ومنذ سقوط مبارك ومعركة لوبي أمريكا وطابورها في مصر لم تتوقف لانتزاع قيادة الثورة. استغلوا حالة الغضب في التحريض على الفوضى، سعوا بكل الوسائل لفرض حكومة منهم دون الرجوع للشعب، حتى فوجئنا بمحاولة تنصيب البرادعي من قلة اعتصمت بميدان التحرير، ليكون رئيسا لما يسمى بحكومة الإنقاذ الوطني، وتكرر نفس النهج في اعتصام مجموعة من شباب 6 أبريل بشارع مجلس الوزراء وطالبوا بتنصيب البرادعي أيضا، دون احترام للإرداة الشعبية والصندوق الانتخابي.
لكن التطور الذي حدث خلال الأسبوع الماضي، هو تفجر العنف في ميدان التحرير ومحاولة إدخال البلاد في دوامة وحلقة مغلقة من الفعل ورد الفعل، والذي تنتج عنه كوارث تدمي الضمير الوطني.
لا يجب أن ننشغل بالنتائج ونغرق في تفاصيلها رغم أهميتها، وإنما علينا أن نبحث فيما وراء الصورة لنعرف ملامح المخطط المعادي لنواجه التحديات بكفاءة.
المؤامرة التي نواجهها الآن واضحة، ومعلنة، إنها محاولة من المخابرات الأمريكية للسطو على الثورة، وتنصيب البرادعي حتى ولو بالتخريب، ومنع مصر من بناء نظامها السياسي عبر الصندوق الانتخابي، وتفويض الملياردير اليهودي جورج سوروس للقيام بالمهمة.
نعم جورج سوروس الذي يعمل معه البرادعي - في مجموعة إدارة الأزمات الدولية- ويدافع عنه ويزعم أنه رجل عظيم.
من هو؟ جورج سوروس ، ملياردير يهودي أمريكي، احترف المضاربة في البورصات العالمية، وأدمن الاستيلاء على المليارات من الشعوب والدول بأساليب خادعة وحيل متنوعة، كادت أن تسقط حكومات.
في عام 1992 أتهم بالمضاربة على الإسترليني في بريطانيا وكسب من وراء هذه العملية أكثر من مليار دولار. وفي التسعينات كان وراء أزمة النمور الآسيوية، وتسبب في خسائر بالمليارات وهرب هو بمليارات.
الغريب أن سوروس الذي احترف السطو على البورصات وتخريب العملات، تحول فجأة إلى متعهد لإسقاط حكومات العالم، والمشاركة بشكل عملي في تشكيل ما سمي بـ"النظام العالمي الجديد".
أنشأ سوروس منظمة "المجتمع المفتوح" التي لها فروع في معظم دول العالم للاتصال المباشر وإدارة الشبكات التي تم تجنيدها، والعمل على استقطاب المزيد.
لم يكتف سوروس بذلك وإنما يمول ما يسمى بـ "الصندوق الوطني للديمقراطية" الذي يمول أنشطة تجنيد الشباب في 90 بلدا.
ويمول سوروس أيضا "مجموعة الأزمات الدولية" وهي مجموعة يهودية تضم يهود أمريكا وأوروبا، بل وإسرائيل، وهي أخطر مؤسسة تعمل الآن لتفكيك الدول العربية، وهذه المؤسسة هي التي قادت الحملة لفصل جنوب السودان، وهي التي بدأت الحملة لفصل دار فور، وتعمل الآن لإثارة النعرات القبلية في شمال السودان، وتسعى لتقسيم اليمن، والعراق.
وهناك أيضا منظمة باسمه "مؤسسة سوروس" تعمل في معظم دول العالم، ومعلومات أخرى معلنة عن وجود 20 مؤسسة تابعة لسوروس تعمل في جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق، و30 فرعا في دول أخرى.
ما سبق يؤكد أننا أمام إمكانيات دولة، وليس مجرد ثري يملك المليارات.
سوروس ليس من مؤيدي بوش وإنما يساند الديمقراطيين، ومع هذا فهو شريك ديك تشيني في شركة هاليبرتون التي كسبت المليارات من غزو العراق.
تزايدت أهمية جورج سوروس وما يطرحه من صناعة حكومات عميلة بدون حرب وتدخل عسكري، مع الانتكاسات العسكرية للجيش الأمريكي في العراق وفي أفغانستان، واستمرار الخسائر العسكرية الفادحة للقوات الأمريكية، وحالة الانهيار الاقتصادي الناتجة عن الحرب.
