جماعة سياسية - أصبحت حزبا - تسببت في حيرة إسرائيل
لسنوات طويلة وها هي المخابرات الإسرائيلية تصدر التقرير الثاني علي
التوالي لهذا العام عن جماعة الإخوان المسلمين بعنوان «سري للغاية» بعد أن
اتخذت قرارا بوضع حزب الجماعة الجديد علي قوائم الأحزاب التي تمول الإرهاب،
علي حد زعم المستندات التي ننفرد اليوم بنشرها في «روزاليوسف»، أما
العنوان فقد جاء غريبا وبارزا، ربما حاولت إسرائيل فيه قلب الأوراق لتوريط
الجماعة مع حماس وهو: (سعي حماس لتصعيد الأحداث في مصر مستغلة في ذلك
علاقاتها القوية مع جماعة الإخوان المسلمين التي تساعدها علي الاستقواء
أمام الحكم المصري ولتخفيف الضغط عن حماس من أجل تهريب السلاح لقطاع غزة،
والدليل كان في خطاب الشيخ القرضاوي مصدر الشريعة والفتوي الدينية لحماس
عندما نادي في التحرير لتحرير المسجد الأقصي ولزيارة قطاع غزة).
ويزعم
الموساد في الصفحة رقم 2 أنه نجح في تسجيل مكالمة تليفونية جرت عبر الهاتف
المحمول الخاص بإسماعيل هنية من القطاع وبين هاتف الشيخ القرضاوي في صباح
يوم 19 فبراير 2011 عقب حضور «القرضاوي» لـ(جمعة النصر) في ميدان التحرير
بالقاهرة.
في الحوار الذي التقطته أجهزة التتبع والتنصت
الخاصة بالموساد والتي كانت تتنصت أساسا علي إسماعيل هنية كما توضح
المستندات كان هذا مضمونه:
هنية: ألو
القرضاوي: أهلا يا ابني.. من يتحدث؟
هنية: شيخنا وعالمنا الجليل.. هذا ابنك إسماعيل هنية.. أحدثك من أرض الصمود.. أرض قطاع غزة بفلسطين.
القرضاوي: أهلا .. أهلا ومرحبا يا إسماعيل كيف حالك؟ وحال أبنائنا في فلسطين؟
هنية:
بخير ويدعون لفضيلتك بالصحة والعافية وطولة العمر.. أتحدث لأنقل لسيادتكم
عظيم الشكر والتقدير علي دعمكم لحكومة حماس وللقضية الفلسطينية وعلي دعوتكم
في ميدان التحرير بالأمس لرفع الحصار عن قطاع غزة.
القرضاوي: لقد وعدتكم.. ووعد المسلم دين عليه.
هنية: صدقت يا شيخنا الجليل.. وأنتهز الفرصة لدعوة سيادتكم باسم الشعب الفلسطيني لزيارة قطاع غزة عند فتح المعابر.
القرضاوي: سأفعل إن شاء الله .. سأفعل ويفعل كل المسلمين.
نعود
للمستندات وفي الفقرة الثانية من الصفحة الأولي نجدهم يفسرون أن
«القرضاوي» قبلها بيوم كان قد أمَّ المسلمين الثوار في ميدان التحرير ودعا
لتحرير المسجد الأقصي ودعا الجيش المصري لرفع الحصار عن قطاع غزة والسماح
لقوافل المساعدات الإنسانية بالدخول للقطاع.
ونأتي للفقرة الثالثة
وفيها يلخصون الأحداث الخاصة بتلك المحادثة الهاتفية ولو بدت لنا جميعا
عادية للغاية ويقول كاتب تقرير الموساد عن العلاقة بين حماس في قطاع غزة
وجماعة الإخوان المسلمين التي ربطها التقرير بالقرضاوي وتحدث عنهما وكأنهما
وجهان لعملة واحدة، حيث أكد أن حماس تستغل أحداث ميدان التحرير مثلها مثل
أي جماعة تريد استغلال الموقف في مصر وذلك لتحقيق مكاسب سياسية ويساعدها في
ذلك جماعة الإخوان المسلمين المصرية كي تقوي أمام الحكم في مصر وأيضا أمام
السلطات الفلسطينية التي تفاوض إسرائيل.
