روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    الغندور .. أيها المواطن.. أنت أكبر رأس في هذا البلد

    مفيده عبد الرحمن
    مفيده عبد الرحمن
    مدير عام المنتدي
    مدير عام المنتدي


    عدد المساهمات : 3455
    نقاط : 9937
    السٌّمعَة : 9
    تاريخ التسجيل : 17/06/2009

    الغندور .. أيها المواطن.. أنت أكبر رأس في هذا البلد Empty الغندور .. أيها المواطن.. أنت أكبر رأس في هذا البلد

    مُساهمة من طرف مفيده عبد الرحمن السبت يونيو 11, 2011 2:45 am

    "أيها المواطنون"..


    ...نعم أنت! أتحدّث إليكّ أنتَ، فأنت واحد من "المواطنين".. لا لست "رعية" ولا مجرد "فرد" ولا حاكمك "ولي أمرك" الوصي عليك..

    أنت "مواطن"! المفروض أن تفخر بهذا!

    لماذا؟

    تعالَ أقول لك..

    المواطن: الضلع الرئيسي في مثلث أضلاع الدولة!
    لو
    تصوّرنا الدولة هرمًا فـ"المواطنون" قاعدته التي لا يقوم بغير ارتكاز
    عليها.. فالدولة هي "أرض - شعب - سلطة", والشعب/ المواطنون هم الذين يشغلون
    الأرض ويعمرونها، وهم الذين -في الدول المحترمة- يختارون السلطة بإرادتهم
    الحرة, سواء نظرنا للأمر بمنظور مدني بحت "الانتخاب" أو بمنظور ديني
    "المبايعة"..
    بالتالي فالمواطن هو الذي يمنح السلطة الحاكمة شرعيتها,
    وهو الذي يملك أن ينتزع منها تلك الشرعية لو حادت عن الطريق السليم لإدارة
    الدولة, ولهذا أيضا بُعدان: مدني "الشعب مصدر السلطات" وديني "أطيعوني ما
    أطعت الله فيكم فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم" (أبو بكر الصديق رضي الله
    عنه)..
    وبشكل عام لن نجد اختلافًا بين الرؤية الدينية وتلك المدنية فيما
    يخص إضفاء المواطن الشرعية على السلطة، أو انتزاع الشرعية منها؛ باعتبار
    أن الدولة الإسلامية في حقيقة الأمر دولة مدنية.
    الحاكم موظف عند المواطن
    إذن
    فأنت (المواطن) أتيت بالحاكم إلى منصبه, وأتيت بكبار التنفيذيين
    (المحافظون, الوزراء، رؤساء الأحياء... إلخ) إلى مناصبهم، وأتيت بنوابك في
    البرلمان إلى كراسيهم، وثقتك في القضاء يعطيه شرعية أدائه لمهمته.. بالتالي
    فإن السلطات الثلاث -تشريعية وقضائية وتنفيذية- تعمل في وضع "الموظف"
    عندك.. وعودة للتشابه مع المفاهيم الدينية حيث يوصف الخليفة أحيانًا في
    الأدبيات الإسلامية بـ"الأجير"، كما كان معاوية بن أبي سفيان -رضي الله
    عنهما- يُنادَى أحيانًا.
    أفراد السلطات الثلاث إذن موظفون عندك، أنت
    أتيت بهم بكامل إرادتك الحرة؛ ليديروا موارد بلادك وينموها، ليعطوك حقك
    العادل في ثروات بلادك، ليضمنوا لك أمنك وعلاجك وتعليم أبنائك وتلقيك
    الخدمات المختلفة من خدمات أساسية -غذاء كهرباء مياه غاز... إلخ- إلى خدمات
    الثقافة والإعلام وحتى الترفيه.. وفي نهاية كل شهر يتلقى كل من هؤلاء
    راتبه من الضرائب التي تدفعها من عملك، الذي تعمل فيه موظفًا عند باقي
    المواطنين، أي أن الأمر عبارة عن آلة عمل ضخمة فيها المواطن خادم ومخدوم.

