اتهم القاضى أحمد مكى نائب رئيس محكمة النقض المعارضة بأنها «استدرجت» بعض قضاة تيار استقلال القضاء لاستنطاقهم بعبارات تستفز الحكومة مما أضر بالقضاة، كما اتهم بعض الصحف القومية والمستقلة والمعارضة بالإضرار بالقضاة من خلال التشهير بهم أو إظهارهم فى صورة من يناصب الحكومة العداء على خلاف الحقيقة.
وأكد مكى أن تيار استقلال القضاء يراجع نفسه فى كل الأحداث التى جرت خلال الفترة الماضية، والتى انتهت بهزيمة التيار فى انتخابات نادى القضاة التى جرت فى فبراير الماضى، مشيرا إلى أن بعض تصرفات «الغلاة» أضرت بالقضاة ومنها رفع الأعلام السوداء فوق نادى القضاة بالإسكندرية.
وشدد مكى على رفض القضاة الاشتراك فى أى مسيرة، حتى لو كانت لرفع الحصار عن غزة، وقال: «نحن نريد أن نحرر الأقصى والرئيس مبارك أيضا يريد لكننا لا نستطيع ذلك على الأقل الآن».
واعتبر مكى أن «حكمة النظام أو تعقله» أفشل محاولة القاضى المتقاعد فتحى خليفة رئيس محكمة النقض، رئيس مجلس القضاء الأعلى سابقا، عزله وزملائه قادة تيار الاستقلال من العمل فى القضاء.
وكان خليفة قد اتهم 11 قاضيا من قادة تيار استقلال القضاء على رأسهم زكريا عبدالعزيز رئيس نادى القضاة السابق، وآخرين بإهانة القضاء ورئيس الجمهورية وبث دعايات كاذبة عن تبعية القضاء عن الحكومة والتشكيك فى ذمته المالية واتهامه بتلقيه تعليمات من الحكومة.
وإلى نص الحوار:
ما رأيك فيما حوته مذكرات القاضى فتحى خليفة رئيس محكمة النقض الأسبق؟
أود التأكيد أننى لن أخوض فى مساوئ الرجل وقد خرج على المعاش، بل سأذكر محاسنه، فالرجل كان عفيفا ورفض السفر للبلاد مرات عديدة حتى لا يطلب من وزارة العدل بدل سفر، كما أنه رفض الاشتراك فى أى قضايا تحكيم رغم ما تدره من مبالغ مالية ضخمة على القاضى، بل وأرسى قرارا بعدم اشتراك أى عضو فى مجلس القضاء فى قضايا التحكيم توقيرا لمجلس القضاء الأعلى.
كما أنه يتراجع عن رأيه إذا اقتنع بخطئه، كما كان متواضعا، ففى إحدى الجمعيات العمومية لمحكمة النقض جلس على منصة خشبية، فاعترضت وطالبته بالنزول ليجلس فى مستوى زملائه القضاة، فلا يجوز أن يتميز عليهم، فوافق على الفور، قائلا: «أحمد مكى عنده حق»، وكان مدافعا عن استقلال القضاء حتى عام 1980، حيث حدث انشقاق بين القضاة بعد زيارة الرئيس السادات لنادى القضاة، وإصداره لقانون العيب، وظل صديقا شخصيا لى حتى ترشح القاضى زكريا عبدالعزيز لمنصب رئيس نادى القضاة، بينما كان منافسه القاضى مقبل شاكر الذى خسر الانتخابات، وحاولت التوفيق بينه وبين زكريا لكن محاولتى باءت بالفشل لعدم اقتناعه بأنه يستحق رئاسة النادى.
وهل عاملت القاضى زكريا عبدالعزيز رئيس نادى القضاة بالمثل خلال انعقاد الجمعيات العمومية للنادى وطالبته بالنزول من على المنصة، وأن يتحدث من على مقعد فى ذات مستوى جلوس زملائه؟
لا، لأن زكريا عبدالعزيز لم يجلس على المنصة وحده، بل جلس ومعه باقى أعضاء مجلس الإدارة، وحاليا يجلس على المنصة فى الجمعية العمومية لمحكمة النقض أقدم 10 من نواب رئيس المحكمة، والمقصود بمطالبتى له بالنزول من على المنصة هو أن جميع القضاة سواسية، ولا يصح أن يتميز أحد منهم على الآخر.
اشتكى المستشار فتحى خليفة فى مذكراته من أنك وبعض من زملائك شككتم فى ذمته بأن ذكرتم فى تصريحات وفى صحيفة طعن أمام دائرة طلبات رجال القضاء بأن مجلس القضاء يقبل التحكيمات التى تدر عشرات الألوف من الجنيهات، بينما أكد الرجل فى مذكراته أن كل ممتلكاته 4 فدادين ميراثا عن والده وشقتان، ولم يقبل أى تحكيم فى أى يوم من الأيام؟
لم أنسب إليه قبول أى تحكيم، ولكن كنت أشير إلى آخرين، فهو رجل عف اللسان، وأرسى قواعد مهمة فى مجلس القضاء.
