روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

3 مشترك

    من روائع المرافعات مرافعه الادعاء المدنى فى قضية التعذيب الكبرى

    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    من روائع المرافعات مرافعه الادعاء المدنى فى قضية التعذيب الكبرى Empty من روائع المرافعات مرافعه الادعاء المدنى فى قضية التعذيب الكبرى

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الخميس أغسطس 05, 2010 4:34 pm

    مرافعه الادعاء المدنى فى قضية التعذيب الكبرى ( الجزء الأول )(1)

    "رقم 3842 لسنة 1975 جنايات الحدائق"
    قبل أن أعرض لمرافعه المرحوم الاستاذ شوكت التونى المحامى عن المدعى بالحق المدنى السيد مصطفى أمين...أعرض لملخص الوقائع للدعوى المقامة ضد المتهمين .
    اتهمت النيابة العامة – بناء على الشكوى المقدمة من الاستاذ عبد الحليم رمضان المحامى- المتهمين بأنهم فى الفترة من 21/ 7/1965 إلى 26/10/1965 بدائرة قسم الحدائق بمحافظة القاهرة بصفتهم مستخدمين عموميين ....الأول "صلاح نصر" رئيساً لهيئة المخابرات العامه والثانى "حسن زكى عليش" والثالث "أحمد يسرى الجزار" يعملان بهذه الهيئة أمروا بتعذيب مصطفى أمين يوسف وهو رئيس تحرير الاخبار فى الجناية رقم 10 لسنة 1965 أمن دولة عليا لحملة على الاعتراف الجريمة المسندة اليه فى الجناية, وكانت هذه الجريمة بأن الصحفى مصطفى أمين قام بالتخابر والعمل لحساب المخابرات الامريكية وضد أمن وسلامة الدولة. وقد تم القبض على الصحفى المذكور أثناء جلوسه فى حديقة داره مع بروس تايلور أوديل الملحق بالسفارة الامريكية ونقل من الاسكدنرية في الساعة الرابعة مساءا مكبل اليدين بالحديد ومعب العينين الى القاهرة حيث وصلوا دار المخابرات العامة قبيل غروب الشمس واحتجزوه فيها دون ثمة سؤال حتى اذا كانت الساعة التاسعة والنصف من مساء اليوم التالى 22/7/1965 مثل المجنى عليه (مصطفى امين) امام رئيس نيابة امن الدولة العليا واستمر التحقيق وبحضور النائب العام السابق حتى الساعه الثالثة صباح يوم 23/7/1965 م حيث أمر بحبسه احتياطياً وبدلا من ان يدخل المجنى عليه الى احد السجون العمومية او المركزية تنفيذا لامر الحبس الصادر ضده , اودع سجن المخابرات دون امر كتابى صريح من النيابة العامة , سالفة الذكر وقد احالتهم الى هذه المحكمة لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف والمواد الواردة بقرار الاحالة.
    بجلسة 15 فبراير 1976 بدأ نظر الدعوى على النحو المبين بمحضرالجلسة وتواترت جلسات نظر الدعوى حتى جلسة 25 مايو 1976 اذا صدر القرار بحجز الدعوى للحكم بجلسة 26/6/1976 .

