كما تعودنا منه، في رقةٍٍ بكلمات قوية، وروعةٍٍ بأسلوب
مختلج بمشاعر طيبة، تنم عن روح وريحان الشعب المصري؛ خرج إلينا اليوم رئيس
وزراء الثورة الدكتور عصام شرف في خطاب بدأه بقوله: "أعتذر إليكم لأني منذ
فترة لم أتصل بكم، لكن أوعدكم نرجع للقاءات المتكررة كل أسبوع أو عشرة
أيام بإذن الله".
ربما تبتسم أفواهنا ونحن نسمعه، وتذرف دموعنا ونحن
نتفاعل معه؛ لحرماننا طيلة عقود من مسئول يخرج إلينا بكلمة يبدؤها باعتذار
صادق، ووعود نعلم أنها ستنفّذ، فحتى المظاهرات الفئوية التي تخرج في كل يوم
لتطلب مصالح شخصية في وقت مرحلي يجدر العمل فيه أكثر من الكلام، إلا أن
الدكتور عصام شرف رفض تسميتها بالفئوية وأطلق عليها "المطالب الإنسانية"،
ولا يسعني إلا أن أترككم لتقرؤوا كلمته بأنفسكم....
نص كلمة الدكتور عصام شرف إلى الشعب المصري اليوم (الأربعاء):أحب أن أبدأ بالاعتذار لأني منذ فترة لم أتصل بكم، لكن أوعدكم نرجع للقاءات المتكررة كل أسبوع أو عشرة أيام بإذن الله..
وأتكلم اليوم معكم وأنا مدرك حساسية المرحلة التي تمر بها مصر؛ فهناك العديد من الملفات التي أرغب في التحدث عنها اليوم..
أولاً :المطالب الإنسانية
ما يطلق عليه البعض المطالب الفئوية، أحب أن أطلق عليها المطالب
الإنسانية، لأن المطالب الفئوية يقوم بها بشر لهم مشاعر إنسانية، وأنا على
ثقة أن الغالبية العظمى منهم يتحركون نتيجة لمشاعر إنسانية نبيلة، وهناك
نوع من الاستعجال؛ لأنهم في الماضي عانوا من التجاهل..
لكن هناك قلة تستغل هذا الأمور للإساءة لمسيرة الثورة ومحاولة إضفاء نوع
من الفوضى، وأنا أعلم تمامًا أنهم في تضاؤل، وأنا أهيب بالجموع الذين لهم
الحق في الحلم بمُستقبل أفضل أن يتخلصوا من هؤلاء القلة الذين يحاولون
الإساءة إليهم.
أول حاجة عايز أقولها: أنه من الصعب أن نتعامل ونحقق كل المطالب الفئوية
النابعة من مشاعر إنسانية، زي ما قلت لكل مطلب على حدة؛ لأن المشكلة ليست
مشكلة مادية ومالية فقط، ولكن الكثير منها يعتمد على إصلاحات مؤسسية
وإدارية..
لذا فلا بد من وجود بعض الوقت للتأكد من أن نضمن تحقيق الطلبات يشمل جميع الفئات، ليكون هناك عدل في تحقيق المطالب..
وهناك مشكلة أخرى ترتبط بهذه المطالب والتي نحترمها، لاحظنا أنه في
أحوال كثيرة جداً أن من يأتون ونلتقي بهم لا يمثلون كل القطاع الذي ينتمون
إليه، ونأمل في الفترة القريبة بدء انتخابات النقابات لتكون آلية معترفا
بها كآلية تفاوض جماعي، وتكون وسيلة للتفاعل، ولأن يتم ذلك فنحن مقدرون
لتلك الحقوق ونأمل في التعاون لتحقيقها بشكل عادل على الجميع، لذا أرجو أن
يُنظر إلى المطالب الإنسانية بصورة إنسانية.
نحن نريد المزيد من
الوقت.. وسوف أتكلم عن الإنجازات.. والحكومة ملتزمة بإجراءات الإصلاح
السياسي والإداري والمالي.. وهذا الإصلاح كفيل بأن يوفّر مناخا لتحقيق تلك
المطالب؛ ومنها إعادة هيكلة الأجور على نحو أكثر عدالة.. بما يضمن تحسنا
نوعيا في مستوي المعيشة في الفترة القادمة.. وهنا أريد أن أذكر مثالا أن
هناك مجموعة شباب قابلوني وأبلغوني بأنهم مش عاوزين تعيين أو فلوس، بس
قالوا نريد أن نحس بأن هناك هيكلا سوف يستوعبنا بعد سنتين أو ثلاثة.. لذا
لا بد من وجود هياكل مؤسسية.