اتهمتك المذكرات بأنك أهنت رئيس الجمهورية وعرضت الأمن القومى للبلاد للخطر من خلال أحاديثك عن حدوث تزوير فى الانتخابات؟
لم يحدث إطلاقا أن أهنت رئيس الجمهورية، والدليل على صدق حديثى أن كل المسئولين الرسميين لم يقتنعوا بما أورده خليفة فى مذكراته، ورفضوا مسايرته فى اتهاماته لى ولزملائى، حيث إن المكتب الفنى لمحكمة النقض لم يخطرنا بعقوبة التنبيه التى وقعها على شخصى و4 من زملائى نواب رئيس محكمة النقض، كما أن القاضى مقبل شاكر الذى تولى رئاسة المحكمة بعد ذلك لم يخطرنا بها، بل إن الحكم التأديبى الذى صدر بلوم القاضى هشام البسطويسى نائب رئيس محكمة النقض لم يصدر به قرار تنفيذى من وزير العدل حتى اليوم، وبالتالى فهو عديم الأثر، لذلك استشعر وجود «أنين» فى المذكرات، فضلا عن أن مذكراته أصدرت ضدى حكما بناء على ما نشرته الصحف دون أن يسألنى أو يواجهنى به، ووفى عام 1980 قدم الرئيس السادات للقاضى وجدى عبدالصمد رئيس محكمة النقض الأسبق ملفا تضمن أخبارا ومقالات لكتاب فى الصحف تتهم يحيى الرفاعى رئيس نادى القضاة آنذاك بذات الافتراءات، فرد عبدالصمد قائلا: «هذا كلام فارغ ياريس».
فضلا عن أننى لم أسب رئيس الجمهورية أو أهينه هو أو أى شخص آخر، ولكن القاضى فتحى خليفة اعتبر فى مذكراته أن نقد رئيس الجمهورية إهانة له، بل إن الإنصاف يقتضى أن أقول إن الرئيس مبارك يحسب له أنه أعاد مجلس القضاء عام 1984 وجعل النائب العام محصنا من العزل، بل وكان يعتزم إدخال إصلاحات قضائية كبيرة عام 1986 وينهى إعلان حالة الطوارئ وذلك وفقا لما بلغنا فى نادى القضاة، ولكن لشىء لا نعرفه، فوجئنا به يمد حالة الطوارئ قبل حضوره إلى نادى القضاة عام 1986 لحضور مؤتمر العدالة الأول، وتم إبلاغنا بأنه لا داعى للتطرق لموضوع مد حالة الطوارئ، ورأينا آنذاك أن يعرض رئيس نادى القضاة القاضى يحيى الرفاعى آنذاك بعبارة رقيقة نشير فيها، إلى أننا كان نأمل إلغاءها، ولم نكن نتوقع أن تؤدى هذه العبارة على تغيير رئيس النادى، وتسبب ضررا للقضاة، ولو عادت بنا الأيام لفكرنا فيما إذا كان من الصواب تضمين هذه العبارة فى كلمة رئيس النادى أم لا.
والمقام يقتضى أن أقول إن «حكمة النظام وتعقله» أجهض محاولة فتحى خليفة فى الإطاحة بى وزملائى من القضاء كما كشفت مذكراته، كما أنه كان بصدد إصدار حكم بعزل القاضيين هشام البسطويسى ومحمود مكى نائبى رئيس محكمة النقض لما نسب إليهما عن ضرورة محاسبة بعض القضاة المنسوب إليهم تزوير بعض الدوائر الانتخابية، ولكن تدخلات المسئولين فى الدولة حالت دون ذلك، وأشدد على أن ما نجهر به من آراء هدفه مصلحة النظام ومصر، وأنا شخصيا أدلى بآرائى علنية وجهرا لاطمئنانى إلى أن ذلك لن يصيبنى بأذى، ولو تسببت لى فى ضرر ما جهرت بها، تماما مثلما يكتب الصحفيون ما يظنون أنه لن يصيبهم بضرر.
هل تدخلت الحكومة فى الخلاف الذى نشب بينكم وبين مجلس القضاء الأعلى آنذاك برئاسة المستشار فتحى خليفة؟
هناك من استثمر الخلاف بيننا وبين مجلس القضاء، بل إن بعض الصحف سواء الحكومية أو المستقلة أو المعارضة ساهمت فى تصدع العلاقة بين القضاة والحكومة وبين القضاة وبعضهم البعض، فعلى سبيل المثال أصدر نادى القضاة بيانا بشأن الانتخابات البرلمانية، ضمنته فقرة تضمنت نص مادة وردت فى قانون مباشرة الحقوق السياسية تنص على أحقية القاضى فى استدعاء القوة العسكرية لحمايته وتنفيذ قراراته إذا لم تمتثل الشرطة لتعليماته، وفوجئنا فى اليوم التالى بالصحف القومية تتهمنا بأننا نطلب استدعاء الجيش للتدخل فى الانتخابات لإشاعة الفوضى على خلاف الحقيقة، ولو عادت الأيام لضمنت نص المادة للتذكير بنص قانونى قائم.
ذكر القاضى محمود الخضيرى نائب رئيس محكمة النقض المستقيل فى تصريحاته إن القضاء المصرى تابع للحكومة، واستشهد بأن الحكومة تختار بعض القضاة لقضايا بعينهم، بينما رد معارضوه بأن رئيس محكمة النقض وأعضاء مجلس القضاء يتم تعيينهم بالأقدمية باستثناء النائب العام، كما يتم تعيين رؤساء محاكم الاستئناف بالأقدمية وكذلك رئيس مجلس الدولة دون أى تدخل من الحكومة؟
القضاء المصرى مستقل بنفس درجة حرية الصحافة، فلا شك أن القضاء المصرى أكثر النظم القضائية استقلالا فى جميع الدول العربية، ولكنه لا يقارن بالدول المتقدمة، فاستقلال القضاء منقوص، والقول بأنه مستقل خرافة، فهناك هامش متروك للقضاة، واستقلال القاضى يعنى أن أكون محررا من كل قيد أو تأثير خارجى، والقضاة بشر يخافون ويطمعون، واستقلال القضاء يتحقق عندما يصبح مجلس الشعب مستقلا فى قراراته، وعندما تصبح الصحافة حرة، ويستطيع أى شخص امتلاك صحيفة بلا شروط تعجيزية ويأمن الصحفى على نفسه من العقاب إلا فى حالة مخالفة القانون.