    مرافعه الحاضر عن المدعى بالحق المدني

    بدأت وقائع الجلسة بعد ان مادى الحاجب بصوته الجهورى:
    "محكمة" ثم تقدم أعلى المحامين قائلاً : عن المدعى بالحق المدنى يحضر شوكت التونى المحامى بتوكيل سابق الاثبات ... وتوالى بعد ذلم اثبات الحضور مع باقى المتهمين من قبل الاساتذة المحامين
    الرئيس : المدعى بالحق المدنى ... اتفضل !
    الأستاذ شوكت التونى المحامى : (بسم الله الرحمن الرحيم) , (اسال الله التوفيق فى مهمتى واسأله سبحانه وتعالى ان يجعل طريقى فى دفاعى , عادلا , منيرا , واضحا لا اعتداء فيه على احد , ولكنه كله نصرة للحق , اسأله تعالى ولا اسأل سواه ان يجعل فى لسانى نورا وفى قلبى نورا وفى سمعى نورا .
    حضرات المستشارين
    ان كنت قد وقفت اليوم موقفاً ادافع فيه عن المدعى بالحق المدنى لم انسى او اتناسى اننى وقفت نيفاً وأربعين عاماً فى هذه الغرف الخالدة أدافع عن المتهمين السياسين بأكثر ما كنت اترافع عن المتهمين العاديين , ولو نطقت هذه الجدران ولتحدثت عنى كيف اننى كنت نصير الحق دائماً واننى لن انحرف فى مدى ستة واربعون عاماً عن الطريق الذى اتخذه الله لى فى نصرة العدالة اٍسأل الله التوفيق واساله ان يرفع من قلبى اى حجة ويمحو من نفسىاى ضغينة وانا الواثق بان هذا القلب لن اخالفه ضغينه ولا حجة ابداً وانما غايتى الحق وهدفى القصاص فى حدود ما شرعه الله من كل ما معتد عتل أثيم.
    وأول ما احب ان ارد عليه هو قول صاح به السادة الزملاء الحارون مع المتهمون عن دور المدعى بالحق المدنى فى المرافعه , قالوا ان المدعى المدنى فى المرافعه لا يتحدث ابدا عن الجريمة ولا عن الادلة ولا عن الوقائع ولا عن القوانين الذى يطبق بطبيعه الحال . لانه اذا حرم الكلام فى الموضوع فانه يحرم من الكلام فى القانون وانما عليه فقط ان يتكلم فى الدعوى المدنية والضرر الذى وقع عليه...!
    وهذا هوان بالمحاماه وهوان بمن يقوم بواجبه فيها ولقد كدت عند قولهم هذا أن أشك فيما حصلت من علم وشككت فيما توافر لى من تجربة طوال هذه السنين ...وكم يشرفنى أن أقول إننى قد ترافعت أمام شيخ القضاه عبد العزيز باشا فهمى ومن وقتها الى الان وانا اتشرف بالمرافعة أمام أساطين القضاه ورجعت الى المراجع الاجنبيه فوجدت فى "جارو" وهو يقول "الطريقة الثانية وهى جميع المدعوين الجنائية والمدنية أفضل بأغلبيه فى آراء الفقهاء لأنها تسمح بتعاون المدعى المدنى والنيابة العامة على اثبات الوقائع واثبات ما ينزل بالوقائع من نصوص القانون"
    وفى الشريعه الاسلامية نفس المفهوم اورده المرحوم المحامى القاضى عبد القادر عودة فى كتابه "التشريعات الجنائية فى الاسلام" فقال "إن الله سبحانه وتعالى جعل القود واستيفاء الحق للمضرور والانف بالانف...والعين بالعين ...والاذن بالاذن ...والجروح قصاص"
    ونحن فى هذه القضية أولياء الجروح...أولياء الالام ..أولياء العذاب ..أصحاب الأنات ...وأرباب التنهدات , نحن الذين مارس المعذبون فينا جميع أنواع التعذيب والتنكيل والاضرار والعسف والجور والظلم ولم نكن نشكو الا الله. نحن أصحاب الدعوات لله فى وضح النهار وفى غسق الليل وفى هدوء الليل , وفى صخب المظالم ومن حولنا ونحن نعلم أنه ليس بين الله وبين دعاء المظلوم حجاب... ومهما قلنا ومهما بسطنا ومهما اوتينا من فصاحة ومهما اخرجنا من وجداننا من كلمات مصبوغة بالدم فلن نعبر التعبير الصحيح عن الام لحظة من هذه اللحظات . إذا استوفينا هذا الجانب من الدعوى وان اقره لئلا يضل العامة فى ذلك فيحسبون ان المدعى بالحق المدنى يقتصر عمله ومرافعاته على الكلام فى الضرر.
    ولقد عجبت من الخطأ الفادح الذى فعلته ادارة قضايا الحكومة واقول أخطأت فى أن تتدخل فى هذه القضية ولم تكن موجهه اليها الدعوى المدنية واوقعت القضاء بأكمله فى حرج شديد ما كنت اتصوره حتى اذا ماوقع بالفعل بادرت بالتنازل عن مخاصمة الحكومة وكان ذلك بعد أن اضطرت إزاء تدخلها نعم لقد بادرت بالتنازل لاننى لا اريد ان تقف الدولة هذا الموقف الغريب فهى ممثلة فى النيابة العامة أمينة الدعوى العامة تطالب بالعقاب والدولة نفسها ممثلة فى ادارة القضايا الحكومة تطالب بالبراءة لسبب تافه وهو الا يعود المدعى المدنى على الخزانة بتعويض .