    مصدر المواطنة
    إذن فالمواطنة هي مصدر الدولة، فما هو مصدر المواطنة؟
    لكي
    توصف أنك "مواطن مصري" ينبغي أن تكون مولودًا لأب مصري، ثم بعد سنة 2004
    أصبح يكفي أن يكون أحد أبويك مصريًا لتحمل الجنسية المصرية، وإن كان الفرق
    في كون ابن الأب المصري يحصل على الجنسية بشكل تلقائي، بينما ابن الأم
    المصرية والأب الأجنبي عليه تقديم طلب للحصول على الجنسية.
    كذلك يمكن
    الحصول على الجنسية بالاكتساب لو كنت من أصل غير مصري، أشهر ضوابط الحصول
    على الجنسية المصرية مثلا أن يكون طالب التجنس مقيمًا إقامة كاملة غير
    منقطعة -إلا لسفريات عابرة مثلا- في مصر لمدة 10 سنوات، أو أن يكون مقيمًا
    نفس نوع الإقامة لمدة 5 سنوات، شريطة أن ينتمي لفئة الأغلبية في دولة عربية
    أو إسلامية (كأن يكون عراقيا عربيا أو باكستانيا مسلما مثلا).. كذلك يمكن
    الحصول على الجنسية بأمر من رئيس الدولة للأجانب الذين يقدّمون لمصر خدمات
    جليلة تستحق نيلهم هذا الشرف.
    ولكن عندما يحصل المتجنس على الجنسية لا
    يتحول لمواطن مصري كامل فورًا، بل عليه أن ينتظر خمس سنوات تسمى "فترة
    الريبة"؛ للتيقن من إخلاصه لجنسيته الجديدة، والتزامه بما على المواطنين من
    التزامات وجدّية رغبته في ذلك.. بعدها يمكنه أن يمارس ما كان محرومًا منه
    من حق العمل في الجهات الحكومية أو حق التصويت في الانتخابات.
    لكن بعض
    المناصب الرسمية يُشترط لها المواطنة الأصيلة.. أي أن يكون شاغلها مصريًا
    أبًا عن جد، بل وبعضها يحظر الزواج من غير المصريات! كالمناصب السيادية
    (الرئاسة والوزارة) وعضوية البرلمان والمجالس المحلية، ووظائف الشرطة
    والجيش... إلخ.
    المساواة بين المواطنين واختلاف الحقوق والواجبات
    كل
    المواطنين متساوون من حيث المبدأ، لكنهم مع ذلك قد يختلفون في الحقوق
    والواجبات، هذا لا يتعارض مع ذاك، فالمواطنون متساوون في كمية الحقوق
    والواجبات، ولكنهم يختلفون -أحيانًا- في نوع هذه الحقوق وتلك الواجبات،
    فالمرأة مثلاً لها حق النفقة على زوجها ولو كانت ثرية، والرجل له على زوجته
    حق الالتزام بتربية الأبناء ورعاية بيت الزوجية، والمدني له على ضابط
    الشرطة حق الحماية، بينما لضابط الشرطة حق التعاون والتزام الأوامر
    المشروعة على المدني، وهكذا... وهذا الاختلاف يجعل كل مواطن يشعر دائمًا
    بالحاجة للآخر فيخلق حالة من التكامل بين كل المواطنين.
    والمفترض أن
    يحوي القانون نصوصًا تجرّم أي تمييز عنصري ضد مواطن على أساس طائفي أو عرقي
    أو جنسي أو طبقي..( وتلك مسألة تحدث عنها الأستاذ حمدين صباحي في لقائه
    معنا بتفصيل رائع أنصح بالرجوع إليه)؛ لأن هذا التمييز لو حدث فإنه من
    ناحية سيُحدث انعدام توازن للمجتمع، ومن ناحية أخرى سيجعل المواطن اليائس
    من حصوله على حقه يتراخى في تنفيذ التزاماته، وسيتحول المجتمع إلى غابة،
    والدولة إلى ما يسمى بـ"الدولة الرخوة"، كما كانت عليه في العهد البائد!
    المصري في الخارج
    ولكي
    تكتمل مواطنة المصري لا يُشتَرَط أن يعيش على الأراضي المصرية، بل يمكنه
    أن يكون مقيمًا بالخارج -في شكل هجرة أو إقامة مؤقتة لدراسة أو عمل مثلاً-
    وهو مواطن مصري مثل أي مواطن يعيش طوال عمره على أرض مصر، ولهذا فإن من حق
    المقيمين في الخارج أن يشاركوا في الانتخابات عن طريق السفارات والقنصليات،
    وتلك السفارات والقنصليات ملزمة بأن تحلّ منهم محل الحكومة من المواطنين
    في مصر، أي أن ترعى شئونهم وتتابع أحوالهم وتراعي مصالحهم وتخاطب حكومة
    دولة المهجر أو الاغتراب بشأنهم، وأن تحرص على تنظيم التجمعات لهم من وقت
    لآخر؛ ليتواصلوا ويكونوا على صلة مباشرة بوطنهم الأم، وهذا أيضا دور
    الجاليات المصرية بالخارج.. فالمصري بالخارج مصري أولاً وأخيرًا أيًا كان
    موضعه من الكرة الأرضية.
    والمواطنة لا تنتهي إلا بانتهاء الانتماء من
    المصري لبلده، وهذا الانتماء لا ينتهي إلا بأمر من اثنين: أن يتنازل المصري
    صراحة عن جنسيته بطلب مقدم لوزير الداخلية، لسبب أو لآخر، عادة ما يتعلق
    بحصوله على جنسية دولة تشترط عليه ذلك، وكذلك تنازله ضمنيًا عن الجنسية
    بأدائه الخدمة العسكرية في دولة أجنبية (ولو كانت دولة معادية ففي تلك
    الحالة يصبح متهمًا بالخيانة العظمى).. والحالة الأخرى هي أن يرتكب المصري
    أعمالاً إجرامية تصل لحد توريط بلاده في مواقف محرجة (كالإرهاب والعمل
    كمرتزق) أو وضعها موضعًا تضطر فيه أن تتبرأ منه وتعلن رفعها يدها عنه، فلا
    هي تُسأَل عن تصرفاته ولا هي تطلب حمايته كمواطن مصري.
    بهذا نكون قد
    استعرضنا المواطنة ومختلف جوانبها، وبهذا يتضح لك عزيزي القارئ أنها ليست
    مجرد كلمة عابرة، بل هي حقوق والتزامات، أولها أن تعرف معناها، لتستطيع
    خدمتها بحق، حتى لا يكون قولك "ارفع رأسك فوق.. أنت مصري" مجرد قول عابر..



      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 12:32 pm