وهل طلبت الحكومة من قضاة محاكم الاستئناف الموافقة على تفويض رؤساء المحاكم فى توزيع القضايا على دوائر المحكمة، أم لا؟
رئيس المحكمة هو الذى يطلب من الجمعية العمومية للمحكمة تفويضه فى توزيع القضايا، والقضاة جزء من المجتمع ويحملون نفس ثقافته، وللأسف الشعب المصرى سلبى ويوافق على ما يطلبه الرئيس.
فى اعتقادكم هل ما ورد فى مذكرات فتحى خليفة عن قناعة أم إملاء حكومى عليه؟
لا أستطيع أن أعرف ما يدور فى الصدور، ولكن أحسب أنه حسن النية، ومقتنع بما قاله.
اتهم حكم قضائى صادر عن دائرة القاضى حسام الغريانى بمحكمة النقض القاضى فتحى خليفة إبان رئاسته للمحكمة بالعمل لمصلحة الدكتور زكريا عزمى رئيس ديوان رئيس الجمهورية بالامتناع عن إرسال الحكم ببطلان فوز عزمى بعضوية مجلس الشعب متعللا بأن الحكم به أخطاء إجرائية وأن من حق رئيس المحكمة الاعتراض على الحكم لو خالف مبدأ مستقرا، وطلب من ذات الدائرة بحث ما إذا كانت الشرطة قد زورت الانتخابات من عدمه، فما رأيك؟
تصرف القاضى فتحى خليفة مخالف للقانون، لأن عقد جمعية عامة لمحكمة النقض للنظر فى الأحكام المتعارضة ليس من اختصاصه كرئيس للمحكمة، بل تطلبه الدائرة المعنية بالأمر، وبالتالى كان عليه أن يرسل الحكم لمجلس الشعب مباشرة دون تعقيب منه.
هل نمت إليكم معلومات عن أن تصرف خليفة كان خدمة لشخص الدكتور زكريا عزمى؟
لا أعرف.
ما رأيك فى سياسة وشخص المستشار ممدوح مرعى وزير العدل؟
هو أخى وصديقى، وهو شخص شديد الاستقامة، ونزيه جدا، ولكنى أعتقد أن سياسته أضرت بالقضاء.
كم مرة قابلته، وماذا دار فيها؟
مرة واحدة لمحاولة الإصلاح بينه وبين نادى القضاة والقاضى المستقيل محمود الخضيرى، ولكن الوزير قال إنه لن يتعامل أو يتواصل مع نادى القضاة نهائيا بغض النظر عن رئيس النادى، وأن وزارة العدل ليس لها علاقة بالنادى.
اتهمتم وزير العدل بأنه قطع الدعم المالى عن نادى القضاة فور توليه منصبه لعقاب النادى على مواقفه المناوئة للوزارة، فبما تفسر رفض الوزير حتى اليوم رفض دعم النادى أو استقبال رئيسه الجديد القاضى أحمد الزند المحسوب على الوزارة ؟
نعم، مرعى قطع الدعم عن النادى لعقابه، ويرفض إعادته حاليا رغم رحيل زكريا عبدالعزيز عن رئاسته حتى يظل النادى محتاجا لوزارة العدل وتابعا لها.
بعد مرور 7 أشهر على هزيمة مرشحى تيار استقلال القضاء فى انتخابات نادى القضاة، هل تراجعون فيما صدر عنكم من تصرفات؟
نحن نمارس النقد الذاتى باستمرار، وتيار الاستقلال ليس محصورا فى أشخاص، فهو ليس جماعة منظمة بل أفكار حملها رجال من قبلنا وسيحملها من يأتى بعدنا، فهو تيار ليس مرتبطا بزمان أو مكان.
ما أبرز التصرفات التى تراجعون أنفسكم بشأنها؟
أهمها علاقتنا بالإعلام، فالصحافة المستقلة حرضت بعض القضاة، ودفعتهم للإدلاء بأقوال تستفز الحكومة، فبعض القضاة غلاة، وفيهم مفرطون مثل أى جماعة بشرية، والغلاة منا جرى استدراجهم لاستفزاز الحكومة، رغم أن خطاب نادى القضاة لم يقصد أبدا معارضة الحكومة أو تأييدها بل قصد إقناعها، ولكن الصحافة المستقلة صورته فى صورة مستفزة للحكومة، فالغلاة منا لا يحسنون التعبير عن رأيهم، وقوبلت تصريحاتهم بالاصطياد من المتربصين باستقلال القضاء، ومن تلك التصريحات كلمة « منبطح» فى وصف مجلس الشعب، ورفع الأعلام السوداء فوق نادى قضاة الإسكندرية حدادا على التعديلات الدستورية وكلها تصرفات صدرت عن القاضى المستقيل محمود الخضيرى كما أنه أطلق يوم «الحزن العظيم» على يوم الاستفتاء على التعديلات الدستورية».
