روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    تفسير القانون

    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    تفسير القانون Empty تفسير القانون

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الجمعة مارس 07, 2014 1:25 pm

    تفسير القانون

    المقدمة
    إن القواعد القانونية الواضحة المعنى لا تحتاج إلى تفسير و لا يجوز تأويلها إلى مدلول غير مدلولها الواضح و لكن نجد في نصوص بعض القواعد القانونية عدم وضوح المعنى أو نقص أو غموض يستحيل فيها تطبيق هذه الحالات المبهمة من القواعد القانونية مما يتطلب تفسيرا لها لتحديد المعنى و هذا التفسير له قواعد و أسس يبنى عليها
    العرضِ
    الفصل الأول ماهية التفسير
    المبحث : التفسير
    التفسير لغة، البيان والتوضيح لكشف المراد ، أما تفسير النصوص القانونية اصطلاحا فيعني التعرف على المعنى الذي ينطوي عليه النص وما يقصده المشرع من عباراته ، فالوقوف على نية المشرع وإرادته التي عبر عنها بالنص التشريعي هي الغرض الذي يسعى كل من الفقيه ورجل الإدارة والقاضي إلى الوصول إليه من وراء التفسير إلا أن الخلاف يثار عندما يراد تحديد المقصود بإرادة المشرع ونيته. وفي ضوء ذلك تعددت وتنوعت مدارس ومذاهب التفسير.
    وذهب فقهاء القانون بشأن المقصود بتفسير القانون مذاهب شتى ، إلا انه يمكن تمييز اتجاهين رئيسيين بهذا الصدد ، أولهما يضيق من مفهومه تبنته مدرسة التزام النصوص ، وثانيهما يوسع من معناه وتبنته اغلب المدارس القانونية الحديثة.
    أما التفسير الضيق فيعني إزالة غموض النص وتوضيح ما أبهم من أحكامه ، ووفقاً لهذا التصور فأن التفسير لا يقع إلا في حالة غموض النص ولا شأن للتفسير بنقص النصوص أو قصورها أو تعارض أجزاء القانون ، لان هذه الأمور ، حسب وجهة النظر هذه ، من اختصاص المشرع لا المفُسر.
    بينما يعني التفسير الواسع توضيح ما غمض من ألفاظ النصوص القانونية ، وتقويم عيوبها ، واستكمال ما نقص من أحكام القانون والتوفيق بين أجزائه المتعارضة وتكييفه على نحو يجاري متطلبات تطور المجتمع وروح العصر. والتفسير بهذا المعنى يلازم تطبيق القانون ، سواء كان النص واضحاً أو غامضاً ،لان التفسير ماهو إلا عملية عقلية علمية يراد بها الكشف عن المصلحة التي تهدف إليها الإرادة التشريعية وحكمة التشريع للحكم في الحالات الواقعية وتطبيق القانون على وقائع الحياة الفردية والاجتماعية بتطوراتها الراهنة والمستقبلية فلا يقف تفسير القانون جامدا عند حد معين لا يتجاوزه هو وقت صدور التشريع وإنما يتطور مع تطور الحياة. وهذا هو التفسير المتطور في حقيقته ومعناه.
    وفي ضوء ما تقدم ذهب الفقه القانوني الحديث إلى أن تحقيق العدالة لا يقوم على مجرد تكرار الأحكام للحالات التي تبدو في الظاهر متشابهة ، أو كانت متشابهة فعلا ، ولكن دونما نظر الى عوامل الزمان والمكان ، ذلك أن تطور القانون وملائمته للمستجدات والحاجات البشرية المتصاعدة والمتفرعة إلى كل الاتجاهات ، لايحصل بالتفسير الضيق والتكرار، ولكن حسن ادارك القاضي وقناعته ويقينه القائم على أساس العقل والحدس يقود إلى تلك النتيجة .
    فتطور اتجاهات تفسير القانون تتطلبه الحياة الاجتماعية المعاصرة بتطوراتها المتسارعة التي لم يعد باستطاعة المشرع مجاراتها بحركته الثقيلة المعهودة 1، فيوما بعد يوم تظهر للوجود مخترعات جديدة وأفكار خلاقة حديثة تتولد عنها حقوق وتثار بشأنها منازعات متنوعة ، مما يتطلب وجود عقلية قضائية وإدارية فذة بمستوى الحدث قادرة على سد الفراغ التشريعي والقصور التشريعي.
