روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    القيود القانونية الواردة على حق المرأة في تولى الوظائف العامة

    رمضان الغندور
    رمضان الغندور
    مؤسس ومصمم المنتدي والدعم الفني
    مؤسس ومصمم المنتدي والدعم الفني


    عدد المساهمات : 7758
    نقاط : 21567
    السٌّمعَة : 16
    تاريخ التسجيل : 31/05/2009
    العمر : 67
    العمل/الترفيه : محامي حر

    القيود القانونية الواردة على حق المرأة في تولى الوظائف العامة Empty القيود القانونية الواردة على حق المرأة في تولى الوظائف العامة

    مُساهمة من طرف رمضان الغندور الثلاثاء أكتوبر 05, 2010 8:49 am

    القيود القانونية الواردة على حق المرأة في تولى الوظائف العامة
    دراسة مقارنة في القانونين المصري والفرنسي

    استهلال.
    بعد متابعة تطورات قضية تعيين المرأة بالوظائف الفنية بمجلس الدولة وبمناسبة انعقاد الجمعية العمومية غير العادية لنادى قضاة مجلس الدولة للمداولة بشأنها يجدر التركيز ابتداء على عدد من الركائز القانونية التي يجب أن توضح للرأي العام منعا لإثارة البلبلة القائمة على غير أساس .
    أولا: أن مجلس الدولة المصري هو حصن الحقوق والحريات العامة لكافة المواطنين ولا يجب مطلقا التشكيك في حرية قضائه وقضاته ومن هذا المنطلق فإن المجلس لا يتصور أبدا أن يتخذ موفقا مصادما للدستور أو منافيا للشرعية التي هو احرص الجهات على كفالتها وحسن تطبيقها طبقا لولايته الدستورية .
    ثانيا : أن نطاق القضية المعروضة لا يدور حول منح المرأة لحقوقها الدستورية أو منعها لأن الحقوق الدستورية لا تخضع للاستفتاء ولا يتوقف منحها أو منعها على قرار صادر من جهة ما آيا ما كانت تلك الجهة ومن ثم فإن القضية الحقيقية التي يجب أن يدور حولها النقاش لا تتمثل في مدى صلاحية المرأة لشغل وظيفة القضاء تحديدا وإنما تتعدى ذلك لتدور حول مدى جواز إيراد أية قيود قانونية على حق المرأة في تولى الوظائف العامة أو بعبارة أخرى ما هي القيود الدستورية الواردة على مبدأ المساواة في تقلد الوظائف العامة وإذا وجدت تلك الاستثناءات فما هي نطاقها وحدود مشروعيتها .
    أولا: مبدأ المساواة في تولى الوظائف العامة .
    يرجع المصدر التاريخي لمبدأ المساواة أمام تولى الوظائف العامة إلى إعلان حقوق الإنسان والمواطن الفرنسي الصادر في 26 أغسطس 1789 حيث نصت المادة السادسة منه على أن " جميع المواطنين متساوون في القبول بكل الوظائف العامة حسب قدراتهم دون أي تمييز لغير فضائلهم ومواهبهم " وقد انتقل هذا المبدأ من فرنسا إلى باقي دول العالم حتى أضحى مبدأ دستوريا عالميا منصوصا عليه في اغلب المواثيق الدولية وقد تضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10 ديسمبر 1948 عن الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا المبدأ حيث نصت الفقرة الثانية من المادة 21 منه على أن " لكل شخص نفس الحق الذي لغيره في تولى الوظائف العامة في البلاد " وقد تم التأكيد على هذا المبدأ في المادة 22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966 فضلا عن المادتين 10 و11 من الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية الصادر في روما بتاريخ 4 نوفمبر 1950 1
