من طرف أقول للأطفال والشباب كن طموحاً. فديننا يحضنا علي الطموح في الآخرة والدنيا. والطموح والدافع النفسي أساس التفوق والنبوغ في أي مجال. والطموح يجب أن يكون علي مراحل. وكل مرحلة يجب أن يتبعها مرحلة أخري. فالنبوغ والعبقرية والتفوق عبارة عن خليط من الموهبة والطموح والاجتهاد.
ديننا يحض علي الطموح. فرسول الله صلي الله عليه وسلم يخبرنا أن المسلم يجب أن يكون طموحاً في طلبه للجنة في الآخرة. فيقول: “وإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس. فإنه وسط الجنة. وأعلي الجنة وفوقه عرش الرحمن. ومنه تفجر أنهار الجنة”. فعلي المسلم ألا يطلب من الله دخول الجنة والسلام أي أن رسول الله صلي الله عليه وسلم يحثنا علي الطموح وأن نعمل وندعو الله لدخول أفضل درجات الجنة “الفردوس”.
ولعمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه خامس الخلفاء الراشدين الذي ملأ الأرض عدلاً مقولة عن طموحه. قالها لرجاء بن حيوة: “أحد العلماء والصالحين في عهده” فيقول: “إن لي نفساً تواقة. وما حققت شيئاً إلا تاقت لما هو أعلي منه. تاقت نفسي إلي الزواج من ابنة عمي فاطمة بنت عبدالملك فتزوجتها. ثم تاقت نفسي إلي الإمارة فوليتها. وتاقت نفسي إلي الخلافة فنلتها. والآن يا رجاء تاقت نفسي إلي الجنة فأرجو أن أكون من أهلها”.. ويجب أن يكون شعار حياتنا “الأفضل لم يأت بعد”. فلا يتوقف طموح الإنسان عند درجة معينة. وأن نعتبر الحياة مثل درجات السلم. نصعدها درجة درجة. وأن نسعي دائما للصعود لأعلي.
وهناك حكمة انجليزية عن الطموح تقول: “No end for the sky”. أي “لا نهاية للسماء”. ولذلك يجب ألا يكون لطموحك نهاية. كلما حققت نجاحاً فاطمح في نجاح آخر. ولا تجعل لطموحك سقفاً. ولا تجعل لطموحك نهاية. تماما مثل محاولة وصولك لنهاية السماء التي لن تستطيع أن تبلغ أو تري نهايتها.
وطريق تحقيق الأحلام والطموح مفروش بالشوك. وليس بالورود. يحتاج لعزيمة قوية واصرار. وإلي بذل الجهد. والتغلب علي المصاعب. فالطموح هو حلم نسعي لتحقيقه. وتحقيق الحلم يحتاج إلي المجهود والعزيمة والاصرار.
وكما قال أحمد شوقي:
وما نيل المطالب بالتمني… ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
ومن أفضل ما قرأت في هذا الصدد ما قاله الشاعر أبو القاسم الشابي في قصيدته “إرادة الحياة”:
إذا ما طمحت إلي غاية
ولم أتجنب وعور الشعاب
ومن لا يحب صعود الجبال
فعجت بقلبي دماء الشباب
وأطرقت. أصغي لقصف الرعود
وقالت لي الأرض لما سألت:
“أبارك في الناس أهل الطموح
وألعن من لا يماشي الزمان
وكذلك من الأبيات الشعرية الخالدة في هذا الصدد ما قاله المتنبي:
علي قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتعظم في عين الصغير صغارها
ويجب أن يكون الطموح فردياً وجماعياً أي يجب أن يطمح الفرد في الأفضل لنفسه ولأسرته ومؤسسته التي يعمل بها ولوطنه بالأفضل وللأمة العربية والإسلامية. وللخير للبشرية.. أخيراً كان لي صديق صاحب طموح لم أره منذ أيام البكالوريوس منذ حوالي 13 عاماً قابلته وأخذنا نتجاذب الحديث. وعلمت انه منذ تخرجه في كلية الهندسة قسم مدني كان لديه طموح. وعمل في مكتب استشاري صغير. ثم انتقل إلي شركة كبري. ثم أخذ مقاولات صغيرة لحسابه. ثم توسعت أعماله وصار صاحب شركة للمقاولات. ودار بيننا حوار عن الطموح وأخبرني انه كان زميل له في كلية الهندسة كان كل طموحه أن يتم تعيينه في وظيفة حكومية. وأن يساعده أهله في الزواج. وأن يكون موظفاً حكومياً روتينياً له كرش يعود يحمل البطيخة علي كرشه لزوجته وهو عائد من عمله بعد الثانية ظهراً. وأخبرني انه منذ أيام قليلة قابل هذا الزميل. وعندما سأله عن أحواله إذا بكل أحلامه تحققت. فقابله ويحمل البطيخة علي كرشه. فقال له تزوجت وأعمل في الوظيفة والمرتب يكفي الشهر وخلاص. فاختر لنفسك أن تكون صاحب شركة وملايين بالكفاح والطموح المستمر. أو أن تحمل البطيخة علي كرشك.. عزيزي الشاب. احلم أحلاماً كبيرة مناسبة لإمكانياتك واعمل واجتهد لتحقيقها.
بقلم:د. زياد موسي عبدالمعطي,نقلا عن جريدة الجمهورية