تعد الحيازة وهي السلطة الفعلية للشخص علي شئ من الأشياء والذي يستعمله بصفته مالكا له أو صاحب حق عيني عليه , إحدى مظاهر الحق , ووسيلة لاكتساب الحقوق , والتي يحميها الفقه الإسلامي والقانون.
أهمية موضوع البحث
لقد كثرت في الآونة الأخيرة الدراسات المقارنة بين الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي , ولهذه الدراسات لها أهمية بالغة في توضيح أوجه الشبه بين الشريعة والقانون , ولهذا فلقد اخترت موضوع هام لدراسته وتوضيح أحكامه سواء في الفقه الإسلامي أو في القانون المدني , وهذا الموضوع هو حماية الحيازة في الفقه الإسلامي والقانون المدني.
وكما ذكرنا من قبل فان الحيازة تعد وهي السلطة الفعلية للشخص علي شئ من الأشياء والذي يستعمله بصفته مالكا له أو صاحب حق عيني عليه , إحدى مظاهر الحق ووسيلة لاكتساب الحقوق , وتستند حماية الحيازة الي اعتبار هام يتعلق بالصالح العام , ويتمثل في ضرورة احترام الأوضاع الظاهرة والمستقرة وعدم التعرض لها , لان اعتراض حيازة الشخص بأي أمر من الأمور يؤدي الي تهديد الأمن والنظام في المجتمع , ومن هنا نشأت الحاجة الي حماية الحيازة , وبخاصة حماية حيازة العقارات, فعن طريق تلك الحماية تستقر المعاملات في المجتمع يما يؤدي الي استقرار الامن في المجتمع.
ولكن يجب أن أنبه إلى أمر هام هو أننا بمقارنتنا هذه بين الدية في الشريعة الإسلامية والتعويض عن الجرائم فى القانون الوضعى لا نساوى بين القانون الوضعى الذى تكفل بوضعه البشر وبين الشريعة الإسلامية التى تكفل بوضعها خالق البشر الله عز وجل , أو نضعهما فى منزلة واحدة , إذ كيف يستوى لعقل أن يقيس بين نفسه وبين ربه , فالشريعة الإسلامية تمتاز عن القوانين الوضعية بمميزات جوهرية منها:-
الكمال, فالشريعة الإسلامية غنية بالمبادئ والنظريات التى تكفل سد حاجات الجماعة فى الحاضر والمستقبل .
السمو, إذ أن قواعدها ومبادئها التى وضعها الله عز وجل أسمى دائما من القواعد التى وضعتها الجماعة.
الـدوام, فقواعد الشريعة الإسلامية تتميز بالدوام والثبات والاستقرار , فنصوصها لا تقبل التعديل مهما مرت الأعوام وطالت الأزمان , على العكس من القواعد التى وضعها البشر فهي دائما متغيرة ولا تصلح لكل وقت زمان.
حماية الحيازة فى الفقه الإسلامى
تعددت التعريفات التى ذكرت فى شأن الحيازة، فكل مذهب فهى يعرفها تبعاً لوجهة نظره، وفى هذا الفصل سوف نتناول تعريف الحيازة فى اللغة وتعريفها الفقهى، كما سوف نتحدث عن عناصر الحيازة، وأقوال الفقهاء فى شأنها، ثم نتبعه بدراسة الشروط الواجب توافرها لقيام الحيازة، ثم موانع الحيازة، وذلك من خلال المباحث التالية :
المبحث الأول : مفهوم الحيازة وعناصرها
المبحث الثانى : شروط الحيازة وموانعها
المبحث الثالث : حماية الحيازة فى المذاهب الفقهية والمختلفة
المبحث الأول
مفهوم الحيازة وعناصرها
فى هذا المبحث سوف نتحدث عن المقصود بالحيازة، فى اللغة وفى الاصطلاح وبعد ذلك نتحدث عن عنصرى الحيازة ، العنصر المادى والعنصر المعنوى وذلك من خلال المطلبين التاليين :
المطلب الأول
مفهوم الحيازة
الحيازة فى اللغة تُطلق على عدة معان كثيرة منها الضم والجمع , فمن حاز مالاً فقد جمعه وضمه إلى بقية أمواله، وتعنى أيضاً الملك، فمن حاز الشيء فقد ملكه.
وفى الاصطلاح نجد أن الفقه المالكى قد عرَّف الحيازة بأنها وضع اليد على الشيء والاستيلاء عليه والتصرف فيه بواحد من أمور سكنى أو إسكان أو غرس أو زرع أو بيع أو هدم أو بناء.
