روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    ماهية الشركة وتكوينها

    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    ماهية الشركة وتكوينها Empty ماهية الشركة وتكوينها

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود السبت أبريل 26, 2014 1:56 am

    أولاً : ماهية الشركة :
    Ûتعريف الشركة قانوناً :
    الشركة ، على ما هى معرفة به قانوناً ، عقد يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهم فى مشروع اقتصادى أو مالى أو صناعى ، بتقديم حصة من مال أو عمل لاقتسام ما قد ينشأ عن هذا المشروع من ربح أو من خسارة .
    Ûالأصل التعاقدى للشركة :
    يتضح لنا من التعريف السابق ، أن الشركات تعتمد بصفة أساسية فى قوامها على وجود عقد . فتكوين شركة ما يستلزم وجود إرادتين متقابلتين على إحداث أثر قانونى معين يتمثل فى إقامة مشروع اقتصادى أو مالى أو صناعى ، وتحقيق ربح ناتج عن هذا المشروع يتم اقتسامه بين أطرافه . وهذا الأصل التعاقدى للشركة يتحقق فى شأن كافة الشركات التجارية ، سواء فى ذلك شركات الأشخاص وشركات الأموال والشركات المختلطة ، كذلك الشركات المدنية .
    وعلى ذلك فإن تكوين الشركة صحيحا يقتضى توافر كافة الأركان الموضوعية للعقد بصفة عامة ، وهى الرضاء والمحل والسبب . أما الرضاء فمقتضاه تقابل إرادتين أو أكثر متطابقتين نحو تكوين شركة ، وأما محل عقد الشركة فهو تكوين رأس مال مشترك من مجموع حصص الشركاء ، وأما سبب عقد الشركة فهو استغلال رأس المال المشترك وتوزيع المخاطر بينهم للحصول على ربح يوزع بينهم طبقاً لحصصهم . واتفاق تأسيس الشركة هو عقد كباقى العقود ، لمحكمة الموضوع أن تفسر النية الحقيقية للمتعاقدين مسترشدة فى ذلك بواقع الأمر والملابسات المحيطة .
    وكما سيلى ذكره ، فإن القاعدة هى أن الاحتجاج بالشخصية المعنوية لشركات الأشخاص فى مواجهة الغير – باستثناء شركة المحاصة – لا يكون إلا بإجراءات شكلية لاحقة لإبرام العقد . كما أن الشخصية المعنوية لا تنشأ لا بالنسبة للشركاء ولا فى مواجهة الغير إلا بعد اتباع إجراءات الشهر المنصوص عليها قانونا . ومع ذلك فإن إبرام العقد وحده كافياً لثبوت الشخصية المعنوية بين الشركاء فى مواجهة الغير بالنسبة للشركة المدنية .

    ثانياً : تكوين الشركة Constitution de Société
    كما سلفت الإشارة ، فإن الشركات على اختلاف أنواعها – وذلك باستثناء شركة الشخص الواحد التى تعترف بها قانونا بعض التشريعات المعاصرة – تضم صفة أساسية واحدة ، وهى أنها عقود تبرم بين شخصين أو أكثر بغرض القيام بعمل مشترك وتقسيم ما ينتج عنه من ربح أو خسارة . وبناء عليه فإنه حتى يمكن تكوين الشركة يلزم أن تتوافر كافة الأركان الموضوعية العامة لأى عقد . ويقصد بهذه الأركان اللازمة لقيام وصحة العقود على اختلاف أنواعها : الرضا ، والمحل ، والسبب ، وكذلك الأهلية . ولكن هذه الأركان الموضوعية العامة لا تكفى وحدها لتكوين الشركة ، وإنما يلزم توافر أركان موضوعية خاصة بعقود الشركات دون غيرها من العقود ، وتضم هذه الأركان : (1) المساهمة فى رأس المال وتقديم الحصة Apports (2) المشاركة فى الربح والخسارة Participation aux bénéfices et pertes (3) نية المشاركة Affectio Sociétatis . وإلى جانب هذه الأركان الموضوعية الخاصة ، يستلزم المشرع شروطا شكلية معينة لتكوين الشركة وإثباتها .
    هذا ، وتجدر الإشارة إلى أن تخلف أى من هذه الأركان يؤدى إلى بطلان هذه الشركات . وكما سنرى ، فإن هذا البطلان يتدرج فى جسامته وأثره بحسب طبيعة الركن الذى شاب العيب أو الخلل .
    أولاً : الأركان الموضوعية العامة
    كما ذكرنا فى أكثر من موضع ، يلزم لإنعقاد عقد الشركة أن تتوافر له كافة الأركان الموضوعية اللازمة لإبرام أى عقد ، وهذه الأركان هى : التراضى ، والمحل ، والسبب . فانعدام أى ركن من هذه الأركان يحول دون نشوء عقد الشركة صحيحا مرتبا لأى من آثاره القانونية .
    (1) التراضى :
    الأصل أن الرضاء هو أساس عقد الشركة ، شأنه فى ذلك شأن غيره من العقود . ويحكم شروط الانعقاد ذات القواعد العامة المقررة فى نظرية العقد والمطبقة على كافة أنواع العقود ، فعقد الشركة يدور وجودا وعدما مع الرضاء . فيجب أن تتجه إرادة الأطراف فى صورة إيجاب وقبول إلى تقديم حصة والمشاركة فى الأرباح والخسائر، فإذا انعدمت الإرادة على هذا النحو انعدم وجود الشركة . فلا يكفى للقول بأن عقد الشركة قد نشأ صحيحا أن يوجد طرفان وأن يقدما مالا وعملا ، بل يشترط كذلك – لكى تنشأ الشركة – أن تتجه إرادة الأطراف إلى تقديم رأس المال والمشاركة فى الربح والخسارة ، أى يجب أن تتجه إرادة الأطراف إلى تكوين شركة .
    وعقد الشركة ، طبقاً للقواعد العامة وعلى ما قضت به محكمة النقض المصرية ، شأنه شأن أى عقد آخر يخضع لمبدأ سلطان الإرادة الذى يقضى بأن العبرة فى تحديد حقوق طرفى العقد بما حواه من نصوص بما مؤداه احترام كل منهما للروابط الواردة فيه ما لم تكن هذه الشروط مخالفة للنظام العام .
    وكقاعدة عامة ، يجب أن تكون إرادة الأطراف جادة نحو تكوين شركة وليست إرادة صورية أو غير حقيقية ، مثل تكوين شركة بقصد الاستفادة من تحديد المسئولية ، فيسوغ للمتعاقدين والغير فى هذه الحالة طلب إبطال الشركة .
    وطبقا للقواعد العامة ، فإنه يلزم أن يتم الاتفاق بالتراضى على كافة العناصر الأساسية للشركة ، مثل الاتفاق على نوع الشركة وطبيعة النشاط ومقدار حصص الشركاء واسم الشركة وطريقة إدارة الشركة . وتجدر الإشارة فى هذا الصدد إلى أن المشرع قد نص على العديد من القواعد المكملة فى هذا الشأن ، فالقاعدة أن سكوت الشركاء عن بعض من هذه العناصر لا يبطل الشركة ، وإنما يعد قرينة على أن الشركاء قد ارتضوا تطبيق القواعد المكملة لإرادة أطراف العقد والمنصوص عليها فى التقنين المدنى والتجارى ، وكذلك القانون رقم 159 لسنة 1981 بحسب الشكل القانونى للشركة ، إلا أنه من الثابت أن مثل هذه القرينة لا تعدو إلا أن تكون قرينة بسيطة ، يجوز إثبات عكسها .
    وكما سلفت الإشارة ، فإن عقد الشركة لا يتم إلا بتبادل إيجاب وقبول متطابقين ، فالمفاوضات التى تجرى قبل ذلك لا تعدو أن تكون أعمالا مادية لا ترتب أية آثار قانونية . ويشير اصطلاح المفاوضات بمعناها الواسع إلى أى اتصال أو تشاور أو حوار بين طرفين أو أكثر بغرض الوصول إلى اتفاق نهائى وإبرام عقد الشركة .
    ولا يكفى لقيام عقد الشركة توافر الرضا على النحو السابق ، وإنما يجب أن يكون هذا الرضاء خاليا من عيوب الإرادة وإلا كان العقد قابلا للإبطال لمصلحة من تعيبت إرادته . وتشمل عيوب الإرادة ، طبقا للتقنين المدنى، الغلط والتدليس والإكراه والاستغلال . فعلى سبيل المثال ، يكون لأى من أطراف العقد طلب إبطاله إذا ثبت أنه وقع فى غلط جوهرى فى شخص المتعاقد الآخر أو فى نطاق الالتزام ، فعلى سبيل المثال : يعد الغلط جوهريا إذا كان الغلط قد وقع فى شخص الشريك الآخر فى شركة من تلك الشركات التى تعتمد فى تكوينها واستمراريتها على الاعتبار الشخصى والثقة الشخصية فى باقى الشركاء (مثل شركة التضامن وشركة التوصية البسيطة والمحاصة) .
    كما يعد الغلط جوهريا كذلك إذا وقع فى طبيعة الحصة التى يلتزم الشريك بتقديمها كما لو اعتقد أنه يلتزم بتقديم حصة نقدية وليست حصة عمل ، كما يمكن إبطال العقد لو وقع غلط فى نوع الشركة المزمع إقامتها . كذلك يمكن إبطال العقد لو أثبت أحد المتعاقدين أنه ما كان ليبرم عقد الشركة لو لم يكن قد خضع لاستغلال أو إكراه أو وسائل تدليسية لجأ إليها الطرف الآخر . ويثور تساؤل فى الحالة الأخيرة ، ما هو الحكم إذا وقع التدليس أو الإكراه أو الاستغلال من أحد الشركاء دون الباقين ؟ .. فهل يجوز للطرف الذى وقع ضحية مثل هذا الفعل إبطال العقد فى مواجهة باقى الشركاء حسنى النية غير العالمين بالواقعة سبب الإبطال ؟

