حكم الدستوريه الذي يؤكد اختصاص القضاء الادارى بالطعون على كافه القرارات الاداريه ولو عقد المشرع الاختصاص لمحكمه غير محاكم مجلس الدوله تمشيا مع نصوص الدستور الجديد الذى نص صراحه على ذلك الاختصاص وحظر المحاكم الاسثنائيه بمعناها الواسع
-->
اصدرت المحكمه الدستوريه العليا حكم يقرر مبدا دستوريا اساسى وهو اختصاص القاضى الطبيعى بالمنازعات التى تعنيه واعتبار الشذوذ التشريعى في توزيع الاختصاص بين جهتى القضاء ان له ان ينتهى سيما مع صدور الدستور الصادر في ديسمبر 2012 والذى اعطى لمجلس الدوله دون غيره من جهات القضاء الاختصاص بنظر كافه المنازعات الاداريه حيث نصت الماه174 من الدستور القائم على أن (مجلس الدوله جهه قضائيه مستقله يختص دون غيره من جهات القضاء بالفصل في كافه المنازعات الاداريه .........) ولم يعتبر الحكم تراخى المشرع عن سن القانون المنظم لكيفية نظر هذه المنازعات أمام مجلس الدوله كما تنص على ذلك البند السادس من المادة (10) من القانون الحالى لمجلس الدولة رقم 47 لسنة1972 من جعل مباشرة المجلس لهذا الاختصاص رهنًا بصدور القانون المنظم لكيفية نظر منازعات الضرائب أمام محاكمه حائلا دون قيامه بمهمته الاصليه كما ارتاها الدستور وعلى حد تعبير المحكمه الدستوريه العليا إذ لم يخص المشرع الدستورى – سواء فى ظل دستور سنة 1971 أو الدستور الحالى – نظر تلك المنازعات والفصل فيها بقواعد إجرائية استلزم صدور قانون بها ، استثناءًا من القواعد التى تخضع لها سائر المنازعات الإدارية الأخرى ، التى عهد لمجلس الدولة بالفصل فيها ، كما أن التراخى فى سن القانون المنظم لكيفية نظر هذه المنازعات أمامه إعمالاً للنص المذكور – والذى طال إهماله من تاريخ العمل بالقانون رقم 47 لسنة 1972 المشار إليه فى 5/10/1972 – أو تضمين قانون الضريبة تلك القواعد ، لا يعد مبررًا أو مسوغًا لإهدار الاختصاص الذى احتفظ به الدستور لمجلس الدولة......
والمهم في هذا الحكم انه اعتبر اسناد المشرع اى منازعه اداريه الى غير القاضى الادارى (القاضى الطبيعى لمنازعه)ارساء لمبدا اقرار المحاكم الاسثنائيه والتى يحظر اقامتها كمانصت على ذلك الماده 75 فقره اخيره من الدستور الحالى الصادر2012
والحقيقه اننا قد ذهبنا الى هذا الراى عند استحداث هذا النص الدستورى الجديد ونعتبر حكم المحكمه الدستوريه مبدأ عام يترتب نتائج هامه منها الاتي:
(1) عدم اختصاص المحاكم العاديه بنظر اى منازعه اداريه ولو بصفه ثانويه يدخل في ذلك الطعون على قرارات الجهات الاداريه فيما يتعلق بالمبانى الايله للسقوط كقرارات الترميم والهدم والتى كانت قبل اقرار الدستور الحالى من اختصاص المحاكم العاديه
(2) عدم اختصاص دوائر محكمه النقض ومحكمة الاستئناف بنظر طعون رجال القضاء والنيابة الخاصة بالقرارات التى تمسهم والوارد بالمواد 83، 84، و85 من قانون السلطة القضائية المعدل عام 2006،لانه اصبح اختصاص اصيل للقضاء الإدارى،
(3) عدم اختصاص القضاء العادى بالفصل في التظلم من القرارات الصادره من النيابه العامه في مسائل الحيازه
واليكم الحكم
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد ، السابع من أبريل سنة 2013م ، الموافق السادس والعشرين من جماد الأول سنة 1434 ه .
برئاسة السيد المستشار / ماهر البحيرى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين :عبدالوهاب عبدالرازق ومحمد عبدالعزيز الشناوى وماهر سامى يوسف ومحمد خيرى طه وسعيد مرعى عمرو
والدكتور عادل عمر شريف نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور / حمدان حسن فهمى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبدالسميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 162 لسنة 31 قضائية " دستورية " ، بعد أن أحالت المحكمة الإدارية العليا دائرة توحيد المبادئ ملف الطعن رقم 14678 لسنة 52 قضائية عليا .