ولقد عالج جمهور الفقهاء من الأحناف والمالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية الحيازة أو وضع اليد فى باب الدعاوى والبيان وباب الشهادات وباب القضاء.
ويستخدم غالبية الفقه لفظ وضع اليد على مال الغير مطلقاً، ولم يذكر لفظ الحيازة إلا عند بعض المالكية، هذا ولقد انفرد الفقه المالكى بدراسة الحيازة دراسة موسعة.
الموضوع الأصلى من هنا: منتديات قعدة نت http://www.2adetnet.com/vb/showthread.php?t=23688
المطلب الثانى
عناصر الحيازة
تتكون الحيازة من عنصرين رئيسيين، أولهما هو العنصر المادى وثانيهما هو العنصر المعنوى.
فالحيازة تحتاج لمظهر مادى يدل عليها، كأن يمنع الحائز غيره من استعمال الشيء الذى يحوزه، أو أن يقوم الحائز بتأجير الشيء الذى يحوزه إلى الغير، أو أن يقوم الحائز بأعمال الهدم أو البناء.
ويقول الحطاب " الحيازة تكون بثلاثة أشياء، أضعفها السكنى والإزدراع ويليها الهدم والبنيان، والغرس والاستغلال، ويليها التفويت بالبيع والهبة والصدقة، والعتق، والكتابة، والتدبير والوطء وما أشبه ذلك، مما لا يفعله الرجل إلا فى ماله.
ويكون الاستخدام فى الرقيق، والركوب فى الدابة، والسكنى فيما يسكن والازراع فيما يزرع، والاستغلال فى كالهدم لبنيان فى الدور، والغرس فى الأرض(، ويتضح هنا من عبارات الحطاب أنه يقيس الأعمال المادية فى حيازة المنقول على الأعمال المادية فى حيازة العقار.
وبالنسبة لهدم البناء فإنه لا يعد فعلاً من الأفعال المثبتة للحيازة إلا إذا كان ذلك الهدم للبناء له ضرورة.
ولا يكفى أن يحاز المال بل يجب أن يتصرف فيه الحائز تصرف المالك لأن التصرف فيه من خواص الملك، ولا يشترط أن يكون التصرف مستمراً فيكفى أن يكون موسمياً.
وكذلك ذكر السرخسى فى كتابه المبسوط ما يدل على السيطرة المادية على الشيء المحوز حيث قال "يزرع الأرض ويحصد الزرع ويقطع الشجر ويبنى الدار ويسكنها ويهدمها , ويبيع الشيء الذى يحوزه ويمنع غيره من التصرف فيه.
ومن ذلك أيضاً ما ذكره ابن قدامه " فإن كان فى يد رجل داراً أو عقاراً يتصرف فيه تصرف الملاك بالسكنى والإعارة والإجارة والعمارة والهدم والبناء من غير منازع يجوز أن يشهد له بملكيتها.
ويستخلص من أقوال الفقهاء السابقة أن السيطرة المادية تتحقق إما بالإستحواز الفعلى من الحائز وبالتصرف فيه بأنواع التصرف المختلفة.
وتكون الحيازة أيضاً فى الفقه الإسلامى بالواسطة،كان يباشر الحيازة بواسطة خدمه.
أما العنصر الثانى للحيازة، ألا وهو العنصر المعنوى، فيتمثل فى الفقه الإسلامى، فى وجوب ادعاء الحائز أنه مالك فعلا للعين التى يحوزها.
وفى هذا الشأن فإن للفقهاء أقوالاً كثيرة منها : -
ما قاله الحطاب " وإدعاه ملكاً لنفسه بإبتياع أو صدقة أو هبة.
ويقول العلامة الدسوقى " ويبقى شرط خامس وهو أن يدعى الحائز وقت المنازعة الشيء المُحاز.
ولم يذكر بعض الفقهاء هذا الركن صراحة لأنهم يرون عدم سقوط الحق بمضى المدة، لأن الظاهر يدل على أن من يتصرف فى الشيء المُحاز تصرف المالك فى الزمن الطويل أنه مالك له، لأنه يدعيه لنفسه.
