حكم زواج الثيب دون علم الولي؟
رأْي الجمهور على أنه لا بد من الولي في النكاح، وأي نكاح يعقد بدون ولي لا قيمةَ له ولا اعتبارَ، إلا إذا حكَم به حاكمٌ شرعيٌّ أي قاضٍ، والدليل قوله تعالى: ﴿فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ﴾ (البقرة: من الآية 232)، فعلق الأمر بالنكاح بهن، فهم يشترطون الولي في النكاح ويرون أن النكاح لا يصح بدونه، رغم أنهم يوجبون على الولي مشاورة المرأة في زواجها، ولا يجيزون إجبارها على الزواج إذا ما كانت رشيدةً.
ويقولون بعدم صحة النكاح بدون ولي، ويرون أن قوله ﴿حتَّى تَنْكِحَ﴾ ليس المراد أنها تتولى النكاح، وإنما المراد أن يوجد النكاح عليها، فدل ذلك على أن الولي له تأثير، وأنه لا يكون إلا من خلال الولي.
واستدلوا على ذلك:
- أن جميع الأنكحة في عهد النبي- صلى الله عليه وسلم- إنما كانت بولي ولم يُعرف أنه كان ثمة زواج بغير ولي.
- النصوص الصريحة تدل على إيجاب الولي، ومنها ما رواه الترمذي في سننه عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ" قَالَ وَفِي الْبَاب عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَأَنَسٍ، وروى الترمذي أيضًا في سننه عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، فَإِنْ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ" قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، قال الترمذي: وَالْعَمَلُ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ" عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَغَيْرُهُمْ، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ بَعْضِ فُقَهَاءِ التَّابِعِينَ أَنَّهُمْ قَالُوا لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَشُرَيْحٌ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَغَيْرُهُمْ وَبِهَذَا يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَقُ.
ورأى الإمام مالك أن المرأة إذا كانت دنيئةً جاز لها أن تزوِّج نفسها بخلاف ما إذا كانت شريفةً فإنها لا تزوِّج نفسها.
ومذهب الإمام أبي حنيفة أنه إن كانت المرأة ثيبًا وليست بكرًا يجوز لها أن تعقد نكاحها بنفسها بدون وليها، وأن هذا النكاح صحيح، وخاصةً إذا تعسَّف الولي في استعمال ولايته عليها، ويرون أن لها أن تُزوج نفسَها مطلقًا، والدليل قوله تعالى: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ (البقرة: من الآية 230)، ويقولون وجه الدلالة تعلُّق الأمر على نكاحها ما دام هي التي تعقد.
وعلى المرأة أن لا تتجه نحو تزويج نفسها بنفسها بدون علم وليها، فعليها أن تلتمس كل السبل لإقناع وليها، وخاصةً إذا كان الذي يتقدم لها على خلق ودين، سيما ونحن نعيش في مجتمع عمَّ فيه الفساد وخربت الذمم، فعلى المرآة أن تعيَ ذلك لكي تصون نفسها وحقوقها، فلا تتزوج بدون علم وليها، ونذكِّر وليَّها بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه الترمذي: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" قالوا يا رسول الله وإن كان فيه؟ قال: إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه" ثلاث مرات.
إذا كان المتقدم للفتاة ذا دين وخلق فعلى ولي أمر الفتاة ألا يتعسَّف في الموافقة على زواج ابنته منه، وأيضًا فإن على الطرف الثاني وهو الزوج ألا يدفع المرأة إلى طريق الزواج بدون علم أهلها؛ لأن هذا يؤدي إلى قطيعة الرحم مستقبلاً، وقد تنجم عنه مفاسد تؤدي إلى عدم الاستقرار الأسري وتقطيع الأرحام التي أمر الله تعالى بوصالها، أيضًا على ولي الأمر أن لا يتعنَّت فيعضل ابنته أو من له ولاية عليها، فيدفعها إلى هذا الطريق، فإن فعل ذلك فليعلم أنه آثم وعليه أن يتقي الله في من ولي أمرها.