هل معنى ذلك أنك تصنف القاضى المستقيل محمود الخضيرى من الغلاة؟
لا.. لا، ولكنه غير حذر فى تصريحاته بسبب صراحته الشديدة، فأتفق معه فيما قال، ولكن أرفض طريقته فى التعبير لأنها تسبب مشكلات فى أحيان كثيرة، ولذلك توجهت معه للقاء الدكتور فتحى سرور لاحتواء الآثار التى ترتبت على كلمة «منبطح»، واتفقنا على صيغة إنهاء الأزمة، وفيما بعد رفضنا طلبا من القاضى محمود الخضيرى للمشاركة فى مسيرة لرفع الحصار عن غزة مطلع العام الماضى، فالقضاة لم يشاركوا أحدا فى مسيرات، ونظموا مسيرة واحدة عام 2006 لم يشترك فيها غيرهم، وهذه المسيرة محل تفكير منا الآن.
كما أن إحدى الصحف رشحت أحد القضاة لرئاسة الجمهورية، وهذا مرفوض تماما، لأن القاضى ليس له علاقة بالسياسة، كما أنه لو حاول أن يكون سياسيا، فسيفشل بامتياز، فأعظم شيوخ القضاء ومنهم عبدالعزيز باشا فهمى مؤسس محكمة النقض كان راسبا شعبيا، فالقاضى يجهر بكلمة الحق حتى لو أغضبت الجمهور.
كما أن الصحف القومية بدورها شنت حملة تشهير بالقضاة بلا مبرر، فعندما نظما مسيرة «تصميمية» أطلقوا عليها مسيرة احتجاجية، وادّعوا كذبا أن الجمهور شارك فيها وأن القضاة رددوا الهتافات المعارضة للحكومة وبعضهم ارتدى «فانلة وشورت» كما ذكر أحد رؤساء التحرير، والصواب أننا قررنا تنظيم وقفة فى يوم جمعة داخل درا القضاء العالى وليس فى الشارع، واخترنا يوم الجمعة حتى لا يختلط بنا أحد، وعندما توجهنا إليه وجدناها مغلقة لأول مرة فى التاريخ، فاضطررنا أن نقف أمام النادى، وظللنا صامتين لم نردد أى هتافات كما أننا جميعا ارتدينا كامل ملابسنا الرسمية، ولم يختلط بنا أحد، ولكن الصحف القومية افترت علينا.
كما تعرضنا لهجمة شرسة عندما طلبت منظمة هيومان رايتس وتش لحقوق الإنسان زيارة النادى، واتهمتنا الصحف القومية باستقبال منظمة صهيونية، فعندما تلقى نادى القضاة طلب المنظمة عرضه على وزير العدل وطلب الإفادة عما إذا كان النادى يستقبل المنظمة من عدمه، ونظرا لاشتداد الحملة على النادى، طلبنا موافقة كتابية من وزير العدل، وعندما لم تصل، رفضنا استقبال المنظمة، ونفس الأمر تكرر عند استقبال وفد البرلمان الأوروبى، فقمنا بإخطار الوزارة ودعونا من يمثلها للحضور، وأحضرنا كل وسائل الإعلام ليكون علنا، ورفضنا طلبا للوفد بعدم تضمين كلمة رئيس النادى الحديث عن حصار غزة لما سيسببه ذلك من حرج للوفد، وهدد بإلغاء الزيارة، وتمسكنا بموقفنا، فلن نرفض تبعية للحكومة المصرية ونرضاها للأجنبى.
ولكن التعامل مع وسائل الإعلام لتوعية الأمة باستقلال القضاء مهم، فمن عمل القاضى العلانية، فنحن نعقد جلساتنا علانية، ونصدر أحكامنا فى علانية، ونكتب أسبابا للأحكام حتى يفهم الناس لماذا أصدر القاضى حكمه، والإعلام من فروع العلانية، ولكن ينبغى ألا تستهوى القاضى الشهرة أو يحاول إرضاء الجماهير.
وما هى التصرفات محل المراجعة أيضا؟
هناك أمور تتعلق بما جرى فى تلك الفترة، ومنها اعتصام مجموعة من الشباب أمام مقر النادى تضامنا مع اعتصام القضاة بداخله، وقام هؤلاء الشباب بإغلاق الشارع أمام المواصلات، وأطلق عليها منطقة محررة، ورسم صور لرموز النظام حتى تمر عليها السيارات وهذا مرفوض، كما ردد بعض المتظاهرين عبارة «يا قضاة.. يا قضاة.. خلصونا من الطغاة»، فقد حملونا كل الأمور وفوق ما نطيق، وما لا يدخل فى اختصاصنا، فالقضاة مجموعة صغيرة محدودة التأثير ليس فى مقدورها تغيير النظام الحاكم كما أن ذلك يخرج من اختصاصها.
ما رأيكم فى الخطاب الذى أرسله القاضى زكريا عبدالعزيز إبان رئاسته النادى لنحو 4 آلاف قاض يطالبهم بسداد الاشتراك الشهرى، وتضمن الخطاب تذكيرا بمادة من لائحة النادى تنص على فصل من يتأخر فى دفع الاشتراك؟
زكريا عبدالعزيز لم يعرض علينا نص الخطاب، ولو عرضه فكنت سأرفض الإشارة لهذه المادة حتى لا يستثمرها الخصوم رغم صدور التصرف بحسن نية، واتفقنا فقط على إرسال خطاب يستحثهم على دفع الاشتراك.
كما أنه لا ينبغى أن يأتى القول أو الوعد بأكثر من القدرة على الفعل، فعلى سبيل المثال عارضت إصدار قرار من الجمعية العمومية للقضاة بمقاطعة الإشراف القضائى على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، لأنه قرار غير قابل للتطبيق.
