تحديد
المشرع المصري لمسائل الأحوال الشخصية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اورد المشرع المصري بأن الاحوال الشخصية تشمل المنازعات والمسائل المتعلقة بحاله الاشخاص ... او المتعلقة بنظام الأسرة ... كالخطبة ... والزواج ... وحقوق الزوجين وواجباتهما المتبادلة ... والمهر والدوطة .. ونظام الاموال بين الزوجين .. والطلاق والتطليق والتفريق ... والنبوة ... والاقرار بالابوة وانكارها ... والعلاقه بين الاصوال والفروع ... والالتزام بالنفقة للأقارب والأصهار ... وتصحيح النسب والتبني ... والولاية ... والوصاية .. والقوامة ... والحجز ... والاذن بالادارة .. وبالغيبة واعتبار الفقود ميتا .. وكذلك المنازعات المتعلقه بالمواريث والوصايا ... وغيرها من التصرفات المضافه الي ما بعد الموقت .
اما الأمور المتعلق بالمسائل المالية ... فكلها بحسب الاصل من الاحوال العينية ، وإذن فالوقف .... والهبه والوصيه ... والنفقات علي اختلاف انواعها ... وما شابهما ... تعد من الأحوال العينية .
تحديد
محكمة النقض المصري لمسائل الأحوال الشخصية
جاء في احد احكام محكمة النقض تحديدا دقيقا لمسائل الاحوال الشخصية ... فقد ورد بحكمها الأتي :-
" المقصود بمسائل الأحوال الشخصية ...
هو مجموعة ما يتميز به الإنسان عن غيره من الصفات الطبيعية ... أو ... العائلية التي رتب القانون عليها أثرا قانونيا في حياته الاجتماعية ... ككون الإنسان ذكرا أو انثي .. وكونه زوجا .. أو .. أرملا ... أو ... مطلقا أو أبنا شرعيا .. أو كونه تام الاهلية ... أو ناقصها لصغر السن ... أو لعته .. أو جنون ... أو كونه مطلق الأهلية .. أو مقيدها بسبب من أسبابها القانونية .
**********
بعد أن أوضحنا اصل اصطلاح الأحوال الشخصية .... وبعد أن تعرضنا لاصطلاح الأحوال الشخصية في القانون المصري ... وأيضا ما حدده المشرع المصري (السلطة التشريعية ) من مسائل الأحوال الشخصية بصوره اكثر تحديدا .. وأخيرا ما جاء بأحكام محكمه النقض المصرية بالمقصود من مسائل الأحوال الشخصية .
وقبل التعرض لقانون الأحوال الشخصية الخاصة بالمسيحيين متحدي الطائفة والمله ... وأيضا لائحة عام 1938 التي مازالت مطبقه بالمحاكم المصرية حتي الان ... نبدأ بتحديد طوائف الديانة المسيحية .... وتقسيماتها ... ومصادر هذه الشريعه ... وأيضا المقصود بمفهوم الطائفة .. أو الملة والمذهب ...
************
الباب الثاني
الفصل الأول
طوائفها ... وتقسيمات هذه الطوائف ..مصادر الشريعة المسيحية
قبل التكلم عن تقسيم الطوائف المسيحية .. بداءة يجب أن نوضح مفهوم بعض
الألفاظ ...
والمدلولات القانونية خاصه عندما تنظر المحاكم المصرية قضايا الأحوال الشخصية... فكما سبق القول بداءة تتعرف جهة التقاضي عن ديانه المتقاضي ... والملة ... والطائفة التي ينتمي إليها ... حتي يمكن إحاله دعواه إلي دائرة التقاضي المختصة به كما سبق القول ... وتبعا لذلك نتعرف عن المقصود ... بالديانة ... والمله ( المذهب) ... الطائفة ... من مفهوم قانوني .
فالديانة : هي الرسالة الموحي بها من السماء عن طريق نبي من السماء ... مثل ( الديانة المسيحية ) .
والملة : هي اسلوب معين لفهم أحكام هذه الديانة .. ويطلق عليها أيضا كلمه (المذهب) مثل الارثوذكسيه ... الكاثوليكية ... البروتستانت .
الطائفة : فهي مجموعه من الأفراد تنتمي إلي نفس الدين ...والمله الواحدة .. ولكن يجمع بينهم بجانب ذلك .. بعض الروابط الاجتماعية أو العادات الخاصة ... أو اللغة الواحدة ... وعلي ذلك فالطائفة .. هي وحده اجتماعيه داخل الدين ... والمله الواحدة ... مثل
· ( طائفة الاقباط الأرثوذكس ) ... وأفرادها مصريون اصلا .
· ( طائفة الروم الارثوذكس ) ... وافرادها اصلا من سكان الجزء الاوربي ...
· ( طوائف السريان .. الأرمن الخ ) .
والجميع ينتمون للطائفه الارثوذكسية .. والارثوذكسيه .. هي إحدي ملل ( مذاهب) الديانه المسيحية
**************
الفصل الثاني
تقسيم الطوائف المسيحية
تنقسم المذاهب المسيحية في مصر إلي :-
ــــــــــــــــــــ
· الأرثوذكسية .
· الكاثوليكية .
· البروتستانت .
اولا : طوائف المذهب الأرثوذكسي :
المذهب الأرثوذكسي هو المذهب الغالب في مصر للمسيجيين .. وهو محصور في اربعة طوائف وهم :-
1- طائفة الأقباط الأرثوذكس ... وافرادها مصريون اصلا .. وتتبع الكنيسة القبطية المصرية .
2- طائفة الروم الأرثوذكس ... وأفرادها اصلا من سكان الجزء الاوربي .. وتتبع الكنيسة اليونانية .
3- طائفة الارمن الأرثوذكس ... وأفرادها من اصل ارمني .. وتتبع الكنيسة الأرمنية
4- طائفة السريان الأرثوذكس ... وافرادها من اصل سوري .. وتتبع الكنيسة السورية .
وكان لكل طائفة من هذه الطوائف مجلس قبل صدور القانون رقم 462لسنه 1955م .
ثانيا: طوائف المذهب الكاثوليكي :
وهو مذهب كنيسة روما ... وعقيدتها الطبيعتين للسيد المسيح وينقسم هذا المذهب إلي سبعة طوائف وهم :-
1- طائفة الاقباط الكاثوليك ..
2- طائفة الروم الكاثوليك
3- طائفة الأرمن الكاثوليك ..
4- طائفة السريان الكاثوليك ..
وأفراد كل طائفة من الطوائف السابق الإشارة إليها .. من نفس اصل شبيه .. حسبما سبق إيضاحه في المذهب الأرثوذكسي .
5- طائفة الموارنة الكاثوليك ... وأفرادها من اصل لبناني .
6- طائفة الكلدان الكاثوليك ... وافرادها من اصل عراقي
7- طائفة اللاتين الكاثوليك ... وأفرادها من اصل اوربي .
وتخضع هذه الطوائف جميعها لرئاسة البابا بروما .
ثالثا: طوائف المذهب البروتستانتي :
· وهم المحتجون اتباع / مارتين لوثر كنج الراهب الكاثوليكي الذي انتقد حال الكنيسة الكاثوليكية في الفترة ما بين 1482 – 1546... ويدعو إلي حرية كل شخص لأعمال عقله في احكام الانجيل .. وانتشر مذهبه في أوروبا وأمريكا .. وبالرغم من تعدد طوائف هذا المذهب الي اكثر من 150 طائفة او يزيد ( مثل طائفة الكنيسة المسيحية المتحدة ... البعثة الهولندية .. الكويكرز .. الأدفنتست .. الخ) إلا ان القانون وحدهم تحت اسم طائفة الإنجيليين الوطنيين ..غشارة إلي انهم لا يعترفون إلا بما ورد بالانجيل .
تغيير المله أو الطائفة
المقصود بتغيير الملة :
· المقصود بتغيير الملة .. هي أن يترك الشخص المذهب الذي ينتمي اليه ( الارثوذكس .. او الكاثوليكية .. او البروتستانتية ) وينضم إلي مذهب اخر .. ومثال ذلك ان يترك الكاثوليكي مذهبه .. وينضم إلي المذهب الأرثوذكسي .. او البروتستانتي .. والعكس صحيح .. وبهذا التغيير يخرج الشخص من المذهب الذي تؤمن به طائفته التي كان ينتمي إليها .. ويدخل في مذهب اخر .
أما المقصود بتغيير الطائفة :
· فهي خروج الشخص من الطائفة التي ينتمي إليها .. ليدخل في طائفة أخري داخل نفس المذهب فمثلا تغيير الشخص المسيحي لطائفته التي ينتمي غليها وهي الروم الأرثوذكس مثلا ليدخل في طائفة الأقباط الأرثوذكس .. فهو تغيير داخل الملة الواحدة .
· وتغيير الملة . او الطائفة .. لا يتم ولا ينتج اثره بمجرد إبداء طلبة أو الرغبة فيه ، وأنما يتعين أن يتم ذلك بالدخول في الطائفة أو الملة الجديدة .. وهذا عمل إرادي من جانب الجهه الدينية المختصة التي يرغب الشخص الدخول في طائفتها أو ملتها ، ويكون قبول الانضمام إليها صادرا من رئاستها الدينية المعتمدة .
**********
الفصل الثالث
مصادر الشريعة المسيحية
1- الكتاب المقدس : بعهديه القديم والجديد .. أي التوراة والانجيل .. وهو شريعة جميع المسيحيين .
2- قوانين الرسل : وهي الكتابات التي وضعت بين القرنين الثاني والرابع وهي ( كتاب فقه الرسل الاثنا عشر – الديسقولية " تعاليم الرسل " – المرسوم الكنسي المصري – كتاب القواعد الكنسية – كتاب القواعد الشرعية اللاحقة للصعود ) .
3- قرارات المجامع : وهي مجالس كانت تعقد بين رجال الكنيسة.. لوضع أسس التعاليم المسيحية أو مناقشة الفكر المتطرف للهرطقة وتحييد موقف الكنيسة ... وتنقسم المجامع إلي :-
أ – المجامع المسكونية
وهي تضم كنائس العالم جميعها .. وقراراتها ملزمة لكافة المسيحيين المعترفين بها .. وهذه المجامع هي :-
1- مجمع نيقية .. لمحاكمه أريوس وذلك سنة 325م .
2- مجمع القسطنطينية : لمحاكمة اوسابيوس وغيره من الهرطقة عام 381م .
3- مجمع افسس : بشأن محاكمة نسطور عام 431م
4- مجمع أفسس الثاني : بشأن بدعة اوطاخي عام 449 م .
هذه المجامع تعترف بها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية .. أما باقي المجامع المسكونيه الأخري فلا تعترف بها .. لانعقادها لأغراض بعيدة عن الدين وبسبب مصالح شخصية .
ب- المجامع المحلية
وهي لا تلزم إلا الكنائس التي اجتمعت في إقليم معين للنظر في بعض شئونها المحلية الخاصة دون سائر الكنائس .
ومما هو جدير بالذكر أن البروتستانت لا يعترفون بهذه المجامع سواء كانت مسكونية ... او محلية ...
4- مراسيم الرؤساء الدينيين .. وفقه اباء الكنيسة :
فالمراسم : هي التعاليم التي يوجهها البطاركة .. والاساقفه إلي كهنتهم لتنظيم شئون الطائفة ... أما .
فقه أباء الكنيسة : فهي مؤلفات الرهبان .. وما كتبه اباء الكنيسة .. فيما يستجد من امور يتم التعرض لها ... ومعالجتها بما يتفق مع تعاليم الكتاب المقدس والمصادر سالفة الذكر ، مثل ( المجمع الصفوي ) لأبن العسال ( القرن ال 13 ) الذي يضم 51 بابا تتضمن فقه الخطبة والملاك والزيجة ... وايضا مجموعه قواعد مجمع كيرلس بن لقلق التي وضعت عام 955م .
5- العرف : وهو ما يجري العمل عليه باطراد وبصورة متعارف عليها بين ابناء الطائفة الواحدة لسد احتياجات افراد هذه الطائفة .
********************
الباب الثالث
الفصل الأول
الأحوال الشخصية
هي جملة المسائل التي يحكمها القانون الشخصي
سبق إيضاح أن " الأحوال الشخصية " اصطلاح يفيد في نطاق العلاقات الوطنية الداخلية قيام بعض مسائل تخضع للقانون الشخصي للمتنازعين ... ولإيضاح هذا التحديد يمكن القول ... بأن القانون الشخصي .. هو ما يعتبره النظام القانوني المصري كذلك .. فالمشرع المصري هو وحدة الذي يأمر بان يحكم قانون ما .. علاقه ما .. وبالتالي هو الذي يقرر أي القوانين يعتبر شخصيا .. وايهما لا يعتبر كذلك .
وأذا كان القانون المصري قد اعتبر ( قانون الجنسية) هو القانون الشخصي للأجانب ... فأنه لا يمكن الاكتفاء بهذا القول عند تحديد القانون الشخصي بالنسبة للمصريين ، ذلك ان مصر بلد تتعدد فيها الشرائع الداخلية فيما يختص بمسائل الأحوال الشخصية ... وكل شريعة منها يصح أن يطلق عليها قانون الجنسية المصري ....
فالشريعة الاسلامية .. والشريعة المسيحية ... والشريعة الموسوية ... تعتبر وفق النظام القانون المصري – قوانين شخصية ... بالنسبة لكل من المسلم ... والمسيحي .. واليهودي وبالتالي يجب عند توضيح القانون الشخصي بالنسبة للمصريين ان نصل إلي تحديد أكثر مما وصلنا إلية بالنسبة للأجانب .
