روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

2 مشترك

    حكاية الرجل الذي " فكت رقبته من على حبل المشنقة"..........

    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    حكاية  الرجل الذي " فكت رقبته من على  حبل المشنقة".......... Empty حكاية الرجل الذي " فكت رقبته من على حبل المشنقة"..........

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الخميس ديسمبر 03, 2009 1:14 pm

    عبارة اعرف بانها تقال لوصف الاعمال شبه المستحيلة " يفك المشنوق من على حبل المشنقة" ، الى ان سمعت عن "حسين" بالصدفة الرجل الذي كان يفصله عن حبل المشنقة ايام وربما ساعات ليخدمه الحظ وتتحقق العدالة باطلاق سراحه وعودته الى اهله وخطيبته.

    التقيته في مكتب المحامي بعد عشرة أيام من إسقاط حكم الإعدام بحقه و كتابة عمر جديد له.



    كان يجلس بهدوء، مبتسماً ولا زال غير مصدق ، و قال لي :"خرجت من السجن وأنا أتلفت خلفي ظناً مني أن الشرطة ستعيدني إلى السجن و تنفذ حكم الإعدام".

    حسين ابن الواحد و العشرين عاماُ حينها ، تورط مدفوعاً بطيش الشباب و "الفتوّنة" في عملية سلب نقود مع عدد من الشباب لمساعدة صديقهم، انتهت بقتل الشخص الذي بحوزته المال من قبل أحد الشباب ، وصدر الحكم بالإعدام على حسين و رفاقه.



    حكم الإعدام الذي "صعق" حسين كما أخبرني ، وتركه شارداً، عاجزاً عن الكلام حتى أنه أخبر أهله و أصدقاءه طالباً منهم الابتعاد و عدم مكالمته و أن لا "يتعبوا أنفسهم بالروحة و الجية".

    و بأفكار مشتتة أخذ حسين يخبرني عن السجن و انتظاره لتنفيذ الحكم و كيف أنه سأل عن طريقة أخذه لتنفيذ الحكم ، هل سيخبرونه أن موعد التنفيذ الآن؟ هل سيتمكن من توديع أهله؟ وأجاب عن الكثير من الأسئلة التي وجهتها له لدى لقائنا ...



    حسين ، كنت مدفوعاً بـ "الفتوَّنة" لحظتها كما اخبرتني ، هل استمر هذا الإحساس عندك عند بدء عملية السلب؟

    لا ، شعور الندم تملكني من اللحظة الأولى من محاولة السرقة ، عندما بدأنا العملية شعرت أن كل الموقف "غلط" و أنني أريد العودة إلى المنزل، لم أستطع التحرك و لم آخذ الموضوع بجدية أبداً فقد كنت في حال ذهول غريب و شعور قوي بأن الموضوع كله "غلط بغلط" ، و سألت نفسي لماذا أنا هنا ؟ لكنني كنت غير قادر على التراجع لأنني "سأعيّر" بهذا الموقف كل عمري.



    ما الذي تغير بحسين منذ تلك اللحظة حتى الآن؟

    ارتسمت على وجهه ابتسامة حزينة وقال" بلحظة واحدة تتغير حياة الشخص كلها " يصمت قليلاً و يتابع : أنا غير قادر على الثقة بأحد بعد الآن، حتى أخوتي ،مع إني أخاف عليهم كثيراً و أحبهم جداً ، صحيح إني أصغرهم لكن تجربتي قاسية جداً و علمتني الكثير، وأنا قررت أن أكون جدياً في حياتي كلها فلا أريد أن أمزح و لا أن أضحك ، الجدية أفضل شيء .



    بالعودة إلى الحادثة ، كيف بدأت تلك الليلة التي كانت وراء هذه التجربة الاليمة التي مررت بها؟

    كان ذلك في اليوم الاخير من العام 2002 ، وكنت جالسأ مع أهلي كالعادة ، مرَّ صديقي (ح) لمنزلي و اصطحبني في مشوار صغير بالسيارة، و من ثم عرض (ح) فكرة سلب المال مع بعض الأصدقاء لمساعدة أهله الذين كانوا يمرون بأزمة مالية و ديون و ما شابه، و أنا وافقت لأنه صديق عمري .. بصراحة لم يكن لدي الوعي الجيد، و خبرتي قليلة لأني كنت صغيراً.



