عن نزاهة القضاة وضرورة الثقة في حكمهم، وتأثير ذلك على المحاكمات
المهمة لرموز النظام السابق والتي تدور حاليا في ربوع مصر؛ تحدّث المستشار
زكريا شلش -رئيس محكمة الاستئناف- وذلك ببرنامج "من أول السطر" على قناة
مودرن حرية اليوم (الخميس).
بدأ الحديث عن أهم محاكمة ينتظرها
الشعب المصري حاليا؛ وهي محاكمة الرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك،
وانتقد الآراء التي تقول إن وفاة مبارك ستحل أزمة اهتزاز صورة القائد
الأعلى للقوات المسلحة؛ لأن الوفاة تُسقِط الحق الجنائي، لكن التعويضات
والمصادرات يتحمّلها الورثة، مؤكّدا أن الصفة العسكرية للرئيس انتهت
بتعيينه للنائب عمر سليمان، والجيش لا يحتاج للحديث عن إنجازاته والتي تقول
إنه لولاه لكنّا مثل اليمن وسوريا وكنّا قُتِلنا في الشوارع؛ فصورة الجيش
لا مساس بها، وانتماء حسني مبارك للمصريين لا جدال عليه.
وبالنسبة
لقضية مبارك وأبنائه فوفقا لأقوال فريد الديب التي ذَكَر فيها أن مبارك لا
يملك الكثير إذن من الممكن الحصول على تعويضات من أبنائه من أموالهم التي
يرثونها منه، لكن لا يجب في الأحوال العادية المساس بثروتهم الخاصة؛ لأن
لهم زمة مالية مستقلّة، لكن في قضية الكسب غير المشروع فهم متواطئون معه
ومتهمون في نفس القضية؛ فالآن الوضع مختلف؛ لأن الأولاد متواطئون معه
ومتهمون بالفساد والكسب غير المشروع، لذا يجوز الحصول من أموالهم الخاصة
لتسديد أي تعويضات مطلوبة من مبارك.
وتحدّث عن مدى دستورية انتقال
المحكمة لشرم الشيخ لمحاكمة الرئيس؛ حيث إن المحكمة في شمال القاهرة
والمستشفى في شرم الشيخ، قائلا إنه لا يوجد نصّ صريح يحتّم انتقال المحكمة
لمقرّ المتهم، لكن لا يوجد نصّ في الوقت نفسه يمنع هذا؛ ففي الأحوال
بالنسبة للحالة الأمنية يتم إعلان المتهم بأمر الإحالة، ثم تتم المحاكمة،
ويجوز للمحكمة -وفقا للمادة 380 من القانون الجنائي- تأجيل الدعوة، وبفرض
التأجيل المستمر لا يوجد نص بانتقال المحكمة، لكن يؤخذ به ولا مانع، ولكن
من الممكن انتقالها إلى مكان قريب، ولا بد من حضور المتهم أمام المحكمة حتى
تتم محاكمته، وهذا لا ينطبق على حالة الرئيس السابق؛ لأنه بالفعل مقبوض
عليه، لكنّ ترحيله إلى سجن طره هو الذي لم يتم.
ومن العجيب أن هناك
مادة في الدستور تشكّل قانونا قويّا لمحاكمة رئيس الجمهورية، لكن لم يتم
وضعها؛ لأن مجلس الشعب كان مسيّسا وكان مواليا للرئيس منذ السبعينيات،
ولذلك لا بد من تفعيل القانون الذي نصّ على أنه لا يجوز للنائب أن يتقدّم
بعرض حالة شخصية، النائب يمثل الأمة بكاملها ولا يمثل دائرته.
لذلك
لا بد من نظام القائمة حتى نتغلّب على استفحال المصالح الشخصية في نواب
مجلس الشعب، والدستور لا يعارض أي نظام؛ سواء فردي أو قائمة أو المزج
بينهما.
وانتقل الحوار إلى أسباب تنحّي المستشار عادل عبد السلام عن
محاكمة الرئيس، وقال المستشار زكريا شلش إن لهذا التنحّي ملابسات؛ حيث إن
القصر الجمهوري لم يدخل ضمن نطاق المستشار عادل عبد السلام، بالإضافة إلى
انشعاله بقضايا أخرى، وذهبت القضية للمستشار أحمد رفعت.
وأكّد أن
انعدام الثقة في القضاة سيهدم مصر نهائيّا؛ فلا بد من احترام قرار القضاة،
وفي حالة عدم الثقة لا بد أن يكون هناك دلائل قوية ومحترمة، وليس عن طريق
تكهنات تسيء لسمعة الهيئة القضائية.
واقترح أن تكون التعيينات في
السلك القضائي بتقدير جيّد على الأقل، وأن يتمّ إلغاء المسابقات، وكذلك
الحال في الشرطة دون وسائط أو تكاليف خاصة، والاتجاه لتعيين طلاب الحقوق في
الشرطة؛ حيث إن هناك اختراقات في القضاء، كما أنه لا بد من إنهاء تعيين
أبناء القضاة.
وبالنسبة للإشراف على الانتخابات فهو قضية مهمة، ولا
بد لكي يكون للقضاء دور فيها أن يكون نزيها، وقد لعبت دورا في محاربة
التزوير حتى لو كان هناك بعض التجاوزات في عدد لا يتجاوز دائرتين.
وانتقل
لقضية البثّ المباشر لمحاكمة الرئيس، مؤكّدا تأييده لقرار المجلس الأعلى
للقضاء الرافض إذاعة المحاكمات حتى لا يتأثّر بالرأي العام، وأن ثقة الشعب
في الحكم تكون في أسباب الحكم، ولكن ليس من حقّ الشعب مُشاهدة محاكمة
الرئيس حتى لا تُؤثّر على حكم القضاة.
مشبّها تصوير المحاكمة بأنها
ستكون مسرحية مثل مسرحية محاكمة صدام حسين؛ فوجود الصحفي كافٍ؛ لأنه يُسجّل
ويروي ما يحدث، حتى لا يفتح الباب لآراء غير موضوعية والشعب يعرف عن طريق
الصحافة.
وأكّد أن المحاكمة علنية، لكن هذه العلنية لا تجبر المحكمة
على التصوير؛ فالمحاكمة لا يمكن أن تُصوّر إعلاميّا فهو شخص كأي شخص، لكن
التصوير الإعلامي سيزيد من المهاترات حول القضية.