رفض المستشار طارق البشري، نائب رئيس مجلس الدولة الأسبق، رئيس لجنة التعديلات الدستورية المبررات التي تسوقها أحزاب المعارضة في طلبها تأجيل الانتخابات البرلمانية المقررة في سبتمبر، بدعوى عدم جاهزيتها للاستحقاق الانتخابي، وقال إن كلامها "ليس منطقيًا".
وأبدى استغرابه من مبرر تلك الأحزاب رغم أنها موجودة على الساحة منذ 30 عامًا، قائلاً إن هذا "كلام غير منطقي، فكيف هي غير مستعدة وليست جاهزة وهي موجودة منذ ثلاثين عامًا؟، في حين أن جماعة "الإخوان المسلمين" لم تكن لها مقرات وعانت من الاعتقال طوال العقود الثلاث الماضي جاهزة".
وقال البشري لبرنامج "علمتني الحياة" على فضائية "المحور"، إنه متعجب من قبول تلك الأحزاب خوض الانتخابات "المزورة" في عهد النظام السابق ولا تقبل أن تدخل انتخابات "نزيهة" فهذا أمر له العجب".
ورفض الدعوات بإجراء الانتخابات الرئاسية أولاً، محذرًا من أنه "لو قمنا بإجراء انتخابات رئاسية أولاً فنحن أمام رئيس جمهورية منتخب بدون مجلس تشريعي وبالتالي يجمع ثانية الرئيس على السلطتين التشريعية والتنفيذية وكأننا أمام مبارك جديد".
وأبدى ترحيبه بفكرة إجراء الانتخابات وفق نظام القائمة، لأنها "ذات دوائر كبيرة غير الانتخابات الفردية دوائرها أصغر، وهذا غير أن النصف "فلاحين ونصف فئات" فستحتاج تقسيمًا آخر و"كوتة المرأة"، واصفًا هذا الأمر بـ "العملية المعقدة".
وألمح البشري إلى أنه قد يتم إعادة النظر في نسبة العمال والفلاحين وكوتة المرأة ومجلس الشورى، وهي من بقايا الدستور القديم، لكنه ومع تعديل الدستور سيعاد النظر في كل هذه الأمور محل الجدل، وسيتم تركها بالكامل للدستور الجديد.
لكنه شدد على أهمية وجود العمال في حالة أحزاب ذات أساس طبقي، أما مجلس الشورى فقال إنه ليس لأصحاب المعاش بل لمن لديهم خبرات سابقة ويقدمون دراسات ومذكرات هامة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا.
واستدرك قائلا: "لكنها للأسف لم تستغل وأتمنى أن نستفيد منهم في المرحلة القادمة ليس من خلال مجلس، لأن المجلس بحالته الحالية غير مفيد، ويمكن أن يكون له دور معبر عن المجتمع الأهلي ويتم وضعه في صيغة ملائمة لهذا الشكل".
في سياق آخر، تطرق البشري إلى الجدل المثار حول الصعود السياسي للإسلاميين، قائلا إن الوسطية المصرية في الإسلام ستكون الحاسم في الموضوع. ووصف السلفية بأنها "جديدة على مصر بالشكل الذي تظهر به وتختلف عن الفكر الوسطي الإسلامي الذي نعرفه في مصر واعتدنا عليه، والصوفية موجودة ولها أتباع".
وأضاف: "على الأزهر أن ينسق بين كل هؤلاء ويحتضنهم ويطمئننا جميعًا"، وقال في رأيه تجاه الأزهر : "أنا راض عن مجموعة كبيرة من علماء الأزهر، وسأكتفي بهذه الإجابة وأقول: ربنا يرعى الأزهر".