المقام من
السيد / عبدالله بن ثنيان الثنيان
ضد
1 السيد وزير المالية
2 رئيس مصلحة الضرائب على المبيعات
3 رئيس مصلحة الجمارك
الإجراءات
بتاريخ 28 يوليه سنة 2009 ، ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الطعن رقم 14678 لسنة 52 قضائية عليا ، بعد أن قضت المحكمة الإدارية العليا دائرة توحيد المبادئ بجلسة 11/4/2009 بوقف الطعن وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية نصى الفقرتين الأخيرتين من المادتين (17 ، 35) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 بعد تعديلها بالقانون رقم 9 لسنة 2005 .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة ، طلبت فيهما الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع– على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – تتحصل فى أن الشركة العربية للثروة الحيوانية كانت قد أقامت بتاريخ 2/4/2002 الدعوى رقم 9884 لسنة 56 قضائية ، أمام محكمة القضاء الإدارى ، ضد وزير المالية وآخرين ، بطلب الحكم بإلغاء قرار مصلحة الضرائب على المبيعات برفض إعفاء الخامات والمعدات والأدوات والآلات التى تستوردها الشركة ، واللازمة لتحقيق أغراضها ، من الضريبة العامة على المبيعات ، والقضاء بأحقيتها فى الإعفاء من هذه الضريبة ، على سند من أن الاتفاقية الدولية المؤسسة للشركة والصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 412 لسنة 1975 وملحقاتها وعقد تأسيسها ، تقضى بإعمال هذا الإعفاء ، إلا أن مصلحة الضرائب على المبيعات رفضت إعفاء الرسائل التى تستوردها الشركة من هذه الضريبة ، مما حدا بها إلى إقامة الدعوى المشار إليها . وبجلسة 28/2/2006 قضت المحكمة برفض الدعوى ، تأسيسًا على أن الاتفاقية السالفة الذكر لم تنص إلا على الإعفاء من الرسوم الجمركية وما فى حكمها ، وخلت من نص صريح على الإعفاء من تلك الضريبة ، على نحو ما أوجبته المادة (30) من قانون الضريبة العامة على المبيعات ، كما لم تشر الشركة إلى أن جميع السلع المستوردة رأسمالية . وقد طعنت الشركة على هذا الحكم بالطعن رقم 14678 لسنة 52 قضائية عليا ، ونظر الطعن أمام الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية
العليا ، التى قضت بجلسة 15/3/2008 بإحالته إلى دائرة توحيد المبادئ للفصل فيما إذا كان نشاط الشركة فى مجال الثروة الحيوانية يخضع للضريبة العامة على المبيعات من عدمه ، وبجلسة 11/4/2009 قضت المحكمة بوقف الطعن وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية نص الفقرتين الأخيرتين من المادتين (17 ، 35) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 بعد تعديلهما بالقانون رقم 9 لسنة2005 ، وذلك لما ارتأته من أن هذين النصين قد منحا الاختصاص بالفصل فى المنازعات المتعلقة بالضريبة العامة على المبيعات للمحكمة الابتدائية ، بالرغم من طبيعتها الإدارية البحتة ، ودون مبرر تقتضيه الضرورة أو المصلحة العامة ، بالمخالفة لنص المادة (172) من دستور 1971 ، والبندين السادس والرابع عشر من المادة (10) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة .
وحيث إن المادة (17) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2005 قد نصت فى فقرتها الأخيرة على أن " ........ وللمسجل الطعن فى تقدير المصلحة أمام المحكمة الابتدائية خلال ثلاثين يومًا من تاريخ صيرورته نهائيًا " .
وتنص المادة (35) من القانون ذاته بعد تعديلها بالقانون رقم 9 لسنة 2005 فى فقرتها السادسة على أنه " ..... وفى جميع الأحوال يحق لصاحب الشأن الطعن على القرار الصادر من لجنة التظلمات أمام المحكمة الابتدائية خلال ثلاثين يومًا من تاريخ الإخطار " .
وحيث إن المصلحة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازمًا للفصل فى مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومة بأكملها أو شق منها فى الدعوى الموضوعية . وكان حقيقة ما قصدت إليه محكمة الموضوع من الإحالة هو الفصل فى مدى دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (17) ونص الفقرة السادسة من المادة (35) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 بعد تعديلهما بالقانون رقم 9 لسنة 2005 ، والتى عقدت الاختصاص للمحكمة الابتدائية بالفصل فى المنازعات التى عددتها ، متى كان ذلك ، وكان الفصل فى اختصاص محكمة الموضوع بنظر النزاع المعروض عليها هو من الأمور المتعلقة بالنظام العام ، بحكم اتصاله بولاية هذه المحكمة فى نظرها والفصل فيها ، ومن أجل ذلك كان التصدى له سابق بالضرورة على البحث فى موضوعها ، وكانت المسألة المثارة أمام محكمة الموضوع إنما تتصل بتحديد المحكمة المختصة بالفصل فى النزاع الموضوعى الذى يدور حول مدى خضوع الخامات والمعدات والأدوات والآلات التى تستوردها الشركة العربية للثروة الحيوانية للضريبة العامة على المبيعات ، وإذ كان النصان المشار إليهما يتضمنان التنظيم القانونى الحاكم لتلك المسألة ، ويسريان على الدعوى الموضوعية المقامة فى 2/4/2002 قبل العمل بالقانون رقم 9 لسنة 2005 ، وذلك إعمالاً لنص المادة الأولى من قانون المرافعات المدنية والتجارية التى تنص على
أن " تسرى قوانين المرافعات على ما لم يكن فُصل فيه من الدعاوى أو ما لم يكن تم من إجراءات قبل تاريخ العمل بها ويستثنى من ذلك : 1- القوانين المعدلة للاختصاص متى كان تاريخ العمل بها بعد إقفال باب المرافعة فى الدعوى .... " ، ومن ثم فإن المصلحة فى الطعن على هذين النصين تكون متحققة ، بحسبان القضاء فى دستوريتهما سيكون له أثره وانعكاسه الأكيد على الدعوى الموضوعية والطلبات المطروحة بها ، وولاية محكمة الموضوع فى الفصل فيها .
وحيث إنه بالنسبة لما ينعاه حكم الإحالة على النصين المطعون فيهما من مخالفة البندين السادس والرابع عشر من المادة (10) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة ، فهو مردود بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أن مناط اختصاصها بالفصل فى دستورية القوانين واللوائح هو مخالفة التشريع المطعون فيه لنص فى الدستور ، ولا تمتد رقابتها – تبعًا لذلك – لحالات التعارض بين القوانين واللوائح وبين التشريعات ذات المرتبة الواحدة ، ومن ثم فإن النعى المتقدم لا يعدو أن يكون نعيًا بمخالفة قانون لقانون آخر ، ولا يشكل مخالفة لأحكام الدستور ، ويخرج النظر فيه عن الاختصاص المحدد للمحكمة الدستورية العليا .