ويذهب المستند بعيدا إذ
يتهم جماعة الإخوان المسلمين المصرية بمساعدة حماس علي الضغط علي الحكومة
المصرية حتي تخفف من سعيها لمنع تهريب السلاح بين مصر والقطاع، ويشير إلي
قرار إسرائيلي جديد بوضع الحزب الجديد للإخوان في مصر علي قوائم الأحزاب
التي تمول الإرهاب بالعالم وذلك علي حد زعم المستند الذي اتهم الجماعة في
مصر بمساعدة جماعة إرهابية ربما لأول مرة منذ أن سجلوا في تقارير سابقة
أنها تنبذ الإرهاب والعنف.
الجدير بالذكر أن هذا الاتهام ستعقبه
جلسة حكومية إسرائيلية من المفترض -طبقا للقانون الإسرائيلي - أنها ستضع
الإخوان في مصر علي قائمة الجماعات التي تساند الإرهاب من وجهة نظر تل
أبيب، وهو ما يعني حرفيا أن ينقل القرار للكونجرس الأمريكي لكي يتم التصويت
عليه أيضا.
وفي الصفحة رقم 3 التي جاءت باسم المرفق (أ) نجد
العنوان الأغرب: (يوسف القرضاوي كمصدر شريعة دينية لحماس وكمساعد في تمويل
البنية المدنية لحماس)، والمعروف أن عنوانا كهذا يكفي أن يضع «القرضاوي» في
مشاكل لا حصر لها أمام المنظمات الأوروبية الخاصة والعامة كما يضعه في
موقف الاتهام ولو كان باطلا أمام جهات تحقيق أمريكية ودولية أخطر، بل إن
الأهم هو ربط جماعة الإخوان المسلمين بالموضوع علي أساس أن التقارير
الأمنية السرية لإسرائيل ولأمريكا تؤمن بأن القرضاوي هو الزعيم الروحي
لحركة الإخوان المسلمين في مصر كما تزعم المستندات التي بين أيدينا.
وفي
المستند نجدهم أيضا قد حددوا في اتهامهم الجماعة المصرية (الحزب الجديد)
أربع نقاط نذكرها كما هي أولاها أكد فيها كاتب تقرير الموساد أن حركة حماس
حركة منبثقة عن الإخوان المسلمين في مصر، وأن حماس بعد وفاة الشيخ أحمد
ياسين الأب الروحي لها لم يكن لديها كي تستمر كحركة دينية إلا البحث عن أب
روحي جديد كان هو الشيخ القرضاوي، أما في بحثها عن جذور إسلامية إقليمية
فلم تكن تجد صعوبة إلا بالعودة للحركة الأم، وهي حركة الإخوان المسلمين في
مصر.
ثانيا: ذكر التقرير أن «القرضاوي» أعلن صراحة عن دعمه
(للإرهاب) علي حد زعم تقرير الموساد وعلي مسئولية المستند، عندما أصدر فتوي
شرعية إسلامية تدعو للجهاد ضد إسرائيل واليهود وذلك علي حد كلمات المستند
لتنفيذ عمليات إرهابية ضد إسرائيل.
ثالثا: جاء المستند باتهام
مباشر لا لبس فيه للشيخ القرضاوي بوقوفه وراء تمويل حركة حماس وذلك عن طريق
تحويل الأموال من صندوق الصدقة الإسلامية الذي وضعته الحكومة الإسرائيلية
بموجب قرار صدر من الكنيست في فبراير 2002 وصدق عليه من الكونجرس الأمريكي
علي حد زعم المستندات علي أساس أنه مصدر من مصادر صناديق تمويل الإرهاب
بالعالم ، ومن المستند نفاجأ بأن الموساد يراقب في بعض الدول العربية
الخليجية بشكل مستمر نشاط هذا الصندوق.