زيبين من نصوص القانون رقم 462 لسنه 1955 أن القانون الشخصي المصري والذي يحكم مسائل الأحوال الشخصية هو ( قانون الديانة ) وأذا اردنا تحديدا أكثر بالنسبة لغير المسلم ... قلنا أن قانونهم الشخصي هو ( قانون الملة ) .
فأذا اختلف طرفي العلاقة في الديانة .. الملة .. وعرض أمر يخص احوالهما الشخصية علي القضاء المصري فأن القانون المصري ( الشريعة الإسلامية ) هي التي تطبق لاختلافهما في الديانة ... او الملة ... فمثلاً ...
إذا كان الزوج مسيحيا ... والزوجة يهودية .. فأن القانون الواجب التطبيق في شان احوالهما الشخصية هو قانون ( الحوال الشخصية للمسلمين ) نظرا لاختلاف الزوجين في الديانة .
وكذلك الأمر إذا كانت الزوجة مسيحية ارثوذكسية .. والزوج مسيحي كاثوليكي
( مختلف الملة ) وثار نزاع بينهما بالنسبة للأحوال الشخصية ... فان القانون الواجب التطبيق عليهما ايضا هو الشريعة الاسلامية ( الاحوال الشخصية للمسلمين ) نظرا لاختلافهما في ( الملة ) .
ومن اهم ما جاء به القانون رقم 462 لسنه 1955الاتي :-
إذ نص علي توحيد القضاء في مصر اعتبار من اول يناير 1956 بصرف النظر عن ديانة المتقاضين ... وتبعا لذلك أصبحت داخل سيادة القضاء والمحاكم المصرية .. وتتكون ثلاث دوائر .
* دائرة : تنظر منازعات المصريين غير المسلمين ( متحدي الطائفة والملة ) ...
وتطبق في هذه الدائرة أحكام شريعتهم الطائفية الخاصة بهم .. بشرط اتحادهم في الطائفة والملة .. وتسمي هذه الدائرة بالدائرة الملية .
· دائرة ثانية ..تنظر منازعات المصريين المسلمين .. وغير المسلمين المختلفي الملة والطائفة .. وتطبق هذه الدوائر عليهم أحكام الشريعة الاسلامية .
· دائرة ثالثة : تنظر منازعات الاحوال الشخصية للأجانب وتطبق هذه الدوائر عليهم أحكام قانونهم الجنبي الخاص بهم .
ثانيا : تعدد الشرائع التي تحكم علاقات الأحوال الشخصية للمصريين :
* ذلك ان نص المادة 6 من القانون 462 لسنة 1955 تنص علي الأتي :-
" تصدر الأحكام في المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية والوقف والتي كانت اصلا من اختصاص المحاكم الشرعية طبقا لما هو مقرر في المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم المذكورة .. اما بالنسبة للمنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين والمتحدي الطائفة والملة الذين لهم جهات قضائية ملية منظمة وقت صدور هذا القانون .. فتصدر الأحكام في نطاق النظام العام ... طبقا لشريعتهم .."
وتبعا لذلك
1- فأحكام الشريعة الإسلامية تطبق علي المصريين المسلمين ... وغير المسلمين في حالة اختلاف الطائفة .. او الملة .
2- واحكام الشرائع الخاصة ( الطائفية ) تطبق علي المصريين غير المسلمين .. متي كانوا متحدين في الديانة .. والطائفة .. والمله .
مما سبق يتضح ان القاعدة القانونية غير موحدة التطبيق علي كل المصريين بل تختلف حسب اختلاف الديانة ... او الملة .. او الطائفة الخاصة بالمتقاضيين .. وعلي القاضي قبل أن يفصل في النزاع .. أن يحدد اولا ما هي القاعدة القانونية الواجبة التطبيق علي النزاع هل هي الشريعة الاسلامية .. او الشريعة الطائفية ... مهتديا في ذلك بما نصت علية المادة السادسة من القانون 462لسنة 1955 .
وبعبارة أخري فأن
أول ما يجب علي القاضي عمله ، سواء عرضت علية عرقة مصرية بحتة ... أو علاقة ذات عنصر اجنبي .. أن يكيف هذه العلاقة حتي يقدر ما اذا كانت من المسائل التي يحكمها القانون الشخصي ... أم لا .. والمقصود بتكييف العلاقة هو إعطائها
وصفا قانونيا تمهيدا لتحديد القواعد القانونية التي تحكمها .. سواء كانت هذه القواعد وطنية .. أو اجنبية حيث تسمح بذلك قواعد القانون الخاص .
الفصل الثاني
شروط تطبيق شريعة غير المسلمين
* نصت الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون 462لسنة 1955 علي الاتي :-
" .. أما بالنسبة للمنازعات المتعلقة بالاحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين والمتحدين في الطائفة .. والملة الذين لهم جهات قضائية ملية منتظمة وقت صدور هذا القانون فتصدر الاحكام .. في نطاق النظام العام طبقا لشريعتهم " .
وتبعا لذلك فأن الفقرة الثانية من المادة السادسة _ السابق الاشارة اليها – حددت الشروط الثلاثة التي يجب توافرها حتي يمكن تطبيق شريعة غير المسلمين في مسائل الاحوال الشخصية الخاصة بهم والشروط الثلاث هي :-
1- ضرورة اتحاد المتقاضين في الطائفة وفي الملة معا .
2- ان تكون للمتقاضين جهات قضائية ملية منظمة وقت صدور القانون .
3- عدم تعارض حكم شريعة غير المسلمين مع النظام العام .
وترتيبا علي ما تقدم فأنه لابد من اتحاد طرفي النزاع ملة وطائفة حتي تنطبق شريعتهم ...
فأن اختلفا طائفة .. واتحدا ملة .. تخلف احد الشروط وطبق القاضي علي المتنازعين احكام الشريعة الاسلامية . بأعتبارهما غير متحدي الطائفة والملة معا .
***********
المبحث الأول
ضرورة اتحاد المتقاضين في الطائفة والملة معا
شرحنا فيما سبق المقصود بالدين والملة ( المذهب) ... والطائفة ... ومفهوم الشرط الأول وهو وجوب أيحاد طرفي النزاع من الزوجين في الملة او المذهب .. والطائفة حتي يمكن تطبيق أحكام شريعة غير المسلمين علي النزاع الخاص بها ... وقد اورد المشرع بأن العبرة في الاتحاد في الملة والمذهب ... والطائفة .. هو قبل رفع الدعوي.. والا ففي حاله عدم الاتحاد تطبق احكام الشريعة الاسلامية .. فمثلا:-
· لو كان المتنازعان ارثوذكسيان وكان احدهما قبطيا .. والاخر سريانيا ..
( اختلاف طائفة ) فأن الشريعة الاسلامية هي التي تحكم النزاع .
· اما إذا كان المتنازعان ارثوذكسيان .. قبطيان .. او ارثوذكسيان .. روميان
( متحدي الطائفة والملة ) .. فان شريعتهما الخاصة هي التي تحكم النزاع بينهما ...
وقد جاءت بعض الاراء ... ما بين مؤيد ومعارض فمثلاً :-
الرأي الأول : ينادي بتطبيق شريعة غير المسلمين عند الاتحاد في الملة دون اشتراط الاتحاد في الطائفة ... باعتبار أن هذا هو الطبيعي باعتبار المتنازعان يدينان بديانة واحدة .. وفي تطبيق هذا الاتجاه مما يوسع من نطاق تطبيق احكام شريعة غير المسلمين ( الشريعة الخاصة ) .
الرأي الثاني : يختلف عن الرأي الأول تأاسيسا علي أن تطبيق الرأي الاول ... مما يخالف صريح نص المادة / 6 من القانون 462 لسنة 1955 ... التي تضمنت بانه في حالة الاختلاف في الطائفة والملة تطبق احكام الشريعة الاسلامية .
· ويثور التساؤل أن الاراء السابقة تضمنت اتحاد المتنازعان في الطائفة والملة ...
عند رفع نزاعهما للقضاء .... اذن ما الحكم عند تغيير الدين .. أو المذهب ..أو الطائفة من احد الزوجين بعد رفع الدعوي ...
نصت المادة (7) من القانون 462لسنة 1955:-
"... انه لا يؤثر في تطبيق الفقرة الثانية من المادة المتقدمة تغيير الطائفة او الملة بما يخرج احد الخصوم عن وحدة طائفة اخري اثناء سير الدعوي ... الا اذا كان التغيير الي الاسلام ، فتطبق الفقرة الاولي من المادة السادسة من هذا القانون ..
ويفهم من نص المادة السابقة الاتي :-
1) التغيير من احد الخصوم في المذهب ... او الديانة ... او الطائفة اثناء رفع الدعوي ... فهو لايؤثر علي استمرار العمل بأحكام الشريعة الخاصة التي كانت مطبقة علي النزاع .
2) التغيير من احد الخصوم الي الديانة الاسلامية .. ولو بعد رفع الدعوي ... فانة تطبق علي النزاع احكام الشريعة الاسلامية .
ويلاحظ علي النص المذكور ما يأتي :-
أ) انه لا يعتد بالتغيير الذي يتم اثناء نظر الدعوي ... ويعتد بالتغيير السابق علي رفع الدعوي .
ب) انه افترض تطبيق قاعدة ( الغش يفسد كل شيء ) أن كان التغيير الي غير الدين الاسلامي ... وافترض تطبيق قاعدة ( مبدأ حرية العقيدة) أن كان التغيير الي الدين الاسلامي .
ج) لم يرد بالنص أي اشارة الي التغيير الي ديانة اخري ( خلاف الدين الاسلامي ) ولكن هذا لا يمنع من تطبيق النص في حالة التغيير الي ديانة اخري فلا يعتد بهذا التغيير اثناء نظر الدعوي .
د) ان ما اشارت الية المادة بعدم الاعتداد بتغيير الطائفة يفهم منه ضمنا .. ومن باب اولي عدم الاعتداد بتغيير المذهب ( الملة ) .
***************
المبحث الثاني
أن تكون للمتقاضين جهات قضائية ملية منظمة وقت صدور القانون
462لسنة 1955
سبق ان صدرت عدة قوانين سابقة علي صدور القانون 462 لسنة 1955 تنظم تشريعات بعض الطوائف ومثال ذلك :-
طائفة الاقباط الارثوذكس .. منظمة بتشريع صدر عام 1883 .
طائفة الارمن الكاثوليك ... منظمة بتشريع صدر عام 1905 .
طائفة الانجيليين الوطنية .. منظمة بتشريع صدر عام 1902.
ويبدو من هذه الفقرة ان اية طائفة اخري لم تكن منظمة بتشريع قبل صدور القانون 462 لسنة 1955 فانه لا يعترف بشرعتها ... ولا تطبق احكامها علي الخصوم الذين ينتمون إليها ... ولو باقرار ... او اتفاق منهم .. ومثال ذلك ..
طائفة السبتيين .. التي ليس لها تنظيم خاص بها سابق علي صدور القانون رقم 462 لسنة 1955 فيطبق بشأن النزاع الحاصل بين هؤلاء الخصوم احكام الشريعة الاسلامية .
*************
المبحث الثالث
عدم تعارض حكم شريعة غير المسلمين مع النظام العام .
مفهوم هذا الشرط ... هو أن لا تأتي الشريعة الطائفية الخاصة بأحكام تخالف النظام العام ( في مفهوم الشريعة الاسلامية ) والا طبقت احكام الشريعة الاسلامية..
وكان التبرير لهذا الشرط ان بعض الاحكام الواردة في الشرائع الطائفية تستقي من قوانين اجنبية نقلت عن طريق الهيئات الدينية المصرية الخاضعة للهيمنة الدينية الاجنبية مما يعطي احتمالا بأن بعض هذه الاحكام يأتي مخلا للنظام العام في مصر .
ولكن يجب ان نضع في الاعتبار ان النظام العام هو تعبير مرن ومطاط ... ويتغير بتغير الظروف والبلاد والمناطق .
كما ان فكرة النظام العام وكمفهوم فقهي مجرد ... يختل عن فكرة النظام العام في الشريعة الاسلامية ... إذ أن ما يخالف احكام الشريعة الاسلامية يعتبر معتديا علي النظام العام فيها ( خاصة في الحكام التي لا تقبل اجنهادا او تفسيرا ) ...... ومن هنا فلا يسمح بتطبيق نص يخال النظام العام في مفهوم الشريعة الاسلامية .
وقد يؤدي هذا الفكرالي ابطال تطبيق النصوص التي يتبعها المتخاصمون غير المسلمين في خلافهم ... ويعطي سبيلا اخر لتطبيق احكام الشريعة الاسلامية علي منازعات الاحوال الشخصية لغير المسلمين باعتبارها الشريعة العامة .
وعل ذلك نلاحظ ان مهمة القاضي تكون في غاية الصعوبة عند نظر أي نزاع يتم التعرض فيه ... لبحث وتطبيق النصوص الخاصة بشريعة غير المسلمين ( التي تعتبر في نفس الوقت غير متفقه من احكام الشريعة الاسلامية ) ... اذ لو اخذنا بحرفية النص لعطلنا كل النصوص التي تخالف قواعد الشريعة الاسلامية ... بمعني اخر فأننا سوف نطبق احكام الشريعة الاسلامية بين خصوم يدينان بديانة غير اسلامية ... ويتحدان في الملة والطائفة .