    هل وصلت بنا الدرجة الى حد ان الحكومة تضحى بالحق والعدالة من اجل دريهمات ولقد ذهبنا الى اليمن لنصرف مئات الالاف من الملايين , ونبعث البعوث لاحضار صناديق مقفولة على اشخاص مخطوفين وننفق عليها الملايين ونروح هنا.. ونروح هناك ..ونعمل ثورات فى الكونغو والجزائر وليبيا وكل مكان ويضن على "العدالة"بأن تعوض مصطفى أمين وأمثاله بألف أو ألفين من الجنيهات او بخمسة الاف , ولقد بادرت وبادر معى مصطفى امين بالتنازل عن مخاصمة الحكومة فى الحال والاستقبال مؤكدين عدم مطالبتها بالتعويض , فنحن لا نطلب مالاً إطلاقاً وإنما نطلب حقاً , وهو حق ليس لنا بل حق لكل مواطن شريف.
    وإن هذه القضية ليست قضية "مصطفى أمين" وحده بل هى قضية مصر .......!
    هذا الشعب لم يرض ابدا بالظلم وهو يصمد ويصبر وينام باحدى مقلتيه ويتقى بأخرى المنايا , فهو يقظان نائم , هذا هو الشعب المصرى حتى اذا اتته الفرصة انقض على ظالمه فمزقه إرباً....إرباً ..
    وجاء الانجليز وظلموا , ولكننى وللاسف يملأ جوانحى عندماأتصور أمورا ً وقعت فى عهد الانجليز, وأقارنها بما وقع فى هذا العقد الذى مضى , أبكى دماً فمثلاُ عندماأقارن قضية "دنشواى" بقضية "كمشيش" أنا قرأت قضية دنشواى وقرأت التاريخ عنها فلم أسمع أن الانجليز ضربوا احد الفلاحين ولا عذبوهم إنما قبضوا عليهم وهو ظلم حقيقة , وحاكموهم –للأسف- أمام أغلبية من القضاه المصرين وحكمت المحكمة باعدام هؤلاء الابرياء حقاً ... وبعد صدور هذا الحكم وتنفيذ احكام الاعدام زلزت بريطانيا لهذا الحكم .. أقول زلزت وزلزل معها عميدها فى مصر اللورد "كرومر" لأنه قضى باعدام اربعه من المزارعين المصريين اتهموا بأنهم قتلوا ثلاثة من الانجليز ووقف المحامى العظيم "مصطفى كامل" يهاجم بريطانيا حتى سحبت بريطانيا "كرومر" من مصر ولجأت الى سياسة الوفاق , أما فى مصر الان فكانت قضية "كمشيش" وجىء بعائلات كريمة هتكت أعراضها وعذب ابناؤها وضربوا حتى قال البرىء منهم أنا قتلت . وختم التحقيق على أن هذا الرجل قد قتل بتحريض من النكسة – وخشى الجبار فى ذلك الوقت غضب الشعب وأدرك الظالم وقتئذ أن مد العالدة قد ابتدأ وأن مصر قد تحركت وان جبالا من الصعوبات أو خوارق المعجزات لن يعجزها أو يقعدها عن أن تنال حقها كاملا من كل ظالم.
    عندما جاء المتهمون أمام المحكمة وقال الدفاع عن هذا المتهم المعترف بأنه قاتل قال الدفاع إنه فى ذلك الوقت كان معتقلاً فى أحد المعتقلات التى كانت تملأ الرحب فى هذه البلاد . وما إن أرسل النائب العام الى وزير الداخلية شعراوى جمعه , كتاباً يقول فيه هل صحيح أن المتهم كان معتقلاً ؟ حتى ورد رد الوزير : لا ليس صحيحاً .......!
    ولم ييأس الدفاع عن المتهم وطلب من هيئة المحكمة أن تستحضر دفاتر المعتقل لأن كل معتقل يسجل اسمه واستحضر دفتر المعتقل ووجد أن المتهم كان معتقلا وان اعترافه كان وليد الاكراه والتعذيب , وحكم فى القضية بالبراءة وأفرج عن المتهمين جميعاً لذين عذبوا والذين هتكت أعراضهم حتى اعترفوا بقتل لم يرتكبوه ويجرم لم يقترفوه.
    ويحق للناس أن يتساءلوا : فيم كان هذا كله ؟ أحضرتم عائلة الفقى وصنعتم بها ما صنعتم . إنهم مصريون والحاكم مصرى والذى ضرب وعذب مصرى واليد التى بطشت مصرية وهذه أسئلة لن نستطيع أن نجيب عليها إطلاقاً ونترك للتاريخ أن يجيب ولن يجيب الا باللعنة على الظالمين.
    هذه القضية كما قلت هى قضية مصر وليست قضية مصطفى أمين ..مصر التى ظلت تقاوم الظلم طوال هذه السنين ومن أول أسبوع للانقلاب العسكرى سنة 1952...وهناك من ساعدوا فى الثورة ووجدوا التعذيب ظلماً وعدواناً فقد حدث بعد قيام الثورة بأكثر من شهر أنه قيل بأن جماعه من الضباط يدبرون انقلابا وعلى رأسهم البكباش "حسن الدمنهورى" وقد جاء هذا الكلام بكتاب قد حضر بنية حسنة الى مجلس القادة وقابل عددا من الاعضاء وناقش معاهم الظروف المحيطة وطالب بأن يتم تمثيل الجيش فى مجلس القيادة عن طريق الانتخابات وبعد أن ذهبوا عقد مجلس القيادة جلسة عاجلة لما تبينه فى خطر هذه الاراء على أنفسهم , ولكن يوسف صديق كان من المؤيدين للانتخابات وأذكر أن واحداً من الأعضاء سأله , هل تضمن انت النجاح فى الانتخابات ؟ واجابه يوسف صديق قائلاً : هذا ليس مهم , انما المهم هو الاطمئنان, لازم نطمئن جميعاً على ان احنا نمثل الجيش فعلا ويكمل محمد نجيب قائلاًإنه "فوجىء بعد اعتقال ضباط المدفعيه أن قدم يوسف صديق استقالته ويصر عليها رغم محاولاتى المتكررة."
