عندما انتشر فيديو صبحي صالح -عضو جماعة
الإخوان المسلمين- عن الأخ الفلوطة الذي لا يتزوج من الإخوانية التي لا
نعرف "هنشحّتها لمين" -على حد قوله في الفيديو- قررت عدم التعليق على هذا
الكلام الذي استفزني كما استفز الكثيرين؛ ليس لأنني إخوانية بل لأنني ألتمس
لأخي في الإسلام ألف عذر.. فهكذا علّمنا رسولنا الكريم، ولم أحتجْ لأن
أكون من الأخوات كي أتعلم ذلك، وبالفعل قلت لنفسي يمكن تكون زلة لسان "كل
شيء جااااايز".. وعندما شاهدت الفيديو الثاني لصالح الذي قال فيه: "قيل صبحي صالح كذّاب، وسبق وقيل عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه ساحر كذّاب"، وأضاف وهو يوجّه كلامه لمن يناصرونه: "أيّها
الأحبّة لا أضيف لكم جديدا، وسوف يقال لنا ما قيل للنبي من قبل، وسوف نؤذى
كما أُوذي الأنبياء من قبل، وسوف نهاجَم في كل شيء نملكه".. فقلت لن أعطي الموضوع أكثر من حقه وحجمه.. ثم جاء تصريح المرشد العام الذي قال فيه: "صبحي صالح بشر يصيب ويخطئ، وقد أخطأ، لهذا نرجو أن نستفيد مما عند صبحي صالح... ودعونا نترك وراء ظهورنا هذه الضجّة، ونترك السلبيات ونتحدث عما اتفقنا عليه في خدمة مصر".. لا أنكر أن هذا الردّ من المرشد قد شفى غليلي وغليل كل البنات اللي "من على الرصيف"! على حدّ قول صالح.
لكن كان الحدث المؤسف وهو رسالة للدكتور محمد بديع -المرشد العام للإخوان المسلمين- في الذكرى الرابعة والأربعين لنكبة 5 يونيو 1967 يوم الخميس الماضي، التي جاء فيها التالي:"لقد كان الإخوان المسلمون أول من اكتووا بنيران الظلم
والاستبداد؛ فغُيّبوا في السجون والمعتقلات، وتعرّضوا للتعذيب والتنكيل؛
ولكن الله كان للظالم بالمرصاد، فبعد كل تنكيل بالإخوان كان الانتقام
الإلهي شاملا وعامّا، فعقب اعتقالات الإخوان في 54 كانت هزيمة 56، وعقب
اعتقالات 65 للإخوان كانت الهزيمة الساحقة في 67، وفي مصر مبارك تعرّض
الإخوان للاعتقالات والسجن والمحاكمات العسكرية الظالمة؛ فكان سقوط النظام
بأكمله عقب ثورة مصر المباركة في 25 يناير 2011، وتشاء إرادة الله أن يعود
الإخوان ويفتتحوا مقرهم الجديد فوق جبل المقطم، تلك القمة السامقة التي
دُفِن فيها رفات شهدائهم الذين قضوا في السجن الحربي، فأبى الله إلا أن
يرتفع مكانهم في نفس المكان".هل ركّزت معي في قراءة هذا الجزء مما قاله المرشد العام.. أتفق تماما مع
المرشد بأن الله كان للظالم بالمرصاد، والدليل على ذلك حديث النبي صلى
الله عليه وسلم: "اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ"، كما أنالله تعالى يقول للمظلوم: "وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين"، وهذا لا جدال عليه ولا اختلاف فيه.
لكنني لا أتفق معك تماااااما -فضيلة المرشد العام- في أنه"بعد كل تنكيل بالإخوان كان الانتقام الإلهي شاملا وعامّا"، وأنه
"وفي مصر مبارك تعرّض الإخوان للاعتقالات والسجن والمحاكمات العسكرية
الظالمة؛ فكان سقوط النظام بأكمله عقب ثورة مصر المباركة في 25 يناير 2011"..
