مدخل:
المتهمة وروب المحاماة
قال المحامي للمتهمة : قبل ان تحضري إلى الجلسة في الاستئناف ... البسي روب محاماة ... وغطي راسك بايشارب يخفي ملامحك .
نظرت إليه المتهمة في دهشة وقبل أن تسأله قال لها " حتى لا يعرفك الشهود " .
وبدأ نظر الاستئناف ... وكانت محكمة أول درجه قد قضت بسجنها لمدة عام بتهمة تقاض " خلو رجل " من السكن ... وناقش المحامي شاهد الإثبات الأول ... ثم اخرج من جيبه ثلاث صور فوتوغرافية ... وطلب من شاهد الاثبات ان يتعرف على صور المتهمة .
وامسك الشاهد بالصور ... ثم حدد قائلأ : هذه هي المتهم .
وضحك المحامي ثم قال بصوت عال : هذه الصور الثلاثة ليست من بينها صورة المتهمة .
و ابتسم القاضي وهو يحكم ببراءة المتهمه ... التي كانت تقف على مقربة من الشاهد ... مرتدية روب المحاماه والايشارب !!.
تمهيد وتقسيم :
ان فن المرافعة امام المحاكم الجزائية هو أسلوب وموهبة وخبرة يمتاز به عضو النيابة والمحامين ذو الخبرة والحنكة وبه يلعب اطراف الدعوة الجزئية ادوارهم لغاية ايصال طلباتهم او الرد على الدفوع المثارة من قبل الاطراف الاخرى المتنازعة ولذلك فان الامر يحتاج في البداية الى دراسة و تعلم ومن ثم كسب تلك الخبرة امام المحاكم والاهمية الموضوع من الناحية العملية والنظرية على حد سواء سوف نتناوله بالبحث هذا الموضوع على النحو التالي:
المبحث الاول : المبادئ القانونية المتعارف عليها في المحاكمات الجزائية .
المبحث الثاني : القواعد الاساسيه لعضو النيابة العامة في عملية الترافع امام المحكمة .
المبحث الثالث : القواعد الاساسية لوكلاء الدفاع في عملية الترافع امام المحاكم .
المبحث الرابع : انواع الطلبات والدفوع في المواد الجزئية .
المبحث الخامس : التوجيهات الاساسية في كتابة المرافعات الجزائية .
المبحث الاول
المبادئ القانونية المتعارف عليها في المحاكمات الجزائيه
تمهيد وتقسيم :
هناك العديد من المبادئ القانونية التي سمت الى مستوى الدستورية بالنص عليها في الدستور تحكم عملية المحاكمات الجزائية , ومنها علانية المحاكمة , وشفوية المحاكمة , ومبدأ المواجهة الجزائية ومبدا الاصل في المتهم البراءة ومبدا الاقتناع الذاتي للقاضي الجنائي وصيانة حق الدفاع و تدوين اجراءات المحاكمة و اخيرا ان الاصل مبدا الاجرائات قد روعيت , وهو ما سنتاوله بايجاز في البنود التالية :
اولا : مبدا علانية المحاكمة :
يتميز التحقيق النهائي الذي تجريه المحكمة عن التحقيق الابتدائي الذي تجريه النيابة العامة بالعلانية كاصل من اصول المحاكمات الجزائية وعلى ذلك نصت المادة 237 اجراءات الجزئية بانه تجري المحاكمه بصورة علنية ما لم تقرر المحكمة اجراءها سرية لاعتبارات المحافظة على النظام العام او الاخلاق , ويجوز في جميع الاحوال منع الاحداث او فئة معينة من الاشخاص من حضور المحكمة ويقصد بالعلانية تمكين الجمهور بغير تمييز من دخول الى قاعة التي تجري فيها المحكمة و الاستماع الى ما يدور فيها من اجراءات المحاكمة , والغاية التي يبتغيها هذا الاصل الهام من اصول المحاكمات الجزائية هي تمكين الراي العام من مراقبة اجراءات المحاكمة بنفسه فيبعث هذا على الثقة في المحكمة وفي عدالتها و جديتها ومن باب اولى تمكين الخصوم بأنفسهم من ذلك , فالعلانية ضمانه من ضمانات حقوق الانسان واحد المبادئ العامة للقانون وهي ما نصت عليه الاتفاقية الاوروبية لحقوق الانسان مادة (6 / 1 ) , وكذلك المادة ( 10 ) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان .
