من ثلاثة عشرة عاما وكنت قد قيدت بالجدول الابتدائي من أيام قليله وكنت جالسا بمكتبي الذي كنت قد افتتحته قبل ذلك بأيام ودخل إلى احد الأصدقاء ومصطحبا معه رجل ليحكي لي انه متهم وآخرين بجناية ويحكي لي تفاصيلها ويطلب مني أن أتولى الدفاع عنه
وبعد أن انصرف وجدت نفسي اشعر بفرحة غامرة فسوف ادخل محكمة الجنايات محاميا ولكن في نفس الوقت شعرت بخوف شديد
وذهبت في الصباح لإحضار أوراق الجناية ووجدتها في أكثر من ألف صفحة
وتفرغت لها تماما وأخذت اقرأها بتمعن أكثر من مرة إلى أن خيل ألي أني قد حفظت محتوياتها تقريبا وأخذت الخص فيها واعرض محتوياتها على كبار الأساتذة وأخذت استشير وأقرا الكتب الشارحة للأجرائات الجنائية ووصلت لحلول كثيرة في القضية
ولكن بقيت مشكلة كيف سأستطيع أن أواجه المحكمة وكيف سأستطيع أن أتكلم أمامها كيف سأواجههم وكلما تخيلت الموقف في محكمة الجنايات أحس أن صوتي سيحبس ولن ينطق أبدا وكانت المرافعة في رأسي والدفوع حاضرة تماما وأخذت أترافع أمام المرأة ولكن كلما تخيلت شكل المستشارين يقف الكلام في حلقي فوجدت انه لا يوجد مفر من كتابته حتى اقرأه من ورقة وليس من ذاكرتي لأني كنت متأكد أني بمجرد وقوفي أمام المحكمة سأنسى كل شئ
وبقى على الجلسة أسبوع فبدأت استغله في حضور محكمة الجنايات يوميا للتعلم من الأساتذة الأكبر وأخذت أرى مرافعاتهم وكنت أرى الجمهور الحاضر يعجبه منها الكثير وكنت انتظر لنهاية الجلسة فأجد المرافعة التي أعجبتهم أن المتهم اخذ حكما شديدا واجد المرافعة التي لم تعجب الجمهور اخذ المتهم فيها براءة فاستنتجت من ذلك أن هيئة هذه المحكمة لا تحب التكلم في الوقائع ونفيها أو التشكيك في مصداقية محرر المحضر ولا تحب الخطب الرنانة بل أن من المواقف الطريفة لرئيس الدائرة انه كان يقاطع أي محامي يسترسل في المرافعة ويسأله أنت ابتدائي يا أستاذ ولا استئناف فإذا قال له إنا استئناف طلب الاطلاع على الكارنية وطبعا بعد الاطلاع على الكارنية يكون المحامي تقريبا قد نسى ما كان يقوله وتضيع منه الأفكار
كل هذه الأمور أربكتني وخصوصا أني مقيد ابتدائي وقتها وليس استئناف أي إنني وفق لاتجاه هذا القاضي لا يصح لي الحضور لأنه لم يكن يقتنع أبدا بأن من حق المحامي الابتدائي الحضور وفقا لقانون الأجرائات الجنائية وكان يقول لكل محامي يناقشه بان قانونكم منعكم من الحضور وكمان الخاص يقيد العام
وطبعا كلامه كان بيكون محرج جدا للمحامي قدام زبونه ألي في القفص وبيكتشف أن المحامي ألي وكله في القضية غير معترف أمام المحكمة
وخوفا من وقوعي في ذات المشكلة اتفقت مع احد الأساتذة المقيدين بالنقض انه إذا القاضي سألني عن درجة قيدي أقول أني حاضر بالنيابة عن الأستاذ الكبير وبطلب التأجيل لحضوره
وجاء يوم الجلسة الموعود وكان ترتيب قضيتي في نهاية الروبل وجلست انتظر دوري وخلال الانتظار ترافع محامين في القضايا التي تسبق قضيتي وكانت مرافعتهم بالصوت الجهور وأخذت أقول لنفسي هل سأنجح في أن افعل مثلهم
بالطبع إنا كنت اشتغلت في كثير من القضايا ولكن كلها كانت جنح وكانت المرافعة تتم بصوت طبيعي خافت لأن قاضي الجنح يقف المحامي أمامه مباشرة فلا يستطيع أن يرفع صوته حتى لو أراد ذلك إما في الجنايات فيفصل بين المحامي والقاضي أمتار كثيرة وكذلك طبيعة القاعة وجمهور الحاضرين تجعل المحامي يمارس الخطابة في اعلي صورها