    وقد أكد الدستور الفرنسي لسنة 1958 في المادة الثانية منه مبدأ المساواة في شغل الوظيفة العامة حيث نص على " ........تضمن فرنسا مساواة جميع المواطنين أمام القانون دون تمييز بينهم بسبب الأصل أو ***** أو الدين ..." وقد نصت المادة 8 من الدستور المصري على أن " تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين " ونصت المادة 14 منه على أن" الوظائف العامة حق للمواطنين وتكليف للقائمين بها لخدمة الشعب .......". ونصت المادة 11 منه على أن " تكفل الدولة التوفيق بين واجبات المرأة نحو الأسرة وعملها في المجتمع ومساواتها بالرجل في ميادين الحياة السياسة والاجتماعية والثقافية والاقتصادية دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية " وأخيرا نصت المادة 40 منه على أن " المواطنون لدى القانون سواء ، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب ***** أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة " .
    وفى تفسيرها لمبدأ المساواة أكدت المحكمة الدستورية العليا على أن " مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون المنصوص عليه في المادة 40 من الدستور والذي رددته الدساتير المصرية جميعها بحسبانه ركيزة أساسية للحقوق والحريات على اختلافها و أساسا للعدل و السلام الاجتماعي غايته صون الحقوق والحريات في مواجهة صور التمييز التي تنال منها أو تقيد ممارستها باعتباره وسيلة لتقرير الحماية المتكافئة التي لا تمييز فيها بين المراكز القانونية المتماثلة فلا يقتصر مجال إعماله على ما كفله الدستور من حريات وحقوق وواجبات بل يمتد كذلك إلى تلك التي يقررها القانون .....................".نخلص مما تقدم إلى أن التعيين في الوظائف العامة يخضع أساسا لمبدأ مساواة المواطنين أمام تولى الوظيفة ويساند هذا المبدأ ويظاهره مبدأ التعيين طبقا للكفاءة والجدارة بيد أن السؤال المطروح هو هل يعتبر مبدأ المساواة من المبادئ المطلقة التي لا يرد عليها استثناءات ؟؟؟
    ثانيا : مدى مشروعية بعض القيود الواردة على مبدأ المساواة في تولى الوظائف العامة.
    أجابت المحكمة الدستورية العليا على التساؤل السابق حين قضت بأن " مبدأ المساواة أمام القانون ليس مبدأ تلقينيا جامدا منافيا للضرورات العملية ولا هو بقاعدة صماء iron ruleتنبذ صور التمييز جميعها ولا كافلا لتلك الدقة الحسابية التي تقتضيها موازين العدل المطلق بين الأشياء وإذا جاز للدولة أن تتخذ بنفسها ما تراه ملائما من التدابير لتنظيم موضوع محدد أو توقيا لشر تقدر ضرورة رده إلا أن تطبيقها مبدأ المساواة لا يجوز أن يكون كاشفا عن نزواتها ولا منبئا عن اعتناقها لأوضاع جائرة تثير ضغائن وأحقاد تنفلت بها ضوابط سلوكها ولا عدوانها معبرا عن بأس سلطانها بل يتعين أن يكون موقفها اعتدالا في مجال تعاملها مع المواطنين فلا تمايز بينهم إملاء وعسفا ومن الجائز بالتالي أن تغاير السلطة التشريعية ووفقا لمقاييس منطقية بين مراكز لا تتحد معطياتها أو تتباين فيما بينها في الأسس التي تقوم عليها على أن تكون الفوارق بينها حقيقية لا اصطناع فيها أو تخيل لا اصطناع فيها ولا تخيل real and not feigned differences ذلك أن ما يصون مبدأ المساواة ولا ينقض محتواه هو ذلك التنظيم الذي يقيم تقسيما تشريعيا ترتبط فيه النصوص القانونية التي يضمها بالأغراض المشروعة التي يتوخاها فإذا قام الدليل على انفصال هذه النصوص عن أهدافها كان التمييز انفلاتا لا تبصر فيه كذلك الأمر إذا كان اتصال الوسائل بالمقاصد واهيا إذ يعتبر التمييز عندئذ مستندا إلى وقائع يتعذر أن يحمل عليها فلا يكون مشروعا دستوريا " 3