وآخر نقطة تتعلق بمصابي وشهداء
الثورة، ونحن في الحقيقة في كل مقابلاتي أطلب قائمة بهم للقيام بالواجب،
ونحن قدر الاستطاعة عملنا بعض الأشياء، ولكنها غير كافية مع مجموعة من
ممثلي مصابي الثورة، وحصلنا على ثلاثة آلاف اسم، وأعد ببذل كل الجهود لكي
نوفيهم حقهم، هذا حق لهم ونحاول على قدر المستطاع، وأنا بصفتي الشخصية أتصل
بهم.. هذا حق لهم.
ثانيًا: ملف الإعلام
حضراتكم
تعلمون أن الإعلام المقروء أو المسموع أو المرئي أقدر أقول إنه في مجمله
محترم، فهو الذي أثر تأثيرًا كبيرًا في الوعي العربي ككل، ونجد أن اللكنة
المصرية جاءت من الإعلام المصري بكل أنواعه، وسيظل تأثيره على المنطقة ككل
وليست مصر فقط، وهناك بعض الشواهد تقلق الكثير دون الدخول في التفاصيل،
ولكن كل ما أرجوه هي رسالة من مواطن مصري إلى مواطن مصري يعمل في الإعلام،
هو عند إعداد خبر عن اتهام شخص؛ يجب التأكد بالفعل أن الشخص متهم، وأن هناك
تحقيقا أثبت أنه متهم؛ لأنه قد يكون هناك سبق صحفي، ولكن لا يجب أن نستهتر
بمحاكمة التاريخ عندما تثبُت براءة هذا الشخص، والأكثر لا تستهتر بحساب
الله تعالى..
وهناك العديد من الأسر دُمّرت بالكامل بسبب ذلك، ناهيك
عن موضوع الاستثمار وما تأثر بسبب ذلك، تأكدوا على حرص الحكومة على إحقاق
الحق وترسيخ دولة القانون، ولكن أرجو أن نعتبر العدل والرحمة والاهتمام
بالتأكد من الأخبار، ولا بد من وجود إثبات قانوني بذلك، برجاء التفكير مرة
واثنين وثلاثة قبل نشر أي خبر دون التأكد.
ثالثًا: ملف "العدالة"
وهو
ملف يطلق عليه أحيانًا الوحدة الوطنية، وعنصري الأمة، ولكن ممكن أسميه ملف
"العدالة"، ونحن بصدد تكوين لجنة اسمها "العدالة الوطنية" لبحثه، ولكن ما
المقصود بالعدالة، نجد العدالة في القضاء ونحن نفتخر بذلك، ولكني أتكلم عن
العدالة التي تسمح بحرية الاختيار، العدالة التي لا تسمح بالتمييز، العدالة
التي تسمح لكل إنسان بأن تكون له قناعة معينة، أن يمارس حقه في ممارسة
قناعته، ولذا عند تطبيق ذلك على المصريين المسيحيين والمصريين المُسلمين،
أنا باشوف الافتقاد لهذا المفهوم "العدالة، والحرية، وعدم التمييز، والقدرة
على ممارسة الشعائر بحرية"، كل تلك الأمور عُملت في الفترة السابقة من
منطلق المواءمة، والآن؛ جاء الوقت للتعامل معها من الجذور.
وفي تلك
اللجنة نعتمد على حاجتين: في أي مشروع هناك الماضي والحاضر والمُستقبل،
فالماضي هناك تلال من الدراسات القيمة جداً يقوم بها مجموعة من أعضاء
اللجنة، وغيرهم الكثير، أما الحاضر فهو وجود قاعدة بيانات سليمة توضح كل
شيء، أما المستقبل فهو أن تكون مصر كما يجب أن تكون، يعيش فيها المصريون
دون تمييز وفي حرية تامة.
رابعاً: الملف الأمني
هناك
تحسن نسبي في الأوضاع، هناك تطور كبير، وتشرّفت بحضور تخريج دفعة
استثنائية من أكاديمية الشرطة لتعزيز الأمن في الشارع المصري، الدفعة حوالي
1400 شاب مصري سيعملون لحماية أمن الوطن والمواطن، وأتحدى أي واحد كان
يسمع الـ1400 فرد وهم ينشدون النشيد الوطني ويقسمون قسم الله، أنا شفت في
أعين هؤلاء الشباب نظرة بها تحدّ وأمل شديد جداً، تظهر منه الرغبة في
الحفاظ على مصر.. كان موقفا مهيبا جداً.