وحيث إنه من المقرر أن الرقابة على دستورية القوانين واللوائح من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التى تضمنها الدستور ، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره ، إذ إن هذه الرقابة إنما تستهدف أصلاً صون الدستور المعمول به وحمايته من الخروج على أحكامه ، وأن نصوص هذا الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم ، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام ، التى يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات ، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة ، وعلى ذلك فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على النصين المطعون فيهما من خلال أحكام الدستور الحالى الصادر بتاريخ 25/12/2012 ، باعتباره الوثيقة الدستورية الحاكمة للنزاع المعروض .
وحيث إن المشرع الدستورى ، بدءًا من دستور سنة 1971 قد حرص على دعم مجلس الدولة ، الذى أصبح منذ استحداثه نص المادة (172) منه جهة قضاء قائمة بذاتها ، محصنة ضد أى عدوان عليها أو على اختصاصها المقرر دستوريًا عن طريق المشرع العادى ، وهو ما أكده الإعلان الدستورى الصادر بتاريخ 30/3/2011 الذى أورد ذات الحكم فى المادة (48) منه ، والمادة (174) من الدستور الحالى الصادر بتاريخ 25/12/2012 التى تنص على أن " مجلس الدولة جهة قضاء مستقلة ، يختص دون غيره من جهات القضاء بالفصل فى كافة المنازعات الإدارية ..... " ، ولم يقف دعم المشرع الدستورى لمجلس الدولة عند هذا الحد ، بل جاوزه إلى إلغاء القيود التى كانت تقف حائلاً بينه وبين ممارسته لاختصاصاته ، فاستحدث بالمادة (68) من دستور سنة 1971 نصًا يقضى بأن التقاضى حق مكفول للناس كافة ، وأن لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى ، وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل فى القضايا ، ويحظر النص على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء ، وقد سار الدستور الحالى على ذات النهج فردد فى المادة (75) منه الأحكام ذاتها ، كما حظر فيها بنص صريح إنشاء المحاكم الاستثنائية ، وبذلك سقطت جميع النصوص القانونية التى كانت تحظر الطعن فى القرارات الإدارية ، وأزيلت جميع العوائق التى كانت تحول بين المواطنين والالتجاء إلى مجلس الدولة بوصفه القاضى الطبيعى للمنازعات الإدارية . وإذ كان المشرع الدستورى بنصه على أن " لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى " قد دل على أن هذا الحق فى أصل شرعته هو حق للناس كافة تتكافأ فيه مراكزهم القانونية فى سعيهم لرد العدوان على حقوقهم وقائمًا على مصالحهم الذاتية ، وأن الناس جميعًا لا يتمايزون فيما بينهم فى مجال حقهم فى النفاذ إلى قاضيهم الطبيعى ، ولا فى نطاق القواعد الإجرائية أو الموضوعية التى تحكم الخصومة القضائية ، ولا فى مجال التداعى بشأن الحقوق المدعى بها وفق مقاييس موحدة عند توافر شروطها ، إذ ينبغى دائمًا أن يكون للخصومة الواحدة قواعد موحدة سواء فى مجال اقتضائها أو الدفاع عنها أو الطعن فى الأحكام التى تصدر فيها ، وكان مجلس الدولة قد غدا فى ضوء الأحكام المتقدمة قاضى القانون العام ، وصاحب الولاية العامة دون غيره من جهات القضاء بالفصل فى كافة المنازعات الإدارية ، إلا ما يتعلق منها بشئون أعضاء الجهات القضائية المستقلة الأخرى التى ينعقد الاختصاص بنظرها والفصل فيها لتلك الجهات ، سواء ورد النص على ذلك صراحة فى الدستور أو تركه للقانون ، كذلك يخرج عن نطاق الولاية العامة لمجلس الدولة الفصل فى كافة المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات الصادرة فى شأن ضباط وأفراد القوات المسلحة ، وينعقد الاختصاص به للجان القضائية الخاصة بهم طبقًا لنص المادة (196) من الدستور الحالى .
وحيث إنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الأصل فى الضريبة العامة أنها فريضة مالية تقتضيها الدولة جبرًا بما لها من ولاية على إقليمها لتنمية مواردها ، باعتبار أن حصيلتها تعد إيرادًا عامًا يؤول إلى الخزانة العامة ليندمج مع غيره من الموارد التى يتم تدبيرها لتشكل جميعها نهرًا واحدًا لإيراداتها الكلية ، وأن نص القانون هو الذى ينظم رابطتها محيطًا بها ، مبينًا حدود العلاقة بين الملتزم بها من ناحية وبين الدولة التى تفرضها من ناحية أخرى ، سواء فى مجال تحديد الأشخاص الخاضعين لها ، أو الأموال التى تسرى عليها ، وشروط سريانها وسعر الضريبة ، وكيفية تحديد وعائها وقواعد تحصيلها ، وأحوال الإعفاء منها ، والجزاء على مخالفة أحكامها .
