جلسة 10 من نوفمبر سنة 1996
برئاسة السيد المستشار/ طلعت الأكيابى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد جمال الدين وبدر الدين السيد ومحمد شعبان باشا نواب رئيس المحكمة وناجي أحمد عبد العظيم.
(166)
الطعن رقم 48368 لسنة 59 القضائية
(1) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة استئنافية "حقها في تعديل وصف التهمة". استئناف "نظره والحكم فيه".
اتصال محكمة ثاني درجة بالدعوى. مقيد بالوقائع التي طرحت على محكمة أول درجة. حق المحكمة في تعديل وصف التهمة. مشروط بألا يكون من شأنه إحداث تغيير في أساس الدعوى نفسه.
(2) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة استئنافية "حقها في تعديل وصف التهمة". استئناف "نظره والحكم فيه".
عدم جواز معاقبة المتهم عن واقعة غير التي وردت بأمر الإحالة أو طلب التكليف بالحضور.
(3) بناء على أرض زراعية. وصف التهمة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". محكمة الاستئناف. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
تقديم المتهم إلى المحاكمة بتهمة بناء على أرض زراعية بدون ترخيص. توجيه المحكمة الاستئنافية للمتهم تهمة تقسيم أرض للبناء عليها. خطأ في تطبيق القانون. علة ذلك؟
1 - لما كانت المحكمة وإن صح لها ألا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنعها من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي تراه أنه الوصف القانوني السليم، إلا أنه ليس لها أن تحدث تغييراً في أساس الدعوى نفسه بإضافة وقائع جديدة لم ترفع بها الدعوى ولم يتناولها التحقيق أو المرافعة.
2 - من المقرر طبقاً للمادة 307 من قانون الإجراءات الجنائية أنه لا يجوز معاقبة المتهم عن واقعة أخرى غير التي وردت بأمر الإحالة أو طلب التكليف بالحضور وأن محكمة ثاني درجة إنما تتصل بالدعوى مقيدة بالوقائع التي طرحت على المحكمة الجزئية.
3 - لما كانت التهمة التي وجهت إلى الطاعن والتي تمت المرافعة على أساسها أمام محكمة أول درجة قد حددت بالفعل الجنائي المنسوب إليه ارتكابه وهو إقامة بناء على أرض زراعية بدون ترخيص، ولم تقل النيابة أنه أجرى تقسيم أرض بقصد البناء عليها ولم ترفع الدعوى أمام محكمة أول درجة بهذه التهمة، وكانت هذه الجريمة تختلف في عناصرها المكونة لها وأركانها عن جريمة إقامة بناء على أرض زراعية بدون ترخيص وتتميز عنها بذاتية خاصة وسمات معينة، فإنه ما كان يجوز للمحكمة أن توجه إلى الطاعن أمام محكمة ثاني درجة هذه التهمة التي لم تعرض على المحكمة الجزئية والتي لم تفصل فيها لما ينطوي عليه هذا الإجراء من تغيير في أساس الدعوى نفسه بإضافة وقائع جديدة وما يترتب عليه من حرمان المتهم من درجة من درجات التقاضي ولو كان للواقعة أساس من التحقيقات، فإن هذا لتعلقه بالنظام القضائي ودرجاته يعد مخالفاً للأحكام المتعلقة بالنظام العام. لما كان ذلك، وكان قضاء الحكم المطعون فيه في جريمة إنشاء تقسيم أرض زراعية بقصد البناء عليها بدون ترخيص هو قضاء في جريمة لم تتصل بها المحكمة طبقاً للقانون، فإنه يكون باطلاً.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أقام بناء على أرض زراعية بدون ترخيص من الجهة المختصة. وطلبت عقابه بالمادتين 152، 156 من القانون 53 لسنة 1966 المعدل. ومحكمة جنح مركز الخانكة قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً وغرامة عشرة آلاف جنيه والإزالة. استأنف ومحكمة بنها الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس فقط. باعتبار الواقعة إجراء تقسيم أرض للبناء عليها بدون ترخيص.