وفيه دلوقتي إعادة هيكلة لجهاز الشرطة ولوائح منظمة جديدة ستنعكس على رفع حالة الأمن في الشارع المصري..
ودورنا
نحن كحكومة من خلال القانون أن نمنح أقصى صلاحية التعامل لرجال الشرطة مع
القوات المسلحة؛ للدفاع عن الممتلكات العامة، وأعتقد أن مستوى الحماية
سيكون على الدرجة المأمولة بإذن الله..
الحكومة من جانبنا تعطي
الملف الأمني أعلى درجات الأهمية، وجميع الطلبات ستتحقق لهذا الجهاز، وهناك
استجابة فورية لطلباته، وأعيد مناداتي للإخوة المواطنين أن المطالب
الإنسانية ألا تتخطى ضرر الآخرين أو تعطيل العمل أو تخريب المنشآت؛ لأنه في
الحقيقة القانون يمنع ذلك، وبغض النظر عن القانون، الشعور العام لا بد ألا
يتخطى ذلك.
وبالنسبة للمعتقلين بسبب الاحتجاجات، فإن شاء الله سيتم
التعامل مع حالتهم وفقًا لروح القانون، القانون الذي يجرم الإضرار، وعلى
الجانب الآخر القانون بما فيه من رحمة ليراعي الحماسة التي تغلب على من
يقومون بهذه الأمور، برجاء المساعدة للنهوض وانطلاق للبلد لتكون كما يجب أن
تكون، لتكون أكثر بكثير مما يتصور البعض.
هناك أيضًا ما يسمي بالأمن الاجتماعي.
في
النهاية "الفساد"، لهذا لدينا 13 جهة رقابية تعمل في موضوع الرقابة
للحماية من الفساد، ولكن في الحقيقة كلفت أحد الشخصيات الرصينة المحترمة أن
يبدأ نوعا من التصور نقدر من خلاله نفعل دور هذه الأجهزة الرقابية،
والتنسيق بينهم، وإن شاء الله قريباً سيكون هذا الملف مطروحا، وهذا الملف
هو ملف حماية المال العام من الفساد، وأنا من الناس مثل الملايين دائمًا
قلقون من الفساد، ولكن لم أتصور أن الفساد أصبح مؤسسة، وأن الكثير من
المتعاملين مع الفساد لا يعلمون أنه فساد، بصراحة نحن نحتاج إلى المساعدة
في حماية مظلة حماية المال العام؛ للتخلص من الفساد.
خامسًا: الملف الاقتصادي والمالي
وهو
الملف الأخير.. الملف الاقتصادي والمالي، ففيما يتعلق بالاستثمار؛ نحن في
سبيلنا وعلى المسار الصحيح، ونعمل على الوصول لبعض الحلول في المشاكل التي
عرضت علينا، وعدم ظلم المستثمرين، ولا بد أن يكون التوجه هو حل المشكلات،
ولا بد أن نؤمن بأن من لم يفسد ولكنه أخطأ أن نتعامل معه، ونحن حريصون عليه
لعودة عجلة الاستثمار مرة أخرى..
أيضًا الحكومة تعمل لتشغيل
المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ونعمل اجتماعات دورية؛ لأن أي بلد وخاصة مصر
سيعتمد الاقتصاد على المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وقريباً سنتحدث عن
تفاصيل في ذلك الموضوع، المشاريع الصغيرة والمتوسطة؛ ستخدم على المشاريع
الكبيرة.
هناك أيضًا جهود لإقرار مشروع منطقة تجارة حرة بين مصر
ودول إفريقيا، وذلك يؤكد توجهنا تجاه إفريقيا، والجولات التي قمنا بها أكدت
أن المشاعر الإفريقية تجاه مصر أصيلة في نفوس الأفارقة، فلا بد أن نستثمر
ذلك ونستثمر الموارد الإفريقية، إن شاء الله سيكون لمصر مستقبل كبير في هذا
الموضوع.