    الرأى عندنا فى هذه الحالة أنه ليس لهذا المتعاقد ضحية الفعل الخاطئ فى مواجهتهم أن يدفع بإبطال عقد الشركة واسترداد ما دفع ، ذلك أنهم يعتبرون فى هذه الحالة من الأغيار الذين لا يجوز الاحتجاج ضدهم بالاستغلال أو الإكراه أو التدليس ، ولا يملك الطرف ضحية هذه الأفعال فى هذه الحالة إلا الحق فى التعويض قبل مرتكب الخطأ.
    (2) المحل :
    محل عقد الشركة هو النشاط الاقتصادى الذى تقوم به الشركة ، والذى من أجله إشترك الأطراف وخصصوا له الحصص . وطبقا للقواعد العامة يلزم أن يكون هذا المحل مشروعا غير مخالف للنظام العام ، فيكون عقد الشركة باطلا إذا كان النشاط الذى تكونت من أجله الشركة هو الاتجار فى المخدرات . كما يلزم أن يكون المحل معينا أو قابلا للتعيين ، ومن ثم يكون عقد الشركة باطلا إذا أخفق أطرافه فى تحديد الغرض منها ، أو على الأقل تحديد أسس تعيين هذا النشاط . وأخيراً ، فإنه يجب أن يكون المحل ممكناً وغير مستحيل ماديا أو قانونياً . لذلك يبطل عقد الشركة إذا كان الغرض هو ممارسة نشاط ما يحظر القانون ممارسته على شكل معين للشركات .
    والمثل التقليدى فى هذا الخصوص هو ما يقضى به القانون رقم 159 لسنة 1981 بمنع شركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة من أن تقوم بأعمال البنوك أو التأمين أو الإدخار أو تلقى ودائع استثمار الأموال لحساب الغير بوجه عام . وبناءً عليه يعتبر عقد تكوين هذه الشركة – طبقا للمادة 5 من القانون رقم 159 – باطلا متى كان الغرض من الشركة القيام بعمل من الأعمال السابقة وكانت تتخذ شكل شركة توصية بالأسهم أو ذات مسئولية محدودة .
    ويختلف محل عقد الشركة عن محل التزام كل شريك ، إذ يتمثل هذا الأخير فى الالتزام بتقديم حصة فى رأس مال الشركة . وهذا الالتزام بدوره يجب أن يكون مشروعا ، فلا يجوز أن تكون الحصة هى مجرد النفوذ والتأثير السياسى . كما تقع الشركة باطلة إذا كانت حصص الشركاء مما لا يجوز التعامل فيه . كما يلزم أن يكون هذا الالتزام ممكناً ومعيناً أو قابلا للتعيين . ومع ذلك يجوز أن تكون حصة الشريك مالاً مستقبلاً .
    (3) سبب عقد الشركة :
    السبب فى عقد الشركة هو الغرض من إبرامه . ويتضح لنا من ذلك أن مفهوم السبب فى عقد الشركة يختلط بالمحل من الناحية العملية . ويجب أن يكون هذا الغرض ، طبقاً للقواعد العامة ، غرض حقيقى ومشروع ، أى يجب أن يكون السبب غير مخالف للنظام العام أو الآداب . فإذا كان غرض الشركة هو تعطيل وإعاقة حرية التصويت فى شركة أخرى ، فإن الشركة تكون باطلة . أما سبب التزام كل شريك فهو تحقيق الربح واقتسامه ، وهذا السبب يكون مشروعا فى جميع الأحوال .
    (4) الأهلية :
    يترتب على الدخول فى عقد الشركة نشوء التزامات على عاتق الشركاء تجاه بعضهم البعض ، وتجاه الشركة . وبناءً عليه يجب لصحة الشركة أن يكون الشريك أهلا للالتزام . والأصل أن الأهلية اللازمة للدخول فى عقد الشركة هى أهلية التصرف فلا تكفى أهلية الإدارة ، فيجب أن يكون الشريك أو المساهم بالغا رشيدا لم يصبه عارض من عوارض الأهلية . فلا يجوز للقاصر أو للمحجور عليه أن يكون شريكا أو مساهما فى شركة . وينطبق هذا الحكم على كافة أنواع الشركات ، ومع ذلك يجوز للوصى أن يوظف أموال القاصر فى الاكتتاب بأسهم فى شركة مساهمة . هذا ، ولا يجوز للوصى أن يتخذ صفتى طرفا العقد بصفته الشخصية وبصفته وصيا على القاصر ، وذلك إعمالا للحظر الوارد فى المادتين 31/ج و39 من المرسوم بقانون 119 لسنة 1952 بشأن الولاية على المال . ويكون مثل هذا العقد باطلا وينعدم العقد منذ تكوينه ، كما ينصرف هذا الإبطال إلى آثاره سواء فى الماضى أو المستقبل .
    ويجوز لمن بلغ سن الثامنة عشر أن يدخل الشركة كشريك متضامن بشرط أن يكون متمتعاً بأهلية الاتجار. والعلة فى ذلك أن الشركاء فى شركات التضامن ، والشركاء المتضامنين فى شركات التوصية التجارية يعتبرون تجارا لو لم تكن لهم هذه الصفة قبل دخولهم فى الشركة ، فهؤلاء الشركاء يسألون مسئولية شخصية غير محدودة وتضامنية عن ديون الشركة ، فذمة الشركة وذمم الشركاء الخاصة تكون الضمان العام للدائنين ، وينطبق ذات الحكم على المدير فى شركات المحاصة التجارية ، لأن هذا المدير – كما سنرى – يقوم بالأعمال التجارية باسمه الشخصى على وجه الاحتراف فيكتسب صفة التاجر ، ولذا لزم أن تتوافر فيه أهلية الاتجار .
    ثانياً : الأركان الموضوعية الخاصة
    جاء تعريف المادة 505 من التقنين المدنى المصرى جامعا للأركان الخاصة بالشركة بوصفها بأنها عقد يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهم فى مشروع مالى ، بتقديم حصة من مال أو من عمل ، لاقتسام ما قد ينشأ عن هذا المشروع من ربح أو خسارة .
    ومن هذا التعريف يتبين جليا أن الأركان الخاصة والخصائص المميزة لعقد الشركة هى كالآتى :
    1- المساهمة فى رأس المال وتقديم الحصة .
    2- المشاركة فى الأرباح والخسائر .
    3- نية المشاركة .

    تعدد الشركاء :
    يرى جانب من الفقه أنه يعد من الأركان الموضوعية الخاصة للشركة شرط تعدد الشركاء ، ونرى أن هذا الشرط فى حقيقته شرط بديهى يفترضه الأصل التعاقدى للشركة ، باستثناء الحالات التى تأخذ فيها بعض التشريعات بمفهوم « شركة الشخص الواحد » . ويجدر التنويه أنه يجب ألا يقل عدد الشركاء فى شركات المساهمة عن ثلاثة شركاء طوال حياة الشركة . وتقضى المادة (Cool من القانون رقم 159 لسنة 1981 فى هذا الصدد على أنه إذا قل عدد الشركاء عن النصاب المذكور اعتبرت الشركة منحلة بحكم القانون ما لم يتم خلال ستة أشهر على الأكثر استكمال هذا النصاب . فشرط تعدد الشركاء على هذا النحو ليس مجرد شرط لتكوين الشركة ، بل هو شرط لبقائها. كما نص المشرع فى المادة (4) من ذات القانون على أنه لا يجوز أن يزيد عدد الشركاء فى شركة المسئولية المحدودة على خمسين شريكا .
    (1) المساهمة فى رأس المال وتقديم الحصص :
    مفهوم المساهمة فى رأس المال :
    إن الغرض من تأسيس شركة هو إقامة مشروع اقتصادى . فإقامة مثل هذا المشروع الاقتصادى واستغلاله لا يتأتى إلا إذا توافر رأس المال للشركة ، ويساهم الشركاء فى خلق رأس مالها وتتمثل هذه المساهمة فى نصيب الشريك فى الشركة ، وتعكس المساهمة فى رأس المال نية المشاركة . ويختلف شكل مساهمة الشريك بحسب شكل الشركة ، فالمساهمة المذكورة تأخذ شكل حصة Part d'inéret فى شركات الأشخاص وشركة المسئولية المحدودة وشركة التوصية بالأسهم بالنسبة للشريك المتضامن . وتتخذ مساهمة الشريك الموصى فى شركة التوصية بالأسهم والشريك فى شركة المساهمة شكل أسهم Shares actions . ومع هذا يشاع إطلاق اصطلاح « تقديم الحصص » على مساهمة الشريك فى أشكال الشركات كافة .
    فتقديم الحصة إذن ، هو شرط جوهرى لقيام الشركة ، وبدونه ينعدم وجودها ، فرأس مال الشركة وهو القيمة الأصلية لمجموع الحصص النقدية والعينية ، هو أول مقوماتها ، ولذا فإن عدم توافره فى العقد يدل على أنه فى حقيقته ليس عقد شركة .
    أنواع الحصص :
    والحصص التى يقدمها الشركاء على ثلاثة أنواع ، فقد تكون مبلغا نقديا – أى حصة نقدية – وقد تكون الحصة عينا معينة – أى حصة عينية – وأخيراً ، قد تكون الحصة عملا .