وكان قانون الضريبة إذ يصدر على هذا النحو فإنه ينظم رابطتها تنظيمًا شاملاً يدخل فى مجال القانون العام ، ويبرز ما للخزانة العامة من حقوق قِبل الممول وامتيازاتها عند مباشرتها ، وبوجه خاص فى مجال توكيده حق الإدارة المالية فى المباداة بتنفيذ دين الضريبة على الممول ، وتأثيم محاولة التخلص منه . وإذ كان حق الخزانة العامة فى جباية الضريبة يقابله حق الممول فى فرضها وتحصيلها على أسس عادلة ، إلا أن المحقَق أن الالتزام بالضريبة ليس التزامًا تعاقديًا ناشئًا عن التعبير المتبادل عن إرادتين متطابقتين ، بل مرد هذا الالتزام إلى نص القانون وحده فهو مصدره المباشر ، وإذ تتدخل الدولة لتقرير الضريبة وتحصيلها ، فليس باعتبارها طرفًا فى رابطة تعاقدية أيًا كان مضمونها ، ولكنها تفرض – فى إطار من قواعد القانون العام – الأسس الكاملة لعلاقة قانونية ضريبية لا يجوز التبديل أو التعديل فيها أو الاتفاق على خلافها .
وحيث إن المشرع قد أقر بالطبيعة الإدارية للطعون فى القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية فى منازعات الضرائب والرسوم ، بدءًا من القانون رقم 165 لسنة 1955 فى شأن تنظيم مجلس الدولة ، الذى أسند بنص البند سابعًا من المادة ( منه لمجلس الدولة كهيئة قضاء إدارى الاختصاص بالفصل فى تلك المنازعات ، وأوضحت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن الاختصاص بنظر هذه الطعون تقرر لمجلس الدولة باعتبار أنها ذات طبيعة إدارية بحتة ، وقد جرى قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55 لسنة 1959 فى شأن تنظيم مجلس الدولة على النهج ذاته فنص فى البند سابعًا من مادته رقم ( على الحكم ذاته ، وأكدت هذا الاختصاص المادة (10) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة ، التى عقدت فى البند السادس منها الاختصاص لمحاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل فى الطعون فى القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية فى منازعات الضرائب والرسوم وفقًا للقانون الذى ينظم كيفية نظر هذه المنازعات أمام مجلس الدولة .
وحيث إنه متى كان ذلك ، وكان المرجع فى تحديد بنيان الضريبة العامة على المبيعات وعناصرها ومقوماتها وأوضاعها وأحكامها المختلفة ، بما فى ذلك السلع والخدمات الخاضعة للضريبة ، والمكلفين بها والملتزمين بعبئها وقيمة الضريبة المستحقة ومدى الخضوع لها والإعفاء منها إلى قانون هذه الضريبة ، وإلى القرار الصادر من الجهة الإدارية المختصة تنفيذًا لأحكامه ، فإن المنازعة فى هذا القرار تعد منازعة إدارية بحسب طبيعتها ، تندرج ضمن الاختصاص المحدد لمحاكم مجلس الدولة طبقًا لنص المادة (174) من الدستور الحالى الصادر فى 25/12/2012 . وإذ أسند النصان المطعون فيهما الاختصاص بالفصل فى تلك المنازعات إلى المحكمة الابتدائية التابعة لجهة القضاء العادى ، فإن مسلك المشرع على هذا النحو يكون مصادمًا لأحكام الدستور الذى أضحى بمقتضاه مجلس الدولة ، دون غيره من جهات القضاء – وفى حدود النطاق المتقدم ذكره – هو صاحب الولاية العامة فى الفصل فى كافة المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعى ، والتى تدخل ضمنها الطعون فى القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية فى منازعات الضرائب . ولا وجه للاحتجاج فى هذا الشأن بأن البند السادس من المادة (10) من القانون الحالى لمجلس الدولة رقم 47 لسنة1972 ، جعل مباشرة المجلس لهذا الاختصاص رهنًا بصدور القانون المنظم لكيفية نظر منازعات الضرائب أمام محاكمه ، إذ لم يخص المشرع الدستورى – سواء فى ظل دستور سنة 1971 أو الدستور الحالى – نظر تلك المنازعات والفصل فيها بقواعد إجرائية استلزم صدور قانون بها ، استثناءًا من القواعد التى تخضع لها سائر المنازعات الإدارية الأخرى ، التى عهد لمجلس الدولة بالفصل فيها ، كما أن التراخى فى سن القانون المنظم لكيفية نظر هذه المنازعات أمامه إعمالاً للنص المذكور – والذى طال إهماله من تاريخ العمل بالقانون رقم 47 لسنة 1972 المشار إليه فى 5/10/1972 – أو تضمين قانون الضريبة تلك القواعد ، لا يعد مبررًا أو مسوغًا لإهدار الاختصاص الذى احتفظ به الدستور لمجلس الدولة ، بل يناقض ما انتهجه المشرع فى شأن الضريبة على العقارات المبنية ، إذ نصت المادة (7) من قانون هذه الضريبة الصادر بالقانون رقم 196 لسنة 2008 على أن " يختص القضاء الإدارى دون غيره بالفصل فى المنازعات التى تنشأ عن تطبيق أحكام هذا القانون " ، كما يتصادم مع الالتزام الدستورى الذى يفرضه نص المادة (75) من الدستور بكفالة الحق لكل مواطن فى الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى ، والذى يقتضى أن يوفر لكل فرد نفاذًا ميسرًا إليه ، وإزالة العوائق خاصة الإجرائية منها التى تحول دون حصوله على الترضية القضائية التى يطلبها لمواجهة الإخلال بالحقوق التى يدعيها ، والقول بغير ذلك مؤداه ولازمه استتار المشرع وراء سلطته فى هذا الشأن ليصرفها فى غير وجهها ، فلا يكون عملها إلا انحرافًا عنها .
وحيث إنه لما كان ذلك ، وكان النصان المطعون فيهما يمثلان إخلالاً باستقلال السلطة القضائية ، وينتقصان من اختصاص مجلس الدولة ، باعتباره صاحب الولاية العامة دون غيره بالفصل فى كافة المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعى ، بالمخالفة لنصوص المواد ( 74 ، 75 ، 168 ، 174 ) من الدستور الحالى الصادر بتاريخ 25/12/2012 ، مما يتعين معه القضاء بعدم دستوريتهما .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (17) ونص الفقرة السادسة من المادة (35) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2005 .