أما جمهور الفقهاء فيرون أنه يشترط فى الحائز أن يدعى ملكية المال المُحاز لأن الحيازة عندهم دليل على الملك.شروط الحيازة وموانعها
فى هذا المبحث سوف نتحدث عن الشروط الواجب توافرها حتى يتسنى للحائز المطالبة بالشيء الذى فى حيازته، ويستند فقهاء المالكية فى تحديد شروط الحيازة إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "من حاز شيئاً على خصمه عشر سنين، فهو أحق به منه"، ولقد وضع هذا الحديث شرطين فقط ألا وهما، شرط وضع اليد على الشيء، والشرط الثانى هو شرط المدة وهو عشر سنين وأضاف الفقهاء شروط أخرى للحيازة منها سكوت المحاز عليه، وتصرف الحائز فى هذا الشيء. وسوف نتحدث بعد ذلك عن الموانع التى من شأنها تعطيل قيام الحيازة.
المطلب الأول
شروط الحيازة
الشرط الأول : حضور المحاز عليه وعدم اعتراضه .
يقصد بحضور المحاز عليه، أن يكون موجوداً بالبلد الذى يوجد به المال المحاز ولايكفى الحضور فقط، وإنما يجب أن يثبت رؤيته للحائز وهو يتصرف فى المال المحاز.
ومعنى ذلك أن يشاهد المحاز عليه الحائز يستعمل الشيء الذى يدعى هو ملكيته استعمالاً مألوفاً، أى فيما أعد له هذا الشيء وبما يناسب طبيعته، فالأرض تزرع أو ترعى، أو يغرس فيها الأشجار، والدور تسكن.
والأمر كذلك بالنسبة للمنقولات، فالدواب قد تكون للركوب أو لأعمال الزراعة.
وفى شأن ذلك يقول الحطاب " فإذا كان هذا المدعى حاضراً يراه يبنى ويهدم ويكرى فلا حجة له.
ومن الملاحظ أن بعض الفقهاء يتطلبون التصرف فى الشيء، عقاراً كان أو منقولاً, لأنهم لا يفرقون فى الحيازة بين العقار والمنقول.
ويشترط فى الحيازة أن يكون المحوز عليه غير خائف من الحائز ولا بينه وبين المحوز عليه قرابة ولا مصاهرة ولا مصادقة، وهذا ما سنتحدث عنه فى موانع الحيازة.
الشرط الثانى : علم المحوز عليه بالحيازة.
يشترط الفقهاء أن يعلم المحاز عليه بحيازة الشيء المملوك له , وفى شأن ذلك تعددت أقوال الفقهاء , فيقول السرخسى "وسبب الملك هو اليد وما يعاينه كل أحد".
ويقول أبو يوسف " على معاينة الشاهد لذى اليد يتصرف فى المال تصرف المالك من غير منازعة على أن يكون مقتنعاً أنه المالك فعلاً للمال الذى فى يده.
فإذا تأكد علم المحوز عليه بحيازة ماله، وتصرف الحائز فيه تصرف المالك فيما يملك ومع ذلك لم يعترض عليه ولم يطالب بحقه، فإنه بذلك يكون متنازلاً عنه.
وفى شأن إثبات علم المحوز عليه بحيازة ماله فلقد اختلفت آراء الفقهاء إلى ثلاثة آراء , الرأى الأول يذهب إلى أنه يفترض أن المحوز عليه الحاضر محمول على العلم حتى يتبين خلافه، وهذا الرأى غير مأخوذ به لأنه لا يتفق مع الاتجاه السائد فى الفقه المالكى الذى يحرص أشد الحرص على حماية حقوق المحوز عليه.
والرأى الثانى يفرق بين إذا ما كان المحوز عليه وارثاً أم لا، فإن كان وارثاً فهو محمول على عدم العلم حتى يتبين خلافه، أما إن لم يكن وارثاً فهو محمول على العلم حتى يتبين خلافه.
أما الرأى الثالث وهو الرأى الذى نأخذ به، فهو يحمل الحائز تبعة إثبات علم المحوز عليه بحيازة ماله، وهذا الرأى يتفق مع ما سار عليه فقهاء المذهب المالكى من إتباع شروط مشددة فى شأن الحيازة مراعيين مصلحة المحوز عليه.
الشرط الثالث : ادعاء الحائز ملكية المال المحاز.
لكى تكون الحيازة شرعية مستوفية لشروطها، يجب على الحائز أن يدعى ملكية الذى يحوزه.
ومن أقوال الفقهاء فى هذا الشأن ما قاله الدسوقى "ويبقى شرط خامس وهو أن يدعى الحائز وقت المنازعة ملك الشيء، أما إذا لم يكن له حجة إلا مجرد الحوز فلا ينفعه".