    ويتكون رأس مال الشركة من مجموع الحصص النقدية والعينية دون حصص العمل ، لأن هذه الأخيرة غير قابلة للتقويم بالنقود وليست محلا للتنفيذ الجبرى ، ومن ثم لا تعتبر ضمانا لدائنى الشركة ، وتقتصر حقوق أصحابها على اقتسام الأرباح والخسائر . ولا يشترط أن تكون الحصص متساوية فى مقدارها .
    ويختلف رأس المال والذى يتكون من مجموع حصص الشركاء – عدا حصص العمل – عن موجودات الشركة وأصولها ، فهذه الأخيرة هى مجموع الحقوق والأشياء التى تكون مملوكة للشركة .
    أ- الحصة النقدية :
    قد تكون الحصة عبارة عن مبلغ من النقود يلتزم الشريك بسداده ، وهذا هو الوضع الغالب . ويجب على الشريك القيام بسداد حصته فى الموعد المتفق عليه ، ويعد التزامه بسداد حصته دينا يشغل ذمته المالية ، ويكون دائنه فى هذه الحالة هو الشركة ذاتها . فإذا تأخر الشريك عن تقديم الحصة فى الميعاد المتفق عليه ، جاز للشركة التنفيذ على أمواله ومطالبته بالفوائد القانونية والتعويضات إذا نجم عن مثل هذا التأخير ضرر للشركة يفوق مقدار الفوائد ، فالحصة النقدية هنا تؤول ملكيتها خالصة إلى الشركة .
    وقد تضمنت المادة 510 من التقنين المدنى استثنائين فيما يتعلق بالفوائد والتعويض التكميلى فى حالة عدم قيام الشريك بسداد حصته النقدية خرجت بهما عن القواعد العامة حتى يمكن للشركة أن تحصل على الحصص سريعا وتبدأ فى ممارسة نشاطها . أما الاستثناء الأول فيقضى بأن الفوائد التأخيرية تسرى من وقت استحقاق الحصة النقدية دون حاجة إلى مطالبة قضائية أو إعذار ، ويعد هذا المبدأ استثناء من القاعدة العامة والتى تقضى بأن الفوائد القانونية عن التأخير لا تسرى إلا من تاريخ المطالبة بها (م226 مدنى).
    أما الاستثناء الثانى فمؤداه أن استحقاق الشركة « كدائن » لتعويض تكميلى عند ثبوت الضرر يضاف إلى الفوائد حتى ولو كان المدين ، أى الشريك ، حسن النية . وتعد هذه القاعدة بدورها استثناء من القواعد العامة ، والتى لا تجيز للدائن أن يطالب بتعويض تكميلى يضاف إلى الفوائد إلا إذا ثبت أن الضرر الذى يجاوز الفوائد قد تسبب فيه المدين بسوء نية . وتبدو الحكمة التشريعية من التشدد فى حالة إخفاق الشريك فى سداد حصته النقدية فى أن الشركة تعتمد فى قيامها واستمرارها على الحصص التى تعهد الشركاء بتقديمها ، فتقاعس الشركاء فى تنفيذ التزاماتهم قد يؤدى إلى الحيلولة دون قيامها بنشاطها ، بل واضطراب أعمال الشركة حال بدء هذه الأعمال ، وهذه الأحكام مأخوذة عن التقنين المدنى الفرنسى (مادة 1843/فرنسى) . وغنى عن البيان أنه يحق لباقى الشركاء عند إخفاق أحدهم فى سداد حصته طلب فسخ العقد فى حق هذا الشريك طبقاً للقواعد العامة .
    ويكون للشركة تحت التأسيس أو الشركة بعد تأسيسها الحق فى اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة ضد الشريك المتقاعس لمطالبته بتنفيذ التزامه.
    وقد تعرض المشرع فى التقنين المدنى فى المادة 513 منه إلى الأحوال التى يقوم فيها الشريك بتسديد حصته النقدية عن طريق حوالة حقوقه لدى الغير إلى الشركة (المحال إليه) ، وبالرغم من أن المشرع فى المادة (513) من التقنين المدنى قد وصف حوالة الحق بأنها الحصة التى قدمها الشريك ، فإن الرأى عندنا أن الحصة هنا ليست هى الحوالة ذاتها ، فهذه الحوالة ليست إلا أداة لسداد الحصة النقدية موضوع الحوالة التى إلتزم بها الشريك، والدليل على ذلك أنه طبقا للمادة 513 لا يعد الشريك قد أوفى بالتزامه إلا بعد استيفاء الديون موضوع الحوالة ، ويكون الشريك فوق ذلك مسئولا عن تعويض الضرر الذى يصيب الشركة نتيجة عدم الوفاء بهذه الحقوق عند حلول أجلها .
    وكما سيلى ذكره ، نجد أن المشرع قد استلزم فى بعض أنواع الشركات ، مثل الشركة ذات المسئولية المحدودة ، أن يتم سداد الحصص النقدية بالكامل قبل تأسيس الشركة ، فطبقا للمادة 29 من القانون رقم 159 لسنة 1981 ، لا يتم تأسيس الشركة ذات المسئولية المحدودة إلا إذا وزعت جميع الحصص النقدية فى عقد تأسيس الشركة بين الشركاء ودفعت قيمتها كاملة .
    ب- الحصة العينية :
    قد تكون حصة الشريك فى الشركة مالا غير النقود ، وقد يكون هذا المال عقارا أو منقولاً ، وقد يكون هذا العقار مبنى يملكه الشريك أو أرضا أو مصنعا . والمنقول قد يكون منقولا ماديا كالآلات أو المعدات الإلكترونية أو سيارات نقل أو سيارات ركوب ، وقد تكون المنقولات منقولات معنوية مثل براءات الاختراع والعلامات التجارية وكذلك المحال التجارية . والشريك قد يقدم الحصة العينية للشركة لكى تتملكها أو لكى تنتفع بها . ونستعرض كافة هذه الصور على الوجه التالى :
    الحصة العينية على سبيل التمليك :
    يقصد بذلك قيام الشريك بالتنازل عن ملكية المنقول أو العقار المملوك له إلى الشركة . ويمثل المنقول أو العقار حصة الشريك فى الشركة . ولا يعد التنازل عن الملكية فى هذه الحالة بيعا للشركة بالرغم من تشابه البيع وتقديم الحصة العينية على سبيل التمليك فى العديد من الأحكام . وتقديم الحصة العينية على هذا النحو لا يعد بيعا ذلك أن الشريك لا يحصل على ثمن مقابل هذا التنازل .
    وعلى أية حال ، وبالرغم من أن تقديم الحصة على سبيل التمليك لا يعد بيعاً – كما ذكرنا حالاً – إلا أن الشريك يلتزم بالعديد من الالتزامات المماثلة لالتزام البائع ، مثل الالتزام بضمان الاستحقاق والعيوب الخفية إذا كان محل الحصة العينية منقولا ماديا ، وذلك كله تطبيقا للفقرة الأولى من المادة 511 مدنى ، والتى تنص على أنه :

