حكم التحكيم وشروط صحته
بحث مقدم
لدورة التحكيم في العقود الهندسية والإنشائية وإعداد المحكمين في دمشق
(30/11 – 1/12/2008)
تنظيم:
غرفة التحكيم العربية للعقود الهندسية الإنشائية
إعداد
الدكتور حمزة أحمد حداد
(المعهد العربي للتحكيم والتسويات البديلة / عمان، الأردن)
معاني المصطلحات
بحث مقدم
لدورة التحكيم في العقود الهندسية والإنشائية وإعداد المحكمين في دمشق
(30/11 – 1/12/2008)
تنظيم:
غرفة التحكيم العربية للعقود الهندسية الإنشائية
إعداد
الدكتور حمزة أحمد حداد
(المعهد العربي للتحكيم والتسويات البديلة / عمان، الأردن)
معاني المصطلحات
الآلوسي: مجموعة أحكام النقض في قضايا التحكيم والتنفيذ من عام 1988 – 2003، للمحامي الأستاذ عبد القادر الآلوسي، الصادر سنة 2003 ، والذي قدّم له المستشار الأستاذ محمد زياد البنا .
ضاحي وبدر: الاجتهاد القضائي في ربع قرن من عام 1949 – 1974، للأستاذين عزة ضاحي وأحمد بدر، الصادر سنة 1976.
المجلة اللبنانية: المجلة اللبنانية للتحكيم العربي والدولي الصادرة عن مكتب البروفسور إبراهيم النجار / بيروت.
اليونسيترال: لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولية.
CLOUT: Case Law on UNCITRAL Texts
أولاً: مفهوم الحكم وشروطه عموماً
2- وإذا كان المعروض على هيئة التحكيم أكثر من نزاع، يمكن لهيئة التحكيم تسوية هذه النزاعات بحكم واحد، أو الفصل بينها وإصدار حكم تحكيم نهائي، في كل نزاع على حدة، ما دام بالإمكان ذلك، وهو ما قضت به محكمة النقض([2]). ومثاله أن يكون العقد مقاولة بناء، تعهد فيه المقاول بتوريد المواد وإنشاء البناء، وكان العقد ينص على شرط تحكيم لتسوية المنازعات. حصل نزاع بين الفريقين حول أسعار المواد من جهة، ونوعية البناء من جهة أخرى، وتمت إحالته للتحكيم. في هذا المثال، يمكن للمحكم الفصل بمسألة أسعار المواد بحكم، وبمسألة نوعية البناء بحكم آخر، ما دام ذلك ممكناً؛ أو الفصل بهما معاً بحكم واحد، حسبما يراه المحكم مناسباً. وإذا أصدر حكمه في بعض هذه الخلافات دون الأخرى على النحو المذكور، يكون الحكم قابلاً للطعن والمصادقة والتنفيذ، بمعزل عن الخلافات الأخرى. وتمشياً مع هذا النهج، قضت محكمة النقض، بأن الطرفين في هذه الحالة، ملزمان بتنفيذ الحكم الصادر في أحد الخلافات، ولو لم يصدر المحكم حكمه بباقي الخلافات(]3]).
3- وقد تفصل هيئة التحكيم ببعض طلبات أحد الطرفين كمسألة أولية، في حين ترجئ البت في الطلبات الأخرى لتفصل بها في وقت لاحق. ومثال ذلك، أن يقوم (أ) بمطالبة (ب) بمليون ليرة، فيقر الأخير بأن ذمته مشغولة بمائة ألف ليرة فقط دون فوائد، وينازع بالباقي والفوائد، فيطلب (أ) الحكم له بالمائة ألف ليرة بقرار أوّلي نهائي، وتستجيب هيئة التحكيم لذلك. وفي وقت لاحق، تصدر قرارها النهائي بباقي المطالبة. في هذا الفرض، نكون أمام حكمي تحكيم، يجب أن يتوفر في كل منهما شروط الحكم، كما يخضعان للقواعد الخاصة بأحكام التحكيم، من حيث تصديقها وتنفيذها أو الطعن بها.