    "وبعد أيام من الاعتقال أبلغت أن البكباش "حسن الدمنهورى " كان بعد مؤامرة للانقاضا على مجلس القيادة واخراج الضباط المعتقلين وان لجنة قد حققت معه مكونة من عبد اللطيف البغدادى وعبد الحكيم عامر وزكريا محى الدين وصلاح صالم, وأبلغت جمال عبد الناصر أن محاكمته سوف تتم أمام مجلس القيادة واعترضت على ذلك حيث لا يعقل قانوناً أن يكون هو الحكم ولكن جمال أخبرنى أنهم سوف يجتمعون بعد ساعه واحدة فى السادسة صباحا والمحكمة تنعقد الساعه السادسة صباحاً ومن مجلس قيادة الثورة بانه يحسن ان تتم المحاكمة بهذه الصورة حتى لا تكون موضوعا للاثارة فى الجيش"
    " وصدر الحكم بالاعدام على حسن الدمنهورى "
    هذا الكلام كما قلته أمام الدجوى لما كانوا يقولون "محاولة قلب نظام الحكم " فأقول وليس هذا من عندى بل من كتب القانون إذ يقول "جاروه" : لا يتأتى وقوع هذه الجريمة التى هى محاولة قلب نظام الحكم الا من اورطة عسكرية, طبعا , وليست زجاجات البيبسى كولا فيها مفرقعات يقلبون بها نظام الحكم ويغيرون الدستور ويطردون الثورة ويخرجون رئيس الجمهورية ...
    لا........وألف ........لا
    ويضيف "جارو" الى انه لابد من وان يفهم نية الاورطة العسكرية بل ربما تكون انت لتقديم التماس الى جهه من الجهات العليا .
    انظروا حضراتكم كل هذه الشروط لتحقق جريمة قلب نظام الحكم وعدلى لملوم وحده حاول قلب نظام الحكم.
    قبض عليه وعذب وعذب آل لملوم جميعاً وصنع فيهم مالم يصنع فى عاد وثمود وحكم عليه بالاشغال الشاقة المؤبدة من المحكمة العسكرية.
    وبعد ذلك قبضوا على الزعماء السياسين كلهم واعتقلوهم . وبعد قليل التفتوا الى الاخوان المسلمين ففى سنة 1954 قامت اكبر مذبحة عرفها التاريخ وهى مذبحة الاخوان المسلمين فقد قتل مئات وأعدم عشرات , لأن رصاصة واحدة اطلقت من شخص على عبد الناصر وهو يخطب فى المنشية رصاصة جاءت فى عبد الناصر ولم تقتله فمات فيها الاف دون أن نعلم , والمئات والعشرات باحكام الاعدام واشغال شاقة من المحاكم التى لم يرو التاريخ مثلها فبعد دقائق من المداولة أعلنت المحكمة....حكمت المحكمة بالاشغال الشاقة المؤبدة.
    فلتتذكر حادثتى سيدنا عمر بن الخطاب وسيدنا على ابن ابى طالب فلما قتل سيدنا عمرو ومن بعده سيدنا على قالا :"أوصيكم بألا تسيئوا الى قاتلى , وأطعموه واسقوه ولا تؤذوه. فإن عشت فإنى سآخذ حقى منه بشرع الله , وإن مت فلا تأخذوا غيره بدمى" ابن ملجم فقط فى على ابن طالب والمجوسى فقط فى عمر بن الخطاب..........هذا هو العدل...
    ولكن سنة 1954 وقعت واقعتان : الواقعه الاولى هى مذبحة الاخوان المسلمين وذهب فيها علامة الفقه الجنائى والاسلامى " عبد القادر عوده" و "طلبه" وغيرها من الشهداء وكلهم ابرياء لم يقترفوا جرما اطلاقاً : انها للعبرة.....للخوف .
    والواقعه الاخرى مذبحة مجلس الدولة حيث ضرب السنهورى "باشا" بشكل اجبره على الاحتماء تحت المكتب.. وضرب بالاحذية فى رأسه..أليس هذا تعذيباً ؟ السنهورى العالم الفقيه فى دولة الاوغاد والسفلة يضربه الاوغاد والسفلة بالاحذية فى رأسه حيث موطن العلم والفقه والنبوغ .
    إنى أسير معكم فى نهر التعذيب الى ان وكلت عن العقيد "عبد الرحمن مخيون" وكان مديراً لمكتب الرئيس السابق جمال عبد الناصر ومن أقرب الناس اليه ونشأ معا معاشرة ومخالطة ومزاملة , وغضب عليه كما يغضب كل صاحب سلطان غاشم فأنزله الى امين مخزن كهنة... من مدير لمكتب الرئيس الى امين مخزن وهو "عقيد" وبعد ذلك قيل ان عبد الرحمن مخيون أصدر بعض منشورات وابلغوا عنه وقبضوا عليه هو وأخوه ومعهما سبعه ضباط.. وكان أول لقاء لى مع "الدجوى" .. وعندما قابلت مخيون وكان فى السجن الحربى , بدأ يفضى الى بما فى نفسه . لاحظت أن الحجرة كلها اسلاك فاقترحت أن اخرج تحت الحراسة خارج الحجرة....وأفضى عبد الرحمن مخيون الى قائلاً : هات لى ميكروفوون وصحافة وأنا أقول , والله على ما أقول شهييد...وهو موجود الأن حراً طليقاً ويسمع كلامى هذا .