وقال الإمام الشافعى " إذا تداعى الرجلان الشيء وهو فى يد أحدهما دون الآخر فالقول لصاحب اليد بيمينه.
أهمية موضوع البحث
لقد كثرت في الآونة الأخيرة الدراسات المقارنة بين الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي , ولهذه الدراسات لها أهمية بالغة في توضيح أوجه الشبه بين الشريعة والقانون , ولهذا فلقد اخترت موضوع هام لدراسته وتوضيح أحكامه سواء في الفقه الإسلامي أو في القانون المدني , وهذا الموضوع هو حماية الحيازة في الفقه الإسلامي والقانون المدني.
وكما ذكرنا من قبل فان الحيازة تعد وهي السلطة الفعلية للشخص علي شئ من الأشياء والذي يستعمله بصفته مالكا له أو صاحب حق عيني عليه , إحدى مظاهر الحق ووسيلة لاكتساب الحقوق , وتستند حماية الحيازة الي اعتبار هام يتعلق بالصالح العام , ويتمثل في ضرورة احترام الأوضاع الظاهرة والمستقرة وعدم التعرض لها , لان اعتراض حيازة الشخص بأي أمر من الأمور يؤدي الي تهديد الأمن والنظام في المجتمع , ومن هنا نشأت الحاجة الي حماية الحيازة , وبخاصة حماية حيازة العقارات, فعن طريق تلك الحماية تستقر المعاملات في المجتمع يما يؤدي الي استقرار الامن في المجتمع.
ولكن يجب أن أنبه إلى أمر هام هو أننا بمقارنتنا هذه بين الدية في الشريعة الإسلامية والتعويض عن الجرائم فى القانون الوضعى لا نساوى بين القانون الوضعى الذى تكفل بوضعه البشر وبين الشريعة الإسلامية التى تكفل بوضعها خالق البشر الله عز وجل , أو نضعهما فى منزلة واحدة , إذ كيف يستوى لعقل أن يقيس بين نفسه وبين ربه , فالشريعة الإسلامية تمتاز عن القوانين الوضعية بمميزات جوهرية منها:-
الكمال, فالشريعة الإسلامية غنية بالمبادئ والنظريات التى تكفل سد حاجات الجماعة فى الحاضر والمستقبل .
السمو, إذ أن قواعدها ومبادئها التى وضعها الله عز وجل أسمى دائما من القواعد التى وضعتها الجماعة.
الـدوام, فقواعد الشريعة الإسلامية تتميز بالدوام والثبات والاستقرار , فنصوصها لا تقبل التعديل مهما مرت الأعوام وطالت الأزمان , على العكس من القواعد التى وضعها البشر فهي دائما متغيرة ولا تصلح لكل وقت زمان.
حماية الحيازة فى الفقه الإسلامى
تعددت التعريفات التى ذكرت فى شأن الحيازة، فكل مذهب فهى يعرفها تبعاً لوجهة نظره، وفى هذا الفصل سوف نتناول تعريف الحيازة فى اللغة وتعريفها الفقهى، كما سوف نتحدث عن عناصر الحيازة، وأقوال الفقهاء فى شأنها، ثم نتبعه بدراسة الشروط الواجب توافرها لقيام الحيازة، ثم موانع الحيازة، وذلك من خلال المباحث التالية :
المبحث الأول : مفهوم الحيازة وعناصرها
المبحث الثانى : شروط الحيازة وموانعها
المبحث الثالث : حماية الحيازة فى المذاهب الفقهية والمختلفة
المبحث الأول
مفهوم الحيازة وعناصرها
فى هذا المبحث سوف نتحدث عن المقصود بالحيازة، فى اللغة وفى الاصطلاح وبعد ذلك نتحدث عن عنصرى الحيازة ، العنصر المادى والعنصر المعنوى وذلك من خلال المطلبين التاليين :
المطلب الأول
مفهوم الحيازة
الحيازة فى اللغة تُطلق على عدة معان كثيرة منها الضم والجمع , فمن حاز مالاً فقد جمعه وضمه إلى بقية أمواله، وتعنى أيضاً الملك، فمن حاز الشيء فقد ملكه.
وفى الاصطلاح نجد أن الفقه المالكى قد عرَّف الحيازة بأنها وضع اليد على الشيء والاستيلاء عليه والتصرف فيه بواحد من أمور سكنى أو إسكان أو غرس أو زرع أو بيع أو هدم أو بناء.