4- وحكم التحكيم، على غرار الحكم القضائي، يجب أن يكون واضحاً وحاسماً وخاصة في منطوقه، وفق ما قررته محكمة النقض(][4]، بحيث يبين بصورة لا تدع مجالاً للشك، الواجبات المفروضة على كل من الطرفين والحقوق المعطاة له(][5])[/b]، وأن يردّ الحكم على كافة طلباتهما (الموضوعية) سلباً أو إيجاباً، وإلا كان عرضة للطعن به، مع اختلاف وسيلة الطعن كما سنرى بعد قليل.
5- ومن ناحية أخرى، تصدر هيئة التحكيم قرارات كثيرة أثناء الإجراءات، ويشمل ذلك مختلف القرارات الوقتية أو الجزئية أو الإجرائية، مثل القرارات الخاصة بتحديد القانون الواجب التطبيق على النزاع، ومكان التحكيم، والاستماع للشهود، واللجوء للخبرة، ولغة التحكيم بما في ذلك لغة البينات وكيفية تقديمها، وتبادل المذكرات واللوائح وتواريخ تقديمها، والجدول الزمني للسير في إجراءات التحكيم. ومثل هذه القرارات، التي لا تمس موضوع النزاع لا تعتبر، كما نرى، قرارات تحكيم، وبالتالي لا يشترط أن يتوفر بها شروط الحكم، كما أنه لا يجوز الطعن بها بصورة مستقلة عن الحكم النهائي. والمسـألة بالنسبة للقرارات الإجرائية البحتة، متفق عليها ولا خلاف حولها، مثل القرار بقبول بيـّنة أو رفضها، أو تحديد مواعيد لجلسات المحاكمة، أو تحديد لغة ومكان التحكيم، أو رفض أو قبول طلب أحد الطرفين بتقديم مذكرة. وكقاعدة عامة، فإن هيئة التحكيم لها صلاحية الرجوع عن القرار الإجرائي البحت، بافتراض أن مثل هذا الرجوع له ما يبرره(][6]، في حين ليس لها ذلك في حكم التحكيم النهائي كقاعدة عامة.
6- ويتبين من المادتين (41 و 42) من قانون التحكيم، بأن الحكم يجب أن يكون مكتوباً، وأن يصدر بالإجماع أو بأكثرية الآراء. وفي حال عدم توفر الأكثرية، يصدر الحكم من رئيس هيئة التحكيم منفرداً. وكذلك يشترط في الحكم أن يتضمن أسماء أعضاء هيئة التحكيم، وأسماء الخصوم وعناوينهم وصفاتهم وجنسياتهم، وتسبيب الحكم، وصورة من اتفاق التحكيم، وملخص لطلبات الخصوم وأقوالهم ومستنداتهم، ومنطوق الحكم، وتاريخ ومكان إصداره، وتوقيع المحكمين عليه. وهذه الشروط، هي الحد الأدنى التي يجب توفرها في حكم التحكيم. وعليه، يمكن إضافة بيانات أخرى في الحكم، سواء بناءً على اتفاق الأطراف، أو من المحكمين دون حاجة لاتفاق، مثل ملخص لإجراءات التقاضي والجلسات، وأسماء وعناوين وجنسية ممثلي أطراف النزاع.
ثانياً: كتابة الحكم
7- وكتابة الحكم شرط جوهري لقيام الحكم، بحيث يؤدي تخلفه لا إلى التأثير في مضمون الحكم فحسب، بل إلى عدم معرفة هذا المضمون، لدرجة انعدام الحكم([7]). ولا يكفي لاعتبار الحكم مكتوباً الحصول، مثلاً، على إقرار من المحكمين بأنه سبق لهم وأصدروا حكماً شفوياً بمضمون معين، لصالح أحد الأشخاص ضد شخص آخر، في ضوء المستندات والبينات الأخرى المقدمة في الدعوى التحكيمية، أو تسجيل الحكم الشفوي على شريط مسجل أو فيديو. كما أن شرط توقيع الحكم من المحكمين، مما هو منصوص عليه في القوانين العربية، يستحيل توفره إلا إذا كان الحكم مكتوباً. وأخيراً، فإن العرف التحكيمي يقضي بصدور حكم التحكيم كتابة، وهذا هو الواقع في الحياة العملية في قضايا التحكيم.8- وكل حكم تحكيم يجب أن يكون كتابة، فلا يقبل كتابة جزءٍ منه، والاعتماد في الباقي على وسيلة أخرى من الوسائل الصوتية، مثل التسجيل، أو المرئية مثل الفيديو. ولكن يستوي أن تكون الكتابة بخط اليد أو طباعة عن طريق الآلة الكاتبة أو الحاسوب (الكمبيوتر)، أو مزيجاً من الاثنين: الكتابة والطباعة. ومرة أخرى، نقول بأنه يترتب على عدم كتابة الحكم أو أي جزء منه، انعدام الحكم برمته لارتباط الحكم ببعضه على أساس أنه كل لا يتجزأ.
