مدى دستورية نص المادة 303 من قانون العقوبات المصري الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937.
الحمد
لله رب العالمين الذي خلق الإنسان وميزه على سائر مخلوقاته بنعمة العقل
ليهتدي به إلى الطريق القويم وهو الإيمان بالله الواحد، وأرسل له الرسل
والأنبياء مبشرين ومنذرين وختم بهم أشرف خلقه محمد صلى الله عليه وسلم لكي
لا يكون للناس من بعدهم حجة في الكفر به وأنزل معه كتاب لا يأتيه الباطل
أبدا، نورا ورحمة للعالمين.
ونصلي ونسلم على الحبيب محمد بن عبد الله النبي الكريم أما بعد،،
فمقاصد هذه الرسالة المحمدية خمسة هي: "حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال".
والذي يهمنا في نطاق هذا البحث هو حفظ النسل.
وحفظ
النسل هي المحافظة على النوع الإنساني وتنشئة أجياله على المحبة والعطف
ليأتلف الناس ووضع نظام قويم يصل بهم لهذه النتيجة فشرع لهم الزواج وأحاطه
بضوابط تمنع العبث به وحرم أي اعتداء على الحياة الزوجية واقتضى المنع
أيضا تحريم الاعتداء على الأعراض سواء كان بفعل الفاحشة أم كان بالقذف.
وقد
عده مؤرخ الشام الإمام الذهبي – رحمه الله – وبحق - من الكبائر لقول رسول
الله صلى الله عليه وسلم "اجتنبوا السبع الموبقات" قالوا: يا رسول الله
وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق،
وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات
الغافلات". متفق عليه.
ولهذا نجد الشرع الحنيف يعاقب على جريمة القذف
بعقوبة الحد، وإنا لنجد أيضا المشرع المصري يعاقب على جريمة القذف كما هو
مقرر بنص المادة 303 من قانون العقوبات.
وما دفعني إلى كتابة هذه السطور أمرين:-
الأول:-
أن الدستور المصري جعل من مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي في
التشريع. ومعنى هذا المبدأ - على حد قول المحكمة الدستورية العليا – أنه
لا يجوز لنص تشريعي صادر بعد العمل بنص المادة الثانية من الدستور الحالي
– بعد تعديلها عام 1980 - أن يناقض الأحكام الشرعية القطعية في ثبوتها
ودلالتها، باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هي التي يكون الاجتهاد فيها
ممتنعاً، لأنها تمثل من الشريعة الإسلامية مبادئها الكلية، وأصولها
الثابتة التي لا تحتمل تأويلاً أو تبديلاً، ومن غير المتصور بالتالي أن
يتغير مفهومها تبعاً لتغير الزمان والمكان، إذ هي عصية على التعديل، ولا
يجوز الخروج عليها، أو الالتواء بها عن معناها.
الثاني:- أن المادة 303 من قانون العقوبات المصري طرأ عليها أكثر من تعديل وكلها بعد نفاذ المادة الثانية من الدستور.
فالسؤال المطروح هل هذه التعديلات هل جاءت موافقة للشريعة الإسلامية أم لا.
ولهذا سنقسم بحثنا إلى مبحثين:
الأول- جريمة القذف وعقوباتها في الشريعة الإسلامية.
الثاني- جريمة القذف وعقوباتها في قانون العقوبات المصري.
المبحث الأول
جريمة القذف وعقوباتها في الشريعة الإسلامية
يعرف الفقهاء جريمة القذف في الشريعة الإسلامية: بأنها اتهام المحصن بالزنا أو نفي نسبه. أما غير ذلك من القذف فيعتبر تعزيرا.
مثال ذلك: أن يقول القاذف للمقذوف يا زاني أو يا زوج الزانية.
وقد حكى الأستاذ الدكتور/ محمد بلتاجي الإجماع على أن قذف الرجل مماثل تماما في الحكم لقذف المرأة.
وقد اشترط الفقهاء في القاذف أن يكون عاقلا بالغا إذ أنهما مدار التكليف بالأحكام الشرعية ولا يشترط فيه أن يكون محصنا أم غير محصن.