    « إذا كانت حصة الشريك حق أو منفعة أو أى حق عينى آخر فإن أحكام البيع هى التى تسرى فى ضمان الحصة إذا هلكت أو استحقت أو ظهر فيها عيب أو نقص » .
    وقد أكدت هذا الحكم محكمة النقض المصرية بقولها : « إن تقديم حصة عينية للشركة على وجه التمليك ، وإن لم يكن بمثابة بيع ، إلا أنه يشبه البيع من حيث إجراءات الشهر وتبعة الهلاك وضمان الاستحقاق والعيوب الخفية » .
    وتطبيقا للأحكام السابقة ، فإنه إذا هلكت الحصة بعد انتقال ملكيتها وتسليمها للشركة كانت تبعة الهلاك على الشركة ، وبقى حق الشريك فى قبض الأرباح قائما كما لو أن الحصة لم تهلك ، إذ تنتقل تبعة الهلاك إلى الشركة بالتسليم . وإذا انقضت الشركة وتم تصفيتها فإن الحصة العينية لا ترد إلى الشريك الذى قدمها ، بل يوزع ثمنها على الشركاء جميعا إذ أن ملكيتها تصبح خالصة للشركة .
    وتجدر الإشارة إلى أنه إذا لم يحدد الاتفاق ما إذا كانت الحصة العينية مقدمة على سبيل التمليك أم الانتفاع، تعتبر حصص الشركة واردة على ملكية المال لا على مجرد الانتفاع ، ولا يعدو ذلك إلا أن يكون قرينة بسيطة يجوز دحضها بالدليل العكسى .
    وكما ذكرنا ، فإن قواعد نقل ملكية الحصة العينية إلى الشركة يتم طبقا للقواعد الخاصة بنقل الملكية فى البيوع ، فإذا كان محل الحصة العينية عقاراًَ فإن ملكية هذا العقار لا تنتقل إلى الشركة إلا بالتسجيل ، أما إذا كانت الحصة منقول مادى فإنها تنتقل بمجرد إبرام العقد بحسب الأصل ، أو بإتباع الإجراءات التى حددها القانون لبعض أنواع المنقولات مثل السفن والطائرات .
    الحصة العينية على سبيل الانتفاع :
    إذا كان الأصل أن ترد حصة الشريك على ملكية الشئ الذى يقدمه فى الشركة ، إلا أنه يجوز أن ترد على حق شخصى يتعلق بالشئ الذى يتقدم به كمجرد الانتفاع به واستعماله لمدة محددة تكون عادة مدة بقاء وقيام الشركة . ويترتب على ذلك حق الشريك فى استرداد ماله الذى قدمه على سبيل الانتفاع فى نهاية مدة الشركة إذ أن ملكيته لم تنتقل إلى الشركة ولم تكن عنصرا فى رأس مالها أو مقوماتها .
    ج- الحصة بالعمل :
    يجوز أن تكون حصة الشريك مجرد التزام بعمل . ويلتزم هذا الشريك بأن يؤدى الخدمات التى تعهد بأدائها ، ويجب أن يكون العمل عملا فنيا ، كعمل المهندس ، وكالخبرة التجارية . أما العمل البسيط غير الفنى فلا يصلح أن يكون حصة ، وإنما يكون مقدمه مجرد عامل يشترك فى الأرباح .
    ويجب على الشريك بالعمل أن يكرس للشركة كل نشاطه ، ولا يجوز له – بحسب الأصل – أن ينافس الشركة بأن يقوم بنفس الأعمال التى تعهد بتقديمها لحسابه أو لحساب الغير دون إذن باقى الشركاء . ومع ذلك لا يلتزم الشريك بالعمل بأن يقدم للشركة براءات الاختراع التى حصل عليها ما لم يكن ثمة اتفاق يخالف ذلك .
    ولا تدخل حصة الشريك بالعمل فى تقويم رأس مال الشركة ، إذ أن حصة العمل لا يترتب عليها زيادة رأس المال . كما أن أداء العمل يقتضى تدخل صحبه ، ولا يمكن للشركة أن تتصرف فى حصته ، أو لدائنيها أن ينفذوا عليها إذ أن حصة العمل لا تدخل ضمن عناصر الشركة وضمن ذمتها المالية . ومن ناحية أخرى ، فإن استيفاء الشركة حصة الشريك بالعمل يقتضى تدخله الشخصى ورغبته فى الأداء وعدم الانسحاب . لذا فإن الفقه والقضاء فى مجمله لا يجيز أن تكون حصص الشركاء جميعا هى حصص بالعمل .
    وخلاصة ما تقدم أن حصة العمل لا تدخل ضمن رأس مال الشركة ، ولا أصولها ، ولا تعد من بين عناصر الضمان العام لدائنى الشركة .
    هذا وتجدر الإشارة إلى أنه لا يجوز تقديم حصة عمل فى شركات المساهمة والمسئولية المحدودة ، لأن هذه الحصة الأخيرة لا تدخل فى تكوين رأس المال ، كما لا يقبل من الشركاء الموصين فى شركات التوصية بنوعيها تقديم حصة عمل ، وذلك لأن الشريك الموصى لا يسأل عن خسائر الشركة إلا بمقدار المبلغ الذى سدد أو كان واجبا عليه سداده .
    وعند حل الشركة أو تصفيتها يكون للشريك أن يسترد حصته فى العمل وذلك بأن يكون فى حل من الالتزام بالقيام بأى عمل للشركة . وإذا استحال على الشريك القيام بالعمل الذى تعهد به بسبب قانونى أو مانع مادى ، كاعتلال صحته أو إصابته بمرض أو عاهة تعوقه عن العمل أثناء حياة الشركة ، انعدمت حصته فى رأس المال وانقضت – بحكم الواقع – تلك الشركة التى ساهم فيها بعمله فقط ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك بين الشركاء الموجودين.
    (2) اقتسام الربح والخسارة :
    قصد تحقيق الربح :
    لا يكفى لقيام الشركة تقديم الحصص ، وإنما يجب أن تتجه نية الشركاء إلى تحقيق الربح . وفكرة تحقيق الربح هى العنصر الرئيسى الذى يميز الشركة عن بعض النظم التى قد تتشابه بها ، وبخاصة الجمعيات ، فهذه الأخيرة – على عكس الشركات – لا تهدف إلى تحقيق الربح . ويقصد بالربح فى هذا الصدد كل كسب ، سواء أكان نقديا أو ماديا ، يضاف إلى ثروة الشركاء ، ولذلك فلا يعد مجرد تخفيض النفقات نتيجة القيام بعمل مشترك تحقيقا للربح ، ولا يؤدى إلى وجود شركة . وقصد الربح أمر لازم بالنسبة للشركات التجارية والمدنية على حد سواء .
    مفهوم المشاركة فى الأرباح والخسائر :
    لا يكفى لوجود الشركة أن تكون هادفة إلى تحقيق الربح ، وإنما يجب أن تتجه إرادة الشركاء كذلك إلى تقسيم الأرباح والخسائر التى تنجم عن استثمار رأس المال ونشاط الشركة .
    ولذلك ، فإن التجمعات الاقتصادية التى يهدف أعضاؤها إلى القيام بعمل مشترك والمساهمة فى النفقات دون أن يهدفوا إلى اقتسام الأرباح والخسائر لا تعد شركة . ولعل المثال البارز على هذه التجمعات ما يعرف فى العمل الدولى بكونسرتيوم الإنشاءات ، والذى يضم عادة مجموعة من شركات المقاولات تبرم فيما بينها عقدا لكى تقوم بتنفيذ مشروع ما (بناء مطار مثلاً) لصالح رب العمل ، ويكون كل عضو من أعضاء هذا الكونسرتيوم مسئول فقط عن أعماله دون أن يقتسم مع غيره من أعضاء الكونسرتيوم الربح أو الخسائر . فيجوز – نظرياً – أن يحقق أحد أعضاء الكونسرتيوم أرباحاً ، فى حين يحقق آخر خسارة ، فهذا الكونسرتيوم لا يعد شركة وإن تشابه معها فى العديد من العناصر نتيجة انتفاء ركن اقتسام الربح والخسارة .
    كما لا يعد – لذات السبب – الاتحاد بين عدد من البنوك لإقراض شركة أو مشروع معين شركة تضامن ، إذ أن كل بنك من البنوك المقرضة يكون مسئولا فقط عن حصته من الدين ، ولا توجد كذلك بينهم أية مسئولية تضامنية قبل المقترض ، وتعرف هذه القروض فى العمل بالقروض المشتركة Syndicated Loans .
    وكقاعدة عامة ، يملك الشركاء الحرية الكاملة لتحديد أنصبتهم فى الأرباح والخسائر فى عقد الشركة ، فيجوز الاتفاق على أن تكون هذه الأنصبة متساوية أو بقدر الحصص التى يملكونها فى رأس مال الشركة . فإذا لم يبين عقد الشركة نصيب كل من الشركاء فى الأرباح والخسائر – وهو أمر يندر حدوثه فى العمل – كان نصيب كل منهم فى ذلك بنسبة حصته فى رأس المال . فإذا اقتصر العقد على تعيين نصيب الشركاء فى الر بح وجب اعتبار هذا النصيب فى الخسارة أيضا ، وكذلك الحال إذا اقتصر العقد على تعيين النصيب فى الخسارة .
    ولا يوجد فى رأينا – قانونا – ما يحول دون اتفاق الشركاء على أن يمنح أحد الشركاء نصيبا فى الأرباح أو فى الخسارة أكبر من النصيب الذى يتناسب مع حصته فى رأس المال ، بشرط ألا يؤدى إلى ذلك وجود شرط الأسد على النحو الذى سنراه . وكذلك يكون للشريك الذى قدم حصة عمل أن يشترط على باقى الشركاء أن يكون نصيبه فى الأرباح أكبر من أنصبة باقى الشركاء ، ولكن يجب – فى جميع الأحوال – ألا يزيد نصيبه فى الربح أو الخسارة عما تفيده الشركة من هذا العمل ، فإذا قدم أحد الشركاء فوق عمله نقودا أو حصة عينية كان له نصيب عن العمل وآخر عما قدمه من حصة نقدية أو عينية .
    شرط الأسد:
    لا يجوز أن يتضمن عقد الشركة (شرط الأسد) la clause Lionine. ويقصد بذلك الشرط الذى بمقتضاه يستأثر أحد الشركاء أو بعضهم بكل الأرباح ، أو حرمان أحد الشركاء أو بعضهم من الربح ، أو إعفاء أحد الشركاء أو بعضهم من الخسارة ، ويدخل ضمن شرط الأسد الحالة التى يكون فيها الربح أو الخسارة صورياً أو تافهاً .
    ووجود هذا الشرط فى عقد الشركة يؤدى إلى بطلان عقد الشركة ذاته ، لأن الشركة فى هذه الحالة تفقد ركنا من أركانها الموضوعية ، إذ أن وجود هذا الشرط يمس بمبدأ المساواة الذى يقوم عليه عقد الشركة . وفى مبدأ تحريم شرط الأسد تقول محكمة النقض المصرية : « إن مؤدى نص المادة 515/1 من القانون المدنى أنه إذا اتفق على أن أحد الشركاء لا يساهم فى أرباح الشركة أو خسائرها كان عقد الشركة باطلا ، بمعنى أنه لا يجوز الاتفاق على حرمان شريك من الأرباح ، كما لا يجوز الاتفاق على إعفاء شريك من الخسارة » .
    وعلى ذلك ، يعد تطبيقا لشرط الأسد حصول أحد الشركاء على نسبة ثابتة من حصته 4% أو 5% سواء حققت الشركة أرباحاً أم لا . ومع ذلك فإن تحديد هذه النسبة مقابل عمل فنى أو مساعدة فنية يقدمها الشريك المعنى لا يجعلنا بصدد شرط أسد . مادامت هذه النسبة مقابلا لخدمة معينة ، وتخصم من مصروفات التشغيل .
    وتنص الفقرة الثانية من المادة 515 من التقنين المدنى على أنه :« يجوز الاتفاق على إعفاء الشريك الذى لم يقدم غير عمله من المساهمة فى الخسائر ، بشرط ألا يكون قد تقرر له أجر عن عمله » .
    ويعد هذا تطبيقا لمبدأ تحريم شرط الأسد وليس استثناءً منه ، ذلك أن الشريك الذى يقدم حصته عملا ولا يتقاضى مقابلا عن عمله سوى نصيب فى الربح ، يكون قد خسر مقابل ما قدمه من جهد فى حالة خسارة الشركة ، ويشترط لتطبيق هذا المبدأ وفقاً للمادة 515 من التقنين المدنى أمرين :
    أ- أن تقتصر حصة هذا الشريك على تقديم عمل .
    ب- ألا يكون قد تقرر لهذا الشريك أجر يحصل عليه فى مقابل تقديم حصة العمل .
    (3) نية المشاركة Affectio Societatis
    يذهب جانب من الفقه إلى أن هذا العنصر هو عنصر نفسى ، حيث يلزم لوجود الشركة وجود نية تكوين شركة وإرادة كل شريك فى أن يتعاون مع الشركاء الآخرين فى نشاط ينطوى على قدر من المخاطرة .