    وإذا كان الأصل المقرر دستوريا هو مبدأ المساواة أمام الوظيفة العامة فإن ذلك لا يمنع المشرع من إجراء بعض الاستثناءات لضرورة تقتضيها طبيعة بعض الوظائف ونقطة البحث في هذا الموضوع تبدأ مع حكم مجلس الدولة الفرنسي في قضية الآنسة بوبارد وآخرون Bobard et autres عام 1936 حيث قضى المجلس بأن للنساء الصلاحية القانونية لشغل الوظائف الداخلة في الإدارات المركزية بالوزارات ولكن للحكومة بمقتضى المادة 16 من القانون الصادر في 29 ديسمبر 1882 المعدلة بالمادة 35 من قانون 13 ابريل 1909 أن تحدد بواسطة لوائح الإدارة العامة القواعد الخاصة بتعيين وترقية العاملين في هذه الإدارات ولها أن تضع قيودا على تعيين وترقية المرأة في أي وزارة من الوزارات إذا كانت مقتضيات المرفق تتطلب ذلك.......لذا فإن من حق الحكومة قانونا أن تعدل عن طريق النظام الصادر في 18 أغسطس 1934 التنظيم السابق لحجز الوظائف والمناصب العليا في الإدارات المركزية في وزارة الحربية للرجال بغية الاستجابة لمقتضيات المرفق في هذه الوزارة " 4 واستنادا إلى ما سبق فقد نصت المادة السابعة من نظام الخدمة المدنية الفرنسي الأول الصادر في 9/10/1946 على انه " لا يجوز لغايات تطبيق هذا النظام التمييز بين الجنسين ما لم يكن هناك نص على ذلك " كذلك نصت المادة السابعة من مرسوم 4 فبراير 1959 الخاص بنظام الخدمة المدنية على انه " لغايات تطبيق هذا المرسوم لا يجوز التمييز بين الجنسين باستثناء الإجراءات الاستثنائية المنصوص عليها في الأنظمة الوظيفية الخاصة والتي تقتضيها طبيعة المناصب " 5
    وفى تعليقه على حكم مجلس الدولة سابق البيان بين الأستاذ لاتورينرى مفوض الحكومة أن النساء يتمتعن بحق أصيل في تولى الوظائف العامة ولا يمكن أن ترد على هذا الحق إلا القيود التي لا غنى عنها وان النساء لا يستطعن الدخول في الوظائف العامة في حالتين الأولى عندما تقتضى الضرورات الخاصة للمرفق ذلك والثانية عندما ينص القانون صراحة على ذلك .وقد اقر مجلس الدولة الفرنسي مشروعية بعض الاستثناءات إذا اقتضت طبيعة الوظيفة أو شروط ممارستها استبعاد المرأة من تقلدها مثل حكمه الصادر في 1956 حيث قضى بأن " ظروف ممارسة وظيفة الإدارة العامة بالمستعمرات تبرر قانونا استبعاد المرشحين من النساء من تولى هذه الوظائف " 6وفى حكم حديث نسبيا رفض مجلس الدولة طلب إلغاء حكم المحكمة الإدارية بمدينة نانسى المتضمن إلغاء قرار مدير أكاديمية نانسى برفض تعيين إحدى السيدات بوظيفة مدرس متخصص بسجن المدينة وقد استند المجلس في حكمه السابق إلى أن طبيعة الوظيفة لا تمنع المرأة من ممارستها حيث يستطيع أن يمارسها رجل أو امرأة على السواء 7