    وملائمة القانون تتطلبها العدالة الحقة في كل زمان ومكان وتلك الحاجات المستجدة، والملائمة هي عملية غائية ، وليست مجرد منطق صوري مكرر ، غايتها تحقيق مقاصد النظام القانوني والحكمة من التشريع وبعيدا عن الآراء الشخصية والهوى
    المطلب الأول القائم بالتفسير
    الفرع الاول: من الناحية النظرية
    ، تقع مهمة تفسير القانون ابتداء على عاتق المخاطبين بحكمه ، لأنهم المكلفين بالامتثال لأوامره ونواهيه وهم من يتحمل المسؤولية الجزائية أو المدنية في حالة أن خرجوا عن مقتضى إحكامه ، لان الجهل بالقانون ليس بحجة، إلا انه من الناحية العملية وكما هو الحال في تفسير النصوص الشرعية، فان تفسير القانون ليس بالأمر الهين في اغلب الأحوال، وهكذا وجد من يساعد الناس على القيام بهذه المهمة ، كالمحامي والفقيه.
    الفرع الثاني :نطاق العمل الاداري
    فان مهمة تفسير القانون تقع على عاتق رجل الإدارة من وهو ينظر في طلبات الناس واحتياجاتهم، أو من تلقاء نفسه حينما ينفذ المهام الرسمية التي تدخل ضمن اختصاصه ، كإصدار القرارات الإدارية أو إبرام العقود الإدارية أو المدنية.
    وأخيرا فان مهمة تفسير القانون تقع على عاتق القاضي بمناسبة نظره دعوى رفعت أمامه، والقاضي في ممارسته لوظيفته القضائية لا يتدخل أو لا يبادر لممارستها من تلقاء نفسه بل لابد أن يتقدم إليه احد أطراف النزاع عن طريق الدعوى حتى يمارس وظيفته في الرجوع إلى القاعدة القانونية المناسبة واستخلاص النتائج القانونية منها ومن ثم إنزال حكمها على النزاع المعروض عليه .( 1
    الا ان حاجة الناس لمعرفة أحكام القانون وتفسيره تكون قبل النزاع لا بعده،أي قبل رفع الدعوى، وبما ان الدعوى ليست أمرا لازما او حتمياً في كل الأحوال ، حيث يقوم الناس يوميا بعدد غير محصور من العلاقات القانونية ، ولا يثار بشأنها نزاعاً يستدعي عرضه أمام القضاء على الأغلب إلا بنسبة محدودة ، فان حاجة الناس للتفسير القضائي تكون بعد تحقق الخلاف او وقوع الجريمة .في حين ان الحاجة الحقيقية لتفسير القانون وفهم أحكامه ينبغي أن تكون قبل النزاع ورفع الدعوى حتى يتمكن الناس من تجنب الخطأ واللامشروعية والجريمة .
    ومن هنا تبدو أهمية تنشيط الفقه القانوني لدعم نشاط الإدارة العامة ومشروعيته ومساعدة الناس على تحقيق أمانيهم وتطلعاتهم المشروعة دون أن يؤدي بهم ذلك ، ولو بحسن نية ، الى الوقوع
    المطلب الثاني حلات التفسير
    و يقصد بحالات التفسيرالأسباب إلي أدت بالقاضي أو الفقيه للبحث عن تفسير للقانون من أجل الإيضاح و تسهيل فهم المعنى.
    ـ حالات التفسير وأسبابه
    يكون النص القانوني مشوبا بعيب من العيوب التي تجعله في حاجة إلى التفسير
    وهذه العيوب هي:
    ـ الخطأ المادي أو المعنوي
    ـ الغموض و الإبهام
    ـ النقص والسكوت
    ـ التناقض والتعارض
    الفرع الاول الخطا المادي
    هو تضمن النص القانوني لعبارة يشوبها الخطأ المادي الواضح لورود خطأ لفظي بحيث لا يستقيم معنى النص إلا بتصحيح ذلك اللفظ أو تلك العبارة , أن هذا الخطأ ليس بحاجة إلى التفسير و إنما إلى التصحيح فقط حتى يستقيم المعنى.