    وطبقا لهذا الاتجاه فإن ركن المشاركة ، وهو عنصر معنوى ، يجب توافره فى كافة أنواع الشركات ، وإن اختلف مضمونه أو درجته فى شركات الأشخاص عنها فى شركات الأموال ، إذ أن نية المشاركة فى شركات الأشخاص يجب أن يكون لها مضمون ايجابى بحيث تشمل إرادة الاتحاد المخاطر المشتركة ، وتفسر نية المشاركة فى شركات المساهمة والمسئولية المحدودة ، على أنها تعنى إرادة التنظيم الجماعى والمنافع والفوائد المتوازية .
    وهذا الركن المعنوى يرتبط بعدد من العناصر والمقومات المادية ، فقيام الشركة يقتضى التعاون والمساواة بين أطرافها ، ولذا تكشف نية المشاركة على النحو السابق عن حق الشركاء جميعا فى الرقابة على نشاط الشركة. ولا يجوز الاتفاق على حرمان أى من الشركاء من هذا الحق سواء أكانوا شركاء مديرين أم لا ، فإذا تم مثل هذا الاتفاق فإنه يكون باطلا وغير نافذ .
    وينعدم وجود الشركة بانعدام نية المشاركة على النحو السابق . ويعد التحقق من توافر نية المشاركة من عدمه من مسائل الواقع التى يستقل بها قاضى الموضوع .
    ثالثاً : الأركان الشكلية لقيام عقد الشركة وإثباته
    الكتابة شرط أساسى لإنعقاد جميع الشركات عدا شركة المحاصة . والأصل أنه لا تثبت الشخصية المعنوية للشركة فى مواجهة الغير إلا باتباع إجراءات الشهر المنصوص عليها قانونا ، وتختلف هذه الإجراءات بحسب نوع الشركة ، وهذه الإجراءات جميعا تفترض كتابة العقد .
    كتابة عقد الشركة :
    يتطلب التقنين المدنى الكتابة لتأسيس الشركة ، فالكتابة طبقا للمادة 507 مدنى شرط لانعقاد عقد الشركة وليست مجرد شرط للإثبات . وفى ذلك تنص المادة 507 مدنى على أنه : « يجب أن يكون عقد الشركة مكتوبا وإلا كان باطلا . وكذلك يكون باطلا كل ما يدخل على العقد من تعديلات دون أن تستوفى الشكل الذى أفرغ فيه العقد» .
    وطبقاً لهذا النص ، فإن عقد الشركة لا يعد من العقود الرضائية بل من العقود الشكلية التى تستلزم لانعقادها الكتابة . ويستلزم المشرع شرط الكتابة سواء كانت الشركة مدنية أو تجارية ، فإن تخلفت الكتابة كان عقد الشركة باطلا ، وانعدم وجود الشركة . ونجد أن المشرع المصرى يختلف فى هذا الخصوص عن القانون الفرنسى والذى يعتبر عقد الشركة المدنية عقداً رضائياً ، بحيث لا تعد الكتابة التى تشير إليها المادة 1834 مدنى فرنسى إلا شرطا لإثبات الشركة طبقا للقواعد العامة فى الإثبات وليس شرطا لقيام عقد الشركة .
    وتجدر الإشارة إلى أن إنشاء شركة المحاصة لا يستلزم كتابة العقد ، فلا يلزم لانعقاد شركة المحاصة تحرير سند كتابى ، ويجوز إثبات وجودها بكافة طرق الإثبات على النحو الذى سنفصله فيما بعد ، إذ أن هذه الشركة تكون معدومة فى وجودها بالنسبة للغير .
    وبالرغم من أن انتفاء الكتابة يؤدى إلى بطلان عقد الشركة ، إلا أننا سوف نرى أن البطلان المترتب على عدم الكتابة هو بطلان من نوع خاص ، فلا يجوز للشركاء الاحتجاج به على الغير ، كما أن هذا البطلان ليس له أثر رجعى فيما بين الشركاء ، فلا يكون للبطلان أثر فيما بين الشركاء أنفسهم إلا من وقت أن يطلب الشريك الحكم بالبطلان .
    والحكمة التشريعية من لزوم الكتابة كشرط لانعقاد الشركة تكمن فى عدد من الأمور التالية : فأما الأمر الأول : هو أن اشتراط الكتابة يحمل المتعاقدين على الإمعان والتفكير قبل إقدامهم على تكوين شركة قد تستغرق مدتها حياتهم جميعا ، وقد تتعرض أموالهم نتيجة هذا الاستثمار إلى الضياع . وثانياً : أن اشتراط الكتابة لانعقاد العقد مؤداه الإنقاص من الخلافات التى قد تنشأ أو تزداد نتيجة وجود عقد غير مكتوب ، وأما الأمر الثالث : فهو أن الشركة يجب الإشهار عنها ، والكتابة هى خطوة أولى ولازمة فى سبيل هذا الإشهار .
    وإذا كانت الكتابة لازمة لإبرام العقد بواسطة الشركاء ، فإنه يجب أن تكون الوكالة عن الشركاء فى إبرام العقد وكالة مكتوبة ، وذلك تطبيقا للمادة 700 مدنى والتى تتطلب أن يتوافر فى الوكالة الشكل الواجب توافره فى العمل القانونى الذى يكون محل الوكالة.
    متى تكون الكتابة رسمية ، ومت تكون عرفية؟
    عقد الشركة قد يكون عقداً رسمياً ، أو مصدقاً على التوقيعات فيه ، وقد يكون مجرد عقد عرفى . ويكتفى بالكتابة العرفية بالنسبة لعقد شركة التضامن والتوصية البسيطة . ومن ناحية أخرى ، تستلزم المادة 15 من القانون رقم 159 لسنة 1981 أن تكون العقود الابتدائية لشركات المساهمة والمسئولية المحدودة والتوصية بالأسهم عقودا رسمية ، أو على الأقل مصدقا على التوقيعات فيها . هذا ويأخذ الوعد بالتعاقد ذات الشكل فيجب أن يكون الوعد بالتعاقد على شركة المساهمة – مثلا – ثابتاً فى محرر رسمى أو مصدقاً على التوقيعات فيه .
    ولم يبين القانون المدنى أو التجارى طريقة خاصة لكتابة عقد الشركة أو البيانات الواجب ذكرها فيه . ومن المقرر أن العقد يجب أن يتضمن حد أدنى من المعلومات والبيانات الدالة عليه ، والتى تعكس أركانه الموضوعية العامة والخاصة على النحو سالف الإشارة إليه .
    كما يجب أن يأتى العقد خلواً من أى شروط تخالف النظام العام أو حسن الآداب . ومن المستحسن أن يتضمن العقد – بالنسبة للشركة المدنية وشركات الأشخاص – الحد الأدنى من البيانات التالية : اسم الشركة وعنوانها وأسماء الشركاء وغرض الشركة ورأس مالها ونسب وحصص كل شريك وسلطة المديرين وكيفية اتخاذ القرارات وكيفية تعديل العقد ونظام توزيع الأرباح والخسائر وكيفية قبول شركاء جدد ، وأثر وفاة أو إفلاس أحد الشركاء على استمرارية الشركة ، وطريقة التصفية والقسمة عند انقضاء الشركة . كما أن الشركات الخاضعة لأحكام القانون رقم 159 لسنة 1981 تلتزم باتباع وتضمين عقودها البيانات الإلزامية المتضمنة فى النماذج الصادرة بقرار وزير الاقتصاد فى هذا الخصوص .
    يجب أن تكون التعديلات مكتوبة :
    لما كانت الكتابة شرطا لانعقاد عقد الشركة ، فإنه من المنطقى أن تكون الكتابة كذلك شرطا لصحة أى تعديل يرد على هذا العقد ، وإلا كان التعديل باطلا . وهذا ما تقرره المادة 507 فى فقرتها الأولى صراحة . كذلك يجب شهر التعديل بالطرق المقررة لشهر العقد الأصلى ، وإلا كان التعديل غير نافذ فى مواجهة الغير . والتعديلات التى تدخل على العقد متعددة يمكن أن تشمل : مدة الشركة ، أو رأس المال بالزيادة أو التخفيض ، أو إدارة الشركة ، أو تمويلها ، وغير ذلك من الشروط .
    إشهار عقد الشركة :
    لا تخضع الشركات المدنية لنظام إشهار معين ، فى حين تخضع كافة الشركات التجارية لنظم إشهار مختلفة بحسب طبيعة الشركة ونوعها . كما تخضع الشركة المدنية لذات النظام المقرر للشركات التجارية إذا اتبعت هذه الشركات المدنية شكلا تجاريا معينا . وسوف نعرض بالتفصيل لنظم الشهر المختلفة والآثار المترتبة على تخلفها عند التعرض لكل نوع من أنواع الشركات على حدة .
    رابعاً : بطلان الشركات ونظرية الشركة الفعلية
    رأينا أن عقد الشركة يحتاج لانعقاده أركان موضوعية عامة وأركان موضوعية خاصة وأركان شكلية . ومحل البحث الآن هو تحديد الأثر الذى يترتب على تخلف هذه الأركان أو تعييبها . والقاعدة أن تخلف أحد هذه الأركان يؤدى إلى بطلان الشركة ، وهذا البطلان – طبقا للقواعد العامة – إما أن يكون بطلاناً مطلقا أو نسبياً ، بحسب السبب الذى ينبنى عليه . والبطلان بنوعيه مؤداه وجود عوار بأحد أركان العقد أو شروط صحته يشوبه عند تكوينه فيحول دون نشوء العقد صحيحاً مرتباً لآثاره .

