من طرف محمد راضى مسعود الخميس نوفمبر 05, 2009 10:49 pm
الاخ حاتم عبد الله تقبل تحياتى ودائما ماتضع امام اعيننا وتختار موضوعات دسمه تستحق عناء قراءتها والبحث فى محاولة التعليق عليها او المشاركه بمداخله فيها وتعلمون حضراتكم ان نظام الاثبات الجزائي في الاسلام يقوم على الاتثبت دعوى الا بدليل يتبين به الحق ويظهر عملا بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم " لو يعطى الناس بدعواهم لادعى الناس دماء الرجال واموالهم" وفى
جريمة الزنا اشترط لاثباتها اربعة شهود اعمالا لقوله تعالى " واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن اربعة منكم
اضافة الى وجوب توافر شروط خاصة اضافة الى الشروط العامة سالفة الذكروهي:-
1- ان يكون الشهود على حد الزنا اربعة
2- اتحاد المجلس
3- الاستفصال في وصف الزنا
4- تصور الوطء من المشهود عليه بالزنا
5- تعين مكان الزنا وزمانه
6- تعين المزني بها والزاني
وكذا فإن الاقرار فى جريمة الزنا يشترط فيه شروطا خاصة بالاضافة الى الشروط العامة في الاقرار ليكون الاقرار صحيحا وصالحا لبناء الحكم عليه وهي:-
1- ان يصرح المقر بذكر حقيقة الوطء وهو الايلاج
2- ان يكون الاقرار مكررا في اربعة مجالس
3- ان يكون فعل الزنا مقصورا من المقر
4- ان لايكذب الطرف الاخر اقرار المقر
ولقد قرأت موضوعا عن الحكمة فى اشتراط الشهود الاربعه فى هذه الجريمه وها انا انقله اليكم
حكمة شهادة الأربعة في جريمة الزنا:
إن شهادة الأربعة في جريمة الزنا وعقوبة الشهود إذا كانوا أقل من أربعة، واعتبار شهادتهم جريمة قذف وتشهير في حق الأبرياء؛ هو أمر إلهي أخذه المسلمون بالسمع والطاعة على مر القرون، ولكن هل استطاع العقل البشري أن يجد لهذا الأمر من حكمة مناسبة له ويلجم أفواه المرضى والمنافقين العاوين بين الفينة والأخرى بما لا يمكن أن يعده العقلاء من كلام المجانين فضلاً عن أن يكون من أناس ربما لهم شيء من العقل ولكن صدق الله العظيم حيث أخبر في كتابه الكريم: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾ [الأعراف : 179].
لا يملك المرء إلا أن يلحظ إحساس الخوف الذي ينتاب عامة الناس من جرّاء وقع كلمة العقوبات الإسلامية، وما يبدو عليهم من خوف ورهبة من قسوتها المتوهمة، وإذا أحسنا الظن بالكثير فإننا نقول: إن هذا أمر فطري يرافق النفس البشرية لا سيما التي تميل إلى شيء مما يسمى الشخص الرومانسي أو العاطفي وهي حالة ربما تكون شائعة عند الكثير، ولكن لعل البعض من أولئك ربما ينفر من تلك العقوبات لحاجة في نفسه كأن يكون ممن يقومون بتلك الجرائم أو يحرضون عليها وبالتالي فهم أول الناس نفوراًَ وهرباً منها.
ومما لا شك فيه أن روح التشريع الإسلامي لا يمكن أن تقصد إلى إثارة ذلك الإحساس، فكل ما يصدر عن الإسلام لابد أن يكون فيه النفع والأمن والطمأنينة للبشر، مثل هذه الخواطر تمر بالذهن حين يثور الجدل حول قانون العقوبات الإسلامي، وهذا الإحساس بالخوف والرهبة يتجسد خاصة حين يدور البحث في أمر العقوبات التي شرعها الإسلام، والتي تتعلق بالأخطاء والجرائم ذات الصلة بالطبائع البشرية وما جبلت عليه من فطرية عواطفها ونوازعها، وما قد يقع فيه بعض الناس ـ وخاصة الشباب ـ من جريمة الزنا والعلاقات الجنسية غير المشروعة، وما يترتب عن ذلك من عقوبة صارمة قد تكون موتاً على أقسى صوره رجماً بالحجارة.