    مثال : أن يقول النص "يعاقب المخالف بالسجن من 10 أيام إلى شهرين " و لكي يستقيم المعنى يكون النص كالأتي : "يعاقب بالحبس 10 أيام إلى شهرين " لأن السجن يبدأ من 05 سنوات إلى 20 سنة.
    الفرع الثاني الغموض
    يكون النصالقانوني غامضا أو مبهم إذا كانت عبارته تحمل أكثر من مدلول و حينئذ للقاضي أو الفقيه الاختيار بين المفاهيم و الأخذ بالمفهوم الأقرب إلى الصواب.
    مثال : " بيع ملك الغير يكون باطلا " هذه العبارة تحمل معنيين البطلان المطلق و البطلان النسبي حيث ان البطلان المطلق يتم بناءا على طلب كل ذي مصلحة بالطعن في عقد البيع بالبطلان كما يحق للمحكمة ان تقضي ببطلانه من تلقاء نفسها , اما البطلان النسبي فيتم بناءا على طلب احد اطراف العقد و على القاضي اختيار مفهوم واحد لتطبيقه.
    الفرع الثالث النقص والتناقض
    .النقص : يعتبر النص القانوني ناقصا إدا سكت المشرع عن أيراد بعض الألفاظ أو أغفل التعرض لبعض الحالات التي كان يلزم أن يتعرض لها حتى يستقيم المعنى.
    مثال 1: المادة 124 القانون المدني 1975 : كل عمل أيا كان يرتكبه المرء, و يسبب ضررا للغير , يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض" هنا اغفل ركن الخطأ و أصبحت المادة 124 القانون المدني 2005 تنص:" كل فعل أيا كان يرتكبه الشخص بخطئه , و يسبب ضررا للغير يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض".
    4.التناقض : القصد من التناقض هو تعارض بين نصين قانونيين حيث يخالف معنى و حكم احدهما مفهوم و حكم الآخر في موضوع واحد. في حالة التعارض القاضي إما يعتبر أحد النصين عاما و يطبقه بصفة عامة و يعتبر النص الآخر خاصا يطبقه في حالات خاصة تكون الأقرب إلى الصواب, أو يعتبر النص الجديد لاغيا للنص القديم المتعارض معه.
    مثال: في المادة 115 من القانون المدني السوري تنص :" يقع باطلا تصرف المجنون و المعتوه اذا صدر التصرف بعد اشهار قرار الحجر" بينما في المادة 200 من قانون الاحوال الشخصية السوري فينص على مايلي :" المجنون و المعتوه محجوران لذاتهما و يقام على كل منهما قيم بوثيقة" فهنا نجد النص المدني ينص على ان بطلان تصرفات المجنون و المعتوه لايقع الا بعد صدور حكم قضائي و اشهاره بينما نص قانون الاحوال الشخصية فيعتبر تصرفات المجنون و المعتوه باطلة ابتداءا من وقت اصابتهما بالمرض و بالتالي التصرفات الواقعة في الفترة ما بين الاصابة و بين صدور قرار الحجر عليهما باطلة
    الفصل الثاني.. التفسير واتجاهاته المختلفة
    المبحث انواع التفسير ومذاهبه
    المطلب الاول انواع التفسير
    انواع التفسير من حيث دلالة النصوص على المعاني ثلاثة انواع ، هي التفسير الحرفي وهو التفسير الذي يقف عند المعنى الحرفي للنص ، وهو منتقد من قبل من رأى ان فكرة التفسير تتضمن بالضرورة ملاحظة امور خارجة عن الكلمات ، وليست هناك جملة من الالفاظ يمكن ان تحدد المعنى دون ملاحظة البيئة والسياق . لذلك ، وفقا لهذا الراي ، فان الوضوح ليس الا مظهراً خادعاً ، وان الخروج على حرفية النصوص امر لا مناص منه.
    ، والتفسير الضيق وهو التفسير الذي يتجاوز المعنى الحرفي ويمتد الى دلالة المنطوق ، والتفسير الواسع وهو التفسير الذي يتجاوز المعنى الحرفي ويمتد الى دلالة المفهوم او القياس.