9- وهناك مسألة هامة تتعلق بديباجة الحكم القضائي المفروضة بحكم القانون أي فيما إذا كان يتوجب كتابتها أيضاً في الأحكام التحكيمية أم لا. ونقصد بذلك أن الحكم القضائي في الدول العربية، يجب أن يصدر باسم جهة معينة، مثل الملك بالنسبة للأردن، أو الأمير بالنسبة للكويت، أو الشعب بالنسبة لسوريا. والسؤال المطروح هنا فيما إذا كان يتوجب ذكر هذه العبارة في حكم التحكيم أم لا. وقبل الإجابة على هذا التساؤل، يجدر القول بأن هذه العبارة، هي إجراء شكلي محض، تم تقنينه في النصوص بشكل تقليدي متوارث، وأصبح ملزماً للقضاء تطبيقاً للقانون. وخشية نسيان هذه العبارة عند تلاوة الحكم القضائي، أصبحت تطبع على أوراق المحاكم مسبقاً بصيغة نموذجية. وإجراء شكلي، على هذا النحو، ليس جوهرياً، ولا يمكن اعتباره من إجراءات التقاضي الأساسية، التي يتوجب على المحكم إتباعها، حتى لو لم يكن معفى من التقيد بقواعد الأصول وإجراءاته، وهو فرض نادر الوقوع في الحياة العملية. وما نخلص إليه، أن هذا الإجراء، إذا كان لا بد من إتباعه في الأحكام القضائية، نرى أن ذلك لا يمتد ليشمل أحكام التحكيم، وبالتالي، فإن خلو الحكم التحكيمي منه لا يؤثر عليه سلباً][8]).
ثالثاً: أسماء الخصوم والمحكمين
10- يعتبر ذكر أسماء الخصوم في الحكم بياناً جوهرياً، ولا يعقل أن يصدر حكم تحكيم بين طرفي نزاع، دون ذكرهما فيه، وهو أمر مسلم به في كل قضية تحكيم. وجرت العادة في التحكيم، بأن يذكر أسماء الخصوم في الصفحة الأولى للحكم بشكل واضح وبارز. ولكن عدم ذكر ذلك في الحكم على هذا النحو، لا يؤثر على مضمونه، ويمكن بالتالي أن ترد أسماؤهم في أي مكان في الحكم. ولكن يجب أن ترد أسماء الخصوم بطريقة يمكن معها التمييز بين المحكوم له والمحكوم عليه، بشكل واضح لا لبس فيه ولا غموض. فمن غير المعقول عدم بيان أسماء أطراف النزاع، وأن لا يرد لهم أي ذكر في الحكم، أو الإشارة لهم أو لبعضهم بالرمز أو المركز أو المنصب، كالقول مثلاً أن (أ) أقام هذه الدعوى التحكيمية ضد (ب) دون تعريف من هو (أ)، ولا من هو (ب)، ويستمر الحكم بذكر (أ) و(ب) حتى نهايته، ثم يأتي منطوق الحكم ليقضي لصالح أحدهما ضد الآخر، أيضاً بالرموز، أي (أ) و(ب). ونرى أن إغفال أسماء الخصوم على هذا النحو، يؤثر في مضمونه لعدم معرفة المحكوم له من المحكوم عليه، مما يجعل الحكم معيباً، ويشكل هذا سبباً صحيحاً للطعن به بالبطلان.11- ويضيف القانون في المادة (42)، بأنه يجب أيضاً ذكر عناوين الخصوم وصفاتهم وجنسياتهم. وكما نرى، فإن هذا البيان ليس جوهرياً في الحكم، وإنما هو بيان ثانوي لا يؤثر إغفاله على حكم التحكيم. وبمعنى آخر، يكفي أن يرد في الحكم أسماء الخصوم بشكل واضح يدل عليهم، ولا يلتبس بغيرهم، دون حاجة لذكر عناوينهم وصفاتهم وجنسياتهم.
