ما هي أسباب تخلف العرب و تقدم الغرب؟ سؤال يطرح نفسه في الوقت الذي وصل فيه العرب إلى أدنى درجات التخلف والانحطاط في جميع المجالات: السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية وغيرها... بينما يعيش الغرب في تطور هائل وتقدم لا مثيل له على جميع المجالات والأصعدة.
إن الدول الغربية على الصعيد السياسي تنتشر فيها أنظمة الحكم الديمقراطي التي تستند إلى رأي الشعب ويسود فيها حكم القانون الذي يطبق على الجميع بلا استثناء بما فيهم أصحاب المناصب الرفيعة كما تحترم حقوق الإنسان.
ومن مظاهر الديمقراطية التي نشاهدها اليوم في الدول الغربية إجراء الانتخابات النزيهة التي يصل فيها المترشح للرئاسة والمرشحين لعضوية البرلمان إلى مناصبهم بشكل شرعي من دون الاستعانة بعمليات التزوير.
من تلك المظاهر أيضا، إجراء المحاكمات النزيهة لأصحاب المناصب الرفيعة فكم وزير أو رئيس أجبر على الاستقالة والتنحي من منصبه بسبب فضائح مالية أو سياسية أو جنسية، التي منها على سبيل المثال»فضيحة ووترغيت» وهو اسم لأكبر فضيحة سياسية في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية التي أجبرت الرئيس ريتشارد نيكسون العام 1974 على الاستقالة من منصبه ومحاكمته بعد أن وجهت له الاتهامات بالتجسس على مكاتب الحزب الديمقراطي المنافس في مبنى ووترغيت.
إن القانون في الدول الغربية لا يحمي متقلدي المناصب الرفيعة من تقديمهم إلى القضاء ومحاكمتهم في حال خرقهم القانون ذلك أن الرئيس أو الوزير مثله مثل المواطن العادي فهو مساو ٍ له أمام القانون، إلى جانب سيادة القانون، تحترم هذه الدول حقوق الإنسان فتكفل قوانينها حرية الرأي والتعبير مما أفسح المجال للصحفيين ووسائل الإعلام توجيه النقد إلى المواقع الحساسة في الدولة فأدى ذلك بشكل كبير إلى كشف المجرمين والمتورطين في الكثير من القضايا حتى أضحت الصحافة السلطة الرابعة بجانب السلطات الثلاث الأخرى.
كما تحترم هذه الدول الحقوق الأخرى مثل الحماية من التعذيب، والمحاكمة العادلة، والتجمع السلمي أو التظاهرات، وعدم التمييز بسبب الجنس أو اللغة أو العرق أو الدين وغيرها.
وبخلاف الأوضاع هناك تجد واقع الأمة العربية مأساويا فتنتشر بعض الأنظمة الديكتاتورية الفاسدة التي لا تقارن حتى بالأنظمة المستبدة في العصور الوسطى وإن كانت تحمل مسميات وشعارات ديمقراطية إلا أن التطبيق والممارسات تختلف على أرض الواقع.
ففي هذه الأنظمة تجد الحاكم يقبع على السلطة ما يربو على عقود إما نتيجة لنظام توريث الحكم أو إجراء انتخابات مشكوك في نزاهتها مما يؤدي إلى احتكار السلطة لفئة معينة.
إن القانون في هذه الأنظمة أصبح يداس ويضرب بعرض الحائط من قبل المتنفذين وأصحاب المناصب الهامة فلا تجد مساواة للجميع ولا سيادة للقانون بل إنه أصبح يسلط على رقاب الضعفاء والمساكين بينما يهرب أصحاب النفوذ من العدالة، كما أن هذه الدول لا تولي أي اهتمام لحقوق الإنسان فتضع قيودا على حرية الرأي والتعبير وتعمل السلطات على تشديد قوانين الصحافة وتضييق الخناق على الصحفيين ووسائل الإعلام فتمنعهم من إبداء رأيهم و توجيه النقد إلى الغير مما ساهم بشكل كبير في التغطية على الفساد والمتلاعبين بالمال العام والمجرمين وأصحاب الفضائح.
وأدى ذلك أيضا إلى ارتفاع عدد سجناء الرأي، فتراجع مؤشر الديمقراطية لهذه الأنظمة الفاسدة وهو في تراجع يوما بعد يوم نتيجة للممارسات القمعية من تعذيب للسجناء وإجراء المحاكمات غير العادلة للمتهمين واعتقال المتظاهرين والتمييز بين المواطنين.
أما لو تطرقنا إلى المجال الاقتصادي والتكنولوجي عند المجتمعات الغربية فنجدهم يعيشون طفرة تكنولوجية غير مسبوقة ورخاء وتقدما اقتصاديا لا يضاهى.
فلو قارنّا الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية مجتمعة بالناتج الإجمالي الأميركي لوجدنا أنها لا تشكل سوى 7 في المئة من الناتج الأميركي مع العلم بأن عدد سكان الدول العربية يفوق عدد سكان الولايات المتحدة.