    حضرات المستشارين
    ان هذه القضية ليست قضية مصطفى أمين إنما هى قضية "صلاح نصر" ومن معه.. وكما ذكرت هى قضية نظام , ووصلت فى سرودى لحضراتكم الى ما وقعت عليه يدى وأدركه فهمى وتبينه سمعى...فإننا نرى شعبنا العظيم وهو يقاوم على مدى عمره الطويل.
    ومن الحوادث التى فى التاريخ أيضاً أنه منذ سبعين سنة اتهم "المنشاوى باشا" وهو من كبار الاعيان , بأنه ضرب أحد الفلاحين وآذاه . وقدم الى المحكمة وحكم عليه بالسجن. وأنا أقول هذا امام زميلى الاستاذ عبد العزيز الشوربجى , وهو يعرف هذه الواقعه لأنه من إقليم محافظة الغربية .
    وفى أوائل الثلاثينات نظرت قضية أمام شيخ القضاة المرحوم عبد العزيز باشا فهمى رئيس محكمة النقض ونقيب المحامين فيما بعد بموضوعها طعن من اثنين متهمين بالقتل وحكم عليهما بالاشغال الشاقة ونظر الطعن امام محكمة النقض ولم تجد محكمة النقض ما يبرر قبول الطعن ولكنهم وجدوا ما يثبت ان مأمور المركز كان قد عذب هذين المتهمين تعذيباً منكراً بان كان ينهك عرضهما , فقال عبد العزيز باشا قوله بقيت على كل لسان فى تاريخ وعبر هذه السنين الطويلة: " إنى أهيب بالسلطة التنفيذية أن تستصدر عفواً عن هؤلاء المتهمين وإننا , وإن كنا لم نستطع ان نقبل الطعن , فإنى لمست أن ما أتاه مأمور المركز البدارى كان اجراما فى اجرام " وبناء عليه طلت هذه الكلمة تدوى فى سماء الدنيا لكى تكون شعاراً لمصر , شعاراً للقضاء العادل, ولقد مات عبد العزيز فهمى ومات المآمور , وراح التعذيب , وراح كل شىء الا هذه الكلمة ..بقيت نفخر بها نحن المحامين ويفخر بها القضاء ويشدو بها كل مصرى.
    وأيضاً لقيت أيضاً عندى قضية لمستشار فاضل اعرفه منذ ان كان متخرجاً جديداً فى كلية الحقوق وهو المستشار مصطفى كامل وصفى رجل علم ودين وأخلاق وعفة لقيته وقد جاءنى لارفع له دعوى لانهم عملوا فيه كذا وكذا وسارعت استشهد به امام حضراتكم وأن هذين الشاهدين لم يريا أو يشاهدا مصطفى أمين وهو يعذب وإنما أردت أن أريكم أن المسألة مسألة عهد تعذيب وعصر ظلم.
    منذ بداية قضية خميس والبقرى ولملوم والسنهورى والاخوان المسلمين والبقية تأتى .
    وأحب أن ألقى الضوء أكثر على حادثة الاخوان المسلمين وأقول " أقسم بالله وحق كتاب الله أنه ليس هناك واحد من الذين أعدموا فى قضايا الاخوان المسلمين يستحق حبس يوم واحد وقد كتبت بقلمى بهذا المعنى عندما حكم بالاعدام على موكل لى منهم اسمه "مجدى عبد العزيز" وهو شاب كان معيداً بكلية العلوم وفى وقتها كتبت لعبد الناصر خطاباً على الاسكندرية وقلت له فيه " تصور انك تعدم أربعه أبرياء" وكان منهم واحد اسمه محمد سعيد هواش. وحق جلال الله ان كل ما هو منسوب اليك يا محمد يا سعيد يا هواش أنت يا من حكم عليك بالاعدام ونفذ فيك الاعدام برىء منه تماماً ...وتهمته يا سادة هو أن سيد قطب قال لأخته حميدة قطب : " أنا لو جرى لى حاجة ابقوا اعملوا محمد سعيد هواش رئيس" يعملوه .....رئيس ..! لازم هذا الولد وراءه كلام وأشياء وأمور هاتوه قال هذا جمال عبد الناصر ....هذه التهمة الوحيدة لمحمد سعيد هواش وحكم باعدامه وأعدم .......وفى يوم من الايام كان من المعتقلون من الاخوان المسلمين 45 ألف معتقل وكان يجرى عليهم ما قاله أحد ضباط الشرطة وهو يقبض عليهم فواحد بيقول له " يا فندم أنا مش من الاخوان المسلمين أنا من الشبان المسلمين قال له يا الله كلكم مسلمين ولاد كلب" لقد جرت عليهم المقادير العجيبة.
    وبعد وصول الجواب الذى ارسلته قبض على فى نفس اليوم وفرفضت الحراسة على وعلى أهلى جميعاً قبض على فى نفس اليوم وظللت ما بين أبو زعبل وطرة والمخابرات "18 شهر" ولا أقول ضربت او أهنت لا , فالعذاب كان عذاب المنظر والحجرات كلها التى ينكرون أنها موجودة أنا دخلتها ورأيت الزنازين كلها وأحرص على كرامتى من أن أقسم يميناً أو أشهد أننى دخلت وعشت فى هذه الزنازين. ابداً السبب بسيط جداً لئلا يعمل فى خاطر أحد من الحاضرين انى اكذب والمحامى له عرض أرق من عرض المرأة وأنا لا اريد أن أضع نفسى موضع الاحتمالات المتردده بين الصدق والكدب وكان يجب ألا يضع أى محام نفسه فى هذا الوضع ولا يحلف يمينا أبداً .