-->
اصدرت المحكمه الدستوريه العليا حكم يقرر مبدا دستوريا اساسى وهو اختصاص القاضى الطبيعى بالمنازعات التى تعنيه واعتبار الشذوذ التشريعى في توزيع الاختصاص بين جهتى القضاء ان له ان ينتهى سيما مع صدور الدستور الصادر في ديسمبر 2012 والذى اعطى لمجلس الدوله دون غيره من جهات القضاء الاختصاص بنظر كافه المنازعات الاداريه حيث نصت الماه174 من الدستور القائم على أن (مجلس الدوله جهه قضائيه مستقله يختص دون غيره من جهات القضاء بالفصل في كافه المنازعات الاداريه .........) ولم يعتبر الحكم تراخى المشرع عن سن القانون المنظم لكيفية نظر هذه المنازعات أمام مجلس الدوله كما تنص على ذلك البند السادس من المادة (10) من القانون الحالى لمجلس الدولة رقم 47 لسنة1972 من جعل مباشرة المجلس لهذا الاختصاص رهنًا بصدور القانون المنظم لكيفية نظر منازعات الضرائب أمام محاكمه حائلا دون قيامه بمهمته الاصليه كما ارتاها الدستور وعلى حد تعبير المحكمه الدستوريه العليا إذ لم يخص المشرع الدستورى – سواء فى ظل دستور سنة 1971 أو الدستور الحالى – نظر تلك المنازعات والفصل فيها بقواعد إجرائية استلزم صدور قانون بها ، استثناءًا من القواعد التى تخضع لها سائر المنازعات الإدارية الأخرى ، التى عهد لمجلس الدولة بالفصل فيها ، كما أن التراخى فى سن القانون المنظم لكيفية نظر هذه المنازعات أمامه إعمالاً للنص المذكور – والذى طال إهماله من تاريخ العمل بالقانون رقم 47 لسنة 1972 المشار إليه فى 5/10/1972 – أو تضمين قانون الضريبة تلك القواعد ، لا يعد مبررًا أو مسوغًا لإهدار الاختصاص الذى احتفظ به الدستور لمجلس الدولة......
والمهم في هذا الحكم انه اعتبر اسناد المشرع اى منازعه اداريه الى غير القاضى الادارى (القاضى الطبيعى لمنازعه)ارساء لمبدا اقرار المحاكم الاسثنائيه والتى يحظر اقامتها كمانصت على ذلك الماده 75 فقره اخيره من الدستور الحالى الصادر2012
والحقيقه اننا قد ذهبنا الى هذا الراى عند استحداث هذا النص الدستورى الجديد ونعتبر حكم المحكمه الدستوريه مبدأ عام يترتب نتائج هامه منها الاتي:
(1) عدم اختصاص المحاكم العاديه بنظر اى منازعه اداريه ولو بصفه ثانويه يدخل في ذلك الطعون على قرارات الجهات الاداريه فيما يتعلق بالمبانى الايله للسقوط كقرارات الترميم والهدم والتى كانت قبل اقرار الدستور الحالى من اختصاص المحاكم العاديه
(2) عدم اختصاص دوائر محكمه النقض ومحكمة الاستئناف بنظر طعون رجال القضاء والنيابة الخاصة بالقرارات التى تمسهم والوارد بالمواد 83، 84، و85 من قانون السلطة القضائية المعدل عام 2006،لانه اصبح اختصاص اصيل للقضاء الإدارى،
(3) عدم اختصاص القضاء العادى بالفصل في التظلم من القرارات الصادره من النيابه العامه في مسائل الحيازه
واليكم الحكم
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد ، السابع من أبريل سنة 2013م ، الموافق السادس والعشرين من جماد الأول سنة 1434 ه .
برئاسة السيد المستشار / ماهر البحيرى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين :عبدالوهاب عبدالرازق ومحمد عبدالعزيز الشناوى وماهر سامى يوسف ومحمد خيرى طه وسعيد مرعى عمرو
والدكتور عادل عمر شريف نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور / حمدان حسن فهمى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبدالسميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 162 لسنة 31 قضائية " دستورية " ، بعد أن أحالت المحكمة الإدارية العليا دائرة توحيد المبادئ ملف الطعن رقم 14678 لسنة 52 قضائية عليا .