أيضا وزارة الإسكان بصدد الانتهاء من مشروع الإسكان
القومي المُنخفض التكلفة، ولكنه أيضا سيكون ذا جودة عالية، وبإذن الله
سُنعلن عنه في القريب العاجل..
أنا بُكرة مسافر لحضور اجتماعات
مجموعة الثمانية الصناعية بتكليف من المُشير حسين طنطاوي؛ بغرض إطلاق شراكة
بعيدة المدى بين مصر والدول الأوروبية، وأنا أثق أن لها انعاكاسات جيدة
على الاستثمارات والتنمية على وجه العموم، وأنا أريد أن أقول إن تلك
الزيارة تتبع المفهوم العام لزياراتنا الخارجية وهو علاقة مصر بالعالم،
التي تأتي من خلال مصالح مصر الخارجية، العالم محتاج لنا مثل ما نحن
محتاجون إليه، ونتعامل من خلال مصالح مشتركة بين الشعوب، من خلال آمال
مشتركة بين الشعوب، ولكن مصر في الحقيقة من المُنطلقات في ميدان التحرير
وكل شارع في مصر "حرية، تنمية، عدالة اجتماعية وديمقراطية"، ولكن ليست على
حساب حرية الشعب، حرية ولكن ليست على حساب العدالة الاجتماعية وحسن توزيع
الموارد، تلك هي الأسس التي نتعامل على أساسها، والعالم يحترمنا ما دمنا
نعمل من خلال تلك المحاور.
وهناك توجه عام لشطب مصر من قائمة الدول
الأكثر فسادًا في العالم بعد الجهود المبذولة حالياً؛ لتحويل المسئولين إلى
جهاز الكسب غير المشروع.
وأحب أقول إنني تقابلت مع مجموعة من
الوزراء السودانيين لمناقشة بعض المشروعات الكبرى أهمها أن نحقق الاكتفاء
الذاتي من الأمن والمحاصيل الزيتية، وسيكون هناك العديد من المشروعات على
أعلى مستوى، وزير الكهرباء سيفتتح محطة كهرباء أقامتها مصر في السودان.
النقطة
التالية نتكلم عن الاستثمار والزيارات الإفريقية، الدول العربية لها وضع
كبير في نفوسنا وعلاقاتنا معهم مبنية على الاحترام المُتبادل، ودور مصر
التاريخي، ومصر يُنظر لها على أنها دولة قائدة، ولكن هناك متاعب للمستثمرين
العرب بخصوص بعض العقود في السابق، ونحن أخذنا العهد أن نحل على قدر
الإمكان، وهناك استعداد تام لزيادة الاستثمار في مصر، لذا أوجّه الشكر
للجميع الذي يقدّر دور مصر، ومن جانبنا نعد بأن نحل المشاكل قدر المستطاع.
أما
البحث العلمي فهو أساس الاقتصاد والقدرة التنافسية، وأي مشروع لا بد أن
تكون الخطوة الأولى له أن تبنى على فكر علمي من اللحظة الأولى، ونحن نملك
من الكفاءات المصرية للقيام بذلك الدور الرائد، وعلى سبيل المثال مشروع
الدكتور زويل.
هناك حزمة من الإجراءات لتحفيز الاقتصاد المصري،
وهناك إصلاح لمنظومة الأجور، هناك نقلة نوعية للأجور إن شاء الله، هناك
أيضًا تجميد العمل بالضريبة العقارية، فنظرًا للإرادة الشعبية؛ قررنا تجميد
العمل بها، ونحن يمكن أن نصل بالدعم المستمر خاصة بالسلع الغذائية، وكيفية
تنظيمه، على سبيل المثال دعم المواد البترولية لو خفضنا فقط 10% نستطيع
بناء 70 ألف شقة، وعدد كبير من المستشفيات، وأنتم معانا والدعم يتجه مباشرة
تجاه الفقراء والمحتاجين.
في الموازنة هناك زيادة في الخدمات الاجتماعية (الصحة، التعليم، النقل) وزيادة في المُخصصات كنسبة.
في
النهاية نحن حكومة مدنية نستمد قوتنا من الشعب، وما نأمل به هو تسليم
الراية لمن يأتي بعدنا، ومصر مستعدة لانطلاقة كبرى سياسياً واجتماعيا، ما
تستحقه مصر، أنا كل ما أحسّ بوجود إنجاز أجد وجود قوى مضادة تهدف إخفاء
قيمة هذا الإنجاز..
برجاء اتقاء الله واتقاء حساب التاريخ..