    وفى هذا الوقت الاخوان المسلمون أخذوا أخذا وألقى بهم فى المعتقلات مع تجار المخدرات ... كل هذا كان تنكيلاً بشعب مصر كان فيه 70 ألف معتقل فى مصر فى هذا الوقت من الزمان.
    هذه هى الصورة التى كان عليها النظام مش "صلاح نصر" "بس" , صلاح نصر كان احد المخططين وأحد القادة فى التنفيذ كما سترون حضراتكم إنما العصر كله كان بهذه الصورة البغيضة المقيتة ورأيت بعينى رأسى آثار التعذيب فى اجساد الاخوان المسلمين كان هذا فى سنة 1966 عندما كنت يومها فى الاعتقال بعد المرافعه التى اديتها امام الدجوى.
    وحدث فى سنة 1966 أيضاً يا حضرات المستشارين أن هناك دائرة كان برأسها رجل عظيم اسمه الفريق على جمال الدين والذى كنت اترافع فى قضيتين أمامه. فقضية منهما حكم فيها بالبراءة على ثلاثة وبالسجن 7 سنوات على اثنين احدهما غائب هذا الحكم كان حدثا مرويا , كيف يحكم بالبراءة فى محكمة عسكرية ,؟ لقد ذهلنا وبقينا زمنا ونحن ومندهشون واستبشرنا خيراً فى القضية الاخرى وقلنا والله ما زال الشرف العسكرى قائماً فى البلد واذ بنا نفاجأ فى اليوم التالى بنبأ الاتى :" مات الفريق على جمال الدين الحكم او لم يمضه "وفى اليوم الرابع عشر نشر هذا النبأ " استقر الرأى على أنه ما لم يمض الفريق المتوفى الحكم فيجب أن تعاد المحاكمة" وأعيدت المحاكمة والمرافعه وترافعت عن موكلى وحكم عليهم جميعاً بالاشغال الشاقة المؤبدة فى الدائرة الجديدة.
    وحوكم حسين توفيق الذى وقف وقال فى المحكمة أمام الدجوى أنه ليس لانسان على فضل بعد الله الا عبد الناصر لانه انقذ حياتى فى سوريا ولكننى اختلفت معه لأنه فضل سوريا للوحدة على السودان التى بها منابع النيل والخير واختلفت معه وهو يذل الاعزاء فى هذا البلد. " واختلفت معه وهو يطرح بثروات البلاد كان بينى وبينه أن أفاضل بين ولائى له وعرفاناً لبلدى وفضلت أن أقتل عبد الناصر" قال هذا حسين توفيق ودبر لهذا ولكن تدبيره لم يخرج أنه تكلم مع واحد أو أثنين.
    وفى المحاكمة فى يوم من الايام عبد القادر عامر وسعيد توفيق وأنا أترافع أمام الدجوى لم أكد أتكلم حتى قائلاً " احنا اتعذبنا وحصل لنا كذا وكذا " وهنا قاطعهما الدجوى قائلاً :"اقعد ....اقعد مفيش حاجة اسمها عذبت أو معذبتش" وفى اليوم التالى وانا أكمل مرافعتى واذ بالدجوى ينظر الى القفص ويقول : هيه يا سعيد . قال له : " يا فندم الكلام اللى انا قلته امبارح ده مش صحيح وانا لم اعذب " وقال هيه يا عبد القادر فقال له " يا فندم اللى قلته امبارح غير صحيح " ونظر الى وقال : " اتفضل بتقول اتعذبوا أهم بيقولوا لم يعذبوا" فقلت له " يا ليت هناك لسان يتكلم بما وقع وحدث لهؤلاء من ساعه ما تركونا بالأمس لغاية صباح اليوم"
    وفى النكسة حدث الانسحاب وضابط واحد الذى دخل بدبابته الى اسرائيل ترافعت عنه بعد شهر واحد بعد أن قابل عبد الناصر وهنأه وجاءت صوره فى الصحف وأنعم عليه بترقية استثنائية ترافعت عنه فى قضية مؤامرة قلب نظام الحكم وقال لضابط الرجل فى المحكمة " أنا الذى دخلت اسرائيل بدبابتى وعبد الناصر أعطانى وساماً وترقية وصورى طلعت فى الجرايد" فقال له السيد سليمان مظهر " احنا ملناش دعوة بالكلام ده " وفى مرافعتى قلت انجلترا وامريكا بيقولوا فيها للمتهم بالرغم من انها ثابته ادانتك لكن سأبرئك لان البوليس تأخر فى احضار محام لك فقال انجلترا ايه وامريكا ايه احنا مش شايفين"الزنوج" بيضربوهم فى امريكا ؟ فقلت له : " أنا محامى أترافع فى قضية لا تقاطعنى دعنا من أمريكا وانجلترا ولنرجع الى رسول الله صلى الله عليه و سلم الذى لم يرجم الرجل الا بعد أن اعترف أربع مرات , فالقضية ليست قضية مصطفى أمين إنما قضية مصر فى تاريخها من الازل وليست هى قضية صلاح نصر وإنما قضية نظام وصلاح نصر جزء منه ومشرع له ومنفذ لنصيب كبير فيه , صلاح نصر ومعه انما هم نظام بأكمله .
    وبعد ذلك كله فهى قضية الله سبحانه جل وعلا وقضية عدلة بين عباده وهو العادل وهو القاهر فوق عباده ان الله يقول فى هذه القضية سبحانه وتعالى (من قتل نفساً بغير نفس أو فساد فى الارض فكأنما قتل الناس جميعاً) صدق الله العظيم

