بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الاستاذ المستشار/ فاروق عبد
السلام شعت نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الاساتذة
المستشارين / منصور حسن على عربى، أبو بكر محمد رضوان ، عبد القادر هاشم
النشار، غبريال جاد عبد الملاك، نواب رئيس مجلس الدولة
* الاجراءات
فى يوم الخميس الموافق 7 من شهر يوليو سنة 1994 أودع الاستاذ/ محمد عبد
المجيد الشاذلى المحامى نائبا عن الاستاذ/ فتحى رجب المحامى بصفة وكيلا عن
الطاعن / محمد أحمد على سليمان الحملى قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد
برقم 3425 لسنة 40 ق . عليا فى القرار الصادر من مجلس تأديب العاملين
بالجهاز المركزى للمحاسبات فى الدعوى التأديبية رقم 4 لسنة 11 ق بجلسة
17/5/1994 والقاضى بمجازاة الطاعن بعقوبة الفصل من الخدمة.
وطلب الطاعن- للاسباب المبينة فى تقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا
وفى الموضوع بالغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه والقضاء ببراءة الطاعن
مما هو منسوب اليه .
وقد أعلن الطعن الى المطعون ضده على الوجه المبين بالاوراق.
وقدمت هيئة مفوض الدولة تقرير بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه – للاسباب المبينة بالتقرير- الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 28/9/1994 وتدوول
الطعن أمام الدائرة الى أن قررت بجلسة 27/12/19995 احالة الطعن الى المحكمة
الادارية العليا “الدائرة الرابعة وحددت لنظره جلسة 6/1/1996 ، وبهذه
الجلسة قررت المحكمة حجز الطعن للحكام فيه بجلسة اليوم 9/3/1996 ، وفيما
صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على اسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الاوراق وسماع الايضاحات والمداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة ومن ثم فانه يكون
مقبولا شكلا. ومن حيث أن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الاوراق –
فى أنه فى 15/7/1993 صدر قرار رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات رقم 1741
لسنة 1993 باحالة الطاعن/ محمد أحمد على سليمان الحملى ويعمل مراجع مساعد
بالادارة المركزية للرقابة المالية على البنوك الى مجلس تأديب العاملين
بالجهاز المركزى للمحاسبات لانه فى غضون عام 1993 خرج على مقتضى الواجب
الوظيفى وأخل بكرامة الوظيفة وبالثقة والامانة والنزاهة المطلوبة فى الموظف
العام على النحو الوارد بالتحقيقات، وبتاريخ 28/7/1993 أودعت الادارة
المركزية للشئون القانونية تقرير اتهام المحال وطلبت مساءلته تأديبيا طبقا
للمواد 56، 59، 60، 63 من لائحة العاملين بالجهاز لانه فى غضون عام 1993
خرج على مقتضى الواجب وأخل بكرامة الوظيفة وبالثقة المشروعة فيها بأن تحصل
على اشعار صادر من بنك مصر فرع القاهرة موجه الى عميل البنك السيد/ محمد
أحمد حمدى خاص باضافة فوائد وتجديد وديعة قيمتها 34و6391 جنيها استرلينى
تخص هذا العميل وتقدم – رغم علمه بذلك – الى ادارة المدخرات بالبنك مدعيا –
على غير الحقيقة – بأنه صاحب الوديعة وطلب الغاءها وقدم بطاقته الشخصية
ونموذجا لتوقيعه غير ان المسئولين بالبنك كشفوا حقيقة الامر وبادروا
بتسليمه لادارة الامن بالبنك الامر الذى يشكل مخالفة اداريه خطيرة وفق نص
المادة 56 من لائحة العاملين بالجهاز المركزى للمحاسبات.
وجلسة 17/5/1994 قرر مجلس تأديب العاملين بالجهاز المركزى للمحاسبات فى
الدعوى التأديبية رقم 4 لسنة 11 ق بمجازاة الطاعن / محمد أحمد على سليمان
الحملى المراجع المساعد بالجهاز بعقوبة الفصل من الخدمة.