    وكلا التفسيرين الضيق والواسع يدخل في نطاق قاعدة ( العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للالفاظ والمباني ) وان امتد التفسير الواسع الى ابعد مما هو مقرر في هذه القاعدة ايضاً.
    اما انواع التفسير من حيث مصدره فهو على اربعة انواع حيث يقوم بالتفسير عادة الفقه والقضاء والادارة والمشرع ، وسنتكلم بايجاز في هذه الانواع .
    الفرع الاول التفسير التشريعي
    : وهو التفسير الذي يصدر من المشرع لازالة غموض او سد نقص في قانون اختلفت المحاكم والادارات العامة في تطبيقه، ويصدر التفسير التشريعي بموجب قانون مفسِر وهو ملزم لجميع السلطات ويسري باثر رجعي على الوقائع القائمة في ظل القانون المفسَر والتي لم تصدر بشأنها الاحكام على ان لا يتضمن احكام جديدة لم يتضمنها القانون المفسَر. فان تضمن احكام جديدة فانها تسري للمستقبل فقط. ويكون هذا النوع من التفسير عندما يصدر المشرع معينا ثم يرى أن ثمة ضرورة لتفسيره فيصدر قانونا ثانيا مفسرا للقانون الأول، ويعتبر القانون المفسر بمنزلة القانون االأصلي وجزءا منه ويجب اتباعه في جميعالقضايا التي يطبق فيها القانون الأصلي ، إي أنهما على نفس الدرجة من الإلزامية
    الفرع الثاني التفسير القضائي
    هو التفسير الذي يقوم به القاضي عند تطبيق قانون يتخلله غموض أو إبهام على دعوى مرفوعة أمامه حتى يسهل فهمه و تتبين أحكامه و يكون هذا ملزما فقط في الدعوى التي صدر بشأنها في المحكمة ذاتها , وهذا التفسير هو الأكثر شيوعا لأنه عملي , و يمتاز التفسير القضائي بعدة خصائص هي :
    1. يكون عند طرح نزاع أمام المحكمة.
    2. المحكمة ملزمة بالتفسير دون طلب الخصوم.
    3. تفسير القاضي يتأثر بظروف الدعوى المطروحة فيأتي مناسبا لها من تطبيق حكم عادل.
    4. التفسير غير ملزم للمحاكم الأخرى , كما يجوز للقاضي مخالفته في دعوى مماثلة.
    و لكن هناك استثناء بالنسبة :
    - المحكمة العليا عندما تصدر نصا تفسيريا فان قرارها بالتفسير يكون ملزما لجميع المحاكم.
    - مجلس الدولة فانه بموجب المادة 09 من قانونه العضوي رقم 98-01 يخول له تفسير التشريع الفرعي خاصة المراسيم الرئاسية و التنفيذية و القرارات التنظيمية.
    - المحاكم الإدارية :المادة 801 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية و ذلك بالنسبة لقرارات الإدارة المحلية.
    الفرع الثالث التفسير الفقهي
    هو التفسير الذي يصدر عن فقهاء القانون في أبحاثهم القانونية حيث يقومون بتفسير و استخلاص الأحكام من خلال التعليق عليها و هذا تفسير لا يرتبط بنزاع قضائي قائم بل يكون نظريا فبالتالي لا يكون ملزم للقضاء لأنه مجرد رأي فالقاضي له الاختيار في الأخذ به أو تركه, و لا يمكننا التقليل من أهمية التفسير الفقهي لمساهمته في تطوير القانون.
    و يوجد ايضا تفسير آخر تقوم به الإدارات العامة من خلال التعليمات التي تصدر لموظفيها حتى يتسنى لهم كيفية تطبيق القوانين و تكون ملزمة للموظفين الصادرة لهم فقط .
    الفرع الرابع التفسير الإداري
    وهو التفسير الذي تتولاه السلطة التنفيذية من تلقاء نفسها وهي بصدد تنفيذ القوانين على الحالات الواقعية وهو الأضخم في الحياة العملية ، والتفسير الإداري غير ملزم للقضاء وإنما يعتبر بمثابة رأي شخصي ويقتصر إلزامه على من وجه إليه التفسير من رجال الإدارة. وتصدر التفسيرات الإدارية على شكل تعليمات او لوائح او منشورات ، وهذه تعتبر قرارات إدارية تنظيمية يجوز الطعن بها أمام القضاء الإداري
    المطلب الثاني مذاهب التفسير.