وأركان جريمة القذف ثلاثة:-
أ- الرمي بالزنا أو نفي النسب مع تعذر إقامة الدليل على صحة القذف.
ب- إحصان المقذوف.
ج- القصد الجنائي.
أ- الرمي بالزنا أو نفي النسب مع تعذر إقامة الدليل على صحة القذف.
يقع
القذف باللفظ الصريح أما اللفظ الكنائي أو بالتعريض فلا يقع به حد القذف
إلا إذا نوى به القاذف القذف. ولا عبرة بلغة القذف فقد تكون باللغة
العربية أو غيرها من اللغات.
ب- إحصان المقذوف.
المقذوف سواء أكان
رجلا أم امرأة يجب أن يكون عاقلا بالغا مسلما محصنا والإحصان في القذف
يختلف عن الإحصان في الزنا والإحصان في القذف بمعنى العفة، أما في الزنا
فيقصد به أن يكون متزوجا. وهو ما يعبر عنه الفقهاء "أنه يستوي في القذف أن
يكون المقذوف متزوجا أم غير متزوج".
ويفترض في المسلم العفة ما دام لم يثبت في حقه الزنا.
ج-
القصد الجنائي:- يعتبر القصد الجنائي متوافرا في جريمة القذف كلما رمى
القاذف المجني عليه بالزنا أو نفي نسبه وهو يعلم أن ما رماه به غير صحيح،
ويعتبر عالما بعدم صحة القذف إذا عجز القاذف عن إثبات صحة ما قذف به،
ويعتبر العجز عن إثبات صحة القذف قرينة على علمه بكذب القذف إذ كان عليه
أن يكون بيده الدليل – وقت القذف – على صحة ما قذف به.
ويستوي في قيام جريمة القذف أن يتم القذف بين القاذف والمجني عليه فقط، أو يشهد هذا القذف جمع من الناس.
أما عن إثبات جريمة القذف فيجب التفرقة بين القاذف والمقذوف:-
بالنسبة
للمقذوف: فيجوز له إثبات جريمة القذف بشهادة الشهود سواء كانا شاهدين عدول
أو رجل وامرأتان لأن الشرع الحنيف لم يضع قاعدة خاصة لها في نصاب الشهادة
فتكون خاضعة للقواعد العامة، أو بإقرار القاذف بصحة دعوى المقذوف.
فإذا
ما أثبت المقذوف جريمة القذف فإن القاذف إما أن ينكر الجريمة وعليه إثبات
عدم وقوعها بأي عدد من الشهود بشرط أن يكونا شاهدين أو رجل وامرأتان. أو
يعترف بارتكابه إياها ولكن يدعي صحة ما قذف به فعليه الإثبات ونصاب هذا
الإثبات في هذه الحالة هو أربع شهود عدول يشترط في شهادتهم أن تكون واضحة
لا اختلاف فيها ولا شبهة، ولا بد من أن يقول الشهود صراحة أنهم جميعا رأوا
ذكر الزاني في فرج المرأة، فإذا حدث اختلاف بين الشهود في وصف الواقعة أو
تمييز الفاعل أو المفعول بها سقطت شهادتهم ولم يثبت القذف.
?ومتى ثبتت
جريمة القذف وجب حد القاذف ثمانين جلدة لقول الحق تعالى ((وَالَّذِينَ
يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء
فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً
أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (5) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِن
بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)) سورة
النور الآيتان 4، 5.
الثاني- جريمة القذف وعقوباتها في قانون العقوبات المصري.
تنص
المادة 302 من قانون العقوبات المصري على أن:- ((يعد قاذفا كل من أسند
لغيره بواسطة إحدى الطرق المبينة بالمادة 171 من هذا القانون أمورا لو
كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه بالعقوبات المقررة لذلك قانونا أو
أوجبت احتقاره عند أهل وطنه)).
أن جريمة القذف لها ركنان ركن مادي وآخر معنوي. أما عن الركن المادي فيتحقق قي جريمة القذف بتوافر ثلاثة عناصر:-
1- الإسناد. 2- موضوع الإسناد. 3- علانية الإسناد.