وقام قرار مجلس التأديب المطعون فيه على ان المحال قد توجه الى بنك مصر
فرع القاهرة وقدم للموظف المختص بالودائع لاجل اشعارا تحصل عليه بطريق
الخطـأ موجه من البنك الى العميل/ محمد أحمد حمدى يفيده بتجديد الوديعة
الخاصة به وقيمتها 6391 جنيه استرلينى بعد اضافة الفائدة المستحقة وطلب من
الموظف المختص الغاء الوديعة واسترداد قيمتها نقدا ولما كان العميل محمد
أحمد حمدى معروفا شخصيا لدى البنك فقد حاول الموظفون المختصون بقسم
المدخرات باقناعه بان الوديعة لا تخصه فأصر على أنه صاحب الوديعة مما حدا
بهم الى مطالبته ببطاقته الشخصية والتوقيع على ورقة من مطبوعات البنك
لمضاهاة التوقيع ظنا منهم أن – هذا الاجراء قد يدعوه الى التراجع عن
محاولته الا انه تماديا فى تنفيذ خطته نحو صرف قيمة الوديعة أبرز بطاقته
الشخصية ووقع باسمه المدون بها ذاكرا رقم الحساب الخاص بالوديعة رغم علمه
بعدم وجود حساب ولا نموذج توقيع ولما اكد له المختصون بالبنك بعدم وجود
حساب باسمه أو وديعه له بالبنك صمم على رأيه السابق مؤكدا أن والده سبق أن
فتح حسابا له باسمه وبه هذه الوديعة وإزاء ذلك لم يجد مدير أدارة المدخرات
بالبنك بدا من تسليمه إلى مدير عام الأمن بالبنك الذى تأكد له أن الوديعة
لا تخص المحال المذكور فقام بتهدئة الموقف بعد أن- عنف المحال وأخلى سبيله
لصلته الشخصية بوالده وحاول الاتصال برئيس مجلس إدارة البنك ليصور الواقعة
على أنها تمت بحسن نيه وأن المحال كان يجهل الاجراءات البنكية التى تتبع
عند فتح حساب الوديعة أو استردادها. وأن الثابت من التحقيقات أن المحال قد
تردد بعد اكتشاف أمره وفشل أسلوبه فى التهديد والوعيد لتحقيق غايته فحاول
البحث عن تبرير لاظهار حسن نيته فيما أتاه من محاولات لصرف قيمة الوديعة
التى لا تخصه وكلها تبريرات لا يجوز أن تصدر من مراجع بالجهاز المركزى
للمحاسبات لذلك فان ما ثبت فى حق المحال يعد خروجا على واجبات الوظيفة وما
تقتضيه منه من دقة وأمانة وتعفف واستقامة وبعدا عن مواطن الشبهات فضلا عما
يشكله ذلك بالنسبة للمحال وهو يشغل وظيفة رقابية تدق فى تقويمها المعايير
وتتسع دائرة الرقابة الذاتيه حيث يكون الضمير هو الرقيب الوحيد لشاغلها
والامانه والنزاهة والترفع عن الدنايا هى صاحبة القول الفصل فى الحكم على
بقائه فيها وهو ما افتقده المحال باصراره على تنفيذ غايته غير المشروعة
ومحاولة الاستيلاء على أموال الغير – الامر الذى يجعل الفصل هو الجزاء
الوحيد الذى يتفق صدقا وعدلا مع خطورة الذنب المؤثم الذى ثبت فى حق المحال.