    والبطلان المطلق – طبقاً للقواعد العامة – هو البطلان الذى يجوز لكل ذى مصلحة التمسك به ، وللمحكمة متى تحققت من توافر شروطه أن تقضى به من تلقاء نفسها ، ولا يجوز التنازل عن التمسك بهذا البطلان ، ولا يزول بالإجازة .
    أما البطلان النسبى ، فلا يجوز التمسك به إلا لمن تقرر لمصلحته ، ولا يجوز للمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها ، ويزول الحق فى التمسك بالبطلان النسبى بالإجازة الصريحة أو الضمنية .
    وطبقاً للقواعد العامة فإنه متى حكم ببطلان العقد أو إبطاله أعيد أطراف العقد إلى الحالة التى كانوا عليها قبل التعاقد ، واعتبر العقد كأن لم يكن ، وتزول كافة آثاره بأثر رجعى ، فإذا كان هذا مستحيلا جاز الحكم بتعويض عادل للطرف المضرور .
    إلى جانب كل من البطلان المطلق النسبى ، تنص المادة 507/2 مدنى على نوع خاص من البطلان ، ويعرف بالبطلان الخاص . ولهذا الأخير سمات مشتركة مع كل من نوعى البطلان النسبى والمطلق .
    والشركة عندما يقضى ببطلانها من حيث القانون ، فإن ذلك لا يلغى وجودها ككائن قانونى من حيث الواقع فى بعض الحالات ، وهذا ما يعرف بنظرية الشركة الفعلية . ونعرض لكل حالة من حالات البطلان وآثار تطبيق نظرية الشركة الفعلية على النحو التالى :
    حالات البطلان :
    يتحقق البطلان فى الحالات التالية :
    أولاً : حالات البطلان المطلق وآثاره :
    إذا انعدم الرضا ، أو كان محل عقد الشركة أو سببه غير مشروع أو مستحيل ، كان العقد باطلا بطلانا مطلقا ، وجاز للشركاء أو الغير من ذوى المصلحة (مثل دائنى أحد الشركاء) المطالبة بالحكم ببطلان عقد الشركة . كما أن للمحكمة أن تقضى ببطلان هذا العقد من تلقاء نفسها ، وهذا البطلان يتعلق بالنظام العام ، ولا يجوز النزول عن التمسك به .
    كما يعد عقد الشركة باطلا بطلانا مطلقا إذا تضمن شرط الأسد . وفى ذلك قضت محكمة النقض المصرية بأن مؤدى نص المادة 515/1 من القانون المدنى أن الاتفاق على عدم مساهمة أحد الشركاء فى خسائر الشركة يجعل عقد الشركة باطلا بطلاناً متعلقاً بالنظام العام يحكم به القاضى من تلقاء نفسه ، ويستتبع هذا حل الشركة وتصفية أموالها وقسمتها على الشركاء كل بقدر نصيبه.
    وبطبيعة الحال يكون عقد الشركة باطلاً بطلاناً مطلقاً إذا انتفى أحد الأركان الموضوعية الخاصة الأخرى مثل تقديم الحصص أو المشاركة فى الأرباح والخسائر . فإذا ثبت انعدام أى من هذه الأركان كانت الشركة منعدمة وباطلة بطلاناً مطلقاً ، فلا تولد الشركة بدون هذه الأركان .
    ويترتب على البطلان المطلق زوال العقد بأثر رجعى . ويتحقق البطلان المطلق لكافة الشركاء جميعا إذ أن أثر هذا البطلان مطلق بالنسبة للكافة ، ولا يصلح العقد معه لترتيب أية آثار قانونية .
    ثانياً : حالات البطلان النسبى وآثاره :
    وهو البطلان الذى يلحق العقد بسبب عيب من عيوب الرضاء ، كالغلط أو الإكراه أو التدليس أو الاستغلال، أو بسبب نقص الأهلية كما هو الحال بالنسبة للقاصر الذى يدخل الشركة .
    فإذا كان أحد الشركاء ناقص الأهلية وقت إبرام عقد الشركة ، أو إذا كان رضاؤه معيبا ، كان العقد قابلا للإبطال ، أى باطلا بطلانا نسبيا لمصلحة ناقص الأهلية أو من تعيبت إرادته ، أى من شاب العيب رضاه . وتطبيقا للقواعد العامة لا يتمسك بهذا البطلان النسبى إلا من شرع لمصلحته ، فلا يجوز للدائنين الشخصيين لهذا الشريك المطالبة بإبطال العقد . كما أنه يزول حق طلب الإبطال بالإجازة الصريحة أو الضمنية . ويسقط الحق فى طلب البطلان إذا لم يتمسك به الشريك خلال ثلاث سنوات من الوقت الذى ينكشف فيه الغلط أو التدليس أو الذى ينقطع فيه الإكراه ، ولا يجوز التمسك بالبطلان على أية حال إذا انقضت خمس عشرة سنة من وقت إبرام العقد . كما يسقط الحق فى طلب البطلان فى حالة الاستغلال إذا لم ترفع الدعوى خلال سنة من تاريخ العقد .
    ومتى جاز للشريك طلب إبطال العقد فإن العقد يبطل بالنسبة إليه فقط ، وتعتبر الشركة صحيحة بالنسبة للشركاء الآخرين لأن البطلان النسبى يقتصر أثره على الشريك الذى تقرر لمصلحته . ومع ذلك فإن تقرير الإبطال لا يكون فى كل الأحوال مجردا من الأثر بالنسبة للشركة أو الشركاء .
    فإذا صدر الحكم بالبطلان فى شركة أشخاص ، فإن للشريك – أو من تعيب رضاه – أن يسترد حصته التى قدمها سواء كانت حصة نقدية أو عينية ، ويرد ما يكون قد حصل عليه من أرباح ، وهو ما قد يؤدى إلى حل الشركة التى تقوم على اعتبار أنها قائمة على الاعتبار الشخصى مثل شركة التوصية البسيطة . ولكن تجدر الإشارة إلى أنه فى شركة المساهمة أو المسئولية المحدودة لا يترتب على إبطال العقد بالنسبة لأحد المساهمين إبطال العقد أو إبطال الشركة ذاتها ما لم تكن حصة هذا الساهم على جانب بالغ من الأهمية ، بحيث تكون معظم رأس المال ، كما لو كانت حصته تمثل 90% من إجمالى رأس مال الشركة .