المقام من
السيد / عبدالله بن ثنيان الثنيان
ضد
1 السيد وزير المالية
2 رئيس مصلحة الضرائب على المبيعات
3 رئيس مصلحة الجمارك
الإجراءات
بتاريخ 28 يوليه سنة 2009 ، ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الطعن رقم 14678 لسنة 52 قضائية عليا ، بعد أن قضت المحكمة الإدارية العليا دائرة توحيد المبادئ بجلسة 11/4/2009 بوقف الطعن وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية نصى الفقرتين الأخيرتين من المادتين (17 ، 35) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 بعد تعديلها بالقانون رقم 9 لسنة 2005 .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة ، طلبت فيهما الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع– على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – تتحصل فى أن الشركة العربية للثروة الحيوانية كانت قد أقامت بتاريخ 2/4/2002 الدعوى رقم 9884 لسنة 56 قضائية ، أمام محكمة القضاء الإدارى ، ضد وزير المالية وآخرين ، بطلب الحكم بإلغاء قرار مصلحة الضرائب على المبيعات برفض إعفاء الخامات والمعدات والأدوات والآلات التى تستوردها الشركة ، واللازمة لتحقيق أغراضها ، من الضريبة العامة على المبيعات ، والقضاء بأحقيتها فى الإعفاء من هذه الضريبة ، على سند من أن الاتفاقية الدولية المؤسسة للشركة والصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 412 لسنة 1975 وملحقاتها وعقد تأسيسها ، تقضى بإعمال هذا الإعفاء ، إلا أن مصلحة الضرائب على المبيعات رفضت إعفاء الرسائل التى تستوردها الشركة من هذه الضريبة ، مما حدا بها إلى إقامة الدعوى المشار إليها . وبجلسة 28/2/2006 قضت المحكمة برفض الدعوى ، تأسيسًا على أن الاتفاقية السالفة الذكر لم تنص إلا على الإعفاء من الرسوم الجمركية وما فى حكمها ، وخلت من نص صريح على الإعفاء من تلك الضريبة ، على نحو ما أوجبته المادة (30) من قانون الضريبة العامة على المبيعات ، كما لم تشر الشركة إلى أن جميع السلع المستوردة رأسمالية . وقد طعنت الشركة على هذا الحكم بالطعن رقم 14678 لسنة 52 قضائية عليا ، ونظر الطعن أمام الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية
العليا ، التى قضت بجلسة 15/3/2008 بإحالته إلى دائرة توحيد المبادئ للفصل فيما إذا كان نشاط الشركة فى مجال الثروة الحيوانية يخضع للضريبة العامة على المبيعات من عدمه ، وبجلسة 11/4/2009 قضت المحكمة بوقف الطعن وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية نص الفقرتين الأخيرتين من المادتين (17 ، 35) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 بعد تعديلهما بالقانون رقم 9 لسنة2005 ، وذلك لما ارتأته من أن هذين النصين قد منحا الاختصاص بالفصل فى المنازعات المتعلقة بالضريبة العامة على المبيعات للمحكمة الابتدائية ، بالرغم من طبيعتها الإدارية البحتة ، ودون مبرر تقتضيه الضرورة أو المصلحة العامة ، بالمخالفة لنص المادة (172) من دستور 1971 ، والبندين السادس والرابع عشر من المادة (10) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة .
وحيث إن المادة (17) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2005 قد نصت فى فقرتها الأخيرة على أن " ........ وللمسجل الطعن فى تقدير المصلحة أمام المحكمة الابتدائية خلال ثلاثين يومًا من تاريخ صيرورته نهائيًا " .
وتنص المادة (35) من القانون ذاته بعد تعديلها بالقانون رقم 9 لسنة 2005 فى فقرتها السادسة على أنه " ..... وفى جميع الأحوال يحق لصاحب الشأن الطعن على القرار الصادر من لجنة التظلمات أمام المحكمة الابتدائية خلال ثلاثين يومًا من تاريخ الإخطار " .
وحيث إن المصلحة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازمًا للفصل فى مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومة بأكملها أو شق منها فى الدعوى الموضوعية . وكان حقيقة ما قصدت إليه محكمة الموضوع من الإحالة هو الفصل فى مدى دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (17) ونص الفقرة السادسة من المادة (35) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 بعد تعديلهما بالقانون رقم 9 لسنة 2005 ، والتى عقدت الاختصاص للمحكمة الابتدائية بالفصل فى المنازعات التى عددتها ، متى كان ذلك ، وكان الفصل فى اختصاص محكمة الموضوع بنظر النزاع المعروض عليها هو من الأمور المتعلقة بالنظام العام ، بحكم اتصاله بولاية هذه المحكمة فى نظرها والفصل فيها ، ومن أجل ذلك كان التصدى له سابق بالضرورة على البحث فى موضوعها ، وكانت المسألة المثارة أمام محكمة الموضوع إنما تتصل بتحديد المحكمة المختصة بالفصل فى النزاع الموضوعى الذى يدور حول مدى خضوع الخامات والمعدات والأدوات والآلات التى تستوردها الشركة العربية للثروة الحيوانية للضريبة العامة على المبيعات ، وإذ كان النصان المشار إليهما يتضمنان التنظيم القانونى الحاكم لتلك المسألة ، ويسريان على الدعوى الموضوعية المقامة فى 2/4/2002 قبل العمل بالقانون رقم 9 لسنة 2005 ، وذلك إعمالاً لنص المادة الأولى من قانون المرافعات المدنية والتجارية التى تنص على
أن " تسرى قوانين المرافعات على ما لم يكن فُصل فيه من الدعاوى أو ما لم يكن تم من إجراءات قبل تاريخ العمل بها ويستثنى من ذلك : 1- القوانين المعدلة للاختصاص متى كان تاريخ العمل بها بعد إقفال باب المرافعة فى الدعوى .... " ، ومن ثم فإن المصلحة فى الطعن على هذين النصين تكون متحققة ، بحسبان القضاء فى دستوريتهما سيكون له أثره وانعكاسه الأكيد على الدعوى الموضوعية والطلبات المطروحة بها ، وولاية محكمة الموضوع فى الفصل فيها .
وحيث إنه بالنسبة لما ينعاه حكم الإحالة على النصين المطعون فيهما من مخالفة البندين السادس والرابع عشر من المادة (10) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة ، فهو مردود بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أن مناط اختصاصها بالفصل فى دستورية القوانين واللوائح هو مخالفة التشريع المطعون فيه لنص فى الدستور ، ولا تمتد رقابتها – تبعًا لذلك – لحالات التعارض بين القوانين واللوائح وبين التشريعات ذات المرتبة الواحدة ، ومن ثم فإن النعى المتقدم لا يعدو أن يكون نعيًا بمخالفة قانون لقانون آخر ، ولا يشكل مخالفة لأحكام الدستور ، ويخرج النظر فيه عن الاختصاص المحدد للمحكمة الدستورية العليا .
