من طرف رمضان الغندور الأربعاء مارس 24, 2010 2:04 pm
عليك وعلى وكاله البلح"
هذا ما قالة الميكانيكى بعد ان انتهى من فحص سيارتى ذات الاربعين عاما فقطعة الغيار غير موجودة فى محلات قطع الغيار ولكنه اخبرنى اننى سأجدها هناك فى وكاله البلح ولما رأى الدهشة مرتسمه على وجهى حيث لا اعلم اين تكون وكاله البلح تلك و ما علاقه البلح بالميكانيكا فقال: يا بيه روح بولاق ابو العلا واسأل
فياترى ماهى قصة بولاق
اختلف الناس في معنى بولاق .. البعض قال إن أصل الكلمة جاء مع الحمله الفرنسيه وهو "بو" أي الجميلة بالفرنسية .. و"لاك" أي بحيرة ، أي إن معنى الكلمة "البحيرة الجميلة" ثم تحرفت من بولاك إلى بولاق.. ولكن لا يوجد ما يؤكد هذا حيث أن بولاق كانت موجودة قبل الحلمة الفرنسية.
ويقول البعض الآخر أن أصل تكوين منطقة بولاق يعود إلى غرق سفينة كبيرة في هذا الموقع. ثم مع إطماء النيل بكثرة في هذه المنطقة بدأت الأرض تعلو ، وتتكون أرض جديدة هي بولاق الآن
وكانت الجزيرة المقابلة لها – وهي جزيرة الزمالك الآن – يطلق عليها اسم جزيرة بولاق ..
وتتحدث كتب التاريخ عن "الطرح السابع" للنيل ، الذي حدث عام 1771 م ، وتركز عند بولاق .. وكيف كسبت القاهرة زيادة كبيرة في مساحتها بفعل هذا الطرح. ثم كيف أنشأ علي بك الكبير اعمار كبير على ساحل النيل في تلك الأرض ، حيث يمر شارع المطبعة الأميرية ، وأن الأهالي كانوا يلقون الأتربة وبقايا البيوت بجوار هذا الساحل فطمي النيل عليها. بذلك تكونت الأراضي التي قامت عليها – في عصر محمد علي دار المطبعة الأميرية والورش الحكومية ومصلحة الوابورات أي الترسانة. وأصبح الساحل الجديد عند بولاق ملتقى لتجار القمح والزيت والسكر وكانت المنطقة تزخر بالمدارس والمساجد والدور. ويؤم الشاطئ المراكب الشراعية المحملة بالبضائع القادمة من شمال مصر ..
بولاق أو بولاق أبو العلا هو حي قديم من أحياء مدينة القاهرة بالرغم أنها لم تكن في يوم من الأيام جزءا من مدينة القاهرة ، بل حتى لم تكن ضاحية لها!! وهكذا تحول الواقع بين القاهرة والنيل وبولاق من أرض تغمرها مياه الفيضان إلى هذا الحي الشعبي على ضفاف شاطئ النيل .. وقد أدى تحول طرق التجارة المصرية إبتداء من عصر برسباي "1421-1438م" وإعتمادها على تجارة البحر المتوسط ، بعد أن كانت تعتمد على تجارة البحر الأحمر عبر الطريق التقليدي "عيذاب – قوص – الفسطاط" بعد تخريب عيذاب في أواسط القرن التاسع الهجري .. بعد أن حدث كل هذا فقدت الفسطاط أهميتها الإقتصادية .. وبدأت التجارة تتجه إلى بولاق الذي أصبح ميناء بديلا لميناء أثر النبي ولكن ميناء بولاق لم يلعب دورا في الحياة الإقتصادية للقاهرة إلا إبتداء من القرن الخامس عشر.
فمع قدوم حملة بونابرت على مصر عام 1798م ، بداءت ومحاولة استخدام بولاق للوصول إلى مناطق الوجه البحري وكجزء من الاهتمام الحربي ببولاق وتحسبا لأي أحداث داخلية أو خارجية ، أقام الفرنسيون عددا من الطوابي الحربية ، خص منها في بولاق طابية "رنزلو" في جنوب بولاق. وطابية "سبتزر" على شاطئ بولاق ، وطابية "كونرو" غربي الأزبكية على طريق بولاق ، ربما تكون في الموقع الذي تشغله الآن دار القضاء العالي. كما وضعوا قاعدة بحرية للاسطول الفرنسي عند بولاق لحماية الملاحة في النيل وحماية نقل الغلال إلى القاهرة. وإذا كان أهل بولاق لم يساهموا مساهمة ظاهرة في ثورة القاهرة الأولى "أكتوبر 1798م" إلا أنهم هم من فجروا ثورة القاهرة الثانية ، بل هم الذين قادوها. فقد شبت ثورة القاهرة الثانية يوم 20 مارس 1800م ، بينما كانت معركة عين شمس قائمة بين الجيش الفرنسي بقيادة كليبر ، والقوات العثمانية التي جاءت من عاصمة الإمبراطورية العثمانية لإخراج الحملة الفرنسية من مصر.
وكان من زعماء الثورة: السيد عمر مكرم نقيب الأشراف ، والسيد أحمد المحروقي كبير التجار ، والشيخ الجوهري ابن الشيخ محمد الجوهري .. ولم يكد سكان العاصمة يسمعون قصف المدافع في ميدان المعركة .. حتى بدأت الثورة في حي بولاق.فقد قامت على ساق واحدة فجهزوا عصيهم وأسلحتهم والرماح للدفاع وأول ما بدأوا به أنهم ذهبوا إلى موقع عسكري تجاري ومخازن مؤن الجيش الفرنسى عند ساحل النيل فقتلوا ما وجدوه من حرس ، ونهبوا جميع ما به من خيام ومتاع ورجعوا على بولاق" وفتحوا مخازن الغلال والودائع الفرنساوية ، وأخذوا ما أحبوا منها ، وعملوا حصونا ومتاريس حول بولاق ولكن من هو زعيم ثورة بولاق؟
هو مصطفى البشتيلي من أعيان بولاق ، وكان قد تم اعتقله الفرنسيون قبل الثورة بعدة أشهر ، بحجه انه قد بلغهم من بعض الوشاة أن بوكالته قدورا مملوءة بارودا أي أن الرجل كان يستعد للثورة ففتشوا الوكالة ، ووجدوا البارود في القدور ، فضبطوها ، وإعتقلوه. وتوسط له التجار فأطلقوا سراحه بعد توقيع معاهدة العريش ، التي كانت تنظم إنسحابهم من مصر .. أي أنهم افرجوا عنه عندما عزموا على الجلاء ، فلما نقضت هذه المعهدة وتجددت الحرب ، كان الحاج مصطفى البشتيلي من دعاة الثورة في بولاق. فقد ثار "أهل بولاق" وحملوا ما وصلت إليه أيديهم من السيوف والبنادق والرماح والعصى ، وإتجهوا بمجموعهم صوب قلعة "كامان" التي أقامها الفرنسيون عند قنطرة الليمون "كوبري الليمون الآن" لإقتحامها والاستيلاء على ما بها من أسلحة فرنسية ، ولكن حامية القلعة ردت هجومهم.