12- ويوجب القانون أيضاً، ذكر أسماء المحكمين في الحكم، وهو بيان جوهري دون حاجة للنص عليه، ويترتب على إغفاله اعتبار الحكم معيباً، ويشكل ذلك سبباً صحيحاً للطعن به. إذ من غير المقبول صدور حكم التحكيم دون ذكر أسماء المحكمين. ويجوز أن ترد أسماؤهم عند توقيعهم على الحكم ومع هذا التوقيع، وقد ترد في مكان آخر منفصل عن التوقيع. كما قد ترد الأسماء على صفحة واحدة من صفحات الحكم، وقد يرد على كل صفحة منه. وفي الحالة الأخيرة، إذا أغفل واحد أو أكثر من المحكمين ذكر إسمه على صفحة أو أكثر من صفحات الحكم، فلا يؤثر ذلك في الحكم.
رابعاً: طلبات الخصوم وأقوالهم ومستنداتهم
13- ونرى بأن هذا الشرط هو أيضاً جوهري في حكم التحكيم، إذ من خلاله فقط يمكن معرفة ما إذا تجاوزت الهيئة صلاحياتها أم لا، وكذلك معرفة الصلة بين مضمون الحكم وطلبات الخصوم. فمضمون الحكم، مبنيّ أساساً على هذه الطلبات، ويستحيل معرفة مدى صحة هذا المضمون، وفيما إذا تجاوز المحكم الحدود المرسومة له في الاتفاق والقانون، دون معرفة تلك الطلبات. ولا يطلب من المحكمة المختصة الرجوع للوائح ومذكرات الخصوم، لمعرفة طلباتهم ومن ثم ربط ذلك بمضمون الحكم، بل هذا من واجب هيئة التحكيم، التي يجب أن يكون لحكمها كفايته الذاتية، إلى أقصى درجة ممكنة، ومن ذلك بيان طلبات الخصوم. 14- ولا يشترط أن يورد الحكم طلبات الخصوم وأقوالهم ومستنداتهم وحججهم بشكل تفصيلي، وإنما بشكل موجز، وهو ما عبر عنه القانون بقوله "وملخص لطلبات الخصوم ….". بل يمكن الإيجاز إلى أقصى درجة ممكنة، على أن لا يصل الإيجاز إلى درجة الإبهام أو الغموض أو التعقيد غير المفهوم. كما أنه ليس بالضرورة إيجاز كافة طلبات وأقوال ومستندات الخصوم، بل يكفي الإشارة إلى أهم هذه الطلبات والأقوال، والتي يغلب عليها طابع الجدية أو التي لها أثر في الفصل بالنزاع][9]. ومثال ذلك، أن يطلب المشتري من هيئة التحكيم، الحكم له بإرجاع البضاعة للبائع، مع استرداد ما دفعه من ثمن لها يساوي خمسين مليون ليرة، بالإضافة لمائة ليرة كنفقات بدل مواصلاته الشخصية من مكان عمله، إلى مكان عمل البائع الذي توجد فيه البضاعة، أو يطالب الكفيل المدين بمبلغ الكفالة التي دفعها عنه ومقدارها مائة مليون ليرة، بالإضافة لألف ليرة رسم طابع. في هذين المثالين، يكفي أن تشير هيئة التحكيم للمطالبة الكبيرة وأساسها والفصل فيها، وإن أغفلت الإشارة للمطالبة الصغيرة المشار اليها][10]).
