دعوى بطلان حكم التحكيم نظام خاص وأسلوب جامع لمراجعة حكم التحكيم :
دعوى بطلان حكم التحكيم نظام خاص وأسلوب جامع لمراجعة حكم التحكيم :
إن دعوى بطلان حكم التحكيم نظام خاص وأسلوب جامع لمراجعة حكم التحكيم ، فلا يجوز تفسير أسبابها تفسيراً ضيقاً بغير نص باعتبارها السبيل الوحيد لإلغاء حكم التحكيم ، فنحن لسنا مع الفقه في أنه لا سبيل بعد إلغاء المشرع للاستئناف والتماس إعادة النظر وأمام تحديد حالات البطلان وحصرها لمعالجة كثير من العوار الذي يلحق بحكم التحكيم كمسألة إبتناء الحكم علي ورقة مزورة أو علي غش أو ظهور ورقة يتغير بها وجه الحكم كان يحتجزها الخصم أو الخطأ في تطبيق القانون أو عدم رد الحكم علي دفاع جوهري لأحد الخصوم أو القصور في أسباب الحكم الواقعية ذلك أن المشرع في قانون التحكيم اختزل سبل مراجعة حكم التحكيم نظراً لطبيعة التحكيم الخاصة في طريق واحد جامع لما يمكن أن تنطوي عليه سبل الطعن المختلفة هو رفع دعوى ببطلان الحكم توخياً لعدم إطالة أمد النزاع الأمر الذي لا يتفق وما تقتضيه التجارة الدولية من سرعة استقرار الحقوق والمراكز القانونية ، كما أن هيئة التحكيم ليست درجة من درجات التقاضي تعلوها أخري وإنما هي المحطة الأولي والأخيرة التي ينتهي عندها النزاع ، وعليه فإذا كان المشرع اتساقاً مع طبيعة التحكيم ونظام آلية حسم منازعاته قد رسم سبيل إصلاح خطأ ما يصدر عن هذه الآلية وحصرها في دعوى البطلان بناء علي أسباب حددها فإنه يتعين عدم مقارنة هذه الوسيلة بسبل إصلاح الخطأ في النظام القضائي لاختلافه عن نظام التحكيم من حيث أداة الحكم ودور الإرادة والقانون الذي علي أساسه تصدر الأحكام والهدف من سبل الإصلاح ، فبينما في النظام القضائي يقوم التقاضي علي درجتين تعلوهما محكمة النقض ويطبق القضاء نصوص التشريع التي تسري علي الكافة فإن التقاضي في التحكيم لا تعدد درجاته وتطيق هيئة التحكيم القانون الذي اختاره الأطراف ، وبينما تسعي طرق الطعن في الأحكام الي توحيد أحكام القضاء بجمع كلمة القضاء علي كلمة سواء حيال تطبيق القانون وتفسيره تحقيقاُ لمبدأ المساواة أمام القانون يختلف الأمر تماماً بالنسبة لدعوى بطلان حكم التحكيم التي تهدف الي إبطال الحكم إذا ما قام ما يدعوا إليه إشباعاً لغريزة العدالة في نفس الخصوم وليس لتوحيد أحكام القضاء بشأن التحكيم الذي يختلف بإخلاف القانون الذي اختاره الأطراف ، ومن ثم فإنه يتعين تفسير الأسباب التي تقوم عليها دعوى البطلان باعتبارها السبيل الوحيد لمراجعة حكم التحكيم تفسيراً واسعاً ، كما لا يجوز تفسير أسباب هذا البطلان علي ضوء أسباب طرق الطعن في الأحكام وقياسها عليها أو تخصيصها وتقيدها بغير نص فهي أسباب جامعة يمكن أن تتسع لما تصور الفقه أنها لا تتسع له ، وعلي ضوء ذلك فإنه يمكن علي سبيل المثال أن تدخل حالة ابتناء الحكم علي غش أو ورقة مزورة أو ظهور ورقة حاسمة كان يحتجزها الخصم تحت البند ج من الفقرة الأولي من المادة 53 التي تتيح رفع دعوى البطلان إذا تعذر علي أحد طرفي التحكيم تقديم دفاعه لأي سبب خارج عن إرادته وهو ما تجعله اتفاقية نيويورك سبباً لرفض الاعتراف بحكم التحكيم ورفض تنفيذه حيث تنص صراحة في البند ب من الفقرة الأولي من المادة الخامسة علي عدم الاعتراف بالحكم وعدم تنفيذه إذا كان الخصم المطلوب تنفيذ الحكم عليه لم يعلن إعلاناً صحيحاً بتعين المحكم أو بإجراءات التحكيم أو كان من المستحيل عليه لسبب آخر أن يقدم دفاعه لما ينطوي عليه ذلك من إخلال بحث الدفاع ، كما يمكن أن يتسع سبب البطلان المبني علي وقوع بطلان في حكم التحكيم الذي نص عليه البند ذ من الفقرة الأولي من المادة 53 لحالات عيوب التسبيب كقصورها وتناقضها والخطأ في تطبيق القانون فضلاً عن أن الخطأ في تطبيق القانون علي النزاع يعتبر نوعاً من استبعاد القانون الواجب التطبيق علي موضوع النزاع وهو سبب من أسباب البطلان التي نصت عليه المادة 53 فقرة 1 بند د ، وقد نصت صراحة الفقرة الأولي بند د من المادة 52 من اتفاقية واشنطون علي أن فشل المحكمة في ذكر الأسباب التي لابني عليها حكم التحكيم يجيز لصاحب الِشأن أن يتقدم بطلب كتابي لإلغاء حكم التحكيم الأمر الذي يؤكد عدم صحة استبعاد عيوب التسبيب من نطاق دعوى البطلان .