    وقد قنن المشرع الفرنسي في نظام الخدمة المدنية الثاني الصادر عام 1959 بعض الاستثناءات القضائية التي أجازت التمييز بين الجنسين في تولى الوظائف العامة بقوله " لغايات تطبيق هذا المرسوم لا يجوز التمييز بين الجنسين باستثناء الإجراءات الاستثنائية المنصوص عليها في الأنظمة الوظيفية الخاصة والتي تقتضيها طبيعة المناصب " ونتيجة لذلك قضى مجلس الدولة بأن " طبيعة الوظائف التي تمارس في الخدمة العاملة للشرطة الوطنية وظروف أداء هذه الوظائف تبرر الاستبعاد الكامل للمرشحات من النساء للالتحاق بهذه الوظائف "
    وقد نصت الفقرة الثالثة من المادة السادسة من قانون الخدمة المدنية الفرنسي الصادر في 13 يوليو عام 1983 على انه " يجوز بصفة استثنائية النص على تعيينات متميزة للرجال والنساء حينما يشكل ***** شرطا جوهريا لمزاولة الوظيفة "
    Toutefois, des recrutements distincts pour les femmes ou les hommes peuvent, exceptionnellement, être prévus lorsque l'appartenance à l'un ou à l'autre ***e constitue une condition déterminante de l'exercice des fonctions([8])
    وقد تولت المادة 21 من القانون 84-16 الصادر في 11 يناير 1989 تنظيم هذه التعيينات المتميزة للرجال والنساء حيث نص على أن " يصدر نظام في مجلس الدولة بعد استشارة المجلس الأعلى للوظيفة العامة لبيان الوظائف التي يجب تنظيم وإقامة تعيينات متميزة للرجال والنساء إذا كان عنصر ***** شرطا جوهريا لمزاولة شاغليها لمهامها " وبناء على ما سبق فقد صدر النظام رقم 82-886 الصادر في 15 أكتوبر 1982 والعدل بالنظام الصادر في 25 أكتوبر 1984 والنظام الصادر في 2 فبراير 1987 الذي تضمن قائمة بتلك الوظائف التي يمكن إجراء تعيينات متميزة بها لأن شرط ***** يعد شرطا جوهريا وبالرجوع لأحكام هذا النظام نجد أن الوزارات المعنية هي وزارة الداخلية ووزارة العدل ووزارة الموازنة ووزارة التربية والتعليم وبالنسبة لوزارة الداخلية مثلا فقد حظر النظام على السيدات تولى بعض الوظائف العليا بوزارة الداخلية مثل مفوضو الشرطة في الأمن الوطني وقادة وضباط الشرطة ومفتشو ومحققو وكبار رجال الشرطة في الأمن الوطني وقد قضى مجلس الدولة في حكمه الصادر عام 1986 بمشروعية نظام 15 أكتوبر 1982 سالف البيان .9نخلص مما تقدم أن مبدأ المساواة في القانون الفرنسي لا يمنع أن تعامل الإدارة المراكز المختلفة بطريقة مختلفة أو أن تخرج على المساواة لأسباب تتعلق بالصالح العام بشرط أن يكون اختلاف المعاملة في هذه الحالة أو تلك له علاقة بتشغيل المرفق.
    ولا يختلف القانون الأوروبي في قواعده عما تقدم فقد حظر التوجيه الأوروبي رقم (207-76) الصادر في 9 فبراير 1976 كل تفرقة لاعتبارات تتعلق بالجنس بصورة مباشرة أو غير مباشرة والاستثناء على ذلك هو الأنشطة المهنية والتكوين المهني نظرا لطبيعة وشروط الممارسة .
    وفى مصر فقد أوضحت المحكمة الدستورية العليا شروط التمييز المشروع في تولى الوظيفة العامة حين قضت بأن " الشروط التي يتطلبها المشرع لمزاولة حرفة أو مهنة بذاتها لا يجوز تقريرها بعيداً عن متطلبات ممارستها بل يتعين أن ترتبط عقلاً بها وأن يكون فرضها لازماً لأداء المهام التي تقوم عليها، كامناً فيها، ملتئماً مع طبيعتها، منبئاً عن صدق اتصالها بأوضاعها و إلا كان تقرير هذه الشروط انحرافاً عن مضمونها الحق والتواءً بمقاصدها وإرهاقاً لبيئة العمل ذاتها وما ينبغي