ولقد عالج جمهور الفقهاء من الأحناف والمالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية الحيازة أو وضع اليد فى باب الدعاوى والبيان وباب الشهادات وباب القضاء.
ويستخدم غالبية الفقه لفظ وضع اليد على مال الغير مطلقاً، ولم يذكر لفظ الحيازة إلا عند بعض المالكية، هذا ولقد انفرد الفقه المالكى بدراسة الحيازة دراسة موسعة.
الموضوع الأصلى من هنا: منتديات قعدة نت http://www.2adetnet.com/vb/showthread.php?t=23688
المطلب الثانى
عناصر الحيازة
تتكون الحيازة من عنصرين رئيسيين، أولهما هو العنصر المادى وثانيهما هو العنصر المعنوى.
فالحيازة تحتاج لمظهر مادى يدل عليها، كأن يمنع الحائز غيره من استعمال الشيء الذى يحوزه، أو أن يقوم الحائز بتأجير الشيء الذى يحوزه إلى الغير، أو أن يقوم الحائز بأعمال الهدم أو البناء.
ويقول الحطاب " الحيازة تكون بثلاثة أشياء، أضعفها السكنى والإزدراع ويليها الهدم والبنيان، والغرس والاستغلال، ويليها التفويت بالبيع والهبة والصدقة، والعتق، والكتابة، والتدبير والوطء وما أشبه ذلك، مما لا يفعله الرجل إلا فى ماله.
ويكون الاستخدام فى الرقيق، والركوب فى الدابة، والسكنى فيما يسكن والازراع فيما يزرع، والاستغلال فى كالهدم لبنيان فى الدور، والغرس فى الأرض(، ويتضح هنا من عبارات الحطاب أنه يقيس الأعمال المادية فى حيازة المنقول على الأعمال المادية فى حيازة العقار.
وبالنسبة لهدم البناء فإنه لا يعد فعلاً من الأفعال المثبتة للحيازة إلا إذا كان ذلك الهدم للبناء له ضرورة.
ولا يكفى أن يحاز المال بل يجب أن يتصرف فيه الحائز تصرف المالك لأن التصرف فيه من خواص الملك، ولا يشترط أن يكون التصرف مستمراً فيكفى أن يكون موسمياً.
وكذلك ذكر السرخسى فى كتابه المبسوط ما يدل على السيطرة المادية على الشيء المحوز حيث قال "يزرع الأرض ويحصد الزرع ويقطع الشجر ويبنى الدار ويسكنها ويهدمها , ويبيع الشيء الذى يحوزه ويمنع غيره من التصرف فيه.
ومن ذلك أيضاً ما ذكره ابن قدامه " فإن كان فى يد رجل داراً أو عقاراً يتصرف فيه تصرف الملاك بالسكنى والإعارة والإجارة والعمارة والهدم والبناء من غير منازع يجوز أن يشهد له بملكيتها.
ويستخلص من أقوال الفقهاء السابقة أن السيطرة المادية تتحقق إما بالإستحواز الفعلى من الحائز وبالتصرف فيه بأنواع التصرف المختلفة.
وتكون الحيازة أيضاً فى الفقه الإسلامى بالواسطة،كان يباشر الحيازة بواسطة خدمه.
أما العنصر الثانى للحيازة، ألا وهو العنصر المعنوى، فيتمثل فى الفقه الإسلامى، فى وجوب ادعاء الحائز أنه مالك فعلا للعين التى يحوزها.
وفى هذا الشأن فإن للفقهاء أقوالاً كثيرة منها : -
ما قاله الحطاب " وإدعاه ملكاً لنفسه بإبتياع أو صدقة أو هبة.
ويقول العلامة الدسوقى " ويبقى شرط خامس وهو أن يدعى الحائز وقت المنازعة الشيء المُحاز.
ولم يذكر بعض الفقهاء هذا الركن صراحة لأنهم يرون عدم سقوط الحق بمضى المدة، لأن الظاهر يدل على أن من يتصرف فى الشيء المُحاز تصرف المالك فى الزمن الطويل أنه مالك له، لأنه يدعيه لنفسه.
