل السنة أن حكم الدعوة إلى الزحف أو
الجهاد والنفير هو الحكم الوحيد الخاص بولى الأمر للدول القائد للجيش حتى
ولو كان حاكما غير رشيد وفاسقا، حتى لا تتنازع الأمة فى القتال وحتى لا تقع
فى مخالفة لقوله تعالى "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله
مع الصابرين"، حيث إن هذا الأمر لم يصدر من المجلس الأعلى العسكرى الذى
يمثل قيادة مصر فى هذا التوقيت الحرج.
وأكد جميل أن علماء الشريعة يحذرون من تلك الدعوة ومن الداعين إليها
والانسياق وراءها، وأن هذه الدعوة تمثل أيضا تضيعا لجهود شبابنا وافتراء
على سمعة الإسلام والمسلمين، حيث إن هؤلاء الشباب ليسوا مستعدين عسكريا
وليسوا مسلحين قتاليا للقيام بهذا الواجب، مشيرا إلى أننا جميعا نتمنى
تحرير الأقصى واستعادة فلسطين، فهذا واجب علينا، ولكن يجب أن يسبق ذلك كله
التخطيط العلمى المدروس والقيادة العسكرية الخبيرة التى ألزمنا الله بها فى
قوله تعالى "فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون".
وأوضح أن الانسياق وراء هذه الدعوات ضررها جسيم، وهى توريط الأمة فى عمل
غير معد ومخطط له من جهة الاختصاص، وهى القيادات العسكرية، الضرر الثانى
استغلال الجماهيرية العاطفية التى تبتز مشاعر البسطاء وعواطف الجماهير
المحبة لدينها وللمسجد الأقصى والتى ترغب فى تحرير فلسطين من الظلم
والاستبداد وما ذلك إلا ابتزاز واستغلال لمشاعرهم لتحقيق مصالح جماعاتية
تريد التسيد والاستعلاء وتحقيق جماهيرية عاطفية لأغراض دنيوية خسيسة دنيئة.
وأضاف أن الضرر الثالث هو الوقيعة بين الجيش والإسلاميين، حيث إن الاختصاص
بالنفير والزحف هو اختصاص الجيش وأركانه وليس من حق الإسلاميين أن يسلبو
الجيش اختصاصه وأنه من الخيانة، أما الضرر الرابع هو استفزاز القوى
الخارجية لإجهاد ثورة 25 يناير بدعوى أن هذه الثورات ستؤدى لوصول المتطرفين
إلى سدة الحكم وبالتالى تهديد الأمن العالمى، وتأكيد مخاوف الإخوة
المسيحيين والمستثمرين ضد الإسلاميين وطموحاتهم وتصرفاتهم، وبالتالى تكون
الوقيعة داخل المجتمع ونسيجه وتكون دمارا لاقتصاده، وطالب العلماء فى
بيانهم الجميع أن يستمعوا لصوت العقل والشرع وأن يوفروا الإمكانيات
والإنفاق على السفر بالشراب والطعام على أنفسهم خلال سفرهم إلى غزة، وأن
يتبرعوا بها لصالح الدواء والعلاج وعلى كل من يريد الذهاب التطوع بالقوات
المسلحة وأداء الخدمة العسكرية والتدريب على فنون الحرب قبل الزحف.