فطعن الأستاذ/......... المحامي عن الأستاذ/.......... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض........ إلخ.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إنشاء تقسيم أرض زراعية للبناء عليها بدون ترخيص من الجهة المختصة قد شابه البطلان، ذلك بأن الجريمة المذكورة التي دين بها لم تشملها ورقة التكليف بالحضور أمام محكمة أول درجة وهي جريمة تخالف جريمة إقامة بناء على أرض زراعية بدون ترخيص التي رفعت بها الدعوى أصلاً وتتميز عنها بأركان قانونية خاصة، وقد ترتب على ذلك حرمانه من إحدى درجتي التقاضي، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعن بوصف أنه أقام بناء على أرض زراعية بدون ترخيص من الجهة المختصة وطلبت النيابة عقابه بالمادتين 152، 156 من القانون رقم 53 لسنة 1966 المعدل، ومحكمة أول درجة قضت بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وبتغريمه عشرة آلاف جنيه والإزالة. فاستأنف، وأمام المحكمة الاستئنافية - وعلى ما أثبت بمحضر جلسة المحاكمة الاستئنافية - عدلت المحكمة التهمة الموجهة إلى الطاعن إلى جريمة إجراء تقسيم أرض للبناء عليها بدون ترخيص من الجهة المختصة، وانتهى الحكم في أسبابه إلى إدانة الطاعن بهذه الجريمة الأخيرة وأسس قضاءه على قوله: "وحيث إنه عن الموضوع فإن الثابت من الأوراق وما احتوته محاضر الضبط المرفقة ومن تقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن المتهم هو صاحب شركة تقسيم أراضي وارتكب جريمة تقسيم أرض الاتهام إلى عدة قطع صغيرة وقد قام بالتصرف فيها ببيعها لآخرين كشف عنهم تقرير الخبير وكان ذلك بقصد البناء عليها وكانت هذه الواقعة بذاتها هي المطروحة على محكمة الدرجة الأولى والتي انتهت إلى إدانة المتهم بناء على هذه الوقائع وفاتها تعديل في الوصف القانوني للتهمة من جريمة إقامة مباني على أرض زراعية بغير ترخيص إلى تقسيم الأرض الزراعية بغير ترخيص وقد قامت هذه المحكمة بما لها من سلطة مقررة قانوناً بإعطاء الدعوى وصفها الحق إذ أن واجبها هو تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً.. وحيث إن التهمة المطروحة المسندة للمتهم وهي تقسيم أرض زراعية ثابتة قبله ثبوتاً كافياً قد توافرت أركانها القانونية وذلك لما هو ثابت من محاضر المخالفات وتقرير الخبير ومن ثم يتعين معاقبته طبقاً لمواد الاتهام عملاً بنص المادتين 152، 156 من القانون 53 لسنة 1966 المعدل بق 116 لسنة 1983...". لما كان ذلك، وكانت المحكمة وإن صح لها ألا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنعها من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي تراه أنه الوصف القانوني السليم، إلا أنه ليس لها أن تحدث تغييراً في أساس الدعوى نفسه بإضافة وقائع جديدة لم ترفع بها الدعوى ولم يتناولها التحقيق أو المرافعة، وكان من المقرر أيضاً طبقاً للمادة 307 من قانون الإجراءات الجنائية أنه لا يجوز معاقبة المتهم عن واقعة أخرى غير التي وردت بأمر الإحالة أو طلب التكليف بالحضور وأن محكمة ثاني درجة إنما تتصل بالدعوى مقيدة بالوقائع التي طرحت على المحكمة الجزئية، وإذ كانت التهمة التي وجهت إلى الطاعن والتي تمت المرافعة على أساسها أمام محكمة أول درجة قد حددت بالفعل الجنائي المنسوب إليه ارتكابه وهو إقامة بناء على أرض زراعية بدون ترخيص، ولم تقل النيابة أنه أجرى تقسيم أرض بقصد البناء عليها ولم ترفع الدعوى أمام محكمة أول درجة بهذه التهمة، وكانت هذه الجريمة تختلف في عناصرها المكونة لها وأركانها عن جريمة إقامة بناء على أرض زراعية بدون ترخيص وتتميز عنها بذاتية خاصة وسمات معينة، فإنه ما كان يجوز للمحكمة أن توجه إلى الطاعن أمام محكمة ثاني درجة هذه التهمة التي لم تعرض على المحكمة الجزئية والتي لم تفصل فيها لما ينطوي عليه هذا الإجراء من تغيير في أساس الدعوى نفسه بإضافة وقائع جديدة وما يترتب عليه من حرمان المتهم من درجة من درجات التقاضي ولو كان للواقعة أساس من التحقيقات، فإن هذا لتعلقه بالنظام القضائي ودرجاته يعد مخالفاً للأحكام المتعلقة بالنظام العام. لما كان ذلك، وكان قضاء الحكم المطعون فيه في جريمة إنشاء تقسيم أرض زراعية بقصد البناء عليها بدون ترخيص هو قضاء في جريمة لم تتصل بها المحكمة طبقاً للقانون، فإنه يكون باطلاً بما يوجب نقضه والإعادة.