يروى هذه الواقعه احد المتهمين فى اكبر القضايا السياسيه المعاصره يقول إن المحامى الشهير و
المفكر الكبير د/ عصمت سيف الدولة حينما كنا نحاكم في القضية الكبرى التي
سميت "قضية الجهاد الكبرى" والتي أعقبت قضية "السادات" .. وكان عدد
المتهمين فيها 302متهاما ً .. أما قضية "الانتماء للجماعة الإسلامية
والجهاد التابعة لها" فكانت تضم أكثر من 400متهم .. وهي أكبر القضايا في
تاريخ مصر القضائي والسياسي .
- وقد تطوع د/ عصمت
سيف الدولة – رحمه الله – مشكورا ً للدفاع عن الشيخ كرم زهدي دون أجر رغم
مكانته الكبيرة كعالم من علماء القانون .
- ولكن بعض المحامين
المتدينين وقتها نصح الشيخ كرم بعدم قبول د/ عصمت محاميا ً له في القضية
.. لأن له ميول يسارية ولأنه كتب الكتاب الأخضر (وهو الكتاب الذي يشرح فكر
الثورة الليبية ).
- ولكن الأستاذ فريد
عبد الكريم المحامي رحمه الله قال للشيخ كرم هذا الرجل مفكر عظيم .. وهو
لا يأتي للدفاع عن أي أحد .. وقد قرأ ملف القضية واختارك بالذات للدفاع
عنك لرجولتك فاجلس معه وسوف تعرف ذلك بنفسك .
- وفعلا ً استأذن الدكتور/ عصمت سيف الدولة من المستشار العظيم/ عبد الغفار محمد - وهو من أعظم القضاة في تاريخ مصر الحديث - للجلوس مع الشيخ كرم فأذن له.
- وبعد أن جلس الاثنان سويا ً لبعض الوقت خرج الشيخ كرم ليوافق فورا ً على توكيل د/ عصمت للدفاع عنه .. بل ويعلن ترحيبه بذلك .
- وقد سألت الشيخ كرم
عن سر تغييره لرأيه مباشرة فقال لي: أنا عندي قرون استشعار تشعر بالرجال
الشجعان.. وقد شعرت أن د/ عصمت رجل وطني شجاع .. وقد أتى للدفاع عنا بحق
.. وليس للرياء أو السمعة أو المنظرة.
- وفعلا ً أبلى د/
عصمت سيف الدولة كعادته بلاءً حسنا ً في مرافعة رائعة لم نعرف قيمتها
وقتها حينما كنا شبابا ً.. حتى تقابلنا بعد قرابة 16عاما ً مع المستشار
عبد الغفار بعد أن أصبح محاميا ً وجاء ليزور الإخوة في قضية المحجوب في
السجن .
- فسألناه: من أثر
فيك من المحاميين ورسخ عندك القناعة بنبل مقصدنا كما ذكرت في الحيثيات
وجعلك تخفف الأحكام عن الإخوة ولا تحكم عليهم بالإعدام؟
- فقال: ثلاثة من
المحاميين أولهم د/ عصمت سيف الدولة.. وحينها تفكرنا في هذا الأمر طويلا
ً.. وقلنا سبحان الله.. الرجل الذي كنا نريد رفض عونه ومساعدته ودفاعه كان
سببا ً من أسباب نجاتنا من الإعدامات.
- لقد تعلمنا من هذا
الدرس العلمي حكمة تربوية عالية تحتاجها الحركة الإسلامية دائما ً.. وهي
ألا ترفض كمسلم يدا ً امتدت إليك بالخير والعون والمساعدة مهما كانت هذه
اليد.. وما دام العون هو على الخير والمعروف.
- وعليك ألا تشترط على ربك هوية وشخصية وتدين من يرسله لك لعونك وإنقاذك من المحن.. "فللـَّه جنود السموات والأرض".
- ومن أدراك أن هذه المحنة سينقذك منها التقى والورع والذي فيه كذا وكذا من فكر الحركة الإسلامية ؟ .
- ومن أدراك أن هذا الرجل سينصرك .. فقد يخذلك لظرف أو آخر.. أو عذر أو آخر ؟
- ألم يشك عمر بن الخطاب إلي ربه كثيرا ً عجز التقي ؟
- وقد دارت الأيام دورتها وأصبح د/ عصمت سيف الدولة من المحبين للحركة الإسلامية والعارفين لفضلها.
- بل إنه رفض أن يهاجمها أو يهجوها أو يقسو عليها في محنتها وذلك لرجولته .
- بل إنه كان يرى أن شباب الحركة الإسلامية هو خير من يصلح لخدمة الوطن والدفاع عنه.
- وكان من أنصار التحالف بين الحركة الإسلامية والتيار القومي لمصلحة الوطن.
- واليوم تذكرت هذه
القصة وهذا الدرس التربوي العظيم الذي تعلمناه في شبابنا من د/ عصمت سيف
الدولة .. وقد أحببت أن أسوقه لشباب الحركة الإسلامية الحديث حتى يشكر من
أحسن إليه .. ويكرمه ويعرف قدره وقيمته .. ولا يتنكر لفضله مهما كان فكره
وتوجهه ..