مجلة المحاماة – العدد السابع
السنة الثالثة والثلاثون سنة 1953
بحث في تفسير المادة (355) عقوبات لحضرة الأستاذ عبد الباقي دكروري القاضي بمحكمة القاهرة الابتدائية
ثار البحث أخيرًا بمناسبة ارتكاب أحد الأمراء قتل خمسين رأسًا من الغنم رميًا بالرصاص – بدون مقتضً - وذلك حتى لا تتسرب هذه السلالات الممتازة من الأغنام إلى الدوائر الزراعية التي أرادت الانتفاع بها في تحسين النسل.
وسواء صح نسبة هذا الجرم إلى سمو الأمير أم لم يصح فإننا لا نعني في بحثنا هذا إلا تفسير ما ظن في النص المذكور من غموض وإبهام.
ولتوضيح ذلك نذكر أن المادة (355 ع)
نصت على ما يأتي:
(يعاقب بالحبس مع الشغل كل من قتل عمدًا بدون مقتضً حيوانات من دواب الركوب أو الجر أو الحمل أو من أي نوع من أنواع المواشي أو أضر به ضررًا كبيرًا إلخ).
ومقضى هذا النص أن الأغنام لا شك داخلة تحت (أي نوع من أنواع المواشي) - ومما لا شك فيه كذلك أن هذه الأغنام أعدت للتناسل أو للذبح وبالطريقة الشرعية بقصد الأكل - وهذا هو ما قصد إليه المشرع في تعبيره بدون مقتضً - حتى يخرج من ذلك القتل العمد – والرأي عندي أن هذه المادة تتناول بالعقاب المالك وغير المالك – ذلك لأن المادة (354 ع) السابقة عليها نصت على عقاب كل من كسر أو خرب لغيره شيئًا من آلات الزراعة أو زرائب المواشي إلخ – ومفهوم هذا أن المادة (354 ع) تعاقب على تخريب ملك الغير - بينما نص المادة (355 ع) خلا من كلمة (الغير) - وقد يرد على هذا الرأي برأي أستاذنا جندي عبد الملك المستشار السابق بالنقض أنه فسر م (313 ع) المقابلة للمادة (358 ع) الحالية التي تنص على ما يأتي: يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة شهور إلخ - كل من أتلف كل أو بعض محيط متخذ من أشجار خضراء أو يابسة.
إذ قال أستاذنا الفقيه الكبير شرحًا لهذا النص إنه ولو لم تنص المادة المذكورة على شرط ملكية الغير للمحيط المتلف، ولكن من المقرر أنه لا وجود للجريمة المنصوص عليها في هذه المادة متى كان للفاعل حق التصرف في المحيط الذي أتلفه - ذلك لأن المادة (358 ع) وردت في الكتاب الثالث تحت عنوان (في الجنايات والجنح التي تحصل لآحاد الناس) مما يفيد أن الغرض منها المعاقبة على الاعتداء على محيطات الغير.
ومع احترامنا لرأي أستاذنا الجليل - أرى أن المادة (355 ع) تعاقب على قتل الحيوان كافة - إذا وقع القتل بدون مقتضً – سواء كان الحيوان مملوكًا للفاعل أم لغيره - بدليل أن المشرع لم يذكر في المادة (355 ع) النص على ملكية الحيوان للغير كما نص في المادة (354 ع) الخاصة بتخريب آلات الزراعة.
ولا شك أن المشرع أغفل النص على ذلك عمدًا، ولم يكن ساهيًا عن تقرير ذلك - حتى يمكن أن يتناول النص بالعقاب مثل الحالة التي أشرنا إليها في صدر هذا البحث.
هذا هو مبلغ ما وصل إليه جهدي المقل من تفسير للمادة المذكورة فإن أصبت فبها ونعمة وإن أخطأت فالرأي لحضرات الأساتذة المشتغلين بهذه المادة تدريسًا ولعلهم يدلون برأي يضع الحق في نصابه.