ثانيا : شفوية المحاكمة :
يقصد بشفوية المرافعة او المحاكمة ان تجري شفويا وبصوت مسموع للكافة كل ما يتم من اجراءات في الجلسة , فيجب ان تتلى في الجلسه وبصوت مسموع الاتهامات التي يحاكم المتهم من اجلها , ورده عليها , ومرافعة النيابه العامة والمدعي المدني والدفاع واسئلة واجابات الشهود عليها وبذلك يستهدف مبدا الشفوية بسط رقابة محكمةالموضوع على ما يتم من اجراءات جزائية امام سلطة جمع الاستدلالات وسلطة التحقيق الابتدائي و بذلك تستطيع المحكمة تقيم هذه الاجراءات والفصل فيما يوجه اليها من ملاحظات , انظر المادة (207 ) إجراءات فلسطيني .
ثالثا : مبدا المواجهه في المحاكمة :
والواقع ان التزام المحكمة بمبدا شفوية المحاكمة او المرافعة انما يرجع الى تحقيق اصل اخر من اصول المحاكمات الجزائية هو مبدا المواجهة بين اطراف الدعوى هذا يعني انه لابد ان يواجه كل طرف من اطراف الدعوة بالادلة الموجهة ضد طلباته حتى يتمكن من
تنفيذها , وهو ما نصت عليه المادة( 273 ) اجراءات فقرة ( 1 ) حيث ذكرت في عجزها ( انه لا يجوز لها " المحكمة " ان تبني حكمها على اي دليل لم يطرح امامها في الجلسة ...) .
رابعا : مبدا الاصل في المتهم البراءة :
هو حق دستوري , ويعتبر هذا الاصل مبدا اساسي في النظم الديمقراطية , و مفترض من مفترضات المحاكمة المنصفة , وقد وصفه مجلس اللوردات البريطاني بانه خيط ذهبي في نسيج ثوب القانون الجزائي , ويعتبر من حقوق الانسان , فقد نص عليه الاعلان العالمي لحقوق الانسان لسنة( 1948 ) في المادة( 11 / 1 ) , كما اكد هذا المبدا العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي وافقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة عام ( 1966 ) المادة( 14 ) , و نصت عليه الاتفاقية الاوروبية لحماية حقوق الانسان والمواطن لسنة( 1989 ) المادة ( 99 ) , ويعد هذا الاصل مبدأ اسياسيا لضمان الحرية الشخصية للمتهم و مقتضاه ان كل متهم بجريمة مهما بلغت جسامتها يجب معاملته بوصفه شخصا بريئأ حتى تثبت ادانته بحكم قضائي بات , وهو ما اكد عليه القانون الاساسي الفلسطيني في مادة ( 14 ) وبعض الدساتير العربية مثل : التونسي الفصل رقم( 12 ) والسوري المادة ( 10 / 1 ) واليبي المادة( 15 ) ولكن هذا الاصل قابل لاثبات العكس بطبيعة الحال , وبذلك يعد قرينه بسيطة وفقا لقواعد الخصومة الجزائية وقواعد الاثبات الجزائية ويترتب على هذا المبدا
عدة نتائج هامه :
اولا : عدم التزام المتهم باثبات براءته .
ثانيا : الشك يفسر لمصلحة المتهم .
خامسا : صيانة حق الدفاع باعتباره حقا مقدسا :
ويعني هذا المبدأ انه يجب مراعاة حقوق المتهم والدفاع في كافة مراحل المحاكمة على اساس التساوي والتوازن بين الادعاء العام والدفاع , ولذلك تم النص على ان المتهم هو اخر من يتكلم وضرورت توكيله محام له في الجنايات " المادة ( 244 ) اجراءات " , ويجب
صيانة حق الدفاع والا ترتب على ذلك البطلان .