    صمت حسين قليلاً قاطباً حاجبيه ثم وضع يده على جبينه ليخفي الدمعة المتعلقة في طرف عينه ثم نظر إليَّ و قال :" لم أستفق من ذهولي إلا لدى سماعي الطلق الناري و رؤية الرجل مصاباً، بكيت و صرخت "ليش قتلته؟ ما اتفاقنا هيك ؟ خلينا نسعفه" بنفس الوقت أخذ (ع) كيس المصاري و أمرني بالصمت و الكف عن البكاء ، لكني لم أكن بوعي و بدأت أضرب حالي و ألعن حالي و اللحظة يلي وافقت فيها على سلب المال، هذا الشي جعل (ع) يغضب بشدة بدأ بضربي و دفعني إلى داخل السيارة و هو يشتمني.

    ساد السكون لبرهة و تابع :"و في الطريق بكيت أكثر و صرخت و أردت النزول من السيارة ، لكني لم اكن أحمل و لا ليرة في جيبتي لأني خرجت من المنزل بالبيجاما عأساس مشوار صغير و راجعين فطلبت منه أجرة الطريق و قلت لهم ما عاد يحكوا معي و ينسوني"



    وعدت إلى المنزل بعد الحادثة ؟

    نعم



    و كيف كانت حالتك عندها ، هل تمكنت من النوم و الأكل و الضحك بشكل طبيعي؟

    لم أنم يومها ، و صورة الحادث و الرجل الذي ليس له ذنب لم يفارق مخيلتي ، و زاد من قلقلي و خوفي تهديد أصدقائي لي بأن يلبسوني الموضوع كله في حال تفوهت بأي كلمة عن الحادث.



    أفراد أسرتك و عائلتك ، هل انتبهوا إلى تغير ما في لونك أو تصرفاتك أو قلق ظاهر على وجهك؟

    لم ينتبهوا ، أساساً لم يكن هناك وقت، ففي اليوم التالي جاءت الشرطة و ألقت القبض علينا.



    عندما عرفت الشرطة و جاءت للقبض عليك ، كيف كانت ردة فعلك و ردة فعل أهلك و خاصة أمك ؟

    بصراحة كنت أنتظر قدومهم لأني أعرف أن ما فعلناه جريمة فظيعة و يجب أن نعاقب عليها ، أما أهلي و خاصة أمي فهم لم يصدقوا التهمة و لا أن لي علاقة بالحادثة كلها فأنا معروف بأني شخص بلا مشاكل ولا أزعج أحداً.



    ما هي العقوبة التي توقعت أن تحكم بها ؟

    توقعت السجن ثلاث سنوات لكنني صدمت عندما سمعت الحكم بالإعدام ، أنا أستحق العقوبة بالسجن ربما ثلاث أو أربع أو خمس سنوات، لكن إعدام لا .... و عندما سمعت الحكم شعرت بضياع كبير و رحت أتذكر تفاصيل ذاك اليوم و أتذكر نيتي الصادقة بمساعدة صديقي و سرق المال فقط ، ربما تستغربين قولي نيتي الصادقة، لكني فعلاً كنت أريد مساعدته، فهو صديقي منذ أكثر من عشر سنوات، و لم أفكر بأي شيء آخر



    و كان الحكم بالإعدام ....

    نعم ،لم أعرف النوم منذ سماعي للحكم فقد صعقني الحكم ، بقيت مذهولاً غير مصدق للحكم ، و رحت أسأل عن الطريقة التي يأخذوننا بها إلى تنفيذ الحكم ، و يا هل ترى هل سيخبروننا أننا في طريقنا للإعدام ؟ هل ستكون لي الفرصة الأخيرة للقول إني و اللهي لم أقتل أحداً و لم أشترك في مثل هذا الفعل ؟ هل سيصدقني أحد؟ و إن صدقني أحد فقد فات الأوان ...



    هل عشت تلك الحالة التي تراودك فيها أحلام حبل المشنقة و لحظة تنفيذ الحكم؟

    خفت كثيراً و أصبح النوم صعباً ، خاصة و أنا أشعر من الداخل بأني مظلوم ، كنت أشعر بالقهر ، لكني لم أحلم في ساعات نومي القليلة بحبل المشنقة، لكني كنت أفكر دائماً في تلك اللحظة القادمة لا محال .