وعاد كليبر إلى القاهرة يوم 27 مارس ، بعد أن هزم القوات العثمانية في عين شمس والمطرية ، فوجد نار الثورة تضطرم في أحياءها .. وشاهد في بولاق ومصر القديمة حصونا أقامها الثوار للدفاع. ووجد جميع الوكالات والمخازن التي على النيل قد تحولت إلى شبه قلاع احتلها الثوار. وصارت الملاحة في النيل تحت رحمتهم. وعندما أنهي الجنرال "بليار " ثورة دمياط ، وعاد بمعظم قواته إلى القاهرة ، عسكر أمام بولاق التي كانت قد تحولت إلى معقل الثورة. فلما وصل هذا المدد إعتزم كليبر أن يستولي عنوة على حي بولاق ويخمد فيه الثورة بكل ما لديه من قوة.
وقرر كليبر القضاء على ثورة القاهرة ، حتى ولو اضطر إلى إحراق القاهرة وبولاق معا. والمؤلم أن مراد بك زعيم المماليك كان يمده بالحطب اللازم لهذه الجريمة. ونسي مراد بك أنه كان يوما حاكما لهذا البلد وكبير مماليكه. وصل كليبر إلى داره بالأزبكية – قصر محمد بك الألفي ، الذي كان مقرا لقيادة الجيش الفرنسي – وأحاطت العسكر الفرنساوية بالقاهرة – وبولاق في الخارج. ومنعوا الدخول و الخروج ، وذلك بعد ثمانية أيام من ابتداء الحركة وأحاطوا بهما( القاهرة وبولاق )وإشتدت الحرب ، وضربت بالمدافع وشحت السلع وغلت الأسعار ونفدت الحبوب والغلات .. وحاول المشايخ والعلماء التوسط للصلح من أجل العامة. لكن الجهلاء تغلبوا على العقلاء. وأرسل كليبر هؤلاء يطلب إليهم وفدا من العلماء لكيونوا سفراء بينه وبين الجماهير. فأرسلوا المشايخ: الشرقاوي والمهدي والسرسي والفيومي وغيرهم ، وقابلوا الجنرال كليبر فعرض عليهم أن يوقف القتال ويعطي أهل القاهرة أمانا وافيا شافيا ، فلما عرض المشايخ طلب كليبر الصلح على الجماهير وزعماء الثورة قاموا عليهم وسبوهم وشتموهم وضربوا المشايخ ورموا عمائمهم وأوسعوهم قبيح الكلام وصاروا يقولون: هؤلاء المشياخ إرتدوا .وبذلك أخفقت مساعي الصلح وتجددت المذبحة.
وفي اليوم الرابع عشر من إبريل 1800م ، أنذر كليبر العاصمة بالتسليم ولكن الثوار لم يعبأوا ، ففي اليوم التالي بدأت الجنود بالهجوم على حي بولاق قبل شروق الشمس بقيادة الجنرال "بليار" ، وأخذوا يضـربونه بالمدافع ، وكانت مداخل الحي محصنة والثوار ممتنعين خلف المتاريس وفي البيوت ، فأجابوا على ضرب المدافع بإطلاق النار من المتاريس والبيوت المحصنة ، ولكن نار المدفعية الفرنسية حطمت المتاريس القائمة على مدخل الحي. فحدثت فيها ثغرة كبيرة ، تدفق منها الجنود إلى شوارع بولاق ، وأضرموا النار في البيوت القائمة بها ، فاشتعلت فيها واتسعت مداها. وإمتدت إلى مباني الحي من مخازن ووكالات ومحال تجارة ، فإلتهمتها ، وما كان فيها من المتاجر العظيمة ، ودمرت هذا الحي الكبير الذي يعد ميناء للقاهرة ومستودعا لمتاجرها ، وهدمت الدور على سكانها. فباد كثير من العائلات تحت الأنقاض أو في لهب النار.
و لم يكتف الفرنسيون بما حل ببولاق من خراب وتدمير ، بل فرضوا على أهلا غرامة جسيمة بلغت 200 ألف ريال ، وأخرى على متاجرها بلغت 300 ألف ريال تجبى من السلعة مثل السكر والبن والزيت والحبال والتيل والقطران والنحاس والحديد والرصاص. وفرضوا على الأهالي أن يسلموا ما عندهم من المدافع والذخائر الموجودة في ترسانة بولاق ، وما لديهم من أخشاب وغلال وشعير وأرز وعدس وفول. وأن يسلموا 400 بندقية و200 طبنجة ، وقبض الفرنسيون على الحاج مصطفى البشتيلي قائد الثورة وحبسوه في القلعة ، ثم أشاعوا بين أهل بولاق أن البشتيلي هو سبب ما حل بهم من دمار وغرامات وحرائق وضياع أموال .. ثم دفعوا بقائد الثورة إلى الأهالي وإلى أتباعه ، وطلبوا منهم أن يقتلوه فأخذ الأهالي يضربونه بالعصى والنبابيت حتى مات من الضرب .. " وهكذا راح قائد الثورة ضحية الخبث الفرنسي فمات بأيدي قواته وأهله. ولكن الجنرال كليبر نفسه دفع ثمن الخراب ، الذي حل ببلدة بولاق التي قادت ثورة القاهرة الثانية .. ولم يمض شهران إلا ولقي كليبر مصرعه يوم 14 يونيو 1800م على يدي سليمان الحلبي في حديقة قصره بالأزبكية. وجاء بالتحقيقات أن من أهم أسباب إقدام الحلبي على اغتيال كليبر ما حل ببولاق والقاهرة من دمار والإهانات التي لحقت بمشايخ الأزهر وعلمائه خصوصا ، وأن الحلبي كان مجاور بالأزهر ويدرس به.
ولكن العصر الذهبي لحي بولاق بدأ مع عصر محمد علي باشا ، عندما أمر باستكمال شق الطريق بين "القاهرة .. وضاحية بولاق" ، وكان لهذا الطريق فعل السحر في تعمير بولاق ، كما أن محمد علي أنشأ هناك دارا لصناعة السفن مع بدء الإعداد لإرسال الحملة الوهابية ، وضرورة إنشاء أسطول قوي لمصر في البحر الأحمر.