ومن حيث أن مبنى الطعن أن القرار المطعون فيه قد خالف نص المادة 78 من
نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 التى
حظرت توقيع جزاء على العامل الا بعد التحقيق معه وسماع أقواله وتحقيق دفاعه
وقد جاءت أوراق التحقيق الادارى خاليه من مواجهة الطاعن بالاتهامات
المنسوبة إليه ولم تخطره بمذكرة الادعاء فى الدعوى التأديبية فضلا عن
الاخلال بحق الدفاع حيث أن الاتهام جاء تأسيسا على أقوال مدير عام المدخرات
الذى كان بينه وبين الطاعن ضغينة سابقة كما انه حاول صياغة الاتهام ضد
الطاعن على أن الاشعار كان موجها إلى محمد احمد حمدى وليس حملى تأكيدا على
أن الطاعن تسلم إشعارا لا يخصه إلا أنه تبين من مراجعة اوراق القضية أن
الاشعار موجها إلى الطاعن وعلى عنوانه 19شارع عرابى بالمهندسين وان الذى
يدعى محمد احمد حمدى عنوانه 90ب شارع احمد عرابى المهندسين وان الخطأ بين
كلمة حمدى و”حملى”و الخطأ فى توجيه الاشعار قد وقع فيه الحاسب الالى وليس
الطاعن وفضلا عما تقدم فإن الطاعن لم يتقدم بطلب مكتوب لالغاء الوديعة
واسترداد قيمتها وان طلبه كان للاستفسار عن وديعة بالجنية الاسترلينى يعتقد
انها تخصه واخيرا فان القرار المطعون فيه جاء مشوبا بالغلو فى الجزاء و
جزاء الفصل فيه غلو يتنافى مع الحقائق الثابتة بان الخطأ المنسوب لطاعن
مرده خطأ البنك فى كتابه الاشعار باسم الطاعن وعلى عنوانه.
ومن حيث ان الثابت من الاوراق ان الطاعن قد توجه إلى بنك مصر فرع
القاهرة وقدم للمختص بالودائع لاجل اشعارا حصل عليه بطريق الخطأ وجه من
البنك إلى العميل محمد احمد حمدى يفيده بتجديد الوديعة الخاصة وهو قيمتها
6391 جنية بعد اضافة الفوائد المستحقة وطلب من الموظف المختص الغاء الوديعة
واسترداد قيمتها ورغم اقتناعه من الموظف المختص بان الوديعة لا تخصه وان
الاشعار المقدم منه باسم العميل محمد احمد حمدى وهو صاحب الوديعة و الحساب
الجارى المدون على الاشعار ولا يخص الطاعن محمد احمد سليمان الحملى إلا انه
أصر على انه صاحب الوديعه وعندما طلب منه الموظف المختص بالبنك ابراز
بطاقته الشخصية قام بتقديمها ثم قام ايضا بناء على طلب الموظف المختص
بالتوقيع باسمه المدون على بطاقته السخصية على ورقة من مطبوعات البنك وهو
الاجراء المطلوب للتحقق من صحة توقيع العميل وذلك رغم عدم علمه بوجود حساب
باسمه لدى البنك او وجود وديعة باسمه على هذا الحساب، وقد تبين للطاعن ان
الوديعة تخص شخصا أخر إلا انه استمر فى طلب رد قيمه الوديعة دون ان يقدم
طلبا مكتوبا بذلك اعتقادا بان والده سبق أن فتح حسابا جلريا باسمه وبه هذه
الوديعة بيد أنه بعد أن عنفه السيد مدير عام الامن بالوزارة أخلى سبيله بعد
ان تبين له جهل الطاعن بالاجراءات البنكية التى تتبع عند فتح حساب الوديعة
أو استردادها وأنه قد يكون حسن النية عند صرف قيمة الوديعة شافهة استنادا
للاشعار الذى ورد على عنوانه عن طريق الخطأ.