وحيث إنه من المقرر أن الرقابة على دستورية القوانين واللوائح من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التى تضمنها الدستور ، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره ، إذ إن هذه الرقابة إنما تستهدف أصلاً صون الدستور المعمول به وحمايته من الخروج على أحكامه ، وأن نصوص هذا الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم ، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام ، التى يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات ، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة ، وعلى ذلك فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على النصين المطعون فيهما من خلال أحكام الدستور الحالى الصادر بتاريخ 25/12/2012 ، باعتباره الوثيقة الدستورية الحاكمة للنزاع المعروض .
وحيث إن المشرع الدستورى ، بدءًا من دستور سنة 1971 قد حرص على دعم مجلس الدولة ، الذى أصبح منذ استحداثه نص المادة (172) منه جهة قضاء قائمة بذاتها ، محصنة ضد أى عدوان عليها أو على اختصاصها المقرر دستوريًا عن طريق المشرع العادى ، وهو ما أكده الإعلان الدستورى الصادر بتاريخ 30/3/2011 الذى أورد ذات الحكم فى المادة (48) منه ، والمادة (174) من الدستور الحالى الصادر بتاريخ 25/12/2012 التى تنص على أن " مجلس الدولة جهة قضاء مستقلة ، يختص دون غيره من جهات القضاء بالفصل فى كافة المنازعات الإدارية ..... " ، ولم يقف دعم المشرع الدستورى لمجلس الدولة عند هذا الحد ، بل جاوزه إلى إلغاء القيود التى كانت تقف حائلاً بينه وبين ممارسته لاختصاصاته ، فاستحدث بالمادة (68) من دستور سنة 1971 نصًا يقضى بأن التقاضى حق مكفول للناس كافة ، وأن لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى ، وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل فى القضايا ، ويحظر النص على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء ، وقد سار الدستور الحالى على ذات النهج فردد فى المادة (75) منه الأحكام ذاتها ، كما حظر فيها بنص صريح إنشاء المحاكم الاستثنائية ، وبذلك سقطت جميع النصوص القانونية التى كانت تحظر الطعن فى القرارات الإدارية ، وأزيلت جميع العوائق التى كانت تحول بين المواطنين والالتجاء إلى مجلس الدولة بوصفه القاضى الطبيعى للمنازعات الإدارية . وإذ كان المشرع الدستورى بنصه على أن " لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى " قد دل على أن هذا الحق فى أصل شرعته هو حق للناس كافة تتكافأ فيه مراكزهم القانونية فى سعيهم لرد العدوان على حقوقهم وقائمًا على مصالحهم الذاتية ، وأن الناس جميعًا لا يتمايزون فيما بينهم فى مجال حقهم فى النفاذ إلى قاضيهم الطبيعى ، ولا فى نطاق القواعد الإجرائية أو الموضوعية التى تحكم الخصومة القضائية ، ولا فى مجال التداعى بشأن الحقوق المدعى بها وفق مقاييس موحدة عند توافر شروطها ، إذ ينبغى دائمًا أن يكون للخصومة الواحدة قواعد موحدة سواء فى مجال اقتضائها أو الدفاع عنها أو الطعن فى الأحكام التى تصدر فيها ، وكان مجلس الدولة قد غدا فى ضوء الأحكام المتقدمة قاضى القانون العام ، وصاحب الولاية العامة دون غيره من جهات القضاء بالفصل فى كافة المنازعات الإدارية ، إلا ما يتعلق منها بشئون أعضاء الجهات القضائية المستقلة الأخرى التى ينعقد الاختصاص بنظرها والفصل فيها لتلك الجهات ، سواء ورد النص على ذلك صراحة فى الدستور أو تركه للقانون ، كذلك يخرج عن نطاق الولاية العامة لمجلس الدولة الفصل فى كافة المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات الصادرة فى شأن ضباط وأفراد القوات المسلحة ، وينعقد الاختصاص به للجان القضائية الخاصة بهم طبقًا لنص المادة (196) من الدستور الحالى .
وحيث إنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الأصل فى الضريبة العامة أنها فريضة مالية تقتضيها الدولة جبرًا بما لها من ولاية على إقليمها لتنمية مواردها ، باعتبار أن حصيلتها تعد إيرادًا عامًا يؤول إلى الخزانة العامة ليندمج مع غيره من الموارد التى يتم تدبيرها لتشكل جميعها نهرًا واحدًا لإيراداتها الكلية ، وأن نص القانون هو الذى ينظم رابطتها محيطًا بها ، مبينًا حدود العلاقة بين الملتزم بها من ناحية وبين الدولة التى تفرضها من ناحية أخرى ، سواء فى مجال تحديد الأشخاص الخاضعين لها ، أو الأموال التى تسرى عليها ، وشروط سريانها وسعر الضريبة ، وكيفية تحديد وعائها وقواعد تحصيلها ، وأحوال الإعفاء منها ، والجزاء على مخالفة أحكامها .
وكان قانون الضريبة إذ يصدر على هذا النحو فإنه ينظم رابطتها تنظيمًا شاملاً يدخل فى مجال القانون العام ، ويبرز ما للخزانة العامة من حقوق قِبل الممول وامتيازاتها عند مباشرتها ، وبوجه خاص فى مجال توكيده حق الإدارة المالية فى المباداة بتنفيذ دين الضريبة على الممول ، وتأثيم محاولة التخلص منه . وإذ كان حق الخزانة العامة فى جباية الضريبة يقابله حق الممول فى فرضها وتحصيلها على أسس عادلة ، إلا أن المحقَق أن الالتزام بالضريبة ليس التزامًا تعاقديًا ناشئًا عن التعبير المتبادل عن إرادتين متطابقتين ، بل مرد هذا الالتزام إلى نص القانون وحده فهو مصدره المباشر ، وإذ تتدخل الدولة لتقرير الضريبة وتحصيلها ، فليس باعتبارها طرفًا فى رابطة تعاقدية أيًا كان مضمونها ، ولكنها تفرض – فى إطار من قواعد القانون العام – الأسس الكاملة لعلاقة قانونية ضريبية لا يجوز التبديل أو التعديل فيها أو الاتفاق على خلافها .