سادسا : الاقتناع الذاتي للقاضي :
هذا المبدأ يترك القاضي الحرية في ان يقدر قيمة القضية , لا يملي عليه المشرع اي حجة معينة لاعمالها وعلى القاضي ان يبحث عن الادلة اللازمة ثم يقدرها في حرية تامة , الا انه مع ذلك يجب ان يخضع اقتناع القاضي دائما للمنطق والعقل , فلا يجوز ان يعني مبدأ الاقتناع الذاتي للقاضي اطلاق حرية القاضي في ان يحل محل ادلة الاثبات تصوراته الشخصية و تخميناته مهما كانت وجهاتها , هذا مع العلم ان الاثبات يعني ان القاضي حر في تقييم ادلة الاثبات دون قيد غير مراعاة واجبه القضائي , و هذا لا يعني انه يقضي بما يشاء , لان ذلك سيكون تحكما منه , ومن جهة اخرى فان القاضي لتتكون القناعة لديه عملا بنظام الاقتناع الذاتي عليه مراعاة ضوابط معينة اهمها ما يلي :
1 - طرح الادلة في الجلسة :
وهذا يعني ان القاضي ملزم بطرح الدليل , ومناقشته في الجلسة شفاهة وبحضور الاطراف , حتى يدلي كل واحد برأيه فيه , ومن ثم لا يجوز للقاضي الفصل في الدعوى اعتمادا على دليل وصل الى علمه الشخصي من غير ان يطرح للمناقشه في جلسة المحاكمة .
2 - بناء الحكم على اليقين والجزم :
في حالة الادانة لا بد من بناء الحكم القضائي على الجزم واليقين لا على مجرد الترجيح والتخمين والا وقع نقض الحكم المشوب بهذا العيب .
3 - ان تكون الادلة صحيحة ومشروعة :
يشترط في الوسيلة التي اقتنع بها القاضي ان تكون صحيحة مشروعة من ثم فالوسيلة المحصل عليها بطريق غير مباشر كالنصب او السرقة لا يمكن ان تعتبر وسيلة مشروعة للاثبات ما عدا ادلة البراءة .
4 - ان تكون الادلة مؤدية الى النتيجة التي وصل اليها الحكم :
بمعنى ان الادله المعتمد عليها في تاسيس الحكم قانونا وفقها مؤيدة للنتيجة التي اعلنها الحكم والا تتعرض هذا الاخير للنقض اما لانعدام التعليل او لعدم كفايته .
5 - تعزيز الادلة لبعضها ( تساند الادلة ) :
ان القاضي و هو بصدد اقامة اقتناعه الذاتي عليه الا ينسى بان الادلة تعزز بعضها بعضا بمعنى ان الادله الجزائية تستند بعضها الى بعض خصوصا في حالة الادانة .
سابعا : تدوين اجراءات المحاكمة :
يشترك التحقيق النهائي مع التحقيق الابتدائي في ضرورة تدوين اجراءاته فكل اجراء شفوي يتم امام المحكمة في الجلسة يجب ان يدون كتابته في محضر خاص يسمى محضر الجلسه يثبت فيه جميع ما ذكر في الجلسة من مرافعات ومناقشات وطلبات ودفوع ... الــخ المادة( 253 ) اجراءات (( يدون كاتب المحكمة جميع وقائع المحكمة في محضر الجلسه ويوقع عليه مع هيئة المحكمة )) وبذلك فان حصلت منازعة فيها كان محضر الجلسة هو الحجة في ذلك .
المبحث الثاني
القواعد الأساسية لعضو النيابة العامة في عملية الترافع أمام المحاكم (مرافعة النيابية )
أولا مدلوله : الخطاب الذي يلقيه طالب الحق امام القاضي ليقضى له به .
تعتبر المرافعة من اهم الوظائف التي يؤديها عضو النيابة العامة , فمن خلالها تقوم النيابة بشرح ادلة الاتهام وسرد ظروف الدعوى وتنبيه المحكمة الى مواطن الشدة او الرافه التي تكون في القضية .
ثانيا: القواعد الاساسية التي يجب على اعضاء النيابة العامة مراعتها:
1 - الاطلاع على الدعوى بعناية .
لكي تكون مرافعة عضو النيابة على الوجه الاكمل يجب ان يقرا قضيته من اولها لاخرها حتى يكون ملما بقضيته محيطا بتفاصيلها مستعدا للمفاجات التي قد تثار بالجلسة ومطمئنا الى انه سيجد لكل سؤال جواب ولكل احراج رد .
2 - استقلال النيابة العامة عن القضاء .