المبحث الرابع
عدم سماع دعوي الطلاق .. ألا ممن يدينان بوقوعه
· اورد المشرع في المادة / 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية وقرر ...
بعدم سماع دعوي الطلاق من احد الزوجين غير
المسلمين .. ألا إذا كان يدينان بوقوع الطلاق .
وهذه المادة لم يلغيها القانون 463 لسنة 1955 وعلي ذلك فهي مازالت سارية حتي الان ..
ولأيضاح ذلك نجد ان المذهب الكاثوليكي لا يعترف بالطلاق بل بما يسمي بالانفصال ..
لذلك اذا افترضنا ان الزوجين المتخاصمين كانا كاثوليكيين كلدان ثم غير احدهما طائفته الي كاثوليكي ارمن .. فتطبيقا لنص المادة / 6 من القانون رقم 463 لسنة 1955 تسري قواعد الشريعة الاسلامية علي أي نزاع ينشأ بينهما .. وتبعا لذلك لا يحق لاحدهما وهو الزوج أن يطلق زوجته ... في حين ان الزوجين حتي هذه اللحظة مازالا كاثوليكيين والمذهب الكاثوليكي لا يبيح الطلاق ... لذلك فلا تسمع دعوي طلاق الزوج .. لان كلا من ديانة الزوجين لا يعترفان بوقوع هذا الطلاق.
*************
سبق أن اوضحنا أن المشرع المصري .. قد حصر مسائل الاحوال الشخصية .. بأنها تشمل المنازعات والمسائل المتعلقة بحالة الاشخاص .. أو المتعلقة بنظام الاسرة .. كالخطبة .. والزواج .. وحقوق الزوجين وواجباتهما المتبادلة .. والمهر والدوطة .. ونظام الاموال بين الزوجين .. والطلاق والتطليق والتفريق .. والبنوة .. والاقرار بالابوة وانكارها .. والعلاقة بين الاصول والفروع .. والالزام بالنفقة للاقارب والاصهار .. وتصحيح النسب والتبني .. والولاية .. والوصاية .. والقوامة .. والحجر .. والاذن بالادارة .. وبالغيبة واعتبار المفقود ميتا .. وكذلك النازعات المتعلقة بالمواريث والوصايا .. وغيرها من التصرفات المضافة الي ما بعد الموقت .
كما اوضح المشرع المصري ايضا بأن . الامور المتعلق بالمسائل المالية .. فكلها بحسب الاصل من الاحوال العينية مثل الوقف .. والهبة .. والوصية .. وما شابههما تعد من مسائل الاحوال العينية .
**************
المبحث الخامس
بعض مسائل الأحوال الشخصية
التي تم توحيدها بالنسبة لجميع المصريين
اولاً : المواريث :
· قبل صدور القانون رقم 77 لسنة 1943
كانت مسائل المواريث بالنسبة لغير المسلمين تختص بنظرها المحاكم الشرعية التي تطبق بطبيعة الحال احكام الشريعة الاسلامية .. ويرجع ذلك أي ان الشريعة المسيحية لم تنظم مسائل المواريث الخاصة بها .. كما ان المسائل الخاصة بالميراث لا تتصل اتصالا وثيقا بالعقيدة .. وذلك عكس ما هو الحال بالنسبة لمسائل الزواج والطلاق .
· وظل الحال كذلك .. حتي صدر قانون الميراث رقم 77 لسنة 1943 وهو القانون الذي يطبق كقاعدة عامة علي كل المصريين مسلمين .. وغير مسلمين .. إذ تطبق علي الجميع احكام الميراث الواردة في الشريعة الاسلامية .
· ثم صدر بعد ذلك القانون رقم 25 لسنة 1944 الذي نص في مادته الأولي علي ان :-
" قوانين المواريث .. والوصية .. واحكام الشريعة الاسلامية فيهما هو قانون البلد فيما يتعلق بالمواريث والوصايا ، علي انه إذا كان المورث غير مسلم .. جاز لورثته في حكم الشريعة الاسلامية وقوانين الميراث والوصية ان يتفقوا علي ان يكون التوريث طبقا لشريعة المتوفي " .. فمثلا:-
· إذا توفي شخص مسيحي .. تطبق احكام الشريعة الاسلامية فيما يتعلق بتوزيع تركته .. وانصبة ورثته في هذه التركة .. فيكون نصيب والدة المتوفي السدس .. ونصيب والد المتوفي السدس .. ونصيب زوجة المتوفي ثمن التركة .. ونصيب اولاد المتوفي من تركة والدة للذكر ضعف نصيب الانثي .. وذلك طبقا للشريعة الاسلامية ..
· أما إذا اتفق ورثة المتوفي .. علي ان يكون التوريث طبقا لشريعة المتوفي وهي ( ديانته المسيحية ) .. فيكون توزيع الانصبه – في حالة اتفاق الورثة – بالتساوي فيما بين الورثة لا فرق بين نصيب الذكر .. ونصيب الانثي .. ونصيب الزوجة .. الخ .. الكل متساو في الانصبة .
· ثم صدر القانون المدني الحالي ونص في المادة رقم 875 علي ان :-
" تعيين الورثة .. وتحديد انصبائهم في الارث .. وانتقال اموال التركه .. تسري في شانها احكام الشريعة الاسلامية الصادرة في شانها " .
وبالتالي بعد صدور القانون المدني اصبح لا محل لتطبيق احكام القانون رقم 77 لسنة 1943 تسري بدون استثناء علي جميع المصريين مسلمين .. وغير مسلمين.
ويسري ما سبق ايضاحة بشأن المواريث علي المسائل الخاصة بالوصايا .. فهي الاخري اصبحت موحدة بالنسبة لجميع المصريين .
· ثانيا : الهبة
وحد القانون المدني المصري الاحكام التي تحكم مسائل الهبة بالنسبة لجميع المصريين .. فقد نظم في المواد من 486 حتي 504 الاحكام الشكلية والموضوعية للهبه .
فالهبه كما عرفها القانون المدني .. هي عقد يتصرف بمقتضاه الواجب في مال له دون عوض .
وتبعا لذلك فالمشرع نظر الي الهبة باعتبارها عقد مالي كسائر العقود .. وتبعا لذلك تخضع لاحكام القانون المدني .. إذ انها بهذا الصفه ( عقد مالي ) تخرج من نطاق تطبيق قانون الاحوال الشخصية لتصبح من مسائل الاحوال العينية وتتوحد بالتالي قواعدها لتسري علي جميع المصريين ايا كان ديانتهم .
الباب الرابع
إنشاء الزواج في المسيحية
حدد المشرع المصري مسائل الاحوال الشخصية .. كما استبعد ايضا المسائل التي وحد بالنسبة لجميع المصريين .. أي التي خرجت من نطاق هذا التحديد .. وقد ذكرنا منها حالتان فقط .. وهي اجكام المواريث .. الهبة ..
ولو حصرنا المسائل الخاصة بالاحوال الشخصية المتبقية لوجدنا .. انها الخطبة . الزواج – حقوق الزوجين وواجباتهما المشتركة .. الطلاق .. التطليق .. الخ .. ويمكن رد هذه المسائل جميعها الي الاصل وهي روابط الاسرة بمعناها الواسع .. وبمعني اخر فان روابط الاسرة تضم جميع مسائل الاحوال الشخصية ..
ولما كانت الاسرة هي النواة الاولي للمجتمع .. فالزواج هو الذي ينشيء العلاقة العائلية بين كلا الزوجين المكونين للاسرة .
ولما كانت الخطبة هي المرحلة التمهيدية للزواج الذي سيتم .. باعتبارها مجرد وعد يتفق به رجل وامراة علي الزواج ببعضهما في اجل محدد .. لذلك سنبدأ دراستنا في هذا الجزء بدراسة الخطبة بمفهوم اوسع واشمل .
الفصل الأول
عقد الخطبـــــة
مشروعية عقد الخطبة :
· يسبق كل عقد من العقود ذات الشأن والخطر .. مقدمات .. يبين فيها كل واحد من المتعاقدين مطالبه ورغباته فأذا تلاقت الرغبات اقدما علي كتابة العقد .. فيتم العقد تبعا لذلك بتلاقي الارادتين بين المتعاقدين .
· وعقد الزواج هو اخطر عقد بالنسبة لعاقديه إذ هو عقد موضوعه ( الحياة الانسانيه) وهو عقد يعقد علي سبيل الدوام الي نهاية الحياة .. ولهذا كانت مقدماته لها خطورتها .. فكان لابد لمن اراد الزواج ، ان يكون كل منهما علي بينه من امر الاخر قبل الارتباط بعقد الزواج .. حتي لا يكون الزواج عن جهل .. و لهذا شرعت احكام الخطبة .
· وقد جاء في لائحة الاحوال الشخصية للاقباط الارثوذكس التي اقرها المجلس المللي العام بجلسته المنعقدة في اول بشنس سنة 1654 للشهداء الموافق 9 مايو عام 1938 والتي بدأ سريانها اعتبار من اليوم الاول من شهر ابيب 1654 الموافق 8 يوليو 1938 ميلادية ..
وهي اللائحة المطبقة حاليا بالمحاكم في تعريف عقد الخطبة الاتي :-
المادة الاولي :
الخطبة عقد يتفق به رجل وامرأة علي الزواج
ببعضهما في اجل محدد
كما نصت المادة الاولي ن نصوص مشروع قانون الاحوال الشخصية الموحد لجميع الطوائف المسيحية بمصر .. في تعريف الخطبة علي الاتي :-
" الخطبة وعد متبادل ، بين رجل وامرأة ،
بالزواج في اجل محدد "
· وهكذا جرت العادة علي ان الطرفان لا يعقدان زواجهما عند اول تعارف يحدث بينهما .. بل يبدأن علاقتهما بوعد بسيط .. ويؤخران العقد الي اجل مسمي ، ويجب لصحة الخطبة ان يكون كلا من العاقدين علي قاطع .. وظن راجح .. بحاله العاقد الاخر وما علية من عادات .. واخلاق .. ليكون العقد مبنيا علي اساس صحيح .. ومعرفة ذلك تكون بالتحري .. والبحث .. و السؤال .. وغير ذلك مما يعطي علما قاطعا .. وظنا راجحا .
· ولا جدال ان هذه العادة مستحسنه وضرورية بالنظر الي خطورة عقد الزواج إذ به يتصرف الانسان في مستقبل ايامه .. وعليه مدار هنائه .. او شقائه .. لذلك كان من الضروري أن يتوفر لدي كل طرف متسع من الوقت يجمع في المعلومات الخاصة بحال الطرف الاخر .. ويتقصي عن اخلاق قرينه الذي سيرتبط به ارتباطا يدوم مدي الحياة .. وبهذا ثقل قضايا الطلاق .. ويزول كثير من مشكلاتنا الاجتماعية .
· ولما كان الغرض من الخطبة تعرف كل طرف علي احوال الطرف الاخر .. كان لابد لكليهما ان يكون علي علم بخلق الاخر ومستوي تفكيره .. واسلوب حياته ويتم ذلك العلم بالرؤية .. وهي احد طرق المعرفة .. وقد ابيح للرجل ان ينظر الي من يريد الزواج بها .. ولكنة اشترط ان ( لا تكون الرؤية في خلوة )
· وهناك رأي ان الرؤية يجب ان تسبق الخطبة عند نية الزواج من هذه المرأة حتي إذا انتجت الرؤية اقداما .. وان انتجت احجاما لم يكن في ذلك ايذاء ولا حرج لاسرتها .. والرؤية قبل الخطبة تكون برؤيتها خفية .. او فجأة من غير ان تعلم .. او تعلم ذويها بنية الزواج .. ولذلك الاستحسان مكانة من اللياقة والعرف والخلق الكريم برضاه ويؤيده .
التكييف القانوني للخطبة
الخطبة .. او الوعد بالزواج .. ليس الا تمهيداً لرابطة زوجية ، وهذا الوعد لا يضير احدا من المتواعدين .. ولكل منهما ان يعدل في أي وقت شاء عن إتمام الخطبة .. إذ لا شك في انه يجب ان يتحقق كامل الحرية في اجراء عقد الزواج الذي له خطرة في شئون المجتمع .. وانه وان كان كلا المتواعدين علي الزواج مطلق الحرية في العدول عنه من غير ان يترتب علي هذا العدول إلزام بتعويض ما .. الا انه إذا لازمت الوعد بالزواج .. والعدول عنه افعال مستقلة عنهما استقلالا بينا بحكم انها مجرد وعد بالزواج فعدل عنه .. وتكون هذه الافعال قد الحقت ضرراً ماديا .. او ادبيا لاحد المتواعدين ، كانت هذه الافعال الخاطئة موجبة للتعويض ، علي من صدرت منه باعتبارها افعالا ضارة في ذاتها .. وليست نتيجة العدول .