1-
الإسناد:- يعرفه جانب من الفقه بأنه تعبير عن فكرة أو معنى فحواه نسبة
واقعة إلى شخص. والتعبير يعني الكشف عما يدور في الذهن كي يعلم به الغير،
فهو وسيلة لنقل الفكر من شخص إلى أخر. وتستوي وسائل التعبير أكانت بالقول
أم بالكتابة أم بمجرد الإشارة. وتستوي أساليب التعبير أكانت نسبة الواقعة
إلى المجني عليه على سبيل اليقين أم على سبيل الشك؛ ويستوي أن ينسب الجاني
إلى المجني عليه باعتبارها من معلوماته الخاصة أو بوصفها رواية ينقلها عن
الغير أو إشاعة يرددها. ولا يحول دون وقوع هذا الإسناد، أن تكون الواقعة
المسندة إلى المجني عليه قد سبق إعلانها من قبل أو سبق نشرها بشرط أن يثبت
قصد الجاني إسناد هذا المعنى السيئ.
2- موضوع الإسناد:-
ينبغي
أن يكون موضوع الإسناد واقعة محددة، وأن يكون من شأن هذه الواقعة إن صحت
عقاب من أسندت إليه أو "احتقاره عند أهل وطنه". ومسألة الاحتقار عند أهل
وطن المجني عليه تقديرية تخضع لتقدير قاضي الموضوع.
واستلزم وقوع
الإسناد عن واقعة محددة هو في الواقع أهم ما يميز جريمة القذف عن جريمة
السب ويسمح بوضع الفواصل بينهما. مثال ذلك ((إسناد شخص إلى موظف عمومي انه
تقاضى مبلغا معينا في مقابل قيامه بعمل من أعمال وظيفته أو إسناده لفتاة
أنها تعاشر رجلا معاشرة غير شرعية.
ولا يلزم أن تكون وقائع القذف معينة
تعيينا تاما، ولا يشترط بصفة خاصة أن يكون إسنادها مقترنا بتحديد الزمان
والمكان الذين وقت فيهما.
3- علانية الإسناد.
يجب أن يكون القذف
بإحدى الصور المنصوص عليها في المادة 171 عقوبات في مكان عام سواء أكان
مكانا عاما بطبيعته أم بالمصادفة، وهذه الصور تتمثل في الآتي:-
أ- قول أو صياح. ب- فعل أو إيماء. 3- كتابة أو رسوم أو صور شمسية أو رموز.
وهذه الصور لم ترد على سبيل الحصر بل وردت على سبيل التمثيل.
الحمد
لله رب العالمين الذي خلق الإنسان وميزه على سائر مخلوقاته بنعمة العقل
ليهتدي به إلى الطريق القويم وهو الإيمان بالله الواحد، وأرسل له الرسل
والأنبياء مبشرين ومنذرين وختم بهم أشرف خلقه محمد صلى الله عليه وسلم لكي
لا يكون للناس من بعدهم حجة في الكفر به وأنزل معه كتاب لا يأتيه الباطل
أبدا، نورا ورحمة للعالمين.
ونصلي ونسلم على الحبيب محمد بن عبد الله النبي الكريم أما بعد،،
فمقاصد هذه الرسالة المحمدية خمسة هي: "حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال".
والذي يهمنا في نطاق هذا البحث هو حفظ النسل.
وحفظ
النسل هي المحافظة على النوع الإنساني وتنشئة أجياله على المحبة والعطف
ليأتلف الناس ووضع نظام قويم يصل بهم لهذه النتيجة فشرع لهم الزواج وأحاطه
بضوابط تمنع العبث به وحرم أي اعتداء على الحياة الزوجية واقتضى المنع
أيضا تحريم الاعتداء على الأعراض سواء كان بفعل الفاحشة أم كان بالقذف.
وقد
عده مؤرخ الشام الإمام الذهبي – رحمه الله – وبحق - من الكبائر لقول رسول
الله صلى الله عليه وسلم "اجتنبوا السبع الموبقات" قالوا: يا رسول الله
وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق،
وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات
الغافلات". متفق عليه.