ثم أخذ في تحويل المنطقة إلى منطقة صناعية ضخمة .. منها المسابك والمصانع حتى عرفنا المنطقة الصناعية في السبتية. وفيما بين بولاق وشبرا على ساحل النيل ، أقيمت الورش الكبرى والمطبعة الأميرية ودار الصناعة الكبرى والمباني الحكومية وحظيرة واسعة أطلق عليها اسم "المبيضة" ، حيث كان يتم "تبيض" الأقمشة بالأساليب المستحدثة. وكما أنشئ مصنع الخوخ على شاطئ النيل وإمتاز بجودة إنتاجه وأزيلت أنقاض بولاق ، مما بقي منذا أيام الحملة الفنرسية ، وتحولت إلى حي صناعي راق. فقامت فيه المصانع والمخازن ومساكن المهندسين ومدرسة صناعية كبيرة ، حتى أصبحت بولاق بحق ثغر القاهرة في الشمال ، وفيها أنشئت أول دار للطباعة في الشرق. وبجوارها أنشئ مصنع لصناعة الورق ليمد المطبعة بما تحتاجه ، بل أنشئ مسبك لسبك الحروف العربية اللازمة للمطبعة. وتحولت بولاق والسبتية و إمتدادها – إلى منطقة صناعية فيها مسابك الحديد ومصانع الأقمشة وورش النجارة والحدادة وغيرها.
وزاد الاهتمام بحي بولاق عندما خطط الخديوي إسماعيل "القاهرة الخديوية" ووصل التخطيط الجديد من ميدان الإسماعيلية (ميدان التحرير) جنوبا إلى نهاية شارعي شريف "المدابغ" وسليمان باشا. وكان لابد من تجـديد شارع بولاق "26 يوليو الآن" مع مشروع تخطيط ميدان الأزبكية .. لأن هذا الطريق هو بداية تعمير ضاحية بولاق الذي أدى إلى ربط القاهرة الجديدة بشاطئ بولاق ، ولم تعد بولاق مجرد ضاحية للمدينة الصاعدة .. ثم جاءت الطفرة التعميرية عندما تم إنشاء كوبري بولاق "أبو العلا" الذي افتتح في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني "حفيد إسماعيل" عام 1912م ، وكان ها الكوبري معجزة هندسية ليربط بين القاهرة وجزيرة الزمالك ، ثم يعبر النيل الآخر "البحر الأعمى" ليصل إلى إمبابة على اليمين ثم العجوزة والدقي على اليسار ، وتمتد فوق كوبري أبو العلا وإمتداده كوبري الزمالك ، خطوط الترام لتصل إلى ميدان الكيت كات في إمبابة يمينا وإلى شارع النيل عند العجوزة يسارا ، إلى حدائق الاورمان والحيوان وصولا إلى ميدان الجيزة ثم إلى منطقة الأهرام .. وأدى وجود الترام إلى انتعاش حركة تعمير منطقة غرب النيل في العجوزة والدقي والجيزة .. وإمتداد التعمير إلى منطقة إمبابة ذاتها.
وفي المنطقة بين بولاق وساحل النيل ، نجد سوق العصر ثم شمالا نجد جامع سنان باشا ، وهو أول مسجد كبير يقام على الطراز العثماني ، فقد كان سنان باشا من أوائل ولاة العصر العثماني ، ثم نجد سوق الحطب شرقي المطبعة الأميرية وشارع المطبعة الأهلية ، وعلى يسار شارع بولاق "26 يوليو" وخلف جامع السلطان أبو العلا نجد إصطـبلات الخاصة الملكية ، ثم نجد حي الحطابة حيث المقر الجديد والحالي لوزارة الخراجية وجنوبها جمعية الرفق بالحيوان وكلها غير بعيدة عن شارع "ظهر الجمال"
كان حي بولاق يعج ببؤر تدخين الحشيش. والتي كانت تمتد من كوبري بولاق "أبو العلا " بطول الشارع حتى مقر جميعة الإسعاف حاليا، وكانت محال البوظة والبارات تملأ هذه المنطقة حتى منتصف القرن العشرين. والتي قامت مكانها العمارات الضخمة على طول الطريق من حديقة الأزبكية – إلى كوبري أبو العلا .. ومنها عمارة الجندول التي أقامها الموسيقار محمد عبد الوهاب مكان بار سان جيمس ، الذي كان يجلس فيه الشاعر أحمد بك شوقي وعمر لطفي المحامي .. وعمارة شيكوريل التي قامت مكان "بار صولت" الحلواني ، الذي كان مطعما ومحلا للحلوى ومشربا للخمر. وكان "صولت" هذا متلقي كبار الأدباء والشعراء والمثقفين والصحفيين ، يتقدمهم أحمد بك شوقي الذي كان مكانه المفضل بين العاشرة مساء والواحدة صباحا ! وحوله يتجمع الدكتور محجوب ثابت بك الطبيب الأديب ، والشيخ عبد العزيز البشري ومحمود فهمي النقراشي وعبد الحليم العلايلي ، وأمين الرافعي رئيس تحرير جريدة الأخبار "القديمة" وسليمان فوزي صاحب جريدة الكشكول وصالح البهنساوي الصحفي المشهور في "الأهرام".
وفي محاذاة محل "صولت" الذي كان مصدرا للأخبار الصحفية كان يقع بار المحروسة الذي كان يجلس عليه الوجهاء من آل يكن وآل المانسترلي وغيرهم. وفي مواجهته كان يقوم بار بطرسبورج ، ثم نجد مقهى بور فؤاد حيث يجلسون على الأرصفة ثم على ناصية شارع بولاق مع شارع سليمان باشا كان يقع مقهى البور نور على الناحية المواجهة للأمريكين حاليا. ومع تحرك "الحي التجاري" من الأزهر والحمزاوي وشارع المعز شرقا نحو الموسكي والعتبة غربا. ثم مع تحرك الحي التجاري مرة أخر من العتبة والموسكي إلى القاهرة الخديوية وبالذات شارع بولاق "26 يوليو" ، تم إنشاء سلسلة من الفنادق المتنوعة الدرجة على امتداد الشارع الذي أصبح محور الحي التجاري ، فمن كان لا يذهب للشراء كان يذهب للفرجة!! ومن أشهر هذه الفنادق: كلاريدج .. جلوريا .. إدن .. كارلتون .. جراند أوتيل .. إسكس .. إكس موراندي .. نيتوكريس .. أمية .. والتي لا زال بعضها موجود للان .
