الزن على النشطاء لخلق مشاريع وأفكار جديدة من أجل الحصول على التمويل أفسد النشطاء وأفسد الحراك السياسي والحراك المدني ككل وحاد به عن أهدافه المختلفة كل حسب مجاله
فالناشط السياسي أو ناشط المجتمع المدني الأصل فيه أنه يعمل متطوعا ومجانا وبأقل الإمكانيات المتاحة والأهم من ذلك أنه يعمل من أجل هدف محدد
وعملية الإفساد بالتمويل عملية عفوية تحدث بحسن نية دون إدراك من المنظمات المانحة وأغلبها أجنبية لكنها تخلق نشطاء غير حقيقيين كل همهم هو التمويل
وتلك النوعية من النشطاء جل همهم هو كتابة تقارير وهمية عن نجاح وهمي لمشروعات وهمية وتقديمها لجهات أجنبية حصلوا على تمويل منها من اجل تلك المشاريع بينما المحصلة صفر تغيير
وهنا يحدث الوصم لكل النشطاء خيارهم وأشرارهم بأنهم دخلوا المجال من أجل المال
وهو ما يصب في مصلحة نظام يسعى جاهدا لتصوير المجتمع المدني بأنه ذراع التدخل الخارجي لتخريب الوطن والمعتقد والعبث بالمقدرات
...
الى جانب ظاهرة أخرى تفشت وهي الموظف الناشط أو الناشط الموظف وهي ظاهرة تضر النشاط السياسي أو المدني نفسه بمختلف مجالاته
وهذه النوعية هم الموظفون في مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات السياسية الذين يتلقون مرتبات آخر كل شهر ويحسبون على النشطاء بالخطأ
وأحيانا يحسبون هم أنفسهم نشطاء فعلا ويتصرفون بناء على ذلك
وهنا نجد عاهات من النشطاء يعملون في مجال لا يؤمنون به كمثال موظفة في منظمة حقوقية لا تؤمن بحقوق المثليين التي تدافع عنها المنظمة
وللأسف نجد بعض هؤلاء الموظفين هم من يمثلون القضية في محافل محلية ودولية فيكونون أسوأ سفير لقضية لا يؤمنون بها
...
إلى جانب نوعية ثانية من النشطاء الموظفين حديثي التخرج الذين ينتمون لطبقات لا تعاني بالأساس ومن هنا يكون لديهم نهم قد يكون محمود وقد يكون مذموم لإشباع الغرور بالعمل التطوعي
وهذه النوعية على الرغم من حداثة السن وانعدام الخبرة العملية تماما وانعدام تعرضهم لاي تحديات حقيقية او عراقيل
ورغم إقتصار دورهم على كتابة التقارير وكتابة طلبات التمويل والتحضير وتنظيم الفعاليات وكل ما سبق لا يعد نشاط حقيقي
فانهم يتمتعون بكمية صلف غير مسبوقة
فالتعليم الاجنبي وثراء العائلة وسهولة الحصول على وظيفة في المجتمع المدني فور التخرج بالواسطة وبدون إنغماس حقيقي سابق في القضايا السياسية والمدنية ولو حتى أثناء المرحلة الجامعية تجعله يتخيل نفسه أكثر كفاءة في مجال تعول فيه على الخبرة أكثر من أي عامل آخر
ونتيجة لجهل أكيد بمعطيات وظروف المهمة التي يقوم بها يحدث تخريب عن غير قصد لمجهود أناس آخرين أقل تمويلا وإمكانيات لكن أكثر خبرة
وعند أي إنتقاد فإن هذا النوع من النشطاء يمكن وبوقاحة أن يزايد على أناس أفنوا أعمارا في المجال ولاقوا العنت وحتى العنف والإعتقال من أجل هدف
...
كانت تلك بعض ملاحظاتي المتواضعة عن المجتمع المدني من الداخل
وقليلا ما تحدثت عنها فدائما ما أتحدث عن العراقيل التي يضعها النظام الحاكم لمجتمع مدني صحي
وإنتقادات بعض أطياف المعارضة المناهضة للمجتمع المدني لأسباب أيديولوجية أو عقائدية كاليسار والتيار القومي العربي والإسلاميين
أضعها بين أيديكم كتشخيص لحالة وعليكم أنتم العلاج
قبل أن يتحول المجتمع المدني لبيزنس كما تحولت الصحافة للأسف.
وائل عباس