ولهذا نجد الشرع الحنيف يعاقب على جريمة القذف
بعقوبة الحد، وإنا لنجد أيضا المشرع المصري يعاقب على جريمة القذف كما هو
مقرر بنص المادة 303 من قانون العقوبات.
وما دفعني إلى كتابة هذه السطور أمرين:-
الأول:-
أن الدستور المصري جعل من مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي في
التشريع. ومعنى هذا المبدأ - على حد قول المحكمة الدستورية العليا – أنه
لا يجوز لنص تشريعي صادر بعد العمل بنص المادة الثانية من الدستور الحالي
– بعد تعديلها عام 1980 - أن يناقض الأحكام الشرعية القطعية في ثبوتها
ودلالتها، باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هي التي يكون الاجتهاد فيها
ممتنعاً، لأنها تمثل من الشريعة الإسلامية مبادئها الكلية، وأصولها
الثابتة التي لا تحتمل تأويلاً أو تبديلاً، ومن غير المتصور بالتالي أن
يتغير مفهومها تبعاً لتغير الزمان والمكان، إذ هي عصية على التعديل، ولا
يجوز الخروج عليها، أو الالتواء بها عن معناها.
الثاني:- أن المادة 303 من قانون العقوبات المصري طرأ عليها أكثر من تعديل وكلها بعد نفاذ المادة الثانية من الدستور.
فالسؤال المطروح هل هذه التعديلات هل جاءت موافقة للشريعة الإسلامية أم لا.
ولهذا سنقسم بحثنا إلى مبحثين:
الأول- جريمة القذف وعقوباتها في الشريعة الإسلامية.
الثاني- جريمة القذف وعقوباتها في قانون العقوبات المصري.
المبحث الأول
جريمة القذف وعقوباتها في الشريعة الإسلامية
يعرف الفقهاء جريمة القذف في الشريعة الإسلامية: بأنها اتهام المحصن بالزنا أو نفي نسبه. أما غير ذلك من القذف فيعتبر تعزيرا.
مثال ذلك: أن يقول القاذف للمقذوف يا زاني أو يا زوج الزانية.
وقد حكى الأستاذ الدكتور/ محمد بلتاجي الإجماع على أن قذف الرجل مماثل تماما في الحكم لقذف المرأة.
وقد اشترط الفقهاء في القاذف أن يكون عاقلا بالغا إذ أنهما مدار التكليف بالأحكام الشرعية ولا يشترط فيه أن يكون محصنا أم غير محصن.
وأركان جريمة القذف ثلاثة:-
أ- الرمي بالزنا أو نفي النسب مع تعذر إقامة الدليل على صحة القذف.
ب- إحصان المقذوف.
ج- القصد الجنائي.
أ- الرمي بالزنا أو نفي النسب مع تعذر إقامة الدليل على صحة القذف.
يقع
القذف باللفظ الصريح أما اللفظ الكنائي أو بالتعريض فلا يقع به حد القذف
إلا إذا نوى به القاذف القذف. ولا عبرة بلغة القذف فقد تكون باللغة
العربية أو غيرها من اللغات.
ب- إحصان المقذوف.
المقذوف سواء أكان
رجلا أم امرأة يجب أن يكون عاقلا بالغا مسلما محصنا والإحصان في القذف
يختلف عن الإحصان في الزنا والإحصان في القذف بمعنى العفة، أما في الزنا
فيقصد به أن يكون متزوجا. وهو ما يعبر عنه الفقهاء "أنه يستوي في القذف أن
يكون المقذوف متزوجا أم غير متزوج".
ويفترض في المسلم العفة ما دام لم يثبت في حقه الزنا.
ج-
القصد الجنائي:- يعتبر القصد الجنائي متوافرا في جريمة القذف كلما رمى
القاذف المجني عليه بالزنا أو نفي نسبه وهو يعلم أن ما رماه به غير صحيح،
ويعتبر عالما بعدم صحة القذف إذا عجز القاذف عن إثبات صحة ما قذف به،
ويعتبر العجز عن إثبات صحة القذف قرينة على علمه بكذب القذف إذ كان عليه
أن يكون بيده الدليل – وقت القذف – على صحة ما قذف به.