وأيضا اندفعنا فى نصح الحكومة، والنصيحة ثقيلة، فقد كانت هناك نصائح بشان قوانين الإرهاب والمحاكم العسكرية والمحاكم الاقتصادية وتعديلات قانونى المرافعات والإجراءات الجنائية.نقلا عن صجيفة الشروق
وأكد مكى أن تيار استقلال القضاء يراجع نفسه فى كل الأحداث التى جرت خلال الفترة الماضية، والتى انتهت بهزيمة التيار فى انتخابات نادى القضاة التى جرت فى فبراير الماضى، مشيرا إلى أن بعض تصرفات «الغلاة» أضرت بالقضاة ومنها رفع الأعلام السوداء فوق نادى القضاة بالإسكندرية.
وشدد مكى على رفض القضاة الاشتراك فى أى مسيرة، حتى لو كانت لرفع الحصار عن غزة، وقال: «نحن نريد أن نحرر الأقصى والرئيس مبارك أيضا يريد لكننا لا نستطيع ذلك على الأقل الآن».
واعتبر مكى أن «حكمة النظام أو تعقله» أفشل محاولة القاضى المتقاعد فتحى خليفة رئيس محكمة النقض، رئيس مجلس القضاء الأعلى سابقا، عزله وزملائه قادة تيار الاستقلال من العمل فى القضاء.
وكان خليفة قد اتهم 11 قاضيا من قادة تيار استقلال القضاء على رأسهم زكريا عبدالعزيز رئيس نادى القضاة السابق، وآخرين بإهانة القضاء ورئيس الجمهورية وبث دعايات كاذبة عن تبعية القضاء عن الحكومة والتشكيك فى ذمته المالية واتهامه بتلقيه تعليمات من الحكومة.
وإلى نص الحوار:
ما رأيك فيما حوته مذكرات القاضى فتحى خليفة رئيس محكمة النقض الأسبق؟
أود التأكيد أننى لن أخوض فى مساوئ الرجل وقد خرج على المعاش، بل سأذكر محاسنه، فالرجل كان عفيفا ورفض السفر للبلاد مرات عديدة حتى لا يطلب من وزارة العدل بدل سفر، كما أنه رفض الاشتراك فى أى قضايا تحكيم رغم ما تدره من مبالغ مالية ضخمة على القاضى، بل وأرسى قرارا بعدم اشتراك أى عضو فى مجلس القضاء فى قضايا التحكيم توقيرا لمجلس القضاء الأعلى.
كما أنه يتراجع عن رأيه إذا اقتنع بخطئه، كما كان متواضعا، ففى إحدى الجمعيات العمومية لمحكمة النقض جلس على منصة خشبية، فاعترضت وطالبته بالنزول ليجلس فى مستوى زملائه القضاة، فلا يجوز أن يتميز عليهم، فوافق على الفور، قائلا: «أحمد مكى عنده حق»، وكان مدافعا عن استقلال القضاء حتى عام 1980، حيث حدث انشقاق بين القضاة بعد زيارة الرئيس السادات لنادى القضاة، وإصداره لقانون العيب، وظل صديقا شخصيا لى حتى ترشح القاضى زكريا عبدالعزيز لمنصب رئيس نادى القضاة، بينما كان منافسه القاضى مقبل شاكر الذى خسر الانتخابات، وحاولت التوفيق بينه وبين زكريا لكن محاولتى باءت بالفشل لعدم اقتناعه بأنه يستحق رئاسة النادى.
وهل عاملت القاضى زكريا عبدالعزيز رئيس نادى القضاة بالمثل خلال انعقاد الجمعيات العمومية للنادى وطالبته بالنزول من على المنصة، وأن يتحدث من على مقعد فى ذات مستوى جلوس زملائه؟
لا، لأن زكريا عبدالعزيز لم يجلس على المنصة وحده، بل جلس ومعه باقى أعضاء مجلس الإدارة، وحاليا يجلس على المنصة فى الجمعية العمومية لمحكمة النقض أقدم 10 من نواب رئيس المحكمة، والمقصود بمطالبتى له بالنزول من على المنصة هو أن جميع القضاة سواسية، ولا يصح أن يتميز أحد منهم على الآخر.
اشتكى المستشار فتحى خليفة فى مذكراته من أنك وبعض من زملائك شككتم فى ذمته بأن ذكرتم فى تصريحات وفى صحيفة طعن أمام دائرة طلبات رجال القضاء بأن مجلس القضاء يقبل التحكيمات التى تدر عشرات الألوف من الجنيهات، بينما أكد الرجل فى مذكراته أن كل ممتلكاته 4 فدادين ميراثا عن والده وشقتان، ولم يقبل أى تحكيم فى أى يوم من الأيام؟
لم أنسب إليه قبول أى تحكيم، ولكن كنت أشير إلى آخرين، فهو رجل عف اللسان، وأرسى قواعد مهمة فى مجلس القضاء.