ماذا إذا جاءها خاطب خلوق على دين؟ لم يترك الإسلام هذه المشكلة دون حل؛ حيث جعل للحاكم أو الوالي أو القاضي أن يكون وليًّا لمن أعضلها وليه. منقول
رأْي الجمهور على أنه لا بد من الولي في النكاح، وأي نكاح يعقد بدون ولي لا قيمةَ له ولا اعتبارَ، إلا إذا حكَم به حاكمٌ شرعيٌّ أي قاضٍ، والدليل قوله تعالى: ﴿فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ﴾ (البقرة: من الآية 232)، فعلق الأمر بالنكاح بهن، فهم يشترطون الولي في النكاح ويرون أن النكاح لا يصح بدونه، رغم أنهم يوجبون على الولي مشاورة المرأة في زواجها، ولا يجيزون إجبارها على الزواج إذا ما كانت رشيدةً.
ويقولون بعدم صحة النكاح بدون ولي، ويرون أن قوله ﴿حتَّى تَنْكِحَ﴾ ليس المراد أنها تتولى النكاح، وإنما المراد أن يوجد النكاح عليها، فدل ذلك على أن الولي له تأثير، وأنه لا يكون إلا من خلال الولي.
واستدلوا على ذلك:
- أن جميع الأنكحة في عهد النبي- صلى الله عليه وسلم- إنما كانت بولي ولم يُعرف أنه كان ثمة زواج بغير ولي.
- النصوص الصريحة تدل على إيجاب الولي، ومنها ما رواه الترمذي في سننه عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ" قَالَ وَفِي الْبَاب عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَأَنَسٍ، وروى الترمذي أيضًا في سننه عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، فَإِنْ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ" قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، قال الترمذي: وَالْعَمَلُ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ" عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَغَيْرُهُمْ، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ بَعْضِ فُقَهَاءِ التَّابِعِينَ أَنَّهُمْ قَالُوا لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَشُرَيْحٌ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَغَيْرُهُمْ وَبِهَذَا يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَقُ.
ورأى الإمام مالك أن المرأة إذا كانت دنيئةً جاز لها أن تزوِّج نفسها بخلاف ما إذا كانت شريفةً فإنها لا تزوِّج نفسها.
ومذهب الإمام أبي حنيفة أنه إن كانت المرأة ثيبًا وليست بكرًا يجوز لها أن تعقد نكاحها بنفسها بدون وليها، وأن هذا النكاح صحيح، وخاصةً إذا تعسَّف الولي في استعمال ولايته عليها، ويرون أن لها أن تُزوج نفسَها مطلقًا، والدليل قوله تعالى: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ (البقرة: من الآية 230)، ويقولون وجه الدلالة تعلُّق الأمر على نكاحها ما دام هي التي تعقد.
وعلى المرأة أن لا تتجه نحو تزويج نفسها بنفسها بدون علم وليها، فعليها أن تلتمس كل السبل لإقناع وليها، وخاصةً إذا كان الذي يتقدم لها على خلق ودين، سيما ونحن نعيش في مجتمع عمَّ فيه الفساد وخربت الذمم، فعلى المرآة أن تعيَ ذلك لكي تصون نفسها وحقوقها، فلا تتزوج بدون علم وليها، ونذكِّر وليَّها بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه الترمذي: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" قالوا يا رسول الله وإن كان فيه؟ قال: إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه" ثلاث مرات.
إذا كان المتقدم للفتاة ذا دين وخلق فعلى ولي أمر الفتاة ألا يتعسَّف في الموافقة على زواج ابنته منه، وأيضًا فإن على الطرف الثاني وهو الزوج ألا يدفع المرأة إلى طريق الزواج بدون علم أهلها؛ لأن هذا يؤدي إلى قطيعة الرحم مستقبلاً، وقد تنجم عنه مفاسد تؤدي إلى عدم الاستقرار الأسري وتقطيع الأرحام التي أمر الله تعالى بوصالها، أيضًا على ولي الأمر أن لا يتعنَّت فيعضل ابنته أو من له ولاية عليها، فيدفعها إلى هذا الطريق، فإن فعل ذلك فليعلم أنه آثم وعليه أن يتقي الله في من ولي أمرها.
ماذا إذا جاءها خاطب خلوق على دين؟ لم يترك الإسلام هذه المشكلة دون حل؛ حيث جعل للحاكم أو الوالي أو القاضي أن يكون وليًّا لمن أعضلها وليه. منقول