· والخطبة تنشيء علاقات بين الطرفان لا يمكن تجاهلها كما لا يمكن إغفال اعتبارها ولا تجريدها من أي تقدير قانوني ، ففيها إيجاب يقترن بقبول علي الوعد بالزواج ، فهو ارتباط قانوني .. وعقد قائم .. والاصل ان العدول عن الخطبة لا يترتب علية مسئولية مدنية .. ألا إذا ترتب علي العدول عن الخطبة ضرر مالي .. أو معنوي لاحد الطرفين كان الطرف الذي يعدل مسئولا عن تعويض الضرر طبقا لنص المادة 163 من القانون المدني والتي تانص علي أن :-
" كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من أرتكبه بالتعويض "
وهذا ما استقر علية الفقة والقضاء بعد أن ثار الخلاف في شأن التعويض عن فسخ الخطبة سواء في مصر او فرنسا ... فرأي يري عدم جواز التعويض عن فسخ الخطبة تأسيسا علي انه حق يجيزه له كون الخطبة مجرد وعد فقط بالزواج .. وفترة اختبار وتعارف ورأي أخر يتمسك بحق الطرف الاخر في التعويض عن فسخ الخطبة إذا لازم العدول افعال خاطئة .. وقد استقر الفقة والقضاء علي
الاتي :-
1) الخطبة ليست بعقد ملزم .
2) مجرد العدول عن الخطبة لا يكون سببا للمطالبة بالتعويض عن فسخ الخطبة .
3) إذا اقترن العدول عن الخطبة بأفعال أخري خاطئة ألحقت ضررا باحد الخطيبين .. جاز الحكم بالتعويض علي من تسبب في احداث هذا الضرر طبقا لقواعد المسئولية التقصيرية .
مفهوم الخطبة
في الكنيسة القبطية الارثوذكسية
الخطبة مرحلة تمهيدية تسبق الارتباط النهائي بين الطرفين بالزواج .. وهي وعد غير ملزم بينهما يمكن لأي منهما التحلل من هذا الوعد في أي وقت يشاء .. ومدي اهمية الخطبة بالنسبة للمسيحيين هو صعوبة انحلال الزواج بالطلاق .. بل وفي اضيق الحدود مما يجعل وجوب تقرير الخطبة بين الطرفين المسيحيين أمر حتمي حتي يمكن لأي منهما التعرف علي الاخر المعرفة الحقيقية في هذه الفترة .
وقد كان للكنيسة القبطية الارثوذكسية في مصر مفهوما اخر للخطبة وهو اقرب الشبه بينه وبين الزواج وهو ما يسمي ( عقد الاملاك ) وهو بنفس إجراءات الزواج .. دون المخالصة الجسدية .. ويتم بعقد الإكليل وهو ملزم لزوما كاملا بالنسبة للطرفين .. ولا يمكن ان ينحل هذا العقد أي ( عقد الاملاك ) ألا بشروط انحلال الزواج المسيحي نفسه .
ونظرا لان المسافة بين عقد الاملاك وعقد الاكليل كانت مسافة كبيرة مما يجعل البعض يحاول اعتبار عقد الاملاك كالخطبة يمكن التحلل منه بسهوله .. حتي أن هذا المفهوم انشأ كثيرا من المنازعات مما جعل الانبا كيرلس الرابع ( ابو الاصلاح ) ان يامر باتمام الاجرائين في وقت واحد ( الاملاك والاكليل ) مما جعل الخطبة كوعد بالزواج .. مرحله منفصلة وسابقة تماما عن الزواج أي عن
( عقد الاملاك والاكليل معا) .
وعلي هذا نلاحظ أن الخطبة في مفهومنا الحالي سواء عقدت في الكنيسة .. بأتباع الطقوس الدينية والمدنية .. أو عقدت خارج الكنيسة فهي في كلتا الحالتين وعد بالزواج غير ملزم للطرفين بأتمام زواجة .
ونذكر أن مفهوم الخطبة ورد في مشروع نصوص قانون الاحوال الشخصية بأنها مجرد وعد بالزواج بين رجل وامرأة بالزواج في اجل محدد .. وتبعا ذلك فلكل من الخطيبين العدول عن الخطبة وعدم إتمام الزواج في أيه لحظة وبأرادته المنفردة .
شروط انعقاد الخطبة
لانعقاد الخطبة طبقا لأحكام شريعة الاقباط الارثوذكس .. لابد من توافر العديد من الشروط الموضوعية .
ولما كانت الخطبة ايضا من العقود الشكلية فلابد ان تتم مستوفية الشكل الذي تستلزمه شريعة الاقباط الارثوذكس .
وتبعا لذلك يمكن تقسيم انعقاد الخطبة إلي نوعين من الشروط :-
الأولي : الشروط الشكلية .. وهي شروط ( خاصة)
الثانية : الشروط الموضوعية .
******************
أولاً
الشروط الشكلية لصحة انعقاد الخطبة
أولا : محضر الخطبة .. والبيانات التي يشمل عليها :
· يعتبر محضر الخطبة عقدا شكليا في شريعة الاقباط الارثوذكس .. ولهذا يجب إفراغ الخطبة في محضر خطبة ( وثيقة رسمية) يحررها كاهن من كهنة الكنيسة .. ويوقع عليها كلا من الخطيب والخطيبة .. وولي القاصر منهما .. كما يوقع عليها ايضا كل من الكاهن الذي اجري الخطبة .. والشهود .. ويجب أن تحفظ الوثيقة في سجل خاص .
· والشكلية هنا تستهدف إضفاء نوع من الجدية علي الخطبة .. وحتي يمكن المحافظة علي سمعة الفتيات .. وتدخل الكنيسة يستهدف مباركة الاتفاق الذي صار بين الخطيبين .. وذلك يتم عن طريق الصلاة وكلمة الله كعربون للاتصال الروحي والاقتران المقدس .
· ووثيقة الخطبة .. أو محضر الخطبة يجب أن يشتمل علي بيانات معينة الغرض منها إثبات شخصية الخاطبة أو التحقق من عدم وجود مانع من موانع الزواج .. وطبقا لنص المادة /5 من مشروع قانون الاحوال الشخصية الموحد يجب أن يتضمن محضر الخطبة البيانات الاتية :-
1) أسم كل من الخاطب والمخطوبة .. ولقبه وسنه .. وصناعته .. ومحل إقامته .. وبيانات بطاقته الشخصية .
2) أسم كل من والدي الخطيبين .. ولقبهما .. وصناعتهما أو اسم ولي القاصر من الخطيبين .. ولقبه وصناعته .. ومحل إقامته .
3) إثبات حضور كل من الخاطبين بنفسه .. وحضور الولي الشرعي .. أو من ينوب عنه أن كان احدهما قاصرا .. ورضاء كل من الطرفين بالزواج .
4) إثبات حضور شاهدين علي الاقل ... مسيحيين راشدين .. واسم كل منهما .. وصناعته .. ومحل إقامته .
5) إثبات التحقق من خلو الخطيبين من موانع وقيود الزواج المنصوص عليها .
6) الميعاد الذي يحدد للزواج .
7) قيمة الشبكة والاتفاقات المالية أن وجدت ويوقع علي محضر الخطبة كل من الخاطب والمخطوبة .. وولي القاصر منهما أن وجد ..أو ينوب عنه والشهود .. ورجل الدين الذي اجري الخطبة .. وتحفظ وثيقة الخطبة في مقر الدينية ، بعد تسليم كل من الخطيبين نسخة منها .
· ولابد أن يتحقق الكاهن من خلو كل من الخطيبين من الموانع الشرعية التي تمنع الزواج وبناء علي تسجيل محضر الخطبة .. يصدر ما يسمي بتصريح عقد الزواج .. وهو موافقة البطريركية علي إتمام الزواج .
ثانيا :تحديد ميعاد الزواج في وثيقة الخطبة :-
· حددت الفقرة السادسة من الفقرة الخامسة .. من مشروع قانون الاحوال الشخصيةالموحد .. علي ان تتضمن وثيقة الخطبة الميعاد الذي يحدد لعقد الزواج .. ويترك تحديد هذا الميعاد لرغبة اطراف التعاقد .. ويتوقف ذلك علي درجة معرفة الخطيبين ببعضهما قبل الخطبة .. فمثلا إبرام الزواج بين اطراف توجد بينهما صلة قرابة .. عادة ما تكون قصيرة .. بعكس الافراد الذين لم يسبق لهما معرفة بعصهما .. فتكون مدة الخطبة أطول .. كما تتوقف قدرة كلا من الخطيبين المالية كعامل مؤثر في تحديد مدة الخطبة وأتمام الزواج .
· ويمن القول بانه .. إذا ما اغفل الاطراف تحديد اجل الزواج في وثيقة الخطبة فان ذلك لا يؤدي غلي ابطال الخطبة .. لان المفروض أن تكون مدة الخطبة مدة معقولة .. فان تراخي احد الاطراف في إتمام الزواج .. فيجوز للطرف الاخر تحديد اجل للمتراخي حتي يتم الزواج في خلاله .. والا اعتبر عادلاً عن الخطبة ورافضا إتمام الزواج .
ثالثا : اعلان الخطبة .. والمعارضة في الزواج :
· هذان الاجراءان يعتبران من الشروط الشكلية لانعقاد الخطبة .. ألا انهما ليسا من الشروط اللازمة لانعقاد الخطبة .. فيمن أن تعقد الخطبة صحيح .. حتي ولو لم يتم الاعلان عنها .. والدليل علي ذلك انه يجوز الاعفاء من الاعلان في بعض الاحوال .. والاعلان عن الخطبة واجراء يستهدف إشهارها حتي يعرف أمرها بين الناس والاقارب .. حتي يتسني لمن يريد الاعتراض في حال قيام وتوافر مانع من الموانع التي تمنع اجراء الزواج .
· وقد نصت المادة / 7 من مشروع القانون الموحد علي الاتي :-
" يحرر رجل الدين الذي باشر عقد الخطبة ملخصا منه خال من الاتفاقات المالية .. في ظرف اسبوع من تاريخ حصوله .. ويعلنه في كنيسته .. واذا كان الخطيبان أو احدهما يقيم خارج دائرة الكنيسة ترسل نسخة منه الي الكنيسة التي يقيم الخطيبين في دائرتها لاعلانها لمدة شهر كامل ، ويجوز الاعتراض علي اتمام الزواج اذا وجد مانع من الموانع المذكورة في القانون .. وتبلغ الرئاسة الدينية المختصة قبل الموعد المحدد للزواج .
كما نصت المادة /8 :
بانه يجوز لأسباب يقدرها الرئيس الديني المختص .. أن يعفي من الاعلان المذكور .
ثانيا:
الشروط الموضوعية لصحة انعقاد الخطبة
لا يجوز عقد خطبة بين الخاطب والمخطوبة .. ألا إذا توافرت الشروط الاتية :-
1) بلوغ كلا من الخاطب سنا معينة .
2) ألا تكون هناك خطبة شرعية قائمة لأي منهما لم تحل .
3) رضا كلا من الطرفين بعقد الخطبة .. ورضا الولي عن القاصر منهما .
4) ان يكون كلا الطرفين خاليين من الموانع الشرعية التي تمنع زواجهما بالاخر في الحال .
**************
اولاً بلوغ كلا من الخاطب والمخطوبة سنا معينة :
· نصت المادة / 3 من مشروع قانون الأحوال الشخصية الموحد علي الاتي :-
" لا تجوز الخطبة ألا اذا بلغ الخطيب سن سبع عشر سنه ميلادية كاملة .. وسن الخطيبة خمسة عشر سنة "
*كما نصت المادة / 4 – فقرة ثانية ايضا علي الاتي :-
" أما إذا كان احدهما قاصرا .. وجبت موافقة وليه علي الترتيب الاتي :- "
" الأب ثم الأم التي لم تتزوج .. ثم الجد الصحيح .. ثم الجد لأم .. ثم لأراشد من الاخوة الاشقاء .ز ثم من الاخوة لأب .. ثم من الاخوة لأم .. ثم من الاخوال .. ثم من أبناء الاعمام .ز ثم أبناء العمات .. ثم من ابناء الخالات .. فاذا لم يوجد ولي من الاشخاص المتقدم ذكرهم تعين المحكمة وليا للقاصر من باقي القارب .. أو غيرهم من المسيحيين ."
· وتبعا لذلك وطبقا لنص المادة الثالثة من مشروع القانون السابق الاشارة اليها .. فاذا لم يكن طرفي الخطبة قد بلغا السن التي حددها القانون .. فلا تنعقد الخطبة .. ولا يستطيع ولي الصغير إبرام الخطبة نيابة عن الصغير .. لان شريعة الاقباط الارثوذكس لا تعرف ولاية الإجبار .
· ويلاحظ ايضا انه إذا بلغ الشخص السن المحدد لصحة انعقاد الخطبة .. ولم يكن قد بلغ السن الذي تنتهي فية الولاية عليالنفس ( 21 سنة ميلادية كاملة ) فأن الخطبة تعتبر متوقفة علي إجازة الولي علي القاصر .. والموافقة هنا تعتبر شرطا جوهريا من الشروط الموضوعية لصحة الزواج .
· ومما سبق ذكره .. يمكن تقسيم ركن السن إلي ثلاث مراحل عمرية تحدد مدي أهلية الشخص لعقد الخطبة وهي :-
1) المرحلة الأولي : وهي التي يقل فيها سن الخطيب عن 17 سنة ميلادية .. وسن الخطيبة عن 15 سنة ميلادية .. وفي هذه المرحلة لا تجوز الخطبة الرسمية حتي ولو وافق كل منهما .. ووافق وليي القاصر .