ومن حيث انه لما تقدم فان الثابت من الاوراق ان الطاعن لم يحصل على
الاشعار الخاص بالوديعة سالفة البيان بطريق الاحتيال او الاستيلاء عليها
ولكن هذا الاشعار ورد إليه على عنوانه ازاء خطأ الحاسب الالى للبنك فى
توجيه الاشعار على العنوان الصحيح لصاحب الوديعة محمد احمد حمدى 90ب شارع
احمد عرابى بالمهندسين ووجه على العنوان الطاعن 90 د شارع احمد عرابى
المهندسين مما أدخل فى روع الطاعن انه ربما تكون هذه الوديعة تخصه وما
يساند ذلك انه لم يتقدم إلى البنك منتحلا اسم العميل صاحب الوديعة ولكنه
تقدم إلى الموظف المختص باسمه الحقيقى وابرز البطاقة الشخصية وقام بالتوقيع
على ورقة مطبوعات البنك باسمه ولم يستعمل ايه وسائل احتيالية بانتحال اسم
العميل المذكور او التوقيع باسم هذا العميل ومن ثم فان تصرف الطاعن على
الوجه المتقدم ينم على رعونة واستهتار خاصة وانه يشغل وظيفة رقابية كمراجع
مساعد بالجهاز المركزى للمحاسبات مما يشكل فى حقه خروجا صارخا على واجبات
الوظيفة وما تقضيه من دقه وامانه واستقامة والبعد عن مواطن الشبهات فى داخل
وخارج نطاق عمله الوظيفى.
ومن حيث ان تقدير الجزاء فى المجال التأديبي متروك إلى مدى بعيد لتقدير
من يملك توقيع الجزاء غير ان هذه السلطة التقديرية تجد حدها عند ظهور عدم
تناسب بين المخالفة وبين الجزاء الموقع عنها بالغلو فى تقدير الجزاء
والتناسب بين المخالفة والجزاء الموقع عنها انما يكون على ضوء التحديد
الدقيق لوصف المخالفة فى ضوء الظروف والملابسات المشكلة لابعادها، فان مؤدى
ذلك ان جسامة العمل المادى المشكل لمخالفة التأديبية انما ترتبط بالاعتبار
المعنوى لارتكابها بحيث لا تتساوى المخالفة القائمة على غفلة واستهتار
بتلك القائمة على عمد والهادفة إلى غاية غير مشروعة إذ لا شك أن الاولى أقل
جسامة من الثانية وهذا ما يجب ان يدخل فى تقدير من يقوم بتوقيع الجزاء
التأديبى على ضوء ما يستخلصه استخلاصا سائغا من الاوراق.
ومن حيث ان المستخلص من الاوراق ان سلوك الطاعن قد اتسم بالاستهتار
والرعونة ولم يتحر الدقة والامانة فى تصرفه محل المخالفة والبعد عن مواطن
الشبهات ولم يستخلص من التحقيق أو اجراءات المحاكمة التأديبية ما يصم
الطاعن بالنصب او الاحتيال أو انتحال اسم غير اسمه لصرف قيمة الوديعة ولم
يرتكب المخالفة محل المساءلة التأديبية أثناء عمله الوظيفى او بسببه كل ذلك
من شأنه عدم سلامة الاستخلاص الذى انتهى إليه القرار الصادر من مجلس تأديب
العاملين بالجهاز المركزى للمحاسبات لجسامة المخالفة والذى بنى عليه توقيع
عقوبة الفصل من الخدمة.
ومن حيث ان مقتضى الانتهاء إلى عدم سلامة هذا الاستخلاص لوصف المخالفة
ثبوت عدم التناسب بين المخالفة والجزاء الموقع عنه الأمر الذى يقتضى الغاء
قرار مجلس التأديب المطعون فيه وتوقيع الجزاء الذى يتناسب واقعا وقانونا مع
ما ثبت فى حق الطاعن من مخالفة طبقا لنص المادة 63 من لائحة العاملين
بالجهاز المركزى للمحاسبات.
* فلهذه الاسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب
المطعون فيه والقاضى بعقوبة فصل الطاعن من الخدمة وبمجازاته بعقوبة الوقف
عن العمل لمدة ستة أشهر مع صرف نصف المرتب.