وشهد محور شارع بولاق "فؤاد الأول ثم 26 يوليو" إنشاء العديد من المباني العامة والعمارات الضخمة. ولعل أشهر هذه المباني دار القضاء العالي ، التي أقيمت لتكون مقار للقضاء المختلط. ولكي تنتقل هذه المحكمة من موقعها المجاور لمبنى صندوق الدين بين ميدان العتبة والأوبرا .. وإلى مقرها الجديد. إلا أن إلغاء القضاء المختلط بعد توقيع حكومة الوفد لإتفاقية مونترو عام 1937 أنهي هذا القضاء الذي كان صاحب فكرته نوبار باشا أول ناظر للنظار "رئيس الوزراء" في عصر الخديوي إسماعيل ، وأصبحت دار القضاء العالي رمزا للقضاء المصري بسبب المبنى الضخم ، الذي بني على الطراز الإيطالي بأعمدته وصالاته الواسعة وارتفاع مبانيه. ويلاصقه مبنى مصلحة الشهر العقاري الذي بني في الفترة نفسها التي شهدت بناء دار القضاء العالي. وقبل أن ترك هذه المنطقة لنعبر شارع رمسيس ، نتذكر أن أمام دار القضاء العالي تمت إقامة أحدث عمارة في الشارع عام 1938 هي عمارة لاجيفواز ، وبعدها نجد تلك العمارة الضخمة ذات المساحة الهائلة التي أقامها عميد عائلة الشواربي ، وتحتل مربعا من شارع 26 يوليو ، ويمتد يمينا إلى شارع رمسيس. وهي من ضخامتها تضمن تصميمها عدة مداخل وممرات تحتها. وتتزين هذه العمارة بأعمال كريتال" حديد مشغول" وتماثيل وكرانيش من الجبس ، وتعلوها قباب مازالت صامدة رغم مرور أكثر من 100 عام هي عمر العمارة حتى الآن ورغم الحريق . وخلف هذه العمارة يقع سوق التوفيقية حيث عمارات أقيمت منذ عام 1900 و1903 و1910م. وهو أول سوق للأطعمة الطازجة والخضر والفاكهة ، منذ تركنا سوق العتبة ، وقبل أن نصل إلى سوق شارع بولاق الجديد. وعلى الضفة الغربي لشارع رمسيس مع تقاطعه مع شارع 26 يوليو ، نجد الجمعية المصرية للعلوم السياسية. وعلى الناصية الأخرى نجد مقر جمعية الإسعاف الملاصق لمبنى معههد الموسيقى العربية الذي تقرر إعتبـاره من الآثار ، ثم نجد كنيسة صغيرة لنصل إلى شارع الجلاء حيث نجد على اليمين مستشفى الجلاء للولادة ، الذي أقيم في عهد الملك فؤاد عام 1934 ولهذا حمل اسم "مستشفى فؤاد الاول للولادة" ثم تغير اسمه بعد 23 يوليو 1952م ليحمل اسم مستشفى الأوقاف .. وتغير الاسم للمرة الثالثة ليصبح اسمه الآن "مستشفى الجلاء للنساء والولادة" .. وأمامه نجد معهد ليوناردو دافنشي للفنون والعمارة. وكما نجد مقر شركة القاهرة للكهرباء والغاز منذ كانت إمتيازا لشركة ليبون الفرنسية.
ونمضي مع شارع 26 يوليو لنجد "متحف الركائب الملكية " (والذى سنتحدث عنة المرة القادمة ) ثم مسجد السلطان أبو العلا. ولم يكن أبو العلا سلطانا أو ملكا ، ولكنه حمل هذا الاسم لأنه كان سلطان .. المتصوفين!! وقد أعيد بناء هذا المسجد في عهد الملك فؤاد الأول (عام 1922م). وافتتحه الملك فؤاد بأداء صلاة الجمعة في 5 يونيو 1936م ن لنصل إلى شاطئ النيل عند بداية كوبري بولاق "أبو العلا" الذي أحالوه إلى المعاش ونقوله بعيدا لينتهي حي بولاق على الشارع الرئيسي الذي حمل اسم شارع بولاق .. ويقبع على البعد حي الزمالك بقصوره وفيلاته ، أي أن الكوبري كان يفصل بين الحي الشعبي بولاق والحي الراقي الإرستقراطي الزمالك !!
حي الصحافة والطباعة والدبلوماسية المصرية وحي بولاق هو بحق حي الصحافة في مصر ففى يوم 11 نوفمبر سنة 1945 ، عندما قرر مصطفى أمين أن يحتفل بمرور عام على صدور أخبار اليوم ، وتحقيقها شعبية واسعة ، وقد كانت تصدر من على سطوح أحدى بنايات شارع قصر النيل فقرر أن يضع حجر أساس لمبنى جديد لها ، ،واختار المنطقة التي يطلق عليها الآن شارع الصحافة لتكون مقرا لأكبر مؤسسة صحافية في ذلك الوقت بعد الأهرام .
لم يكن يوجد شارع اسمه شارع الصحافة ، كان هذا الشارع مهملا يحمل اسم " وابور النور ، تطل على جانبيه الخرائب والعشش وصناديق الزبالة ، ولم يكن هناك شارع اسمه شارع الجلاء ، كان شارعا ضيقا يمشي فيه قطار السكة الحديد الذي يوصل بين قشلاق قصر النيل الانجليزي ومحطة العاصمة ، وكان الحي الذي أصبح بنيت فيه أخبار اليوم قد اشتهر بأنه منطقة عشوائية وبأنه " حي اللصوص ومدمني المخدرات ،والهاربين من العدالة، ذلك أن طرقه الملتوية ،وخرائبه المتهدمة ومسالكه القذرة تجعل من المستحيل على البولــيس أن يدخل ، ولكن ما الذي جاء بأخبار اليوم هنا ؟ " .
أن السبب الحقيقي الذي دفع مصطفى وعلي أمين لاختيار هذا المكان ليصبح شارع الصحافة في مصر ، أنها كانت ارخص منطقة عرضت عليهما ، كما أن الشركة المالكة للأرض وافقت على بيعها بالتقسيط ،كما أنهما كانا يقولان أنهما اختارا أقذر منطقة حتى تعطي أخبار اليوم مثلا في الإنشاء والتعمير ، وتحويل الخرائب إلى مبان ، والحواري الضيقة إلى شوارع ، والقبور إلى عمارات ،وهو ما حدث بالفعل.
فقد انتهزت أخبار اليوم جلاء الانجليز من القاهرة، لتغير اسم الشارع المتقاطعة معه إلى شارع الجلاء ، وبدأت دعايتها للشارع حتى اجتذبت أصحاب المشروعات الجديدة فبنيت عمارة البنك الصناعي ومستشفى السكة الحديد ،وعدد من العمارات الكبيرة .