السنة الثالثة والثلاثون سنة 1953
بحث في تفسير المادة (355) عقوبات لحضرة الأستاذ عبد الباقي دكروري القاضي بمحكمة القاهرة الابتدائية
ثار البحث أخيرًا بمناسبة ارتكاب أحد الأمراء قتل خمسين رأسًا من الغنم رميًا بالرصاص – بدون مقتضً - وذلك حتى لا تتسرب هذه السلالات الممتازة من الأغنام إلى الدوائر الزراعية التي أرادت الانتفاع بها في تحسين النسل.
وسواء صح نسبة هذا الجرم إلى سمو الأمير أم لم يصح فإننا لا نعني في بحثنا هذا إلا تفسير ما ظن في النص المذكور من غموض وإبهام.
ولتوضيح ذلك نذكر أن المادة (355 ع)
نصت على ما يأتي:
(يعاقب بالحبس مع الشغل كل من قتل عمدًا بدون مقتضً حيوانات من دواب الركوب أو الجر أو الحمل أو من أي نوع من أنواع المواشي أو أضر به ضررًا كبيرًا إلخ).
ومقضى هذا النص أن الأغنام لا شك داخلة تحت (أي نوع من أنواع المواشي) - ومما لا شك فيه كذلك أن هذه الأغنام أعدت للتناسل أو للذبح وبالطريقة الشرعية بقصد الأكل - وهذا هو ما قصد إليه المشرع في تعبيره بدون مقتضً - حتى يخرج من ذلك القتل العمد – والرأي عندي أن هذه المادة تتناول بالعقاب المالك وغير المالك – ذلك لأن المادة (354 ع) السابقة عليها نصت على عقاب كل من كسر أو خرب لغيره شيئًا من آلات الزراعة أو زرائب المواشي إلخ – ومفهوم هذا أن المادة (354 ع) تعاقب على تخريب ملك الغير - بينما نص المادة (355 ع) خلا من كلمة (الغير) - وقد يرد على هذا الرأي برأي أستاذنا جندي عبد الملك المستشار السابق بالنقض أنه فسر م (313 ع) المقابلة للمادة (358 ع) الحالية التي تنص على ما يأتي: يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة شهور إلخ - كل من أتلف كل أو بعض محيط متخذ من أشجار خضراء أو يابسة.
إذ قال أستاذنا الفقيه الكبير شرحًا لهذا النص إنه ولو لم تنص المادة المذكورة على شرط ملكية الغير للمحيط المتلف، ولكن من المقرر أنه لا وجود للجريمة المنصوص عليها في هذه المادة متى كان للفاعل حق التصرف في المحيط الذي أتلفه - ذلك لأن المادة (358 ع) وردت في الكتاب الثالث تحت عنوان (في الجنايات والجنح التي تحصل لآحاد الناس) مما يفيد أن الغرض منها المعاقبة على الاعتداء على محيطات الغير.
ومع احترامنا لرأي أستاذنا الجليل - أرى أن المادة (355 ع) تعاقب على قتل الحيوان كافة - إذا وقع القتل بدون مقتضً – سواء كان الحيوان مملوكًا للفاعل أم لغيره - بدليل أن المشرع لم يذكر في المادة (355 ع) النص على ملكية الحيوان للغير كما نص في المادة (354 ع) الخاصة بتخريب آلات الزراعة.
ولا شك أن المشرع أغفل النص على ذلك عمدًا، ولم يكن ساهيًا عن تقرير ذلك - حتى يمكن أن يتناول النص بالعقاب مثل الحالة التي أشرنا إليها في صدر هذا البحث.
هذا هو مبلغ ما وصل إليه جهدي المقل من تفسير للمادة المذكورة فإن أصبت فبها ونعمة وإن أخطأت فالرأي لحضرات الأساتذة المشتغلين بهذه المادة تدريسًا ولعلهم يدلون برأي يضع الحق في نصابه.