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الاستاذ المستشار/ فاروق عبد
السلام شعت نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الاساتذة
المستشارين / منصور حسن على عربى، أبو بكر محمد رضوان ، عبد القادر هاشم
النشار، غبريال جاد عبد الملاك، نواب رئيس مجلس الدولة
* الاجراءات
فى يوم الخميس الموافق 7 من شهر يوليو سنة 1994 أودع الاستاذ/ محمد عبد
المجيد الشاذلى المحامى نائبا عن الاستاذ/ فتحى رجب المحامى بصفة وكيلا عن
الطاعن / محمد أحمد على سليمان الحملى قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد
برقم 3425 لسنة 40 ق . عليا فى القرار الصادر من مجلس تأديب العاملين
بالجهاز المركزى للمحاسبات فى الدعوى التأديبية رقم 4 لسنة 11 ق بجلسة
17/5/1994 والقاضى بمجازاة الطاعن بعقوبة الفصل من الخدمة.
وطلب الطاعن- للاسباب المبينة فى تقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا
وفى الموضوع بالغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه والقضاء ببراءة الطاعن
مما هو منسوب اليه .
وقد أعلن الطعن الى المطعون ضده على الوجه المبين بالاوراق.
وقدمت هيئة مفوض الدولة تقرير بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه – للاسباب المبينة بالتقرير- الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 28/9/1994 وتدوول
الطعن أمام الدائرة الى أن قررت بجلسة 27/12/19995 احالة الطعن الى المحكمة
الادارية العليا “الدائرة الرابعة وحددت لنظره جلسة 6/1/1996 ، وبهذه
الجلسة قررت المحكمة حجز الطعن للحكام فيه بجلسة اليوم 9/3/1996 ، وفيما
صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على اسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الاوراق وسماع الايضاحات والمداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة ومن ثم فانه يكون
مقبولا شكلا. ومن حيث أن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الاوراق –
فى أنه فى 15/7/1993 صدر قرار رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات رقم 1741
لسنة 1993 باحالة الطاعن/ محمد أحمد على سليمان الحملى ويعمل مراجع مساعد
بالادارة المركزية للرقابة المالية على البنوك الى مجلس تأديب العاملين
بالجهاز المركزى للمحاسبات لانه فى غضون عام 1993 خرج على مقتضى الواجب
الوظيفى وأخل بكرامة الوظيفة وبالثقة والامانة والنزاهة المطلوبة فى الموظف
العام على النحو الوارد بالتحقيقات، وبتاريخ 28/7/1993 أودعت الادارة
المركزية للشئون القانونية تقرير اتهام المحال وطلبت مساءلته تأديبيا طبقا
للمواد 56، 59، 60، 63 من لائحة العاملين بالجهاز لانه فى غضون عام 1993
خرج على مقتضى الواجب وأخل بكرامة الوظيفة وبالثقة المشروعة فيها بأن تحصل
على اشعار صادر من بنك مصر فرع القاهرة موجه الى عميل البنك السيد/ محمد
أحمد حمدى خاص باضافة فوائد وتجديد وديعة قيمتها 34و6391 جنيها استرلينى
تخص هذا العميل وتقدم – رغم علمه بذلك – الى ادارة المدخرات بالبنك مدعيا –
على غير الحقيقة – بأنه صاحب الوديعة وطلب الغاءها وقدم بطاقته الشخصية
ونموذجا لتوقيعه غير ان المسئولين بالبنك كشفوا حقيقة الامر وبادروا
بتسليمه لادارة الامن بالبنك الامر الذى يشكل مخالفة اداريه خطيرة وفق نص
المادة 56 من لائحة العاملين بالجهاز المركزى للمحاسبات.
وجلسة 17/5/1994 قرر مجلس تأديب العاملين بالجهاز المركزى للمحاسبات فى
الدعوى التأديبية رقم 4 لسنة 11 ق بمجازاة الطاعن / محمد أحمد على سليمان
الحملى المراجع المساعد بالجهاز بعقوبة الفصل من الخدمة.