أما شارع الصحافة فغيرت اسمه من شارع " وابور النور " ، بعد أن كتبت عريضة باسم الصحف تطلب تغيير اسم الشارع إلى شارع الصحافة ، ووقعت على العريضة جريدة أخبار اليوم ،ومجلة آخر ساعة، ومجلة آخر لحظة ،وجريدة أخبار المساء ، وجميعها كانت تصدر من دار أخبار اليوم ،ولأن الإمضاءات لم تكن تكفي فأتت بإمضاء جريدتي " الجورنال ايجيبت " وجريدة الزمان ، حيث توجد مطبعتهما ،وتنتهز فرصة إنشاء شركة التوزيع التي قامت بين جريدتي المصري والأخبار ومجلة كتب للجميع فتأتي بإمضائهم ،ويحمل علي أمين العريضة إلى عبد المجيد صالح وزير لأشغال في ذلك الوقت ليوقع قررا بتسمية شارع " وابور النور " باسم "شارع الصحافة "وكان حلم مصطفى أمين أن يتحول الشارع إلى شارع يشبه شارع الصحافة في لندن ، فقام بإقناع أنطون الجميل بأن تشتري الأهرام أرضا لمطبعتها الجديدة في أرض مهجورة بجانبها، وكانت نقابة الصحافيين ترغب في أن تمنحها الحكومة أرضا ، لكن أمين أقنعها بأن تأخذ أرضا بالقرب من شارع الصحافة بجوار نقابة المحامين ، وربما يشعر من يمر الآن بالقرب من شارع الصحافة أن يشعر بالفعل دون أن يقرأ لافتته أنه في شارع صناعة الصحافة في مصر
ونصل الان الى وكالة البلح والتى ترجع نشأتها إلى بدايات القرن التاسع عشر، وعند بداية النشاط التجاري بها فقد كان مقتصرا على أقمشة الكتان، لكن الأمور تطورت مع وصول الجيش البريطاني أواخر القرن المذكور وسميت السوق ( بوكالة البلح ) . لأنها بدأت تتاجر في ( البلح ) من خلال المراكب الصغيرة التي كانت تصل عبر نهر النيل من الصعيد جنوب مصر وخصوصا من أسوان.
وقد شهدت السوق تطورا لافتا بعد الحرب العالمية الثانية؛ فتحولت الى مقرا لتجار الخردة الذين توسعوا وعرف نشاطهم ازدهارا بعد الحرب العالمية وذلك بسبب شرائهم مخلفات الجيش الإنجليزي وبيعه لتجار المعادن وهناك أيضا تجارة السيارات القديمة وتفكيكها بل وأضافوا نشاطا جديدا يتمثل في شراء السفن المستعملة التي تباع في المزادات العلنية وتفكيك أجزائها لإعادة بيعها على شكل خردة
الأشهر .. والأكبر .. والأقدم! وفي بولاق ثلاثة مساجد أشهرها مسجد السلطان أبو العلا ، وأكبرها مسجد سنان باشا ، وأقدمها مسجد زين الدين يحيى ، فالأول بني عام 1485م ، والثاني عام 1571م ن والثالث عام 1448م. والمساجد الثلاثة بهذه التواريخ تؤكد أن "بلدة بولاق" بلدة قديمة على شط النيل .. ونبدأ بالأكثر شهرة: مسجد السلطان "أبو العلا" لأنه بسبب شهرة "أبو العلا" أصبح الناس يفرقون بين بولاق هذه ، فيقولون بولاق أبو العلا .. وبولاق الأخرى – في الجيزة – ونقصد بولاق الدكرور. والأصح أن نقول: بولاق التكرور. بل إن العامة أطلقوا على الكوبري الشهير الذي أقاموه الخديوي عباس حلمي الثاني عام 1912م وحمل اسمه رسميا. وأطلقوا عليه كوبري "أبو العلا" أي أصبح "أبو العلا" أشهر ما في هذا الحي العتيق.
ومسجد "أبو العلا" الذي لا يفصله عن شاطئ النيل إلا كورنيش ماسبيرو وعمارة ، ويحتل موقعه في شارع 26 يوليو مباشرة "بولاق ، ثم فؤاد الأول" ، بنسب إلى الشيخ الصالح حسين أبي على المكني بأبي العلاء ، الولي المعتمد ، صاحب الكرامات والمكاشفات على ما يصفه الصوفيون الذي أطنبوا وبالغوا في كراماته .. حتى أطلقوا عليه لقب "السطان" ، وهو ليس سلطانا ولا ملكا أو حتى أميرا ، ولكن بسبب صلاح وكراماته أصبح عندهم. سلطانا للمتصوفين. وقد سكن هذا الشيخ الصالح في خلوة بزاوية ، كانت موجودة بالقرب من النيل في القرن 15 الميلادي. وكان للناس فيه اعتقاد كبير فكثر مريدوه ومعتقدوه ، وكان من بينهم التاجر الكبير الخواجة نور الدين علي ابن المرحوم محمد بن القنيش البرلسي ، فطلب منه الشيخ أن يجدد زاويته وخلوته التي كان يتعبد فيها ، فصدع بالأمر. وأنشأ هذا المسجد ، وألحق به قبة دفن فيه الشيخ "أبو العلا" عندما توفي عام 890 هـ - 1486 م. وإن كان محمد بك رمزي المؤرخ والجغرافي يرى أن هذا المسجد حل محل المسجد ، الذي أنشأه الفخر ناظر الجيش محمد بن فضل الله عام 1330م. ومسجد "أبو العلا" أنشئ عام 1485م في عصر ، إزدهرت فيه العمارة الإسلامية أيام السلطان المملوكي الجركسي قايتباي ، وكان على طراز مدرسة ذات أربعة إيوانات متعامدة غنية بالنقوش في عصرها الزاهر. والمنبر من الخشيب النقي المطعم بالعاج ومحرابه مكسو بالرخام .