ويستوي في قيام جريمة القذف أن يتم القذف بين القاذف والمجني عليه فقط، أو يشهد هذا القذف جمع من الناس.
أما عن إثبات جريمة القذف فيجب التفرقة بين القاذف والمقذوف:-
بالنسبة
للمقذوف: فيجوز له إثبات جريمة القذف بشهادة الشهود سواء كانا شاهدين عدول
أو رجل وامرأتان لأن الشرع الحنيف لم يضع قاعدة خاصة لها في نصاب الشهادة
فتكون خاضعة للقواعد العامة، أو بإقرار القاذف بصحة دعوى المقذوف.
فإذا
ما أثبت المقذوف جريمة القذف فإن القاذف إما أن ينكر الجريمة وعليه إثبات
عدم وقوعها بأي عدد من الشهود بشرط أن يكونا شاهدين أو رجل وامرأتان. أو
يعترف بارتكابه إياها ولكن يدعي صحة ما قذف به فعليه الإثبات ونصاب هذا
الإثبات في هذه الحالة هو أربع شهود عدول يشترط في شهادتهم أن تكون واضحة
لا اختلاف فيها ولا شبهة، ولا بد من أن يقول الشهود صراحة أنهم جميعا رأوا
ذكر الزاني في فرج المرأة، فإذا حدث اختلاف بين الشهود في وصف الواقعة أو
تمييز الفاعل أو المفعول بها سقطت شهادتهم ولم يثبت القذف.
?ومتى ثبتت
جريمة القذف وجب حد القاذف ثمانين جلدة لقول الحق تعالى ((وَالَّذِينَ
يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء
فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً
أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (5) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِن
بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)) سورة
النور الآيتان 4، 5.
الثاني- جريمة القذف وعقوباتها في قانون العقوبات المصري.
تنص
المادة 302 من قانون العقوبات المصري على أن:- ((يعد قاذفا كل من أسند
لغيره بواسطة إحدى الطرق المبينة بالمادة 171 من هذا القانون أمورا لو
كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه بالعقوبات المقررة لذلك قانونا أو
أوجبت احتقاره عند أهل وطنه)).
أن جريمة القذف لها ركنان ركن مادي وآخر معنوي. أما عن الركن المادي فيتحقق قي جريمة القذف بتوافر ثلاثة عناصر:-
1- الإسناد. 2- موضوع الإسناد. 3- علانية الإسناد.
1-
الإسناد:- يعرفه جانب من الفقه بأنه تعبير عن فكرة أو معنى فحواه نسبة
واقعة إلى شخص. والتعبير يعني الكشف عما يدور في الذهن كي يعلم به الغير،
فهو وسيلة لنقل الفكر من شخص إلى أخر. وتستوي وسائل التعبير أكانت بالقول
أم بالكتابة أم بمجرد الإشارة. وتستوي أساليب التعبير أكانت نسبة الواقعة
إلى المجني عليه على سبيل اليقين أم على سبيل الشك؛ ويستوي أن ينسب الجاني
إلى المجني عليه باعتبارها من معلوماته الخاصة أو بوصفها رواية ينقلها عن
الغير أو إشاعة يرددها. ولا يحول دون وقوع هذا الإسناد، أن تكون الواقعة
المسندة إلى المجني عليه قد سبق إعلانها من قبل أو سبق نشرها بشرط أن يثبت
قصد الجاني إسناد هذا المعنى السيئ.
2- موضوع الإسناد:-
ينبغي
أن يكون موضوع الإسناد واقعة محددة، وأن يكون من شأن هذه الواقعة إن صحت
عقاب من أسندت إليه أو "احتقاره عند أهل وطنه". ومسألة الاحتقار عند أهل
وطن المجني عليه تقديرية تخضع لتقدير قاضي الموضوع.