أما النقطة الأخيرة في
المرفق رقم (أ) فنجدهم يستندون إلي أن «القرضاوي» كزعيم روحي للإخوان
المسلمين كما يزعمون كان قد كشف نفسه عندما هاجم في بداية عام 2010 حركة
فتح الفلسطينية وعلي رأسها الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) الذي
أصدر «القرضاوي» ضده فتوي تبيح رجمه في مكة علي أساس انه خان الإسلام، وذلك
علي حد تعبير كلمات التقرير الإسرائيلي، ونقل المستند الفتوي كما نشرتها
وكالة الإسلام الفلسطينية الرسمية في 7 يناير 2010 وأشار التقرير إلي أن
تلك الفتوي كانت حقيقية ما دعا صحيفة «القدس العربي» الناطقة باسم حركة فتح
لشن حملة شديدة اللهجة ضد «القرضاوي» بداية من 18 يناير 2010 .
وهنا
نأتي للمستند الذي يحمل عنوان المرفق (ب) وفيه يوثق كاتب تقرير الموساد
العلاقة الايديولوجية بين حماس والإخوان المسلمين في مصر من وجهة نظر
الموساد، ونجدهم قد حددوا تلك العلاقة في خمس نقاط رئيسية أولاها كما جاء
بالمستند أن حماس نبعت من الجماعة الإسلامية التي كانت فكرة الشيخ حسن
البنا، ويشير المستند إلي أن التركيبة الحالية لحركة حماس إذ دلت علي حقيقة
فهي أنها الوليد المشوه لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، وذلك علي حد
تعبير المستند الذي أشار إلي أن صورة الشيخ البنا لا تزال منقوشة رسميا
ليومنا هذا بداخل كل مكاتب حماس الرسمية.
ثانيا: كما ذكر المستند
أن وثيقة قيام الحركة نفسها تعد الدليل القاطع علي علاقة حماس بالإخوان
المسلمين في مصر، ويشير المستند إلي أن الوثيقة نسخة كتبت نقلا عن أفكار
الشيخ حسن البنا، وهنا نكتشف أن إسرائيل كانت قد شكلت عدة لجان تاريخية
ودينية وأمنية درست أوجه التشابه والاختلاف بين وثيقة حماس ووثيقة جماعة
الإخوان في مصر وأن كل الدراسات أكدت أن الجماعتين وجهان لعملة واحدة علي
حد تعبير المستند الإسرائيلي للموساد.
ثالثا: وفيها أشار المستند
إلي تطابق كلام حسن البنا ووثيقة إنشاء حركة حماس، وحدد المستند عبارة
(إسرائيل ستقوم وتستمر إلي أن يمحوها الإسلام مثلما محا ما قبلها)، وبالرغم
من أن تلك العبارات عندما ندرسها نجدها عبارات ضعيفة لا ترقي لدرجة أن
تكون فيصلاً في حسن قرار الموساد بوجود علاقة سرية بين جماعة الإخوان
المسلمين في مصر وبين حركة حماس في قطاع غزة لكننا لا نستطيع إلا أن نذكر
ما جاء بالمستند.
أما في الصفحة الخامسة فنجد تقرير الموساد علي
طريقة وسائل الإعلام المكتوبة قد عرض لمستند وثيقة إنشاء حركة حماس، ويشير
المستند لسطر معين بالوثيقة علي أساس انه كان دليلهم عن تلك العلاقة التي
يزعمون وجودها حاليا.
ونجد صورة للشيخ أحمد ياسين الزعيم الروحي
لحركة حماس الذي اغتالته إسرائيل وإشارة إلي أن وثيقة حماس كانت سرية إلي
عام 2004 عندما كشفتها الحركة في مدينة قلقيلية.
ثم نجد النقطة
الخامسة وعنوانها: العلاقة الفعلية بين حماس والإخوان بعد أن خرجت من حيز
السرية بين الجماعة والحركة طبقا لما ذكر بالمستند ونجدهم قسموا تلك النقطة
إلي (أ و ب) وقد نشروا صورة إسماعيل هنية رئيس حكومة حماس الأخيرة وهو في
لقاء رسمي مع الدكتور محمد البلتاجي المدير العام لجماعة الإخوان المسلمين
طبقا للتسمية التي أطلقوها علي «البلتاجي» في المستند، وفي تلك النقطة اتهم
الموساد جماعة الإخوان المسلمين في مصر أنها أصبحت مصدرا للفتاوي التي
تصدرها جماعة الإخوان خصيصا كإرشاد ديني لحماس، المستند يتهم الإخوان كذلك
بأنهم اصبحوا هم المحرك الفعلي لحماس.