وقد أجريت للمسجد أكثر من عملية تجديد وإعمار .. الأولى 1741م والثانية 1847م ، ودفن فيه من العلماء: الشيخ أحمد الكعكي المتوفي 1545م والشيخ عبيد والسيد علي حكشة المتوفي 1854م ، والشيخ مصطفى البولاقي 1846م. وفي العصر الحديث تولت لجنة حفظ الآثار العربية بين عامي 1915 و1920م عمليات إصلاحات شاملة ، وأنشأت في النهاية الغربية للواجهة البحرية سبيلا يعلوه كتاب ، إقتبست تفاصيله من نماذج عصره ، وفكت مباني المنارة ، وأعادت بناءها وأكلمت قمتها طبقا لمنارات عصرها ، إلى أن سقط سقف الإيوان الشرقي أثناء الاحتفال بمولده يوم 13 يوليو 1922م ، فتعطلت به الشعائر الدينية ، فأمر الملك فؤاد بتجديده وتوسيعه في عام 1925م ، فقامت وزارة الأوقاف بالتنفيذ ، ونزعت ملكية الأماكن التي إقتضاها التوسيع ، ثم عهدت إلى لجنة حفظ الآثار العربية بوضع تصميم تجديد المسجد ، فراعت فيه المحافظة على الأجزاء القديمة وإدماجها فيه ، على أن تكون جميع التفاصيل مقتبسة من منشآت القرن 15 الميلادي. وتبلغ مساحة المسجد بعد التجديد 1264 مترا ، بعد أن كانت 843 مترا ، وتكلفت أعمال التجديد والتوسيع 17 ألف جنيه ، وإفتتتحه الملك فؤاد بأداء صلاة الجعة فيه يوم 5 يونيو 1936م. ونصل إلى أكبر مساجد بولاق ، وهو مسجد سنان باشا بشارع جامع السنانية .. وسنان باشا قائد تركي كبير ، وسياسي محنك ، عاصر أربعة سلاطين ، هم: سليمان القانوني ابن السلطان سليم الأول فاتح مصر وإبنه سليم الثاني ، ثم مراد الثالث ، وإبنه محمد خان. وقد عين سنان باشا واليا على مصر مرتين: الأولى بين عامي 1567م و1569م. ثم قام على رأس جيش إلى اليمن لقمع فتنة الزبديين ، فقام بمهمته ، وتم له فتح اليمن ، ثم عاد إلى مصر واليا مرة ثانية في يونيو 1571م ، وبقي فيها إلى عام 1573م ، حيث عين صدرا أعظم في إستانبول. ثم عهد إليه السلطان سليم الثاني فتح تونس وتحريرها من الإسبان فإستولى على قلاع تونس ، وكان فتحها من أهم الفتوحات العثمانية ، ثم عاد ليتولى الصدارة الأعظم في عهد مراد الثالث 1580م ، ثم تولى نيابة الشام فبنى فيها مسجدا مازال باقيا ثم عاد إلى إستانبول ، وتولى الصدارة للمرة الرابعة في عصر بلغت فيه السلطنة العثمانية أقصى إتساعها .. وكان سنان باشا معاصرا لخوجة سنان ، المهندس الحربي العظيم ، الذي سمي خوجه سنان تمييزا له عن سنان آخر من تلاميذه ، وهو الذي بنى مسجد سنان باشا في بولاق. وسنان باشا هو الذي أعاد حفر خليج الإسكندرية ، وأنشأ مسجدا وسوقا وحماما ، لأنه كان مغرما بإنشاء العمائر الخيرية وترك العديد من المنشآت في كل البلاد ، التي أقام بها ، ومنها: خان وحمام في بولاق ثم مسجده هذا. وهو ثاني مسجد أنشئ بمصر على الطراز العثماني الأول هو مسجد سليمان باشا داخل قلعة الجبل.
ومسجد سنان في بولاق الذي أنشئ عام 1571م ، كان محاطا من خارج بأسوار بها أبواب ، هدم الشرقي منها عام 1902م. والمحراب من الرخام الرقيق يجاوره منبر خشبي ، وفرشت أرضية المداخل والشبابيك بمربع القبة بالرخام الرقيق. والمنارة في الطرف القبلي الشرقي ، وهي إسطوانية ، وإن كانت غير كاملة لأن مسلتها قائمة على نصف بدن ، دون دورتها الثانية ، وهي مصنوعة من البلاط. وفي عهد الملك فاروق أجربت للمسجد عمليات صيانة ، شملت إصلاح القبة. وكان لفتح الشارع أما الواجهة البحرية أثر كبير في إظهار هذا المسجد وكشف جماله ومحاسنه. أما سنان باشا فقد توفي عام 1596م ، وهو في الثمانين من عمره ، وترك ثروة كبيرة وكان دخله يزيد على 400 ألف جنيه سنويا.
أما أقدم مساجد بولاق وهو ثالث مساجدنا هنا .. فهو مسجد زين الدين يحيى بشارع الخضرا .. وهو ثاني مسجد أقامه الأمير يحيى زين الدين ، وعرف بجامع المحكمة فقد تم إستخدامه كمحكمة منذ القرن العاشر الهجري حتى عصر محمد علي. وهذا المسجد بني عام 1448م وأفتتح للصلاة فيه قبل تمام إقامته ، وصاحبه هو الأمير الزيني الإستادار بشاطئ النيل ببولاق. وكان محتسبا للقاهرة ، وناظرا للأسطبل السلطاني ، وإسمه يحيى بن عبد الرازق الزيني القبطي.
ومسجده هذا في بولاق ، وكذلك مسجده بشارع الأزهر ، بناه المعلم محمد ابن حسين الطولوني ، وكان من أشهر المهندسين في عصره. وعند قيام لجنة حفظ الآثار العربية وجدت هذا المسجد خربا مندثرا مهدما ، وجدرانه مائلة وعقوده ساقطة وسقوفة مفقودة ، أي كان عبارة عن أطلال. وقدرت تكاليف إصلاحه عام 1891م بحوالي 6000 جنيه ، وبدأت أعمال التجديد عام 1916م ، وفي عام 1920م أعيد الإيوان القبلي والإيوانات: البحري والغربي من الإيوان الشرقي ، ثم أعيد بناء المفقود ، وأقيمت القبة الخشبية فوق الحراب ، وعمل له منبر جديد ، وتمت أعمال الإصـلاح وافتتح للصلاة في عهد الملك فؤاد الأول ، وهو أحد ثلاثة مساجد ، أقامها هذا الأمير: الأول في الأزهر ، والثاني في بولاق .. والثالث في الحبانية
أشهر شخصيات بولاق
الكابتن مصطفى رياض
الكابتن شحته الاسكندرنى
لواء سعيد الجمل
ال مسعود – تاجر السيارات وعضو مجلس الشعب
زكى السماك
الفسخانى المشهور
عائلة الركيب
الممثل صلاح عبد الله
واثناء تجوالى فى منطقه بولاق اذا بسائق عربه حنطور ينادى على قائلا " فسحة يا استاذ " فرأيت انها فرصه كى استريح قليلا من المشى وخاصة ان الجو حار اليوم فوافقت ولفت نظرى ان عربة الحنطور متميزة الشكل والحصان ايضا كان جميلا فسالت السائق فقال لى " دى عربية الملك " طبعا يقصد الملك فاروق ولما رأنى غير مصدق قال لى طب انا هاوديك المتحف تشوف بنفسك وتحكم فسألتة : متحف ايه ؟
قال لى : متحف الركايب الملكية . فقلت له وفين المتحف ده ؟ قال لى قريب من هنا فى شارع 26 يوليه
ويرجع تاريخ متحف الركائب الملكية إلي عهد الخديو إسماعيل الذي حكم مصر منذ عام1863 حتي عام1879, وهو أول من فكر في بناء مبني خاص بالمركبات الخديوية والخيول أطلق عليه وقتها اسم مصلحة الركائب الخديوية, وظل المتحف فترة طويلة معروفا باسم متحف الركائب, حيث كان يحوي ركائب الملك فاروق الأول وبعض ركائب من سبقوه في حكم مصر.وهو يعد من أندر المتاحف التاريخية علي مستوي العالم ولا يوجد مثله سوي في انجلترا وفرنسا وروسيا والنمسا
ومن أهم العربات التي كانت تستخدم في المناسبات الرسمية العربة آلالاي الكبري الخصوصي التي أهداها نابليون الثالث والملكة أوجيني للخديو إسماعيل عند افتتاح قناة السويس عام1869, وقد قام الملك فاروق الأول بتجديدها واستخدامها في أثناء افتتاح البرلمان, والعربة كوبيه الخصوصي التي كانت تستخدمها الملكة عند افتتاح البرلمان في عهد الملك فؤاد, أما العربة نصف آلالاي فكانت تستخدم لتنقل الوزراء والسفراء وقناصل الدول الأجنبية في عهد الخديو إسماعيل, والعربة كلش كانت مخصصة للأمراء والوزراء والحاشية واستقبال الملوك الأجانب في عصر الملك فؤاد, ولاندو وكانت تستخدم لاستقبال كبار الزوار في عصر الخديوي إسماعيل, أما العربة فكتوريا فكانت استخداماتها تقتصر علي الذهاب إلي المساجد واحتفالات المعارض واستقبال الملك عند عودته من المصيف في عصر الخديوي إسماعيل, والعربة بست كانت تستخدم لنزهة الملك في حديقة المنتزه في عصر الخديوي عباس, والعربة دوق كانت تستخدم في استقبال الملوك الأجانب واحتفال عرض المحمل, وتشريف ميدان السباق في عصر الملك فؤاد, كما كانت تستخدم العربة آلالاي لرئيس الديوان العالي وكبير الأمناء عند افتتاح البرلمان أو تقديم النياشين في عصر الخديوي إسماعيل, وكانت لكل عربة خيولها الخاصة من حيث العدد وارتداء الملابس وفقا للبروتوكولات المختلفة.