    إن نية و أرادة المشرع هي التي تحدد معنى التشريع لذا فيجب على القاضي أو الفقيه اخذ ذلك في عين الاعتبار في بحثه حتى يتسنى له التفسير الموافق لذلك و هذا ما أدى إلى اختلاف مذاهب التفسير و اتجاهاته , يمكن تلخيصها في ثلاث مذاهب أساسية : المدرسة التقليدية ,المدرسة التاريخية , المدرسة العلمية
    الفرع الاول المدرسة التقليدية (الشرح على المتون)
    سميت هذه المدرسة بالشرح على المتون لأنها ترى ضرورة الالتزام بالنص و التقيد به و عدم الخروج عنه فمن أسسها : تقديس النصوص التشريعية , التشريع هو المصدر الوحيد للقانون. حيث يلتزم المفسر في تفسير القانون بالتقيد وفقا بالإرادة الحقيقية أو المفترضة للمشرع دون الاحتمالية وقت وضع هذا القانون مهما الزمن الذي صدر فيه و ليس وفقا لإرادته وقت التفسير أو التطبيق حتى وان تغيرت الظروف ,أي عدم جواز المساس بالنصوص او الخروج على أحكامها . ونشير إلى أن هذا المذهب ظهر في فرنسا مع تقنينات نابليون التي كانت تعتبر مقدسة وتتضمن كل الحلول المناسبة لمختلف المسائل القانونية لذا لا يجوز الخروج عنها.
    و لكن وجهت انتقادات لهذا المذهب حيث يؤدي إلى جمود النصوص وعدم الخروج عن معناه , تقيد حرية المفسر عند تفسيره للقانون ,تفسير القانون حسب إرادة المشرع وقت وضعه يهمل التطور وتغير الظروف , مذهب شكلي يأخذ بالمظهر ويهمل المضمون .
    الفرع الثاني المدرسة التاريخية
    ينسب المذهب التاريخي إلى الفقيه الألماني سافيني أساسه يرتكز على " أن القانون وليد المجتمع". إذ انه يرى انه يجب أن يتم التفسير وفقا لتطورات المجتمع و الظروف الاجتماعية و المؤثرات المحيطة به وقت عملية تفسير القانون أو تطبيقه و ليس تبعا لإرادة المشرع وقت وضعه باعتبار أن القانون هو أداة تعبر عن اتجاهات و أولويات المجتمع فمن غير الممكن أن يناسب قانون واحد جميع المجتمعات و الظروف .
    إن هذا المذهب يمنح القانون شيء من التطور و يجعله يساير الظروف الاجتماعية وفقا للمستجدات.
    و لكن هذا المذهب ينتقد من انه يهمل إرادة المشرع تماما بعد سن القانون وبالتالي يوسع صلاحيات المفسرين مما يؤثر على التشريع حسب أهوائهم و بالتالي يضفي عليهم صفة المشرعين بدل المفسرين
    الفرع الثالث المدرسة العلمية.. مذهب البحث العلمي الحر
    ينسب هذا المذهب إلى الفقيه الفرنسي جيني و يهتم بالمصدر المادي للقانون . و يقف هذا المذهب موقف وسط بين المذهبين السابقين فتعتمد على مبدأين هما:
    *المبدأ الأول يتفق مع المذهب التقليدي: عند عرض الحالات التي سن من أجلها القانون يلزم البحث عن إرادة المشرع وقت وضع هذا القانون يتم تطبيقه مهما كانت درجة توافقه مع الظروف.
    *المبدأ الثاني يتفق مع المذهب التاريخي: عند عرض حالات جديدة لم يتعرض لها القانون يجب البحث عن حكم القانون في المصادر الأخرى للقانون فان لم يجد فعلى المفسر البحث في المصادر المادية التي أوجدت النص أي الظروف الاجتماعية, السياسية, الاقتصادية...الخ.