أما النقطة (ب) كما جاءت
بالمستندات ففيها يوثق الموساد العلاقة بين الجماعة في مصر وحماس في غزة
علي أساس دلائل رصدها الموساد بوقوف جماعة الإخوان المصرية وراء المساعدات
التي كانت تتدفق علي قطاع غزة برا وبحرا أيام حكم الرئيس المخلوع حسني
مبارك وهي تلك المساعدات التي كان مبارك طبقا للمستندات الإسرائيلية
يحاربها من أجل الدفاع عن إسرائيل، ويشير المستند إلي أن الجماعة المصرية
طلبت مساعدة فرع الإخوان المسلمين في بريطانيا وفي دول أوروبية أخري ساعدت
الجماعة في تمويل حماس طيلة الأعوام الماضية علي حد تعبير المستندات.
ونذهب
للنقطة الخامسة والأخيرة في آخر تقرير للموساد عن جماعة الإخوان المسلمين
في مصر وعلاقتها بحركة حماس الفلسطينية فقد ادعي فيها تقرير الموساد وجود
اتفاق إسرائيلي مع مبارك لمحاربة الحركتين معا ويشير المستند إلي أن
الموساد كان قد أقنع مبارك بأن خطر الإخوان في مصر يعد متساويا لخطر حماس
علي إسرائيل، وتلك كانت مبررات تقرير الموساد لوضع حزب الإخوان المسلمين
الجديد علي قوائم الأحزاب التي تمول الإرهاب.
رئيس الموساد الأسبق: إسرائيل خائفة من صعود الإخوان للحكم في مصر
ترجمة - أميرة يونس
أعرب رئيس جهاز الموساد الأسبق «شيبتاي شافيط» عن
تشاؤمه بخصوص نتائج ثورات «الربيع العربي» قائلاً: «إنها ثورات يصعب جدا
رؤية نتائجها، ويمكن القول إن نتائجها لن تكون ديمقراطية علي النمط
الغربي».
وزعم «شافيط» أن الدولتين اللتين نجحتا فيهما الثورة، وهي
كل من مصر وتونس لم يشهدا بوادر أي ديمقراطية غربية، إنما شهدا صعودا
للتيار الإسلامي، خصوصا «الإخوان المسلمين»، مضيفا: إن الجماعة تعد جبهة
مهمة والأكثر تنظيما، ولديهم فرصة كبيرة في التحول إلي قوة مؤثرة في مجلس
الشعب المصري، علي حد قوله كما أعرب عن قلق إسرائيل المتزايد من صعود
الإخوان للحكم.
ونقلت صحيفة «هاآرتس الإسرائيلية» عن رئيس جهاز
الموساد الأسبق زعمه أن الهدوء الذي تشهده الضفة الغربية وعدم انخراط
الفلسطينيين في مواجهات مع الجيش الإسرائيلي في ذكري النكبة والنكسة
باستثناء ما جري علي حاجز «قلنديا» يعود إلي الازدهار الاقتصادي الذي تشهده
الضفة علي حد وصفه في تصريح يمكن وصفه بالمستفز قال: «عندما يكون البطن
مليئا فإن الناس تفكر مرتين قبل الخروج إلي الشارع للاحتجاج».
وعن
التخوفات الاقتصادية نتيجة لتداعيات الإعلان عن دولة فلسطينية في شهر
سبتمبر المقبل قال شافيط «يمكنني أن أؤكد أنها ليست خطوة خطرة علينا وهذه
ليست نهاية العالم وأنه إذا لم يتم منع هذه الخطوة فإن النتيجة ستكون سيئة
ولكنها ليست قاتلة».