    ثالثاً : حالات البطلان الخاص وآثاره :
    على حد قول الأستاذ الدكتور على يونس ، فإن البطلان الخاص فيه خصائص البطلان النسبى والبطلان المطلق ، ولكنه ليس بالنسبى الخالص ولا بالمطلق الخالص . وتنطبق نظرية البطلان الخاص على حالتى البطلان لانعدام الشهر القانونى أو لانتفاء ركن الكتابة .
    فتنص المادة 44 من تقنين التجارة على أنه : « إذا لم يشهر عقد الشركة التجارية ، كانت الشركة باطلة» . وعلى الرغم من أن صياغة المادة 44 قد توحى بأن هذا البطلان المترتب على عدم الشهر هو بطلان مطلق ، فإن البطلان المنصوص عليه فى المادة 44 يختلف فى آثاره عن البطلان المطلق من نواح ثلاث :
    أنه لا يجوز للمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها ، بل يجب أن يكون بناء على طلب من ذوى المصلحة .
    أنه لا يستطيع الشركاء أن يحتجوا بهذا البطلان قبل الغير ، ولكن يجوز لهذا الغير أن يتمسك بالبطلان نتيجة عدم الشهر فى مواجهة الشركاء ، ويقصد بالغير فى هذا الشأن دائنوا الشركاء ، وكذلك دائنو الشركة ومدينوها .
    إن هذا البطلان يجوز تصحيحه بإتمام إجراءات الشهر فى وقت لاحق. ويسرى ذات الحكم على حالة انعدام الكتابة .
    نظرية الشركة الفعلية :
    مفهوم النظرية :
    لتحديد آثار البطلان بالنسبة للعقد والشخص المعنوى ، يلزم التمييز فى العمل بين حالتين : أما الحالة الأولى فهى الحالة التى يوجد فيها عقد الشركة قبل أن تمارس هذه الشركة أى نشاط . ففى هذه الحالة يبطل العقد بأثر رجعى دون أى تحفظ ويعتبر العقد كأن لم يكن ويلزم إعادة الأطراف إلى الحالة التى كانوا عليها قبل التعاقد ، ويكون لكل شريك حق استرداد الحصة التى قدمها كحصة للشركة ، وله أن يمتنع عن تقديم هذه الحصة إن لم يكن قد سلمها بالفعل ، وذلك كله دون تمييز بين أسباب البطلان وأنواعه .
    أما الحالة الثانية : فهى عندما تقوم الشركة وتمارس نشاطها فعلا ثم يصدر حكم بإبطالها . الأصل فى هذه الحالة أن بطلان العقد ، لسبب من أسباب البطلان النسبى أو البطلان الخاص ، يجب أن يتبعه انعدام الشخص المعنوى بأثر رجعى . ولكن مما لا شك فيه أن التطبيق الحرفى للقواعد القانونية وتطبيق البطلان بأثر رجعى على الشركة التى باشرت نشاطا بالفعل قد يؤدى إلى الاضرار بمصالح الغير حسن النية الذى تعامل مع هذا الكيان القانونى قبل أن يقضى ببطلانه . كما أنه من الناحية العملية ليس فى الإمكان أن نزيل حياة الشخص المعنوى من الوجود وهو كائن قانونى ، أو على الأقل كائن واقعى إذ قام فعلا وفى الواقع فى الفترة السابقة على البطلان ، وتعامل مع الأغيار وثبتت له الحقوق وتحمل بالالتزامات شأنه شأن الكا
    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    ماهية الشركة وتكوينها Empty رد: ماهية الشركة وتكوينها

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود السبت أبريل 26, 2014 1:58 am

    وتحمل بالالتزامات شأنه شأن الكائن الحى . فهنا لا نصطدم بعقد جامد وإنما نصطدم بمصالح مشروعة ارتبطت بوجود الشخص المعنوى ككيان واقعى له ذمة مالية مستقلة وارتبط بحقوق والتزامات مع الغير .
    ولذلك ، وللتخفيف من الآثار السلبية لهذا البطلان ابتدع الفقه والقضاء نظرية مؤداها أن الشركة أو هذا الشخص المعنوى الذى باشر نشاطا قبل إبطاله لا يعد منعدما بالنسبة لهذه الفترة السابقة بمعنى أن الأثر الرجعى للبطلان لا يمتد إلى حياة الشخص المعنوى السابقة على الحكم بالإبطال ، ويطلق على هذا الكائن القانونى فى هذه الفترة الشركة الفعلية Socété de fait لأن هذه الشركة قامت فعلا وليس قانونا ، وبحيث تعتبر الشركة صحيحة فى الفترة بين قيامها والحكم ببطلانها ، حماية للظاهر وحفاظا على استقرار المراكز القانونية . ويترتب على وجود الشركة الفعلية آثار قانونية مختلفة تتلخص فى قيام التزاماتها نحو الغير ، وتوزيع الأرباح والخسائر على الشركاء. فمؤدى الاعتراف بالشركة الفعلية هو احترام التزاماتها وتعاقداتها وحقوقها السابقة على الحكم بإبطالها . فباختصار يعد تطبيق نظرية الشركة الفعلية تقييداً واستثناءً من الأثر الرجعى المترتب على البطلان .
    شروط تطبيق النظرية :
    أولاً : يجب أن تكون الشركة قد مارست نشاطا بالفعل :
    كما ذكرنا ، فإنه لا محل لتطبيق نظرية الشركة الفعلية إلا إذا باشرت الشركة نشاطها بعد تكوينها ، وأصبحت دائنة ومدينة بمناسبة مباشرة هذا النشاط ، فلا محل لتطبيق هذه النظرية إذا لم تباشر الشركة أى نشاط إذ تنتفى العلة فى هذه الحالة من عدم تطبيق الأثر الرجعى للبطلان . وفى ذلك تقول محكمة النقض المصرية : « إن شرط تطبيق نظرية الشركة الفعلية هو أن تكون هذه الشركة قد باشرت بعض أعمالها فعلا بأن اكتسبت حقوقا والتزمت بتعهدات وذلك حتى يمكن القول بوجود كيان لها من الواقع .. أما إذا كانت الشركة لم تكن قد زاولت أى عمل من أعمالها فإنه لا يكون قد توافر لها كيان فى الواقع فى الفترة السابقة لطلب البطلان ، ولا يمكن بداهة اعتبارها شركة فعلية وتكون العلة من عدم تطبيق الأثر الرجعى للبطلان منتفية فى هذه الحالة » . هذا ، ويجوز إثبات الشركة الفعلية والأنشطة التى مارستها بكافة طرق الإثبات بما فى ذلك البينة والقرائن ، إذ أن إثبات نشاط الشركة الفعلية فى هذه الحالة يعتبر من الوقائع المادية الجائز إثباتها بكافة طرق الإثبات ، وفى ذلك قضت محكمة النقض المصرية بأن :« تصفية الشركة الباطلة وإعادة المتعاقدين إلى الحالة التى كانوا عليها هى واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات ، وأن لمحكمة الموضوع أن تلجأ إلى سماع شهادة الشهود لإثبات هذه الواقعة ».
    ثانياً : لا تنطبق نظرية الشركة الفعلية إلا فى حالات البطلان النسبى والخاص :
    كما يلاحظ أن نظرية الشركة الفعلية لا تنطبق فى جميع أحوال البطلان . فإذا كان البطلان مطلقا ، كما لو كان سبب البطلان هو عدم مشروعية الغرض ، أو كان نتيجة تخلف أحد الأركان الموضوعية الخاصة ، فإن بطلان الشركة يعنى عدم قيامها قانونا أو فعلا فتنعدم الشركة ولا يوجد لها أى أثر فى الماضى أو المستقبل ، فالعقد الباطل عدم ، والعدم لا ينتج أى أثر سواء فى الماضى أو المستقبل .
    أما إذا كان البطلان خاصاً بسبب عدم كتابة عقد الشركة ، أو بسبب عدم استيفاء إجراءات الشهر القانونى ، فإن الشركة تعتبر قائمة فعلا فى الفترة ما بين تكوينها والحكم ببطلانها بناء على طلب أحد الشركاء فى مواجهة باقى الشركاء . كما تنطبق نظرية الشركة الفعلية فى الفرض الذى يحكم فيه ببطلانها بناء على طلب أحد الشركاء بسبب نقص أهليته أو تعييب رضائه ، وذلك بالنسبة لباقى الشركاء . أما ناقص الأهلية أو من تعيبت إرادته ، فإن الشركة بالنسبة له تكون باطلة بأثر رجعى ، ويكون من حقه أن يسترد حصته كاملة ، ولا يكون له الحق فى المطالبة بأية أرباح تكون الشركة قد حققتها .
    وبناء على ما تقدم ، فإن الشركة الفعلية لا تقوم إلا فى حالات البطلان الخاص بسبب تخلف ركن من الأركان الشكلية أو فى حالات البطلان النسبى بناء على طلب أحد الشركاء لنقص أهليته أو لعيب شاب رضائه . هذا ويعد تقدير قيام الشركة الفعلية مما يدخل فى سلطة قاضى الموضوع ولا معقب عليه فى ذلك متى أقام قضاءه على أسباب سائغة .
    آثار تطبيق نظرية الشركة الفعلية :
    متى توافرت شروط تطبيق الشركة الفعلية على النحو السالف ذكره فإن هذه الشركة تحتفظ بالشخصية المعنوية ، وما يترتب على ذلك من آثار . فيجوز إشهار إفلاس الشركة الفعلية متى توقفت عن دفع ديونها التجارية . ويكون كل ما اكتسبته الشركة من حقوق وما التزمت به من التزامات نافذة وصحيحة فى الفترة ما بين تكوينها والحكم ببطلانها ، سواء فيما بين الشركاء أو بالنسبة إلى الغير . ومن ناحية أخرى تكون هذه الشركة خاضعة للضريبة على فترة نشاطها قبل الحكم ببطلانها . كما تحل الشركة وتصفى بصدور الحكم ببطلانها ، وتتم التصفية فى هذه الحالة طبقاً للأحكام المنصوص عليها فى عقد الشركة ، وذلك بالرغم من الحكم ببطلان هذا العقد .