    يجب على المفسر البحث عن الحلول الملائمة وفقا لمصلحة الحاجة و التي تتماشى وتطور المجتمع
    المطلب الثالث طرق التفسيروالاشكالية الواقعة في تفسير القانون
    الفرع طرق التفسير
    ان قواعد التفسير تبدو على نوعين اولهما: قواعد التفسير الخارجية وهي القواعد التي يستعين بها المفسر من خارج دائرة النصوص وثانيهما: قواعد التفسير الداخلية وهي القواعد التي يلتمسها المفسر داخل دائرة النصوص
    اولاًـ طرق التفسير الخارجية:
    وهي طرق للتفسير يستند فيها المفسر الى عنصر خارج عن التشريع لاسيما في حالة غموض النص واهمها ما يأتي
    1ـ التفسير في ضوء حكمة التشريع : لكل نص تشريعي حكمة ابتغاها المشرع من وراء وضعه ، وتتجسد هذه الحكمة في الغرض الذي هدف اليه المشرع من وضع النص ، اوالعلة التي اقتضت الحكم ،
    وعن طريق ادراك الغرض اوالعلة يمكن في احيان كثيرة الكشف عن دلالات النص وبيان المراد منه ، ذلك ان دلالات الالفاظ على المعاني قد تحتمل اكثر من وجه ، وخير مرجح لوجه منه على الاخر هو الوقوف على حكمة التشريع وفهم المقاصد العامة من التشريع، وقد اتفق اغلب فقهاء القانون على ان البحث عن حكمة التشريع هو ما ينبغي ان يكون الخطوة الاولى للمتصدي للتفسير.
    ويمكن الوقوف على حمكة التشريع من خلال التعرف على المصالح الاجتماعية او الاقتصادية او السياسية التي يراد حمايتها من وراء وضع التشريع او النص ، ذلك ان اغلب القواعد القانونية لا تعدو ان تكون الا نتاج المفاضلة بين المصالح المتنازعة .
    من ذلك ان القواعد القانونية التي تتيح للمالك مكنة استرداد ملكه من تحت يد المغتصب ،انما جاءت بناءاً على حكمة مفادها ان مصلحة المالك اولى بالرعاية من مصلحة المغتصب وعليه وفي اطار تفسير نصوص دعوى الرد اذا كان هناك غموض في تفسيرالنصوص فان حكمة التشريع تقتضي ان يفسر النص لمصلحة المالك ، الا انه وفي اطار دعوى كسب الملكية بالتقادم اذا توفرت في المغتصب شروط اكتساب الملكية بالتقادم فان حكمة التشريع تقتضي تفسير النص الغامض لمصلحة الحائز (المغتصب) وهذا ما تقتضية علة الحكم في نصوص كسب الملكية لمرور الزمان.
    الا ان الحكمة التشريعية لا تبقى حبيسة وقت وضع النص فهي متجددة ومتحركة وان بقت الفاظ النص هي ذاتها، فالحكمة التشريعية هي القوة المتحركة التي تبعث في النص الحياة مادام قائما ، وبذلك يكتسب النص مع تطور الاوضاع الاجتماعية معناً جديداً ويتسع تطبيقه ليغطي حالات جديدة لم تكن معروفة وقت وضع النص ، والفكرة المتقدمة تعبر حقاً وصدقاً عن نظرية التفسير المتطور.(2) وبصورة عامة يمكن تلمس حكمة التشريع في الاسباب الموجبة للتشريع ايضا.
    (3)
    2ـ الاعمال التحضيرية: وهي مجموعة المذكرات التفسيرية ومناقشات المجالس التشريعية ومحاضر اعمال اللجان، التي تقترن عادة بالتشريعات عند تحضيرها.
    وتبدو اهمية الاعمال التحضيرية في التعرف على نية المشرع وحكمة التشريع وتفسير الالفاظ المبهمة ، بيد انه مهما كانت أهمية الاعمال التحضيرية فانها لا تعتبر جزءاً من التشريع، بل هي شيء خارج عنه يحتمل فيه الخطأ. وهي غير ملزمة للقضاء او لرجال الادارة بطبيعة الحال ، خاصة وان بعض الجدل والافكار الواردة اثناء الاعداد للتشريع لم تجد طريقها اليه، وقد يعدل القانون تعديلاً جوهرياً دون ان تعدل المذكرة التفسيرية بما يتفق وتعديل النصوص .