    العبد لله يقول : من عذب مصرياُ واحداً فقد عذب المصرين جميعاً ومن عذب انساناً فقد عذب الانسانية كلها فهذه القضية ليست قضية مصطفى امين فقط ولا قضية مصر وحدها ولا قضية صلاح نصر وانما هى قضية (الله) فى علاه

    والعذاب يا حضرات المستشارين أشد من القتل والعذاب فى شرعه الانسانية أشد من القتل لان القتل حياة لا تنتهى فى ثوان أما العذاب فموت بطىء على زمن طويل , تموت فيه الكرامة وتموت فيه الانسانية وتموت فيه العواطف ويستنجد المعذب وينادى أحبابه وأعوانه وأصدقاءه لكى يسندوه ويبعدوا عنه الضر , فلا ينجده أحد الا بالضرب والركل والحرمان من البول ...فسيتنجد بالله فيسخرون بالله والسخرية بالله قديمة وذكرها الله فى كتابه وتوعد الذين يسخرون بالله فى كتابه عذاب يوم عظيم.
    والذى حدث فى مصر لا يمكن أن يؤرخه بقلمه مؤرخ وانما الذى سيؤرخه هو حكمكم ....هو الذى سيؤرخ هذا العهد بأكمله وأنا لم استطرد ولم أسرد ولم أقل نافلة من القول أو فائضاً من المرافعه حينما قلت كل هذا , ذلك لاننى موقن أن هذه القضية ليست قضية مصطفى أمين ولا قضية صلاح نصر , هى قضية مصر وهى قضية النظام الذى قام فى مصر ووقضية مستقبل مصر وهى قضية الله سبحانه وتعالى وقضية الحكم الذى سيضع حداً بين ظلم وعدل, بين همجية وانسانية بين بربرية وبشرية.
    يتبع