واتهم البشري النظام السابق بأنه "كان يعتمد على مؤسسات فاشلة وفاسدة، فنحن في حاجة لجهاز إداري قوي للدولة في كل المحافظات والقرى، ومصر في حاجة لتعبئة بشرية حول نهضة شاملة لمصر، وهذا دور الأحزاب خاصة الأحزاب التي نشأت من عباءة الثورة فهي قادرة على الحراك الشعبي القوي ونحن نمتلك هذا الحراك الشعبي القوي، لكن علينا توجيهه للصالح العام".
وشدد على أن المؤسسات الأهلية والنقابات تتحمل دورا كبيرا أيضا، ولهذا ضروري أن تُعطى استقلاليتها كاملة كي تقوم بدورها.
وقال البشري، وهو أحد أبرز المفكرين المهتمين بقضية الوحدة الوطنية في مصر، إنه لا يخشى على مصر من الفتنة الطائفية وكل حادثة تحدث فيها فتنة فهي محاولات للوقيعة وعلينا أن نقف لها وأن نهتم بها حتى لا تستفحل ولا نتجاهلها، وفي كل حادثة أجد المسلمين والمسيحيين يقفون معا يدًا بيد ويصلون معًا.
وأضاف أنه لا يمانع من وصول مسيحي لرئاسة الجمهورية، أو لأي منصب هام في الدولة، ولفت إلى أن زخم الثورة لا يزال موجودا ولا يخشى عليها من إمكانية ضياع هذا الزخم، وقال إن الثورة مستمرة ولن تتوقف ويحميها الشعب.
وفي سياق محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك ورموز نظامه، أكد البشري على أن هذا الأمر "ضروري ومطلوب، لأن المفسد لابد أن يعاقب ويحاسب على كل ما فعل من فساد"، لكنه طالب بأن تكون هناك مساءلة سياسية للرئيس السابق وكل نظامه، خاصة فيما يتعلق بعلاقته بإسرائيل، لأن "هذا النظام كان يعمل بإملاء خارجي وأفسد كثيرًا في الواقع المصري ولابد من محاكمته سياسيًا لأن هذا يتعلق بمستقبل مصر".
ورأى أن بداية انهيار نظام مبارك جاءت مع حكومة عاطف عبيد رئيس الوزراء الأسبق "فبداية انقلاب النظام السابق على مصلحة الوطن منذ حكومة عبيد سنة 1999، وبدأ عزل مبارك عن الحياة الداخلية في مصر فلم يكن يعلم عن مصر شيئًا ثم ما ينقل له من زكريا عزمي ومن حوله وهم غير أمناء".
وحول رؤيته لرئيس مصر القادم ومهمته، طالب بضرورة أن يساهم في إعادة بناء مؤسسات الدولة المصرية بأن تكون قادرة على خدمة أبناء هذا الوطن، وأن يساهم في إتاحة الفرصة للتنظيمات الأهلية وتقويتها دون أن يقيد دورها.
وأكد أهمية الشعبية لأنه "في عهد مبارك كان لدينا وزارات توقف عمل مؤسسات هامة جدًا مثل وزارة العدل كانت توقف عمل القاضي وتقيد من سلطاته ووزارة الشؤون الاجتماعية، كان دورها عرقلة الجمعيات الأهلية فنحن لابد ألا نخلق وزارت تعرقل الحياة الطبيعية".
وأثنى البشري على ثورة 25 يناير التي استمرت 18 يوما إلى أن نجحت في الإطاحة بنظام حسني مبارك، وشبهها بثورة 19 حين بدأت بمظاهرات احتجاج بسبب رفض الإنجليز لمطالب سعد زغلول وحين تم نفيه كانت مصر تقوم بثورتها والشعب قام بشكل واحد من إسكندرية لأسوان كما حدث في ثورة 25 يناير.
وحول علاقة الشرطة بالشارع المصري وكيف تعود هذه العلاقة، أعرب في النهاية عن اعتقاده باستعادة حالة الثقة بين الطرفين، "سيحبون بعض في النهاية البوليس لن يستغنى عن الشعب والشعب في حاجة للشرطة، وفي النهاية سيكون الطرفين يد واحدة من أجل أمن مصر"