وجاء دوري وقبل أن أقف فوجئت برئيس المحكمة يرفع الجلسة
وأخذت انتظر ليعقدها مرة أخرى ووجدت الحاجب يأتي ويقول أن رئيس المحكمة المستشار قرر عقد الجلسة في غرفة المداولة
فدخلت الغرفة وأنا اشعر بألفة فهي شبيهة جدا بالغرفة التي ترافعت فيها كثيرا في قضايا الجنح ودخلت ولم أتكلم في القضية غير خمس سطور فقط كانت كلها دفوع في الأجرائات ووجدت القاضي يقول لي كفاية وبناء عليه وطلباتك
فقلت البراءة يا ريس
وخرجت من الغرفة وأنا اشعر أن الحكم الذي سيصدر سيكون هو الحكم الذي سيقرر هل سأستمر في المحاماة أم أفكر في طريق أخر وبينا إنا في قلقي وخوفي يعقد القاضي الجلسة للنطق بالأحكام واجد كل القضايا أحكام بالسجن والى أن يصل إلى قضيتي واجد الحكم براءة ويكاد يغمى عليا من الفرحة وعدم التصديق
ويهتف بي أهل المتهمين بأنهم مستعدين يدوني عينيهم
وبالمناسبة إنا ماكنتش اتفقت معاهم على فلوس أو اجر لأن خوفي من الجناية خلاني اعتقد أني مش قدها وبالتالي لم يكن عندي جرأة إني احدد اجر
ولقيت أهل المتهمين يقولوا لي هنجيلك المكتب بالليل وخد كل ألي تطلبه وطبعا ماعدوش من وقتها إلى الآن والظاهر نسيوا مكان المكتب فين وده كمان كان من الدروس الحلوة ألي أتعلمتها من القضية دي
ولفت الأيام وكل ماادخل محكمة الجنايات أجد نفسي أتذكر أول يوم وبرغم من أن قاعة الجنايات كثيرا ماشهدت بها الكثير من الأيام السعيدة وأحيانا الحزينة ولكن هذه الأيام لم تفلح أن تمسح ذكرى أول يوم واو ل درس
نقلاعن جريدة الأفوكاتو بتاريخ1-3-2005
وبعد أن انصرف وجدت نفسي اشعر بفرحة غامرة فسوف ادخل محكمة الجنايات محاميا ولكن في نفس الوقت شعرت بخوف شديد
وذهبت في الصباح لإحضار أوراق الجناية ووجدتها في أكثر من ألف صفحة
وتفرغت لها تماما وأخذت اقرأها بتمعن أكثر من مرة إلى أن خيل ألي أني قد حفظت محتوياتها تقريبا وأخذت الخص فيها واعرض محتوياتها على كبار الأساتذة وأخذت استشير وأقرا الكتب الشارحة للأجرائات الجنائية ووصلت لحلول كثيرة في القضية
ولكن بقيت مشكلة كيف سأستطيع أن أواجه المحكمة وكيف سأستطيع أن أتكلم أمامها كيف سأواجههم وكلما تخيلت الموقف في محكمة الجنايات أحس أن صوتي سيحبس ولن ينطق أبدا وكانت المرافعة في رأسي والدفوع حاضرة تماما وأخذت أترافع أمام المرأة ولكن كلما تخيلت شكل المستشارين يقف الكلام في حلقي فوجدت انه لا يوجد مفر من كتابته حتى اقرأه من ورقة وليس من ذاكرتي لأني كنت متأكد أني بمجرد وقوفي أمام المحكمة سأنسى كل شئ
وبقى على الجلسة أسبوع فبدأت استغله في حضور محكمة الجنايات يوميا للتعلم من الأساتذة الأكبر وأخذت أرى مرافعاتهم وكنت أرى الجمهور الحاضر يعجبه منها الكثير وكنت انتظر لنهاية الجلسة فأجد المرافعة التي أعجبتهم أن المتهم اخذ حكما شديدا واجد المرافعة التي لم تعجب الجمهور اخذ المتهم فيها براءة فاستنتجت من ذلك أن هيئة هذه المحكمة لا تحب التكلم في الوقائع ونفيها أو التشكيك في مصداقية محرر المحضر ولا تحب الخطب الرنانة بل أن من المواقف الطريفة لرئيس الدائرة انه كان يقاطع أي محامي يسترسل في المرافعة ويسأله أنت ابتدائي يا أستاذ ولا استئناف فإذا قال له إنا استئناف طلب الاطلاع على الكارنية وطبعا بعد الاطلاع على الكارنية يكون المحامي تقريبا قد نسى ما كان يقوله وتضيع منه الأفكار