2) المرحلة الثانية : وهي التي يكون فيها سن الخطيب يبدأ من 17 سنة الي اقل من 21 سنة وسن الخطيبة يبدأ من 15 سنة إلي اقل من 21 سنة ميلادية .. وفيها يكون كلا منهما اَهلا للخطبة بشرط موافقة ولي النفس لكلا منهما علي الخطبة .. بجانب
المشرع المصري لمسائل الأحوال الشخصية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اورد المشرع المصري بأن الاحوال الشخصية تشمل المنازعات والمسائل المتعلقة بحاله الاشخاص ... او المتعلقة بنظام الأسرة ... كالخطبة ... والزواج ... وحقوق الزوجين وواجباتهما المتبادلة ... والمهر والدوطة .. ونظام الاموال بين الزوجين .. والطلاق والتطليق والتفريق ... والنبوة ... والاقرار بالابوة وانكارها ... والعلاقه بين الاصوال والفروع ... والالتزام بالنفقة للأقارب والأصهار ... وتصحيح النسب والتبني ... والولاية ... والوصاية .. والقوامة ... والحجز ... والاذن بالادارة .. وبالغيبة واعتبار الفقود ميتا .. وكذلك المنازعات المتعلقه بالمواريث والوصايا ... وغيرها من التصرفات المضافه الي ما بعد الموقت .
اما الأمور المتعلق بالمسائل المالية ... فكلها بحسب الاصل من الاحوال العينية ، وإذن فالوقف .... والهبه والوصيه ... والنفقات علي اختلاف انواعها ... وما شابهما ... تعد من الأحوال العينية .
تحديد
محكمة النقض المصري لمسائل الأحوال الشخصية
جاء في احد احكام محكمة النقض تحديدا دقيقا لمسائل الاحوال الشخصية ... فقد ورد بحكمها الأتي :-
" المقصود بمسائل الأحوال الشخصية ...
هو مجموعة ما يتميز به الإنسان عن غيره من الصفات الطبيعية ... أو ... العائلية التي رتب القانون عليها أثرا قانونيا في حياته الاجتماعية ... ككون الإنسان ذكرا أو انثي .. وكونه زوجا .. أو .. أرملا ... أو ... مطلقا أو أبنا شرعيا .. أو كونه تام الاهلية ... أو ناقصها لصغر السن ... أو لعته .. أو جنون ... أو كونه مطلق الأهلية .. أو مقيدها بسبب من أسبابها القانونية .
**********
بعد أن أوضحنا اصل اصطلاح الأحوال الشخصية .... وبعد أن تعرضنا لاصطلاح الأحوال الشخصية في القانون المصري ... وأيضا ما حدده المشرع المصري (السلطة التشريعية ) من مسائل الأحوال الشخصية بصوره اكثر تحديدا .. وأخيرا ما جاء بأحكام محكمه النقض المصرية بالمقصود من مسائل الأحوال الشخصية .
وقبل التعرض لقانون الأحوال الشخصية الخاصة بالمسيحيين متحدي الطائفة والمله ... وأيضا لائحة عام 1938 التي مازالت مطبقه بالمحاكم المصرية حتي الان ... نبدأ بتحديد طوائف الديانة المسيحية .... وتقسيماتها ... ومصادر هذه الشريعه ... وأيضا المقصود بمفهوم الطائفة .. أو الملة والمذهب ...
************
الباب الثاني
الفصل الأول
طوائفها ... وتقسيمات هذه الطوائف ..مصادر الشريعة المسيحية
قبل التكلم عن تقسيم الطوائف المسيحية .. بداءة يجب أن نوضح مفهوم بعض
الألفاظ ...
والمدلولات القانونية خاصه عندما تنظر المحاكم المصرية قضايا الأحوال الشخصية... فكما سبق القول بداءة تتعرف جهة التقاضي عن ديانه المتقاضي ... والملة ... والطائفة التي ينتمي إليها ... حتي يمكن إحاله دعواه إلي دائرة التقاضي المختصة به كما سبق القول ... وتبعا لذلك نتعرف عن المقصود ... بالديانة ... والمله ( المذهب) ... الطائفة ... من مفهوم قانوني .
فالديانة : هي الرسالة الموحي بها من السماء عن طريق نبي من السماء ... مثل ( الديانة المسيحية ) .
والملة : هي اسلوب معين لفهم أحكام هذه الديانة .. ويطلق عليها أيضا كلمه (المذهب) مثل الارثوذكسيه ... الكاثوليكية ... البروتستانت .
الطائفة : فهي مجموعه من الأفراد تنتمي إلي نفس الدين ...والمله الواحدة .. ولكن يجمع بينهم بجانب ذلك .. بعض الروابط الاجتماعية أو العادات الخاصة ... أو اللغة الواحدة ... وعلي ذلك فالطائفة .. هي وحده اجتماعيه داخل الدين ... والمله الواحدة ... مثل
· ( طائفة الاقباط الأرثوذكس ) ... وأفرادها مصريون اصلا .
· ( طائفة الروم الارثوذكس ) ... وافرادها اصلا من سكان الجزء الاوربي ...
· ( طوائف السريان .. الأرمن الخ ) .
والجميع ينتمون للطائفه الارثوذكسية .. والارثوذكسيه .. هي إحدي ملل ( مذاهب) الديانه المسيحية
**************
الفصل الثاني
تقسيم الطوائف المسيحية
تنقسم المذاهب المسيحية في مصر إلي :-
ــــــــــــــــــــ
· الأرثوذكسية .
· الكاثوليكية .
· البروتستانت .
اولا : طوائف المذهب الأرثوذكسي :
المذهب الأرثوذكسي هو المذهب الغالب في مصر للمسيجيين .. وهو محصور في اربعة طوائف وهم :-
1- طائفة الأقباط الأرثوذكس ... وافرادها مصريون اصلا .. وتتبع الكنيسة القبطية المصرية .
2- طائفة الروم الأرثوذكس ... وأفرادها اصلا من سكان الجزء الاوربي .. وتتبع الكنيسة اليونانية .
3- طائفة الارمن الأرثوذكس ... وأفرادها من اصل ارمني .. وتتبع الكنيسة الأرمنية
4- طائفة السريان الأرثوذكس ... وافرادها من اصل سوري .. وتتبع الكنيسة السورية .
وكان لكل طائفة من هذه الطوائف مجلس قبل صدور القانون رقم 462لسنه 1955م .
ثانيا: طوائف المذهب الكاثوليكي :
وهو مذهب كنيسة روما ... وعقيدتها الطبيعتين للسيد المسيح وينقسم هذا المذهب إلي سبعة طوائف وهم :-
1- طائفة الاقباط الكاثوليك ..
2- طائفة الروم الكاثوليك
3- طائفة الأرمن الكاثوليك ..
4- طائفة السريان الكاثوليك ..
وأفراد كل طائفة من الطوائف السابق الإشارة إليها .. من نفس اصل شبيه .. حسبما سبق إيضاحه في المذهب الأرثوذكسي .
5- طائفة الموارنة الكاثوليك ... وأفرادها من اصل لبناني .
6- طائفة الكلدان الكاثوليك ... وافرادها من اصل عراقي
7- طائفة اللاتين الكاثوليك ... وأفرادها من اصل اوربي .
وتخضع هذه الطوائف جميعها لرئاسة البابا بروما .
ثالثا: طوائف المذهب البروتستانتي :
· وهم المحتجون اتباع / مارتين لوثر كنج الراهب الكاثوليكي الذي انتقد حال الكنيسة الكاثوليكية في الفترة ما بين 1482 – 1546... ويدعو إلي حرية كل شخص لأعمال عقله في احكام الانجيل .. وانتشر مذهبه في أوروبا وأمريكا .. وبالرغم من تعدد طوائف هذا المذهب الي اكثر من 150 طائفة او يزيد ( مثل طائفة الكنيسة المسيحية المتحدة ... البعثة الهولندية .. الكويكرز .. الأدفنتست .. الخ) إلا ان القانون وحدهم تحت اسم طائفة الإنجيليين الوطنيين ..غشارة إلي انهم لا يعترفون إلا بما ورد بالانجيل .
تغيير المله أو الطائفة
المقصود بتغيير الملة :
· المقصود بتغيير الملة .. هي أن يترك الشخص المذهب الذي ينتمي اليه ( الارثوذكس .. او الكاثوليكية .. او البروتستانتية ) وينضم إلي مذهب اخر .. ومثال ذلك ان يترك الكاثوليكي مذهبه .. وينضم إلي المذهب الأرثوذكسي .. او البروتستانتي .. والعكس صحيح .. وبهذا التغيير يخرج الشخص من المذهب الذي تؤمن به طائفته التي كان ينتمي إليها .. ويدخل في مذهب اخر .
أما المقصود بتغيير الطائفة :
· فهي خروج الشخص من الطائفة التي ينتمي إليها .. ليدخل في طائفة أخري داخل نفس المذهب فمثلا تغيير الشخص المسيحي لطائفته التي ينتمي غليها وهي الروم الأرثوذكس مثلا ليدخل في طائفة الأقباط الأرثوذكس .. فهو تغيير داخل الملة الواحدة .
· وتغيير الملة . او الطائفة .. لا يتم ولا ينتج اثره بمجرد إبداء طلبة أو الرغبة فيه ، وأنما يتعين أن يتم ذلك بالدخول في الطائفة أو الملة الجديدة .. وهذا عمل إرادي من جانب الجهه الدينية المختصة التي يرغب الشخص الدخول في طائفتها أو ملتها ، ويكون قبول الانضمام إليها صادرا من رئاستها الدينية المعتمدة .
**********
الفصل الثالث
مصادر الشريعة المسيحية
1- الكتاب المقدس : بعهديه القديم والجديد .. أي التوراة والانجيل .. وهو شريعة جميع المسيحيين .
2- قوانين الرسل : وهي الكتابات التي وضعت بين القرنين الثاني والرابع وهي ( كتاب فقه الرسل الاثنا عشر – الديسقولية " تعاليم الرسل " – المرسوم الكنسي المصري – كتاب القواعد الكنسية – كتاب القواعد الشرعية اللاحقة للصعود ) .
3- قرارات المجامع : وهي مجالس كانت تعقد بين رجال الكنيسة.. لوضع أسس التعاليم المسيحية أو مناقشة الفكر المتطرف للهرطقة وتحييد موقف الكنيسة ... وتنقسم المجامع إلي :-
أ – المجامع المسكونية
وهي تضم كنائس العالم جميعها .. وقراراتها ملزمة لكافة المسيحيين المعترفين بها .. وهذه المجامع هي :-
1- مجمع نيقية .. لمحاكمه أريوس وذلك سنة 325م .
2- مجمع القسطنطينية : لمحاكمة اوسابيوس وغيره من الهرطقة عام 381م .
3- مجمع افسس : بشأن محاكمة نسطور عام 431م
4- مجمع أفسس الثاني : بشأن بدعة اوطاخي عام 449 م .
هذه المجامع تعترف بها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية .. أما باقي المجامع المسكونيه الأخري فلا تعترف بها .. لانعقادها لأغراض بعيدة عن الدين وبسبب مصالح شخصية .
ب- المجامع المحلية
وهي لا تلزم إلا الكنائس التي اجتمعت في إقليم معين للنظر في بعض شئونها المحلية الخاصة دون سائر الكنائس .
ومما هو جدير بالذكر أن البروتستانت لا يعترفون بهذه المجامع سواء كانت مسكونية ... او محلية ...
4- مراسيم الرؤساء الدينيين .. وفقه اباء الكنيسة :
فالمراسم : هي التعاليم التي يوجهها البطاركة .. والاساقفه إلي كهنتهم لتنظيم شئون الطائفة ... أما .
فقه أباء الكنيسة : فهي مؤلفات الرهبان .. وما كتبه اباء الكنيسة .. فيما يستجد من امور يتم التعرض لها ... ومعالجتها بما يتفق مع تعاليم الكتاب المقدس والمصادر سالفة الذكر ، مثل ( المجمع الصفوي ) لأبن العسال ( القرن ال 13 ) الذي يضم 51 بابا تتضمن فقه الخطبة والملاك والزيجة ... وايضا مجموعه قواعد مجمع كيرلس بن لقلق التي وضعت عام 955م .
5- العرف : وهو ما يجري العمل عليه باطراد وبصورة متعارف عليها بين ابناء الطائفة الواحدة لسد احتياجات افراد هذه الطائفة .
********************
الباب الثالث
الفصل الأول
الأحوال الشخصية
هي جملة المسائل التي يحكمها القانون الشخصي
سبق إيضاح أن " الأحوال الشخصية " اصطلاح يفيد في نطاق العلاقات الوطنية الداخلية قيام بعض مسائل تخضع للقانون الشخصي للمتنازعين ... ولإيضاح هذا التحديد يمكن القول ... بأن القانون الشخصي .. هو ما يعتبره النظام القانوني المصري كذلك .. فالمشرع المصري هو وحدة الذي يأمر بان يحكم قانون ما .. علاقه ما .. وبالتالي هو الذي يقرر أي القوانين يعتبر شخصيا .. وايهما لا يعتبر كذلك .
وأذا كان القانون المصري قد اعتبر ( قانون الجنسية) هو القانون الشخصي للأجانب ... فأنه لا يمكن الاكتفاء بهذا القول عند تحديد القانون الشخصي بالنسبة للمصريين ، ذلك ان مصر بلد تتعدد فيها الشرائع الداخلية فيما يختص بمسائل الأحوال الشخصية ... وكل شريعة منها يصح أن يطلق عليها قانون الجنسية المصري ....
فالشريعة الاسلامية .. والشريعة المسيحية ... والشريعة الموسوية ... تعتبر وفق النظام القانون المصري – قوانين شخصية ... بالنسبة لكل من المسلم ... والمسيحي .. واليهودي وبالتالي يجب عند توضيح القانون الشخصي بالنسبة للمصريين ان نصل إلي تحديد أكثر مما وصلنا إلية بالنسبة للأجانب .