    (1) من كتاب أشهر المحاكمات في التاريخ , علي عبد العال العيساوي ( بيروت : دار الجيل , سنة النشر , بدون ) ص91
    نقلا عن منتدى المحامين العرب


    عدل سابقا من قبل محمد راضى مسعود في الجمعة أغسطس 06, 2010 2:38 pm عدل 2 مرات
    محمد محمود
    محمد محمود
    مشرف قسم أول
    مشرف قسم أول


    عدد المساهمات : 217
    نقاط : 471
    السٌّمعَة : 9
    تاريخ التسجيل : 03/02/2010
    العمل/الترفيه : محامى

    من روائع المرافعات مرافعه الادعاء المدنى فى قضية التعذيب الكبرى Empty رد: من روائع المرافعات مرافعه الادعاء المدنى فى قضية التعذيب الكبرى

    مُساهمة من طرف محمد محمود الخميس أغسطس 05, 2010 4:41 pm

    كل الشكر والتقدير والاحترام للأستاذ محمد راضى مسعود على هذه المعلومات القيمة

    والنادرة التى قلما أن نقرأها أو نراها الا فى مشاركاتكم بارك الله فيكم ونفع بكم وبعلمكم



    صالح الشواربى
    صالح الشواربى
    المراقب العام
    المراقب العام


    عدد المساهمات : 691
    نقاط : 1934
    السٌّمعَة : 5
    تاريخ التسجيل : 23/07/2010
    العمر : 58
    العمل/الترفيه : محام بالنقض

    من روائع المرافعات مرافعه الادعاء المدنى فى قضية التعذيب الكبرى Empty رد: من روائع المرافعات مرافعه الادعاء المدنى فى قضية التعذيب الكبرى

    مُساهمة من طرف صالح الشواربى الخميس أغسطس 05, 2010 5:41 pm

    الله عليك يا أستاذ / محمد ايوة كده خلينا نتعلم من الزمن الجميل دة .. وفى انتظار المزيد .

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 11:56 pm