ولذلك فإنه ليس من المستغرب أن يقلب الإنسان بين وقت وآخر نظره وأن يعمل ذهنه في قضايا هذا القانون، ومن هذه القضايا التي يمكن أن تخطر بالبال وأن تمر بالذهن دون أن تتضح حكمتها، اشتراطُ شهادة أربعة شهود شهادةً صريحة قاطعة لإثبات جريمة الزنا، وذلك في الوقت الذي يكفي لإثبات جريمة القتل والقصاص شهادة اثنين فقط.
فإذا واجه الدارس قضية الفهم السلبي لأمر مهم وخطير كقضية طبيعة العقوبات الإسلامية والغاية منها، فإن الحل لابد أن ينبثق من خلال منهج شمولي إسلامي متكامل، فهذا هو المنهج الذي يمكن أن ينظر بواسطته في قضايا نظام العقوبات الإسلامي وغاياته ومقاصده وحكَمه، دون قهر روح الإنسان وتحطيم ثقته بذاته وفطرته وإشاعة مشاعر الخوف والرعب في ثنايا نفسه، والانتهاء به إلى خضوع العبد المقهور خوفاً ورهبة، لا خيارَ الحر الكريم في إتباع سبل الخير والرشاد.
ولنأخذ لما قلنا مثالاً بسيطاً نتعايش معه ونلمسه ونحس به، فعلى سبيل المثال لا الحصر نأخذ حالة الإنسان وما يحتاجه في حياته من أناس يأنس بهم دون أن يكون لذلك تأثيراً سلبياً كبيراً على مجريات حياته الآنية فنقول: إن الأربعة صحبة تختفي فيها كثير من السلبيات ويتحقق معها كثير من الفوائد، فنحن نجد أنه إذا توثقت العلاقة بين اثنين لأمر ما فسوف يجد الآخران في صحبتهما لأحدهما الآخر تعويضاً ومتنفساً، ولابد أن تنتهي العلاقة بين الأربعة بشكل عام إلى حالة تفاعل اجتماعي وصحبة جماعية شاملة، كما أننا سنجد أيضاً أنه إذا قام نزاع بين أي طرفين من الأطراف الأربعة فإن وجود أطراف أخرى سوف يسهل مهمة فض النزاع وإعادة المياه إلى مجاريها وهذا مصداقاً لقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: « إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس من أجل أن يحزنه»(11), وقوله عليه الصلاة والسلام: «الواحد شيطان والاثنان شيطانان والثلاثة ركب»(12).
إن دلالة جمع الأربعة من الناحية الاجتماعية والنفسية، تلقي ضوءاً جديداً على دلالة اشتراط نصاب الأربعة شهود في حد جريمة الزنا من الناحية النفسية والاجتماعية، حيث أن الدلالة الاجتماعية النفسية لاجتماع الأربعة تضع حداً للتساؤل الذي كثيراً ما كان يخطر بالبال عن حكمة اشتراط أربعة شهود لإثبات جريمة الزنا وإنزال العقوبة بأطرافه، كما أن هذا التحليل يوضح معنى إنزال العقوبة بالشهود إن قل عددهم عن أربعة أولم تكن شهادتهم صريحة قاطعة بما يجعل القصد منها الإشهار والإصرار وإشاعة الفاحشة بين الناس.
حيث أن للعدد أربعة دلالة نفسية واجتماعية كبيرة، فقد وجد أن الأربعة يمثلون الحد الأدنى للتفاعل الاجتماعي الإنساني المتكامل مع كل ما يمكن أن ينشأ عنه من توازن اجتماعي وإشباع للحاجات الإنسانية، ولذلك كان الحد الأدنى لإثبات جريمة الزنا أربعة شهود، يشهدون شهادةً صريحة قاطعة، لأن شهادة الأربعة تعني الإشهار في أربع، أو فعل هذه الفاحشة بمرآى من أربعة أشخاص ومَن أشهر في أربعة فقد أشهر في مجتمع، فالأربعة هو الحد الأدنى لما يمكن أن يسمى مجتمعاً.