    الأساس التشريعى لنظرية الشركة الفعلية :
    هذا ، وتجد نظرية الشركة الفعلية أساسها التشريعى فى نص المادة 507 مدنى والتى تقضى فى فقرتها الثانية على أن البطلان الناشئ من عدم كتابة العقد لا يجوز أن يحتج به الشركاء قبل الغير ، ولا يكون له أثر فيما بين الشركاء أنفسهم إلا من وقت أن يطلب الشريك الحكم بالبطلان . وهذا النص فى حقيقته يقرر حماية الوضع الظاهر الذى اطمأن إليه الغير نتيجة قيام الشخص المعنوى باستثمارات ومعاملات مختلفة ، وتتوافر العلة فى الحالات الأخرى للبطلان النسبى والخاص والتى سبق أن ذكرناها .
    التفرقة بين الشركة الفعلية والشركة من خلق الواقع :
    تختلف الشركة الفعلية Société de Fait عما يعرف بشركة الواقع أو « الشركة من خلق الواقع » Société gree de fait فالشركة الفعلية على النحو الذى رأيناه هى شركة توافرت لها أركانها الموضوعية العامة والخاصة واتجهت إرادة الشركاء الصريحة نحو تأسيس شكل معين من أشكال الشركاء المعترف بها قانونا ، ولكن أغفل الشركاء إتباع الإجراءات الشكلية المقررة قانونا .
    أما شركة الواقع فهى تنشأ نتيجة اشتراك عدة أشخاص لتحقيق غرض اقتصادى معين بالرغم من عدم اتجاه إرادتهم منذ البداية إلى تكوين الشركة على أسس قانونية من حيث شكلياتها . ففى شركة الواقع يتفق الأطراف على الدخول فى مشروع معين ، ويتوافر لهذا التعاون أو الاتحاد بينهم كافة الأركان الموضوعية للشركة مثل رأس المال والمشاركة فى الأرباح والخسائر ونية المشاركة مع توافر المظاهر الخارجية للشركة ، مثل وجود عنوان واسم تجارى وفتح حساب بنكى باسم المشروع دون أن تتجه إرادتهم إلى اتباع شكل محدد من أشكال الشركات . فالفارق الجوهرى بين الشركة الفعلية وشركة الواقع يكمن فى أن إرادة الشركاء فى الشركة الفعلية تتجه صراحة منذ البداية نحو تأسيس شكل معين مثل شركة تضامن وغيرها ، فى حين أن إرادة الشركاء فى شركة الواقع لم تتجه ، ولم يهدفوا منذ البداية إلى تأسيس أو إتباع شكل معين من أنواع الشركات . ويكون ذلك عادة فى الأحوال التى يتفق فيها جميع الأطراف على تنفيذ مشروع معين بذاته دون أن تكون لهم رغبة فى الاستمرار فى ممارسة نشاط عام ومتفرع ولمدة طويلة . وتتفق الشركة الفعلية والشركة من خلق الواقع فى أنه يجب أن تتوافر فيهما الأركان الموضوعية العامة والخاصة للشركة .
    وبالرغم من أن التفرقة السابقة لم تحظ باهتمام الفقه المصرى فى عمومه ، إلا أن المشرع الفرنسى قد اعترف بهذه التفرقة ورتب عليها بعض الآثار القانونية المهمة ، وذلك بناء على تعديل المادة 1873 من التقنين المدنى الفرنسى عام 1978 .
    فالشركة من خلق الواقع فى القانون الفرنسى تختلف عن الشركة الفعلية ، فالأولى ، على ما هى معرفة عليه فى القانون الفرنسى ، تنشأ فى الأحوال التى تتجه فيها إرادة شخصين أو أكثر للقيام بمشروع مالى أو اقتصادى محدد ، يشاركون فى الأرباح والخسائر الناجمة عنه دون أن تتجه إرادتهم لتكوين شركة مستقلة .
    وتخضع الشركة من خلق الواقع فى القانون الفرنسى – فى مجمل أحكامها – لذات الأحكام التى تسرى على شركات المحاصة ، فلا تتمتع شركة الواقع بالشخصية المعنوية ، وهى ليست محلا للإفلاس . كما تكون الملكية بين الشركاء فى شركة الواقع ملكية على الشيوع ، وتكون مسئولية الشركاء تضامنية قبل الغير فى حالة دخولهم فى علاقة قانونية مع هذا الغير . ويكون لأى من الشركاء فى حالة إثبات وجودها إنهاء الشركة فى أى وقت بمجرد إخطار الشركاء بذلك طالما تم الإخطار فى وقت معقول وبحسن نية وطالما لم يتم الاتفاق على غير ذلك ، ويجب – بطبيعة الحال - أن تتوافر لها الشروط الموضوعية اللازمة لتأسيس الشركة .
    ولا تخلو التفرقة بين الشركة الفعلية والشركة من خلق الواقع فى القانون المصرى ، من أهمية ، فالشركة الفعلية متى تم الاعتراف بها فإنها تأخذ الشكل القانونى الذى اتجهت إليه إرادة الأطراف ، أى أنها قد تكون شركة تضامن أو توصية بسيطة أو غير ذلك من أشكال الشركات . وتتحدد مسئولية الشركاء قبل الغير على هذا الأساس فتكون مسئولية الشركاء الموصين محدودة ومقيدة فى حدود مساهمتهم ، كما أنه لا يجوز شهر إفلاسهم فى حالة شهر إفلاس الشركة .
    أما الشركة من خلق الواقع فإنها تخضع لأحكام شركة التضامن بصفة أساسية ، وتكون مسئولية الشركاء فيها قبل الغير مسئولية تضامنية ، والقول بغير ذلك يفتح المجال للتحايل على الغير والإضرار بمصالحهم . وبعبارة أخرى ، تعامل الشركة من خلق الواقع معاملة شركة المحاصة التى يكشف الشركاء فيها عنها .
    ولمحكمة الموضوع أن تستخلص وجود الشركة من خلق الواقع من عناصر مختلفة طبقا لتقديرها . وقد تكون المظاهر داخلية ، أى واردة فى اتفاق الأطراف ، مثل النص على رأس المال ومساهمة كل طرف ومشاركتهم فى الربح والخسارة ، واتخاذ القرار وإنشاء مجلس مستقل لإدارة المشروع . وقد تكون بعض المظاهر خارجية مثل وجود عنوان ومركز لإدارة المشروع واستخدام مطبوعات عليها اسم المشروع وفتح حساب باسم المشروع وليس حسابا مشتركا باسم الشركاء ، وإبرام عقود مع الغير باسم المشروع ، أو تعيين عاملين لحساب المشروع ، وغير ذلك من العناصر المادية التى قد يستخلص منها وجود الشركة من خلق الواقع

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 5:06 pm