إن الدول الغربية رواد القوى الصناعية في العالم فتتمتع قطاعاتها الصناعية بالتنوع الشديد والتقدم التكنولوجي الكبير، فتمتلك الشركات الغربية زمام التطورات التكنولوجية في كافة القطاعات الاقتصادية لاسيما في مجالات أجهزة الحاسب الآلي والسيارات والطائرات والمعدات الطبية والعسكرية والأجهزة الكهربائية والتقنية النووية.
كما أن طوفان التقدم التكنولوجي بلغ إلى حد غزو الفضاء الخارجي والهيمنة عليه!
أما لو ألقيت نظرة على الواقع المعيشي للمجتمعات الغربية تجد أن متوسط دخلهم هو الأعلى عن نظرائهم ونسب البطالة والتضخم هي الأدنى في العالم وفي المقابل نجد الوضع العربي متأزم، إذ يشكل النفط ومشتقاته مصدر الدخل الوحيد للدول العربية التي يتركز اعتمادها على هذه الصناعة فقط فيتأثر اقتصادها إلى حد كبير عند تراجع الطلب العالمي على النفط.
لم يفلح العرب في صناعة شيء وبقوا على قاعدة الاستهلاك لا الإنتاج فظلوا يعتمدون على غيرهم باستيراد السيارات والطائرات والأجهزة الكهربائية وغيرها من المعدات المختلفة وتتجه بعض الدول العربية حاليا إلى استيراد الطاقة النووية من الدول الغربية!
لم يتوصل العرب إلى اختراع شيء ولم يبرعوا حتى في صناعة معظم السلع الاستهلاكية التي بقيت مستوردة من الخارج... البطالة والتضخم وصلا إلى أرقام مخيفة ومع حدوث الأزمة المالية ارتفعت هذه الأرقام أكثر من ذي قبل.
كم هو مؤسف حقا ما وصل إليه العرب من تخلف وتراجع وبقوا آخر الناس في سلم الرقي والتطور بعد أن ضاعت أمجادهم وإنجازاتهم للدرجة أنهم أصبحوا الآن ألعاب ودمى يحركها الغربيون متى وكيفما أرادوا حتى باتت كلمة «عربي» رمزا للذل والهوان والخضوع... فما هي أسباب تخلف العرب وتقدم الغرب غير ما ذكرته؟ إنني أتمنى حقا بأن أحصل على إجابة شافية تخلصني من هذا التساؤل الذي يدور بخلدي يوميا.
العدد : 2555 | الجمعة 04 سبتمبر 2009م الموافق 21 شوال 1430 هـ
إن الدول الغربية على الصعيد السياسي تنتشر فيها أنظمة الحكم الديمقراطي التي تستند إلى رأي الشعب ويسود فيها حكم القانون الذي يطبق على الجميع بلا استثناء بما فيهم أصحاب المناصب الرفيعة كما تحترم حقوق الإنسان.
ومن مظاهر الديمقراطية التي نشاهدها اليوم في الدول الغربية إجراء الانتخابات النزيهة التي يصل فيها المترشح للرئاسة والمرشحين لعضوية البرلمان إلى مناصبهم بشكل شرعي من دون الاستعانة بعمليات التزوير.
من تلك المظاهر أيضا، إجراء المحاكمات النزيهة لأصحاب المناصب الرفيعة فكم وزير أو رئيس أجبر على الاستقالة والتنحي من منصبه بسبب فضائح مالية أو سياسية أو جنسية، التي منها على سبيل المثال»فضيحة ووترغيت» وهو اسم لأكبر فضيحة سياسية في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية التي أجبرت الرئيس ريتشارد نيكسون العام 1974 على الاستقالة من منصبه ومحاكمته بعد أن وجهت له الاتهامات بالتجسس على مكاتب الحزب الديمقراطي المنافس في مبنى ووترغيت.
إن القانون في الدول الغربية لا يحمي متقلدي المناصب الرفيعة من تقديمهم إلى القضاء ومحاكمتهم في حال خرقهم القانون ذلك أن الرئيس أو الوزير مثله مثل المواطن العادي فهو مساو ٍ له أمام القانون، إلى جانب سيادة القانون، تحترم هذه الدول حقوق الإنسان فتكفل قوانينها حرية الرأي والتعبير مما أفسح المجال للصحفيين ووسائل الإعلام توجيه النقد إلى المواقع الحساسة في الدولة فأدى ذلك بشكل كبير إلى كشف المجرمين والمتورطين في الكثير من القضايا حتى أضحت الصحافة السلطة الرابعة بجانب السلطات الثلاث الأخرى.
كما تحترم هذه الدول الحقوق الأخرى مثل الحماية من التعذيب، والمحاكمة العادلة، والتجمع السلمي أو التظاهرات، وعدم التمييز بسبب الجنس أو اللغة أو العرق أو الدين وغيرها.