وحيث إن المشرع قد أقر بالطبيعة الإدارية للطعون فى القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية فى منازعات الضرائب والرسوم ، بدءًا من القانون رقم 165 لسنة 1955 فى شأن تنظيم مجلس الدولة ، الذى أسند بنص البند سابعًا من المادة ( منه لمجلس الدولة كهيئة قضاء إدارى الاختصاص بالفصل فى تلك المنازعات ، وأوضحت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن الاختصاص بنظر هذه الطعون تقرر لمجلس الدولة باعتبار أنها ذات طبيعة إدارية بحتة ، وقد جرى قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55 لسنة 1959 فى شأن تنظيم مجلس الدولة على النهج ذاته فنص فى البند سابعًا من مادته رقم ( على الحكم ذاته ، وأكدت هذا الاختصاص المادة (10) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة ، التى عقدت فى البند السادس منها الاختصاص لمحاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل فى الطعون فى القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية فى منازعات الضرائب والرسوم وفقًا للقانون الذى ينظم كيفية نظر هذه المنازعات أمام مجلس الدولة .
وحيث إنه متى كان ذلك ، وكان المرجع فى تحديد بنيان الضريبة العامة على المبيعات وعناصرها ومقوماتها وأوضاعها وأحكامها المختلفة ، بما فى ذلك السلع والخدمات الخاضعة للضريبة ، والمكلفين بها والملتزمين بعبئها وقيمة الضريبة المستحقة ومدى الخضوع لها والإعفاء منها إلى قانون هذه الضريبة ، وإلى القرار الصادر من الجهة الإدارية المختصة تنفيذًا لأحكامه ، فإن المنازعة فى هذا القرار تعد منازعة إدارية بحسب طبيعتها ، تندرج ضمن الاختصاص المحدد لمحاكم مجلس الدولة طبقًا لنص المادة (174) من الدستور الحالى الصادر فى 25/12/2012 . وإذ أسند النصان المطعون فيهما الاختصاص بالفصل فى تلك المنازعات إلى المحكمة الابتدائية التابعة لجهة القضاء العادى ، فإن مسلك المشرع على هذا النحو يكون مصادمًا لأحكام الدستور الذى أضحى بمقتضاه مجلس الدولة ، دون غيره من جهات القضاء – وفى حدود النطاق المتقدم ذكره – هو صاحب الولاية العامة فى الفصل فى كافة المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعى ، والتى تدخل ضمنها الطعون فى القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية فى منازعات الضرائب . ولا وجه للاحتجاج فى هذا الشأن بأن البند السادس من المادة (10) من القانون الحالى لمجلس الدولة رقم 47 لسنة1972 ، جعل مباشرة المجلس لهذا الاختصاص رهنًا بصدور القانون المنظم لكيفية نظر منازعات الضرائب أمام محاكمه ، إذ لم يخص المشرع الدستورى – سواء فى ظل دستور سنة 1971 أو الدستور الحالى – نظر تلك المنازعات والفصل فيها بقواعد إجرائية استلزم صدور قانون بها ، استثناءًا من القواعد التى تخضع لها سائر المنازعات الإدارية الأخرى ، التى عهد لمجلس الدولة بالفصل فيها ، كما أن التراخى فى سن القانون المنظم لكيفية نظر هذه المنازعات أمامه إعمالاً للنص المذكور – والذى طال إهماله من تاريخ العمل بالقانون رقم 47 لسنة 1972 المشار إليه فى 5/10/1972 – أو تضمين قانون الضريبة تلك القواعد ، لا يعد مبررًا أو مسوغًا لإهدار الاختصاص الذى احتفظ به الدستور لمجلس الدولة ، بل يناقض ما انتهجه المشرع فى شأن الضريبة على العقارات المبنية ، إذ نصت المادة (7) من قانون هذه الضريبة الصادر بالقانون رقم 196 لسنة 2008 على أن " يختص القضاء الإدارى دون غيره بالفصل فى المنازعات التى تنشأ عن تطبيق أحكام هذا القانون " ، كما يتصادم مع الالتزام الدستورى الذى يفرضه نص المادة (75) من الدستور بكفالة الحق لكل مواطن فى الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى ، والذى يقتضى أن يوفر لكل فرد نفاذًا ميسرًا إليه ، وإزالة العوائق خاصة الإجرائية منها التى تحول دون حصوله على الترضية القضائية التى يطلبها لمواجهة الإخلال بالحقوق التى يدعيها ، والقول بغير ذلك مؤداه ولازمه استتار المشرع وراء سلطته فى هذا الشأن ليصرفها فى غير وجهها ، فلا يكون عملها إلا انحرافًا عنها .
وحيث إنه لما كان ذلك ، وكان النصان المطعون فيهما يمثلان إخلالاً باستقلال السلطة القضائية ، وينتقصان من اختصاص مجلس الدولة ، باعتباره صاحب الولاية العامة دون غيره بالفصل فى كافة المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعى ، بالمخالفة لنصوص المواد ( 74 ، 75 ، 168 ، 174 ) من الدستور الحالى الصادر بتاريخ 25/12/2012 ، مما يتعين معه القضاء بعدم دستوريتهما .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (17) ونص الفقرة السادسة من المادة (35) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2005 .