زيبين من نصوص القانون رقم 462 لسنه 1955 أن القانون الشخصي المصري والذي يحكم مسائل الأحوال الشخصية هو ( قانون الديانة ) وأذا اردنا تحديدا أكثر بالنسبة لغير المسلم ... قلنا أن قانونهم الشخصي هو ( قانون الملة ) .
فأذا اختلف طرفي العلاقة في الديانة .. الملة .. وعرض أمر يخص احوالهما الشخصية علي القضاء المصري فأن القانون المصري ( الشريعة الإسلامية ) هي التي تطبق لاختلافهما في الديانة ... او الملة ... فمثلاً ...
إذا كان الزوج مسيحيا ... والزوجة يهودية .. فأن القانون الواجب التطبيق في شان احوالهما الشخصية هو قانون ( الحوال الشخصية للمسلمين ) نظرا لاختلاف الزوجين في الديانة .
وكذلك الأمر إذا كانت الزوجة مسيحية ارثوذكسية .. والزوج مسيحي كاثوليكي
( مختلف الملة ) وثار نزاع بينهما بالنسبة للأحوال الشخصية ... فان القانون الواجب التطبيق عليهما ايضا هو الشريعة الاسلامية ( الاحوال الشخصية للمسلمين ) نظرا لاختلافهما في ( الملة ) .
ومن اهم ما جاء به القانون رقم 462 لسنه 1955الاتي :-
إذ نص علي توحيد القضاء في مصر اعتبار من اول يناير 1956 بصرف النظر عن ديانة المتقاضين ... وتبعا لذلك أصبحت داخل سيادة القضاء والمحاكم المصرية .. وتتكون ثلاث دوائر .
* دائرة : تنظر منازعات المصريين غير المسلمين ( متحدي الطائفة والملة ) ...
وتطبق في هذه الدائرة أحكام شريعتهم الطائفية الخاصة بهم .. بشرط اتحادهم في الطائفة والملة .. وتسمي هذه الدائرة بالدائرة الملية .
· دائرة ثانية ..تنظر منازعات المصريين المسلمين .. وغير المسلمين المختلفي الملة والطائفة .. وتطبق هذه الدوائر عليهم أحكام الشريعة الاسلامية .
· دائرة ثالثة : تنظر منازعات الاحوال الشخصية للأجانب وتطبق هذه الدوائر عليهم أحكام قانونهم الجنبي الخاص بهم .
ثانيا : تعدد الشرائع التي تحكم علاقات الأحوال الشخصية للمصريين :
* ذلك ان نص المادة 6 من القانون 462 لسنة 1955 تنص علي الأتي :-
" تصدر الأحكام في المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية والوقف والتي كانت اصلا من اختصاص المحاكم الشرعية طبقا لما هو مقرر في المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم المذكورة .. اما بالنسبة للمنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين والمتحدي الطائفة والملة الذين لهم جهات قضائية ملية منظمة وقت صدور هذا القانون .. فتصدر الأحكام في نطاق النظام العام ... طبقا لشريعتهم .."
وتبعا لذلك
1- فأحكام الشريعة الإسلامية تطبق علي المصريين المسلمين ... وغير المسلمين في حالة اختلاف الطائفة .. او الملة .
2- واحكام الشرائع الخاصة ( الطائفية ) تطبق علي المصريين غير المسلمين .. متي كانوا متحدين في الديانة .. والطائفة .. والمله .
مما سبق يتضح ان القاعدة القانونية غير موحدة التطبيق علي كل المصريين بل تختلف حسب اختلاف الديانة ... او الملة .. او الطائفة الخاصة بالمتقاضيين .. وعلي القاضي قبل أن يفصل في النزاع .. أن يحدد اولا ما هي القاعدة القانونية الواجبة التطبيق علي النزاع هل هي الشريعة الاسلامية .. او الشريعة الطائفية ... مهتديا في ذلك بما نصت علية المادة السادسة من القانون 462لسنة 1955 .
وبعبارة أخري فأن
أول ما يجب علي القاضي عمله ، سواء عرضت علية عرقة مصرية بحتة ... أو علاقة ذات عنصر اجنبي .. أن يكيف هذه العلاقة حتي يقدر ما اذا كانت من المسائل التي يحكمها القانون الشخصي ... أم لا .. والمقصود بتكييف العلاقة هو إعطائها
وصفا قانونيا تمهيدا لتحديد القواعد القانونية التي تحكمها .. سواء كانت هذه القواعد وطنية .. أو اجنبية حيث تسمح بذلك قواعد القانون الخاص .
الفصل الثاني
شروط تطبيق شريعة غير المسلمين
* نصت الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون 462لسنة 1955 علي الاتي :-
" .. أما بالنسبة للمنازعات المتعلقة بالاحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين والمتحدين في الطائفة .. والملة الذين لهم جهات قضائية ملية منتظمة وقت صدور هذا القانون فتصدر الاحكام .. في نطاق النظام العام طبقا لشريعتهم " .
وتبعا لذلك فأن الفقرة الثانية من المادة السادسة _ السابق الاشارة اليها – حددت الشروط الثلاثة التي يجب توافرها حتي يمكن تطبيق شريعة غير المسلمين في مسائل الاحوال الشخصية الخاصة بهم والشروط الثلاث هي :-
1- ضرورة اتحاد المتقاضين في الطائفة وفي الملة معا .
2- ان تكون للمتقاضين جهات قضائية ملية منظمة وقت صدور القانون .
3- عدم تعارض حكم شريعة غير المسلمين مع النظام العام .
وترتيبا علي ما تقدم فأنه لابد من اتحاد طرفي النزاع ملة وطائفة حتي تنطبق شريعتهم ...
فأن اختلفا طائفة .. واتحدا ملة .. تخلف احد الشروط وطبق القاضي علي المتنازعين احكام الشريعة الاسلامية . بأعتبارهما غير متحدي الطائفة والملة معا .
***********
المبحث الأول
ضرورة اتحاد المتقاضين في الطائفة والملة معا
شرحنا فيما سبق المقصود بالدين والملة ( المذهب) ... والطائفة ... ومفهوم الشرط الأول وهو وجوب أيحاد طرفي النزاع من الزوجين في الملة او المذهب .. والطائفة حتي يمكن تطبيق أحكام شريعة غير المسلمين علي النزاع الخاص بها ... وقد اورد المشرع بأن العبرة في الاتحاد في الملة والمذهب ... والطائفة .. هو قبل رفع الدعوي.. والا ففي حاله عدم الاتحاد تطبق احكام الشريعة الاسلامية .. فمثلا:-
· لو كان المتنازعان ارثوذكسيان وكان احدهما قبطيا .. والاخر سريانيا ..
( اختلاف طائفة ) فأن الشريعة الاسلامية هي التي تحكم النزاع .
· اما إذا كان المتنازعان ارثوذكسيان .. قبطيان .. او ارثوذكسيان .. روميان
( متحدي الطائفة والملة ) .. فان شريعتهما الخاصة هي التي تحكم النزاع بينهما ...
وقد جاءت بعض الاراء ... ما بين مؤيد ومعارض فمثلاً :-
الرأي الأول : ينادي بتطبيق شريعة غير المسلمين عند الاتحاد في الملة دون اشتراط الاتحاد في الطائفة ... باعتبار أن هذا هو الطبيعي باعتبار المتنازعان يدينان بديانة واحدة .. وفي تطبيق هذا الاتجاه مما يوسع من نطاق تطبيق احكام شريعة غير المسلمين ( الشريعة الخاصة ) .
الرأي الثاني : يختلف عن الرأي الأول تأاسيسا علي أن تطبيق الرأي الاول ... مما يخالف صريح نص المادة / 6 من القانون 462 لسنة 1955 ... التي تضمنت بانه في حالة الاختلاف في الطائفة والملة تطبق احكام الشريعة الاسلامية .
· ويثور التساؤل أن الاراء السابقة تضمنت اتحاد المتنازعان في الطائفة والملة ...
عند رفع نزاعهما للقضاء .... اذن ما الحكم عند تغيير الدين .. أو المذهب ..أو الطائفة من احد الزوجين بعد رفع الدعوي ...
نصت المادة (7) من القانون 462لسنة 1955:-
"... انه لا يؤثر في تطبيق الفقرة الثانية من المادة المتقدمة تغيير الطائفة او الملة بما يخرج احد الخصوم عن وحدة طائفة اخري اثناء سير الدعوي ... الا اذا كان التغيير الي الاسلام ، فتطبق الفقرة الاولي من المادة السادسة من هذا القانون ..
ويفهم من نص المادة السابقة الاتي :-
1) التغيير من احد الخصوم في المذهب ... او الديانة ... او الطائفة اثناء رفع الدعوي ... فهو لايؤثر علي استمرار العمل بأحكام الشريعة الخاصة التي كانت مطبقة علي النزاع .
2) التغيير من احد الخصوم الي الديانة الاسلامية .. ولو بعد رفع الدعوي ... فانة تطبق علي النزاع احكام الشريعة الاسلامية .
ويلاحظ علي النص المذكور ما يأتي :-
أ) انه لا يعتد بالتغيير الذي يتم اثناء نظر الدعوي ... ويعتد بالتغيير السابق علي رفع الدعوي .
ب) انه افترض تطبيق قاعدة ( الغش يفسد كل شيء ) أن كان التغيير الي غير الدين الاسلامي ... وافترض تطبيق قاعدة ( مبدأ حرية العقيدة) أن كان التغيير الي الدين الاسلامي .
ج) لم يرد بالنص أي اشارة الي التغيير الي ديانة اخري ( خلاف الدين الاسلامي ) ولكن هذا لا يمنع من تطبيق النص في حالة التغيير الي ديانة اخري فلا يعتد بهذا التغيير اثناء نظر الدعوي .
د) ان ما اشارت الية المادة بعدم الاعتداد بتغيير الطائفة يفهم منه ضمنا .. ومن باب اولي عدم الاعتداد بتغيير المذهب ( الملة ) .
***************
المبحث الثاني
أن تكون للمتقاضين جهات قضائية ملية منظمة وقت صدور القانون
462لسنة 1955
سبق ان صدرت عدة قوانين سابقة علي صدور القانون 462 لسنة 1955 تنظم تشريعات بعض الطوائف ومثال ذلك :-
طائفة الاقباط الارثوذكس .. منظمة بتشريع صدر عام 1883 .
طائفة الارمن الكاثوليك ... منظمة بتشريع صدر عام 1905 .
طائفة الانجيليين الوطنية .. منظمة بتشريع صدر عام 1902.
ويبدو من هذه الفقرة ان اية طائفة اخري لم تكن منظمة بتشريع قبل صدور القانون 462 لسنة 1955 فانه لا يعترف بشرعتها ... ولا تطبق احكامها علي الخصوم الذين ينتمون إليها ... ولو باقرار ... او اتفاق منهم .. ومثال ذلك ..
طائفة السبتيين .. التي ليس لها تنظيم خاص بها سابق علي صدور القانون رقم 462 لسنة 1955 فيطبق بشأن النزاع الحاصل بين هؤلاء الخصوم احكام الشريعة الاسلامية .
*************
المبحث الثالث
عدم تعارض حكم شريعة غير المسلمين مع النظام العام .
مفهوم هذا الشرط ... هو أن لا تأتي الشريعة الطائفية الخاصة بأحكام تخالف النظام العام ( في مفهوم الشريعة الاسلامية ) والا طبقت احكام الشريعة الاسلامية..
وكان التبرير لهذا الشرط ان بعض الاحكام الواردة في الشرائع الطائفية تستقي من قوانين اجنبية نقلت عن طريق الهيئات الدينية المصرية الخاضعة للهيمنة الدينية الاجنبية مما يعطي احتمالا بأن بعض هذه الاحكام يأتي مخلا للنظام العام في مصر .
ولكن يجب ان نضع في الاعتبار ان النظام العام هو تعبير مرن ومطاط ... ويتغير بتغير الظروف والبلاد والمناطق .
كما ان فكرة النظام العام وكمفهوم فقهي مجرد ... يختل عن فكرة النظام العام في الشريعة الاسلامية ... إذ أن ما يخالف احكام الشريعة الاسلامية يعتبر معتديا علي النظام العام فيها ( خاصة في الحكام التي لا تقبل اجنهادا او تفسيرا ) ...... ومن هنا فلا يسمح بتطبيق نص يخال النظام العام في مفهوم الشريعة الاسلامية .
وقد يؤدي هذا الفكرالي ابطال تطبيق النصوص التي يتبعها المتخاصمون غير المسلمين في خلافهم ... ويعطي سبيلا اخر لتطبيق احكام الشريعة الاسلامية علي منازعات الاحوال الشخصية لغير المسلمين باعتبارها الشريعة العامة .
وعل ذلك نلاحظ ان مهمة القاضي تكون في غاية الصعوبة عند نظر أي نزاع يتم التعرض فيه ... لبحث وتطبيق النصوص الخاصة بشريعة غير المسلمين ( التي تعتبر في نفس الوقت غير متفقه من احكام الشريعة الاسلامية ) ... اذ لو اخذنا بحرفية النص لعطلنا كل النصوص التي تخالف قواعد الشريعة الاسلامية ... بمعني اخر فأننا سوف نطبق احكام الشريعة الاسلامية بين خصوم يدينان بديانة غير اسلامية ... ويتحدان في الملة والطائفة .