أن يهيمن عليها من القيم التي تعلو بقدر العمل ولا تخل بطبيعة الشروط التي يقتضيها وبوجه خاص كلما دل تطبيقها على مناهضتها لتكافؤ الفرص أو تمييزها في التعامل دون مقتضى بين المتزاحمين على العمل أو إنكارها لحقهم في الأمن اجتماعياً أو اقتصادياً أو إضرارها بالظروف الأفضل لضمان حريتهم وكرامتهم، أو عدوانها على الحق في تدريبهم مهنيا وحيث إن ما تقدم مؤداه، أن لكل حق أوضاعاً يقتضيها وآثاراً يرتبها، من بينها في مجال حق العمل ضمان الشروط التي يكون أداء العمل في نطاقها، منصفاً وإنسانياً ومواتياً فلا تنتزع هذه الشروط قسراً من محيطها، ليكون مبناها التحامل، أو لتناقض بفحواها ما ينبغي أن يرتبط صدقاً وحقاً وعقلاً بالأوضاع الطبيعية لأداء العمل " 10
    خلاصة الأمر إذن أن الأصل العام هو عدم جواز التفرقة بين الجنسين في تولى الوظائف العامة إلا إذا اقتضت طبيعة الوظيفة أو شروط ممارستها ذلك بمعنى أن يكون ***** شرطا جوهريا لأداء الوظيفة وبطبيعة الحال يخضع ذلك الاستثناء لرقابة القضاء للتأكد من أن تلك القيود الواردة على مبدأ المساواة تعكس في حقيقتها تباينا منطقيا بين الجنسين يبرر قانونا إجراء هذا التمييز مراعاة لحسن تسيير المرفق العام
    ثالثا :بعض الاعتراضات الواردة على تعيين المرأة بمجلس الدولة .
    يجدر التنويه ابتداء انه لا يوجد موقف مناهض لحق المرأة في تولى الوظائف العامة عموما ولكن السؤال المطروح هل تتلاءم طبيعة المرأة مع متطلبات شغل الوظيفة القضائية وعلى الأخص في مجلس الدولة .
    بداية القول بأن المرأة قد عينت في المحكمة الدستورية العليا والقضاء العادي وأثبتت نجاحا باهرا طبقا لما يردده مؤيدو التعيين هو قول يحتاج إلى مناقشة هادئة فالمحكمة الدستورية العليا هي محكمة واحدة مقرها القاهرة ومن ثم لا يسرى عليها قواعد النقل وعدم التوطين فضلا عن قلة عدد الدعاوى التي تنظرها المحكمة إذا علمنا أن المحكمة قد قضت عام 2009 في حوالي 186 دعوى تقريبا وكان عدد قضاتها 17 قاضيا لأدركنا أن معدل إنجاز كل عضو بالمحكمة لا يتجاوز عشرة دعاوى في السنة بمعدل دعوى واحدة شهريا وهو ما يدعم الأقاويل التي تتردد عن أن القاضية الوحيدة بتلك المحكمة لم تكتب حتى الآن حكما واحدا على الرغم من تعيينها منذ أكثر من سبع سنوات مع احترامنا الكامل لشخصها .
    أما تجربة القضاء العادي فقد جاءت بدورها مبتورة تحمل في طياتها تمييزا لصالح المراة فإذا كانت المراة تصلح بطبيعتها للقضاء فيجب عليها أن تتساوى في ظروف العمل وشروط شغل الوظيفة مع زملائها من القضاة فإذا علمنا أن السيدات المعينات بالقضاء العادي قد عين بمحافظات القاهرة والإسكندرية فقط ولا ينقلن إلى غيرها من المحافظات بعكس القضاة الرجال فإن ذلك يلقى ظلالا كثيفة من الشك حول مصداقية نجاح التجربة إذ الحق لا يمكن أن يقابله إلا واجب فإذا كان من حقهن التعيين وجب مساواتهن بنظرائهن في كافة الظروف وأخيرا لم يقل لنا احد ما هو الإنجاز الذي حققته تلك التجربة وإذا كان ذلك صحيحا فلم لم تتكرر ولم لم تعين المرأة في النيابة العامة مع تسليمنا الكامل أن طبيعة عمل النيابة العامة تبرر قانونا استبعاد المرأة من التعيين بها .