    إلى من اشتقت في تلك المرحلة، من استحوذ على تفكيرك في تلك اللحظات الأخيرة إن جاز لي تسميتها بذلك؟

    اشتقت لأمي كثيراُ ، و اشتقت لخطيبتي أكثر و أكثر .



    هل انتظرتك خطيبتك كل تلك المدة؟

    نعم انتظرتني كل هذا الوقت لكني لم أسمح لها بزيارتي أبداً و تواصلنا فقط عن طريق الاتصالات الهاتفية ، هي واثقة إني لم أقتل أحد و تحبني كثيراً .



    كيف فكرت بإعادة عرض قضيتك على محام آخر؟

    لي صديقي في السجن الذي حدثته عن كافة التفاصيل الصغيرة و هو الذي أعطاني أسم المحامي و قال لي بأنه لدي الأمل كوني مظلوم بحكم الإعدام، فأعطيت أمي العنوان التي توجهت إلى مكتب المحامي بسرعة كون موعد حكم الإعدام كان قريباً جداً.

    و استلم المحامي قضيتك و كان هناك العديد من اللقاءات و الاتصالات بينكما ، هل كان هذا مدعاة للراحة لديك كونه يحمل لك الأمل بتغيير الحكم ؟

    بصراحة كنت فاقداً الأمل و لم أصدق إمكانية تغيير الحكم رغم زيارات المحامي و اتصالاته العديدة ، كنت أشعر أنه يقوم بمواساتي و تخفيف ألمي .



    و متى بدأت بالتصديق؟

    عندما حددوا موعد إعادة المحكمة بدأت بتصديق إمكانية تغيير الحكم، لكني عندما علمت أن القاضي المسؤول في إعادة المحكمة هو ذاته الذي أعطاني الحكم بالإعدام سابقاً فقدت الأمل، فأنا كنت أثق بالمحامي لكني لم أكن على ثقة بالقاضي أبداً و لم أكن أحبه .



    وأعيدت المحاكمة ، فما كان الحكم ؟

    لقد حكمني بالسجن خمس سنوات ، و أسقط حكم الإعدام ، و بما أن فترة العقوبة قد تم قضائها في السجن فبإمكاني الذهاب و النوم في منزلي...

    صرخت و بكيت و عانقت المحامي و عانقت الشرطي و غبت عن الوعي... و لا أعلم ما فعلت أيضاَ، لكني كنت خائفاً ، كنت غير مصدق ، و كل لحظة كنت أظن أنهم سيعيدوني مرة أخرى إلى السجن!



    هل تغيرت نظرتك للقاضي عندها؟

    ( يضحك بخجل ) أحبه كثيراً ، فقد أعطاني العقوبة التي أستحق و لم يظلمني.



    أصدقائك بالسجن هل فرحوا للحكم ؟

    جداً و أقاموا لي حفلاً كبيراً كتوديعة ، فقط (ع) لم يفرح لي أبداً.



    أكانت تخطر ببالك لحظة تتمكن فيها من مغادرة السجن و الابتعاد عنه ؟

    لا أبداً ، حتى إني عندما كنت أقوم بضبضبة أشيائي كنت أظن أنه في أي لحظة سيقترب من الشرطي و يخبرني عن إلغاء الحكم ، و حتى و بعد خروجي من السجن كنت أتلفت للوراء للتأكد من أن الشرطة لا تتعقبني لتعيدني إلى السجن و تنفذ الحكم بالإعدام.



    صدر الحكم و عدت إلى المنزل و أهلك سعداء بعودتك للغاية ، ألم تشعر أنه في الوقت الذي مر تغيرت الكثير من الأمور؟

    كثير من الأمور تغيرت ، الكبير كبر أكثر ، و الصغير صار كبير، الكثير من الأشخاص تزوجوا و أنجبوا أو زوجوا أولادهم ، الحياة ماشية ، أمي باتت أكبر من الهم ...

    هل عادت حياتك إلى طبيعتها كما كانت من قبل؟

    من الصعب أن ترجع كما كانت ، أنا تغيرت ، لا أنام ، صورة الرجل الذي قُتل لا تفارق خيالي ، أقرأ له الفاتحة كلما تذكرته ، و أتمنى أن ألتقي أطفاله و أواسيهم فوالله أنا حزين و أريد التكفير عن ذنبي .