واستلزم وقوع
الإسناد عن واقعة محددة هو في الواقع أهم ما يميز جريمة القذف عن جريمة
السب ويسمح بوضع الفواصل بينهما. مثال ذلك ((إسناد شخص إلى موظف عمومي انه
تقاضى مبلغا معينا في مقابل قيامه بعمل من أعمال وظيفته أو إسناده لفتاة
أنها تعاشر رجلا معاشرة غير شرعية.
ولا يلزم أن تكون وقائع القذف معينة
تعيينا تاما، ولا يشترط بصفة خاصة أن يكون إسنادها مقترنا بتحديد الزمان
والمكان الذين وقت فيهما.
3- علانية الإسناد.
يجب أن يكون القذف
بإحدى الصور المنصوص عليها في المادة 171 عقوبات في مكان عام سواء أكان
مكانا عاما بطبيعته أم بالمصادفة، وهذه الصور تتمثل في الآتي:-
أ- قول أو صياح. ب- فعل أو إيماء. 3- كتابة أو رسوم أو صور شمسية أو رموز.
وهذه الصور لم ترد على سبيل الحصر بل وردت على سبيل التمثيل.
ثانيا الركن المعنوي:
يتمثل الركن المعنوي لجريمة
القذف في أن يتجه إرادة القاذف إلى تجريح المقذوف في حقه بأمر موجب للعقاب
والاحتقار عند بني وطنه وانصراف إرادة القاذف إلى إعطاء العلانية لهذا
الإسناد وهو ما يعرف بقصد إذاعة القذف.
فإذا ثبتت جريمة القذف كما هي
معرفة قانونا وجب توقيع العقوبة المقررة بنص المادة 303 من قانون العقوبات
والتي نصت – بعد تعديلها بالقانون رقم (147) لسنة 2006 - على أن:- ((يعاقب
على القذف بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على خمس عشرة ألف
جنيه)).
وصفوة القول بعد هذا العرض الموجز:-
أن نص المادة 303 من
قانون العقوبات بعد التعديلات التي أدخلها المشرع عليه بالقوانين أرقام 93
لسنة 1995، 95 لسنة 1996، 147 لسنة 2006 غير دستورية لأنها لم تتضمن عقوبة
حدية للقذف الواقع على المحصن بالزنا أو نفي نسبه – على النحو المبين سلفا
– بل وضع لها عقوبة تعزيرية سواء كانت حبسا أو غرامة فهي كلها غير دستورية.
لذلك
نقترح على المشرع المصري التدخل لتعديل لنص المادة 303 عقوبات على النحو التالي:-
يعاقب على قذف المسلم البالغ العفيف العاقل بالزنا أو بنفي نسبه بعقوبة الجلد ثمانين جلدة ولا تقبل للقاذف شهادة إلا إذا تاب.
يعاقب على القذف غير الحدي بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على خمس عشرة ألف جنيه.
وإلا كانت هذه النصوص موصومة - من وجهة نظرنا – بعيب عدم الدستورية.
خاتمة
قبل أن ننهي هذا البحث يجب علينا الوقوف لحظة للمقارنة بين جريمة وعقوبة القذف بين الشريعة والقانون:-
1- جريمة القذف في الشريعة لا تقوم إذا كان القذف صحيحا أما في القانون فهو لا يميز بين القول الصحيح والباطل في التجريم.
2-
تقوم جريمة القذف في الشريعة ولو تمت بين القاذف والمجني عليه فقط أما في
القانون فهي لا تقوم إلا إذا كان الإسناد في القذف علنا.
3- عقوبة
القذف في الشريعة حدية لأنها تمس الأعراض أما في القانون فهو لا يعرف هذا
التقسيم فإذا كان القذف يمس الأعراض أم لا فهي تعزيزية أو جنحة في كل
الأحوال.
ويتضح من هذه المقارنة السريعة أن شريعة الله هي الأفضل أولا
لأنها من لدن حكيم عليم خبير بأحوال مخلوقاته. ثانيا: لأن القذف الصحيح
يعتبر صورة من الحسبة فهي تقويم للمخطئ وردع لمن تسول له نفسه في ارتكاب
مثل هذه الجريمة الشنعاء وفي هذا صلاح للأمة والرعية أما في القانون فهو
لا يهتم بمصلحة المجتمع أصلا.