    واذا كانت المذكرة التفسيرية للقانون ذات اهمية خاصة في الكشف عن نية المشرع وفي توضيح ما غمض من الاحكام ، فانها لا ترقى الى مستوى النصوص التشريعية وليس لها قوة الزامية.( 4)
    وخلاصة القول انه يقتصر دور الاعمال التحضيرية والمذكرة التفسيرية على الاستئناس بهما دون ان تكون لهما قوة النصوص التشريعية. ويذهب الفقه القانوني الحديث الى ان قصارى ما يكون للاعمال من ذلك ما نصت عليه المادة (214/1) من القانون المدني الاردني على ان ( العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للالفاظ والمباني ) وتتعارض هذه المادة ظاهرياً مع المادة (239/1) من نفس القانون التي تنص على انه ( اذا كانت عبارة العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها ) الا انه بالرجوع الى المذكرة الايضاحية للقانون يتبين منها ما يلي ( ان العبرة في تفسير العقد في الفقه الاسلامي بالارادة الظاهرة لا بالارادة الباطنة . ولا يقدح في ذلك قاعدة الامور يمقاصدها او ان العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للالفاظ والمباني (م،2، 3 من المجلة) ونحو ذلك فان هذه القواعد لا تعني انه يعتد بالارادة الباطنة ، بل ان المقصود ان الذي يعتد به المقاصد والمعاني التي تستخلص من العبارات والصيغ المستعملة ، او من دلائل موضوعية وعلامات مادية قلا تجاوز هذا البحث الموضوعي الى بحث ذاتي نستشف به الضمير ونستكشف به خفايا النفوس).(5)
    ) 3ـ المصادر التاريخية:
    يمكن للمُفسر ان يرجع الى المصادر التاريخية للتشريع لكشف المراد من النص ، ويقصد بالمصادر التاريخية المراجع التي يأخذ منها المشرع قواعد قانونه ويستمد منها احكامه.
    ومن ذلك ان اغلب التشريعات العربية استمدت مصادرها اما من القواني الوضعية الغربية او من الفقه الاسلامي ، فان غمض نص وكان مستمدا من قانون وضعي اجنبي كان بامكانه الرجوع الى ذلك الفقه والقضاء الأجنبيين في تفسير هذا النص ، وان رأى المفسر انه مستمد من الفقه الاسلامي استعان بهذا الفقه في تفسير هذا النص.
    ومن ذلك ان الفقه والقضاء المصري كان يستعين في تفسير القانون المدني القديم بمصدره التاريخي وهو القانون المدني الفرنسي، ومن ذلك تفسيره لنص المادة (555) مدني مصري مختلط التي قررت ان ( ان قسمة المال عيناً تعتبر بمنزلة بيع كل من الشركاء حصته الشائعة قبل القسمة لمن وقعت في نصيبه ويترتب عليها ما يترتب على البيع ).
    والحال ان هذا الحكم يتعارض مع طبيعة القسمة المقررة في اغلب القوانين الحديثة ومنها القانون المدني الفرنسي ، لان القسمة غير البيع،فالقسمة كاشفة للملكية وليست
    الدستور: لم يتطرق الباحثين الى الدستور كمرجع للتفسير في حالة غموض النص ، ذلك ان الدستور يعبر عن السياسية التشريعية والاجتماعية والاقتصادية السائدة في الدولة ، ويمكن استجلاء غموض النص ورفع التعارض بين النصوص من خلال الرجوع الى احكامه كما يبدو لنا ، فالقاعدة القانونية انما تستمد شرعيتها اصلاً من مبدأ عام نص عليه الدستور ، وفهم مضمون هذا المبدأ يساهم بلا شك في الوصول الى حكمة النص ومراميه.

    المباديء العامة للقانون
    رغم اقرار جميع فقهاء القانون بالاهمية الكبرى لمباديء القانون العامة باعتبارها تعبر عن حيوية النظام القانوني وأداة من ادوات تنميته وتطويره ، فانه لايوجد اتفاق فقهي على تحديد المقصود منها .
    ويذهب رأي الى ان المبدأ العام هو قاعدة القواعد القانونية ،بمعنى قابلته على الانطباق على قواعد قانونية اخرى بحيث تكون الاخيرة تطبيقاً للمبدأ العام ، واذا اخذنا المبدأ العام على هذا المعنى ، فانها يصبح فكرة فنية المقصود منها وضع بناء منطقي متماسك للقواعد القانونية .