اتهمتك المذكرات بأنك أهنت رئيس الجمهورية وعرضت الأمن القومى للبلاد للخطر من خلال أحاديثك عن حدوث تزوير فى الانتخابات؟
لم يحدث إطلاقا أن أهنت رئيس الجمهورية، والدليل على صدق حديثى أن كل المسئولين الرسميين لم يقتنعوا بما أورده خليفة فى مذكراته، ورفضوا مسايرته فى اتهاماته لى ولزملائى، حيث إن المكتب الفنى لمحكمة النقض لم يخطرنا بعقوبة التنبيه التى وقعها على شخصى و4 من زملائى نواب رئيس محكمة النقض، كما أن القاضى مقبل شاكر الذى تولى رئاسة المحكمة بعد ذلك لم يخطرنا بها، بل إن الحكم التأديبى الذى صدر بلوم القاضى هشام البسطويسى نائب رئيس محكمة النقض لم يصدر به قرار تنفيذى من وزير العدل حتى اليوم، وبالتالى فهو عديم الأثر، لذلك استشعر وجود «أنين» فى المذكرات، فضلا عن أن مذكراته أصدرت ضدى حكما بناء على ما نشرته الصحف دون أن يسألنى أو يواجهنى به، ووفى عام 1980 قدم الرئيس السادات للقاضى وجدى عبدالصمد رئيس محكمة النقض الأسبق ملفا تضمن أخبارا ومقالات لكتاب فى الصحف تتهم يحيى الرفاعى رئيس نادى القضاة آنذاك بذات الافتراءات، فرد عبدالصمد قائلا: «هذا كلام فارغ ياريس».
فضلا عن أننى لم أسب رئيس الجمهورية أو أهينه هو أو أى شخص آخر، ولكن القاضى فتحى خليفة اعتبر فى مذكراته أن نقد رئيس الجمهورية إهانة له، بل إن الإنصاف يقتضى أن أقول إن الرئيس مبارك يحسب له أنه أعاد مجلس القضاء عام 1984 وجعل النائب العام محصنا من العزل، بل وكان يعتزم إدخال إصلاحات قضائية كبيرة عام 1986 وينهى إعلان حالة الطوارئ وذلك وفقا لما بلغنا فى نادى القضاة، ولكن لشىء لا نعرفه، فوجئنا به يمد حالة الطوارئ قبل حضوره إلى نادى القضاة عام 1986 لحضور مؤتمر العدالة الأول، وتم إبلاغنا بأنه لا داعى للتطرق لموضوع مد حالة الطوارئ، ورأينا آنذاك أن يعرض رئيس نادى القضاة القاضى يحيى الرفاعى آنذاك بعبارة رقيقة نشير فيها، إلى أننا كان نأمل إلغاءها، ولم نكن نتوقع أن تؤدى هذه العبارة على تغيير رئيس النادى، وتسبب ضررا للقضاة، ولو عادت بنا الأيام لفكرنا فيما إذا كان من الصواب تضمين هذه العبارة فى كلمة رئيس النادى أم لا.
والمقام يقتضى أن أقول إن «حكمة النظام وتعقله» أجهض محاولة فتحى خليفة فى الإطاحة بى وزملائى من القضاء كما كشفت مذكراته، كما أنه كان بصدد إصدار حكم بعزل القاضيين هشام البسطويسى ومحمود مكى نائبى رئيس محكمة النقض لما نسب إليهما عن ضرورة محاسبة بعض القضاة المنسوب إليهم تزوير بعض الدوائر الانتخابية، ولكن تدخلات المسئولين فى الدولة حالت دون ذلك، وأشدد على أن ما نجهر به من آراء هدفه مصلحة النظام ومصر، وأنا شخصيا أدلى بآرائى علنية وجهرا لاطمئنانى إلى أن ذلك لن يصيبنى بأذى، ولو تسببت لى فى ضرر ما جهرت بها، تماما مثلما يكتب الصحفيون ما يظنون أنه لن يصيبهم بضرر.
هل تدخلت الحكومة فى الخلاف الذى نشب بينكم وبين مجلس القضاء الأعلى آنذاك برئاسة المستشار فتحى خليفة؟
هناك من استثمر الخلاف بيننا وبين مجلس القضاء، بل إن بعض الصحف سواء الحكومية أو المستقلة أو المعارضة ساهمت فى تصدع العلاقة بين القضاة والحكومة وبين القضاة وبعضهم البعض، فعلى سبيل المثال أصدر نادى القضاة بيانا بشأن الانتخابات البرلمانية، ضمنته فقرة تضمنت نص مادة وردت فى قانون مباشرة الحقوق السياسية تنص على أحقية القاضى فى استدعاء القوة العسكرية لحمايته وتنفيذ قراراته إذا لم تمتثل الشرطة لتعليماته، وفوجئنا فى اليوم التالى بالصحف القومية تتهمنا بأننا نطلب استدعاء الجيش للتدخل فى الانتخابات لإشاعة الفوضى على خلاف الحقيقة، ولو عادت الأيام لضمنت نص المادة للتذكير بنص قانونى قائم.
ذكر القاضى محمود الخضيرى نائب رئيس محكمة النقض المستقيل فى تصريحاته إن القضاء المصرى تابع للحكومة، واستشهد بأن الحكومة تختار بعض القضاة لقضايا بعينهم، بينما رد معارضوه بأن رئيس محكمة النقض وأعضاء مجلس القضاء يتم تعيينهم بالأقدمية باستثناء النائب العام، كما يتم تعيين رؤساء محاكم الاستئناف بالأقدمية وكذلك رئيس مجلس الدولة دون أى تدخل من الحكومة؟
القضاء المصرى مستقل بنفس درجة حرية الصحافة، فلا شك أن القضاء المصرى أكثر النظم القضائية استقلالا فى جميع الدول العربية، ولكنه لا يقارن بالدول المتقدمة، فاستقلال القضاء منقوص، والقول بأنه مستقل خرافة، فهناك هامش متروك للقضاة، واستقلال القاضى يعنى أن أكون محررا من كل قيد أو تأثير خارجى، والقضاة بشر يخافون ويطمعون، واستقلال القضاء يتحقق عندما يصبح مجلس الشعب مستقلا فى قراراته، وعندما تصبح الصحافة حرة، ويستطيع أى شخص امتلاك صحيفة بلا شروط تعجيزية ويأمن الصحفى على نفسه من العقاب إلا فى حالة مخالفة القانون.