وقبل أن نختتم هذا البحث نود أن نشير إلى
قول الإمام مالك – رحمه الله – كل يؤخذ من كلامه ويرد إلا صاحب هذا القبر
وأشار إلى قبر النبي محمد صلى الله وعليه وسلم فإذا كان هذا عملي صواب فما
توفيقي إلا بالله وإذا كان خطأ فمن نفسي ومن الشيطان. والله ولي التوفيق.
يتمثل الركن المعنوي لجريمة
القذف في أن يتجه إرادة القاذف إلى تجريح المقذوف في حقه بأمر موجب للعقاب
والاحتقار عند بني وطنه وانصراف إرادة القاذف إلى إعطاء العلانية لهذا
الإسناد وهو ما يعرف بقصد إذاعة القذف.
فإذا ثبتت جريمة القذف كما هي
معرفة قانونا وجب توقيع العقوبة المقررة بنص المادة 303 من قانون العقوبات
والتي نصت – بعد تعديلها بالقانون رقم (147) لسنة 2006 - على أن:- ((يعاقب
على القذف بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على خمس عشرة ألف
جنيه)).
وصفوة القول بعد هذا العرض الموجز:-
أن نص المادة 303 من
قانون العقوبات بعد التعديلات التي أدخلها المشرع عليه بالقوانين أرقام 93
لسنة 1995، 95 لسنة 1996، 147 لسنة 2006 غير دستورية لأنها لم تتضمن عقوبة
حدية للقذف الواقع على المحصن بالزنا أو نفي نسبه – على النحو المبين سلفا
– بل وضع لها عقوبة تعزيرية سواء كانت حبسا أو غرامة فهي كلها غير دستورية.
لذلك
نقترح على المشرع المصري التدخل لتعديل لنص المادة 303 عقوبات على النحو التالي:-
يعاقب على قذف المسلم البالغ العفيف العاقل بالزنا أو بنفي نسبه بعقوبة الجلد ثمانين جلدة ولا تقبل للقاذف شهادة إلا إذا تاب.
يعاقب على القذف غير الحدي بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على خمس عشرة ألف جنيه.
وإلا كانت هذه النصوص موصومة - من وجهة نظرنا – بعيب عدم الدستورية.
خاتمة
قبل أن ننهي هذا البحث يجب علينا الوقوف لحظة للمقارنة بين جريمة وعقوبة القذف بين الشريعة والقانون:-
1- جريمة القذف في الشريعة لا تقوم إذا كان القذف صحيحا أما في القانون فهو لا يميز بين القول الصحيح والباطل في التجريم.
2-
تقوم جريمة القذف في الشريعة ولو تمت بين القاذف والمجني عليه فقط أما في
القانون فهي لا تقوم إلا إذا كان الإسناد في القذف علنا.
3- عقوبة
القذف في الشريعة حدية لأنها تمس الأعراض أما في القانون فهو لا يعرف هذا
التقسيم فإذا كان القذف يمس الأعراض أم لا فهي تعزيزية أو جنحة في كل
الأحوال.
ويتضح من هذه المقارنة السريعة أن شريعة الله هي الأفضل أولا
لأنها من لدن حكيم عليم خبير بأحوال مخلوقاته. ثانيا: لأن القذف الصحيح
يعتبر صورة من الحسبة فهي تقويم للمخطئ وردع لمن تسول له نفسه في ارتكاب
مثل هذه الجريمة الشنعاء وفي هذا صلاح للأمة والرعية أما في القانون فهو
لا يهتم بمصلحة المجتمع أصلا.
وقبل أن نختتم هذا البحث نود أن نشير إلى
قول الإمام مالك – رحمه الله – كل يؤخذ من كلامه ويرد إلا صاحب هذا القبر
وأشار إلى قبر النبي محمد صلى الله وعليه وسلم فإذا كان هذا عملي صواب فما
توفيقي إلا بالله وإذا كان خطأ فمن نفسي ومن الشيطان. والله ولي التوفيق.