وهكذا يتضح من هذا التحليل وما قاد إليه من إدراك لدلالة شهادة الأربعة أن المعيار هو اعتبار أن الفعل قد تم أمام المجتمع جهراً وعلانية، وفي ذلك إشاعة وللفاحشة والفساد، وعدوان على حرية الآخرين وخيارهم، وتعريض لهم ولصغارهم دون خيار منهم لمفاسد المنحرفين، والله سبحانه وتعالى لا يحب الجهر بالسوء.
أما عقوبة الشهود الذين يقل نصابهم عن الأربعة ولو كانت شهادة صريحة قاطعة، فقد اتضح مما تقدم أن حكمتها في أن عقوبة الجلد أو الرجم إنما هي للإشهار وليست للفعل في حد ذاته، وذلك معناه أن الشهود دون الأربعة قد حولوا ما هو زلة أو خطيئة تمت في خفاء ليصبح فضيحة وتشهيراً، وأن ما كان في دائرة الخاص تم إخراجه إلى دائرة العام، ولذلك لا يجب أن تغيب عن أذهاننا دلالةُ اشتراط الشهود الأربعة لإثبات جريمة الزنا لأنه لو كانت عقوبة الجلد أو الرجم للفعل لكفى فيها اثنان، ولكان للقرائن مكانها في إثبات الفعل، ولذلك فلابد من أربعة شهود ولابد أن تكون الشهادات صريحة قاطعة بقصد الإشهار، قال تعالى: ﴿والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون * إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم﴾ النور: [4 ـ 5].
وفي معالجة الرسول صلى الله عليه وسلم النفسية والتربوية في هذا المجال قدوة حسنة، فنحن نجد أنه صلى الله عليه وسلم حين أتاه فتى يافع أجهدته شهوته يستأذنه في الزنا، يلجأ إلى أساليب المعالجة التربوية الفعالة في مدافعة غريزة الفتى وشهواته وتمكين نفسه من ضبط غرائزها والتحكم فيها ولذلك قرب الرسول صلى الله عليه وسلم الفتى إليه في رفق ولم يلجأ إلى نهره أو زجره في هذا الموقف الحرج، بل ولم يتهدده أو يتوعده أو يصب على رأسه مواعظ العذاب والتحريم، بل نجده صلى الله عليه وسلم يخاطب قلب الشاب وكرامته ومكامن الخير في نفسه وطبعه، وذلك حين يذكره بأن كل النساء أمهات وأخوات وخالات وعمات، فإذا كان لا يرضى أن يدنس الناسُ عرضَه، فكيف يرضى لنفسه أن يدنس أعراض الناس وأن يرضى لهم ما لا يرضى لنفسه.
ووجّه الرسول الكريم النصح إلى شباب الأمة بأسلوب عملي لمدافعة الشهوات بالحض على الزواج والإحصان، أو رياضة النفس وعونها على الطاعة والطهر والبعد عن المعصية والفحش فقال: «يا معشر الشباب! مَن استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومَن لم يجد فعليه بالصوم فإنه له وجاء»(13).
وقد قال تعالى: ﴿ وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً﴾ [الإسراء : 32]، وقال تعالى: ﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾ [النور : 30].
ويستفاد مما سبق أيضاً أن الجهر والإشهار والإصرار هي الأمور المقصودة عامة فيما يتعلق بنزوات النفوس والغرائز، مثل الزنا وشرب الخمر وتعاطي المخدرات، ولذلك نجد أن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين اطلع خلسة على شاربي خمر في منزلهم باعتلاء جدار الدار ورأى من أمرهم ما رأى وأراد عقابهم، جادلوه بأنهم كانوا في خاصة وخلوة ولم يجهروا بالسوء، لذلك عدل الخليفة الراشد عن عقابهم وملاحقتهم(14).
وعلى العكس من ذلك فإننا نجد أن العقوبة في الأموال والدماء مقصود بها الفعل لذاته، ولذلك نجد أنه وفق قواعد الشريعة يكفي لإثبات الأموال والدماء شاهدان من العدول، ولا يمكن قياساً على جرائم الغرائز وخطاياها التفريطُ في الدماء والأموال ودرء العقوبات بحجة الخصوصية وعدم الإشهار، بل يكفي في إثبات جرائمها اثنان من الشهود كما يؤخذ بالقرائن في إثباتها حفظاً للحقوق والأموال وحقناً للدماء.
منقول للاهميه