اعضاء النيابة مستقلون عن المحكمه التي يزاولون اعملهم لديها وليس للمحكمة ان تنتقدهم كما انه ليس من حقها ان توجه للنيابة اي توبيخ او نقد او لوم عند مرافعتها فأذا وقع منها شيء من هذا القبيل كان حكمها قابل للنقض وحق الرئاسة غير قائم , لذلك فلو سمح للمحاكم بحق الرئاسة على اعضاء النيابة لكان في ذلك ضرر كبير على العدالة نفسها لان النيابة عندئذ تخشى ان تغضب القضاء وتسعى الى استرضائه فتوافقه على ارائه ولو خالفت القانون ويترتب على استقلال النيابه العامه عن القضاء ما يلي :
المبحث الثاني
1 - ليس للمحاكم من حق في الحد من حرية النيابة في بسط ارائها في الدعوى العمومية الا في حدود ما يقضي به النظام وحقوق الدفاع .
2 - ليس للقضاء الحق في توجيه اللوم و/او التوبيخ لعضو النيابة مباشرة رعاية للحرمة الواجبة للنيابة العامة حتى لا ينقص من كرامتها امام الجمهور .
ولكن اذا ترائى للقضاء ان هناك شبهة في طريقة سير النيابة العامة في اداء وظيفتها فعلى القضاء ان يرفع الامر - بصفه سرية - الى النائب العام .
3 - حرية النيابة في ابداء اقوالها .
بناء على ما تقدم فان النتيجة طبيعية لمبدأ استقلال النيابة عن المحكمة هي حرية النيابة في ابداء اقوالها بدون مقاطعة من المحكمة لان في مقاطعتها ضرب من ضروب الرقابة عليها , الامر الذي لا يليق وعليه لا يجوز مقاطعة النيابة ولهذا فان ممثل النيابة المترافع من حقه ان يقول ما يعتقد انه في مصلحة العدالة وتقديم كافة المستندات المؤيدة لدعواها دون مقاطعة من المحكمة ولو كان ذلك بحجة انتهاء الوقت المحدد للجلسة .
4 - توضيح فكرة غامضه في مرافعة النيابة .
و مع ذلك فمن حق القاضي ان يقاطع النيابة والدفاع لتوضيح فكرة غامضة او لاستبيان حجة قيلت باختصار لتفهم مغزاها على ان يكون ذلك بطريقة توقر دور النيابة في عملها .
5 - اختيار الفاظ تليق بمكانة النيابة .
ممثل النيابة المترافع - ان طعن على المتهم او شهود النفي - بما هو ثابت في الاوراق - فعليه ان ينتقي لذلك اخف الالفاظ وقعا واقلها ايلاما وان يلقي مرافعته في كثير من المحيطة والاتزان وان يصون اقواله من العبث حتى لا يترك للدفاع او غيره فرصة للطعن فيها .
6 - الترافع للمحكمة لا لجمهور الحاضرين بالجلسة .
كما يجب الا يغيب عن ذهن ممثل النيابة المترافع - انه للقاضي لا لجمهور فوظيفته محدده باقناع القاضي بما يراه حقا لا باقناع الجمهور ولذلك فالمرافعة للقاضي يجب ان تقتصر على ما قد يكون محل شك او غموض او ما قد يكون محل ضعف من ادله الاثبات لتقويته او محل قوة في مركز الدفاع لهدمه كل ذلك بما يتفق مع الحق والضمير .
7 - عدم تجريح المدافعين .
يجب على عضو النيابة المترافع الا يتعرض لما يجرح دفاع المتهم , حتى ولو اخطا الدفاع وهاجم النيابة فعضو النيابة عليه ضبط نفسه وعدم الخروج عن طوره والدخول معه في معركة كلامية و شقشقه لسانية عقيمة فالسكوت في اغلب الاحيان اقوى الردود على الكلام .
8 - مرافعة النيابة يجب ان تكون عالية الاسلوب بينة الحجج وافية بالمطلوب من غير اطالة فيما لا يفيد الاتهام لا سيما اذا وجد عضو النيابه المترافع نفسه امام هيئه من الدفاع عرفت ببلاغة التعبير وقوة الحجة فما اشق على سمعه العدالة من ان يقف ممثل الاتهام متلعثما في دفاعة متعثرا في اقواله بينما القضية غنيه بالادلة والبراهين وممثل الاتهام لا يعرف كيف يبديها .
9 - عدم هيبه النيابة عند طلب توقيع اقصى عقوبة .