وقام قرار مجلس التأديب المطعون فيه على ان المحال قد توجه الى بنك مصر
فرع القاهرة وقدم للموظف المختص بالودائع لاجل اشعارا تحصل عليه بطريق
الخطـأ موجه من البنك الى العميل/ محمد أحمد حمدى يفيده بتجديد الوديعة
الخاصة به وقيمتها 6391 جنيه استرلينى بعد اضافة الفائدة المستحقة وطلب من
الموظف المختص الغاء الوديعة واسترداد قيمتها نقدا ولما كان العميل محمد
أحمد حمدى معروفا شخصيا لدى البنك فقد حاول الموظفون المختصون بقسم
المدخرات باقناعه بان الوديعة لا تخصه فأصر على أنه صاحب الوديعة مما حدا
بهم الى مطالبته ببطاقته الشخصية والتوقيع على ورقة من مطبوعات البنك
لمضاهاة التوقيع ظنا منهم أن – هذا الاجراء قد يدعوه الى التراجع عن
محاولته الا انه تماديا فى تنفيذ خطته نحو صرف قيمة الوديعة أبرز بطاقته
الشخصية ووقع باسمه المدون بها ذاكرا رقم الحساب الخاص بالوديعة رغم علمه
بعدم وجود حساب ولا نموذج توقيع ولما اكد له المختصون بالبنك بعدم وجود
حساب باسمه أو وديعه له بالبنك صمم على رأيه السابق مؤكدا أن والده سبق أن
فتح حسابا له باسمه وبه هذه الوديعة وإزاء ذلك لم يجد مدير أدارة المدخرات
بالبنك بدا من تسليمه إلى مدير عام الأمن بالبنك الذى تأكد له أن الوديعة
لا تخص المحال المذكور فقام بتهدئة الموقف بعد أن- عنف المحال وأخلى سبيله
لصلته الشخصية بوالده وحاول الاتصال برئيس مجلس إدارة البنك ليصور الواقعة
على أنها تمت بحسن نيه وأن المحال كان يجهل الاجراءات البنكية التى تتبع
عند فتح حساب الوديعة أو استردادها. وأن الثابت من التحقيقات أن المحال قد
تردد بعد اكتشاف أمره وفشل أسلوبه فى التهديد والوعيد لتحقيق غايته فحاول
البحث عن تبرير لاظهار حسن نيته فيما أتاه من محاولات لصرف قيمة الوديعة
التى لا تخصه وكلها تبريرات لا يجوز أن تصدر من مراجع بالجهاز المركزى
للمحاسبات لذلك فان ما ثبت فى حق المحال يعد خروجا على واجبات الوظيفة وما
تقتضيه منه من دقة وأمانة وتعفف واستقامة وبعدا عن مواطن الشبهات فضلا عما
يشكله ذلك بالنسبة للمحال وهو يشغل وظيفة رقابية تدق فى تقويمها المعايير
وتتسع دائرة الرقابة الذاتيه حيث يكون الضمير هو الرقيب الوحيد لشاغلها
والامانه والنزاهة والترفع عن الدنايا هى صاحبة القول الفصل فى الحكم على
بقائه فيها وهو ما افتقده المحال باصراره على تنفيذ غايته غير المشروعة
ومحاولة الاستيلاء على أموال الغير – الامر الذى يجعل الفصل هو الجزاء
الوحيد الذى يتفق صدقا وعدلا مع خطورة الذنب المؤثم الذى ثبت فى حق المحال.