وهل طلبت الحكومة من قضاة محاكم الاستئناف الموافقة على تفويض رؤساء المحاكم فى توزيع القضايا على دوائر المحكمة، أم لا؟
رئيس المحكمة هو الذى يطلب من الجمعية العمومية للمحكمة تفويضه فى توزيع القضايا، والقضاة جزء من المجتمع ويحملون نفس ثقافته، وللأسف الشعب المصرى سلبى ويوافق على ما يطلبه الرئيس.
فى اعتقادكم هل ما ورد فى مذكرات فتحى خليفة عن قناعة أم إملاء حكومى عليه؟
لا أستطيع أن أعرف ما يدور فى الصدور، ولكن أحسب أنه حسن النية، ومقتنع بما قاله.
اتهم حكم قضائى صادر عن دائرة القاضى حسام الغريانى بمحكمة النقض القاضى فتحى خليفة إبان رئاسته للمحكمة بالعمل لمصلحة الدكتور زكريا عزمى رئيس ديوان رئيس الجمهورية بالامتناع عن إرسال الحكم ببطلان فوز عزمى بعضوية مجلس الشعب متعللا بأن الحكم به أخطاء إجرائية وأن من حق رئيس المحكمة الاعتراض على الحكم لو خالف مبدأ مستقرا، وطلب من ذات الدائرة بحث ما إذا كانت الشرطة قد زورت الانتخابات من عدمه، فما رأيك؟
تصرف القاضى فتحى خليفة مخالف للقانون، لأن عقد جمعية عامة لمحكمة النقض للنظر فى الأحكام المتعارضة ليس من اختصاصه كرئيس للمحكمة، بل تطلبه الدائرة المعنية بالأمر، وبالتالى كان عليه أن يرسل الحكم لمجلس الشعب مباشرة دون تعقيب منه.
هل نمت إليكم معلومات عن أن تصرف خليفة كان خدمة لشخص الدكتور زكريا عزمى؟
لا أعرف.
ما رأيك فى سياسة وشخص المستشار ممدوح مرعى وزير العدل؟
هو أخى وصديقى، وهو شخص شديد الاستقامة، ونزيه جدا، ولكنى أعتقد أن سياسته أضرت بالقضاء.
كم مرة قابلته، وماذا دار فيها؟
مرة واحدة لمحاولة الإصلاح بينه وبين نادى القضاة والقاضى المستقيل محمود الخضيرى، ولكن الوزير قال إنه لن يتعامل أو يتواصل مع نادى القضاة نهائيا بغض النظر عن رئيس النادى، وأن وزارة العدل ليس لها علاقة بالنادى.
اتهمتم وزير العدل بأنه قطع الدعم المالى عن نادى القضاة فور توليه منصبه لعقاب النادى على مواقفه المناوئة للوزارة، فبما تفسر رفض الوزير حتى اليوم رفض دعم النادى أو استقبال رئيسه الجديد القاضى أحمد الزند المحسوب على الوزارة ؟
نعم، مرعى قطع الدعم عن النادى لعقابه، ويرفض إعادته حاليا رغم رحيل زكريا عبدالعزيز عن رئاسته حتى يظل النادى محتاجا لوزارة العدل وتابعا لها.
بعد مرور 7 أشهر على هزيمة مرشحى تيار استقلال القضاء فى انتخابات نادى القضاة، هل تراجعون فيما صدر عنكم من تصرفات؟
نحن نمارس النقد الذاتى باستمرار، وتيار الاستقلال ليس محصورا فى أشخاص، فهو ليس جماعة منظمة بل أفكار حملها رجال من قبلنا وسيحملها من يأتى بعدنا، فهو تيار ليس مرتبطا بزمان أو مكان.
ما أبرز التصرفات التى تراجعون أنفسكم بشأنها؟
أهمها علاقتنا بالإعلام، فالصحافة المستقلة حرضت بعض القضاة، ودفعتهم للإدلاء بأقوال تستفز الحكومة، فبعض القضاة غلاة، وفيهم مفرطون مثل أى جماعة بشرية، والغلاة منا جرى استدراجهم لاستفزاز الحكومة، رغم أن خطاب نادى القضاة لم يقصد أبدا معارضة الحكومة أو تأييدها بل قصد إقناعها، ولكن الصحافة المستقلة صورته فى صورة مستفزة للحكومة، فالغلاة منا لا يحسنون التعبير عن رأيهم، وقوبلت تصريحاتهم بالاصطياد من المتربصين باستقلال القضاء، ومن تلك التصريحات كلمة « منبطح» فى وصف مجلس الشعب، ورفع الأعلام السوداء فوق نادى قضاة الإسكندرية حدادا على التعديلات الدستورية وكلها تصرفات صدرت عن القاضى المستقيل محمود الخضيرى كما أنه أطلق يوم «الحزن العظيم» على يوم الاستفتاء على التعديلات الدستورية».
هل معنى ذلك أنك تصنف القاضى المستقيل محمود الخضيرى من الغلاة؟
لا.. لا، ولكنه غير حذر فى تصريحاته بسبب صراحته الشديدة، فأتفق معه فيما قال، ولكن أرفض طريقته فى التعبير لأنها تسبب مشكلات فى أحيان كثيرة، ولذلك توجهت معه للقاء الدكتور فتحى سرور لاحتواء الآثار التى ترتبت على كلمة «منبطح»، واتفقنا على صيغة إنهاء الأزمة، وفيما بعد رفضنا طلبا من القاضى محمود الخضيرى للمشاركة فى مسيرة لرفع الحصار عن غزة مطلع العام الماضى، فالقضاة لم يشاركوا أحدا فى مسيرات، ونظموا مسيرة واحدة عام 2006 لم يشترك فيها غيرهم، وهذه المسيرة محل تفكير منا الآن.
