اعتبر عبد الله أن قيام أشخاص غير أكفاء بإصدار فتاوي هو انتهاك للشريعة الإسلامية, وأن هذه الممارسات تقوض مؤسسات الدولة الرسمية وتتجاوز’ حرمة الشرع’. وطلب الأمر أيضا من المفتي العام أن يرفع إلي الملك أسماء العلماء الذين يجدهم من أهل الكفاية لإصدار الفتاوي.
مصر هي بلد الأزهر الشريف, الذي حافظ علي مدار أكثر من ألف عام علي وسطية الإسلام, و أنار شيوخه العالمين الإسلامي والعربي بوسطية الدين, وعندما يتم إغلاق بعض القنوات التي تثير الفتنة وتنشر التشدد, وتحرم كل ما أحل الله, فإن هذا الإغلاق يلقي علي الأزهر مهمة ضبط الفتوي وإعادة الأزهر إلي دوره في نشر الفتوي المعتدلة ووسطية الإسلام.
الفتاوي المتشددة والتي تدعو إلي تكفير الجميع ـ والتي ذكرت بعضا من نماذجها في مقال سابق ـ قد تعصف وتدمر المجتمع بأكمله, ولعله من المفيد هنا الإشارة إلي ما حاولته السعودية خلال الأسابيع الأخيرة أيضا حين أصدر العاهل السعودي الملك عبد الله أمرا ملكيا يقضي بقصر إصدار الفتاوي علي الفقهاء المرخص لهم رسميا في خطوة جديدة تأتي في إطار عمل الدولة لإعادة العقل والمنطق في ظل الفوضي التي عاشتها السعودية في مجال الفتاوي الدينية. وقد أصبح الحق في إصدار الفتاوي محصورا علي رجال الدين المرتبطين بهيئة كبار العلماء بموجب الأمر الذي صدر في أغسطس الماضي.
كتب الملك عبد الله في نص الأمر الذي أرسل إلي مفتي عام المملكة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ:’ أداء للواجب الشرعي والوطني, نرغب إلي سماحتكم قصر الفتوي علي أعضاء هيئة كبار العلماء… ومن نأذن لهم بالفتوي’. وتابع’ يستثني من ذلك الفتاوي الخاصة الفردية غير المعلنة في أمور العبادات والمعاملات والأحوال الشخصية, بشرط أن تكون خاصة بين السائل والمسئول. علي أن يمنع منعا باتا التطرق إلي أي موضوع يدخل في مشمول شواذ الآراء ومفردات أهل العلم المرجوحة وأقوالهم المهجورة’. واعتبر عبد الله أن قيام أشخاص غير أكفاء بإصدار فتاوي هو انتهاك للشريعة الإسلامية, وأن هذه الممارسات تقوض مؤسسات الدولة الرسمية وتتجاوز’ حرمة الشرع’. وطلب الأمر أيضا من المفتي العام أن يرفع إلي الملك أسماء العلماء الذين يجدهم من أهل الكفاية لإصدار الفتاوي.
وعقب صدور الأمر الملكي, طلبت وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد من كل الأئمة والواعظين التقيد بأحكامه وشرحه في خطب يوم الجمعة. وأعطت الوزارة أيضا توجيهات لموظفيها كي يتوقفوا عن قبول طلبات إصدار الفتاوي. وذكرت صحيفة الوطن السعودية أن رئيس جامعة الإمام محمد سوف يتخذ إجراءات صارمة بحق أي عضو في الهيئة التعليمية يخالف الأمر الملكي. وقد تعرض بعض العلماء إلي التوبيخ العلني بسبب عدم التقيد بالحظر, وبينهم الشيخ يوسف الأحمد الذي أكد أن استخدام النساء ليعملن أمينات صندوق في المراكز التجارية هو انتهاك للشريعة الإسلامية.
منذ صدور الأمر الملكي, أغلق عدد من المنافذ التي كانت تستعمل لإصدار الفتاوي, مثل المواقع الإلكترونية والبرامج التي تتلقي اتصالات مباشرة من الناس عبر المحطات الفضائية الدينية.
بغض النظر عن تقييم التجربة فاعتقد أنه من المناسب عرض التجربة السعودية في هذا المجال. بقلم:عبداللطيف المناوي