بعض رجال النيابة اثناء مرافعتهم يتهيبون طلب توقيع اقصى عقوبة الاعدام والتدليل على تناسبها مع الجريمة التي ارتكبها المتهم ( كان تكون الجريمه قصدا او تكون قتل مصحوب بعدة جنايات اخرى متوافرة فيه الظروف المشددة ) وذلك خطا من رجال النيابة وضعف ,
خطا لان القانون نص عليها وضعف لان عقوبة الاعدام متناسبة مع الجرم وما على ممثل الاتهام الا ان يطلبها من القاضي و يلح في طلبها متى توافرت شروطها , وسنضرب مثالا توضيحي لمرافعة من عضو النيابه في جناية قتل اعقبها جناية قتل اخرى وسرقة , فبعد
ان استهل ممثل النيابة المترافع الظروف المشددة وشرح الادلة القائمة على المتهم ختم مرافعته متحدثا عن الظروف المخففه متسائلا , فاين اذن هذه الظروف المخففه ؟ اين مكانها ؟ ايجوز البحث عنها في سوابق المتهم ؟ فما اسوأها من سوابق ؟ ام نبحث عنها في الباعث له على ارتكاب الجريمة ؟ لقد قتل ليسرق ولقد اسال هذا الدم الغالي البرئ - الذي لا ترده اموال الدنيا جميعها - ليكسب مبلغا تافها , ام تبحثون عنها في وقفته امام القضاة ؟ وها هو يقف لا موضع للندم في قلبه ولا اثر للأسف في نفسه يقذف في وجه القضاء بالاكذوبه تلو الاكذوبه غير هياب ولا وجل ….. ان القتل افظع جريمة يرتكبها الانسان ضد اخيه الانسان , و قد ارتكب المتهم جريمتي قتل لا واحدة و يزيد جرم المتهم ان القتيلين لم يكونا غريبين عنه , فقد كانا يستقبلانه في دارهما كصديق ويحيطانه بعطفهما ويمدانه بنصائحمها , فكان الاعتراف لهما بالجميل ان قتلهما وسرقهما في النهاية , نطقت المحكمة بالعقوبة المطلوبة وهي عقوبة الاعدام وبذلك قضت محكمة النقض المصرية :
يكفي لتغليظ عملا بالفقرة الثانية من المادة( 234 ) ع ان يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنيه بينهما بان تكون الجنايتين قد ارتكبتا في نفس وقت واحد او في فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به
قاضي الموضوع فمتى قدر الحكم قيام رابطة الزمنية هذه فلا يجوز اثارة الجدل في ذلك امام محكمة النقض (1962/2/26ص75) .
10 - النيابه خصم شريف في الدعوة قد تطلب البراءة او التخفيف او السقوط .
فكما ان لممثل النيابة ان يتشدد في الواجب وفي طلب توقيع اقصى العقوبة فليس هناك ما يمنعه من ان يكون رحيما يطلب تخفيف العقوبة او الحكم بايقاف التنفيذ ... او الاكتفاء بالغرامة ... بل ان من حقه ان يطلب براءة اذا وضحت له وضوحا لا محل للتردد فيه ,
خلاصة القول , ممثل النيابة قبل الجلسة ان يقرا القضيه ويخرج منها بالراي الذي يرتئيه - ادانة او برائة - ولا يملك انسان في الوجود ان يجبره على ان يترافع بغير ما يمليه عليه ضميره و ذلك لان الحق احق ان يتبع .
11 - الخروج عن حدود الدعوى .
يضاف لما سبق ذكره ان وكيل النيابة ليس ملزما اثناء مرافعته امام القاضي ان يقصر مرافعته في حدود الدعوى الماثلة امامه , وانما له ان يخرج عنها اذا كانت الدعوى تتطلب درسا اخلاقيا جديرا ان يقال .
12 - عدم الخوض في المسائل السياسية .
اخيرا : يجب على ممثل النيابة ان يبتعد عن الخوض في المسائل السياسية و المنازعات الحزبية , وان ينزه النيابة عن الخوض فيها احتفاظا للنيابه بكامل استقلالها .
13 - الاستعانة بالوصف والخيال .