ومما يؤكد سلامة ما انتهيا إليه من أن دعوى بطلان حكم التحكيم هي أسلوب جامع لما يمكن أن تنطوي عليه أسباب الطعن علي حكم التحكيم باعتبارها الأسلوب المناسب لطبيعة التحكيم وآلياته ؛ إنه حتى في الدول التي مازالت تأخذ بنظام الطعن علي حكم التحكيم بالاستئناف مع وأتاحه الفرصة في ذات الوقت أمام أطراف النزاع في رفع دعوى بطلان حكم التحكيم مثل فرنسا ولبنان فإنها حددت ميعاداً واحداً للطريقين هو ثلاثون يوماً ، ووحدت المحكمة المختصة بنظر الاستئناف ودعوى البطلان وجعلتها محكمة الاستئناف التي صدر في نطاقها حكم المحكمين المطعون فيه .
والأهم من ذلك كله أنها تقرر عدم قبول دعوى البطلان إذا كان طريق الطعن بالاستئناف مفتوحاً ، أي أن دعوى البطلان والطعن بالاستئناف ليسا سلاحان منفصلان متتابعان يمكن استخدام كل منهما علي استقلال للطعن في حكم التحيكم مما يعرقل تنفيذه ويقضي علي فاعليته ، وإنما حرص المشرع علي دمجهما واستخدمهما مرة واحدة خلال مدة واحدة أمام محكمة واحده ، الأمر الذي يفهم منه رغبة المشرع في ضرورة مراعاة الطبيعة الخاصة للتحكيم وإيجاد أسلوب واحد لإصلاح خطأ الحكم يتسع لكل عوار حكم التحكيم ، سواء سمي هذا الأسلوب بدعوى البطلان أو بالاستئناف ، إذ الهـدف دائماً واحد وهو
إلغاء حكم التحكيم المعيب .
المستشارالتحكيمى
طارق مجاهد العربي
المحامى بالاستئناف العالي ومجلس الدولة
دعوى بطلان حكم التحكيم نظام خاص وأسلوب جامع لمراجعة حكم التحكيم :
إن دعوى بطلان حكم التحكيم نظام خاص وأسلوب جامع لمراجعة حكم التحكيم ، فلا يجوز تفسير أسبابها تفسيراً ضيقاً بغير نص باعتبارها السبيل الوحيد لإلغاء حكم التحكيم ، فنحن لسنا مع الفقه في أنه لا سبيل بعد إلغاء المشرع للاستئناف والتماس إعادة النظر وأمام تحديد حالات البطلان وحصرها لمعالجة كثير من العوار الذي يلحق بحكم التحكيم كمسألة إبتناء الحكم علي ورقة مزورة أو علي غش أو ظهور ورقة يتغير بها وجه الحكم كان يحتجزها الخصم أو الخطأ في تطبيق القانون أو عدم رد الحكم علي دفاع جوهري لأحد الخصوم أو القصور في أسباب الحكم الواقعية ذلك أن المشرع في قانون التحكيم اختزل سبل مراجعة حكم التحكيم نظراً لطبيعة التحكيم الخاصة في طريق واحد جامع لما يمكن أن تنطوي عليه سبل الطعن المختلفة هو رفع دعوى ببطلان الحكم توخياً لعدم إطالة أمد النزاع الأمر الذي لا يتفق وما تقتضيه التجارة الدولية من سرعة استقرار الحقوق والمراكز القانونية ، كما أن هيئة التحكيم ليست درجة من درجات التقاضي تعلوها أخري وإنما هي المحطة الأولي والأخيرة التي ينتهي عندها النزاع ، وعليه فإذا كان المشرع اتساقاً مع طبيعة التحكيم ونظام آلية حسم منازعاته قد رسم سبيل إصلاح خطأ ما يصدر عن هذه الآلية وحصرها في دعوى البطلان بناء علي أسباب حددها فإنه يتعين عدم مقارنة هذه الوسيلة بسبل إصلاح الخطأ في النظام القضائي لاختلافه عن نظام التحكيم من حيث أداة الحكم ودور الإرادة والقانون الذي علي أساسه تصدر الأحكام والهدف من سبل الإصلاح ، فبينما في النظام القضائي يقوم التقاضي علي درجتين تعلوهما محكمة النقض ويطبق القضاء نصوص التشريع التي تسري علي الكافة فإن التقاضي في التحكيم لا تعدد درجاته وتطيق هيئة التحكيم القانون الذي اختاره الأطراف ، وبينما تسعي طرق الطعن في الأحكام الي توحيد أحكام القضاء بجمع كلمة القضاء علي كلمة سواء حيال تطبيق القانون وتفسيره تحقيقاُ لمبدأ المساواة أمام القانون يختلف الأمر تماماً