    أما عن الاعتراض على تعيين المرأة بمجلس الدولة فمرجعه أساسا إلى سبب قانوني يتعلق بقانون المجلس إذ تنص المادة 73 من القانون على انه يشترط فيمن يعين بمجلس الدولة "...................ألا يكون متزوجا بأجنبية ومع ذلك يجوز بإذن من رئيس الجمهورية الإعفاء من هذا الشرط إذا كان متزوجا بمن تنتمي بجنسيتها إلى إحدى البلاد العربية " وإذا كانت المحكمة الدستورية العليا قد ألغت هذا الشرط فان ذلك يكشف بجلاء عن اتجاه إرادة المشرع لقصر التعيين على الرجال فقط يعاضد ذلك ما نصت عليه المادة 104 التي تتحدث عن رجال مجلس الدولة حيث نصت على أن " تختص إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا دون غيرها بالفصل في الطلبات التي يقدمها رجال مجلس الدولة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم ..............وتختص أيضا دون غيرها بالفصل في المنازعات الخاصة والمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لرجال مجلس الدولة أو لورثتهم " ويبين مما تقدم أن قانون مجلس الدولة ذاته لا يسمح بتعيين الإناث بالوظائف الفنية فيه وإذا كان من المتوقع تعيينهن فإن ذلك يجب أن يمر طبقا للقانون بعد تعديله ليس قبل ذلك .
    فضلا عن أن المادة 181 من اللائحة الجديدة لمجلس الدولة المزمع إقرارها تنص على انه " فيما عدا المحكمة الإدارية العليا لا يجوز بقاء أعضاء مجلس الدولة في مواقع عملهم المختلفة أكثر من ثلاث سنوات متصلة ........." ومن ثم إذا ما قدر للإناث التعيين بالمجلس يجب الأخذ في الاعتبار أنهن قد أصبحن من أعضاء المجلس ومن حقهن أن يشغلن كافة المواقع القضائية فيه وبالتالي يصبح واجبا عليهن التنقل بين كافة المواقع مثلهن مثل القضاة الرجال دون المطالبة بأية معاملة تفضيلية لا يجيزها مبدأ المساواة الذي عين بمقتضاه .
    وأخيرا يجب الإشارة إلى أن القضية المطروحة تطرح فكرة الاستناد إلى طبيعة وظروف المرفق العام التي تبرر استبعاد المرأة أو الرجل على حد السواء من التعيين بالوظائف العامة وقصرها على *** ما دون الآخر وهو ما يطرح فرضيات أخرى تتعلق بمدى جواز دخول الفتيات للكليات العسكرية وكلية الشرطة من عدمه ومدى مشروعية استبعاد المرأة من الرسامة كقسيسة في الكنائس وغيرها من المواقع المحظور على السيدات التعيين بها .

    [1]) د/ موسى مصطفى شحادة ، مبدأ المساواة أمام تولى الوظائف العامة وتطبيقاته في أحكام القضاء الادارى ، دراسة مقارنة ، مجلة الشريعة والقانون ،العدد 16 ،يناير 2002، ص 161 .

    ([2])الدعوى رقم 1 لسنة 18 ق بجلسة 9/9/2000 .


    ([3]) الدعوى رقم 47 لسنة 17 ق بجلسة 4/1/1997.


    (2) C.E,3 Juillet 1936,Delle Bobard et autres,Recueil du consiel dEtat(Lebon) p.721




    ([5]) د/ موسى مصطفى شحادة ، المرجع السابق، ص 164.

    ([6]) المرجع السابق ،ص 183.

    ([7]) المرجع السابق ، ص 185 .

    (2) Article 6 bisLoi n°83-634 du 13 juillet 1983 portant droits et obligations des fonctionnaires Modifié par Loi n°2005-843 du 26 juillet 2005 - art. 6 JORF 27 juillet 2005

    ([9]) د/ موسى مصطفى شحادة ، المرجع السابق ، ص 188.

    ([10]) الدعوى رقم 38 لسنة 17 ق بجلسة 18/5/

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 7:44 am