كما لا يعب على ممثل النيابة المترافع ان يستعين بخياله احيانا فيصف الجريمة كما وقعت, وكما راها في اوراق التحقيق فان اسعفه خياله واستطاع ان يصور للمحكمة تصويرا صادقا, كيف ارتكبت الجريمة , كان ذلك افضل لاثبات التهمة من اطاله الشرح والوصف وصفوة القول:
1 - مرافعة عضو النيابة امام المحكمة , الغرض منها تنبيه المحكمة لمواطن الشدة او الرافة التي تكون في القضية .
2 - استقلال اعضاء النيابة عن المحكمة عند اجراء مرافعتهم لديها .
3 - ليس للمحكمة توجيه اللوم والتوبيخ لعضو النيابة مباشرة و انما عليها ان ترفع الامر - بصفة سرية الى النائب العام عند حدوث تقصير من عضو النيابة .
4 - لا يجوز مقاطعة النيابة اثناء ابداء اقوالها او عرض مستنداتها الا لتوضيح فكرة غامضة او حجة قيلت .
5 - الترافع يوجد للمحكمة لا للجمهور الحاضر الجلسة .
6 - عدم تجريح المدافع عن المتهم والارتفاع بمستوى الاسلوب , واختيار الافاظ التي تليق بمكانة النيابه .
7 - عدم تهيب النيابة عند طلب توقيع اقصى العقوبة .
8 - النيابة خصم شريف في الدعوى قد تطلب البراءة او التخفيف .
9 - يجب على عضو النيابة ان يختار اخف الافاظ و اكثرها لباقة في مواجهة الدفاع الحاضر في الدعوى .
المبحث الثالث
مبادئ الدفاع أمام الجنايات
اولا : المقصود بحق الدفاع :
حق الدفاع ضرورة لازمة لكل نظام يحاكم الجاني عن جريمته , فهو حق وجد عند وجود القضاء , ولا يتصور وجود قضاء بغيره ولذلك وجود مدافع عن المتهم في الجنايات امر واجب والاخلال به يستوجب بطلان اجراءات المحاكمة ولذلك يجب ندب محامي يتولى الدفاع عن المتهم اذا تغيب المحامي المعين عن المتهم يوم الجلسه , ولا يعد ذلك اخلالا بحق الدفاع حيث هذا الاجراء يعد ضروريا ووجوبيا على المحكمة في حال عدم توكل محاميا للدفاع عنه (م244 اجراءات) , واذا صدر حكم على المتهم في غيبته من غير سماع دفاعه ثم حضر او قبض عليه يعاد نظر الدعوى امام المحكمة ليدلي بدافعه في التهمة او التهم المنسوبة اليه (م395 اجراءات ) ويجب عدم مقاطعة الدفاع اثناء مرافعته والقانون اوجب في سبيل حماية المتهم ان يعاونه محاميه امام المحكمة , فبدون هذه المعونة قد يذهب المتهم ضحية جهله وعدم اقتداره على النضال مع ذلك الخصم القدير وهو النيابة , وخلاصة القول انه يجب ان يكون للمتهم في الجنايات محامي يدافع عنه ويجب على المحكمة الا تقاطعه اثناء المرافعة وابداء دفاعه الا اذا خرج المحامي على غير ما هو مالوف ولائق بالمحاكم , كما انه من حق المحكمة منع المتهم او محاميه من ذكر اشياء لا دخل لها في موضوع التهمة لذلك يجيب عدم اطالة المرافعة دون مبرر واذا تبين للمحكمة ان الغرض من اطالة المرافعة من قبل المحامي انما هو تعطيل سير العدالة تحت ستار حرية الدفاع - جاز لها ان تحثه على التركيز في حديثه على الحقائق الغامضة , والمقصود بالاطالة هنا ... هو تلك الاطالة التي تخرج عن المألوف .
ثانيا: المقصود بالمرافعة امام المحاكم :
هي احتكار مسلم به لاعضاء النيابة العامة والمحامين و تعتبر المرافعة من اهم مظاهر عمل المحامي فهي من انجح الوسائل التي يتبعها المحامي لدفع الاذى عن موكله , اضف الى ذلك ان المرافعة العلنية - هي بلا مراء - عمل يساعد في توزيع العدالة بين الناس بالقسط كما ان مرافعته هي السبيل الوحيد ليظهر الدافع للملا تفوقه ... والمنهاج الذي يسير عليه ... والدروب التي يقوم بها بالتركيز عليها ومدى لباقته في الحوار .