بالنسبة لدعوى بطلان حكم التحكيم التي تهدف الي إبطال الحكم إذا ما قام ما يدعوا إليه إشباعاً لغريزة العدالة في نفس الخصوم وليس لتوحيد أحكام القضاء بشأن التحكيم الذي يختلف بإخلاف القانون الذي اختاره الأطراف ، ومن ثم فإنه يتعين تفسير الأسباب التي تقوم عليها دعوى البطلان باعتبارها السبيل الوحيد لمراجعة حكم التحكيم تفسيراً واسعاً ، كما لا يجوز تفسير أسباب هذا البطلان علي ضوء أسباب طرق الطعن في الأحكام وقياسها عليها أو تخصيصها وتقيدها بغير نص فهي أسباب جامعة يمكن أن تتسع لما تصور الفقه أنها لا تتسع له ، وعلي ضوء ذلك فإنه يمكن علي سبيل المثال أن تدخل حالة ابتناء الحكم علي غش أو ورقة مزورة أو ظهور ورقة حاسمة كان يحتجزها الخصم تحت البند ج من الفقرة الأولي من المادة 53 التي تتيح رفع دعوى البطلان إذا تعذر علي أحد طرفي التحكيم تقديم دفاعه لأي سبب خارج عن إرادته وهو ما تجعله اتفاقية نيويورك سبباً لرفض الاعتراف بحكم التحكيم ورفض تنفيذه حيث تنص صراحة في البند ب من الفقرة الأولي من المادة الخامسة علي عدم الاعتراف بالحكم وعدم تنفيذه إذا كان الخصم المطلوب تنفيذ الحكم عليه لم يعلن إعلاناً صحيحاً بتعين المحكم أو بإجراءات التحكيم أو كان من المستحيل عليه لسبب آخر أن يقدم دفاعه لما ينطوي عليه ذلك من إخلال بحث الدفاع ، كما يمكن أن يتسع سبب البطلان المبني علي وقوع بطلان في حكم التحكيم الذي نص عليه البند ذ من الفقرة الأولي من المادة 53 لحالات عيوب التسبيب كقصورها وتناقضها والخطأ في تطبيق القانون فضلاً عن أن الخطأ في تطبيق القانون علي النزاع يعتبر نوعاً من استبعاد القانون الواجب التطبيق علي موضوع النزاع وهو سبب من أسباب البطلان التي نصت عليه المادة 53 فقرة 1 بند د ، وقد نصت صراحة الفقرة الأولي بند د من المادة 52 من اتفاقية واشنطون علي أن فشل المحكمة في ذكر الأسباب التي لابني عليها حكم التحكيم يجيز لصاحب الِشأن أن يتقدم بطلب كتابي لإلغاء حكم التحكيم الأمر الذي يؤكد عدم صحة استبعاد عيوب التسبيب من نطاق دعوى البطلان .
ومما يؤكد سلامة ما انتهيا إليه من أن دعوى بطلان حكم التحكيم هي أسلوب جامع لما يمكن أن تنطوي عليه أسباب الطعن علي حكم التحكيم باعتبارها الأسلوب المناسب لطبيعة التحكيم وآلياته ؛ إنه حتى في الدول التي مازالت تأخذ بنظام الطعن علي حكم التحكيم بالاستئناف مع وأتاحه الفرصة في ذات الوقت أمام أطراف النزاع في رفع دعوى بطلان حكم التحكيم مثل فرنسا ولبنان فإنها حددت ميعاداً واحداً للطريقين هو ثلاثون يوماً ، ووحدت المحكمة المختصة بنظر الاستئناف ودعوى البطلان وجعلتها محكمة الاستئناف التي صدر في نطاقها حكم المحكمين المطعون فيه .
والأهم من ذلك كله أنها تقرر عدم قبول دعوى البطلان إذا كان طريق الطعن بالاستئناف مفتوحاً ، أي أن دعوى البطلان والطعن بالاستئناف ليسا سلاحان منفصلان متتابعان يمكن استخدام كل منهما علي استقلال للطعن في حكم التحيكم مما يعرقل تنفيذه ويقضي علي فاعليته ، وإنما حرص المشرع علي دمجهما واستخدمهما مرة واحدة خلال مدة واحدة أمام محكمة واحده ، الأمر الذي يفهم منه رغبة المشرع في ضرورة مراعاة الطبيعة الخاصة للتحكيم وإيجاد أسلوب واحد لإصلاح خطأ الحكم يتسع لكل عوار حكم التحكيم ، سواء سمي هذا الأسلوب بدعوى البطلان أو بالاستئناف ، إذ الهـدف دائماً واحد وهو
إلغاء حكم التحكيم المعيب .
المستشارالتحكيمى
طارق مجاهد العربي
المحامى بالاستئناف العالي ومجلس الدولة