المبحث الرابع
عدم سماع دعوي الطلاق .. ألا ممن يدينان بوقوعه
· اورد المشرع في المادة / 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية وقرر ...
بعدم سماع دعوي الطلاق من احد الزوجين غير
المسلمين .. ألا إذا كان يدينان بوقوع الطلاق .
وهذه المادة لم يلغيها القانون 463 لسنة 1955 وعلي ذلك فهي مازالت سارية حتي الان ..
ولأيضاح ذلك نجد ان المذهب الكاثوليكي لا يعترف بالطلاق بل بما يسمي بالانفصال ..
لذلك اذا افترضنا ان الزوجين المتخاصمين كانا كاثوليكيين كلدان ثم غير احدهما طائفته الي كاثوليكي ارمن .. فتطبيقا لنص المادة / 6 من القانون رقم 463 لسنة 1955 تسري قواعد الشريعة الاسلامية علي أي نزاع ينشأ بينهما .. وتبعا لذلك لا يحق لاحدهما وهو الزوج أن يطلق زوجته ... في حين ان الزوجين حتي هذه اللحظة مازالا كاثوليكيين والمذهب الكاثوليكي لا يبيح الطلاق ... لذلك فلا تسمع دعوي طلاق الزوج .. لان كلا من ديانة الزوجين لا يعترفان بوقوع هذا الطلاق.
*************
سبق أن اوضحنا أن المشرع المصري .. قد حصر مسائل الاحوال الشخصية .. بأنها تشمل المنازعات والمسائل المتعلقة بحالة الاشخاص .. أو المتعلقة بنظام الاسرة .. كالخطبة .. والزواج .. وحقوق الزوجين وواجباتهما المتبادلة .. والمهر والدوطة .. ونظام الاموال بين الزوجين .. والطلاق والتطليق والتفريق .. والبنوة .. والاقرار بالابوة وانكارها .. والعلاقة بين الاصول والفروع .. والالزام بالنفقة للاقارب والاصهار .. وتصحيح النسب والتبني .. والولاية .. والوصاية .. والقوامة .. والحجر .. والاذن بالادارة .. وبالغيبة واعتبار المفقود ميتا .. وكذلك النازعات المتعلقة بالمواريث والوصايا .. وغيرها من التصرفات المضافة الي ما بعد الموقت .
كما اوضح المشرع المصري ايضا بأن . الامور المتعلق بالمسائل المالية .. فكلها بحسب الاصل من الاحوال العينية مثل الوقف .. والهبة .. والوصية .. وما شابههما تعد من مسائل الاحوال العينية .
**************
المبحث الخامس
بعض مسائل الأحوال الشخصية
التي تم توحيدها بالنسبة لجميع المصريين
اولاً : المواريث :
· قبل صدور القانون رقم 77 لسنة 1943
كانت مسائل المواريث بالنسبة لغير المسلمين تختص بنظرها المحاكم الشرعية التي تطبق بطبيعة الحال احكام الشريعة الاسلامية .. ويرجع ذلك أي ان الشريعة المسيحية لم تنظم مسائل المواريث الخاصة بها .. كما ان المسائل الخاصة بالميراث لا تتصل اتصالا وثيقا بالعقيدة .. وذلك عكس ما هو الحال بالنسبة لمسائل الزواج والطلاق .
· وظل الحال كذلك .. حتي صدر قانون الميراث رقم 77 لسنة 1943 وهو القانون الذي يطبق كقاعدة عامة علي كل المصريين مسلمين .. وغير مسلمين .. إذ تطبق علي الجميع احكام الميراث الواردة في الشريعة الاسلامية .
· ثم صدر بعد ذلك القانون رقم 25 لسنة 1944 الذي نص في مادته الأولي علي ان :-
" قوانين المواريث .. والوصية .. واحكام الشريعة الاسلامية فيهما هو قانون البلد فيما يتعلق بالمواريث والوصايا ، علي انه إذا كان المورث غير مسلم .. جاز لورثته في حكم الشريعة الاسلامية وقوانين الميراث والوصية ان يتفقوا علي ان يكون التوريث طبقا لشريعة المتوفي " .. فمثلا:-
· إذا توفي شخص مسيحي .. تطبق احكام الشريعة الاسلامية فيما يتعلق بتوزيع تركته .. وانصبة ورثته في هذه التركة .. فيكون نصيب والدة المتوفي السدس .. ونصيب والد المتوفي السدس .. ونصيب زوجة المتوفي ثمن التركة .. ونصيب اولاد المتوفي من تركة والدة للذكر ضعف نصيب الانثي .. وذلك طبقا للشريعة الاسلامية ..
· أما إذا اتفق ورثة المتوفي .. علي ان يكون التوريث طبقا لشريعة المتوفي وهي ( ديانته المسيحية ) .. فيكون توزيع الانصبه – في حالة اتفاق الورثة – بالتساوي فيما بين الورثة لا فرق بين نصيب الذكر .. ونصيب الانثي .. ونصيب الزوجة .. الخ .. الكل متساو في الانصبة .
· ثم صدر القانون المدني الحالي ونص في المادة رقم 875 علي ان :-
" تعيين الورثة .. وتحديد انصبائهم في الارث .. وانتقال اموال التركه .. تسري في شانها احكام الشريعة الاسلامية الصادرة في شانها " .
وبالتالي بعد صدور القانون المدني اصبح لا محل لتطبيق احكام القانون رقم 77 لسنة 1943 تسري بدون استثناء علي جميع المصريين مسلمين .. وغير مسلمين.
ويسري ما سبق ايضاحة بشأن المواريث علي المسائل الخاصة بالوصايا .. فهي الاخري اصبحت موحدة بالنسبة لجميع المصريين .
· ثانيا : الهبة
وحد القانون المدني المصري الاحكام التي تحكم مسائل الهبة بالنسبة لجميع المصريين .. فقد نظم في المواد من 486 حتي 504 الاحكام الشكلية والموضوعية للهبه .
فالهبه كما عرفها القانون المدني .. هي عقد يتصرف بمقتضاه الواجب في مال له دون عوض .
وتبعا لذلك فالمشرع نظر الي الهبة باعتبارها عقد مالي كسائر العقود .. وتبعا لذلك تخضع لاحكام القانون المدني .. إذ انها بهذا الصفه ( عقد مالي ) تخرج من نطاق تطبيق قانون الاحوال الشخصية لتصبح من مسائل الاحوال العينية وتتوحد بالتالي قواعدها لتسري علي جميع المصريين ايا كان ديانتهم .
الباب الرابع
إنشاء الزواج في المسيحية
حدد المشرع المصري مسائل الاحوال الشخصية .. كما استبعد ايضا المسائل التي وحد بالنسبة لجميع المصريين .. أي التي خرجت من نطاق هذا التحديد .. وقد ذكرنا منها حالتان فقط .. وهي اجكام المواريث .. الهبة ..
ولو حصرنا المسائل الخاصة بالاحوال الشخصية المتبقية لوجدنا .. انها الخطبة . الزواج – حقوق الزوجين وواجباتهما المشتركة .. الطلاق .. التطليق .. الخ .. ويمكن رد هذه المسائل جميعها الي الاصل وهي روابط الاسرة بمعناها الواسع .. وبمعني اخر فان روابط الاسرة تضم جميع مسائل الاحوال الشخصية ..
ولما كانت الاسرة هي النواة الاولي للمجتمع .. فالزواج هو الذي ينشيء العلاقة العائلية بين كلا الزوجين المكونين للاسرة .
ولما كانت الخطبة هي المرحلة التمهيدية للزواج الذي سيتم .. باعتبارها مجرد وعد يتفق به رجل وامراة علي الزواج ببعضهما في اجل محدد .. لذلك سنبدأ دراستنا في هذا الجزء بدراسة الخطبة بمفهوم اوسع واشمل .
الفصل الأول
عقد الخطبـــــة
مشروعية عقد الخطبة :
· يسبق كل عقد من العقود ذات الشأن والخطر .. مقدمات .. يبين فيها كل واحد من المتعاقدين مطالبه ورغباته فأذا تلاقت الرغبات اقدما علي كتابة العقد .. فيتم العقد تبعا لذلك بتلاقي الارادتين بين المتعاقدين .
· وعقد الزواج هو اخطر عقد بالنسبة لعاقديه إذ هو عقد موضوعه ( الحياة الانسانيه) وهو عقد يعقد علي سبيل الدوام الي نهاية الحياة .. ولهذا كانت مقدماته لها خطورتها .. فكان لابد لمن اراد الزواج ، ان يكون كل منهما علي بينه من امر الاخر قبل الارتباط بعقد الزواج .. حتي لا يكون الزواج عن جهل .. و لهذا شرعت احكام الخطبة .
· وقد جاء في لائحة الاحوال الشخصية للاقباط الارثوذكس التي اقرها المجلس المللي العام بجلسته المنعقدة في اول بشنس سنة 1654 للشهداء الموافق 9 مايو عام 1938 والتي بدأ سريانها اعتبار من اليوم الاول من شهر ابيب 1654 الموافق 8 يوليو 1938 ميلادية ..
وهي اللائحة المطبقة حاليا بالمحاكم في تعريف عقد الخطبة الاتي :-
المادة الاولي :
الخطبة عقد يتفق به رجل وامرأة علي الزواج
ببعضهما في اجل محدد
كما نصت المادة الاولي ن نصوص مشروع قانون الاحوال الشخصية الموحد لجميع الطوائف المسيحية بمصر .. في تعريف الخطبة علي الاتي :-
" الخطبة وعد متبادل ، بين رجل وامرأة ،
بالزواج في اجل محدد "
· وهكذا جرت العادة علي ان الطرفان لا يعقدان زواجهما عند اول تعارف يحدث بينهما .. بل يبدأن علاقتهما بوعد بسيط .. ويؤخران العقد الي اجل مسمي ، ويجب لصحة الخطبة ان يكون كلا من العاقدين علي قاطع .. وظن راجح .. بحاله العاقد الاخر وما علية من عادات .. واخلاق .. ليكون العقد مبنيا علي اساس صحيح .. ومعرفة ذلك تكون بالتحري .. والبحث .. و السؤال .. وغير ذلك مما يعطي علما قاطعا .. وظنا راجحا .
· ولا جدال ان هذه العادة مستحسنه وضرورية بالنظر الي خطورة عقد الزواج إذ به يتصرف الانسان في مستقبل ايامه .. وعليه مدار هنائه .. او شقائه .. لذلك كان من الضروري أن يتوفر لدي كل طرف متسع من الوقت يجمع في المعلومات الخاصة بحال الطرف الاخر .. ويتقصي عن اخلاق قرينه الذي سيرتبط به ارتباطا يدوم مدي الحياة .. وبهذا ثقل قضايا الطلاق .. ويزول كثير من مشكلاتنا الاجتماعية .
· ولما كان الغرض من الخطبة تعرف كل طرف علي احوال الطرف الاخر .. كان لابد لكليهما ان يكون علي علم بخلق الاخر ومستوي تفكيره .. واسلوب حياته ويتم ذلك العلم بالرؤية .. وهي احد طرق المعرفة .. وقد ابيح للرجل ان ينظر الي من يريد الزواج بها .. ولكنة اشترط ان ( لا تكون الرؤية في خلوة )
· وهناك رأي ان الرؤية يجب ان تسبق الخطبة عند نية الزواج من هذه المرأة حتي إذا انتجت الرؤية اقداما .. وان انتجت احجاما لم يكن في ذلك ايذاء ولا حرج لاسرتها .. والرؤية قبل الخطبة تكون برؤيتها خفية .. او فجأة من غير ان تعلم .. او تعلم ذويها بنية الزواج .. ولذلك الاستحسان مكانة من اللياقة والعرف والخلق الكريم برضاه ويؤيده .
التكييف القانوني للخطبة
الخطبة .. او الوعد بالزواج .. ليس الا تمهيداً لرابطة زوجية ، وهذا الوعد لا يضير احدا من المتواعدين .. ولكل منهما ان يعدل في أي وقت شاء عن إتمام الخطبة .. إذ لا شك في انه يجب ان يتحقق كامل الحرية في اجراء عقد الزواج الذي له خطرة في شئون المجتمع .. وانه وان كان كلا المتواعدين علي الزواج مطلق الحرية في العدول عنه من غير ان يترتب علي هذا العدول إلزام بتعويض ما .. الا انه إذا لازمت الوعد بالزواج .. والعدول عنه افعال مستقلة عنهما استقلالا بينا بحكم انها مجرد وعد بالزواج فعدل عنه .. وتكون هذه الافعال قد الحقت ضرراً ماديا .. او ادبيا لاحد المتواعدين ، كانت هذه الافعال الخاطئة موجبة للتعويض ، علي من صدرت منه باعتبارها افعالا ضارة في ذاتها .. وليست نتيجة العدول .
· والخطبة تنشيء علاقات بين الطرفان لا يمكن تجاهلها كما لا يمكن إغفال اعتبارها ولا تجريدها من أي تقدير قانوني ، ففيها إيجاب يقترن بقبول علي الوعد بالزواج ، فهو ارتباط قانوني .. وعقد قائم .. والاصل ان العدول عن الخطبة لا يترتب علية مسئولية مدنية .. ألا إذا ترتب علي العدول عن الخطبة ضرر مالي .. أو معنوي لاحد الطرفين كان الطرف الذي يعدل مسئولا عن تعويض الضرر طبقا لنص المادة 163 من القانون المدني والتي تانص علي أن :-
" كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من أرتكبه بالتعويض "
وهذا ما استقر علية الفقة والقضاء بعد أن ثار الخلاف في شأن التعويض عن فسخ الخطبة سواء في مصر او فرنسا ... فرأي يري عدم جواز التعويض عن فسخ الخطبة تأسيسا علي انه حق يجيزه له كون الخطبة مجرد وعد فقط بالزواج .. وفترة اختبار وتعارف ورأي أخر يتمسك بحق الطرف الاخر في التعويض عن فسخ الخطبة إذا لازم العدول افعال خاطئة .. وقد استقر الفقة والقضاء علي
الاتي :-
1) الخطبة ليست بعقد ملزم .