أما جمهور الفقهاء فيرون أنه يشترط فى الحائز أن يدعى ملكية المال المُحاز لأن الحيازة عندهم دليل على الملك.شروط الحيازة وموانعها
فى هذا المبحث سوف نتحدث عن الشروط الواجب توافرها حتى يتسنى للحائز المطالبة بالشيء الذى فى حيازته، ويستند فقهاء المالكية فى تحديد شروط الحيازة إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "من حاز شيئاً على خصمه عشر سنين، فهو أحق به منه"، ولقد وضع هذا الحديث شرطين فقط ألا وهما، شرط وضع اليد على الشيء، والشرط الثانى هو شرط المدة وهو عشر سنين وأضاف الفقهاء شروط أخرى للحيازة منها سكوت المحاز عليه، وتصرف الحائز فى هذا الشيء. وسوف نتحدث بعد ذلك عن الموانع التى من شأنها تعطيل قيام الحيازة.
المطلب الأول
شروط الحيازة
الشرط الأول : حضور المحاز عليه وعدم اعتراضه .
يقصد بحضور المحاز عليه، أن يكون موجوداً بالبلد الذى يوجد به المال المحاز ولايكفى الحضور فقط، وإنما يجب أن يثبت رؤيته للحائز وهو يتصرف فى المال المحاز.
ومعنى ذلك أن يشاهد المحاز عليه الحائز يستعمل الشيء الذى يدعى هو ملكيته استعمالاً مألوفاً، أى فيما أعد له هذا الشيء وبما يناسب طبيعته، فالأرض تزرع أو ترعى، أو يغرس فيها الأشجار، والدور تسكن.
والأمر كذلك بالنسبة للمنقولات، فالدواب قد تكون للركوب أو لأعمال الزراعة.
وفى شأن ذلك يقول الحطاب " فإذا كان هذا المدعى حاضراً يراه يبنى ويهدم ويكرى فلا حجة له.
ومن الملاحظ أن بعض الفقهاء يتطلبون التصرف فى الشيء، عقاراً كان أو منقولاً, لأنهم لا يفرقون فى الحيازة بين العقار والمنقول.
ويشترط فى الحيازة أن يكون المحوز عليه غير خائف من الحائز ولا بينه وبين المحوز عليه قرابة ولا مصاهرة ولا مصادقة، وهذا ما سنتحدث عنه فى موانع الحيازة.
الشرط الثانى : علم المحوز عليه بالحيازة.
يشترط الفقهاء أن يعلم المحاز عليه بحيازة الشيء المملوك له , وفى شأن ذلك تعددت أقوال الفقهاء , فيقول السرخسى "وسبب الملك هو اليد وما يعاينه كل أحد".
ويقول أبو يوسف " على معاينة الشاهد لذى اليد يتصرف فى المال تصرف المالك من غير منازعة على أن يكون مقتنعاً أنه المالك فعلاً للمال الذى فى يده.
فإذا تأكد علم المحوز عليه بحيازة ماله، وتصرف الحائز فيه تصرف المالك فيما يملك ومع ذلك لم يعترض عليه ولم يطالب بحقه، فإنه بذلك يكون متنازلاً عنه.
وفى شأن إثبات علم المحوز عليه بحيازة ماله فلقد اختلفت آراء الفقهاء إلى ثلاثة آراء , الرأى الأول يذهب إلى أنه يفترض أن المحوز عليه الحاضر محمول على العلم حتى يتبين خلافه، وهذا الرأى غير مأخوذ به لأنه لا يتفق مع الاتجاه السائد فى الفقه المالكى الذى يحرص أشد الحرص على حماية حقوق المحوز عليه.
والرأى الثانى يفرق بين إذا ما كان المحوز عليه وارثاً أم لا، فإن كان وارثاً فهو محمول على عدم العلم حتى يتبين خلافه، أما إن لم يكن وارثاً فهو محمول على العلم حتى يتبين خلافه.
أما الرأى الثالث وهو الرأى الذى نأخذ به، فهو يحمل الحائز تبعة إثبات علم المحوز عليه بحيازة ماله، وهذا الرأى يتفق مع ما سار عليه فقهاء المذهب المالكى من إتباع شروط مشددة فى شأن الحيازة مراعيين مصلحة المحوز عليه.
الشرط الثالث : ادعاء الحائز ملكية المال المحاز.
لكى تكون الحيازة شرعية مستوفية لشروطها، يجب على الحائز أن يدعى ملكية الذى يحوزه.
ومن أقوال الفقهاء فى هذا الشأن ما قاله الدسوقى "ويبقى شرط خامس وهو أن يدعى الحائز وقت المنازعة ملك الشيء، أما إذا لم يكن له حجة إلا مجرد الحوز فلا ينفعه".
وقال الإمام الشافعى " إذا تداعى الرجلان الشيء وهو فى يد أحدهما دون الآخر فالقول لصاحب اليد بيمينه.