كما أن إحدى الصحف رشحت أحد القضاة لرئاسة الجمهورية، وهذا مرفوض تماما، لأن القاضى ليس له علاقة بالسياسة، كما أنه لو حاول أن يكون سياسيا، فسيفشل بامتياز، فأعظم شيوخ القضاء ومنهم عبدالعزيز باشا فهمى مؤسس محكمة النقض كان راسبا شعبيا، فالقاضى يجهر بكلمة الحق حتى لو أغضبت الجمهور.
كما أن الصحف القومية بدورها شنت حملة تشهير بالقضاة بلا مبرر، فعندما نظما مسيرة «تصميمية» أطلقوا عليها مسيرة احتجاجية، وادّعوا كذبا أن الجمهور شارك فيها وأن القضاة رددوا الهتافات المعارضة للحكومة وبعضهم ارتدى «فانلة وشورت» كما ذكر أحد رؤساء التحرير، والصواب أننا قررنا تنظيم وقفة فى يوم جمعة داخل درا القضاء العالى وليس فى الشارع، واخترنا يوم الجمعة حتى لا يختلط بنا أحد، وعندما توجهنا إليه وجدناها مغلقة لأول مرة فى التاريخ، فاضطررنا أن نقف أمام النادى، وظللنا صامتين لم نردد أى هتافات كما أننا جميعا ارتدينا كامل ملابسنا الرسمية، ولم يختلط بنا أحد، ولكن الصحف القومية افترت علينا.
كما تعرضنا لهجمة شرسة عندما طلبت منظمة هيومان رايتس وتش لحقوق الإنسان زيارة النادى، واتهمتنا الصحف القومية باستقبال منظمة صهيونية، فعندما تلقى نادى القضاة طلب المنظمة عرضه على وزير العدل وطلب الإفادة عما إذا كان النادى يستقبل المنظمة من عدمه، ونظرا لاشتداد الحملة على النادى، طلبنا موافقة كتابية من وزير العدل، وعندما لم تصل، رفضنا استقبال المنظمة، ونفس الأمر تكرر عند استقبال وفد البرلمان الأوروبى، فقمنا بإخطار الوزارة ودعونا من يمثلها للحضور، وأحضرنا كل وسائل الإعلام ليكون علنا، ورفضنا طلبا للوفد بعدم تضمين كلمة رئيس النادى الحديث عن حصار غزة لما سيسببه ذلك من حرج للوفد، وهدد بإلغاء الزيارة، وتمسكنا بموقفنا، فلن نرفض تبعية للحكومة المصرية ونرضاها للأجنبى.
ولكن التعامل مع وسائل الإعلام لتوعية الأمة باستقلال القضاء مهم، فمن عمل القاضى العلانية، فنحن نعقد جلساتنا علانية، ونصدر أحكامنا فى علانية، ونكتب أسبابا للأحكام حتى يفهم الناس لماذا أصدر القاضى حكمه، والإعلام من فروع العلانية، ولكن ينبغى ألا تستهوى القاضى الشهرة أو يحاول إرضاء الجماهير.
وما هى التصرفات محل المراجعة أيضا؟
هناك أمور تتعلق بما جرى فى تلك الفترة، ومنها اعتصام مجموعة من الشباب أمام مقر النادى تضامنا مع اعتصام القضاة بداخله، وقام هؤلاء الشباب بإغلاق الشارع أمام المواصلات، وأطلق عليها منطقة محررة، ورسم صور لرموز النظام حتى تمر عليها السيارات وهذا مرفوض، كما ردد بعض المتظاهرين عبارة «يا قضاة.. يا قضاة.. خلصونا من الطغاة»، فقد حملونا كل الأمور وفوق ما نطيق، وما لا يدخل فى اختصاصنا، فالقضاة مجموعة صغيرة محدودة التأثير ليس فى مقدورها تغيير النظام الحاكم كما أن ذلك يخرج من اختصاصها.
ما رأيكم فى الخطاب الذى أرسله القاضى زكريا عبدالعزيز إبان رئاسته النادى لنحو 4 آلاف قاض يطالبهم بسداد الاشتراك الشهرى، وتضمن الخطاب تذكيرا بمادة من لائحة النادى تنص على فصل من يتأخر فى دفع الاشتراك؟
زكريا عبدالعزيز لم يعرض علينا نص الخطاب، ولو عرضه فكنت سأرفض الإشارة لهذه المادة حتى لا يستثمرها الخصوم رغم صدور التصرف بحسن نية، واتفقنا فقط على إرسال خطاب يستحثهم على دفع الاشتراك.
كما أنه لا ينبغى أن يأتى القول أو الوعد بأكثر من القدرة على الفعل، فعلى سبيل المثال عارضت إصدار قرار من الجمعية العمومية للقضاة بمقاطعة الإشراف القضائى على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، لأنه قرار غير قابل للتطبيق.
وأيضا اندفعنا فى نصح الحكومة، والنصيحة ثقيلة، فقد كانت هناك نصائح بشان قوانين الإرهاب والمحاكم العسكرية والمحاكم الاقتصادية وتعديلات قانونى المرافعات والإجراءات الجنائية.نقلا عن صجيفة الشروق