وقف سوروس خلف المعارضة التي أطاحت بالرئيس الصربي سلوبودان ميلوسيفتش، فواصل الكرة مع المعارضة في روسيا وجورجيا وأوكرانيا وفنزويلا، وأنفق الملايين على أحزاب وجماعات تعمل لصالح أمريكا.
سوروس ويهود آخرون ينفقون على أخطر مركز يقوم بتدريب المجموعات الشبابية وإعدادها لتنفيذ مخطط أمركة الدول العربية وهو مركز "كانفاس" الموجود في صربيا. هذا المركز الذي تخرجت منه المجموعة التي فجرت الأحداث الأخيرة في شارع مجلس الوزراء وهي التي نظمت محاولة اقتحام وزارة الدفاع أكثر من مرة، ثم وزارة الداخلية في معركة محمد محمود. وخريجو "كانفاس" سيواصلون افتعال الأزمات لإدخال مصر في الفوضى الخلاقة التي تنبأت بها كونداليزا رايس.
قد يتعجب البعض ويتساءل عن قوة مؤسسات سوروس وكيف وصلت إلى هذه الدرجة من التأثير في مصر. وكيف أن اسم سوروس صعد فجأة؟
بالتأكيد فإن هذا التأثير لم يكن عمل يوم وليلة وإنما حصاد جهد سنوات ودراسة واختبارات، ويمكن تلخيص ما قامت به مؤسسات جورج سوروس كالتالي:
تجنيد مجموعات شبابية وتدريبهم
خلال السنوات الأخيرة بدأت المنظمات التي يقودها جورج سوروس، في توسيع عمليات التجنيد وتشكيل المجموعات الشبابية، بوسائل وطرق شتى.
تم تنفيذ تشكيلة واسعة من برامج التدريب والمؤتمرات وورش العمل للشباب، الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و25 عاما، داخل البلدان المستهدفة وانتقاء العناصر التي أثبتت القابلية للتعاون والمستعدة للسير وفقا للأجندة، والتوجيه الدائم، وتسفيرها للخارج للمشاركة في مؤتمرات وورش عمل في أمريكا والدول الأوروبية.
بعد عمليات التدريب وانتقاء العناصر التي تم ترويضها، يتم تأسيس مراكز للعناصر المدربة على أنها منظمات تابعة للمجتمع المدني، وخلال سنوات قليلة تم تأسيس شبكة واسعة من المنتفعين والمستفيدين من مؤسسات سوروس.
ومع الوقت أصبح الطريق لتأسيس مركز أو جمعية ممولة من شبكات جورج سوروس وغيرها من الخاضعة للنفوذ الأمريكي، لا يتطلب سوى ورقة يضع فيها الشخص بياناته ورقم تليفونه.
استهدف جورج سوروس الكثير من اليساريين السابقين وأغدق عليهم بالأموال، بل يتم تأسيس المراكز للأعضاء وزوجاتهم أيضا.
لقد تكاثرت هذه المراكز الممولة كالفطر وتتحرك بشكل جماعي وفقا لتوجهات محددة، وكلها تقريبا ترفض الهوية الإسلامية وفي نفس الوقت تدافع كلها عن مواثيق الأمم المتحدة.
قامت هذه المراكز باستقطاب المزيد من الشباب وتوريدهم للمتعهدين لانتقاء الملائم منهم.
كانت المواصفات المطلوبة في العناصر التي يتم تصعيدها أن لا يكون له انتماءات دينية، ولهذا كان التركيز على بقايا اليسار.
التأهيل ورفع الكفاءة التقنية
تقوم هذه المؤسسات بعقد مؤتمرات وورش عمل للتدريب على استخدام وسائل الإعلام الحديثة، خاصة الانترنت ورفع كفائتهم في استخدام الشبكة في التواصل وتنسيق التحركات وشن الحملات الإعلامية والتوسع في كسب الأنصار.
صناعة قيادات وزعامات جديدة
كان التركيز الدائم لشبكات جورج سوروس على صناعة قيادات شبابية من خلال وسائل الإعلام الممولة خارجيا، وتلميع العناصر التي لها مواقف واضحة ضد الإسلام، وتقديمها للمجتمع كرموز مدافعة عن الحرية ومطالبة بالديمقراطية.