    المحامي نزيه المعلوف : حسين كان فاقدا الامل حتى اللحظة الاخيرة

    وللوقوف أمام المراحل القانونية التي مرت بها قضية حسين حدثنا المحامي نزيه معلوف ( قاض سابق ) الذي استلم قضيته في مرحلة "حرجة للغاية" بمشاركة المحامية سماح عرابي و قال:"عندما استلمت القضية كان الوقت ضيق جداً ، حسين كان قاب قوسين أو أدنى من حبل المشنقة ، فالحكم كان قيد التنفيذ " و شعرت حينها بثقل تنفس حسين، بينما تابع المحامي معلوف كلامه:

    "الخطوة الأولى التي قمنا بها هي إيقاف تنفيذ قرار القاضي بالإعدام، و عندها تمكنا من تنفس الصعداء و تابعنا خطوات إبطال القرار، خاصة أمام قناعتنا أن موكلي حسين لم يحصل في السابق على الدفوع المناسبة لقضيته"



    وأوضح المحامي كيف أن "حسين لم تكن لديه النية بالقتل أو حتى الاشتراك فيه فهو بكى لما قُتِل الرجل أمامه، و طلب أجرة الطريق ليعود إلى منزله، و بدأ يضرب نفسه ألماً على المغدور لاعناً أصدقائه و المصاري"

    وأخذ المحامي يقلب بين أوراق مصنف سميك علمت فيما بعد أنه ملف قضية حسين و هو يخبرني عن المراحل التي تلت إصدار محكمة النقض قرار أن حسين لم تكن لديه النية في القتل أو حتى الاشتراك فيه و من ثم قرار إعادة محاكمة حسين للمرة الثانية .



    واردف المعلوف :" تخيلي في ذلك الوقت كان حسين رغم كل تلك الخطوات نحو تغيير الحكم ، و الزيارات و الاتصالات التي بيننا لأطمئنه ، بقي فاقداً الأمل، مقتنعاً بأنه لا شيء سيتغير!"

    وبينما كان المحامي يتكلم بسعادة وحماس عن القضية ، لم يتوقف موبايل حسين عن الرنين، و المتصلون هم أمه ، أخواته و خطيبته.



    وأخبرني المحامي معلوف عن الكلمات الأخيرة التي كلّم بها موكله حسين من وراء القضبان قبل النطق بالحكم :"طلبت لك خمس سنوات فأجابني حسين بقلق و خوف "إنه شخص يحكم بقسوة" ، فقلت له إني واثق منه و من حكمه فلا تخاف، وعندما نطق القاضي بحكم تجريم حسين بالسلب و عقوبته خمس سنوات أعمال شاقة و بما أن فترة العقوبة قضيت في السجن فالحكم بإخلاء السبيل"



    ووصف معلوف في نهاية لقائنا القضية بانها "من أصعب القضايا التي استلمتها و أكثرها دقة"



    حسين الذي يبلغ من العمر 28 عاماً اليوم ، وبعد ان قضى اكثر من ستة سنوات في السجن ، عاد إلى منزله و مرت أيام عديدة و هو غير قادر على النوم ، تستيقظ أمه ليلاً عدة مرات لتتأكد من عودة ابنها إليها فتجده مستيقظاً في سريره فتعانقه و تدعوه للنوم .

    يتملك حسين شعور الندم حتى الآن و كلماته الأخيرة لي كانت :"أشعر بدين القتيل في رقبتي و أترحم عليه كل لحظة و أقرأ الفاتحة على روحه فأنا لا أستطيع أن أنساه".





    لارا علي - سيريانيوز
    محمد محمود
    محمد محمود
    مشرف قسم أول
    مشرف قسم أول


    عدد المساهمات : 217
    نقاط : 471
    السٌّمعَة : 9
    تاريخ التسجيل : 03/02/2010
    العمل/الترفيه : محامى

    حكاية  الرجل الذي " فكت رقبته من على  حبل المشنقة".......... Empty رد: حكاية الرجل الذي " فكت رقبته من على حبل المشنقة"..........

    مُساهمة من طرف محمد محمود الثلاثاء يوليو 27, 2010 6:44 am

    قصه رائعة ومعبرة

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 10:42 pm