15- والشيء ذاته يقال بالنسبة لأقوال ودفوع الخصوم الأخرى، إذ يمكن تقسيمها إلى أقوال ودفوع هامة أو جوهرية أو جدية قد تؤثر على مسار الدعوى، وأخرى ليست كذلك. ومثال الأولى، الدفع بالتقادم، وسداد الدين، وعدم الخصومة، وعدم اختصاص هيئة التحكيم بنظر الدعوى، والدفع بعدم التنفيذ. ومثال الثانية أي دفع لا علاقة له بموضوع الدعوى، كأن يكون موضوع المطالبة سداد ثمن بضاعة، فيثير المشتري الدفع بأنه سدد أجرة المنزل المستحقة عليه، أو يطالب البنك عميله بسداد القرض الذي عليه، فيثير العميل الدفع بسداد قرض آخر، لبنك آخر مما لا علاقة له بالنزاع المعروض أمام هيئة التحكيم([11]). في هذين المثالين أيضاً، يكفي أن توجز الهيئة طلبات الخصوم وأقوالهم ودفوعهم التي تتسم بالجوهرية أو الجدية، والتي لها علاقة بموضوع النزاع، دون الأخرى([12]).
16- وبطبيعة الحال، لا يشترط أن يذكر الحكم طلبات الخصوم وأقوالهم في فقرة مستقلة، أو بصورة متتابعة أو متسلسلة بصورة منطقية، بل يمكن أن يكون ذلك في عدة فقرات متباعدة، وبمناسبات مختلفة أثناء تدوين الحكم([13]).
خامساً: صدور الحكم من العدد المطلوب
17- كما تقدم، تقضي المادة (41) من قانون التحكيم، بأن يصدر حكم التحكيم بالإجماع أو أكثرية الآراء. وإذا لم تكن هناك أكثرية، وهو ما يعبر عنه بتشتت الآراء، يصدر الحكم من رئيس الهيئة منفرداً. وكما هو واضح، يطبق هذا الشرط على هيئة التحكيم المشكلة من أكثر من محكم. فلو فرضنا أن الهيئة مكونة من ثلاثة محكمين، وهذه هي الحالة الغالبة، قد يصدر الحكم بالإجماع أو بالأغلبية من محكمين اثنين. ولو كان عدد المحكمين خمسة، فإن الحكم يجب أن يصدر عن أغلبية ثلاثة منهم على الأقل، وهكذا. وبخلاف ذلك، يصدره رئيس الهيئة منفرداً. ومثل هذا المبدأ، مألوف في بعض قواعد التحكيم الدولية، مثل قواعد غرفة التجارة الدولية، ومحكمة لندن للتحكيم الدولي([14])، إلا أنه غير مقبول بالنسبة لقواعد أخرى مثل قواعد اليونسيترال لسنة 1976، التي تشترط في الحكم أن يصدر بالإجماع أو الأكثرية، وإلا لا يكون هناك حكم([15]). ولكن، كما نرى، يجوز لأطراف النزاع الاتفاق على غير ذلك، ويكون اتفاقهم ملزماً. ففي التحكيم بثلاثة محكمين مثلاً، يجوز للأطراف الاتفاق على وجوب توفر الإجماع أو الأغلبية في الحكم. ولو كان عدد المحكمين خمسة، يجوز الاتفاق على صدور الحكم من اثنين فقط في حال عدم توفر الأغلبية، أو من محكمين اثنين على أن يكون رئيس الهيئة أحدهما.18- وقد تتوفر الأغلبية المطلوبة أو يتوفر الإجماع في جزءٍ من الحكم، ولا تتوفر في الجزء الآخر. ومثال ذلك أن يكون عدد المحكمين ثلاثة، ويطالب البائع المشتري بالثمن مع الفوائد. فتقضي له الهيئة بالإجماع بالثمن. وبالنسبة للفوائد، يرى أحد المحكمين عدم الحكم بالفوائد مطلقاً، ويرى محكم آخر الحكم بالفوائد بنسبة 10% من تاريخ المطالبة، في حين يرى المحكم الثالث الحكم بالفوائد بنسبة 5% من تاريخ الحكم. في هذه الحالة، إذا وقعت الأغلبية على الجزء الأول من الحكم، ووقع رئيس الهيئة منفرداً على الجزء الثاني منه، يكون الحكم صحيحاً وغير قابل للطعن به لهذا السبب.
19- وما دام الحكم صدر بالإجماع أو الأغلبية، وتم توقيعه على هذا الأساس، فلا يعيبه، كما نرى، النطق به من أحدهم في جلسة الحكم بغيبة المحكمين الآخرين، بصرف النظر عن سبب غيابهم أو غياب بعضهم، مثل المرض أو السفر أو الانشغال بأمر آخر.