ومن حيث أن مبنى الطعن أن القرار المطعون فيه قد خالف نص المادة 78 من
نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 التى
حظرت توقيع جزاء على العامل الا بعد التحقيق معه وسماع أقواله وتحقيق دفاعه
وقد جاءت أوراق التحقيق الادارى خاليه من مواجهة الطاعن بالاتهامات
المنسوبة إليه ولم تخطره بمذكرة الادعاء فى الدعوى التأديبية فضلا عن
الاخلال بحق الدفاع حيث أن الاتهام جاء تأسيسا على أقوال مدير عام المدخرات
الذى كان بينه وبين الطاعن ضغينة سابقة كما انه حاول صياغة الاتهام ضد
الطاعن على أن الاشعار كان موجها إلى محمد احمد حمدى وليس حملى تأكيدا على
أن الطاعن تسلم إشعارا لا يخصه إلا أنه تبين من مراجعة اوراق القضية أن
الاشعار موجها إلى الطاعن وعلى عنوانه 19شارع عرابى بالمهندسين وان الذى
يدعى محمد احمد حمدى عنوانه 90ب شارع احمد عرابى المهندسين وان الخطأ بين
كلمة حمدى و”حملى”و الخطأ فى توجيه الاشعار قد وقع فيه الحاسب الالى وليس
الطاعن وفضلا عما تقدم فإن الطاعن لم يتقدم بطلب مكتوب لالغاء الوديعة
واسترداد قيمتها وان طلبه كان للاستفسار عن وديعة بالجنية الاسترلينى يعتقد
انها تخصه واخيرا فان القرار المطعون فيه جاء مشوبا بالغلو فى الجزاء و
جزاء الفصل فيه غلو يتنافى مع الحقائق الثابتة بان الخطأ المنسوب لطاعن
مرده خطأ البنك فى كتابه الاشعار باسم الطاعن وعلى عنوانه.
ومن حيث ان الثابت من الاوراق ان الطاعن قد توجه إلى بنك مصر فرع
القاهرة وقدم للمختص بالودائع لاجل اشعارا حصل عليه بطريق الخطأ وجه من
البنك إلى العميل محمد احمد حمدى يفيده بتجديد الوديعة الخاصة وهو قيمتها
6391 جنية بعد اضافة الفوائد المستحقة وطلب من الموظف المختص الغاء الوديعة
واسترداد قيمتها ورغم اقتناعه من الموظف المختص بان الوديعة لا تخصه وان
الاشعار المقدم منه باسم العميل محمد احمد حمدى وهو صاحب الوديعة و الحساب
الجارى المدون على الاشعار ولا يخص الطاعن محمد احمد سليمان الحملى إلا انه
أصر على انه صاحب الوديعه وعندما طلب منه الموظف المختص بالبنك ابراز
بطاقته الشخصية قام بتقديمها ثم قام ايضا بناء على طلب الموظف المختص
بالتوقيع باسمه المدون على بطاقته السخصية على ورقة من مطبوعات البنك وهو
الاجراء المطلوب للتحقق من صحة توقيع العميل وذلك رغم عدم علمه بوجود حساب
باسمه لدى البنك او وجود وديعة باسمه على هذا الحساب، وقد تبين للطاعن ان
الوديعة تخص شخصا أخر إلا انه استمر فى طلب رد قيمه الوديعة دون ان يقدم
طلبا مكتوبا بذلك اعتقادا بان والده سبق أن فتح حسابا جلريا باسمه وبه هذه
الوديعة بيد أنه بعد أن عنفه السيد مدير عام الامن بالوزارة أخلى سبيله بعد
ان تبين له جهل الطاعن بالاجراءات البنكية التى تتبع عند فتح حساب الوديعة
أو استردادها وأنه قد يكون حسن النية عند صرف قيمة الوديعة شافهة استنادا
للاشعار الذى ورد على عنوانه عن طريق الخطأ.