كل هذه الأمور أربكتني وخصوصا أني مقيد ابتدائي وقتها وليس استئناف أي إنني وفق لاتجاه هذا القاضي لا يصح لي الحضور لأنه لم يكن يقتنع أبدا بأن من حق المحامي الابتدائي الحضور وفقا لقانون الأجرائات الجنائية وكان يقول لكل محامي يناقشه بان قانونكم منعكم من الحضور وكمان الخاص يقيد العام
وطبعا كلامه كان بيكون محرج جدا للمحامي قدام زبونه ألي في القفص وبيكتشف أن المحامي ألي وكله في القضية غير معترف أمام المحكمة
وخوفا من وقوعي في ذات المشكلة اتفقت مع احد الأساتذة المقيدين بالنقض انه إذا القاضي سألني عن درجة قيدي أقول أني حاضر بالنيابة عن الأستاذ الكبير وبطلب التأجيل لحضوره
وجاء يوم الجلسة الموعود وكان ترتيب قضيتي في نهاية الروبل وجلست انتظر دوري وخلال الانتظار ترافع محامين في القضايا التي تسبق قضيتي وكانت مرافعتهم بالصوت الجهور وأخذت أقول لنفسي هل سأنجح في أن افعل مثلهم
بالطبع إنا كنت اشتغلت في كثير من القضايا ولكن كلها كانت جنح وكانت المرافعة تتم بصوت طبيعي خافت لأن قاضي الجنح يقف المحامي أمامه مباشرة فلا يستطيع أن يرفع صوته حتى لو أراد ذلك إما في الجنايات فيفصل بين المحامي والقاضي أمتار كثيرة وكذلك طبيعة القاعة وجمهور الحاضرين تجعل المحامي يمارس الخطابة في اعلي صورها
وجاء دوري وقبل أن أقف فوجئت برئيس المحكمة يرفع الجلسة
وأخذت انتظر ليعقدها مرة أخرى ووجدت الحاجب يأتي ويقول أن رئيس المحكمة المستشار قرر عقد الجلسة في غرفة المداولة
فدخلت الغرفة وأنا اشعر بألفة فهي شبيهة جدا بالغرفة التي ترافعت فيها كثيرا في قضايا الجنح ودخلت ولم أتكلم في القضية غير خمس سطور فقط كانت كلها دفوع في الأجرائات ووجدت القاضي يقول لي كفاية وبناء عليه وطلباتك
فقلت البراءة يا ريس
وخرجت من الغرفة وأنا اشعر أن الحكم الذي سيصدر سيكون هو الحكم الذي سيقرر هل سأستمر في المحاماة أم أفكر في طريق أخر وبينا إنا في قلقي وخوفي يعقد القاضي الجلسة للنطق بالأحكام واجد كل القضايا أحكام بالسجن والى أن يصل إلى قضيتي واجد الحكم براءة ويكاد يغمى عليا من الفرحة وعدم التصديق
ويهتف بي أهل المتهمين بأنهم مستعدين يدوني عينيهم
وبالمناسبة إنا ماكنتش اتفقت معاهم على فلوس أو اجر لأن خوفي من الجناية خلاني اعتقد أني مش قدها وبالتالي لم يكن عندي جرأة إني احدد اجر
ولقيت أهل المتهمين يقولوا لي هنجيلك المكتب بالليل وخد كل ألي تطلبه وطبعا ماعدوش من وقتها إلى الآن والظاهر نسيوا مكان المكتب فين وده كمان كان من الدروس الحلوة ألي أتعلمتها من القضية دي
ولفت الأيام وكل ماادخل محكمة الجنايات أجد نفسي أتذكر أول يوم وبرغم من أن قاعة الجنايات كثيرا ماشهدت بها الكثير من الأيام السعيدة وأحيانا الحزينة ولكن هذه الأيام لم تفلح أن تمسح ذكرى أول يوم واو ل درس
نقلاعن جريدة الأفوكاتو بتاريخ1-3-2005