السيطرة على الإعلام
تمت أمركة الإعلام من خلال ضخ ملايين الدولارات لإصدار صحف وفضائيات، وتشكيل طابور من الإعلاميين المستعدين لتنفيذ الأجندة الأمريكية، والإغداق عليهم بمرتبات خيالية.
وهذه الوسائل الإعلامية هي رأس الحربة في المخطط الأمريكي، حيث تلعب أدواراً عديدة تخدم المكر المعد سلفاً، فهي التي تقوم بصناعة الزعامات الزائفة وتفرض علينا نوعيات من البشر على أنهم قادة الرأي والفكر، ومن الناحية الأخرى تقود هذه الوسائل حملة تشويه للخصوم وللإسلام والتخويف منه، ولأن مواجهة الإسلام كدين في مجتمع متدين قد يقلب الدنيا عليهم، فإن خطتهم هي شيطنة الشخصيات والقيادات الإسلامية، وإثارة قضايا مسيئة لتعويد الناس على الاستهزاء بالإسلام.
والتمويل هنا قد يكون مباشراً، وهو ما أثار الجدل مؤخرا حول مصدر هذه الملايين التي تمول صحفاً وفضائيات، وقد يكون التمويل غير مباشر عن طريق رجال أعمال يدورون في الفلك الأمريكي لصحف بعينها ولصحفيين وإعلاميين يخدمون مخطط جورج سوروس.
السيطرة على الشارع
الثمرة التي تنتظرها المخابرات المركزية الأمريكية، هي تشكيل حكومة من الشخصيات المرتبطة بالمشروع الأمريكي، وهذا الأمر لن يتحقق إلا بالسيطرة على الشارع والقدرة على تنظيم المظاهرات، وتوجيهها، ولهذا يتم تمويل أحزاب وائتلافات لتشكيل امتدادات شعبية تساهم في تفعيل أي تحرك.
شعار تلاميذ سوروس
ما فعله سوروس ليس تشجيعاً للديمقراطية كما يدعي، بل نجاح في تأسيس طوابير من الشباب تخدم أمريكا، لا يدافعون عن قضاياهم المحلية، ولا يرفعون علم بلادهمـ وإنما يرفعون شعار سوروس وكأنهم أعضاء في حلف عسكري دولي.
تلاميذ سوروس في كل بلدان العالم والذين يأخذون منه المال يرفعون شعار "قبضة اليد".
وبمراجعة شعارات حركات المعارضة في صربيا، وجورجيا وروسيا وفنزويلا سنكتشف أنها جميعها ترفع شعار "قبضة اليد".
في مصر نشاهد هذا الشعار مرفوعاً من بعض المشاركين في ميدان التحرير، وفي المغرب تستخدم حركة 19 فبراير "قبضة اليد" شعارا لها، وفي البحرين استخدمت حركة 14 فبراير ذات الشعار.
وفي تصريحات للمدير التنفيذي لمعهد سوروس في صربيا قال إن شعارنا " القبضة" مرفوع الآن في 12 دولة.
هذا الجيش الذي ينفق عليه سوروس يستخدمه لوقف المسار الانتخابي، الذي سيأتي بالإسلاميين وقوى شعبية بعيدة عن النفوذ الأمريكي، ويستخدمهم كأدوات لهدم الدولة واستخدام الإعلام الممول لمساندتهم، وإكمال مهمتهم.
ولذلك هم ضد الانتخابات، وهم يرفضون الحكم العسكري والمدني أيضا، إنهم فوضويون، ليس لهم برنامج للبناء ولا يعرفون غير الهدم.
ما ذكرناه مجرد معلومات سريعة للفت الانتباه إلى ما يدبره الآخرون حتى نكون على بينة، ونتحسس موضع الأقدام. وعلى من يريد معرفة المزيد عليه أن يبحث في جوجل ليكتشف كمًّا هائلاً من المعلومات تفيد في معرفة المكر المعادي، وهذه المعرفة ضرورية لتفويت الفرصة على أية محاولة للانقلاب على الثورة، ولمعرفة طبيعة المنظمة التي انتمى إليها د.البرادعي، ومن هو صديقه اليهودي-سوروس- الذي يتحدث عنه بصفته رجلاً يفعل الخير!.
إن الطريق الوحيد للقضاء على كل المؤامرات هو نقل السلطة عبر الصندوق الانتخابي وفقط، وتمكين الشعب من اختيار برلمانه ورئيسه عبر الانتخابات.
الشعب هو صاحب القرار في مصر الجديدة وأية محاولة لاستبعاد الشعب مصيرها الفشل بإذن الله.