وهناك قال لى رئيس قطاع المتاحف وان المتحف الان يرقد الان علي طاولة الجراحة الخاصة بخبراء تجميل هيئة الآثار في مصر, لإجراء جراحة تجميل عاجلة وشاملة تستهدف جميع أجزائه بعد أن أصابته تجاعيد الزمن, ورسمت ملامحها عليه استعدادا لإدراجه علي خريطة مصر السياحية و سوف تستغرق العملية نحو عامين وبالتحديد نهاية العام المقبل بتكلفة إجمالية25 مليون جنيه.
أن المعرض المقام علي مساحة خمسة أفدنة سيشهد عرض67 عربة ملكية ذات قيمة تاريخية تمثل نحو22 نوعا, كان معظمها هدايا من دول أوروبية لحكام مصر السابقين منذ عصر الخديوي إسماعيل حتي عصر الملك فاروق, بالإضافة إلي عرض أكثر من6 آلاف قطعة تمثل الملابس الخاصة بتشريفة كل عربة وفقا للبروتوكولات المعروفة في ذلك الوقت, إلي جانب الإكسسوارات الخاصة بالخيول وهنا تذكرت حصان الحنطور فسالت الاسطى مرسى "سائق الحنطور " عن الحصان ولماذا شكله مختلف عما رأيتة من احصنة
فقال يا استاذ ده حصان عربى اصيل امال ايه اصل ماحدش عارف حاجة عن الخيول فى مصر شويه مش عارفين غير اللى بيشوفوة فى شوارع القاهرة بيجر عربات الكارو وشوية عارفين اكتر علشان بيشوفوة فى مسابقات الفروسية او فى سبق الخيل اللى بتتعرض فى الافلام ولكن اللى زى بقى عارف كل حاجه عنها كبيرة وصغيرة اصلى بركب خيل فقلت له : فارس يعنى فقال : لا طبعا انت فاكر الفروسية دى ايه
فالفروسية لم تكن حكرا على طبقة او فئة معينة من الناس اذ كان يتعلمها الأهالي عرفا ورغبة مثلما كان يتعلمها العسكر الزاما واحترافا. وقد اعتبر اسلافنا ان تعلم الفرنسية يشكل جزءا من تربية الولد يسير جنبا الى جنب مع تعليمه القراءة والكتابة. وعلى ذلك يمكن التمييز بين فروسيتين او مدرستين للفروسية: الفروسية الحربية والفروسية الأهلية او المدنية. وهو تمييز قد لا يخلو من قسر اذ ان الحدود بين هاتين المدرستين تظل شفافة. وتتلاشى في مجالات كثيرة غير ان الاحتفاظ بهذا التمييز، ولو من باب التجاوز، مهم من الناحية المنهجية لفهم تاريخ الفروسية ومراحل تطورها وللتعامل بشكل سليم مع نصوصها.
وكانت الفروسية خاضعة لجملة قواعد اخلاقية اشبه بحكم القانون. فهي ترتكز في جانبها العقيدي والروحي على القرآن والسنة، وفي جانبها العرفي على الصفات التي استعارتها العرب للفارس منذ الجاهلية، كالشجاعة والسخاء والمروءة والشهامة والحزم. وكان هذ البعد الاخلاقي لمفهوم الفروسية من القوة والثبات بحيث وصل الينا سالما في حين انقرضت هذه كمؤسسة وعرف وانشطة وضاع مفهومها الاصيل المركب واختزلت معانيها الى فعل الركوب على الخيل. والفروسية بمختلف فروعها هي حصيلة تزاوج ثقافات شعوب المنطقة وامتداداتها وتفاعلها في اطار الاسلام وسياقات تاريخه، فهي نتاج فريد واصيل للحضارة العربية الاسلامية وتجلياتها في السلم والحرب.
وقد أهتم العرب بخيولهم اهتماما شديدا ، وحرصوا كل الحرص على أن لا تختلط دماؤها بدماء غيرها من الخيول المهجنة ، وحافظوا على أنسابها محافظتهم على أنسابهم
وقد ارجع العرب نسب الخيول العربية جميعا إلى خمسة اصول رئيسة تفرعت عنها بعض الأنساب الفروع.
ففى رواية أنه حين انهار سد مأرب باليمن فرت الخيول العربية الى الصحراء ، ثم ظهرت منها خمسة خيول في منطقة نجد ، فخرج خمسة رجال لصيدها وشاهدوها ترد على عين ماء ، فجمعو بعض الخشب وعملوا منه حاجز واحد بجانب العين فبلما أتت لتشرب ، رأت الخشب فنفرت ، ولكن العطش أشتد بها فاقتحمت الخشب وشربت. وفي اليوم التالي جاؤوا بحاجز ثاني ووضعوه إلى جوار الأول. وما زالوا يقيمون الخشب بجانب بعضه حتى جعلوا منه حلقة تحيط بالعين ، تاركين فيها مدخلا لتدخل الخيول الخمسة منها. ولما جاءت الخيول ودخلت الحلقة سدوا المدخل وتركوها حبيسة ، ثم مازالوا يؤانسونها ويطعمونها حتى انست بهم ، فأسرجوها وركبوها وتوجهوا نحو ديارهم.