ومن حيث انه لما تقدم فان الثابت من الاوراق ان الطاعن لم يحصل على
الاشعار الخاص بالوديعة سالفة البيان بطريق الاحتيال او الاستيلاء عليها
ولكن هذا الاشعار ورد إليه على عنوانه ازاء خطأ الحاسب الالى للبنك فى
توجيه الاشعار على العنوان الصحيح لصاحب الوديعة محمد احمد حمدى 90ب شارع
احمد عرابى بالمهندسين ووجه على العنوان الطاعن 90 د شارع احمد عرابى
المهندسين مما أدخل فى روع الطاعن انه ربما تكون هذه الوديعة تخصه وما
يساند ذلك انه لم يتقدم إلى البنك منتحلا اسم العميل صاحب الوديعة ولكنه
تقدم إلى الموظف المختص باسمه الحقيقى وابرز البطاقة الشخصية وقام بالتوقيع
على ورقة مطبوعات البنك باسمه ولم يستعمل ايه وسائل احتيالية بانتحال اسم
العميل المذكور او التوقيع باسم هذا العميل ومن ثم فان تصرف الطاعن على
الوجه المتقدم ينم على رعونة واستهتار خاصة وانه يشغل وظيفة رقابية كمراجع
مساعد بالجهاز المركزى للمحاسبات مما يشكل فى حقه خروجا صارخا على واجبات
الوظيفة وما تقضيه من دقه وامانه واستقامة والبعد عن مواطن الشبهات فى داخل
وخارج نطاق عمله الوظيفى.
ومن حيث ان تقدير الجزاء فى المجال التأديبي متروك إلى مدى بعيد لتقدير
من يملك توقيع الجزاء غير ان هذه السلطة التقديرية تجد حدها عند ظهور عدم
تناسب بين المخالفة وبين الجزاء الموقع عنها بالغلو فى تقدير الجزاء
والتناسب بين المخالفة والجزاء الموقع عنها انما يكون على ضوء التحديد
الدقيق لوصف المخالفة فى ضوء الظروف والملابسات المشكلة لابعادها، فان مؤدى
ذلك ان جسامة العمل المادى المشكل لمخالفة التأديبية انما ترتبط بالاعتبار
المعنوى لارتكابها بحيث لا تتساوى المخالفة القائمة على غفلة واستهتار
بتلك القائمة على عمد والهادفة إلى غاية غير مشروعة إذ لا شك أن الاولى أقل
جسامة من الثانية وهذا ما يجب ان يدخل فى تقدير من يقوم بتوقيع الجزاء
التأديبى على ضوء ما يستخلصه استخلاصا سائغا من الاوراق.
ومن حيث ان المستخلص من الاوراق ان سلوك الطاعن قد اتسم بالاستهتار
والرعونة ولم يتحر الدقة والامانة فى تصرفه محل المخالفة والبعد عن مواطن
الشبهات ولم يستخلص من التحقيق أو اجراءات المحاكمة التأديبية ما يصم
الطاعن بالنصب او الاحتيال أو انتحال اسم غير اسمه لصرف قيمة الوديعة ولم
يرتكب المخالفة محل المساءلة التأديبية أثناء عمله الوظيفى او بسببه كل ذلك
من شأنه عدم سلامة الاستخلاص الذى انتهى إليه القرار الصادر من مجلس تأديب
العاملين بالجهاز المركزى للمحاسبات لجسامة المخالفة والذى بنى عليه توقيع
عقوبة الفصل من الخدمة.
ومن حيث ان مقتضى الانتهاء إلى عدم سلامة هذا الاستخلاص لوصف المخالفة
ثبوت عدم التناسب بين المخالفة والجزاء الموقع عنه الأمر الذى يقتضى الغاء
قرار مجلس التأديب المطعون فيه وتوقيع الجزاء الذى يتناسب واقعا وقانونا مع
ما ثبت فى حق الطاعن من مخالفة طبقا لنص المادة 63 من لائحة العاملين
بالجهاز المركزى للمحاسبات.
* فلهذه الاسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب
المطعون فيه والقاضى بعقوبة فصل الطاعن من الخدمة وبمجازاته بعقوبة الوقف
عن العمل لمدة ستة أشهر مع صرف نصف المرتب.