    وعرفها الفقيه بيسكاتوري بأنها، مجموعة من المباديء التي تستخدم في توجيه النظام القانوني ، من حيث تطبيقه وتنميته ، ولو لم يكن لها دقة القواعد القانونية الوضعية وانضباطها .
    ونبه الفقيه ريبير الى ضرورة تحاشي تعريف المباديء العامة للقانون ، وهو يعتقد ان المباديء العامة يمكن التعرف عليها عندما تقع مخالفة لها ، فلئن كان من الصعب تعريف المبدأ الاساس في احترام الملكية الخاصة ، الا انه يمكن التعرف على المبدأ عند مصادرة الملكية دون مقابل وبطريقة تحكمية
    . تقريب النصوص: إذا كان النص غامض و هو ضمن مجموعة نصوص , يجوز للمفسر أن يقرب النصوص لتوضيح المعنى بمقارنة النصوص بعضها مع بعض الآخر لان في تجميعها يحدد الإرادة الحقيقية للمشرع . مثال1 : قد يحتاج تفسير قانون البلدي الرجوع إلى قانون الولاية أو القانون الدستوري. مثال 2: و قد يحتاج قانون الأسرة الرجوع إلى القانون المدني.
    ثانيا طرق التفسير الداخلية
    ومن أهمها الاستنتاج بطريق القياس و باب أولى ، والاستنتاج بمفهوم المخالفة .
    القياس : ويكون ذلك بتطبيق حكم وارد بشأن حالة معينة على حالة أخرى لم ينص عليهاالقانون ، وذلك لوجود الشبه الأكيد بين الحالتين أو ما يسمى بالاتحاد بينهما فيالسبب أو العلة .
    فقياسا على الحديث النبوي الشريف الذي ينص على أن قاتل مورثهلا يرث منه ، أمكن الاستنتاج أن الموضى له إذا قتل من أوصى له فإنه لا يستحق الوصيةمنه ، وذلك لاتحاد العلة في الحالتين وهي القتل .

    ب ) الاستنتاج من باب أولى : ويكون بتطبيق حكم وارد بشأن حالة معينة على حالة أخرى لم ينص عليها في القانون ،لا لأن علة الحكم الوارد بشأن الحالة الأولى أو سببه متوافران في الحالة الثانيةفحسب ـ كما هو الحال بالنسبة للإستنتاج بطريق القياس ـ ولكن لأنهما أكثر توافرا فيهذه الحالة الثانية منهما في الحالة الأولى .
    ومثال ذلك ما ورد في الآية الكريمةالتي تأمر بحسن معاملة الوالدين في قوله تعالى " ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما " ويستنتج من ذلك عدم جواز ضربهما من باب أولى .

    ج ) الاستنتاج بمفهومالمخالفة : وهو عكس الاستنتاج بطريق القياس ، ويكون بتطبيق عكس الحكم بشأن حالةمعينة على حالة أخرى لم ينص عليها في القانون ، ولكنها تختلف كل الاختلاف عن الحالةالأولى ، بحيث تعتبر معاكسة لها تماما .
    فحين ينص القانون مثلا على أن هلاكالمبيع قبل تسليمه يؤدي إلى فسخ العقد واسترداد الثمن من قبل المشتري ، نستطيع أننستنتج بمفهوم المخالفة مثلا أنه إذا هلك المبيع بعد تسليمه لا يفسخ العقد ولايسترد المشتري الثمن .

    الخاتمة

    و في الاخير نستنتج أن للحق مصادر تتمثل في الوقائع القانونية و هي قسمان وقائع طبيعية أو وقائع مادية بفعل الانسان قد تكون أفعال ضارة مما يكسب الغير حقوقا أو قد تكون أشباه عقود أو اعمال نافعة و لكنها خالية من الارادة أما التصرفات القانونية فيعبر عنها بالمصادر الارادية للحقوق و الالتزامات حيث تتجه الارادة الحرة الى إنشائها و هي بدورها قسمان تصرفات تبادلية و تصرفات قانونية بإرادة منفردة
    منقول

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 5:07 am