وفي الطريق نفذ زادهم وجاعوا ، فاتفقوا على ذبح احد الخيول على ان يجعلوا لصاحبها حظا في الأربعة الأخرى ، ثم رأوا أن يتسابقوا فيذبحوا المتأخرة في السباق. فتسابقوا ، فلما هموا بذبح الأخيرة ، أبى صاحبها إلا إذا أعادوا السباق ، فأعادوه فتأخرت فرس اخرى ، فأعادوه مرة أخرى فتأخرت فرس أخرى وهكذا كانت تتأخر فرس كلما اعادوا السباق غير الفرس التي تكون قد تأخرت في سباق سابق. وظلوا على هذه الحال حتى ظهر لهم سرب من الغزلان ، فطاردوه وظفروا به ، فأغناهم عن ذبح أفراسهم.
فسموا إحدى هذه الأفراس الخمسة الصقلاوية او الصقلاوي لصقالة شعرها ، وقيل إن سبب تسميتها يعود إلى أنها ضربت برجلها ، والصقل هو الضرب.
وسموا الأخرى أم عرقوب لإلتواء في عرقوبها
وسموا الثالثة الشويمة أو الشويمات لشامات فيها.
وسموا الرابعة الكحيلة أو الكحيلان للكحل في عينيها.
وسموا الخامسة العبية أو العبيان ، والإسم مشتق من "العباءة" وقيل إن سبب التسمية يعود إلى أن الرجال الخمسة الذين مر ذكرهم ، عندما تسابقوا لذبح الفرس المتأخرة ، وقعت عباءة فارسها ، وكانت ترفع بذنبها ، فعلقت به العباءة وظلت عالقة الى نهاية السباق.
هذه القصة عن انساب الخيل العربية رواها ابن الكلبي و استمر الإعتقاد بها حتى مطلع هذا القرن.
على ان تقسيم الخيل العربية عند المستشرقين ومنظمة الخيل العربية يسير بطريقة قريبة بعض الشئ
فحين ظهر بعض المستشرقين وفي مقدمتهم كارل رضوان ، قسموا الخيول العربية الى ثلاثة اشكال رئيسية وهي الكحيلان ، والصقلاوي ، والمعنكي.
ويدخل ضمن هذه الأشكال عشرون فصيلة رئيسية و 240 فصيلة أخرى متفرعة عنها .
ولكن نادي الأصيل وهو رابطة عالمية تعنى بصيانة الجواد العربي الأصيل ورعايته ، يعيد أصول الخيول العربية ( من جهة الأم ) الى ثلاثة وعشرين على النحو التالي :
M معنقي
DS دهمان شوان
MH معنقي هدروج
HE هدبان انزاحي
MS معنقي سبيلي
HK حمدان كحيلان
O عبيان
HS حمداني سمري
OG العبية أم جريس
K كحيلان
S صقلاوي
KA كحيلان عجوز
SG صقلاوي جدراني
KAIR كحيلان عجوز بن رضوان
SGIS صقلاوي جدراني بن سودان
KAIS كحيلان عجوز بن سودان
SGIZ صقلاوي جدراني بن زبيني
KH كحيلان هيفي
SS صقلاوي شيفي
KJ كحيلان جلابي
SHSX شويمان صباح
HK كحيلان كروشان
KR كحيلان روضان
وسلالة الكحيلان يتصف الحصان العربي الذي من سلالة الكحيلان بكبر جسمه وضخامة عضلاته وجماله ، فهو أجمل الخيول العربية وأفضلها.واللون الغالب عليه هو البني وله فروع عديدة منها
الكحيلان - الكحيلان الحمداني - الكحيلان الهدبان - الكحيلان الشويمان - الكحيلان الودنان - الكحيلان العجوز - الكحيلان العجوز بن رضوان - الكحيلان العجوز بن سودان - الكحيلان الهيفي - الكحيلان الجلابي - الكحيلان الكروشان - الكحيلان الرضوان
وسلالة الصقلاوي يتصف بأن حجمه أصغر من حجم الكحيلان ، ويتميز عنه بجمال رأسه ، وجبهته عريضة ، وجماله الأنثوي اللافت للانظار الذي يؤهله للمهرجانات والإستعراضات.
وأهم فروع الصقلاوي لجهة الأم
الصقلاوي - الصقلاوي الجدراني - الصقلاوي الجدراني بن سودان - الصقلاوي الجدراني بن زبيني - الصقلاوي الشيفي
وسلالة المعنكي يتصف بطول جسمه ، وضخامة حجمة ، وطول رأسه ، وكثرة زواية وجهه ، وخشونة مناخرة ، وصغر عينيه ، وطول رقبته.
والفرس ذات الشكل المنعكي يقال لها "أم عرقوب" أحيانا ، وقد قيل (أم عرقوب ما عليها عذروب) أي ليس فيها مطعن.
وأعظم الخيول العربية التي وصلت الى أوربا وحسّنت سلالاتها كانت من سلالة المعنكي ، وخاصة في فرنسا وانجلترا.
ومن اشهرها الحصان العربي دارلي الذي يعتبر السلف الأكبر لسلالة الثوربرد . ويقسم المعنكي الى قسمين رئيسيين
معنكي هدري ويتصف بضخامة صدره وأكتافه القويه والتناسق الكامل لأضلاع صدره
معنكي سبيلي ويتصف بقوائمه العالية وأكتافه المستقيمة وهو أقل سرعة من الأول
وقد دار جدل واسع ونقاشا كبيرا من قبل العديد من خبراء الخيل ، فمنهم من يعتبرها كاملة الأصالة والنبالة ومنهم كالمستشرق كارل رضوان يدعي انه في عام 1630م لقح ابن هدري فرسه من فحل تركماني الأصل ، واستمر النسل بعد ذلك بالتكاثر عند قبائل السلقا ، وبالتالي لم يعد اصيلا لاختلاطه بدم غريب ، ولهذا السبب امتنع بعض المولعين بالخيل العربية خلط خيولهم مع دم السلالة المعنكية
وسلالة العبيان أو العبية من أشهر الخيول العربية ، وقد ذكرنا في بداية هذه الصفحة سبب تسميته بهذا الأسم . ويمتاز بالوسامة والجمال ، وبرفع أذياله خلال الجري ، ومن أصول هذا الشكل من جهة الأم
العبية أم جريس - العبية الشراكية - عبية السحيلية - عبية الأطرم - عبية العوبلي - عبية منيحيز - عبية هوينة
ولم ادرى كم مر من الوقت الا عندما قال الرجل " أتفضل يا أستاذ احنا رجعنا خلاص ومعلش قلبت دماغك "
ولما لاحظ استغرابى ودهشى من كم المعلومات التي قالها قال لى بصوت يملئه الآسي :
اصلى كان عندى مزرعة خيول زمان