2) مجرد العدول عن الخطبة لا يكون سببا للمطالبة بالتعويض عن فسخ الخطبة .
3) إذا اقترن العدول عن الخطبة بأفعال أخري خاطئة ألحقت ضررا باحد الخطيبين .. جاز الحكم بالتعويض علي من تسبب في احداث هذا الضرر طبقا لقواعد المسئولية التقصيرية .
مفهوم الخطبة
في الكنيسة القبطية الارثوذكسية
الخطبة مرحلة تمهيدية تسبق الارتباط النهائي بين الطرفين بالزواج .. وهي وعد غير ملزم بينهما يمكن لأي منهما التحلل من هذا الوعد في أي وقت يشاء .. ومدي اهمية الخطبة بالنسبة للمسيحيين هو صعوبة انحلال الزواج بالطلاق .. بل وفي اضيق الحدود مما يجعل وجوب تقرير الخطبة بين الطرفين المسيحيين أمر حتمي حتي يمكن لأي منهما التعرف علي الاخر المعرفة الحقيقية في هذه الفترة .
وقد كان للكنيسة القبطية الارثوذكسية في مصر مفهوما اخر للخطبة وهو اقرب الشبه بينه وبين الزواج وهو ما يسمي ( عقد الاملاك ) وهو بنفس إجراءات الزواج .. دون المخالصة الجسدية .. ويتم بعقد الإكليل وهو ملزم لزوما كاملا بالنسبة للطرفين .. ولا يمكن ان ينحل هذا العقد أي ( عقد الاملاك ) ألا بشروط انحلال الزواج المسيحي نفسه .
ونظرا لان المسافة بين عقد الاملاك وعقد الاكليل كانت مسافة كبيرة مما يجعل البعض يحاول اعتبار عقد الاملاك كالخطبة يمكن التحلل منه بسهوله .. حتي أن هذا المفهوم انشأ كثيرا من المنازعات مما جعل الانبا كيرلس الرابع ( ابو الاصلاح ) ان يامر باتمام الاجرائين في وقت واحد ( الاملاك والاكليل ) مما جعل الخطبة كوعد بالزواج .. مرحله منفصلة وسابقة تماما عن الزواج أي عن
( عقد الاملاك والاكليل معا) .
وعلي هذا نلاحظ أن الخطبة في مفهومنا الحالي سواء عقدت في الكنيسة .. بأتباع الطقوس الدينية والمدنية .. أو عقدت خارج الكنيسة فهي في كلتا الحالتين وعد بالزواج غير ملزم للطرفين بأتمام زواجة .
ونذكر أن مفهوم الخطبة ورد في مشروع نصوص قانون الاحوال الشخصية بأنها مجرد وعد بالزواج بين رجل وامرأة بالزواج في اجل محدد .. وتبعا ذلك فلكل من الخطيبين العدول عن الخطبة وعدم إتمام الزواج في أيه لحظة وبأرادته المنفردة .
شروط انعقاد الخطبة
لانعقاد الخطبة طبقا لأحكام شريعة الاقباط الارثوذكس .. لابد من توافر العديد من الشروط الموضوعية .
ولما كانت الخطبة ايضا من العقود الشكلية فلابد ان تتم مستوفية الشكل الذي تستلزمه شريعة الاقباط الارثوذكس .
وتبعا لذلك يمكن تقسيم انعقاد الخطبة إلي نوعين من الشروط :-
الأولي : الشروط الشكلية .. وهي شروط ( خاصة)
الثانية : الشروط الموضوعية .
******************
أولاً
الشروط الشكلية لصحة انعقاد الخطبة
أولا : محضر الخطبة .. والبيانات التي يشمل عليها :
· يعتبر محضر الخطبة عقدا شكليا في شريعة الاقباط الارثوذكس .. ولهذا يجب إفراغ الخطبة في محضر خطبة ( وثيقة رسمية) يحررها كاهن من كهنة الكنيسة .. ويوقع عليها كلا من الخطيب والخطيبة .. وولي القاصر منهما .. كما يوقع عليها ايضا كل من الكاهن الذي اجري الخطبة .. والشهود .. ويجب أن تحفظ الوثيقة في سجل خاص .
· والشكلية هنا تستهدف إضفاء نوع من الجدية علي الخطبة .. وحتي يمكن المحافظة علي سمعة الفتيات .. وتدخل الكنيسة يستهدف مباركة الاتفاق الذي صار بين الخطيبين .. وذلك يتم عن طريق الصلاة وكلمة الله كعربون للاتصال الروحي والاقتران المقدس .
· ووثيقة الخطبة .. أو محضر الخطبة يجب أن يشتمل علي بيانات معينة الغرض منها إثبات شخصية الخاطبة أو التحقق من عدم وجود مانع من موانع الزواج .. وطبقا لنص المادة /5 من مشروع قانون الاحوال الشخصية الموحد يجب أن يتضمن محضر الخطبة البيانات الاتية :-
1) أسم كل من الخاطب والمخطوبة .. ولقبه وسنه .. وصناعته .. ومحل إقامته .. وبيانات بطاقته الشخصية .
2) أسم كل من والدي الخطيبين .. ولقبهما .. وصناعتهما أو اسم ولي القاصر من الخطيبين .. ولقبه وصناعته .. ومحل إقامته .
3) إثبات حضور كل من الخاطبين بنفسه .. وحضور الولي الشرعي .. أو من ينوب عنه أن كان احدهما قاصرا .. ورضاء كل من الطرفين بالزواج .
4) إثبات حضور شاهدين علي الاقل ... مسيحيين راشدين .. واسم كل منهما .. وصناعته .. ومحل إقامته .
5) إثبات التحقق من خلو الخطيبين من موانع وقيود الزواج المنصوص عليها .
6) الميعاد الذي يحدد للزواج .
7) قيمة الشبكة والاتفاقات المالية أن وجدت ويوقع علي محضر الخطبة كل من الخاطب والمخطوبة .. وولي القاصر منهما أن وجد ..أو ينوب عنه والشهود .. ورجل الدين الذي اجري الخطبة .. وتحفظ وثيقة الخطبة في مقر الدينية ، بعد تسليم كل من الخطيبين نسخة منها .
· ولابد أن يتحقق الكاهن من خلو كل من الخطيبين من الموانع الشرعية التي تمنع الزواج وبناء علي تسجيل محضر الخطبة .. يصدر ما يسمي بتصريح عقد الزواج .. وهو موافقة البطريركية علي إتمام الزواج .
ثانيا :تحديد ميعاد الزواج في وثيقة الخطبة :-
· حددت الفقرة السادسة من الفقرة الخامسة .. من مشروع قانون الاحوال الشخصيةالموحد .. علي ان تتضمن وثيقة الخطبة الميعاد الذي يحدد لعقد الزواج .. ويترك تحديد هذا الميعاد لرغبة اطراف التعاقد .. ويتوقف ذلك علي درجة معرفة الخطيبين ببعضهما قبل الخطبة .. فمثلا إبرام الزواج بين اطراف توجد بينهما صلة قرابة .. عادة ما تكون قصيرة .. بعكس الافراد الذين لم يسبق لهما معرفة بعصهما .. فتكون مدة الخطبة أطول .. كما تتوقف قدرة كلا من الخطيبين المالية كعامل مؤثر في تحديد مدة الخطبة وأتمام الزواج .
· ويمن القول بانه .. إذا ما اغفل الاطراف تحديد اجل الزواج في وثيقة الخطبة فان ذلك لا يؤدي غلي ابطال الخطبة .. لان المفروض أن تكون مدة الخطبة مدة معقولة .. فان تراخي احد الاطراف في إتمام الزواج .. فيجوز للطرف الاخر تحديد اجل للمتراخي حتي يتم الزواج في خلاله .. والا اعتبر عادلاً عن الخطبة ورافضا إتمام الزواج .
ثالثا : اعلان الخطبة .. والمعارضة في الزواج :
· هذان الاجراءان يعتبران من الشروط الشكلية لانعقاد الخطبة .. ألا انهما ليسا من الشروط اللازمة لانعقاد الخطبة .. فيمن أن تعقد الخطبة صحيح .. حتي ولو لم يتم الاعلان عنها .. والدليل علي ذلك انه يجوز الاعفاء من الاعلان في بعض الاحوال .. والاعلان عن الخطبة واجراء يستهدف إشهارها حتي يعرف أمرها بين الناس والاقارب .. حتي يتسني لمن يريد الاعتراض في حال قيام وتوافر مانع من الموانع التي تمنع اجراء الزواج .
· وقد نصت المادة / 7 من مشروع القانون الموحد علي الاتي :-
" يحرر رجل الدين الذي باشر عقد الخطبة ملخصا منه خال من الاتفاقات المالية .. في ظرف اسبوع من تاريخ حصوله .. ويعلنه في كنيسته .. واذا كان الخطيبان أو احدهما يقيم خارج دائرة الكنيسة ترسل نسخة منه الي الكنيسة التي يقيم الخطيبين في دائرتها لاعلانها لمدة شهر كامل ، ويجوز الاعتراض علي اتمام الزواج اذا وجد مانع من الموانع المذكورة في القانون .. وتبلغ الرئاسة الدينية المختصة قبل الموعد المحدد للزواج .
كما نصت المادة /8 :
بانه يجوز لأسباب يقدرها الرئيس الديني المختص .. أن يعفي من الاعلان المذكور .
ثانيا:
الشروط الموضوعية لصحة انعقاد الخطبة
لا يجوز عقد خطبة بين الخاطب والمخطوبة .. ألا إذا توافرت الشروط الاتية :-
1) بلوغ كلا من الخاطب سنا معينة .
2) ألا تكون هناك خطبة شرعية قائمة لأي منهما لم تحل .
3) رضا كلا من الطرفين بعقد الخطبة .. ورضا الولي عن القاصر منهما .
4) ان يكون كلا الطرفين خاليين من الموانع الشرعية التي تمنع زواجهما بالاخر في الحال .
**************
اولاً بلوغ كلا من الخاطب والمخطوبة سنا معينة :
· نصت المادة / 3 من مشروع قانون الأحوال الشخصية الموحد علي الاتي :-
" لا تجوز الخطبة ألا اذا بلغ الخطيب سن سبع عشر سنه ميلادية كاملة .. وسن الخطيبة خمسة عشر سنة "
*كما نصت المادة / 4 – فقرة ثانية ايضا علي الاتي :-
" أما إذا كان احدهما قاصرا .. وجبت موافقة وليه علي الترتيب الاتي :- "
" الأب ثم الأم التي لم تتزوج .. ثم الجد الصحيح .. ثم الجد لأم .. ثم لأراشد من الاخوة الاشقاء .ز ثم من الاخوة لأب .. ثم من الاخوة لأم .. ثم من الاخوال .. ثم من أبناء الاعمام .ز ثم أبناء العمات .. ثم من ابناء الخالات .. فاذا لم يوجد ولي من الاشخاص المتقدم ذكرهم تعين المحكمة وليا للقاصر من باقي القارب .. أو غيرهم من المسيحيين ."
· وتبعا لذلك وطبقا لنص المادة الثالثة من مشروع القانون السابق الاشارة اليها .. فاذا لم يكن طرفي الخطبة قد بلغا السن التي حددها القانون .. فلا تنعقد الخطبة .. ولا يستطيع ولي الصغير إبرام الخطبة نيابة عن الصغير .. لان شريعة الاقباط الارثوذكس لا تعرف ولاية الإجبار .
· ويلاحظ ايضا انه إذا بلغ الشخص السن المحدد لصحة انعقاد الخطبة .. ولم يكن قد بلغ السن الذي تنتهي فية الولاية عليالنفس ( 21 سنة ميلادية كاملة ) فأن الخطبة تعتبر متوقفة علي إجازة الولي علي القاصر .. والموافقة هنا تعتبر شرطا جوهريا من الشروط الموضوعية لصحة الزواج .
· ومما سبق ذكره .. يمكن تقسيم ركن السن إلي ثلاث مراحل عمرية تحدد مدي أهلية الشخص لعقد الخطبة وهي :-
1) المرحلة الأولي : وهي التي يقل فيها سن الخطيب عن 17 سنة ميلادية .. وسن الخطيبة عن 15 سنة ميلادية .. وفي هذه المرحلة لا تجوز الخطبة الرسمية حتي ولو وافق كل منهما .. ووافق وليي القاصر .
2) المرحلة الثانية : وهي التي يكون فيها سن الخطيب يبدأ من 17 سنة الي اقل من 21 سنة وسن الخطيبة يبدأ من 15 سنة إلي اقل من 21 سنة ميلادية .. وفيها يكون كلا منهما اَهلا للخطبة بشرط موافقة ولي النفس لكلا منهما علي الخطبة .. بجانب
عدل سابقا من قبل محمد راضى مسعود في السبت مايو 03, 2014 3:40 pm عدل 1 مرات