وبخلاف الأوضاع هناك تجد واقع الأمة العربية مأساويا فتنتشر بعض الأنظمة الديكتاتورية الفاسدة التي لا تقارن حتى بالأنظمة المستبدة في العصور الوسطى وإن كانت تحمل مسميات وشعارات ديمقراطية إلا أن التطبيق والممارسات تختلف على أرض الواقع.
ففي هذه الأنظمة تجد الحاكم يقبع على السلطة ما يربو على عقود إما نتيجة لنظام توريث الحكم أو إجراء انتخابات مشكوك في نزاهتها مما يؤدي إلى احتكار السلطة لفئة معينة.
إن القانون في هذه الأنظمة أصبح يداس ويضرب بعرض الحائط من قبل المتنفذين وأصحاب المناصب الهامة فلا تجد مساواة للجميع ولا سيادة للقانون بل إنه أصبح يسلط على رقاب الضعفاء والمساكين بينما يهرب أصحاب النفوذ من العدالة، كما أن هذه الدول لا تولي أي اهتمام لحقوق الإنسان فتضع قيودا على حرية الرأي والتعبير وتعمل السلطات على تشديد قوانين الصحافة وتضييق الخناق على الصحفيين ووسائل الإعلام فتمنعهم من إبداء رأيهم و توجيه النقد إلى الغير مما ساهم بشكل كبير في التغطية على الفساد والمتلاعبين بالمال العام والمجرمين وأصحاب الفضائح.
وأدى ذلك أيضا إلى ارتفاع عدد سجناء الرأي، فتراجع مؤشر الديمقراطية لهذه الأنظمة الفاسدة وهو في تراجع يوما بعد يوم نتيجة للممارسات القمعية من تعذيب للسجناء وإجراء المحاكمات غير العادلة للمتهمين واعتقال المتظاهرين والتمييز بين المواطنين.
أما لو تطرقنا إلى المجال الاقتصادي والتكنولوجي عند المجتمعات الغربية فنجدهم يعيشون طفرة تكنولوجية غير مسبوقة ورخاء وتقدما اقتصاديا لا يضاهى.
فلو قارنّا الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية مجتمعة بالناتج الإجمالي الأميركي لوجدنا أنها لا تشكل سوى 7 في المئة من الناتج الأميركي مع العلم بأن عدد سكان الدول العربية يفوق عدد سكان الولايات المتحدة.
إن الدول الغربية رواد القوى الصناعية في العالم فتتمتع قطاعاتها الصناعية بالتنوع الشديد والتقدم التكنولوجي الكبير، فتمتلك الشركات الغربية زمام التطورات التكنولوجية في كافة القطاعات الاقتصادية لاسيما في مجالات أجهزة الحاسب الآلي والسيارات والطائرات والمعدات الطبية والعسكرية والأجهزة الكهربائية والتقنية النووية.
كما أن طوفان التقدم التكنولوجي بلغ إلى حد غزو الفضاء الخارجي والهيمنة عليه!
أما لو ألقيت نظرة على الواقع المعيشي للمجتمعات الغربية تجد أن متوسط دخلهم هو الأعلى عن نظرائهم ونسب البطالة والتضخم هي الأدنى في العالم وفي المقابل نجد الوضع العربي متأزم، إذ يشكل النفط ومشتقاته مصدر الدخل الوحيد للدول العربية التي يتركز اعتمادها على هذه الصناعة فقط فيتأثر اقتصادها إلى حد كبير عند تراجع الطلب العالمي على النفط.
لم يفلح العرب في صناعة شيء وبقوا على قاعدة الاستهلاك لا الإنتاج فظلوا يعتمدون على غيرهم باستيراد السيارات والطائرات والأجهزة الكهربائية وغيرها من المعدات المختلفة وتتجه بعض الدول العربية حاليا إلى استيراد الطاقة النووية من الدول الغربية!
لم يتوصل العرب إلى اختراع شيء ولم يبرعوا حتى في صناعة معظم السلع الاستهلاكية التي بقيت مستوردة من الخارج... البطالة والتضخم وصلا إلى أرقام مخيفة ومع حدوث الأزمة المالية ارتفعت هذه الأرقام أكثر من ذي قبل.
كم هو مؤسف حقا ما وصل إليه العرب من تخلف وتراجع وبقوا آخر الناس في سلم الرقي والتطور بعد أن ضاعت أمجادهم وإنجازاتهم للدرجة أنهم أصبحوا الآن ألعاب ودمى يحركها الغربيون متى وكيفما أرادوا حتى باتت كلمة «عربي» رمزا للذل والهوان والخضوع... فما هي أسباب تخلف العرب وتقدم الغرب غير ما ذكرته؟ إنني أتمنى حقا بأن أحصل على إجابة شافية تخلصني من هذا التساؤل الذي يدور بخلدي يوميا.
العدد : 2555 | الجمعة 04 سبتمبر 2009م الموافق 21 شوال 1430 هـ