أريد أن أوضّح لك -سيدي المرشد- أن الثورة قامت على أيدي شباب لا ينتمي
أغلبهم لتيارات سياسية أو دينية، وأن الإخوان في بداية الثورة كانوا
ممتنعين عن النزول، وإحقاقا للحق لا أستطيع إنكار ما فعله الإخوان خلال
الثورة؛ فعندما قرروا المشاركة فيها أدلوا بدلوهم.. لكن عندما استطاعت
الثورة إسقاط النظام كان هذا فضلا من الله تعالى، ثم الشباب المثابر منذ
البداية، ومعهم الإخوان، وليس الإخوان فقط.وهنا يأتي السؤال إلى سيادة المرشد العام.. هل الإخوان
وحدهم في مصر وفي عهد مبارك هم من تعرّضوا للاعتقالات والسجن والمحاكمات
العسكرية الظالمة، لذا جاء الانتقام الإلهي الشامل الكامل -على حد قولك-
بإسقاط النظام؟!وهل الإخوان هم فقط من ظُلِموا على يد النظام البائد؟؟ لماذا لا تتكلم
عن الصورة كاملة، وتذكر كل من له فضل في قيام هذه الثورة من البداية؟ لماذا
لا تتذكر دماء الشهداء التي سالت في ربوع مصر "أيوه الورد اللي فتح في
جناين مصر بدمه الطاهر"؟ لماذا نسيت أو تناسيت كل من اعتُقلوا وماتوا
وقُتِلوا ظلما وقهرا في عهد هذا النظام البائد وتذكرت فقط الإخوان، ولم
تعطِ أي إشارة لغيرهم؟ننتقل للنقطة الثانية التي تحمل سؤالا أود من المرشد تفسيره: "هل عام 56
شهد هزيمة لمصر أم تمّ دحر العدوان الثلاثي على مصر؟؟".. ألم تقل في خطابك
الذي نشره موقع الإخوان المسلمين أن "عقب اعتقالات الإخوان في 54 كانت هزيمة 56"..
ألم تتذكر ما حدث في العدوان الثلاثي الذي صمدت فيه مدينة بورسعيد
الباسلة، والذي كان من أهم نتائجه انسحاب القوات البريطانية والفرنسية
والإسرائيلية الغاشمة في 23 ديسمبر 1956، ولذلك تحتفل محافظة بورسعيد في
ذلك اليوم من كل عام بعيد جلاء قوات العدوان..وإليك -عزيزي القارئ- النقطة الثالثة: "اعتقالات 65 للإخوان أدت إلى الهزيمة الساحقة في 67".. عن
نفسي برغم كل الأسى الذي أكنّه بداخلي عند سماعي وقراءتي عن نكسة 67 فأحمد
الله عليها حمدا كثيرا؛ لأنني أراها السبب الأقوى في نصر أكتوبر الذي
اتّحدت فيه الدول العربية، وانتصرت فيه مصر على إسرائيل، بفضل الحي الذي لا
يموت ثم بفضل جنوده البواسل انتصارا مجيدا..حديثك -فضيلة المرشد الجليل- في رسالتك يُشعرني وكأن مصر يتوقف مصيرها
على الإخوان المسلمين، وكل هزيمة تمر عليها فهي انتقاما للإخوان.. إذا حزن
الإخوان فتحزن مصر كلها.. لماذا كل هذه الشماتة فيما لحق بمصر من هزائم؟
ربط موضوع هزيمة مصر بظلم الإخوان غير مقبول أبدا..
في النهاية.. أنا لا
أتصيد للإخوان أخطاءً، ولكن أريد من فضيلة المرشد التوضيح والتفسير لهذه
الرسالة.. كما أودّ أن أسأله في رسالة مني لفضيلته:
لماذا هُزِم المسلمون في غزوة أحد؟! ولماذا انتصرنا في حرب أكتوبر المجيدة؟! وبم تفسّر الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين؟؟؟